 |
النهضة تراجع علاقاتها
بمسؤولي النظام السابق |
مراقبون: لقاء رئيس النهضة بوزير الداخلية السابق عبدالله القلال يمثل مؤشرا على مخاوف من تمزق
التحالف الهش مع نداء تونس.
ميدل ايست أونلاين
تونس – من منور مليتي
النهضة تراجع علاقاتها بمسؤولي النظام السابق
كشفت مصادر قيادية من حركة النهضة الإسلامية أن مخاوف راشد الغنوشي من تمزق التحالف الهش مع حركة نداء تونس الذي بدأت ملامحه تتضح دفعته إلى قيادة جهود باتجاه استمالة كبار رجال الرئيس السابق زين العابدين بن علي، في مسعى إلى التقارب مع القوى الدستورية لمواجهة جبهة الإصلاح الديمقراطية التي تعتزم القوى العلمانية بناءها وإنقاذ النهضة من عزلتها السياسية والشعبية.
وأضافت المصادر أن الغنوشي وضع قائمة اسمية تضم كبار رجال بن علي الذين كانوا متنفذين سياسيا وأمنيا واقتصاديا لعقد لقاءات ومشاورات تهدف أساسا إلى استرضائهم وتقديم الحركة على أنها "ليست معادية لا لرجال الدولة السابقين ولا لمكاسب دولة الاستقلال"، مشددة على أن استقبال رئيس النهضة لعبد الله القلال وزير الداخلية في عهد بن علي يعد مؤشرا على أن النهضة باتت تقر ضمنيا بأنها ارتكبت خطأ كبيرا عندما استعدتهم.
وكان الغنوشي استقبل خلال الأيام القليلة الماضية عبد الله القلال مرفوقا بعدد من رجال نظام بن علي. وتناول اللقاء وفق مصادر سياسية وإعلامية الأوضاع العامة بالبلاد والسبل الكفيلة بالخروج بتونس من الأزمة الهيكلية التي تعاني منها منذ أكثر من خمس سنوات.
ويعد اللقاء بالقلال خطوة مفاجئة لكونه أحد أبرز رجال الدولة السابقين المعارضين لجماعات الإسلام السياسي عموما ولحركة النهضة خصوصا حيث استمات في مكافحة كيانها التنظيمي وممارساتها للعنف خلال التسعينات من القرن العشرين حين كان يتولى وزارة الداخلية.
وعلى الرغم من أن النهضة تكتمت رسميا على مساعي رئيسها لاسترضاء رجال الدولة السابقين غير أن المصادر القيادية لم تتردد في التأكيد على أن الغنوشي بات أكثر اقتناعا بأنه لا مستقبل للحركة في ظل انطوائيتها وعزلتها ما لم تنفتح على رجال دولة كثيرا ما تعرضوا إلى التهميش والتعسف لا لشيء سوى لأنهم عملوا مع النظام السابق.
وخلال اللقاء، وفق نفس المصادر، شدد القلال على أن "الرهان الوحيد للخروج بتونس من أزمتها هو خيار المصالحة الوطنية والكف عن سياسة الكراهية والأحقاد وطي صفحة الماضي التي تضررت منها تونس كثيرا".
ولفت القلال نظر الغنوشي إلى أن انتفاضة يناير 2011 "لا تعني إلغاء مكاسب دولة الاستقلال المدنية ومنجزاتها أو تهميش الكفاءات الوطنية كما لا تنفي المشروع الوطني الحداثي الذي قادته الحركة الوطنية منذ العشرينات من القرن الماضي".
ويرى مراقبون أن "اللقاء المفاجئ" جاء في السياق السياسي سواء منه الذي تمر به النهضة الغارقة في أزمة داخلية أو السياق العام وهو سياق يستوجب إطلاق مصالحة وطنية شاملة.
ووفق تسريبات أعرب الغنوشي للقلال عن رغبته في التقارب مع الدستوريين، نسبة للحزب الاشتراكي الدستوري الذي كان أسسه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، مقرا بأنهم مناضلون كبار قادوا الحركة الوطنية ويعود لهم الفضل في بناء دولة الاستقلال التي قادت مشروعا تنمويا وسياسيا حقق مكاسب للتونسيين لا يمكن تجاهلها.
غير أن القلال شدد على أن أي تقارب أو علاقة مع النهضة يبقى رهن مصالحة وطنية تنصف رجال دولة سابقين من مظلمة سياسية تعرضوا لها كثيرا ما وقفت النهضة وراءها، مشيرا الى أن "العائلة الدستورية" متمسكة بثوابتها وفي مقدمتها عدم التنكر لماضي تونس وللمنجزات التي تحققت وفي مقدمتها دولة مدنية ترفض الزج بالدين في السياسة والحريات المدنية والسياسية ومنها حرية المرأة.
ورأى هشام بن عمار المحلل السياسي أن "لقاء الغنوشي بالقلال يحمل أكثر من دلالة سياسية خاصة في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها النهضة والبلاد"، لافتا إلى أن "رئيس النهضة بات يقر، على الرغم من عدم المجاهرة، بأن المصالحة الوطنية تعد اليوم ضرورة ملحة وأن الإمعان في سياسة الإقصاء قدمت النهضة في صورة الحركة العقائدية غير المتسامحة مع خصومها رغم ما تزعمه من أنها تحولت إلى حزب سياسي مدني لا يتخذ مرجعية عقائدية وإنما ينهل من الدستور".
وأضاف بن عمار إن "جهود الغنوشي باتجاه التقارب مع رجال الدولة السابقين بعد خمس سنوات جاءت متأخرة" مشيرا إلى أنه من الصعب الحديث عن أي شكل من أشكال التقارب ما لم تجاهر النهضة بخطئها في حق تونس دولة وشعبا بعد أن جوفت الحياة السياسية لتهيمن عليها.
ويطالب رجال نظام بن علي واتجاهات الرأي العام بإطلاق مصالحة وطنية شاملة تعيد الحقوق لرجال الدولة السابقين قبل الحديث عن أي علاقة خاصة مع النهضة التي يحملونها مسؤولية إقصائهم وتهميشهم من المشاركة في الشأن العام وهم يرون أن الحكومات المتعاقبة استهدفت مدنية الدولة وهيبة مؤسساتها وفشلت في التعاطي الإيجابي مع مشاغل التونسيين.
المصدر
.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..