الاثنين، 18 أبريل 2016

الدور السياسي في جذب الاستثمارات الأجنبية

   في شهر مارس 1921، عقد مؤتمر ضم مجموعة كبيرة من الاقتصاديين ورجال المال والأعمال حيث أكد على أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة أصبحت القناة الرسمية للعلاقات الاقتصادية الدولية، وأن الشركات متعددة الجنسيات تُعد المعبر الأساسي عن هذه الظاهرة.
وفي هذا الصدد نتذكر مقولة رجل المال المعروف والتر ريستون "رأس المال يذهب الى المكان الذى يحتاج اليه، ويبقى في المكان الذى يحسن معاملته"، وهذا يحفز الى الحديث عن الدور الريادي الذي يقوده القطاع الخاص وفق السياسة العامة المرسومة لتحقيق برامج التنمية الاقتصادية من خلال اعادة هيكلة المنشآت العامة؛ وكمثال يقتدى قامت الارجنتين وتشيلي بتحويل معظم الشركات التي كانت تملكها الحكومة الى شركات خاصة، ودعم برامج الخصخصة التي تنتهجها الدولة لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية؛ فالخصخصة لم تعد خيارا بل أصبحت ضرورة من اجل تحسين مناخ الاستثمار ككل ورفع كفاءة الأداء في مختلف القطاعات الاقتصادية مما ينعكس ايجاباً على رفع قدرة الاقتصاد الوطني في معايير التنافسية الدولية.
منذ بداية الثمانينيات؛ بدأت سياسات اقتصادية جديدة تبناها صندوق النقد الدولي وإلى حد كبير البنك الدولي، وهي ما يعرف بالإصلاح الاقتصادي حول ضرورة ضبط التوازن النقدي والمالي للدول النامية عن طريق تخفيض العجز في الموازنات العامة ومحاولة السيطرة على التضخم، واستخدام أسعار الفائدة المناسبة وتحديد أسعار الصرف على نحو أكثر واقعية وإعادة النظر في دور الدولة الاقتصادي وتقليصه، وتشجيع القطاع الخاص مع الاعتماد على مؤشرات السوق. بل تجاوز ذلك إلى ما يسمى بالإصلاح الهيكلي والذي يتطلب التحول إلى اقتصاد السوق القائم على المعرفة، ووضع برامج الخصخصة وإيجاد المناخ الاستثماري المناسب للمستثمر الوطني أو الأجنبي والاتجاه نحو التصدير وتشجيع الاستثمارات الخاصة المشتركة وطنية أو أجنبية، وتخفيض القيود والإجراءات الحكومية على النشاط الاقتصادي.
وفي ظل تلاطم الأحداث العالمية فإن الاندماج الإقليمي هو عنصر اخر له اهمية كبيرة، وفي هذا الشأن؛ يجدر بالدول العربية اقتباس النموذج السعودي والمصري لبذل مزيد من الجهود لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال تطوير البنية التحتية ورسم السياسات الاقتصادية القائمة على اقتصاد السوق الحر وتهيئة البيئة التشريعية بسن القوانين الاقتصادية ذات الصلة بجذب وتشجيع الاستثمار، وتقديم التسهيلات والحوافز كالإعفاءات الضريبية والجمركية وتقديم الضمانات القانونية ضد المخاطر غير التجارية التي تلبي حاجة المستثمر الأجنبي من خلال الاتفاقيات الثنائية لجذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومنع الازدواج الضريبي، وإيجاد آلية واضحة لتسوية منازعات الاستثمارات الأجنبية. وهذا يعني تهيئة المناخ الاستثماري لجذب رؤوس الأموال الأجنبية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، إن هذه السياسة الاقتصادية تحدث تقدما في الاقتصاد المضيف للاستثمارات الأجنبية؛ وهذا يتطلب ايجاد مؤسسات اقتصادية متطورة يمكن الاعتماد عليها لمرحلة ما بعد النفط. ولذا تتبلور أهمية تحسين أداء تلك المؤسسات في إطار السياسة المستهدفة من أجل تحرير معوقات نهضة الاقتصاد وفك القيود أمام نمو التجارة الدولية وتحويل الاقتصاد المغلق الى اقتصاد حر تحكمه أليات السوق من أجل تجاوز التحديات ليكون الاعتماد بصورة أقل على البترول وبصور أكبر على ايجاد مصادر متعددة للثروة واستثمار الفرص المتاحة.
وانطلاقا من العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية باعتبار المكانة المتميزة التي يتبوأها البلدان الشقيقان لتعزيز السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط فينعكس أثر ذلك على المجتمع الدولي في مختلف أرجاء المعمورة، نجد الحنكة السياسية لدى قيادة البلدين الشقيقين نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية التي تمتد لتشمل مختلف مناحي الحياة اليومية من خلال مشاريع الخير التنموية التي سطرتها الزيارة الملكية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والوفد المرافق له الى جمهورية مصر العربية وما حملت في ثناياها من بشائر الخير لمجتمع قطاع الأعمال في البلدين الشقيقين، ويحقق ازدهار الاقتصاد الوطني لكلا البلدين، حيث تُعد الاستثمارات السعودية الأولى عربيا والثانية عالميا في مصر بقيمة استثمارات بلغت نحو 50 مليار جنيه، وتأسيس نحو 3100 شركة سعودية. وبما أن القطاع الخاص يتبوأ مكانة متميزة من خلال تلك الشركات التي تنظر الى خارج حدودها الجغرافية وتنظر الى اسواقها نظرة اقليمية يتطلب منها تطوير استراتيجياتها نحو الاندماج الإقليمي للاستفادة من اقتصاد الحجم وتجنب تكرار المنتج ولخلق مكاسب ناجمة عن وصولها الى سوق كبير يُعد من أهم محفزات الاستثمار الأجنبي.
وبحكم الاختصاص في مجال العقود وقانون الاستثمار الأجنبي قد تكون نصيحتي للشركات الوطنية المستثمرة في جمهورية مصر العربية الشقيقة وفي غيرها أن على تلك الشركات مواجهة تغيرات كبرى تفرضها ظروف المرحلة، ولا يقتصر ذلك على ايجاد ادارة جديدة أو التوسع في النشاط خارج الحدود الجغرافية وانما سيكون على الشركات إعادة التفكير في عملية صناعة القرار إذا كان لها أن تنجح في الخارج. حيث يتوجب عليها أن تستجيب لمتطلبات التنمية المحلية؛ فعالم اليوم يتجه نحو مزيد من عمليتي الاستحواذ تارة، والاندماج تارة أخرى؛ مع اعطاء اهمية خاصة لتبني اسلوب الادارة المثلى (حوكمة الشركات)، وهذا التحدي يواجه قطاع الأعمال والمال اليوم لكي يكون مؤثراً على المستوى الدولي وفى نفس الوقت كفء للمنافسة على المستوى المحلي في الاقتصاد المضّيف.


السبت 9 رجب 1437 هـ - 16 ابريل 2016م - العدد 17463 , صفحة رقم ( 34 )
د. ماجد بن عبدالله الهديان

 


----------------------
التعليق:
أسعد الله بكل خير اوقاتك يا د. ماجد
عايشت مسيرة الإستثمار الأجنبي  منذ النصف الأول من الثمانينات الميلادية وحتى  2004
لم أر فيها  ما يمكن ان نسميه إستثمارا بالمعنى الحقيقي
اغلبها كانت  استغلالا لأرض في المدن الصناعية يحصل عليها المستثمر  ويبيعها لاحقا ويعود  أو صناعة تعبئة او تجميع
كنا بحاجة لنقل التقنية وتدريب وتوظيف الشباب  ، مدعمة هذه التقنية بالدراسات والبحوث التطويرية
لأن المال موجود وبكثرة في البنوك
لذلك  ظل الإستثمار  يصب في مصلحة الأجنبي فقط
وخرجنا منه صفر اليدين
تحية لك



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..