الثلاثاء، 27 يونيو 2017

ماذا يريد الاتراك من أرض الحرمين

        لتركيا تاريخ دموي مع العرب، والتاريخ يقول الكثير عن هذا فليس غريب على أذهاننا ما ارتكبه العثمانيون على مدار قرون ضد العرب، سواء بالجزيرة العربية او الشام او شمال افريقيا، فكلما غرَز العثمانيون
سيوفهم فى ارض العرب، كنا نتأخر فيها عن العالم بسنة، وكانو يتقدمون عنا بسنة، بعد ان تم سبي خيرة العرب فى كل المجالات، حتى افرغوا أغلب بلادنا من المبدعين كي تتزين اسطنبول بثوب الحضارة على يد أبنائنا، ولتركيا مع أرض الحرمين تاريخا خاص من الحقد اللا منتهي، ولنا فيما أرتكبه العثمانيون 1915 من تهجير قسري لاهل المدينة المنورة، فى محاولة أقتطاع المدينة المنورة عن ما حولها واخضاعها لاسطنبول، وجعلها ثكنة عسكرية بعد أن تعدى الاتراك على قدسيتها تمهيدا لتتريكها عبرة.

    ولكن ماذا بعصرنا الحالي، فبعد أن وصل حزب العدالة والتنمية للحكم بداية 2003 لم يتردد الحزب الاخواني فى أن يكون البوابة الاوسع للولايات المتحدة فى تدمير العراق، وتسليم العراق الى ايران بعد تغيير هويتها العربية، وهو نفس الامر الذى يتكرر فى سوريا، كما حاولت تركيا الدخول فى اليمن من باب مصالحها الخاصة، وان تضع قدم لها بميناء عدن، وليس لاعادة الشرعية لليمن، كما حاولت ومازالت على تدمير ليبيا بمساعدة ذراعها القطري.
      وسيندهش اغلب القراء لو علم طبيعة العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستخباراتية بين انقرة وطهران، وربما لن يصدق القارئ ما سنقوله او نكتبه، ولكن هذه هي الحقيقة، ان الاتراك وكعاداتهم التاريخية معنا تلاعبو بنا كثيرا، وعملت قناة الجزيرة القطرية على تلميع الخليفة العثماني الجديد اردوغان فى أذهان المواطن العربي، حتى بات للخليفة أنصار فى دول الخليج أكثر من بلاده، ولذلك لم اتعجب الان من سماع ابواق خليجية تدافع عن مثلث الشر بالاقليم “قطر، ايران، تركيا” على حساب أمن بلادها، فقد عملت جماعة الاخوان على مدار السنوات الماضية على ضرب الهوية العربية والانتماء الوطني لبلادنا، على حساب الانتماء لجماعة الاخوان المسلمون، وكانت كافة خطب القرضاوي تعمل على ذلك.
    وبأخر عامين تجلى وجه تركيا القبيح، وحقيقة اطماعها فى بلادنا، ففي فبراير 2015 كان يجتمع وزير داخلية أردوغان الاسبق أفكان علاء مع شباب حزب العدالة والتنمية، اثناء مؤتمرات الحزب فى ذلك الوقت، وعند التطرق لمناقشة الشأن الخليجي، دعا أفكان علاء شباب الحزب لفتح مكة من جديد بعد أدعائه أن الرسول صلى الله عليه وسلم تملكه الغرور بعد فتح مكة.

   وأثناء وقوع حادثة تداع حجاج مني 2015 خرج محمد قورماز رئيس الهيئة الدينية بتركيا منتقدا السعودية بحدة قبل أن يقدم حتى أي تعازي للضحايا، وصرح فى الصحف التركية “أن السعودية ليست جديرة بتنظيم مناسك الحج وأنها لم تعد تهتم بخدمة الدين الحنيف”


    كما يحضرني مشهد اراه غاية الاهمية وكاشف وفاضح لاحلام واطماع تركيا التاريخية فى مكة والمدينة المنورة، فبعد ان طلب أردوغان فى زيارته للسعودية نهاية 2015 من الملك سلمان نقل جثمان عبد الحميد الثاني من مكة لـ اسطنبول، توجه رئيس الوزراء الاسبق داوود اوغلو ببداية فبراير 2016 للسعودية فى زيارة رسمية، وانتهز الفرصة للتوجه للكعبة المشرفة، وهنا استقبله آلاف الاتراك المعتمرين بالتصفيق والصفير بشكل اشبه بمشجعين كورة القدم.
    وكما لم يكن هجوم تركيا على خادم الحرمين وقت حادثة تدافع مني صدفة، كذلك لم يتواجد الاف المعتمرين التركوة وقت دخول اوغلو للكعبة المشرفة صدفة، فقد علقت صحف حزب العدالة والتنمية على مشهد اوغلو بالكعبة، قائلة “الاسلام بُعث من جديد”.
    حقيقة الامر هذا المشهد العبثي ذكرني بقول الله تعالى “وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً”.ولرغبة اردوغان فى عودة امبراطورية التسلط على العرب (العثمانية) تقدمت أنقرة مؤخرا للرياض بأنشاء قاعدة عسكرية تركية فى السعودية أثناء تواجد وزير خارجيتها بالسعودية للعب دور الوساطة بين العرب وامارة الارهاب قطر، فجاءه الرد الصاعق على المستوى السياسي والاعلامي ، بأن المقاتلات السعودية فى انجرليك تحمي مؤخرة نظام اردوغان، فماذا ستفعل أنت فى بلادنا؟!   
    وبعد ذلك بساعات قليلة كانت أولى الطلائع التركية تصل الدوحة، للتضامن معها ضد السعودية، وبنفس التوقيت تقريبا كان مستشار الرئيس التركي للشؤون الاقتصادية يغيت بولط على التلفزيون الرسمي لتركيا، قناة “تي آر تي خبر” في برنامج التحليل العميق، يقول: أن السعودية عبارة عن قبيلة ولها ملك والجميع يتبع الأوامر القبلية، وهذا أمر لا يمكن أن يتقبله العقل والمنطق البشري، فالسعودية فى حاجة الى ربيع، فى حاجة الى ثورة”
    حقيقة الامر كل المواقف السابقة تؤكد لي أن الشيخ نور الدين يلدز (أحد شيوخ اردوغان) لم يكن يبالغ عندما قال “نحن لدينا مشاكل مع السعودية أكبر بكثير من مشاكلنا مع اسرائيل”، فلم تكن اسرائيل العدو الاول لدى تركيا او حتى ايران.

    فكان العرب هم العدو الاول والاخير، التاريخي والجغرافي لتركيا على مر العصور، فحقد الترك هنا غير مقتصر على مصالح اقتصادية ومنابع نفطية هنا أو هناك، بل على كل ما هو قديم بأرضنا، على كل ما هو عربي فى ديارنا.


    فهناك من يعمل على أن تكون
مدينة قم عاصمة دينية لجميع المسلمين، وطهران عاصمة سياسية لهم، ومن يعمل أيضا بالتوازي كي تكون اسطنبول مقر الخلافة والقبلة لجميع المسلمين وأنقرة عاصمة سياسية لهم.
     وأتعجب من عرب بايعو اردوغان على الخلافة ونسوا أن
البلد الوحيد فى العالم الذى به نقابة للعاملين بالدعارة هى دولة الخلافة الاخوانية تركيا (نقابة الشمسية الحمراء) المسجل بها عام 2010م أكثر من 8409 عاهرة، كما سجلت عوائد الضرائب من بيوت الهوى المرخصة عام 2013م اثنان مليار ومائة مليون دولار، والامر لم يتوقف عند الدعارة فقط، بل تركيا تزرع سنويا مليون و نصف فدان كروم خاص بنبيذ سارفين التركي، والذي يعد الرابع على مستوى العالم من حيث الجودة وغلو سعره، وفي 2009 بلغ الاستهلاك الداخلي من النبيذ 20906762 لترا، وبعام 2008 حقق الحزب الحاكم الانجاز الاقتصادى الاكبر له، بامتلاكه أكبر مصنع للخمور فى العالم مصنع “تيكيل” وبلغت قيمته 292 مليون دولار، فأي قبلة وخلافة بها كل ما سبق، بجانب أكثر من عشر قواعد لحلف الناتو، وتنفذ على اراضيها مناورات عسكرية مشتركة مع اسرائيل، وتعقد على أراضيها أقذر الاتفاقات الاستخباراتية والامنية والسياسية بالعالم لنشر الفوضى فى وطننا العربي.

فادى عيد
باحث و محلل سياسي لشؤون الشرق الاوسط
2017-06-26

المصدر
--------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..