قال الله تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78].
وقال تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195].
1/1791- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُمَا أنَّ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَرَجَ
إلَى الشَّامِ حَتَّى إذَا كَانَ بِسَرْغٍ لَقِيَهُ أُمَراءُ الأجْنَادِ أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أنَّ الْوبَاءَ قَدْ وَقَعَ بالشَّامِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ لي عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهاجرِين الأوَّلِينَ فَدَعَوتُهم، فَاسْتَشَارهم، وَأَخْبرَهُم أنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاخْتلَفوا، فَقَالَ بَعْصُهُمْ: خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّة النَّاسِ وَأصْحَابُ رسُولِ اللَّه ﷺ، وَلا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُم عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي الأَنْصَارَ، فَدعَوتُهُم، فَاسْتَشَارهمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهاجرِين، وَاختَلَفوا كَاخْتلافهم، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرةِ الْفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلانِ، فَقَالُوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلاَ تُقْدِمَهُم عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَنَادى عُمَرُ رضي الله عنه في النَّاسِ: إنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرِ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. فَقَال أبُو عُبَيْدَةَ بْن الجَرَّاحِ رضي الله عنه : أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّه؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أبَا عُبيْدَةَ، وكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلافَهُ، نَعَمْ نَفِرُّ منْ قَدَرِ اللَّه إلى قَدَرِ اللَّه، أرأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إبِلٌ، فَهَبَطَتْ وَادِيًا لهُ عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُمَا خَصْبةٌ، والأخْرَى جَدْبَةٌ، ألَيْسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّه، وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رعَيْتَهَا بِقَدَر اللَّه، قَالَ: فجَاءَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه ، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَال: إنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَحَمِدَ اللَّه تَعَالى عُمَرُ رضي الله عنه وَانْصَرَفَ، متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1792- وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه عنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا متفقٌ عليهِ.
الشيخ:
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان قصة عمر رضي الله عنه لما توجه إلى الشام لحرب الروم، وكانت الجيوش في الشام، جيوش المسلمين في الشام مع قائدهم أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وجماعة، فلما وصل عمر رضي الله عنه إلى محل يقال له السرغ -في أطراف الشام- بلغه أن الطاعون قد وقع في الشام -يعني الوباء الخبيث- فتوقف واستشار الناس في ذلك هل يرجع أو ما يرجع؟
دعا بالمهاجرين رضي الله عنهم فانقسموا، منهم من قال يرجع، ومنهم من قال لا ترجع، ثم دعا الأنصار الذين معه فاختلفوا كاختلاف المهاجرين، منهم من قال ارجع، ومنهم من قال لا ترجع، ثم دعا بقية الصحابة الذين أسلموا عام الفتح فاستشارهم فأجمع رأيهم على الرجوع وألا يقدم الناس على هذا الوباء، يعني ألا يقدم الجيش الذي معه على هذا الوباء، فعزم على الرحيل ونادى في الناس إنه مصبح على ظهر -يعني أنه متوجه صباحًا إلى المدينة- راجعًا إلى المدينة، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح أمير الجيوش في الشام وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة م فقال يا أمير المؤمنين أفرارًا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة -يعني لكان أسهل- ثم قال عمر رضي الله عنه: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، نفر من قدر الله الذي هو الوباء إلى قدر الله الذي هو السلامة وهو طريق السلامة، ثم قال أضرب لك مثلًا:
إن هبط واديًا له شعبتان -له جانبان- جانب مخصب وجانب مجدب، فرعيت إبلك في الجانب المخصب أليس هذا من قدر الله؟ وإن رعيتها في الجانب المجدب أليس هذا من قدر الله؟! وعليك أن ترعيها في الجانب المخصب، ما هو في الجانب المجدب، وكله من قدر الله، فبينما هو كذلك إذ جاء عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه الزهري وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة أيضًا، فقال: عندي علم عن النبي ﷺ في هذا، ففرح عمر بذلك والمسلمون، فقال: إني سمعت النبي ﷺ يقول:
إذا سمعتم بهذا الوباء في أرض -يعني الطاعون- فلا تقدموا عليها، وإن وقع وأنتم بالبلد فلا تخرجوا فرارًا منه فهذا هو فصل النزاع، هذا هو الفصل، إذا وقع الطاعون وأنت في البلد فلا تخرج فرارًا منه، أما إذا خرج الإنسان لحاجة أخرى ليس لقصد الفرار فلا بأس، وأما إذا وقع وأنت خارج البلد فلا تقدم عليه، إذا وقع في الشام أو في مصر أو في أي مكان فلا تقدم عليه، ولكن متى وقع وأنت في البلد فاصبر على قدر الله، والآجال مضروبة ما أحد يتقدم عن أجله ولا يتأخر، كما قال تعالى:
أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78]
لكن الإنسان مأمور بالبعد عن أسباب الهلاك، قال تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] فالإنسان يأخذ بالأسباب وما كتب الله ماض ونافذ لا حيلة فيه، لكنه مأمور بالأسباب التي شرعها الله، وهذا الوباء سنة سبع عشرة من الهجرة، وقيل سنة ثمانية عشر من الهجرة، مات فيه أبو عبيدة أمير الجيش ، وهو ممن كان في البلد وتوفي بهذا الطاعون، وهو شهادة للمؤمن، هذا الوباء شهادة للمؤمن، ومات فيه أيضًا معاذ بن جبل وجماعة من المسلمين في الشام في هذا الوباء رضي الله عنهم ورحمهم.
وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: هل يقاس على هذا جميع الأمراض مثلًا الكوليرا؟
الشيخ: إذا وقع في البلد وهو معروف أنه يتأثر به الناس مثله مثل الطاعون.
س: حديث الطاعون يدل على إثبات العدوى بإذن الله؟
الشيخ: لا، يدل على أنها قد تقع، ما هو بلازم، العدوى على طريقة الجاهلية يدل على أن اختلاط المرضى بالأصحاء قد يكون سببًا للمرض، ولهذا قال ﷺ: لا يورد ممرض على مصح، وقال: فر من المجذوم فرارك من الأسد الأمراض التي جرت العادة بأنها تنتقل لا يخالط أهلها من باب وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وليست تعدي بطبعها بل بأمر الله وإذنه جل وعلا، فكم من صحيح خالط المرضى ولم يصبه شيء، والنبي ﷺ أكل في بعض الأحيان مع المجذوم، وقال: كل بسم الله، ثقة بالله فالمقصود أن وجود الأمراض التي قد تقرر وعلم أنها تنتقل أمر النبي ﷺ بالبعد عنها، قال: لا يورد ممرض على مصح معناه صاحب الإبل المراض لا يوردها على صاحب الإبل الصحاح، هذا له مورد وهذا له مورد، وهكذا الفرار من المجذوم، فالأمراض التي عرف أنها تنتقل وأنها إذا خالطها الإنسان انتقلت مثل الجرب، صاحب الإبل السليمة لا يحطها مع الجرباء.
المصدر
-
.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
وقال تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195].
1/1791- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُمَا أنَّ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَرَجَ
إلَى الشَّامِ حَتَّى إذَا كَانَ بِسَرْغٍ لَقِيَهُ أُمَراءُ الأجْنَادِ أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أنَّ الْوبَاءَ قَدْ وَقَعَ بالشَّامِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ لي عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهاجرِين الأوَّلِينَ فَدَعَوتُهم، فَاسْتَشَارهم، وَأَخْبرَهُم أنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاخْتلَفوا، فَقَالَ بَعْصُهُمْ: خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّة النَّاسِ وَأصْحَابُ رسُولِ اللَّه ﷺ، وَلا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُم عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي الأَنْصَارَ، فَدعَوتُهُم، فَاسْتَشَارهمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهاجرِين، وَاختَلَفوا كَاخْتلافهم، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرةِ الْفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلانِ، فَقَالُوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلاَ تُقْدِمَهُم عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَنَادى عُمَرُ رضي الله عنه في النَّاسِ: إنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرِ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. فَقَال أبُو عُبَيْدَةَ بْن الجَرَّاحِ رضي الله عنه : أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّه؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أبَا عُبيْدَةَ، وكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلافَهُ، نَعَمْ نَفِرُّ منْ قَدَرِ اللَّه إلى قَدَرِ اللَّه، أرأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إبِلٌ، فَهَبَطَتْ وَادِيًا لهُ عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُمَا خَصْبةٌ، والأخْرَى جَدْبَةٌ، ألَيْسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّه، وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رعَيْتَهَا بِقَدَر اللَّه، قَالَ: فجَاءَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه ، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَال: إنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَحَمِدَ اللَّه تَعَالى عُمَرُ رضي الله عنه وَانْصَرَفَ، متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1792- وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه عنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا متفقٌ عليهِ.
الشيخ:
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان قصة عمر رضي الله عنه لما توجه إلى الشام لحرب الروم، وكانت الجيوش في الشام، جيوش المسلمين في الشام مع قائدهم أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وجماعة، فلما وصل عمر رضي الله عنه إلى محل يقال له السرغ -في أطراف الشام- بلغه أن الطاعون قد وقع في الشام -يعني الوباء الخبيث- فتوقف واستشار الناس في ذلك هل يرجع أو ما يرجع؟
دعا بالمهاجرين رضي الله عنهم فانقسموا، منهم من قال يرجع، ومنهم من قال لا ترجع، ثم دعا الأنصار الذين معه فاختلفوا كاختلاف المهاجرين، منهم من قال ارجع، ومنهم من قال لا ترجع، ثم دعا بقية الصحابة الذين أسلموا عام الفتح فاستشارهم فأجمع رأيهم على الرجوع وألا يقدم الناس على هذا الوباء، يعني ألا يقدم الجيش الذي معه على هذا الوباء، فعزم على الرحيل ونادى في الناس إنه مصبح على ظهر -يعني أنه متوجه صباحًا إلى المدينة- راجعًا إلى المدينة، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح أمير الجيوش في الشام وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة م فقال يا أمير المؤمنين أفرارًا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة -يعني لكان أسهل- ثم قال عمر رضي الله عنه: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، نفر من قدر الله الذي هو الوباء إلى قدر الله الذي هو السلامة وهو طريق السلامة، ثم قال أضرب لك مثلًا:
إن هبط واديًا له شعبتان -له جانبان- جانب مخصب وجانب مجدب، فرعيت إبلك في الجانب المخصب أليس هذا من قدر الله؟ وإن رعيتها في الجانب المجدب أليس هذا من قدر الله؟! وعليك أن ترعيها في الجانب المخصب، ما هو في الجانب المجدب، وكله من قدر الله، فبينما هو كذلك إذ جاء عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه الزهري وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة أيضًا، فقال: عندي علم عن النبي ﷺ في هذا، ففرح عمر بذلك والمسلمون، فقال: إني سمعت النبي ﷺ يقول:
إذا سمعتم بهذا الوباء في أرض -يعني الطاعون- فلا تقدموا عليها، وإن وقع وأنتم بالبلد فلا تخرجوا فرارًا منه فهذا هو فصل النزاع، هذا هو الفصل، إذا وقع الطاعون وأنت في البلد فلا تخرج فرارًا منه، أما إذا خرج الإنسان لحاجة أخرى ليس لقصد الفرار فلا بأس، وأما إذا وقع وأنت خارج البلد فلا تقدم عليه، إذا وقع في الشام أو في مصر أو في أي مكان فلا تقدم عليه، ولكن متى وقع وأنت في البلد فاصبر على قدر الله، والآجال مضروبة ما أحد يتقدم عن أجله ولا يتأخر، كما قال تعالى:
أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78]
لكن الإنسان مأمور بالبعد عن أسباب الهلاك، قال تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] فالإنسان يأخذ بالأسباب وما كتب الله ماض ونافذ لا حيلة فيه، لكنه مأمور بالأسباب التي شرعها الله، وهذا الوباء سنة سبع عشرة من الهجرة، وقيل سنة ثمانية عشر من الهجرة، مات فيه أبو عبيدة أمير الجيش ، وهو ممن كان في البلد وتوفي بهذا الطاعون، وهو شهادة للمؤمن، هذا الوباء شهادة للمؤمن، ومات فيه أيضًا معاذ بن جبل وجماعة من المسلمين في الشام في هذا الوباء رضي الله عنهم ورحمهم.
وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: هل يقاس على هذا جميع الأمراض مثلًا الكوليرا؟
الشيخ: إذا وقع في البلد وهو معروف أنه يتأثر به الناس مثله مثل الطاعون.
س: حديث الطاعون يدل على إثبات العدوى بإذن الله؟
الشيخ: لا، يدل على أنها قد تقع، ما هو بلازم، العدوى على طريقة الجاهلية يدل على أن اختلاط المرضى بالأصحاء قد يكون سببًا للمرض، ولهذا قال ﷺ: لا يورد ممرض على مصح، وقال: فر من المجذوم فرارك من الأسد الأمراض التي جرت العادة بأنها تنتقل لا يخالط أهلها من باب وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وليست تعدي بطبعها بل بأمر الله وإذنه جل وعلا، فكم من صحيح خالط المرضى ولم يصبه شيء، والنبي ﷺ أكل في بعض الأحيان مع المجذوم، وقال: كل بسم الله، ثقة بالله فالمقصود أن وجود الأمراض التي قد تقرر وعلم أنها تنتقل أمر النبي ﷺ بالبعد عنها، قال: لا يورد ممرض على مصح معناه صاحب الإبل المراض لا يوردها على صاحب الإبل الصحاح، هذا له مورد وهذا له مورد، وهكذا الفرار من المجذوم، فالأمراض التي عرف أنها تنتقل وأنها إذا خالطها الإنسان انتقلت مثل الجرب، صاحب الإبل السليمة لا يحطها مع الجرباء.
المصدر
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..