هناك
عوامل كثيرة تساهم في مرور الرجل بمرحلة المراهقة الثانية، منها ما يتعلق
بالرجل ونفسيته، ومنها ما يتعلق بالمرأة وتعاملها مع زوجها، ومنها ما يتعلق
بالمجتمع.
فعندما يشعر الرجل إنه
اقترب من سن الأربعين يريد أن يثبت لنفسه، ولكل من حوله، أنه ما زال قوياً وجذاباً ومؤثراً، وربما هذا ما يفسر بحثه عن فتاة صغيرة السن. وفي أحيان أخرى تحدث مراهقة الأب كرد فعل على مراهقة الابن حين يراه مفعماً بالشباب، ويصاب الرجل بما يسمى بالمراهقة الثانية عندما يشعر بأن الأحلام قد تلاشت والمشاريع، التي فكر وأمل بتحقيقها قد انتهت.
وبخصوص المرأة، فإن معظم النساء يعتبرن انهن تعدين مرحلة الخصوبة والشباب عندما يكبر أولادهن، ما يغضب أزواجهن الذين يرفضون الاعتراف بمظاهر الشيخوخة، ويرون في زوجاتهم ما يذكرهم بما لا يريدون تذكره، ما يثير المشاكل الزوجية بينهم، حيث تتهم الزوجة زوجها بالتصابي، بينما يراها هو امرأة استسلمت لبوادر الشيخوخة، فيبدأ بالبحث عن أخرى.
أما المجتمع فيبدو أنه درج على التعامل مع سن الأربعين عند المرأة على أنه سن يأس وسن بداية النهاية المريرة، ومع سن الأربعين عند الرجل على أنه سن النضوج. لكل هذه الأسباب وغيرها يعايش الرجل بعد الأربعين وهماً اسمه عدم كفاية امرأته له ووهماً آخر حقه "الطبيعي في أن يستمتع بشبابه" ووهماً ثالثاً اسمه "اعجاب صغيرات السن بنضجه".
الطلاق العاطفي
وهناك رجال كثر يتولد لديهم شعور بعدم الإنسجام الزوجي والجنسي مع زوجاتهم دون التعبير عن ذلك، فيثورون على واقعهم، وربما يصل بهم الأمر الى التمرد على الذات، يراجع فيها الرجل حياته وعلاقاته، فيحاول تجديد شبابه الذي يتسرب من بين يديه فيكثر من العلاقات مع نساء وفتيات صغيرات، اذا توفر له ذلك، ليثبت لنفسه وللجميع أنه ما زال شاباً، مهملاً عائلته وأولاده.
ويبدو أن ضغوط الحياة تحوّل الزواج الى مؤسسة تعاني من الروتين والرتابة، والحب لم يعد له مكان من كثرة الطلبات والمسؤوليات، والزوجة اكتفت وأخذتها هموم الحياة الى أماكن أخرى. أما الزوج الذي بدأ يشع بالكآبة والإحباط والملل من الوضع، فأخذ يبحث عن كل ما ينقصه من البهجة والمرح خارج منزله، تحت حجج وذرائع غير مقنعة مثل: "زوجتي لا تهتم بي وهمها الوحيد البيت والأولاد.."..الخ. وعليه فإن علاقاته غير السوية تكثر ويكثر سهره مع الأصدقاء، وقد يصل به الأمر الى تدمير كل ما بناه وجناه في مرحلة الشباب من أجل علاقة عابرة، أو الاقدام على زيجات بأسماء مختلفة (زواج عرفي، أو مسيار أو مصياف...الخ). وحسب علماء النفس فإن معظم الرجال يمرون بهذه المرحلة في حياتهم، لكن تتباين شدة تأثير هذه الحالة على الرجال، باختلاف الظروف، وحسب الوضع النفسي لكل رجل. فبعضهم قد ينشىء علاقات نسوية في السر، والبعض الآخر يصاب بالكآبة والانطواء، والبقية يتمتعون بالعقل والحكمة والتفكير الرزين.
وبعد حالة الفتور التي تسود العلاقة الزوجية يحدث ما هو أخطر من الطلاق، وفراق الطرفين، يحدث ما يسمى الطلاق العاطفي، حيث يتسلل الملل الى العلاقة الزوجية، ولم يعد أي طرف يتكيف مع رغبات الآخر. والمرأة في سن الأربعين بحاجة إلى من يساندها ويرشدها ويسمعها. أما الرجل فلا يعرف كيف يتخلص من حالة الكآبة التي تلازمه في هذا العمر، خصوصاً إن الزوجة لم تعد شابة توفر له جميع حاجاته، ورغباته، فيخرج للبحث عن امرأة أخرى تلبي له طلباته وتعيد اليه حيويته. وكثير من الرجال يصبحون أكثر عصبية وتوتر، وينتابهم احساس أن الحياة انتهت، ما يسبب عندهم ردود أفعال غير محسوبة. وفي هذا العمر من الطبيعي أن تتراجع قدرة الرجال على تعلم الأشياء الجديدة، ما يولد عندهم رغبة بالانفراد والوحدة، ويعبرون باستمرار عن حنينهم للماضي ويكثرون من سرد ذكرياتهم، ويهتمون بأشكالهم الخارجية وهندامهم أكثر من قبل، ويرتدون ملابس أكثر شباباً لا تتناسب مع أعمارهم، وقد يستخدمون صبغات الشعر لإخفاء شيبهم، ويفقدون اهتمامهم بالأسرة، ويبتعدون عنها تدريجياً، وينظر الواحد منهم الى زوجته نظرة دونية، ولا يرى فيها غير العيوب، ليبرر طيشه.
وينتاب بعض رجال الأربعين الاكتئاب ويكثرون من النوم ويفقدون الشهية، ويستيقظون عند منتصف الليل، ويصاب عدد منهم بالتعرق الشديد وسرعة دقات القلب.
تقول احدى الزوجات (35 عاماً): "أنا زوجة مطيعة، أفعل ما يريد زوجي، وألبي طلباته كافة، وأنا ربة منزل من الطراز الأول، ولا يتوانى زوجي عن ايجاد الحجج ليزيد من نقده لي.. وأخيراً اكتشفت انه على علاقة مع امرأة ثانية".
أسباب طيش منتصف العمر
الفراغ العاطفي الذي يشعر به الزوج، وفتور العلاقة الزوجية، يعتبران من أبرز أسباب طيش منتصف العمر. وكثيرات هن الزوجات اللواتي يشعرن أزواجهن بعدم الرضا محاولات زعزعة ثقة الرجل بنفسه، ما يولد عنده ردة فعل عكسية. كما يؤدي تراكم الأعمال والمشاغل إلى هروب الرجل الى علاقة تنسيه هموم العمل. وهناك عدد من الرجال يقومون بتقليد اصدقائهم الذين من عمرهم ويعيشون أزمة ما بعد الشباب، ولهم علاقات خارج نطاق الزوجية فيقومون بمحاكاتهم من باب الانسجام وإرضاء الذات. كما أن ضعف الشخصية يدفع الرجل الى البحث عن امرأة تبعث فيه احساساً بأنه محور الكون، وليثبت لنفسه أنه ما زال مرغوباً، وهو الشعور الذي لم تعد زوجته تقدمه له.
وهنا لا يجب أن نلقي باللائمة كاملة على الزوج، فكثيرات هن الزوجات اللواتي يفسحن المجال لهروب الزوج من البيت. فالمرأة المسترجلة التي تفتقد للأنوثة والأخرى المتطلبة وكذلك المتملكة هي من تساعد على هذا الهروب.
يعتقد أحد الأزواج أن الظاهرة سالفة الذكر منتشرة بكثرة في المجتمعات العربية، ولا سيما في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بسبب الانفتاح ووجود الفضائيات. فليس من الضروري أن يكون الرجل محباً للنساء حتى يتصرف تصرف المراهقين، فكثير من الرجال لا يعيشون فترات حياتهم، ولا يعطون كل مرحلة عمرية حقها، ربما بسبب الانشغال بالعمل. "فمن حرم من مراهقة العشرين سيتمتع بمراهقة الأربعين". كما أن روتين الحياة الزوجية وسيرها على نغمة واحدة يجعلها مملة في نظر الرجل الذي يسعى دوماً للتغيير. وبرزت ظاهرة غير طبيعية، ولا صحية، ولكنها للأسف الشديد باتت منتشرة بكثرة في الآونة الأخيرة لتصبح نوعاً من أنواع الموضة يقوم بتقليدها عدد من الرجال من دون تفكير، وهي اقدام بعض من هم فوق سن الأربعين، وبخاصة رجال الأعمال والمقتدرين، على الزواج من فتيات في سن بناتهم.
تقول فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها أنها تلقت عرضاً بالزواج من مديرها في العمل (55 عاماً)، شرط أن يكون زواجه بها سرياً وعرفياً، لأنه متزوج ولديه أولاد وأحفاد، وحاول اقناعها أنه يفتقد للحنان والدفء، وهو بحاجة الى من يخرجه من ضغوط الحياة ومشاكلها.
انها مرحلة انتقالية في حياة الرجل تجعله يقف مع ذاته ليعيد ترتيب أوراقه متنكراً للمرحلة الجديدة، التي يعيش في ظلها، متحسراً على الشباب الذي مضى، ناسياً أن لكل عمر جماله وخبرته وطعمه الخاص، الذي يجب أن يتذوقه كل شخص دون أن يحرق أية مرحلة عمرية من مراحل الحياة.
يقوم الرجل برمي كاهل العمر عن عاتقه، ويلهث وراء فتاة صغيرة دون خجل أو حياء ليتزوجها، تحت مسميات عديدة، يخرج الى الأماكن العامة، وأمام الناس متفاخراً بعلاقة لا تتناسب مع وقاره ووضعه الاجتماعي والأسري.
أحد الرجال (48 عاماً) يتمتع بوضع اجتماعي جيد، وعلى درجة عالية من الثقافة، متزوج وزوجته امرأة فاضلة، وهما متفقان لدرجة انهما يحسدان من قبل الناس، لكنه يحب النساء كثيراً، ويكثر من علاقاته معهن، تعرف، اخيراً، على فتاة تبلغ من العمر 26 عاماً، وهو يتفاخر أمام أًصدقائه الذين في عمره بهذه العلاقة. ويقول انه يسهر مع اصدقائه كل يوم تقريباً لساعات متأخرة في المقاهي التي ترتادها الصبايا والشباب، وزوجته في البيت تعتني بالأطفال وتشرف على دراستهم.
وقد ولدت هذه الظاهرة، ظاهرة عكسية هي عزوف الشباب عن الزواج ووصلوا الى سن الأربعين دون زوجة وعائلة، بحجة أن الفتيات لا يؤمن جانبهن، متجاهلاً أن هناك فتيات ملتزمات وجاهزات لبناء بيت وأسرة.
يظن كهل في الحادي والأربعين من عمره، غير متزوج، أن الفتيات جميعهن قابلات للانحراف وقرار الزواج حساس للغاية، لذلك يجب على الشاب التروي عند الإقدام على هكذا خطوة. وبما أن "الفتيات متاحات في هذه الأيام بكل سهولة -حسب رأيه- فهو غير مضطر للإسراع في الزواج".
كيف تتصرف الزوجة تجاه مراهقة زوجها؟
واذا ما شعرت الزوجة بأن زوجها يقوم بتصرفات مراهقة ينصحها المختصون النفسيون باتباع الخطوات التالية:
• لا تضطربي، وحافظي على هدوئك إذ يجب أن تكون ردة فعلك رزينة وحكيمة، لتعرفي كيف تتعاملين مع الموقف.
• لا تشعريه بأنك تراقبين تصرفاته، أو أنك انتبهت إلى التغيير الذي طرأ عليه، ولا تنتقدي تصرفاته لئلا تثيري معه المشاكل قبل أن يتاح لك التصرف لتجاوز الأزمة.
• ابدي إعجابك بمظهره وأناقته وسرورك لاهتمامه بأناقته، واطلبي منه أن يشتري لك ثياباً جديدة وبالألوان ذاتها التي يرتديها لتشكلا معاً ثنائياً منسجماً، ما يشعره بأنك أيضاً مهتمة بنفسك، وأنه ليس في واد وأنت في واد آخر، وأنك مهتمة مثله بتزيين نفسك، فينتبه انه ليس الجذاب الوحيد في البيت.
• لا تعترضي على أي نشاط يريد القيام به معللة بأنه أصبح كبيراً ويجب أن يرتاح، فإن ذلك سيجعله أكثر إصرارا على البحث عن امرأة أخرى ترى فيه القوة والشباب وتشعره بذلك، وأشعريه أنك دائماً معجبة به وبكل ما يقوم به.
• حاولي التقرب منه أكثر من السابق، وطهري بيتك من المشاكل، واجعليه يجد في البيت الراحة والسعادة وأشعريه، واشعري معه، أن هناك الكثير من الأحلام التي لم تتحقق، وأنك معه تأملين بتحقيقها، وأن غداً جميلاً ومشرقاً ينتظركما معاً، فالأهداف المشتركة دوماً، سواء كان الزوجان في سن صغيرة أو كبيرة هي من تزيد قرب الزوجين من بعضهما وتجعل الأمل في الغد يتجدد دوماً.
• لا تسخري من مشاعر المراهقة التي يمر فيها، فليس منا من يريد أن يشعر بأن دوره قد انتهى، وأنه خلّف الشباب وراءه دون رجعة.. إن فهمك لمشاعره سيجعلك تحسنين التصرف معه بدلاً من السخرية منه أو انتقاد تصرفاته.
• كوني له الصديقة التي تتفهم مشاعره من دون الدخول في التفاصيل المحرجة، والزوجة التي تشعره بقوته وجاذبيته، وبأنه لا زال مرغوباً كالسابق وأكثر.
• اهتمي بنفسك وبمظهرك وعززي ثقتك بنفسك وتمسكي بكبريائك، ومارسي الرياضة، واهتمي بغذائك، وتجملي ودعيه يرى الشباب معك لا بعيداً عنك، ولا تقولي أني كبرت وراحت علي، فإن شعرت بذلك سيشعر هو به ويبحث عن أخرى.
مقالات مجلة بلسم لشهر أيار (مايو) 2012 العدد رقم 443
المرجع
-
.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
فعندما يشعر الرجل إنه
اقترب من سن الأربعين يريد أن يثبت لنفسه، ولكل من حوله، أنه ما زال قوياً وجذاباً ومؤثراً، وربما هذا ما يفسر بحثه عن فتاة صغيرة السن. وفي أحيان أخرى تحدث مراهقة الأب كرد فعل على مراهقة الابن حين يراه مفعماً بالشباب، ويصاب الرجل بما يسمى بالمراهقة الثانية عندما يشعر بأن الأحلام قد تلاشت والمشاريع، التي فكر وأمل بتحقيقها قد انتهت.
وبخصوص المرأة، فإن معظم النساء يعتبرن انهن تعدين مرحلة الخصوبة والشباب عندما يكبر أولادهن، ما يغضب أزواجهن الذين يرفضون الاعتراف بمظاهر الشيخوخة، ويرون في زوجاتهم ما يذكرهم بما لا يريدون تذكره، ما يثير المشاكل الزوجية بينهم، حيث تتهم الزوجة زوجها بالتصابي، بينما يراها هو امرأة استسلمت لبوادر الشيخوخة، فيبدأ بالبحث عن أخرى.
أما المجتمع فيبدو أنه درج على التعامل مع سن الأربعين عند المرأة على أنه سن يأس وسن بداية النهاية المريرة، ومع سن الأربعين عند الرجل على أنه سن النضوج. لكل هذه الأسباب وغيرها يعايش الرجل بعد الأربعين وهماً اسمه عدم كفاية امرأته له ووهماً آخر حقه "الطبيعي في أن يستمتع بشبابه" ووهماً ثالثاً اسمه "اعجاب صغيرات السن بنضجه".
الطلاق العاطفي
وهناك رجال كثر يتولد لديهم شعور بعدم الإنسجام الزوجي والجنسي مع زوجاتهم دون التعبير عن ذلك، فيثورون على واقعهم، وربما يصل بهم الأمر الى التمرد على الذات، يراجع فيها الرجل حياته وعلاقاته، فيحاول تجديد شبابه الذي يتسرب من بين يديه فيكثر من العلاقات مع نساء وفتيات صغيرات، اذا توفر له ذلك، ليثبت لنفسه وللجميع أنه ما زال شاباً، مهملاً عائلته وأولاده.
ويبدو أن ضغوط الحياة تحوّل الزواج الى مؤسسة تعاني من الروتين والرتابة، والحب لم يعد له مكان من كثرة الطلبات والمسؤوليات، والزوجة اكتفت وأخذتها هموم الحياة الى أماكن أخرى. أما الزوج الذي بدأ يشع بالكآبة والإحباط والملل من الوضع، فأخذ يبحث عن كل ما ينقصه من البهجة والمرح خارج منزله، تحت حجج وذرائع غير مقنعة مثل: "زوجتي لا تهتم بي وهمها الوحيد البيت والأولاد.."..الخ. وعليه فإن علاقاته غير السوية تكثر ويكثر سهره مع الأصدقاء، وقد يصل به الأمر الى تدمير كل ما بناه وجناه في مرحلة الشباب من أجل علاقة عابرة، أو الاقدام على زيجات بأسماء مختلفة (زواج عرفي، أو مسيار أو مصياف...الخ). وحسب علماء النفس فإن معظم الرجال يمرون بهذه المرحلة في حياتهم، لكن تتباين شدة تأثير هذه الحالة على الرجال، باختلاف الظروف، وحسب الوضع النفسي لكل رجل. فبعضهم قد ينشىء علاقات نسوية في السر، والبعض الآخر يصاب بالكآبة والانطواء، والبقية يتمتعون بالعقل والحكمة والتفكير الرزين.
وبعد حالة الفتور التي تسود العلاقة الزوجية يحدث ما هو أخطر من الطلاق، وفراق الطرفين، يحدث ما يسمى الطلاق العاطفي، حيث يتسلل الملل الى العلاقة الزوجية، ولم يعد أي طرف يتكيف مع رغبات الآخر. والمرأة في سن الأربعين بحاجة إلى من يساندها ويرشدها ويسمعها. أما الرجل فلا يعرف كيف يتخلص من حالة الكآبة التي تلازمه في هذا العمر، خصوصاً إن الزوجة لم تعد شابة توفر له جميع حاجاته، ورغباته، فيخرج للبحث عن امرأة أخرى تلبي له طلباته وتعيد اليه حيويته. وكثير من الرجال يصبحون أكثر عصبية وتوتر، وينتابهم احساس أن الحياة انتهت، ما يسبب عندهم ردود أفعال غير محسوبة. وفي هذا العمر من الطبيعي أن تتراجع قدرة الرجال على تعلم الأشياء الجديدة، ما يولد عندهم رغبة بالانفراد والوحدة، ويعبرون باستمرار عن حنينهم للماضي ويكثرون من سرد ذكرياتهم، ويهتمون بأشكالهم الخارجية وهندامهم أكثر من قبل، ويرتدون ملابس أكثر شباباً لا تتناسب مع أعمارهم، وقد يستخدمون صبغات الشعر لإخفاء شيبهم، ويفقدون اهتمامهم بالأسرة، ويبتعدون عنها تدريجياً، وينظر الواحد منهم الى زوجته نظرة دونية، ولا يرى فيها غير العيوب، ليبرر طيشه.
وينتاب بعض رجال الأربعين الاكتئاب ويكثرون من النوم ويفقدون الشهية، ويستيقظون عند منتصف الليل، ويصاب عدد منهم بالتعرق الشديد وسرعة دقات القلب.
تقول احدى الزوجات (35 عاماً): "أنا زوجة مطيعة، أفعل ما يريد زوجي، وألبي طلباته كافة، وأنا ربة منزل من الطراز الأول، ولا يتوانى زوجي عن ايجاد الحجج ليزيد من نقده لي.. وأخيراً اكتشفت انه على علاقة مع امرأة ثانية".
أسباب طيش منتصف العمر
الفراغ العاطفي الذي يشعر به الزوج، وفتور العلاقة الزوجية، يعتبران من أبرز أسباب طيش منتصف العمر. وكثيرات هن الزوجات اللواتي يشعرن أزواجهن بعدم الرضا محاولات زعزعة ثقة الرجل بنفسه، ما يولد عنده ردة فعل عكسية. كما يؤدي تراكم الأعمال والمشاغل إلى هروب الرجل الى علاقة تنسيه هموم العمل. وهناك عدد من الرجال يقومون بتقليد اصدقائهم الذين من عمرهم ويعيشون أزمة ما بعد الشباب، ولهم علاقات خارج نطاق الزوجية فيقومون بمحاكاتهم من باب الانسجام وإرضاء الذات. كما أن ضعف الشخصية يدفع الرجل الى البحث عن امرأة تبعث فيه احساساً بأنه محور الكون، وليثبت لنفسه أنه ما زال مرغوباً، وهو الشعور الذي لم تعد زوجته تقدمه له.
وهنا لا يجب أن نلقي باللائمة كاملة على الزوج، فكثيرات هن الزوجات اللواتي يفسحن المجال لهروب الزوج من البيت. فالمرأة المسترجلة التي تفتقد للأنوثة والأخرى المتطلبة وكذلك المتملكة هي من تساعد على هذا الهروب.
يعتقد أحد الأزواج أن الظاهرة سالفة الذكر منتشرة بكثرة في المجتمعات العربية، ولا سيما في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بسبب الانفتاح ووجود الفضائيات. فليس من الضروري أن يكون الرجل محباً للنساء حتى يتصرف تصرف المراهقين، فكثير من الرجال لا يعيشون فترات حياتهم، ولا يعطون كل مرحلة عمرية حقها، ربما بسبب الانشغال بالعمل. "فمن حرم من مراهقة العشرين سيتمتع بمراهقة الأربعين". كما أن روتين الحياة الزوجية وسيرها على نغمة واحدة يجعلها مملة في نظر الرجل الذي يسعى دوماً للتغيير. وبرزت ظاهرة غير طبيعية، ولا صحية، ولكنها للأسف الشديد باتت منتشرة بكثرة في الآونة الأخيرة لتصبح نوعاً من أنواع الموضة يقوم بتقليدها عدد من الرجال من دون تفكير، وهي اقدام بعض من هم فوق سن الأربعين، وبخاصة رجال الأعمال والمقتدرين، على الزواج من فتيات في سن بناتهم.
تقول فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها أنها تلقت عرضاً بالزواج من مديرها في العمل (55 عاماً)، شرط أن يكون زواجه بها سرياً وعرفياً، لأنه متزوج ولديه أولاد وأحفاد، وحاول اقناعها أنه يفتقد للحنان والدفء، وهو بحاجة الى من يخرجه من ضغوط الحياة ومشاكلها.
انها مرحلة انتقالية في حياة الرجل تجعله يقف مع ذاته ليعيد ترتيب أوراقه متنكراً للمرحلة الجديدة، التي يعيش في ظلها، متحسراً على الشباب الذي مضى، ناسياً أن لكل عمر جماله وخبرته وطعمه الخاص، الذي يجب أن يتذوقه كل شخص دون أن يحرق أية مرحلة عمرية من مراحل الحياة.
يقوم الرجل برمي كاهل العمر عن عاتقه، ويلهث وراء فتاة صغيرة دون خجل أو حياء ليتزوجها، تحت مسميات عديدة، يخرج الى الأماكن العامة، وأمام الناس متفاخراً بعلاقة لا تتناسب مع وقاره ووضعه الاجتماعي والأسري.
أحد الرجال (48 عاماً) يتمتع بوضع اجتماعي جيد، وعلى درجة عالية من الثقافة، متزوج وزوجته امرأة فاضلة، وهما متفقان لدرجة انهما يحسدان من قبل الناس، لكنه يحب النساء كثيراً، ويكثر من علاقاته معهن، تعرف، اخيراً، على فتاة تبلغ من العمر 26 عاماً، وهو يتفاخر أمام أًصدقائه الذين في عمره بهذه العلاقة. ويقول انه يسهر مع اصدقائه كل يوم تقريباً لساعات متأخرة في المقاهي التي ترتادها الصبايا والشباب، وزوجته في البيت تعتني بالأطفال وتشرف على دراستهم.
وقد ولدت هذه الظاهرة، ظاهرة عكسية هي عزوف الشباب عن الزواج ووصلوا الى سن الأربعين دون زوجة وعائلة، بحجة أن الفتيات لا يؤمن جانبهن، متجاهلاً أن هناك فتيات ملتزمات وجاهزات لبناء بيت وأسرة.
يظن كهل في الحادي والأربعين من عمره، غير متزوج، أن الفتيات جميعهن قابلات للانحراف وقرار الزواج حساس للغاية، لذلك يجب على الشاب التروي عند الإقدام على هكذا خطوة. وبما أن "الفتيات متاحات في هذه الأيام بكل سهولة -حسب رأيه- فهو غير مضطر للإسراع في الزواج".
كيف تتصرف الزوجة تجاه مراهقة زوجها؟
واذا ما شعرت الزوجة بأن زوجها يقوم بتصرفات مراهقة ينصحها المختصون النفسيون باتباع الخطوات التالية:
• لا تضطربي، وحافظي على هدوئك إذ يجب أن تكون ردة فعلك رزينة وحكيمة، لتعرفي كيف تتعاملين مع الموقف.
• لا تشعريه بأنك تراقبين تصرفاته، أو أنك انتبهت إلى التغيير الذي طرأ عليه، ولا تنتقدي تصرفاته لئلا تثيري معه المشاكل قبل أن يتاح لك التصرف لتجاوز الأزمة.
• ابدي إعجابك بمظهره وأناقته وسرورك لاهتمامه بأناقته، واطلبي منه أن يشتري لك ثياباً جديدة وبالألوان ذاتها التي يرتديها لتشكلا معاً ثنائياً منسجماً، ما يشعره بأنك أيضاً مهتمة بنفسك، وأنه ليس في واد وأنت في واد آخر، وأنك مهتمة مثله بتزيين نفسك، فينتبه انه ليس الجذاب الوحيد في البيت.
• لا تعترضي على أي نشاط يريد القيام به معللة بأنه أصبح كبيراً ويجب أن يرتاح، فإن ذلك سيجعله أكثر إصرارا على البحث عن امرأة أخرى ترى فيه القوة والشباب وتشعره بذلك، وأشعريه أنك دائماً معجبة به وبكل ما يقوم به.
• حاولي التقرب منه أكثر من السابق، وطهري بيتك من المشاكل، واجعليه يجد في البيت الراحة والسعادة وأشعريه، واشعري معه، أن هناك الكثير من الأحلام التي لم تتحقق، وأنك معه تأملين بتحقيقها، وأن غداً جميلاً ومشرقاً ينتظركما معاً، فالأهداف المشتركة دوماً، سواء كان الزوجان في سن صغيرة أو كبيرة هي من تزيد قرب الزوجين من بعضهما وتجعل الأمل في الغد يتجدد دوماً.
• لا تسخري من مشاعر المراهقة التي يمر فيها، فليس منا من يريد أن يشعر بأن دوره قد انتهى، وأنه خلّف الشباب وراءه دون رجعة.. إن فهمك لمشاعره سيجعلك تحسنين التصرف معه بدلاً من السخرية منه أو انتقاد تصرفاته.
• كوني له الصديقة التي تتفهم مشاعره من دون الدخول في التفاصيل المحرجة، والزوجة التي تشعره بقوته وجاذبيته، وبأنه لا زال مرغوباً كالسابق وأكثر.
• اهتمي بنفسك وبمظهرك وعززي ثقتك بنفسك وتمسكي بكبريائك، ومارسي الرياضة، واهتمي بغذائك، وتجملي ودعيه يرى الشباب معك لا بعيداً عنك، ولا تقولي أني كبرت وراحت علي، فإن شعرت بذلك سيشعر هو به ويبحث عن أخرى.
كمال جبر
مقالات مجلة بلسم لشهر أيار (مايو) 2012 العدد رقم 443
المرجع
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..