السلام عليكم و رحمة الله و
بركاتهالجزيرة العربية كانت مصدر إلهام للعديد من
المستكشفين الأوربيين , فقد كانت كانت خيالتهم
ممتلئة بتلك
الأوصاف والمواصيف
التي كانوا يقرأونها في كتب ألف ليلة وليلة , فكانت الليالي العربية تمثل غموضاً
وسحر يفوق الخيال ,
ولا سيما أن منطقتي نجد والربع الخالي كانت مجهولة تماماً لهم ’ فلم تكن تلك المنطقتين من
مناطق الطمع
الإستعماري .ويلفريد ثيسنجر , رونالد كواري , عبدالله فيلبي وقائمة طويلة عريضة من المستكشفين سمحت لهم الظروف أن يخوضوا غمار الصحاري , ونقلوا لنا أشياء لم نكن نتوقع أن نعرف شيئاً عنها يوماً ما , تركوا لنا إرثاً ضخماً تدويناً وتصويراً ,إخترت لكم من كتبهم صوراً نادرة لعلها تنقل لكم شيء من الماضي الصعب .
الجنوب الشرقي من الجزيرة , كانت المسرح الأهم لتلك الأحداث , فقد أهدى ويلفريد ثيسنجر كتابه الشهير الرمال العربية إلى قبيلة آل كثير الهمدانية نظرا لما قام به آل راشد والعوامر الكثيريين من مساعدات جعلته يخرج بأهم كتاب عن يتحدث عن الإستكشاف والرحلات في جنوب الجزيرة .. لا نريد الإطالة في المقدمة .. ولكم مني بعض الصور
سالم بن كبينه في حضرموت عام 1946 م .. مع ويلفريد ثيسنجر "مبارك بن لندن |
هذه الصوره للمستشرق البريطاني ويلفريد ثيسجر الملقب با
اللقب المشهور (( مبارك بن لندن )) صاحب
الرحلااااااااااااات الاسطوريه في مهالك ومتاهات صحراء الربع الخالي وجنوب الجزيره العربيه في سنة 1945م
الرحالة اثناء عبوره الربع الخالي
بن غبيشة
بن غبيشة وبن كبينة أصدقاءالمؤلف
الرحلااااااااااااات الاسطوريه في مهالك ومتاهات صحراء الربع الخالي وجنوب الجزيره العربيه في سنة 1945م
الرحالة اثناء عبوره الربع الخالي
بن غبيشة
بن غبيشة وبن كبينة أصدقاءالمؤلف
مبارك بن لندن - الربع الخالي 1946
صورة لعبور الربع الخالي - يناير 1948
بعض مرافقي مبارك بن لندن - 1946
سالم بن كبينة - أحد دلائل مبارك بن لندن - 1946
سالم بن غبيشة - الدليلة الآخر لمبارك بن لندن - 1947
سالم بن تركية - يعمل على صنع الحبال - 1947
بعض نساء العوامر- 1948
مساكن أبو عريش - 1948
ظهران الجنوب - 1946
السير ولفريد سيثجر (مبارك بن لندن)
الصورة أخذت في لندن عام 2002 -- ولد 1910 وتوفي 2003 |
الرمال العربية
كان ويلفـريد ثيسيغر من أوائل الرحالة الغربيين الذين وصلوا إلى الجزيرة العربية في نهاية الأربعينات من القرن الماضي. ولم يكن عرب الجزيرة يرحبون بمجيء المسيحيين الباحثين عن النفط
وكان ثيسيغر يشكل إلى حدّ ما تهديدا لعرب البادية الذين احبهم، ربما لأنه كان يعكف على وضع الخرائط الجغرافية التي ستفتح أرضهم للعالم فيما بعد
يقول هذا الرحالة البريطاني في نهاية كتابه الشهير الرمال العربية: "عندما كنتُ مع العرب كنت أتمنى فقط أن أعيش مثلما يعيشون، وبما أنني رحلتُ عنهم الآن فإنني مطمئن إلى أن مجيئي إليهم لم يغير من نمط الحياة التي كانوا يحيونها، لكنني اشعر بالأسف لأنني أدركتُ أن الخرائط التي وضعتها ساعدت آخرين - ربما تكون لهم غايات أخرى - في أن يزوروا تلك البلاد ويفسدوا أهلها الذين أضاءت روحهم الصحراء ذات مرة كشعلة من لهب
في ذلك الوقت كان يعيش في الجزيرة العربية حوالي سبعة ملايين عربي ربعهم من البدو الذين يربّون الجمال ويعيشون مترحّلين في الصحراء التي تغطي معظم مساحة الجزيرة العربية. ولم يتغير نمط حياتهم إلا بالكاد على امتداد سنوات طوال
ومع ذلك ففي اقل من 40 سنة تغير كل شئ، وأدى اكتشاف النفط إلى تدفّق الثروات على المنطقة، ولم يستطع البدو الإبقاء على نمط معيشتهم القديم ولم تعد المدن بحاجة إلى قطعان الجمال التي كانوا يربونها
يقول ثيسيغر: "كان البدوي دائما إما كريما جدا أو بخيلا لدرجة لا تصدق، إما صبورا للغاية أو منفعلا سريع الغضب، إما شجاعا وإما جبانا، وعلى الأرجح لا يوجد شعب أو مجموعة عرقية في العالم يمكن أن تجمع كل هذا القدر من الصفات المتناقضة وبمثل تلك الدرجة من الحدّة والتطرّف
ويصف ثيسيغر في كتابه مغامراته في الربع الخالي، وكانت أولى محاولاته لعبور تلك الصحراء المترامية الأطراف في عام 46-1947 م عندما اقنع الدكتور اوفاروف عميد مركز أبحاث الجراد في لندن بأن يسمح له بالعودة إلى عمان والربع الخالي لرسم بعض الخرائط عن المنطقة
وكان بيرترام توماس قد سبق ويلفـريد ثيسيغر إلى هناك. والواقع أن توماس كان قد اكتسب احترام رجال البادية من خلال طبيعته الودودة وسخائه وعزيمته. وعندما أتى ثيسيغر بعد ذلك بـسبعة عشر عاما لقي حفاوة وترحيبا، ربما لأنه كان ينتمي إلى القبيلة التي كان ينتمي إليها توماس من قبل
غادر ثيسيغر صلالة على ساحل المحيط الهندي متجها نحو الشمال الشرقي وكان قد قرّر عبور الطرف الشرقي للربع الخالي. وسافر بمعيته خمسة أشخاص كل منهم يمتطي جملا، وكان لديهم ما يكفي من السلاح والذخيرة
كان ثيسيغر سعيدا بصحبة الرجال الخمسة خاصةً صديقيه الحميمين بن قبينة وبن غبيشة اللذين كانا يسميانه مبارك. لكنه لم يكن عربيا ولا مسلما على كل حال. وكان أقسى امتحان يواجههم هو أن يعيشوا في وئام وألا يدعوا الغضب أو نفاد الصبر يسيطر عليهم، وكان ثيسيغر يدرك أن من السهل استفزازه واستثارته لكن ذلك سيكون خطأه لا خطأ رفاقه
وبدا أن الرحلة ستكون عصيبة، وكان دليلهم محمد العوف الذي يعرف الطريق جيدا عبر الرمال
كان محمد يمشي ويرفع يديه بالدعاء ويتلو آيات من القرآن الكريم. لقد كان إيمانهم بالله قويا جدا وربما كان ذلك هو العامل الذي منحهم القدرة على العيش والبقاء في تلك البيئة القاسية
وفي 12 ديسمبر وبعد مضي أربعة عشر يوما على بدء رحلتهم وصلوا إلى ظفارة وبئر الخبا
لسنوات عديدة كانت رمال الربع الخالي تشكّل بالنسبة لثيسيغر تحدياً نهائياً عسير المنال، وكان يتذكر الشكوك والمخاوف والإحباط ولحظات اليأس
يقول ثيسيغر: "بالنسبة للآخرين تبدو رحلتي قليلة الأهمية، وأقصى ما يمكن أن تتمخض عنه بضع خرائط غير دقيقة إلى حد ما، لكنها بالنسبة لي كانت تجربة شخصية، والمكافأة كانت شربةً من ماء نظيف وكان ذلك يكفيني
كان تفكيره منشغلا برحلة العودة وهي بحدّ ذاتها مشكلة كبيرة. إذ لكي يعودوا إلى صلالة كان يتعين عليهم أن يسلكوا طريقا واحدا يمر عبر عمان التي تبعد 800 ميل. وكان محمد العوف يدرك أن المشكلة الكبرى هي "مبارك" نفسه. فإذا اكتشف العرب أن بينهم مسيحيا، فإن عمال جمع الضرائب التابعين لابن سعود سيقبضون على أفراد المجموعة كلهم وسيودعونهم السجن. وهنا ينصح الدليل "مبارك" بأن يلتزم الصمت التام وألا يتحدث إلى أحد
عندما عبروا ُعمان ووصلوا إلى صلالة أصرّ رفاق ثيسيغر على أن يدخلوا المعسكر دخول الفاتحين، فاستلوا مسدساتهم وافرغوا ما بها من ذخيرة في الهواء، بينما رقص البعض وغنّوا ملوّحين بخناجرهم. وبقي ثيسيغر في صلالة مدة أسبوع بعد أن نجح في عبور الربع الخالي. وقد راق له جمال صلالة وتميّز حضارتها، لكنه كان يتطلع إلى العودة للصحراء مجددا
في هذه المرة كان السفر مريحا مع وفرة في الطعام والماء
وصل ثيسيغر إلى المكلا في غرة مايو، ومن المكلا اتجه إلى الحجاز ومكث فيها ثلاثة اشهر ومن هناك قفل عائدا إلى لندن. لكن الحنين للصحراء ظل يراوده على الدوام، غير أن الملك عبد العزيز رفض السماح له بالعودة، ومع ذلك أصر ثيسيغر على تحدّي رغبة الملك
اتصل ثيسيغر بصديقيه القديمين بن قبينة وبن غبيشة وحدّد لهما موعداً للّقاء في حضرموت في أحد أيام شهر نوفمبر من عام 1947م. وأقنع ثيسيغر بن دقسان بأن يرافقهم كدليل عبر الرمال الغربية للربع الخالي. وكان عليهم أن يقطعوا مسافة 400 ميل من الأرض الجدباء حيث لا ماء ولا أثر للحياة. واستغرقت الرحلة 16 يوما من الترحال عبر الكثبان الرملية الكثيفة ووسط تهديدات مستمرة من قبائل يـام
يقول ثيسيغر في كتابه: "لقد استخففت بالخطر وكنت أتمنى أن يعجب الملك بما أنجزته حتى وإن كان غاضبا
كانت الكثبان مكتسية بلون الذهب المشوب بالحمرة، لكن الإحساس بالخطر كان يتزايد، وكان الرجال يقظين ومتحفزين على الدوام. واستطاعوا عبور الربع الخالي من الجنوب إلى الشمال عبر الطرف الغربي حتى وصلوا إلى الحسا والسليل، وهناك تم اعتقالهم وعوملوا بقسوة
وُوضع ثيسيغر في عهدة أمير الناحية الذي ما أن سمع عن رحلتهم حتى قال لهم: انتم محظوظون فالرمال التي قطعتموها ملأى بالعرب، وقد أعطاهم بن سعود حرية الإغارة والقتل إذا لزم الأمر، ولو تمكنوا منكم لقتلوكم
وأرسل الملك عبد العزيز أمرا بالقبض على الإنجليزي وحبس رفاقه، وأمر الأمير ثيسيغر بأن يذهب إلى القلعة، وعندما وصل إلى هناك بمعية بن قبينة ُقدّم لهم الشاي والقهوة واللحاف، وُخصّصت للرجلين غرفة في أعلى القلعة. لكن ثيسيغر لم ينم جرّاء المخاوف التي كانت تنتابه، كما بعث في قلبه الرعب دويّ إغلاق باب القلعة الكبير من وقت لآخر
وفي الصباح ُفتح الباب واطلّ عليهما الأمير مبتسما وهو يقول: لقد أخبرتك بأن كل شئ سيكون على ما يرام، فقد تحدّث عبد الله فيلبي إلى الملك عبد العزيز بالنيابة عنك، وقرّر الملك إطلاق سراحك. وعندما سأل ثيسيغر: إلى اين؟ جاءه الجواب بسرعة: إلى ليلى، ومن هناك إلى ساحل الإمارات المتصالحة
غادر ثيسيغر ورفاقه صبيحة يوم التاسع والعشرين من يناير متجهين إلى ليلى على بعد 160 ميلا إلى الشرق. وهناك قابل ثيسيغر منقذه فيلبي. لكن كراهية رجال الدين المتشددين في المدينة لثيسيغر كانت جلية وصريحة فغادر هو ورفاقه ليلى باتجاه أبو ظبي بلا دليل. ولم يكن بحوزتهم شئ باستثناء بوصلة وكراس ملاحظات أعطاه لهم فيلبي. وبينما كانوا يستعدون للمغادرة كان العرب يصيحون فيهم مردّدين: لا تعودوا إلى هنا ثانية
كان ويلفـريد ثيسيغر من أوائل الرحالة الغربيين الذين وصلوا إلى الجزيرة العربية في نهاية الأربعينات من القرن الماضي. ولم يكن عرب الجزيرة يرحبون بمجيء المسيحيين الباحثين عن النفط
وكان ثيسيغر يشكل إلى حدّ ما تهديدا لعرب البادية الذين احبهم، ربما لأنه كان يعكف على وضع الخرائط الجغرافية التي ستفتح أرضهم للعالم فيما بعد
يقول هذا الرحالة البريطاني في نهاية كتابه الشهير الرمال العربية: "عندما كنتُ مع العرب كنت أتمنى فقط أن أعيش مثلما يعيشون، وبما أنني رحلتُ عنهم الآن فإنني مطمئن إلى أن مجيئي إليهم لم يغير من نمط الحياة التي كانوا يحيونها، لكنني اشعر بالأسف لأنني أدركتُ أن الخرائط التي وضعتها ساعدت آخرين - ربما تكون لهم غايات أخرى - في أن يزوروا تلك البلاد ويفسدوا أهلها الذين أضاءت روحهم الصحراء ذات مرة كشعلة من لهب
في ذلك الوقت كان يعيش في الجزيرة العربية حوالي سبعة ملايين عربي ربعهم من البدو الذين يربّون الجمال ويعيشون مترحّلين في الصحراء التي تغطي معظم مساحة الجزيرة العربية. ولم يتغير نمط حياتهم إلا بالكاد على امتداد سنوات طوال
ومع ذلك ففي اقل من 40 سنة تغير كل شئ، وأدى اكتشاف النفط إلى تدفّق الثروات على المنطقة، ولم يستطع البدو الإبقاء على نمط معيشتهم القديم ولم تعد المدن بحاجة إلى قطعان الجمال التي كانوا يربونها
يقول ثيسيغر: "كان البدوي دائما إما كريما جدا أو بخيلا لدرجة لا تصدق، إما صبورا للغاية أو منفعلا سريع الغضب، إما شجاعا وإما جبانا، وعلى الأرجح لا يوجد شعب أو مجموعة عرقية في العالم يمكن أن تجمع كل هذا القدر من الصفات المتناقضة وبمثل تلك الدرجة من الحدّة والتطرّف
ويصف ثيسيغر في كتابه مغامراته في الربع الخالي، وكانت أولى محاولاته لعبور تلك الصحراء المترامية الأطراف في عام 46-1947 م عندما اقنع الدكتور اوفاروف عميد مركز أبحاث الجراد في لندن بأن يسمح له بالعودة إلى عمان والربع الخالي لرسم بعض الخرائط عن المنطقة
وكان بيرترام توماس قد سبق ويلفـريد ثيسيغر إلى هناك. والواقع أن توماس كان قد اكتسب احترام رجال البادية من خلال طبيعته الودودة وسخائه وعزيمته. وعندما أتى ثيسيغر بعد ذلك بـسبعة عشر عاما لقي حفاوة وترحيبا، ربما لأنه كان ينتمي إلى القبيلة التي كان ينتمي إليها توماس من قبل
غادر ثيسيغر صلالة على ساحل المحيط الهندي متجها نحو الشمال الشرقي وكان قد قرّر عبور الطرف الشرقي للربع الخالي. وسافر بمعيته خمسة أشخاص كل منهم يمتطي جملا، وكان لديهم ما يكفي من السلاح والذخيرة
كان ثيسيغر سعيدا بصحبة الرجال الخمسة خاصةً صديقيه الحميمين بن قبينة وبن غبيشة اللذين كانا يسميانه مبارك. لكنه لم يكن عربيا ولا مسلما على كل حال. وكان أقسى امتحان يواجههم هو أن يعيشوا في وئام وألا يدعوا الغضب أو نفاد الصبر يسيطر عليهم، وكان ثيسيغر يدرك أن من السهل استفزازه واستثارته لكن ذلك سيكون خطأه لا خطأ رفاقه
وبدا أن الرحلة ستكون عصيبة، وكان دليلهم محمد العوف الذي يعرف الطريق جيدا عبر الرمال
كان محمد يمشي ويرفع يديه بالدعاء ويتلو آيات من القرآن الكريم. لقد كان إيمانهم بالله قويا جدا وربما كان ذلك هو العامل الذي منحهم القدرة على العيش والبقاء في تلك البيئة القاسية
وفي 12 ديسمبر وبعد مضي أربعة عشر يوما على بدء رحلتهم وصلوا إلى ظفارة وبئر الخبا
لسنوات عديدة كانت رمال الربع الخالي تشكّل بالنسبة لثيسيغر تحدياً نهائياً عسير المنال، وكان يتذكر الشكوك والمخاوف والإحباط ولحظات اليأس
يقول ثيسيغر: "بالنسبة للآخرين تبدو رحلتي قليلة الأهمية، وأقصى ما يمكن أن تتمخض عنه بضع خرائط غير دقيقة إلى حد ما، لكنها بالنسبة لي كانت تجربة شخصية، والمكافأة كانت شربةً من ماء نظيف وكان ذلك يكفيني
كان تفكيره منشغلا برحلة العودة وهي بحدّ ذاتها مشكلة كبيرة. إذ لكي يعودوا إلى صلالة كان يتعين عليهم أن يسلكوا طريقا واحدا يمر عبر عمان التي تبعد 800 ميل. وكان محمد العوف يدرك أن المشكلة الكبرى هي "مبارك" نفسه. فإذا اكتشف العرب أن بينهم مسيحيا، فإن عمال جمع الضرائب التابعين لابن سعود سيقبضون على أفراد المجموعة كلهم وسيودعونهم السجن. وهنا ينصح الدليل "مبارك" بأن يلتزم الصمت التام وألا يتحدث إلى أحد
عندما عبروا ُعمان ووصلوا إلى صلالة أصرّ رفاق ثيسيغر على أن يدخلوا المعسكر دخول الفاتحين، فاستلوا مسدساتهم وافرغوا ما بها من ذخيرة في الهواء، بينما رقص البعض وغنّوا ملوّحين بخناجرهم. وبقي ثيسيغر في صلالة مدة أسبوع بعد أن نجح في عبور الربع الخالي. وقد راق له جمال صلالة وتميّز حضارتها، لكنه كان يتطلع إلى العودة للصحراء مجددا
في هذه المرة كان السفر مريحا مع وفرة في الطعام والماء
وصل ثيسيغر إلى المكلا في غرة مايو، ومن المكلا اتجه إلى الحجاز ومكث فيها ثلاثة اشهر ومن هناك قفل عائدا إلى لندن. لكن الحنين للصحراء ظل يراوده على الدوام، غير أن الملك عبد العزيز رفض السماح له بالعودة، ومع ذلك أصر ثيسيغر على تحدّي رغبة الملك
اتصل ثيسيغر بصديقيه القديمين بن قبينة وبن غبيشة وحدّد لهما موعداً للّقاء في حضرموت في أحد أيام شهر نوفمبر من عام 1947م. وأقنع ثيسيغر بن دقسان بأن يرافقهم كدليل عبر الرمال الغربية للربع الخالي. وكان عليهم أن يقطعوا مسافة 400 ميل من الأرض الجدباء حيث لا ماء ولا أثر للحياة. واستغرقت الرحلة 16 يوما من الترحال عبر الكثبان الرملية الكثيفة ووسط تهديدات مستمرة من قبائل يـام
يقول ثيسيغر في كتابه: "لقد استخففت بالخطر وكنت أتمنى أن يعجب الملك بما أنجزته حتى وإن كان غاضبا
كانت الكثبان مكتسية بلون الذهب المشوب بالحمرة، لكن الإحساس بالخطر كان يتزايد، وكان الرجال يقظين ومتحفزين على الدوام. واستطاعوا عبور الربع الخالي من الجنوب إلى الشمال عبر الطرف الغربي حتى وصلوا إلى الحسا والسليل، وهناك تم اعتقالهم وعوملوا بقسوة
وُوضع ثيسيغر في عهدة أمير الناحية الذي ما أن سمع عن رحلتهم حتى قال لهم: انتم محظوظون فالرمال التي قطعتموها ملأى بالعرب، وقد أعطاهم بن سعود حرية الإغارة والقتل إذا لزم الأمر، ولو تمكنوا منكم لقتلوكم
وأرسل الملك عبد العزيز أمرا بالقبض على الإنجليزي وحبس رفاقه، وأمر الأمير ثيسيغر بأن يذهب إلى القلعة، وعندما وصل إلى هناك بمعية بن قبينة ُقدّم لهم الشاي والقهوة واللحاف، وُخصّصت للرجلين غرفة في أعلى القلعة. لكن ثيسيغر لم ينم جرّاء المخاوف التي كانت تنتابه، كما بعث في قلبه الرعب دويّ إغلاق باب القلعة الكبير من وقت لآخر
وفي الصباح ُفتح الباب واطلّ عليهما الأمير مبتسما وهو يقول: لقد أخبرتك بأن كل شئ سيكون على ما يرام، فقد تحدّث عبد الله فيلبي إلى الملك عبد العزيز بالنيابة عنك، وقرّر الملك إطلاق سراحك. وعندما سأل ثيسيغر: إلى اين؟ جاءه الجواب بسرعة: إلى ليلى، ومن هناك إلى ساحل الإمارات المتصالحة
غادر ثيسيغر ورفاقه صبيحة يوم التاسع والعشرين من يناير متجهين إلى ليلى على بعد 160 ميلا إلى الشرق. وهناك قابل ثيسيغر منقذه فيلبي. لكن كراهية رجال الدين المتشددين في المدينة لثيسيغر كانت جلية وصريحة فغادر هو ورفاقه ليلى باتجاه أبو ظبي بلا دليل. ولم يكن بحوزتهم شئ باستثناء بوصلة وكراس ملاحظات أعطاه لهم فيلبي. وبينما كانوا يستعدون للمغادرة كان العرب يصيحون فيهم مردّدين: لا تعودوا إلى هنا ثانية
كتاب ثيسيغر ملئ بالمشاهد
الغريبة والقصص المشوّقة، بدءاً من وصفه لرحلة صيد بالصقور مع "زايد"، ومروراً
بتجربته في عبور الرمال المتحركة على ظهر الجمل ومحاولته رسم خريطة للجبل الأخضر
وقصة الصبي الذي تلبّسته روح شريرة، وانتهاءً بقصص المعارك الدموية وطقوس الختان
ووصفه لمشهد قطع رأس أحد المجرمين
ولم ينس ويلفـريد ثيسيغر أن يهدي كتابه إلى صديقيه الوفيين بن قبينة وبن غبيشة
خمسة أعمال أدبية عظيمة حول استطشاف
الصحراءولم ينس ويلفـريد ثيسيغر أن يهدي كتابه إلى صديقيه الوفيين بن قبينة وبن غبيشة
1” الأسفار في الصحراء العربية“ بقلم تشارلز م. دوتي (1988)
كان دوتي رجلا غريب الأطوار غير محبوب، ألمت به حالة من التعطش إلى الأسفار، فجاب أصقاع أوروبا، قبل أن يستقل عام 1874 مركبا نحو فلسطين، ويهيم نزولا نحو مصر، ومنها إلى العقبة عبر سيناء. بعد أن درس دوتي اللغة العربية في دمشق، انطلق نحو المدينة المنورة ومكة المكرمة، ضمن قافلة من الإبل. وكان أول اجنبي يكتشف موقع الأنباط في مدائن صالح. وقد دون أسفاره بأسلوب نثري في غاية البلاغة، وبخصوصية واضحة المعالم، واستطاع أن يخلف وقعا هائلا في نفوس قرائه الأوروبيين.
2 ”الواحات المفقودة“ بقلم أحمد حسنين (1925)
1946 ) مصري درس بأوكسفورد، عضو - أحمد محمد حسنين بيه ( 1889 في الديوان الملكي المصري، ودبلوماسي، وشارك في الألعاب الأولمبية برياضة المبارزة بالسيف. كان مولعا بالتصوير، وهو كاتب، ورجل سياسة، ومستكشف، والمدرس الخصوصي للملك. سافر حسنين مع مجموعة من رفاقه على ظهر الإبل، منطلقا من منطقة السلوم المصرية على البحر المتوسط، ليسلك طريق القوافل جنوبا باتجاه بحيرات سيوه، وجغبوب، وجالو. وبعد مرور 111 يوما، تمكن من تحديد مكان واحتين جبليتين ”مفقودتين“، هما أركينو والعوينات، .( واكتشف في محيطهما رسومات بديعة تعود إلى ما قبل التاريخ (انظر ص. 85 ثم واصل طريقه نحو السودان، ليختتم رحلة استثنائية قطع فيها 3,500 كلم.
3 ”رياح، ورمال، ونجوم“ بقلم أنطوان دو سان إكزوبيري (1940)
كان سان إكزوبيري طيارا وشاعرا عظيما، حلق عاليا في الجو والأدب. وكانت وظيفته، في العشرينيات من القرن الماضي، نقل البريد جوا من فرنسا إلى إسبانيا عبر جبال البيرينيه، في كافة الاحوال الجوية، ودون خرائط او جهاز اتصال لاسلكي. كان محرك طائرته يخذله أحيانا، فيصدر ”قعقعة صاخبة كأنه صوت تحطم آنية فخارية“ كما يقول. اضطر مرة إلى الهبوط في الصحراء الليبية، ولم يكن معه ماء. فهام، هو ورفيقه على وجهيهما وقد أيقنا أنهما هالكان. كتب في مؤلفه بأسلوب هادئ ومتمعن”يمكن للإنسان أن يحتمل أي شيء“.
4”الرمال العربية“ بقلم ويلفريد ثيسيغر (1959)
اجتاز المغامر البريطاني ثيسيغر صحراء الربع الخالي مرتين بين عامي 1945 و 1950 ، بمساعدة قبائل البدو في تلك المناطق. ويعتبر كتابه تحفة في مجال استكشاف الصحراء، ويصف فيه الحياة بمنطقة الخليج قبيل اكتشاف النفط، وقبل عهد الشوارع الإسفلتية والسيارات الضخمة رباعية الدفع. ويشكل هذا الكتاب منفذا على حقبة باتت اليوم من الماضي (”ما يزال هؤلاء الناس يقدرون أهمية وقت الراحة، وقيم الاحترام فيما بينهم، والجلوس معا للحديث. لم تلههم الأعمال عن الاستمتاع بعيش حياتهم الواقعية، دون الانغماس في أجواء السينما والاعتماد على التقنيات اللاسلكية)، وقد كتب بلغة سهلة وممتعة. يظهر ويلفريد في كتابه كل التقدير والتبجيل للصحراء، والعشق لهذه التجربة، يقول ”عندما أستعيد تفاصيل رحلتي، أدرك كم استهنت بالمخاطر المحتملة، وكم كانت فرصنا في النجاة ضعيفة“.
5 ”غواصو الصحراء“ بقلم سفين ليندكفيست (2000)
غواصو الصحراء هم الذين كانوا ينظفون الآبار العميقة. والكاتب يستعمل هذه الصورة بطريقة مجازية ساحرة في محاولته تسليط الضوء على المغامرات الاستعمارية، والمجازر، والاستغلال التي كانت تحدث خلال الجزء الأول من القرن العشرين. الأسفار هنا هي في التاريخ والادب وذاكرة المؤلف. يقدم ليندكفيست أفكارا رائعة وجديرة بالتأمل حول تأثير الصحراء القوي على نفسية البشر، كما يفسر كيف ان هذا الشعور القاسي والغريب والحار بالوحدة، الذي تسبغه الصحراء على المرء، يشكل تحديا للمغامرين منذ قرون عدة[
ترحال في صحراء الجزيرة العربية
تشارلز م. دوتي
عدد الصفحات
573
ومع أن الجزيرة العربية شهدت العديد من الرحالة والمستكشفين الأوروبيين فإنهم لم يبلغوا ما بلغه "تشارلز دوتي" الذي اختلف عن أولئك الرحالة جميعهم حيث عاش في صحرائها قرابة عامين متنقلا بين مدائن صالح والعلاء وتيماء وحائل وبريدة وعنيزة في إقليم القصيم ثم إلي خيبر والطائف وجدة وقد أتاحت له الفترة التي قضاها في صحراء الجزيرة العربية أن يأتي بمعلومات وفيرة ومتنوعة في محتواها شملت أثارها ونقوشها وجيولوجيتها وحياة البادية فيها وليس من شك في أن المشاهدة وتنوع الخبرة جعلته يصيغ رحلاته بصيغة يسودها عمق التحليل إلي درجة تجده يخوض في تفاصيل دقيقة.
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..