الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018

الشهرة وموقف السلف منها

إن مما ابتلي به بعض الدعاة إلى الله! ، البحث عن الشهرة وحب الظهور!!
    وليس الأصل في الشهرة الذم و إنما الذم لمن يسعى في طلبها و التحلي بها بين الناس ورحم الله الفضيل بن عياض إذ قال كما في
سير أعلام النبلاء للذهبي (8/432) : "من أحبَّ أن يُذكر لم يذكر ومن كره أن يُذكر ذُكر "قيل لأبي بكر بن عياش : إن أناسا يجلسون في المسجد ، ويُجلس إليهم ؟ فقال : "من جلس للناس جلس الناس إليه ، ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم ، وأهل البدع يمتون ويموت ذكرهم"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى ( 16/528) : "لأن أهل السنة أحيَّوا ما جاء به الرسول ، فكان لهم نصيب من قوله تعالى ( ورفعنا لك ذكرك) و أهل البدع شنأوا ما جاء به رسول الله ، فكان لهم نصيب من قوله تعالى ( إن شانئك هو الأبتر )" .فأهل الإخلاص و الصدق من هذه الأمة من أهل السنة و الجماعة هم من أعلى شأنهم وأبقى ذكرهم بين الناس -نحسبهم و الله حسيبهم- كالأئمة الأربعة ، أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد ، كذا ابن المبارك و البخاري و مسلم وابن تيمية و ابن القيم و ابن رجب و الذهبي و ابن باز و الألباني و ابن عثيمين ، وغيرهم كثير – رحمهم الله جميعا- .
    روى الإمام مسلم في صحيحه ( 2642) من حديث أبي ذر ( رضي الله عنه) أنه قال : قيل للنبي : الرجل يعمل العمل لا يريد به إلا وجه الله ، فيحبه الناس و في رواية ( فيثني عليه الناس) فقال : "تلك عاجل بشرى المؤمن" .والمطلع في تراجم سلفنا الصالح يرى شدة حرصهم على إخفاء أعمالهم وعدم الظهور و البروز ، رغبة منهم في طلب الإخلاص والبعد عن مواطن الرياء و الشهرة،- نحسبهم والله حسيبهم- والآثار الواردة عنهم تشهد لذلك وتؤيده منها:
    قال محمد بن العلاء : "من أحب الله أحب أن لا يعرفه الناس ".
    التواضع و الخمول لابن أبي الدنيا (36)
    وقال أيوب السختياني : " ذكرت في الناس ولا أحب أن أذكر ". السير للذهبي ( 6/22)
    ويقول مطرف بن عبد الله الشخير : "لأن أبيت نائما و أصبح نادما أحب إلي من أبيت قائما و أصبح مُعجبًا" . الزهد لابن المبارك ( 448)
    يقول الذهبي معلقا على كلامه : "لا أفلح و الله من زكى نفسه أو أعجبته ". السير ( 4/190)
    والتقى سفيان الثوري مع الفضيل بن عياض – رحمهما الله- فتذاكرا فبكيا ، فقال سفيان الثوري : "إني لا أرجو أن يكون مجلسي هذا أعظم مجلس جلسناه بركة" ، فرد الفضيل : قال : ترجو!؟ ، لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه علينا شؤما أليس نظرت إلى أحسن ما عندك فتزينت به لي و تزينت لك به ، فعبدتني و عبدتك ، فبكى سفيان حتى علا نحيبه ، ثم قال : "أحييتني أحياك الله" . حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني ( 7/64) ، السير للذهبي (7/267) ( 8/439) ويقول رجاء بن أبي سلمة : نبأت أن ابن محيريز دخل على رجل من البزازين يشتري شيئا فقال له رجل حاضر : أتعرف هذا ؟ هذا ابن محيريز ، فقال ابن محيريز : "إنما جئنا لنشتري بدراهمنا ليس بديننا ". الحلية لأبي نعيم ( 5/139)واذا ابتلينا بالشهرة فعلينا أن نعتقد أنها ابتلاء من الله ، لينظر سبحانه أنشكر أم نجحد و للنظر ماذا قال نبي الله سليمان( عليه السلام)، قال تعالى (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) ما أجمل أن تكون مع شهرتك إنسانا متواضعا بسيطا يسيرا في حياتك مع الناس ، و انظر لحال سيد ولد آدم أجمعين فهو مع شهرته سيد المتواضعين ، وعلى هذا سار السلف الصالح (رضوان الله عليهم) ، و اعلم أن تواضعك الصادق يزيد من حب الناس لك وتقديرهم و احترامهم بإذن الله.
    و صلي اللهم وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .


المصدر

-


.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

احاديث في ذم الشهرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..