الأربعاء 8 رجب 1438هـ - 5 إبريل 2017م
المصدر
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
تحقيق - عبيد الخمعلي ,تبوك - نورة العطوي
يصطدم الكثير من أصحاب القضايا بعد عدة جلسات لمتابعة
قضاياهم بأن ناظر القضية في إجازة أو التحق بدورة أو منتدب أو تغيب
لأي سبب آخر، وترك قضيته أو حولها على قاض آخر، مما يضطر أحياناً لإعادة دراستها من جديد أو لمرحلة جديدة من الجلسات المطولة، مما يزيد من الضرر على أصحاب الحقوق وتعطل معها مصالحهم، وكان وزير العدل قد وجه جميع المحاكم بأهمية مراعاة عدم تخلف القضاة عن حضور الجلسات المحددة مواعيدها مسبقاً لأي عذر كان قبل معالجتها، سواء بتقديمها أو تأجيلها، مع ضرورة إبلاغ الخصوم بالموعد الجديد بإشراف قاضي الدائرة.
وقال علي القرشي - محام ومستشار قانوني-: إن ظاهرة تخلف القضاة عن حضور الجلسات المحددة سلفاً عبر النظام الإلكتروني لبوابة وزارة العدل تعد معضلة لا مبرر لها، وقد تمس شريحة كبيرة ممن يتعاملون مع هذا الجهاز المهم سواء كانوا محامين أو خصوم، وذلك دون سابق إخطار بالتأجيل، وهذا يدل على أن هناك خللاً، مضيفاً أنه سبق وأن طالب كثير من المواطنين بضرورة وضع بعض التنظيمات التي من شأنها الإسراع في فصل قضاياهم الموجودة بالمحاكم منذ أعوام، والتي لا يعرفون السبب الحقيقي وراء تأخيرها سوى تخلف بعض القضاة عن مباشرة مهامهم.
وحول مدى تأثير غياب القاضي عن الجلسات على أطراف القضية بيّن أن غياب القاضي عن حضور الجلسات ومباشرتها له أثر كبير على أطراف الدعوى سواء المحامين أو الخصوم؛ تتمثل في إطالة أمد التقاضي مما ينتج عنه ضياع الحقوق، كذلك لو كانت القضية مقامة في مدينة غير مدينة المتخاصمين فهنا المعضلة أكبر، حيث إن ذلك سيكبد أطراف الخصومة خسائر مادية تتمثل في مصاريف التنقل والإقامة وخلافه، إضافةً إلى أنه يؤدي إلى إصابة أطراف الدعوى بالملل ومن ثم ترك قضاياهم وعدم متابعتها.
المحاكم الإلكترونية
وأوضح القرشي أن تخلف القاضي عن الجلسات بسبب ندبه أو تدريبه أو تمتعه بالإجازة غير مستساغ، لاسيما في ظل قلة أعداد القضاة العاملين فعلياً في السلك القضائي، وبالتالي يجب على الوزارة التكاتف من أجل وضع آلية لمعالجة هذه الإشكالية، والتي تتمثل في تنظيم عملية تمتع القضاة بالإجازة قبل أو بعد الجلسات الموكلة لهم، مع الأخذ في الحسبان إبلاغ الخصوم بالموعد الجديد سلفاً وتحت إشراف قاضي الدائرة، مضيفاً أن علاج تأخر القضايا يتمثل في استخدام وسائل التقنية الحديثة وتفعيل دور تطبيق المحاكم الإلكترونية والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وربطها بالمركز الوطني للمعلومات من خلال إجراءات تقنية تضمن تحقيق ضمانات ومبادئ التقاضي في ظل حماية تشريعية، كذلك استخدام وسائل الاتصال الحديثة لتجاوز عقبة تأخر إبلاغ أطراف التقاضي بالمواعيد.
آثار سلبية
وأشار نايف آل منسي - محام - إلى أن تخلف القاضي عن حضور الجلسات له آثار سلبية كثيرة أهمها تفويت موعد الجلسة على الخصوم، وقد يكون أحياناً بمُدد تصل إلى ثلاثة أشهر أو أكثر، مما يعني أن تخلف القاضي عن الحضور سيكلف المتداعيين موعداً جديداً ووقتاً آخر يضاف إلى وقت القضية، وهو ما يعني تأخر البت في الحقوق المرتبطة في الدعوى بدون سبب مقبول، مضيفاً: الأصل أن القاضي فيما يتعلق بأعماله الوظيفية يتبع لنظام الخدمة المدنية وله الحق في التمتع بإجازته السنوية إلاّ أنه وبحكم حساسية عمله فإنه لا يتمتع بإجازته إلاّ بعد أن يتم تعيين قاض بديل يقوم بأعماله أثناء غيابه، وعلى القاضي القائم بالأعمال أن يفتح الجلسات ويستقبل الخصوم وينظر فيما لديهم في إجابات أو دفوع ويقرر لهم ما تحتاجه القضية حسب النظر الشرعي، وقد يحصل في بعض الأحيان أن تقرر المحكمة عدم عقد الجلسة لكونها تتطلب حضور القاضي الأصيل بشخصه لاعتبارات قضائية.
احترام المراجعين
وبيّن آل منسي أنه يجب على القسم الإداري بمكتب القاضي إشعار المتداعيين بذلك وإخبارهم بالموعد الجديد حفاظاً على وقتهم وجهدهم، خاصةً وأن بعضهم قد يكون خارج مدينة المحكمة وهو يتكلف مصاريف لأجل السفر والحضور، وعدم تبليغه بهذا التأجيل الطارئ سيترتب عليه خسائر مادية ومعنوية، وربما أكثر من ذلك، وكذلك فإن إشعار الخصوم بهذه التأجيلات الطارئة هو جزء مهم من احترام المراجعين وحفظ حقوقهم التي أكد على حفظها وصيانتها ولاة الأمر -حفظهم الله- حيث إنهم دائماً ما يوجهون الوزارات والإدارات الحكومية بالاهتمام بالمراجعين واحترام حقوقهم.
وحول كيفية الاستفادة من التقنية الحديثة بالحفاظ على مواعيد الجلسات في وقتها أو تقديمها أو تأجيلها ذكر أنه بالإمكان استخدام التقنية الحديثة لتلافي الأضرار الناجمة عن هذه الحالات وذلك بجعل النظام الآلي للمحكمة يقوم بإرسال رسائل نصية على الجوالات يشعر فيها الخصوم بمواعيد التأجيل الطارئة قبل الجلسة بأسبوع مثلاً، كي يعلم الخصوم بذلك ولا يتكلفون الحضور إلى المحكمة بدون فائدة، ونحن نشاهد في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في الخدمات الإلكترونية في وزارة العدل والمحاكم، ولا أعتقد أن إضافة مثل هذه المميزات ستكون صعبة أو مكلفة بينما هي في الجانب الآخر تحقق الكثير من المصالح وتدفع الكثير من الأضرار والمفاسد.
منظومة متكاملة
من جهته قال د. ماجد الهديان - مستشار قانوني متخصص في الاستثمار الأجنبي -: كل فرد من أفراد المجتمع له حقوق وعليه واجبات، والحياة المجتمعية تتطور بشكل كبير وتعيش تحولات سريعة ومتجددة من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ويزداد تبعاً لذلك علاقات الناس وتتشابك المصالح وتنشأ الحقوق والنزاع عليها، ومن هذا المنطلق يترتب لكل من يمثل أمام القاضي حق ثابت بالنص الشرعي كفله نظام المرافعات الشرعية يتمثل في محاكمة عادلة وناجزة، ويحمي هذا الحق نظام قضائي عادل وفعّال يكفل إصدار الأحكام في مواعيد زمنية مقبولة لا يضيع بطولها الحق المطالب به أو تُفقد قيمته، مضيفاً أن من أهم المشاكل التي تواجه المنظومة القضائية تكمن في بطء إجراءات التقاضي التي تطيل أمد النزاع، مشيراً إلى أن القضاء منظومة متكاملة من الإمكانيات المادية والبشرية التي تضمن كفاءة إنجاز العدل كما ينبغي، وإذا حدث خلل فيها تصبح العدالة ناقصة وغير ناجزة، وهذا يقتضي مواجهة معوقات إجراءات التقاضي التي تطيل أمد التقاضي ومنها السلوك الإداري الذي يؤثر سلباً على إنجاز المهام الوظيفية المناطة بهم.
وشدّد على أن البيئة القضائية تعد أحد أهم معايير التنافسية الدولية لجذب وتشجيع الاستثمار، وسبق أن وجه وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء جميع المحاكم على أهمية مراعاة عدم تخلف القضاة عن حضور الجلسات المحددة مواعيدها سلفاً سواء بإجازة أو تدريب أو ندب أو غير ذلك قبل معالجتها، وذلك بتقديمها أو تأجيلها عند تعذر التقديم إلى موعد قريب لا يتجاوز الشهر مع التحقق من إبلاغ الخصوم بالموعد الجديد بإشراف قاضي الدائرة، مؤكداً على أن الإخلال بانتظام الجلسات القضائية وانضباط مواعيدها أوعدم متابعة ذلك واتخاذ ما يلزم حياله يُعد مخالفة للواجب وإخلالاً بمقتضيات الوظيفة القضائية منوهاً بالتقيد بهذه التعليمات، مبيناً أنه على إدارة التفتيش القضائي متابعة هذا التعميم والرفع بما يظهر من نتائج، ولعل عدم كفاية الموارد خاصةً العاملين في ميدان القضاء أدى إلى إرهاق القضاة في ظل زيادة عدد القضايا وتعقدها، مشيراً إلى أنه من واجب الدولة أن تضمن توفر عدد كاف من قضاة أكفاء ذوي كفاءة عالية متخصصة في مجال النزاع لضمان سرعة البت في القضايا، فالقاضي كغيره من الموظفين محكوم بما يحيط به من ظروف قد تستدعي تأجيل مواعيد الجلسات وفي حال اقتضى الأمر ذلك ينبغي الانتفاع من التقنية العصرية، والتواصل إلكترونياً بين الدوائر القضائية والمنتفعين من خدماتها لما في ذلك من التخفيف عليهم من عناء التواجد في أروقة المحاكم دون جدوى.
حالات فردية
بدوره نوّه د. أحمد الجوير - مستشار قانوني وأستاذ القانون التجاري المساعد في جامعة الأمير سطام - أن المطلع على واقع القضاء يجد أن هناك انضباطية في حضور الجلسات، فالغياب لا يشكل نسبة كبيرة، مما يؤكد على ذلك أنه بعد ظهور الجهات الرقابية وأحقية المراجعين في رفع شكوى لدى رئيس المحكمة أصبح غياب القاضي شبه معدوم عن الجلسات، والمعمول به أنه إذا غاب القاضي لأي سبب سيكلف قاض آخر يقوم بأعماله، علماً أن إنجاز القضايا في بعض المحاكم مضاعف، وظهرت إحصائيات بذلك، مبيناً أن المجلس الأعلى للقضاء حاول حل هذه القضية بأمرين حيث منح صلاحية لرئيس المحكمة بأن يجعل لكل دائرة قاضياً أصيلاً وقاضياً احتياطياً، بحيث يقوم الاحتياطي بدور الأصيل تلقائياً حين يتعذر حضور الأصيل لأي سبب، لكن هناك إشكال في بعض الدوائر وهي حالات فردية لا تعمم على الآخرين.
وحول كيفية معالجة تخلف القضاة عن الجلسات سواء بإجازة أو تدريب أو ندب أو غير ذلك قال د. الجوير: إن هناك محاولات إيجابية لتعديل المادة (75) من نظام المرافعات في مسألة التبليغ بأن يكون عبر رسائل الهاتف مثلاً مع خدمة أبشر ووزارة العدل، وذلك بعد تفعيل البصمة وشركات الاتصالات، بحيث يكون هذا الرقم مربوط بالسجل المدني والبصمة لهذا الشخص، وكذلك استخدام تقنية المحاكمة عن بُعد، والتي تمكن القاضي والأطراف من فتح محضر الجلسة والاجتماع إلكترونياً من خلال برنامج قضائي يدعم هذه الخدمة، ومن خلال تفعيل دور محضري الدعاوى، مضيفاً أن مبادرة الجهات القضائية بزيادة عدد القضاة وأعوانهم يعتبر من أكبر الحلول التي تعالج مشكلة عدم حضور القاضي لعذر الندب أو الإجازة أو التدريب، مقترحاً تفعيل الإجازة القضائية للمحكمة بصفة عامة بحيث يكون لها إجازة في وقت واحد مثل الجامعات والمدارس، ويكون هناك قضاة للأمور المستعجلة، مع ربط إجازات القاضي في خدمة أبشر مثلاً، بحيث تأتي الخصوم للقضايا المجدولة رسائل بمراجعة مكتب القاضي لتأجيل الموعد، وإلاّ الحكم على الخصم حكماً غيابياً، إضافةً إلى تكليف القضاة بعمل ساعات إضافية مع وضع حوافز للقضاة، وهذا سيعجل في إنجاز القضايا، وأن يكون القاضي الاحتياطي يعمل مع الأصلي من بداية القضية، حتى لا يبدأ القاضي الاحتياطي مع الخصوم من البداية أو يضطر إلى التأجيل.
تفعيـــل
«الإجازة القضائية» للقـــطـــاع العــــدلي
ذكر د. عبدالعزيز الشبرمي - محامٍ وقاضٍ سابق – في تعليقه على هذه القضية أن كثيرا من الدول تنتهج طريقة جيدة تتعلق بإجازة القاضي وهي إجازة القضاة بمعنى أن يحدد موعداً في الصيف تغلق المحاكم أبوابها بجميع أنواعها ودرجاتها ويتمتع جميع القضاة والموظفون فيها بإجازتهم السنوية، ولا يعمل من القضاة والمحاكم إلا للقضايا ذات الطابع المستعجل كقضايا السجناء والحالات الطارئة، وذلك تفادياً من تعطل القضايا بسبب إجازة القاضي لاسيما القاضي العضو في دائرة قضائية مشتركة تتطلب اجتماع جميع أعضاء الدائرة، وكذلك تعالج إلغاء الجلسات والمواعيد المحددة مسبقاً بسبب الإجازة الطارئة للقاضي، وتحدد الإجازة القضائية العمل والراحة لكل المتعاملين مع القطاع العدلي من الموظفين الحقوقيين والمحامين والمستشارين والمحكمين وغيرهم، وتزداد أهمية الإجازة القضائية العامة للقطاع العدلي بالمملكة مع التوجيه الجديد في رؤية 2030 والأخذ بمبدأ الإلزام بالتمتع بالإجازة السنوية وخصم بدل النقل منها حيث إن استقرار موعد الإجازة لعموم موظفي القطاع العدلي يضبط ذلك ضبطاً تاماً وبالتالي تستقر الحقوق المالية لمنسوبي القطاع العدلي، وتنضبط الجلسات القضائية ويكتمل عدد أعضاء الدوائر المشتركة وموظفي القطاع العدلي كافة وبذلك يتم تسريع العملية القضائية ونتفادى حالات التعثر العفوي.
وأضاف: الواقع الحالي أن ربط الموافقة على إجازة القاضي بتكليف قاض آخر بالقيام بعمله وإن كان فيه مصلحة للمراجعين إلا إن القيام بالعمل مرهق كثيراً للقائم بالعمل الذي سيقوم بأعباء مكتبه ومكتب القاضي المجاز وبالتالي سيكون القيام بالعمل صورياً في غالب الأحوال مما تتأكد معه الإجازة القضائية لعموم العاملين بالقطاع العدلي من قضاة ومحققين ومدعين عامين وموظفيهم.
لأي سبب آخر، وترك قضيته أو حولها على قاض آخر، مما يضطر أحياناً لإعادة دراستها من جديد أو لمرحلة جديدة من الجلسات المطولة، مما يزيد من الضرر على أصحاب الحقوق وتعطل معها مصالحهم، وكان وزير العدل قد وجه جميع المحاكم بأهمية مراعاة عدم تخلف القضاة عن حضور الجلسات المحددة مواعيدها مسبقاً لأي عذر كان قبل معالجتها، سواء بتقديمها أو تأجيلها، مع ضرورة إبلاغ الخصوم بالموعد الجديد بإشراف قاضي الدائرة.
ننتظر ربـط إجـازات القضــاة بخدمة أبشر وتطبيق الساعات الإضافيةلا يوجد مبرر
وقال علي القرشي - محام ومستشار قانوني-: إن ظاهرة تخلف القضاة عن حضور الجلسات المحددة سلفاً عبر النظام الإلكتروني لبوابة وزارة العدل تعد معضلة لا مبرر لها، وقد تمس شريحة كبيرة ممن يتعاملون مع هذا الجهاز المهم سواء كانوا محامين أو خصوم، وذلك دون سابق إخطار بالتأجيل، وهذا يدل على أن هناك خللاً، مضيفاً أنه سبق وأن طالب كثير من المواطنين بضرورة وضع بعض التنظيمات التي من شأنها الإسراع في فصل قضاياهم الموجودة بالمحاكم منذ أعوام، والتي لا يعرفون السبب الحقيقي وراء تأخيرها سوى تخلف بعض القضاة عن مباشرة مهامهم.
وحول مدى تأثير غياب القاضي عن الجلسات على أطراف القضية بيّن أن غياب القاضي عن حضور الجلسات ومباشرتها له أثر كبير على أطراف الدعوى سواء المحامين أو الخصوم؛ تتمثل في إطالة أمد التقاضي مما ينتج عنه ضياع الحقوق، كذلك لو كانت القضية مقامة في مدينة غير مدينة المتخاصمين فهنا المعضلة أكبر، حيث إن ذلك سيكبد أطراف الخصومة خسائر مادية تتمثل في مصاريف التنقل والإقامة وخلافه، إضافةً إلى أنه يؤدي إلى إصابة أطراف الدعوى بالملل ومن ثم ترك قضاياهم وعدم متابعتها.
المحاكم الإلكترونية
وأوضح القرشي أن تخلف القاضي عن الجلسات بسبب ندبه أو تدريبه أو تمتعه بالإجازة غير مستساغ، لاسيما في ظل قلة أعداد القضاة العاملين فعلياً في السلك القضائي، وبالتالي يجب على الوزارة التكاتف من أجل وضع آلية لمعالجة هذه الإشكالية، والتي تتمثل في تنظيم عملية تمتع القضاة بالإجازة قبل أو بعد الجلسات الموكلة لهم، مع الأخذ في الحسبان إبلاغ الخصوم بالموعد الجديد سلفاً وتحت إشراف قاضي الدائرة، مضيفاً أن علاج تأخر القضايا يتمثل في استخدام وسائل التقنية الحديثة وتفعيل دور تطبيق المحاكم الإلكترونية والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وربطها بالمركز الوطني للمعلومات من خلال إجراءات تقنية تضمن تحقيق ضمانات ومبادئ التقاضي في ظل حماية تشريعية، كذلك استخدام وسائل الاتصال الحديثة لتجاوز عقبة تأخر إبلاغ أطراف التقاضي بالمواعيد.
آثار سلبية
وأشار نايف آل منسي - محام - إلى أن تخلف القاضي عن حضور الجلسات له آثار سلبية كثيرة أهمها تفويت موعد الجلسة على الخصوم، وقد يكون أحياناً بمُدد تصل إلى ثلاثة أشهر أو أكثر، مما يعني أن تخلف القاضي عن الحضور سيكلف المتداعيين موعداً جديداً ووقتاً آخر يضاف إلى وقت القضية، وهو ما يعني تأخر البت في الحقوق المرتبطة في الدعوى بدون سبب مقبول، مضيفاً: الأصل أن القاضي فيما يتعلق بأعماله الوظيفية يتبع لنظام الخدمة المدنية وله الحق في التمتع بإجازته السنوية إلاّ أنه وبحكم حساسية عمله فإنه لا يتمتع بإجازته إلاّ بعد أن يتم تعيين قاض بديل يقوم بأعماله أثناء غيابه، وعلى القاضي القائم بالأعمال أن يفتح الجلسات ويستقبل الخصوم وينظر فيما لديهم في إجابات أو دفوع ويقرر لهم ما تحتاجه القضية حسب النظر الشرعي، وقد يحصل في بعض الأحيان أن تقرر المحكمة عدم عقد الجلسة لكونها تتطلب حضور القاضي الأصيل بشخصه لاعتبارات قضائية.
احترام المراجعين
وبيّن آل منسي أنه يجب على القسم الإداري بمكتب القاضي إشعار المتداعيين بذلك وإخبارهم بالموعد الجديد حفاظاً على وقتهم وجهدهم، خاصةً وأن بعضهم قد يكون خارج مدينة المحكمة وهو يتكلف مصاريف لأجل السفر والحضور، وعدم تبليغه بهذا التأجيل الطارئ سيترتب عليه خسائر مادية ومعنوية، وربما أكثر من ذلك، وكذلك فإن إشعار الخصوم بهذه التأجيلات الطارئة هو جزء مهم من احترام المراجعين وحفظ حقوقهم التي أكد على حفظها وصيانتها ولاة الأمر -حفظهم الله- حيث إنهم دائماً ما يوجهون الوزارات والإدارات الحكومية بالاهتمام بالمراجعين واحترام حقوقهم.
وحول كيفية الاستفادة من التقنية الحديثة بالحفاظ على مواعيد الجلسات في وقتها أو تقديمها أو تأجيلها ذكر أنه بالإمكان استخدام التقنية الحديثة لتلافي الأضرار الناجمة عن هذه الحالات وذلك بجعل النظام الآلي للمحكمة يقوم بإرسال رسائل نصية على الجوالات يشعر فيها الخصوم بمواعيد التأجيل الطارئة قبل الجلسة بأسبوع مثلاً، كي يعلم الخصوم بذلك ولا يتكلفون الحضور إلى المحكمة بدون فائدة، ونحن نشاهد في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في الخدمات الإلكترونية في وزارة العدل والمحاكم، ولا أعتقد أن إضافة مثل هذه المميزات ستكون صعبة أو مكلفة بينما هي في الجانب الآخر تحقق الكثير من المصالح وتدفع الكثير من الأضرار والمفاسد.
منظومة متكاملة
من جهته قال د. ماجد الهديان - مستشار قانوني متخصص في الاستثمار الأجنبي -: كل فرد من أفراد المجتمع له حقوق وعليه واجبات، والحياة المجتمعية تتطور بشكل كبير وتعيش تحولات سريعة ومتجددة من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ويزداد تبعاً لذلك علاقات الناس وتتشابك المصالح وتنشأ الحقوق والنزاع عليها، ومن هذا المنطلق يترتب لكل من يمثل أمام القاضي حق ثابت بالنص الشرعي كفله نظام المرافعات الشرعية يتمثل في محاكمة عادلة وناجزة، ويحمي هذا الحق نظام قضائي عادل وفعّال يكفل إصدار الأحكام في مواعيد زمنية مقبولة لا يضيع بطولها الحق المطالب به أو تُفقد قيمته، مضيفاً أن من أهم المشاكل التي تواجه المنظومة القضائية تكمن في بطء إجراءات التقاضي التي تطيل أمد النزاع، مشيراً إلى أن القضاء منظومة متكاملة من الإمكانيات المادية والبشرية التي تضمن كفاءة إنجاز العدل كما ينبغي، وإذا حدث خلل فيها تصبح العدالة ناقصة وغير ناجزة، وهذا يقتضي مواجهة معوقات إجراءات التقاضي التي تطيل أمد التقاضي ومنها السلوك الإداري الذي يؤثر سلباً على إنجاز المهام الوظيفية المناطة بهم.
وشدّد على أن البيئة القضائية تعد أحد أهم معايير التنافسية الدولية لجذب وتشجيع الاستثمار، وسبق أن وجه وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء جميع المحاكم على أهمية مراعاة عدم تخلف القضاة عن حضور الجلسات المحددة مواعيدها سلفاً سواء بإجازة أو تدريب أو ندب أو غير ذلك قبل معالجتها، وذلك بتقديمها أو تأجيلها عند تعذر التقديم إلى موعد قريب لا يتجاوز الشهر مع التحقق من إبلاغ الخصوم بالموعد الجديد بإشراف قاضي الدائرة، مؤكداً على أن الإخلال بانتظام الجلسات القضائية وانضباط مواعيدها أوعدم متابعة ذلك واتخاذ ما يلزم حياله يُعد مخالفة للواجب وإخلالاً بمقتضيات الوظيفة القضائية منوهاً بالتقيد بهذه التعليمات، مبيناً أنه على إدارة التفتيش القضائي متابعة هذا التعميم والرفع بما يظهر من نتائج، ولعل عدم كفاية الموارد خاصةً العاملين في ميدان القضاء أدى إلى إرهاق القضاة في ظل زيادة عدد القضايا وتعقدها، مشيراً إلى أنه من واجب الدولة أن تضمن توفر عدد كاف من قضاة أكفاء ذوي كفاءة عالية متخصصة في مجال النزاع لضمان سرعة البت في القضايا، فالقاضي كغيره من الموظفين محكوم بما يحيط به من ظروف قد تستدعي تأجيل مواعيد الجلسات وفي حال اقتضى الأمر ذلك ينبغي الانتفاع من التقنية العصرية، والتواصل إلكترونياً بين الدوائر القضائية والمنتفعين من خدماتها لما في ذلك من التخفيف عليهم من عناء التواجد في أروقة المحاكم دون جدوى.
حالات فردية
بدوره نوّه د. أحمد الجوير - مستشار قانوني وأستاذ القانون التجاري المساعد في جامعة الأمير سطام - أن المطلع على واقع القضاء يجد أن هناك انضباطية في حضور الجلسات، فالغياب لا يشكل نسبة كبيرة، مما يؤكد على ذلك أنه بعد ظهور الجهات الرقابية وأحقية المراجعين في رفع شكوى لدى رئيس المحكمة أصبح غياب القاضي شبه معدوم عن الجلسات، والمعمول به أنه إذا غاب القاضي لأي سبب سيكلف قاض آخر يقوم بأعماله، علماً أن إنجاز القضايا في بعض المحاكم مضاعف، وظهرت إحصائيات بذلك، مبيناً أن المجلس الأعلى للقضاء حاول حل هذه القضية بأمرين حيث منح صلاحية لرئيس المحكمة بأن يجعل لكل دائرة قاضياً أصيلاً وقاضياً احتياطياً، بحيث يقوم الاحتياطي بدور الأصيل تلقائياً حين يتعذر حضور الأصيل لأي سبب، لكن هناك إشكال في بعض الدوائر وهي حالات فردية لا تعمم على الآخرين.
وحول كيفية معالجة تخلف القضاة عن الجلسات سواء بإجازة أو تدريب أو ندب أو غير ذلك قال د. الجوير: إن هناك محاولات إيجابية لتعديل المادة (75) من نظام المرافعات في مسألة التبليغ بأن يكون عبر رسائل الهاتف مثلاً مع خدمة أبشر ووزارة العدل، وذلك بعد تفعيل البصمة وشركات الاتصالات، بحيث يكون هذا الرقم مربوط بالسجل المدني والبصمة لهذا الشخص، وكذلك استخدام تقنية المحاكمة عن بُعد، والتي تمكن القاضي والأطراف من فتح محضر الجلسة والاجتماع إلكترونياً من خلال برنامج قضائي يدعم هذه الخدمة، ومن خلال تفعيل دور محضري الدعاوى، مضيفاً أن مبادرة الجهات القضائية بزيادة عدد القضاة وأعوانهم يعتبر من أكبر الحلول التي تعالج مشكلة عدم حضور القاضي لعذر الندب أو الإجازة أو التدريب، مقترحاً تفعيل الإجازة القضائية للمحكمة بصفة عامة بحيث يكون لها إجازة في وقت واحد مثل الجامعات والمدارس، ويكون هناك قضاة للأمور المستعجلة، مع ربط إجازات القاضي في خدمة أبشر مثلاً، بحيث تأتي الخصوم للقضايا المجدولة رسائل بمراجعة مكتب القاضي لتأجيل الموعد، وإلاّ الحكم على الخصم حكماً غيابياً، إضافةً إلى تكليف القضاة بعمل ساعات إضافية مع وضع حوافز للقضاة، وهذا سيعجل في إنجاز القضايا، وأن يكون القاضي الاحتياطي يعمل مع الأصلي من بداية القضية، حتى لا يبدأ القاضي الاحتياطي مع الخصوم من البداية أو يضطر إلى التأجيل.
تفعيـــل
«الإجازة القضائية» للقـــطـــاع العــــدلي
ذكر د. عبدالعزيز الشبرمي - محامٍ وقاضٍ سابق – في تعليقه على هذه القضية أن كثيرا من الدول تنتهج طريقة جيدة تتعلق بإجازة القاضي وهي إجازة القضاة بمعنى أن يحدد موعداً في الصيف تغلق المحاكم أبوابها بجميع أنواعها ودرجاتها ويتمتع جميع القضاة والموظفون فيها بإجازتهم السنوية، ولا يعمل من القضاة والمحاكم إلا للقضايا ذات الطابع المستعجل كقضايا السجناء والحالات الطارئة، وذلك تفادياً من تعطل القضايا بسبب إجازة القاضي لاسيما القاضي العضو في دائرة قضائية مشتركة تتطلب اجتماع جميع أعضاء الدائرة، وكذلك تعالج إلغاء الجلسات والمواعيد المحددة مسبقاً بسبب الإجازة الطارئة للقاضي، وتحدد الإجازة القضائية العمل والراحة لكل المتعاملين مع القطاع العدلي من الموظفين الحقوقيين والمحامين والمستشارين والمحكمين وغيرهم، وتزداد أهمية الإجازة القضائية العامة للقطاع العدلي بالمملكة مع التوجيه الجديد في رؤية 2030 والأخذ بمبدأ الإلزام بالتمتع بالإجازة السنوية وخصم بدل النقل منها حيث إن استقرار موعد الإجازة لعموم موظفي القطاع العدلي يضبط ذلك ضبطاً تاماً وبالتالي تستقر الحقوق المالية لمنسوبي القطاع العدلي، وتنضبط الجلسات القضائية ويكتمل عدد أعضاء الدوائر المشتركة وموظفي القطاع العدلي كافة وبذلك يتم تسريع العملية القضائية ونتفادى حالات التعثر العفوي.
وأضاف: الواقع الحالي أن ربط الموافقة على إجازة القاضي بتكليف قاض آخر بالقيام بعمله وإن كان فيه مصلحة للمراجعين إلا إن القيام بالعمل مرهق كثيراً للقائم بالعمل الذي سيقوم بأعباء مكتبه ومكتب القاضي المجاز وبالتالي سيكون القيام بالعمل صورياً في غالب الأحوال مما تتأكد معه الإجازة القضائية لعموم العاملين بالقطاع العدلي من قضاة ومحققين ومدعين عامين وموظفيهم.
د. أحمد الجوير |
د. ماجد الهديان |
علي القرشي |
نايف آل منسي |
تفعيل التقنية في إبلاغ أطراف القضية بتأجيل الجلسات يوفر الجهد والوقت
المصدر
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..