يبدو
أن القوة الطاغية الصهيونية بلغت حد الضجر، وضاقت ذرعا بدولة تحملت خدمة
الحرمين الشريفين، وحمل هم الإسلام والمسلمين ونصرتهم بما تقدر من
المستطاع، وامتد عونها لعامة الشعوب حتى غير المسلمة في هذا العالم، بما
تنفقه على برامج: الإغاثة، والغداء، والدواء. وإسهامها في قضايا العالم
بكفاءة وفاعلية؛ لوزنها السياسي والاقتصادي المشهود.
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست
لكونها تفعل ذلك وهي مسلمة فحسب، بل لأنها تعكس صورة حية عن العدل
والاعتدال، الذي يراعي الدين والدنيا معا، ويظهر أن تلك القوى لا تريد نمطا
إسلاميا معتدلا وفق تصور أبناء الإسلام، إنما تريد ما تصنعه هي من نمط
وشكل للإسلام، ثم تلبسه الشعوب الإسلامية، كما يفعل الآمر مع المأمور.
تلك
القوى الطاغية ليست ضجرة من دولة الحرمين، لظنها أنها ترعى الإرهاب، كلا،
بل هي تعلم علم اليقين: أنه ما من أحد قام ويقوم بوجه الإرهاب، بقدرة
وكفاءة ونجاح مثل قيام المملكة. وقد شهد وزير الدفاع الأمريكي السابق لها
بذلك.
ليست
ضجرة لزعمها أنها ترعى إسلاما وهابيا سلفيا متشددا، كما يدعى منظروها
ومتطرفوها، كلا، بل هم يدركون تماما: أنها أبعد ما تكون عن تطرف وتشدد.
إنما
ضجرهم من أنها ترعى التوحيد الخالص لله تعالى رب العالمين، ولا تؤيد الشرك
بالله العظيم، الذي هو أعظم ذنب عصي به الخالق: {إن الشرك لظلم عظيم}. فلا
تقيم الأضرحة ولا المزارات الشركية، وما يكون عندها من: دعاء غير الله
تعالى، والطواف، والنذور.
لأنها
ترعى السنة، وتقوم بها، وترفع لواءها، ولا تنهض لنشر البدعة، وحماية
مظاهرها الكائنة في التصوف من: ذكر بدعي، وموالد، ورقص، وهز ودوران، وسماع
للأشعار الغالية في الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
وانظر
على سبيل المثال في شعائر الحج، وعلى أية صورة تقام الشعائر في المشاعر:
منى، ومزدلفة، وعرفات، وبيت الله الحرام. تعلم أنه لا مكان في هذه الدولة
إلا للتوحيد الذي أرسلت به الرسل، ونزلت به الكتب، وإلا السنة التي كان
عليها الصحابة رضوان الله عليهم، والصدر الأول من أهل الإسلام ذي القرون
المفضلة. ولا مكان للبدع والخرافات الصوفية.
الصهاينة
الذين يقبضون ويسيطرون على هذا العالم، ويتخذون من دول الغرب الكبرى ستارا
وأداة لها، لا يرضيهم هذا النقاء والصفاء الديني؛ أن يعبد الله وحده،
ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون سنته هي المرشد والمطلب الأعظم، بل
يريدونها دينا كدين الشيعة كله شرك واستغاثة بالحسين في المشاهد والمزارات.
فلا تعجبهم تلبية أهل التوحيد: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك،
إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”. بل تلبية أهل الشرك: “لبيك يا
حسين”، والحج إلى ما يدعون أنه مرقد الحسين، إلى النجف وكربلاء، حيث لا دين
إلا دين الجاهلية، وتلبية الجاهلية، فأي فرق بين قولهم: “لبيك يا حسين”،
وقول الأوائل من المشركين: “لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما
ملك”؟ بل هؤلاء خير من أولئك الشيعة، حيث أشركوا مخلوقا في التلبية، أما
الشيعة فجعلوها خالصة لمخلوق من المخلوقين، فارتقوا من الشرك إلى الجحود
التام لنعمة الله تعالى.
من
هنا كان نقض العهود والمواثيق من قبل دول الغرب – ممثلي هذه القوى
الصهيونية – مع دولة التوحيد والسنة، من طريق الخديعة والخيانة، حيث تظهر
التزامها بالحلف وأمن المنطقة، وفي الباطن تحالفها مع قوى الشر في الدولة
الإيرانية، فها هي تمد أقدامها في العراق، حتى غدت عمليا تابعة لها، وتمد
ذراعها في سوريا واليمن لتقتل السنة وتهجرهم، وقد وضعت رأسها في لبنان،
فإدارة شئون هذه الدول إليها، وهي قاب قوسين أو أدنى من إعلان احتلالها
وضمها لدول فارس الكبرى، تحت: سمع، وبصر، وعلم، وإرادة أدوات الصهيونية
العالمية: مجلس الأمن، والأمم المتحدة. مع خرق واضح لقوانين هذه الهيئات
العالمية، لكن ليس في النية اتخاذ أي إجراء فعلي ضد هذا العدوان الإيراني،
فعلى ماذا يدل هذا؟
هو
التواطؤ لا غير، وأثر عن الاتفاق غير المعلن بين الصهاينة والصفوية
المجوسية لحصار السنة واحتلال أرضهم ومقدراتهم؛ لتكون إيران هي الحليف
والشرطي للبلاد السنية، ثم تتصرف كما تشاء في دين الأمة، لتنقلهم من السنة
إلى الرفض، أو تنشر بدع الرقص في الذكر، والأضرحة والمزارات والشرك بالله،
حتى إنك لترى هذه البدع والشرك بالله عند البيت العتيق وفي مشاعر وشعائر
الحج، فتعود تلبية أهل الشرك، ويرتج الأرجاء بالتلبية للحسين، والضرب على
الصدور، ولبس السواد، وإقامة المياتم، وحمل المدي وجرح الأبدان والمناداة
بـ”يا ثارات الحسين”! وليس بعيدا أن يكرر هؤلاء جرائم القرامطة في البيت
الحرام، حين غزوا سنة 317هـ مكة في موسم الحج، وقتلوا الآلاف من الحجاج،
ورموا بهم في زمزم حتى امتلأ منهم، واقتلعوا الحجر الأسود، وذهبوا به إلى
الأحساء حيث كانوا، فبقي عندهم ثنتين وعشرين سنة 339هـ، يفعلون ذلك انتقاما
من قتلة الحسين، وعند هؤلاء أن كل سني هو قاتل للحسين، فلا جاهلية أكبر من
هذا، فهم بين زنادقة يقودونهم، وعامة جهلة، يساقون بعمى، قد عطلوا عقولهم،
وسدوا منافذ الرحمة إلى قلوبهم!
ليس
لهؤلاء أن يصلوا إلى هذه المآرب ألا بحبل من الله وحبل من الناس: {ضربت
عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس}. فأما الحبل الذي
من الله تعالى، فهو أنه لا يحدث شيء إلا بمشيئة، فهو يمد الطغاة ويملي لهم
حتى يأخذهم غير مأسوف لهم: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير
لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}.
وأما
الحبل الذي من الناس، فمنا نحن السنة، ومن القوى الغربية الصهيونية،
فالدعم المقدم للشيعة للسيطرة على بلاد السنة لم يعد خفيا، وشعارات العداء
من إيران للولايات المتحدة ظهر زيفها، فالتعاون بينهم إلى النخاع، وادعاءات
الولايات المتحدة التزامها بأمن المنطقة السنية لم تعد تخدع أحدا، فكل
أعمالها في اتجاه واحد، هو إسقاط الدول السنية، وإحلال الشيعة مكانها، فها
هم الحوثيون يتلقون أسلحة وصواريخ من إيران، ثم يطلقونها إلى السعودية، في
خرق واضح لقرار الأمم المتحدة رقم 2216 القاضي بمنع تزويد الحوثيين
بالسلاح، ومعاقبة من يفعل ذلك، لكن لا يتخذ أي إجراء لردع إيران، بل تعمل
هذه القوى لإعاقة عمل التحالف لتحرير اليمن من حلفاء إيران، تارة بإلزامها
بوقف الغارات والعلميات بحجة المفاوضات، وتارة بوضع خطوط حمراء في طريقها،
كمنعها من اقتحام صنعاء، فماذا تريد من ذلك إلا الإضرار بدول التحالف؛
بزيادة نفقات الحرب، وتعقيد مجريات الحرب والتحرير.
ذلك
الحبل من القوى الصهيونية لعون دولة الشيعة، واليوم يقرر في الولايات
المتحدة علانية تقوية هذا الحبل؛ بضرب اقتصاد المملكة، بعد أن أقر الكونغرس
بالإجماع قانون “العدالة ضد الإرهاب”، حيث تضمن الإذن للمحاكم الأمريكية
النظر في طلبات التعويض لضحايا 11 من سبتمبر، بالنظر إلى أن خمسة عشر
سعوديا كانوا من المشاركين في ضرب برجي التجارة العالمي، وهذه المحاكم تفرض
تعويضات طائلة غير معقولة، وإذا كان ضحايا حادثة لوكربي البالغين
المائتين، استنفذت من خزائن الدولة الليبية مليارات الدولارات، فكيف بضحايا
ناهزوا الثلاثة آلاف؟ إن ذلك يعني إفراغ خزائن الدولة المستهدفة لعشرات
السنين.
فهذا
القرار مرده ومقصده ضرب الاقتصاد كليا، يحدث هذا برعاية من دولة تدعي
الصداقة، وصدق الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم
لا يألونكم خبالا قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا
لكم الآيات إن كنتم تعقلون * ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون
بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ
قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور}.
كيف يمكن محاسبة دولة على فعل أفراد هم خارجون عنها؟!
وهل
ستقبل الولايات المتحدة أن تحاسب على تفجير أوكلاهوما في 19 أبريل 1995،
عندما قام الأمريكي تيموثي ماكفي بتفجير شاحنة مليئة بالمتفجرات أمام مبنى
“ألفريد مورا الفدرالي” قدر ضحايا التفجير بـ 168 شخصاً من بينهم 19 طفلاً
تقل أعمارهم عن السادسة، وأكثر من 680 شخصاً من المصابين. وتسبب في تدمير
أو تضرر أكثر من 324 من المباني و86 سيارة، وما لا يقل عن 652 مليون دولار
من الأضرار المادية؟
وبالمثل
يجب أن تحاسب هي نفسها على حصارها وغزوها العراق وتسببها في قتل وتشريد
الملايين، وأن تعوض جميع هؤلاء، فهل ستقبل بهذا، أم هو قانون الصهيونية
العالمية، التي تملي ولا يملى عليها؛ لأنها تملك القنابل النووية، وتصنع
السلاح وتمنع غيرها؟
نعم،
هي قوة عظمى يحسب لها، وليس في دول الإسلام قوة مضاهية، فينبغي ملاحظة هذا
الفارق، لكن أيضا لدينا شيء يجب ألا ننساه، هو قوله: {إن الله مع الذين
اتقوا والذين هم محسنون}، معنا: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله
والله مع الصابرين}، معنا: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}. لكن كل
هذه لن تكون معنا إلا بشرط: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، ألم
يقل ربنا جل شأنه: {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن
تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط}. فالصبر
لمكرهم بطرق السياسة المعروفة، لكن مع الصبر لهذه المكائد السياسية
بمناورات مماثلة، لا بد من تقوى، فتقوى الله تعالى بفعل أوامره وانتهاء عن
نواهيه بصدق وأمانة هو المخرج من هذه المؤامرات، فإن الله وعد ولن يخلف
وعده: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على
الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا}.
أ.د. لطف الله خوجة
المصدرمواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..