لم أتابع الانتخابات التركية في نشرات الأخبار لأنني لست مهتما
بنتائجها إلى هذه الدرجة، ولكنني استمتعت بمتابعة
مسرحية كوميدية مرتبطة بها تمثلت في صراع فريقين متناحرين من (العربان) وخصوصا الخليجيين منهم في وسائل التواصل الاجتماعي، الفريق الأول يمكن أن نسميه فريق أنصار أردوغان والفريق الآخر فريق خصوم أردوغان. أنصار أردوغان يتمنون فوزه ولكنه لو جاء إليهم لصلبوه لأنه أعلن سابقا بأن العلمانية ضمانة للديمقراطية ولأنه يعترف بحقوق الأقليات الدينية ويقر بحرية المرأة وحرية الإعلام وحرية المعتقد، بينما خصومه يتمنون خسارته ولكن لو جاء إليهم لحملوه على الأكتاف لأنه يحترم التعددية ويحتكم إلى نتائج صندوق الانتخابات ويقبل الخضوع للمحاسبة في أي وقت ولا يتدخل في الحريات الشخصية. أنصار أردوغان الذين يتغنون بتركيا في عهده لو كان الأمر بيدهم لجلدوا الأتراك في ساحة تقسيم وأعادوهم إلى القرون الوسطى، وخصومه الذين يرثون لحال تركيا في عهده لو صدقوا مع أنفسهم لاعتبروا بأن وجود مثله في عالمنا العربي مسألة تتخطى حدود أحلامهم، أنصاره لا يمكن أن يعترفوا بأن علاقة تركيا العسكرية بإسرائيل أكبر من علاقتها العسكرية بأي دولة إسلامية ويتهمون خصوم أردوغان العرب بأنهم صهاينة، وخصومه لا يمكن أن يعترفوا بأن ما قدمته تركيا للشعب السوري المنكوب أكبر مما قدمته الكثير من الدول العربية ويتهمون أنصاره العرب بأنهم بعيدين عن الإنسانية. وهكذا بكل بساطة أصبح من يرفض حق المرأة في قيادة السيارة في بلده يتغنى بأحوال تركيا التي عرفت بتحرر شواطئها وملاهيها، أما من ينادي بالحرية واحترام الرأي الآخر فقد أصبح يصور أردوغان وكأنه إرهابي تسلل من غوانتانامو إلى القصر الرئاسي، المسألة ليست لها أي علاقة بالحقائق على الأرض، فالأمر أشبه ما يكون بردح الضرائر في المطبخ المشترك، أنصار أردوغان لا يريدون مثيلا له في ديارهم بقدر ما يريدون إغاضة خصومه من بني جلدتهم وخصومه لا يرفضون وجود مثله بقدر ما يسعون للتنكيد على أنصاره، ولأن الرأي عند العرب لا يقوم إلا على جثة الرأي الآخر فقد عمل كل طرف على شيطنة الطرف الآخر واتهامه بأخطر التهم.في صغري كنت أنظر إلى الأحوال السياسية في إسرائيل باستغراب شديد خصوصا بعد المعارك الانتخابية الطاحنة، فإذا خسر حزب شامير أصبح وزيرا للخارجية في حكومة يرأسها خصمه بيريز والعكس صحيح، وحين كبرت عرفت أن هذا هو سبب انتصاراتها على بني يعرب فالعمل السياسي الناجح يقوم على الشراكة وتبادل الأدوار ووضع المصلحة العليا للبلاد فوق المصالح الحزبية والفئوية ولكنه عندنا يقوم على الإقصاء وتغييب الآخر، واليوم نبدو في حال أشد سوءا مما كنا عليه فبعد أن كنا نرفض الاختلاف وتعدد وجهات النظر فيما بيننا تطور بنا الحال وأصبحنا نرفضه حتى في الأمم الأخرى، ومن هنا رسمنا صورة لتركيا غير تلك التي يعيش فيها الأتراك ويتقاسمون تنوعها.. تركيا عجيبة غريبة تشبه طبائعنا القاسية ونفوسنا النزقة وقلوبنا المحطمة أكثر مما تشبه تركيا الحقيقية.
مسرحية كوميدية مرتبطة بها تمثلت في صراع فريقين متناحرين من (العربان) وخصوصا الخليجيين منهم في وسائل التواصل الاجتماعي، الفريق الأول يمكن أن نسميه فريق أنصار أردوغان والفريق الآخر فريق خصوم أردوغان. أنصار أردوغان يتمنون فوزه ولكنه لو جاء إليهم لصلبوه لأنه أعلن سابقا بأن العلمانية ضمانة للديمقراطية ولأنه يعترف بحقوق الأقليات الدينية ويقر بحرية المرأة وحرية الإعلام وحرية المعتقد، بينما خصومه يتمنون خسارته ولكن لو جاء إليهم لحملوه على الأكتاف لأنه يحترم التعددية ويحتكم إلى نتائج صندوق الانتخابات ويقبل الخضوع للمحاسبة في أي وقت ولا يتدخل في الحريات الشخصية. أنصار أردوغان الذين يتغنون بتركيا في عهده لو كان الأمر بيدهم لجلدوا الأتراك في ساحة تقسيم وأعادوهم إلى القرون الوسطى، وخصومه الذين يرثون لحال تركيا في عهده لو صدقوا مع أنفسهم لاعتبروا بأن وجود مثله في عالمنا العربي مسألة تتخطى حدود أحلامهم، أنصاره لا يمكن أن يعترفوا بأن علاقة تركيا العسكرية بإسرائيل أكبر من علاقتها العسكرية بأي دولة إسلامية ويتهمون خصوم أردوغان العرب بأنهم صهاينة، وخصومه لا يمكن أن يعترفوا بأن ما قدمته تركيا للشعب السوري المنكوب أكبر مما قدمته الكثير من الدول العربية ويتهمون أنصاره العرب بأنهم بعيدين عن الإنسانية. وهكذا بكل بساطة أصبح من يرفض حق المرأة في قيادة السيارة في بلده يتغنى بأحوال تركيا التي عرفت بتحرر شواطئها وملاهيها، أما من ينادي بالحرية واحترام الرأي الآخر فقد أصبح يصور أردوغان وكأنه إرهابي تسلل من غوانتانامو إلى القصر الرئاسي، المسألة ليست لها أي علاقة بالحقائق على الأرض، فالأمر أشبه ما يكون بردح الضرائر في المطبخ المشترك، أنصار أردوغان لا يريدون مثيلا له في ديارهم بقدر ما يريدون إغاضة خصومه من بني جلدتهم وخصومه لا يرفضون وجود مثله بقدر ما يسعون للتنكيد على أنصاره، ولأن الرأي عند العرب لا يقوم إلا على جثة الرأي الآخر فقد عمل كل طرف على شيطنة الطرف الآخر واتهامه بأخطر التهم.في صغري كنت أنظر إلى الأحوال السياسية في إسرائيل باستغراب شديد خصوصا بعد المعارك الانتخابية الطاحنة، فإذا خسر حزب شامير أصبح وزيرا للخارجية في حكومة يرأسها خصمه بيريز والعكس صحيح، وحين كبرت عرفت أن هذا هو سبب انتصاراتها على بني يعرب فالعمل السياسي الناجح يقوم على الشراكة وتبادل الأدوار ووضع المصلحة العليا للبلاد فوق المصالح الحزبية والفئوية ولكنه عندنا يقوم على الإقصاء وتغييب الآخر، واليوم نبدو في حال أشد سوءا مما كنا عليه فبعد أن كنا نرفض الاختلاف وتعدد وجهات النظر فيما بيننا تطور بنا الحال وأصبحنا نرفضه حتى في الأمم الأخرى، ومن هنا رسمنا صورة لتركيا غير تلك التي يعيش فيها الأتراك ويتقاسمون تنوعها.. تركيا عجيبة غريبة تشبه طبائعنا القاسية ونفوسنا النزقة وقلوبنا المحطمة أكثر مما تشبه تركيا الحقيقية.
على شارعين
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..