زاملنا في الثمانينات في الاتصالات السعودية سكرتير فلبيني. كان يعمل في المملكة وطموحه الهجرة إلى كندا.
أمضى في المملكة خمس سنوات في انتظار أن تصله الفيزا الكندية. في الأثناء سدد أقساط شقته في بلاده وأكمل الإعداد للزواج. سألته وأنا أعرف الجواب. لما تريد الذهاب إلى كندا. فقال سأحصل على ضعف الراتب بالإضافة إلى أن الحياة في كندا أكثر سعادة بالنسبة لي من الحياة في المملكة.
أمضى في المملكة خمس سنوات في انتظار أن تصله الفيزا الكندية. في الأثناء سدد أقساط شقته في بلاده وأكمل الإعداد للزواج. سألته وأنا أعرف الجواب. لما تريد الذهاب إلى كندا. فقال سأحصل على ضعف الراتب بالإضافة إلى أن الحياة في كندا أكثر سعادة بالنسبة لي من الحياة في المملكة.
غاب عنا ثلاث سنوات كدنا ننساه وظننا أنه نسانا. في صباح أحد الأيام وجدت على مكتبي معاملة طلب وظيفة. قلبت الأوراق فعرفت أن طالب الوظيفة سكرتيرنا الفلبيني. فوجئت! كنت متأكداً أن دخله في كندا أكبر من دخله في المملكة والحياة في كندا أكثر مرحاً. تملكني الفضول فاتصلت به تلفونياً. ما الذي حدث؟
فاجئني جوابه. قال مضت الأمور كما خططنا. نحن سعداء لكننا صدمنا بمتغير لم يكن في الحسبان. ما نكسبه في أول الشهر نصرفه في آخر الشهر. ثلاث سنوات لم أدخر ريالاً واحداً. في الرياض كنت أدخر راتبي بالكامل تقريباً. اكتشفنا أن المرح الذي كنا نتحدث عنه في الرياض بحسرة لا يأتي مجاناً. الذهاب للسينما والمسارح والحفلات الغنائية والحدائق الغناء والمطاعم متنوعة الجنسية وحفلات الفرق الدولية الزائرة تكاليفها باهظة. لا يشبع الإنسان من السعادة. ثم يقول كنت أقول لأصدقائي: الرياض سجن كبير. لكني اكتشفت من تجربتي في كندا أن هذا السجن أهلني لشراء شقة وأكمل مصاريف زواجي.
هذا السجن الذي تحدث عنه السكرتير الفلبيني على وشك أن تتحطم أسواره. شاهدنا حفلات الشاب خالد والموسيقار ياني وجاء إلينا الهليودي ترافولتا. استمتعنا قبل فترة بحفلة للفن الشعبي السعودي وشاهدنا المشاهير كمحمد عبده ورابح صقر وعبدالمجيد عبدالله بعد غيبة بعمر جيلين. طالما أن الباب فتح لن يكف رأس المال عن إنتاج مشاريعه التي تعود على أصحابه بالمال الوفير. من سيدفع أسباب المرح هذه؟ أولهم السكرتير الفلبيني إذا عاد إلى المملكة ومن يعيش في مدينة الرياض.
في طفولتي كان الأكل في المطاعم أمراً معيباً. اليوم بالكاد يأكل السعودي في بيته. هذا النهم للأكل خارج المنزل مرده إيقاع المدينة. لا يمكن أن يكون الإنسان آلة. من العمل إلى البيت ومن البيت إلى العمل. هذا الروتين الممل تم كسره بالمتاح. سيفقد مرح المطاعم والمولات قيمته عندما يحضر المرح الحقيقي. ولكن قبل أن نفرح علينا أن نتذكر (ما يخدم بخيل).
بعد حساب المصاريف الجديدة كارتفاع تعرفة الكهرباء والماء وتشدد المرور وضريبة القيمة المضافة ما يتبقى من راتبك سيستقر في جيوب تجار المرح. سيأتي عليك يوم تونّ فيه كما ونّ السكرتير الفلبيني.
عبدالله بن بخيت
الثلاثاء غرة ربيع الآخر 1439هـ - 19 ديسمبر 2017م - 28 برج القوس
عبدالله بن بخيت
الثلاثاء غرة ربيع الآخر 1439هـ - 19 ديسمبر 2017م - 28 برج القوس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..