اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين
واحدة من أهم وأشهر الكنوز الأثرية المنهوبة
كونها تشكل اضافة مهمة للحضارة الانسانية وتحمل أثرا مكتوبا بالرسم الآرامي
عن حقبة الملك البابلي " نابونيد " منذ القرن السادس قبل الميلاد يتحدث عن
طريقة العبادة وعن تنصيب أحد الكهنة في معبد الإله الوثني (صلم ) في
تيماء. وإلزام المعابد الأخرى بتقديم محصول 21 نخلة ضريبة لهذا المعبد وشهد
موضوع اسم وجنسية الرحالة الذي قام بنقله ومكان العثور على الحجر جدلا
تاريخيا اختلف حوله الرواة ذهب اكثرها الى انه أحد احجار بئر هداج تيما وان
الرحالة الالماني اوتنغ هو من قام بنقله الى اوربا الا ان الرحالة اوتنغ
نفسه يقدم لنا حقائق مهمة ينسف بعضها هذه الروايات اثناء رحلته الى تيماء
عام 1884م برفقة الفرنسي هوبر وعلى مدى حلقتين سنقرأ ضمن كتابه رحلة داخل
الجزيرة العربية في النسخة المترجمة عن دارة الملك عبد العزيز توثيقا مهما
عن سيناريو نقل الحجر وما صاحب ذلك من احداث متسارعة واخرى دموية اشبه ما
تكون بسيناريو استخباراتي للظفر بهذه المسلة التي لا يتجاوز طولها 110سم
وعرضها 43سم عند ما قال :
ذهبنا الى منزل فهد الطلق الذي ضيفنا بالتمر والخبز واللبن، وقد كان من بين المدعوين رجل أسلحة ماهر يدعى زيدان، وقد ضممته إلي لمعرفته التامة بالأماكن وموافقته على تلبية طلباتي ليرافقني خلال زياراتي في المدينة، وحينما فرغنا من الأكل ذهبنا معا إلى غرب المدينة، حيث التل الذي يبلغ ارتفاعه حوالي المترين عن مستوى سطح البحر، وتقع تحته حسب معلوماته تيماء القديمة، وفي الحقيقة بعد قيامي بعملية بحث سطحية في الأرض الرملية وجدت بعض قطع من الزجاج، وشظايا من البرونز مغطاة بطبقة خضراء سميكة، بالإضافة إلى قطع من أرض إسمنتية وعدد من أحجار العقيق، كما رأيت قناة تتجه نحو الشمال مغطاة بالجير، ويبدو أنها كانت مخصصة لنقل الماء إلى المستنقع الملحي «السبخة» والى الجنوب وصلنا إلى قصر الدائر، وهو بناء كبير مربع الشكل فيه أبراج على الزوايا! وبقايا بشر مردومة، ومن هناك ذهبنا إلى منزل يقع على مسيرة خمس دقائق الى الجنوب يسمى طليحان، وجدت فيه أغلى غنيمة حصلت عليها من رحلتي في الجزيرة العربية، فإلى اليمين على القائم الأيمن من الباب الداخلي الثاني كان هناك حجر مقلوب نحتت عليه أشكال آدمية، تمثل معبوداً أو ملكاً، وكاهناً، وهذا الحجر هو ما يعرف اليوم في أوساط الدارسين باسم «حجر تيما»، وحينما رأيت نقشاً مكتوباً عليه لم استطع إخفاء مشاعر الدهشة لدي إلا بصعوبة بالغة، وفي هدوء مفعم بالسعادة قمت بنسخه على الورق، ثم أعطيت صاحب المنزل بكل سرور بعض النقود. وبعد أن قلت لزيدان بأن يحضره إلي في صباح الغد الباكر، ذهبت مسرعاً وأنا متعب ومضطرب إلى البيت لكي أحدث هوبر عن الاكتشاف الجديد. وأهمية النقش المكتوب عليه، تكمن في انه يعود بالتأكيد إلى القرن السادس قبل الميلاد، أما الحجر نفسه فسيقتلع من مكانه ليحضر إلى منزلنا في يوم الغد، وفي المساء تمت دعوتنا لدى ثويني، وبعد ذلك شربنا القهوة عند عبد العزيز بن رمان، وقد كنت أفضل مائة مرة لو أنني بقيت في المنزل لدراسة الورقة التي نسخت عليها النقش.
حجر تيماء هو بطول 110 سم وعرض 43 سم وسماكة 12 سم ويزن 150كغم
وقد أدى تفكيري في ذلك الحجر إلى إصابتي بالقلق وعدم القدرة على النوم
إلى القدر الذي جعلني أنهض عند الفجر لأنظر من جديد على ضوء الشموع إلى
الورقة التي نسخت عليها النقش، وعند طلوع الفجر بدأت بإخراج القمل من
ملابسي، ثم ذهبت مع رجل السلاح زيدان في جولة خلال المدينة زرنا فيها أولا
منزل الخطيب محمد العتيق الذي كان على أحد جدران مسكنه الداخلية حجر عليه
نقش كتب بالخط الآرامي. ثم سرنا عبر مقبرة تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من
المدينة الحالية. وترتفع فيها بعض الأعمدة الدائرية المتداعية «فهل هي
بقايا أعمدة المعابر؟» وعلى مقربة من هذه المقبرة شاهدت بعض الخبث الناتج
عن فرن لصهر المعادن، وبعض الأواني الفخارية المزججة، وفضلات ضبعة ، وجثة
حيوان ميت، حينما وصلنا منزل زيدان منحني هدية! كانت عبارة عن بلطة حجرية
سوداء يستخدمونها في قياس نسب الذهب والفضة، وقد رأيت عنده جرة قديمة من
الفخار، لم يكن عليها أي ملامح فنية.
وجدت حين عودتي من الجولة سبعة رجال يقفون في فناء منزلنا، وقد أحضروا الحجر «مسلة تيماء» من قصر طليحان، فقمت بإعطاء كل حمال منهم ربع مجيدي، وأعطيت المالك 1.5 مجيدي (حوالي 5 ماركات)، وبعد وضع الحجر وذهاب الرجال أصبح في وسعي فحص الحجر عن قرب، وحينما رآه هوبر تذكر أنه شاهده بالفعل خلال زيارته الأولى (عام 1880) ولكنه لم يظن أنه ذو أهمية.
المصدر
الاحد 22 ذي الحجة 1431 هـ - 28 نوفمبر 2010م - العدد 15497
------ الثلاثاء 24 شعبان 1437 هـ- 31 مايو 2016م
في حديثه عن تيماء ومسلتها المعروفة وعن المكتشف الحقيقي للحجر
النادر وكما قرأنا في الحلقة الماضية يستبعد أخيرا المستكشف الانجليزي
دوغلاس مواطنه داوتي من المعادلة تماما معتقدا بأن الألماني أوتنغ هو
مكتشف الحجر الآرامي المقدس وأول من عرف أهمية قيمته التاريخية والأثرية
بينما كان هوبر هو مشتريه مشككا أن يكون الحجر الذي رآه داوتي أول مرة في
جدران بئر هداج ونقله للباحثين في أوروبا هو نفسه حجر أو مسلة تيما التي
عثر عليها مستخدمة في بناء جدار أحد منازل تيما وقال عن المكتشف والمشتري
حسب تعبيره : تبقى الحقيقة بين ذينك الاثنين أحدهما يعتبر نفسه مكتشف الحجر
والآخر مستشرق باحث استطاع حل رموز الحجر, انهما لم يكونا متفقين ومن
المحتمل أن يكون هوبر قد ادرك الآن قيمة المسلة التي تم العثور عليها, وهذه
الحقيقة هي التي كتبت التاريخ اللاحق لهذا الحجر, وما زال تاريخ ذينك
المسافرين غير قابل للتفسير. وفي الثالث عشر من شهر مارس غادر المسافران
تيما وإلى الأبد.
ذهب الاثنان جنوبا إلى العلا وافترقا هناك حيث عاد اوتنغ إلى وطنه عن طريق الوجه ثم الشام بعد أن نجا بالكاد من الهجوم الذي تعرض له, من قبل لصوص إحدى قبائل الشمال في الطريق. بينما مضى هوبر عائدا إلى الداخل ليس إلى تيما بل إلى حائل, واقام هناك في عاصمة شمر سبعة أسابيع يدون مذكراته الغزيرة, ويستكشف المناطق المتاخمة, والأمر الأكثر أهمية هو كسب ودّ الأمير الحاكم محمد بن رشيد والذي يعتبر رجلا عظيما كما وصفه بعض زواره المستشرقين عندما قالوا بأنه كان أحد أعظم الرجال الذين أفرزتهم جزيرة العرب على مدى الدهر, وعند وصول هوبر إلى حائل كان بن رشيد في غارة غاب فيها عن عاصمته ثمانية وتسعين يوما مواصلا انتصاراته لثماني سنوات متتالية, كان مقدرا له أن يرى سياسته فيها تتحقق في أثناء حياته ومات بعد ذلك على فراشه كما مات بعض الأمراء العرب وليس اغتيالا.
تعلق هوبر بتلك الشخصية بشكل كبير, وفي الخامس من مايو ولدى عودته إلى حائل من حملته على السلالية في اقصى الحدود الجنوبية لإمارته كتب هوبر يقول : عاد كل من محمود ونعمان ومقلط من تيما جالبين معهم المسلة الفينيقية وبعض الألواح المنقوش عليها هي الأخرى, لم يعد هوبر يذكر المزيد عن تلك الكنوز, ولكنه تركها في رعاية أمير البلاد وانطلق في رحلته ليقطع ستمائة ميل عابرا القصيم ومن ثم إلى جدة, مارا بمنطقة غير مستكشفة نسبيا, فليس هناك من رجل أوروبي شاهد المنطقة بين القصيم وجدة سوى داوتي , ولن نتمكن من معرفة الهدف الذي كان هوبر يتطلع إليه من خلال تلك الرحلة الطويلة الشاقة والخطرة إلى الساحل الغربي, لكنه وبحسب دوغلاس كان واثقا من مبدئه لأن نيته العودة في نهاية المطاف إلى حائل لجلب النقوش الثمينة.
لكن المفاجأة ان هوبر قتل أو أغتيل على ايدي ادلائه قرب رابغ وبمقتله برز السؤال الأهم إلى من ستعود المسلة العظيمة إلى برلين أم إلى باريس ذلك اللوح الخارج من حفرة بئر في تيما ثم المغلف في حائل, خلق الآن وفجأة إشكالا في أوروبا الغربية, وحاول المهتمون بالحجر الحصول عليه أثناء نقله في الطريق إلى جدة أو إلى دمشق حتى شبهت قصة اكتشاف الحجر ومحاولة الحصول عليه بالقصص الرومانسية الخالدة خصوصا بعد أن وصل إلى باريس نسخة من الحجر أرسلها الفرنسي هوبر فيما قام أوتنغ بالشيء ذاته وأرسل نسخة إلى برلين ومعها رسالة تقول بأنه هو مكتشف الحجر وأنه في طريقه إلى المانيا.
في هذه الأثناء وبمقتل الفرنسي هوبير كان لقصة المسلة وقع كبير في الخارج وكان الالماني أوتنغ يتابعها بفارغ الصبر من دمشق وكذلك عالم آخر هو الدكتور الهولندي كريستيان سنوك خرونيه والذي يقيم في جدة تحت اسم عبدالغفار فيما دخل الخط جزائري منفي داهية اسمه سي عزيز واشتغل حينها العمل الدبلوماسي والاستخباراتي للظفر بالحجر والقصة طويلة ومعقدة سبق ان ذكرنا بعض تفاصيلها لكن في النهاية وبحسب دوغلاس فقد اختتم السيناريو الدموي بطرد الهولندي خرونية من قبل السلطات التركية فأبحر من جدة قاطعا ابحاثه قبل ان يتمكن من حضور مناسبة الحج. أبحر ومعه الهيكل العظمي للفرنسي هوبر ما عدا عظام يديه التي لم يتمكن من استردادها, فيما دفنت الجمجمة التي تحتوي في صدغها الأيسر ثقب الرصاصة التي اخترقتها. كذلك نقلت المسلة المقدسة النادرة لتثبت في متحف اللوفر بفرنسا إلى الابد, أما تيما فقد اختفت مرة أخرى ردحا من الزمن في متاهات الصحراء مستعيدة بنجاح عزلتها الفريدة ولعدد من السنوات .
المصدر
الاحد 29 ذي الحجة 1431 هـ - 5 ديسمبر 2010م - العدد 15504
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين
اغتيال الفرنسي هوبر في الصحراء وتحرك دبلوماسي للظفر بحجر تيماء عام 1884م
في الحلقة الماضية ذكر الرحالة الالماني يوتنغ قصة عثوره على حجر او مسلة تيماء الشهيرة التي نقلت الى متحف اللوفر بفرنسا واختلفت حولها الروايات وحول مكان العثور عليها واسم الرحالة الذي قام بنقلها الى أوربا ذهب اكثرها الى ان الالماني يوتنغ هو من نقلها وانها من احجار قصر طليحان بتيماء . وفي هذه اليومية يستكمل الرحالة ما كنا بدأناه الاسبوع الماضي بعد ان اشتكى من احد مضيفيه الذين دسوا له كمية كبيرة من الفلفل في الطعام حتى لا يأكل منه كثيرا :
لقد حاولت كثيرا سواء عن طريق الوعود أو ( التهديد ) الحصول على عمود حجري أخرج قبل بضع سنوات من بئر هداج. أو على الأقل نسخ النقش المكتوب عليه، ولكن مالكه المدعو سلامة بن عائد خرج فجأة الى الصحراء لجلب العلف، فحال ذلك دون حصولي على ذلك النقش.
ونظراً لكوني قد اتفقت مع هوبر حينما كنا في ستراسبورغ (مدينة فرنسية على الحدود مع ألمانيا)، قبل بدأ رحلتنا المشتركة الى الجزيرة العربية أن يكون من نصيبي كل ما نعثر عليه من آثار قديمة يمكن حملها. بحيث تختار دولتي التي كانت في تلك الفترة تفتقد الى تملك مثل هذه الآثار خاصة من النقوش المكتوبة على الحجر ما تشاء، بينما يكون له كل ما نحصل عليه من غنائم أخرى، لذلك فقد كان من المنطقي حسب الاتفاق ان تعود ملكية حجر طليحان «مسلة تيماء» اليّ. لا شك ان عملية نقل هذا الحجر الذي لن يقل وزنه عن 150 كجم ستكون بالغة الصعوبة كما ستحتاج الى احتياطات خاصة لتوزيع الثقل وتدعيمه فوق شداد الجمل، وخلال هذا اليوم تم احضار عدد آخر من الأحجار عليها نقوش كتبت بالخط الآرامي الى مسكننا، ولعل من الأفضل بالنسبة لنا نقل مجموعة من هذه الأحجار المنقوشة عبر منطقة آمنة الى حائل، بدلاً من نقلها معنا خلال رحلتنا في منطقة الحجاز.
صورة تاريخية لبئر هداج تيماء،
بعد ذلك يخبرنا يوتنغ انه توجه مع رفيقه هوبر الى العلا تاركين اشياءهم
بما فيها الحجر في تيماء لتنقل بعد ذلك الى حائل لكنهم هناك تلقوا أنباء
غير سارة من حائل التي رفضت دخولهم المدينة الامر الذي حتم عليهم الانفصال
بحيث يعود هوبر الى تيماء لاحضار الحجر ويواصل يوتنغ خط رحلته ليلتقون مرة
اخرى بمدينة جدة عاد بعدها هوبر الى تيماء بعد ان اقتسم معه مؤنة الطريق
ليحصل كل واحد منهم على 270 مجيديا و25 سيجارة وعلبة ساردين واحدة كذلك
الورق والحبر ومسحوق الحمى وانطلق كل واحدا منهم الى وجهته ليلتقوا هناك
الا ان رفيق دربه هوبر قتل بالقرب من جدة مما ادى الى تحرك الدبلوماسية
الفرنسية وصدرت التوجيهات الى قنصليتها بجدة للحفاظ على مقتنيات هوبر بما
فيها حجر تيماء واثناء وصول يوتنغ ومطالبته باستعادة الحجر بناء على
الاتفاق المسبق بينهما تحركت الدبلوماسية الفرنسية مرة اخرى وصدرت الاوامر
للقنصلية بارساله الى فرنسا بأسرع ما يمكن . وكان القنصل الفرنسي قبل ذلك
قد وشى للسلطات العثمانية كاشفا عن حقيقة شخصية البروفيسور الهولندي غرونية
وعن ديانته الحقيقية عندما كان يجمع معلومات عن الحج في مكة متقمصا شخصية
طالب علم مسلم خشية ان يسرب معلومات للسلطات الالمانية عن حقيقة حجر تيماء
وتم طرده بالفعل
الباحث في تيماء الاستاذ سالم الضوي صاحب كتاب طرق القوافل وآثارها في شمال جزيرة العرب افادنا باتصال هاتفي عن معلومات مهمة بان كثيرا من أسماء المواقع التي وردت في كتب بعض الرحالة بما فيها (قصر طليحان ) مسميات وهمية لا حقيقة لها ربما كانت من اختراع السكان الذين يحاولون تظليل هؤلاء الرحالة الذين يشككون بنواياهم أما الاستاذ محمد بن حمد النجم مدير متحف تيماء فيكشف لنا عن حقائق أخرى عن سر العثور على الحجر عند ما يطلق عليه قصر طليحان مشيرا الى بعض الروايات المنقولة ان الحجر في الاصل كان ضمن احجار بئر هداج تيماء الذي تهدم فنقل ضمن احجار اخرى لتستخدم في بناء هذا القصر دون ادراك لاهميته ولما تعرف عليه الرحالة اشترى الجدار من صاحب المنزل ليحصل منه على الحجر ثم اعاد بناؤه ويسند روايته ما ذكره الرحالة تشارلز داوتي في كتابه ترحال في صحراء الجزيرة العربية وهو يقول :
كان هناك نقش واحد ما يزال موجودا على عارضة في حظيرة أبل عجيل . ولكن المؤسف ان تلك العارضة سقطت على الارض وتكسرت . وابلغوني انهم لا يمكنهم العثور على تلك القطع المكسورة . كان هناك أيضاً نقش طويل على حجر من أحجار جدار هداج ( البئر ) التي انهارت بالفعل وأنا اعتباراً من كتابة هذا الكلام في العام 1879م أؤكد ان نقش البئر شاهده كل من هوبر ويوتنج من بعدي بعدة سنوات . ويوتنج يسلم بأن ذلك النقش الذي هو من النقوش الاهدائية ومكتوب بالحروف الارامية شأنه في ذلك شأن النقوش الاخرى التي اكتشفتها ( أنا ) في تيماء قد يرجع تاريخه إلى اربعة او خمسة قرون قبل المسيح .
المصدر
----
مواضيع مشابهة أو- ذات صلة :
سعود المطيري : تعددت الروايات حول عملية الاستيلاء على حجر أو«مسلة تيماء»الشهيرة عن طريق بعض الرحالة الأوربيين ونقله إلى متحف اللوفر بالعاصمة
الفرنسية سنة 1884م والتي تعد
ذهبنا الى منزل فهد الطلق الذي ضيفنا بالتمر والخبز واللبن، وقد كان من بين المدعوين رجل أسلحة ماهر يدعى زيدان، وقد ضممته إلي لمعرفته التامة بالأماكن وموافقته على تلبية طلباتي ليرافقني خلال زياراتي في المدينة، وحينما فرغنا من الأكل ذهبنا معا إلى غرب المدينة، حيث التل الذي يبلغ ارتفاعه حوالي المترين عن مستوى سطح البحر، وتقع تحته حسب معلوماته تيماء القديمة، وفي الحقيقة بعد قيامي بعملية بحث سطحية في الأرض الرملية وجدت بعض قطع من الزجاج، وشظايا من البرونز مغطاة بطبقة خضراء سميكة، بالإضافة إلى قطع من أرض إسمنتية وعدد من أحجار العقيق، كما رأيت قناة تتجه نحو الشمال مغطاة بالجير، ويبدو أنها كانت مخصصة لنقل الماء إلى المستنقع الملحي «السبخة» والى الجنوب وصلنا إلى قصر الدائر، وهو بناء كبير مربع الشكل فيه أبراج على الزوايا! وبقايا بشر مردومة، ومن هناك ذهبنا إلى منزل يقع على مسيرة خمس دقائق الى الجنوب يسمى طليحان، وجدت فيه أغلى غنيمة حصلت عليها من رحلتي في الجزيرة العربية، فإلى اليمين على القائم الأيمن من الباب الداخلي الثاني كان هناك حجر مقلوب نحتت عليه أشكال آدمية، تمثل معبوداً أو ملكاً، وكاهناً، وهذا الحجر هو ما يعرف اليوم في أوساط الدارسين باسم «حجر تيما»، وحينما رأيت نقشاً مكتوباً عليه لم استطع إخفاء مشاعر الدهشة لدي إلا بصعوبة بالغة، وفي هدوء مفعم بالسعادة قمت بنسخه على الورق، ثم أعطيت صاحب المنزل بكل سرور بعض النقود. وبعد أن قلت لزيدان بأن يحضره إلي في صباح الغد الباكر، ذهبت مسرعاً وأنا متعب ومضطرب إلى البيت لكي أحدث هوبر عن الاكتشاف الجديد. وأهمية النقش المكتوب عليه، تكمن في انه يعود بالتأكيد إلى القرن السادس قبل الميلاد، أما الحجر نفسه فسيقتلع من مكانه ليحضر إلى منزلنا في يوم الغد، وفي المساء تمت دعوتنا لدى ثويني، وبعد ذلك شربنا القهوة عند عبد العزيز بن رمان، وقد كنت أفضل مائة مرة لو أنني بقيت في المنزل لدراسة الورقة التي نسخت عليها النقش.
حجر تيماء هو بطول 110 سم وعرض 43 سم وسماكة 12 سم ويزن 150كغم
وجدت حين عودتي من الجولة سبعة رجال يقفون في فناء منزلنا، وقد أحضروا الحجر «مسلة تيماء» من قصر طليحان، فقمت بإعطاء كل حمال منهم ربع مجيدي، وأعطيت المالك 1.5 مجيدي (حوالي 5 ماركات)، وبعد وضع الحجر وذهاب الرجال أصبح في وسعي فحص الحجر عن قرب، وحينما رآه هوبر تذكر أنه شاهده بالفعل خلال زيارته الأولى (عام 1880) ولكنه لم يظن أنه ذو أهمية.
المصدر
الاحد 22 ذي الحجة 1431 هـ - 28 نوفمبر 2010م - العدد 15497
------ الثلاثاء 24 شعبان 1437 هـ- 31 مايو 2016م
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين
«تيماء» عام 1909م تمورها وهدّاجها ومسلتها المنهوبة
هداج في الخمسينات الميلادية ويظهر قصر مغيض
سعود المطيري
غرونيه يغادر جدة مطروداً بصحبة الهيكل العظمي لمكتشف حجر تيمامفيدا في كتابه (مغامرات في جزيرة العرب) أن الفرنسي هوبر كتب في مذكراته الأخيرة عن موضوع النقوش قائلا: أما بالنسبة للمسلة الفينيقية والنقوش الأخرى, فقد تم توضيبها وتغليفها بشكل جيد, وبما أنه ليس لدي بعير أحملها عليه الآن فسأقوم بتركها مبدئياً, على أن يتم وضعها في القلعة من أجل سلامتها حيث سيقوم عبدالعزيز النقري بوضعها في مقر توفر لي جمل, والا سأرسل من يأتي بها عند وصولي إلى حائل.
ذهب الاثنان جنوبا إلى العلا وافترقا هناك حيث عاد اوتنغ إلى وطنه عن طريق الوجه ثم الشام بعد أن نجا بالكاد من الهجوم الذي تعرض له, من قبل لصوص إحدى قبائل الشمال في الطريق. بينما مضى هوبر عائدا إلى الداخل ليس إلى تيما بل إلى حائل, واقام هناك في عاصمة شمر سبعة أسابيع يدون مذكراته الغزيرة, ويستكشف المناطق المتاخمة, والأمر الأكثر أهمية هو كسب ودّ الأمير الحاكم محمد بن رشيد والذي يعتبر رجلا عظيما كما وصفه بعض زواره المستشرقين عندما قالوا بأنه كان أحد أعظم الرجال الذين أفرزتهم جزيرة العرب على مدى الدهر, وعند وصول هوبر إلى حائل كان بن رشيد في غارة غاب فيها عن عاصمته ثمانية وتسعين يوما مواصلا انتصاراته لثماني سنوات متتالية, كان مقدرا له أن يرى سياسته فيها تتحقق في أثناء حياته ومات بعد ذلك على فراشه كما مات بعض الأمراء العرب وليس اغتيالا.
تعلق هوبر بتلك الشخصية بشكل كبير, وفي الخامس من مايو ولدى عودته إلى حائل من حملته على السلالية في اقصى الحدود الجنوبية لإمارته كتب هوبر يقول : عاد كل من محمود ونعمان ومقلط من تيما جالبين معهم المسلة الفينيقية وبعض الألواح المنقوش عليها هي الأخرى, لم يعد هوبر يذكر المزيد عن تلك الكنوز, ولكنه تركها في رعاية أمير البلاد وانطلق في رحلته ليقطع ستمائة ميل عابرا القصيم ومن ثم إلى جدة, مارا بمنطقة غير مستكشفة نسبيا, فليس هناك من رجل أوروبي شاهد المنطقة بين القصيم وجدة سوى داوتي , ولن نتمكن من معرفة الهدف الذي كان هوبر يتطلع إليه من خلال تلك الرحلة الطويلة الشاقة والخطرة إلى الساحل الغربي, لكنه وبحسب دوغلاس كان واثقا من مبدئه لأن نيته العودة في نهاية المطاف إلى حائل لجلب النقوش الثمينة.
لكن المفاجأة ان هوبر قتل أو أغتيل على ايدي ادلائه قرب رابغ وبمقتله برز السؤال الأهم إلى من ستعود المسلة العظيمة إلى برلين أم إلى باريس ذلك اللوح الخارج من حفرة بئر في تيما ثم المغلف في حائل, خلق الآن وفجأة إشكالا في أوروبا الغربية, وحاول المهتمون بالحجر الحصول عليه أثناء نقله في الطريق إلى جدة أو إلى دمشق حتى شبهت قصة اكتشاف الحجر ومحاولة الحصول عليه بالقصص الرومانسية الخالدة خصوصا بعد أن وصل إلى باريس نسخة من الحجر أرسلها الفرنسي هوبر فيما قام أوتنغ بالشيء ذاته وأرسل نسخة إلى برلين ومعها رسالة تقول بأنه هو مكتشف الحجر وأنه في طريقه إلى المانيا.
في هذه الأثناء وبمقتل الفرنسي هوبير كان لقصة المسلة وقع كبير في الخارج وكان الالماني أوتنغ يتابعها بفارغ الصبر من دمشق وكذلك عالم آخر هو الدكتور الهولندي كريستيان سنوك خرونيه والذي يقيم في جدة تحت اسم عبدالغفار فيما دخل الخط جزائري منفي داهية اسمه سي عزيز واشتغل حينها العمل الدبلوماسي والاستخباراتي للظفر بالحجر والقصة طويلة ومعقدة سبق ان ذكرنا بعض تفاصيلها لكن في النهاية وبحسب دوغلاس فقد اختتم السيناريو الدموي بطرد الهولندي خرونية من قبل السلطات التركية فأبحر من جدة قاطعا ابحاثه قبل ان يتمكن من حضور مناسبة الحج. أبحر ومعه الهيكل العظمي للفرنسي هوبر ما عدا عظام يديه التي لم يتمكن من استردادها, فيما دفنت الجمجمة التي تحتوي في صدغها الأيسر ثقب الرصاصة التي اخترقتها. كذلك نقلت المسلة المقدسة النادرة لتثبت في متحف اللوفر بفرنسا إلى الابد, أما تيما فقد اختفت مرة أخرى ردحا من الزمن في متاهات الصحراء مستعيدة بنجاح عزلتها الفريدة ولعدد من السنوات .
صورة حديثة لبئر هداج بعد إعادة تأهيلها
الرحالة الفرنسي هوبر وفي الاطار الإنجليزي داوتي |
-----------------------
الاحد 29 ذي الحجة 1431 هـ - 5 ديسمبر 2010م - العدد 15504اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين
اغتيال الفرنسي هوبر في الصحراء وتحرك دبلوماسي للظفر بحجر تيماء عام 1884م
الرحالة الفرنسي هوبر وفي الاطار الانجليزي داوتي
سعود المطيري
في الحلقة الماضية ذكر الرحالة الالماني يوتنغ قصة عثوره على حجر او مسلة تيماء الشهيرة التي نقلت الى متحف اللوفر بفرنسا واختلفت حولها الروايات وحول مكان العثور عليها واسم الرحالة الذي قام بنقلها الى أوربا ذهب اكثرها الى ان الالماني يوتنغ هو من نقلها وانها من احجار قصر طليحان بتيماء . وفي هذه اليومية يستكمل الرحالة ما كنا بدأناه الاسبوع الماضي بعد ان اشتكى من احد مضيفيه الذين دسوا له كمية كبيرة من الفلفل في الطعام حتى لا يأكل منه كثيرا :
لقد حاولت كثيرا سواء عن طريق الوعود أو ( التهديد ) الحصول على عمود حجري أخرج قبل بضع سنوات من بئر هداج. أو على الأقل نسخ النقش المكتوب عليه، ولكن مالكه المدعو سلامة بن عائد خرج فجأة الى الصحراء لجلب العلف، فحال ذلك دون حصولي على ذلك النقش.
ونظراً لكوني قد اتفقت مع هوبر حينما كنا في ستراسبورغ (مدينة فرنسية على الحدود مع ألمانيا)، قبل بدأ رحلتنا المشتركة الى الجزيرة العربية أن يكون من نصيبي كل ما نعثر عليه من آثار قديمة يمكن حملها. بحيث تختار دولتي التي كانت في تلك الفترة تفتقد الى تملك مثل هذه الآثار خاصة من النقوش المكتوبة على الحجر ما تشاء، بينما يكون له كل ما نحصل عليه من غنائم أخرى، لذلك فقد كان من المنطقي حسب الاتفاق ان تعود ملكية حجر طليحان «مسلة تيماء» اليّ. لا شك ان عملية نقل هذا الحجر الذي لن يقل وزنه عن 150 كجم ستكون بالغة الصعوبة كما ستحتاج الى احتياطات خاصة لتوزيع الثقل وتدعيمه فوق شداد الجمل، وخلال هذا اليوم تم احضار عدد آخر من الأحجار عليها نقوش كتبت بالخط الآرامي الى مسكننا، ولعل من الأفضل بالنسبة لنا نقل مجموعة من هذه الأحجار المنقوشة عبر منطقة آمنة الى حائل، بدلاً من نقلها معنا خلال رحلتنا في منطقة الحجاز.
صورة تاريخية لبئر هداج تيماء،
الباحث في تيماء الاستاذ سالم الضوي صاحب كتاب طرق القوافل وآثارها في شمال جزيرة العرب افادنا باتصال هاتفي عن معلومات مهمة بان كثيرا من أسماء المواقع التي وردت في كتب بعض الرحالة بما فيها (قصر طليحان ) مسميات وهمية لا حقيقة لها ربما كانت من اختراع السكان الذين يحاولون تظليل هؤلاء الرحالة الذين يشككون بنواياهم أما الاستاذ محمد بن حمد النجم مدير متحف تيماء فيكشف لنا عن حقائق أخرى عن سر العثور على الحجر عند ما يطلق عليه قصر طليحان مشيرا الى بعض الروايات المنقولة ان الحجر في الاصل كان ضمن احجار بئر هداج تيماء الذي تهدم فنقل ضمن احجار اخرى لتستخدم في بناء هذا القصر دون ادراك لاهميته ولما تعرف عليه الرحالة اشترى الجدار من صاحب المنزل ليحصل منه على الحجر ثم اعاد بناؤه ويسند روايته ما ذكره الرحالة تشارلز داوتي في كتابه ترحال في صحراء الجزيرة العربية وهو يقول :
كان هناك نقش واحد ما يزال موجودا على عارضة في حظيرة أبل عجيل . ولكن المؤسف ان تلك العارضة سقطت على الارض وتكسرت . وابلغوني انهم لا يمكنهم العثور على تلك القطع المكسورة . كان هناك أيضاً نقش طويل على حجر من أحجار جدار هداج ( البئر ) التي انهارت بالفعل وأنا اعتباراً من كتابة هذا الكلام في العام 1879م أؤكد ان نقش البئر شاهده كل من هوبر ويوتنج من بعدي بعدة سنوات . ويوتنج يسلم بأن ذلك النقش الذي هو من النقوش الاهدائية ومكتوب بالحروف الارامية شأنه في ذلك شأن النقوش الاخرى التي اكتشفتها ( أنا ) في تيماء قد يرجع تاريخه إلى اربعة او خمسة قرون قبل المسيح .
المصدر
----
مواضيع مشابهة أو- ذات صلة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..