الأحد، 4 يونيو 2017

الماكينة الإعلامية «الإخوانية»

      تكشف الأحداث ودورات الأيام مزيداً من الذين يركنون حب أوطانهم في مرتبة متأخرة، إذ إنهم مشغولون بما يرونه أهم. هذا الركن لا يختلط به خجل ولا تأنيب للضمير، فهو في حال كهذه ضمير
مستتر النيات خبيث العمل. كثيرٌ من الملفات الطاعنة في الغدر والمخاتلة والمراوغة يتناولها الحزبيون بالمقدار ذاته الذي تحمله من الغواية والالتفاف، هذا التناول تعززه المصالح التي هدمت كثيراً من الدول وعبثت بأوطان لم يكن ليستوطنها العبث لولا أن امتدت مساحاتها إلى الذين لا يعرفون وطناً إلا وطن الحزب والجماعات والتنظيمات والخيانات. أكثر تعبير يمكن أن نختصر فيه المشروع الحزبي / تنظيم الإخوان في حراكه الطويل وحركاته المائلة وعمله الدؤوب، تحت ستار التباكي على الإسلام وأهله، هو أنه تنظيم يملك شبقاً رفيع المستوى ولا مثيل له بالطبع لأن يكون سيد الجغرافيا والمستحوذ على البقع الإسلامية مهما كلف أمر هذه السيادة وعلى رغم أية نتائج دموية تسفر عنها مخططات الاستحواذ.في أزمة البيت الخليجي الأخيرة عاش «الإخوان» متعة الدفاع عن مصالحهم، وقاتلوا بما تيسر لهم من الأدوات، وحركوا كل ماكيناتهم الإعلامية للذود عمن يوفر لهم المال الوفير والملاذ الآمن، وقَطعاً فهذا الدفاع مجرد من المواطنة والعقلانية، ولا يعنيه ما إذا كان وراء هذا الدفاع تصدير لثورة أو تدمير لدولة أو دول وتأسيس للخلاف والفرقة بين شقيق وشقيقه أو قطر وآخر، المهم في هذا الخداع الكبير ألّا تنقطع عن التنظيم ومدمنيه والمنغمسين فيه ومعه خدمات المال والكهرباء والماء.
رحيل التنظيم الإخواني عن قُطر عربي واتجاهه إلى قطر آخر يؤكد أن ثمة مسلسلاً جديداً لرعاية الإرهاب وبناء مخططات عمل مختلفة تخدم الجماعات الإسلامية المعاصرة الراغبة في تأسيس مجتمعات أجسادها في أوطانها لكن قلوبها مع جماعاتها، ولهذا العمل مراتب متدرجة من الصمت والتواري والدعم الخفي والعواطف التي تكشف عنها جملة عابرة ويعريها حدث حاد لا يقبل الصمت ولا الحياد. التدقيق في حراك الأيام الفائتة على صعيد الإسلام السياسي والجماعات النامية في أحضانه يؤكد أن أية شراكة يكون طرفها تنظيم الإخوان شراكة مخيفة مربكة مزعزعة وغير مأمونة الجوانب على الإطلاق. الحركيون مؤذون إلى الحد الذي عبثوا فيه بأجيال كاملة حين انطلقوا بها على نغم السياسة من المسجد، وحين جعلوا منها أجيالاً ترتبك أمام مفاهيم المواطنة والولاء وتحويل الدين إلى تجارة رائجة، بل اجتهدوا سنوات طويلة على أن يلصقوا مفردة الحب بمشاريع وشعارات وأفكار في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب.
نحن بالفعل إزاء تحديات لم يكن بإمكان أحد اكتشافها سوى المنازعات الكبيرة والصراعات ذات المساس بالأمان والأوطان، كان الضباب يلتحف كثيراً من هذه التحديات، لكنه آخذ في الزوال شيئاً فشيئاً ومعه ستزول الأقنعة التي طال ارتداؤها والصبر عليها، وتزداد الخيبات والأسماء التي تحب تنظيماتها وجماعاتها أكثر من أوطانها.

alialqassmi@hotmail.com

  الأحد، ٤ يونيو/ حزيران ٢٠١٧ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)
المصدر

....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..