الأحد، 12 أبريل 2020

مصطلح الدولة الشمولية

         تكون الدولة شمولية Totalitarianism عندما تحكم بنظام حكم شامل، أي عندما لا تسمح بوجود أي مؤسسات مستقلة، بمعنى آخر عندما تكون أهداف وأنشطة وعضوية جميع منظمات المجتمع المدني خاضعة لتحكم الدولة، ويعني ذلك غياب حرية هذه المنظمات. والواقع أن الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز (1588 ـ 1697) في كتابه عن (سلطة الكومنولث الكنسية والمدنية) توجه إلى النظرية السياسية وأنكر أن الناس مخلوقات اجتماعية بطبيعتها وجادل ودلّل على أن معظم الدوافع الأساسية هي العوامل الأنانية، وأن أي شيء يحدث يمكن التنبؤ به وفقاً لقوانين علمية دقيقة. وقد تبعه جان جاك روسو (1712 ـ 1778)، وهو فيلسوف فرنسي ساعدت فلسفته في تشكل الأحداث السياسية التي أدّت إلى قيام الثورة الفرنسية، إذ أكّد أن القوانين يجب أن تعبّر عن إرادة الشعب وأن أي نوع من الحكم يمكن أن يكتسب الصفة الشرعية ما دام النظام الاجتماعي القائم إجماعياً. وقد شكّك كلاهما في قيمة هذه الحرية وقدَّما مبررات تشجع الحكم الشامل.

أحد الجوانب المهمة في الكُلِّيانية أو الحكم الشامل totalitarianism- totalitarisme هو تحكّم الدولة التام في وسائل الاتصالات، وكذلك في الأيديولوجية التي تقوم أساساً على كون الدولة المصدر الوحيد لأي شرعية، ومن ثم فإنه لا يمكن أن يوجد أي استقلال لمؤسسة ما مثل الجامع أو الكنيسة أو الجامعة أو النادي أو الجمعية، وإذا ما وجدت مثل هذه المؤسسات فإن ذلك يتم بإذن خاص من الدولة، ومن ثم لا يمكنها أن تمارس أنشطتها إلا وفقاً للتعليمات المفروضة من الدولة.

ولا يشترط، بالضرورة، أن تكون الشمولية عنيفة، ولكنها غير عادلة لأنها تتضمن تدخّل الدولة في حقوق طبيعية كثيرة، ولأنها تعمل على إلغاء كل أشكال التجمع طالما هي غير مسموح بها من سلطة أعلى. وهذا التلاشي للمجتمع عادة ما يتمّ في ظل نظام يأتي بعد تحكم الدولة في جميع مصائر المجتمع، بشراً ومفاهيم وتقاليد.

والنظام الشمولي totalitarian regime هو ذلك النظام الذي يقوده عادة حزب سياسي واحد ينفرد بالسلطة ويسيطر على مختلف وسائل الإعلام بقصد نشر عقيدته السياسية. وتعدّ التعبئة السياسية للجماهير ملمحاً أساسياً من ملامح هذا النظام الذي تنتفي فيه حريات الرأي والاجتماع والمعارضة والذي قد يلجأ إلى التصفية الجسدية لأعدائه. والجدير بالذكر أنه كان لبعض الأنظمة السياسية الموصوفة بأنها شمولية وجود ما انقضى بانقضاء الظروف التاريخية المعينة التي أنتجتها (مثل: ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية والاتحاد السوڤيتي السابق وغيرها). وتوصف هذه الأنظمة بأنها أنظمة حكم شامل.

يُطلق على نظام الحكم الشامل في اللغة العربية اسم «الكلِّيانية» ويوصف بأنه حكم استئثاري واستبدادي. وتوصف بذلك أنظمة الحكم الشيوعي المضادّة لأنظمة الحكم الرأسمالي. ففي النموذج الأول لا يملك الفرد أكثر مما يملك غيره، إما لأن الثروات مملوكة ملكية مشتركة أو لأن مؤسسة الثروة غير موجودة في الأساس. والملكية مقصورة على وسائل الاستهلاك ولا تدخل فيها وسائل الإنتاج، في حين أن الفرد يتمتع بالملكية الكاملة في النظام الرأسمالي. ويبدو الحكم الشامل أو الكلِّياني متميزاً من غيره من أنواع الحكم بأنه تغيب فيه كثير من حقوق الإنسان وحرياته، بحيث تصبح الدولة مصدراً لوسائل الاتصال والمعلومة، في حين أن حقوق الإنسان وحرياته تشمل حرية الاتصال والمعلومة إضافة إلى حريات تشكيل الأحزاب المعارضة والرأي والاجتماع.

يعدّ شكل الحكم الشامل أو الحكم الاستئثاري الذي ينفرد به حزب واحد من الأشكال التي شهدها العالم فترة ما. ففي هذا العصر تزدهر الأنظمة القائمة على حقوق الإنسان وحرياته ومنها حريات الرأي والاجتماع والمعارضة، كما تزدهر الأنظمة المبنية على البيئة والمعلومات وحقوق المرأة بصفتها عضواً عاملاً في المجتمع. لذلك فإن الحكم الشامل بوصفه حكماً استئثارياً يعدّ من أنظمة الحكم التي يطويها التاريخ المعاصر.
الفرق بين الأنظمة السلطوية والشمولية
                            الشمولية                                        السلطوية
كاريزما                     عالية                                     منخفضة
Role conception     الزعيم كوظيفة                        الزعيم كفرد
Ends of power     عمومي                                            خاص
الفساد                     منخفض                                          مرتفع
Official ideology     Yes     No
تعددية محدودة      No                                                 Yes
شرعية                    نعم                                                 لا

-----------
ما هي الشمولية - (تعريف - أهداف - صفات - مقارنة )
what-is-Totalitarianism-definition-ما-هي-الشمولية

ما هي الشمولية (تعريف) ؟

الشمولية هي نظام حكم، تُصبِح فيه الحكومة إستبدادية في تصرفاتها داخل الدولة، و تقوم بالتدخل في جميع جوانب المُجتمع، بما في ذلك الحياة اليومية للمواطنين.

و تسعى الحكومة الاستبدادية للسيطرة، ليس فقط على جميع المسائل الاقتصادية و السياسية، و لكنها تسعى أيضاً للسيطرة على تصرفات و قيَّم و مُعتقدات المواطنين، و تلغي الفرق بين الدولة و بين المجتمع (بمعنى أنها تقوم تقوم بمعاملة المواطنين على انهم أشياء يحكموها كـ مؤسسات الدولة).

و يُصبح (واجب المواطن في الدولة) هو الشئ المُسيطر على تفكير المجتمع، و يصبح هدف الدولة هو إستبدال المجتمع الموجود حالياً بـ (مجتمع مثالي).


أهداف الحكومات الشمولية :

الحكومات الشمولية المختلفة، تكون لهم أهداف أيديولوجية مختلفة (أيدولوجية = طريقة فكرية). فـ على سبيل المثال، الدول التي تم وصفها بأنها الأكثر (شمولية) مثل :- الإتحاد السوفياتي في عهد ستالين، و ألمانيا النازية، و جمهورية الصين الشعبية تحت حكم ( ماو تسي تونغ ). هذه الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفياتي و الصين كانت تسعى إلى تحقيق الرضا العالمي للبشرية من خلال إنشاء مجتمع لا طبقي، أو مجتمع لا يوجد به طبقات و الجميع متساوون، أو بمعنى أخر (مجتمع مثالي).

أما (الاشتراكية القومية الألمانية)، فـ حاولت إنشاء ما يُسمى بـ ( تفوق الجنس الآري ) و كانوا يريدون بهذه الطريقة ان يخلقوا مُجتمعاً مثالياً أيضاً.


الخصائص و الصفات المشتركة :


على الرغم من وجود العديد من الإختلافات بين الدول الشمولية، لكن لديهم العديد من (الخصائص المشتركة)، و من أهمها إثنان :

 1  وجود أيديولوجية (طريقة تفكير معينة) تتحدث عن جميع جوانب الحياة و تحدد (وسائل معينة) لتحقيق (الهدف النهائي)

 2  وجود (حزب جماهيري واحد) يتم فيه تعبئة الشعب من أجل حشد الطاقة و الدعم الشعبي. و يتم قيادة هذا الحزب عموماً بواسطة ديكتاتور. و تقوم قيادة الحزب بالسيطرة على النظام الحكومي الذي يضم (الشرطة) و (الجيش)، و (الاتصالات)، و (النظم الاقتصادية) و (التعليم). و يتم قمع المعارضة (بشكل منهجي) و يتم ترويع و تخويف الناس بواسطة (الشرطة السرية).

و قد حاولت الأنظمة الاستبدادية على مر العصور ممارسة السيطرة على حياة رعاياهم (مواطنيهم)، بأي وسيلة متاحة لهم، بما في ذلك إستخدام الشرطة السرية و القوة العسكرية.
و مع ذلك، و مع وجود التكنولوجيا الحديثة، إكتسبت الحكومات (وسيلة) للسيطرة على المجتمع.


الديمقراطية و الشمولية :

و في ستينيات القرن الماضي حدث إنخفاض حاد في شعبية (الشمولية) في أوساط المتعلمين و العلماء. و بعد ذلك، عندما بدأت (طريقة الحكم المركزية السوفيتية) في التراجع بعد وفاة جوزيف ستالين، و أثبتت النازية عدم كفاءتها، و إنهيار الاتحاد السوفيتي، كل هذه الأحداث قد أثبتت أن وجود النموذج المثالي هو شئ وهمي و غير واقعي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن (الديمقراطية الدستورية) و (الشمولية)، تشترك في العديد من الخصائص. ففي كلاهما، يكون الأشخاص الموجودون في السلطة يُسيطرون على القوة العسكرية في البلاد و يسيطرون أيضاً على بعض أشكال وسائل الإعلام. و يمكنهم قمع المعارضة، و خصوصاً خلال أوقات الأزمات، و غالباً ما يحدث هذا في الديمقراطيات أيضاً.


و قد تم العثور على أنظمة الحكم ذات (الحزب الواحد) في بعض الدول الغير شمولية ، مثل الدول التي تسيطر فيها الحكومة على الإقتصاد و الدول التي يحكمها الحكام الديكتاتوريين.

--------


--------------------
نظام الحكم الشمولي (التوتاليتاري)

كاروان آرام
مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوريا
في  الثلاثينيات من القرن الماضي ظهرت تجارب من أنظمة الحكم في العديد من البلدان اتخذت الشكل الشمولي،  وتنامى هذا اللون من الحكم في القرن العشرين بعد وصول العديد من القوى الثورية والعسكرية إلى سدة السلطة بانقلابات، أو اندلاع ثورات، وما لبثت أن احتكرت الحياة السياسية تحت مسمى  الثورة، والشرعية الثورية وهيمنت على مجمل أوجه الحياة في محاولة لإدامة حكمها وتسلطها على المجتمعات والدول.

أغلب الكتابات السياسية تنظر إلى الحكم الشمولي على أنه نقيض الديمقراطية، واعتبارها أحد أشكال الديكتاتورية، تتميز عن نظم الحكم الديكتاتورية التقليدية بمحاولتها ادعاء علاقة وطيدة بينها وبين الديمقراطية، تتسم بقدر هائل من المركزية ومن التحكم السلطوي في كل أوجه الحياة في المجتمع، سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية على حد سواء، وهي إحدى طرق الحكم يسيطر فيه حزب واحد فقط على الحياة السياسية فى الدولة ولا يسمح بوجود معارضة أو تداول سلمي للسلطة، كما لا تسمح بوجود مؤسسات تتمتع ولو بقدر من الاستقلال، ووجود مثل هذه المؤسسات مرهون بتصريح من الدولة ويكون تحت رقابتها المشددة، تتحول فيها الدولة إلى نظام المجتمع المغلق وتكون تحت سلطة فرد أو فئة أو فصيل واحد، ودون أن تعرف الدولة حدودًا لسلطاتها أو مساحات تتمايز فيها الدولة عن المجتمع أو الدولة عن الفرد، وتكرس درجة عالية جدًا من التدخل والتحكم في حياة الأفراد الشخصية كما تسعى بكل جد لتنظيم كل مظاهر الحياة العامة والخاصة ما أمكنها ذلك.

بقاء النظام الشمولي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود أجهزة أمنية قوية تعتمد القمع والعنف وتمنع حرية التعبير عن الرأي بحيث تتم السيطرة تمامًا على وسائل الإعلام وكافة النشاطات السياسية. ومن أشهر الأمثلة  التاريخية على تجارب الحكم الشمولى هي الحزب النازي فى ألمانيا والحزب الشيوعى في روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق.

ويتميز النظام الشمولي وفق تصنيف كارل فريديك  Carl Friedrich بخمس صفات أساسية:
1. وجود حزب وحيد عسكري التنظيم، يستجيب لمفهوم سياسي أصولي لايعترف بحق الوجود لأي حزب سياسي منافس يسيطر ويراقب جهاز الدولة، يديره القائد الزعيم الذي يعتبر من أهم المعالم المميزة للنظام الشمولي .
2. إيديولوجية دولة تحتوي على أبعاد خارج حدودها تدعي أنها تهدف إلى تحقيق نوع من الحرية الجماعية الأسمى من حرية الأفراد منفصلين، إلا أنه في سبيل تحقيق هذا الهدف تسحق الحريات الفردية.
3. سيطرة جهاز أمني قوي يستخدم العنف والترهيب في التعامل مع الشعب والمعارضة بحجة القضاء على الصراعات الداخلية.
4. إدارة مركزية للاقتصاد في الدولة.
5. هيمنة النظام على وسائل الاتصال الجماهيرية لإخضاع الجمهور لرؤية الحزب والسيطرة على وعي المجتمع.


-------------
الدولة الشمولية هي التي تتضخم وتتغول مؤسساتها لتلتقم جميع أنشطة المجتمع من اقتصاد وتعليم وفنون وثقافة، وتسخره ليخدم أيدلوجيتها ويروج لها، بحيث يرتدي أفراد المجتمع زيا مشتركا ويمارسون نمطا تفكيريا موحدا، وأي خروج أو تمرد على تلك النمطية يعتبر مروقا وهرطقة ضد قوانين الدولة الشمولية، تحت رقابة صارمة من مؤسسات مخابراتية الطابع تُطمس فيها إنسانية المواطن، وتغيب فردانيته التي هي جذوة إبداعه وتفرده.
وأوضح مثال لتلك الدولة في العصر الحديث روسيا الشيوعية عبر تعاليم ماركس وإنجلز، والصين وانصياعها لقداسة الكتاب الأحمر لماوتسي تونغ، وإيران الخمينية وتبجيل كتابه ولاية الفقيه.
طبعا تلك الدول تحمل في بنيتها السياسية وتركيبتها الفكرية موروث ثقافة الاستبداد والتسلط، فهي سليلة إمبراطوريات وأنظمة بيروقراطية عتيقة كرست عبر دهاليز الدولة العميقة أنظمة الطغيان.
يذكر الجابري في كتابه (العقل الأخلاقي العربي) بعض ملامح من الموروث الساساني الكسروي، من ناحية تقديس الحاكم إلى درجة التأليه، والحرص على الطبقية الاجتماعية، وتسخير الديني لخدمة السياسي، بشكل يضمن للحاكم سطوته وهيمنته.
والدولة الشمولية هي دولة عموما فاشلة رخوة غير قابلة للحياة، ويخبرنا التاريخ دوما بمآلاتها المأساوية، فإن كان الاتحاد السوفياتي ثار على الشيوعية عبر البيروسترويكا، والصين اختارت النجاة عبر الاصلاحات الاقتصادية المدروسة، فقد كان الحل الوحيد لفشل الدولة الشمولية في إيران هو الهروب عن الأوضاع الداخلية المتردية عبر تصدير الثورة إلى الخارج، بحيث ظلت إيران منذ بداية الحكم الخميني في حروب متصلة لم تتوقف أبدا إما عبر المواجهة أو النيابة، بهدف قمع الأصوات المتذمرة من انهيار اقتصادي وسوء إدارة البلاد تحت ذريعة لا صوت يعلو على صوت المعركة.
سياسات إيران الخميني مع محيطها الإقليمي ومع المجتمع العالمي عموما، بما فيه من طيش وسفه وردود فعل صبيانية وتلاعب بالمواثيق الدولية، تجعلنا من الصعب أن نطلق عليها مسمى دولة مدنية تعيش في العصر الحديث؛ ولكن نستطيع أن نطلق عليها تنظيما مافيويا يقبض على عنق إيران ويسوق شعبها إلى منحدرات خطرة تهدد أمنها وأمن المنطقة، وذلك بالضبط أبرز ملامح الدولة الشمولية.
السبت 29 ربيع الأول 1437 هـ - 9 يناير 2016م - العدد 17365

منطق الغيم
أميمة الخميس


المصدر-

.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..