آية (13-14):
*قال تعالى في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23))
وفي سورة النساء قال تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا

وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)) فما الفرق بين خالدين وخالداً؟(د.فاضل السامرائى)
الآية الكريمة في سورة الجن: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) وفي النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) قال خالدين في سورة الجن بالجمع وخالداً بالإفراد في النساء. الوعيد بالعذاب في آية النساء أشد (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) أشد لأنه عذاب بالنار وبالوحدة، في الجن قال خالدين بالجمع لأن الجنة فيها نعيمان نعيم الجنة ونعيم الصحبة وهنا قال خالداً يعني منفرداً لأن الوحدة عذاب حتى لو كان في الجنة، يكون وحده ليس معه أحد ولا يتكلم مع أحد هذا شيء ثقيل جداً. إذن مبدئياً العذاب في آية النساء أشد، الوعيد. لماذا هو أشد؟ قال في سورة الجن: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ) وقال في سورة النساء: (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) هذا زيادة. العصيان يعني عدم الطاعة وتعدي الحدود عدم الطاعة ولكن فيها إضافة قد تكون هنالك حدود في أمور معينة (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا (187) البقرة) (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا (229) البقرة) هذه إضافة إلى العصيان لأن أحياناً مجرد العصيان ليس بالضرورة كفر مجرد المعصية لأن الإنسان قد يعصي ربه في شرب خمر أو سرقة أو زنا. (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) هذه زيادة. الجريرة هنا جريرتان عصيان وتعدٍ الحدود، في الجن ذكر العصيان فقط وفي النساء ذكر العصيان وتعدي الحدود ولذلك قال (وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) إضافة إلى النار له عذاب مهين فإذن هنالك سبب دعا إلى هذا الاختلاف ولذلك لا تجد في أصحاب الجنة خالداً مطلقاً وإنما دائماً خالدين لأنه ليس هناك وحدة بينما في النار فنجد خالدين وخالداً.
سؤال: ربما تكون (من) هنا للجمع أو للمفرد، هل (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) تعني مفرد أو جمع؟
(من) تحتمل لأن كلمة خالدين خلّصتها للجمع. وأيضاً هنالك أمر آخر بياني حسّن استخدام الجمع في آية الجن وهو ذكر اجتماع الكفرة على رسوله (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) الجن) هذا اجتماع، هؤلاء خالدين بزمرتهم. مما حسّن الإفراد في آية سورة النساء أنهم أقل من المذكورين لأنه عصيان وتعدي الحدود فيه قلة ومن ناحية أخرى حسّن القلّة نسبياً. إذن من كل وجه صار الإفراد في آية النساء أنسب في السياق وخالدين في آية الجن أنسب في السياق.
سؤال: هل لنا أن نفهم في آية النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) يتعدى حدود من؟ الله أو الرسول؟ هل العطف يعود على الأقرب؟
العطف ليس بالضرورة يعود على الأقرب لأن ما حدّه الرسول هو ما حدّه الله، يعني يتعدى حدوده أي حدود الله.
سؤال: قال تعالى في آية النساء: (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) هل لنا أن نقسم العذاب بحسب الجريرة، يعني ناراً خالداً فيها بسبب العصيان وله عذاب مهين بسبب تعدي الحدود؟
الله أعلم، ليست هنالك قرينة سياقية تحدد صورة معينة للعذاب مع خطيئة محددة. ذكر مهين أنهم تعدوا الحدود، استخفوا بحدود الله فأهانهم أي أذلّهم، لأن العذاب ليس بالضرورة مهين قد يكون فيه عذاب أليم أن تضربه مثلاً. ليس العذاب مهيناً بالضرورة ولهذا هنالك في القرآن عذاب عظيم، وشديد ومهين وأليم، عذاب مُذِل يعني أمام الناس تفضحه وتجعله يفعل أشياء.
سؤال: في الجن قال: (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) وفي النساء (خَالِدًا فِيهَا) هل تضيف كلمة (أبداً) لخالدين من حيث الدلالة الزمنية على الأقل؟
لما يكون تفصيل غالباً تضيف (أبداً) لكن هنا قال (وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ). (أبداً) يعني غير منقطع مستمر. الخلود هو البقاء الطويل أيضاً هو في القرآن خالداً لكن (أبداً) تأكيد للمسألة.
سؤال: هل هنالك خلود في النار؟ أم من يقضي سيئاته سيخرج ويذهب إلى الجنة؟ ماذا يحتمل سياق الآية من الناحية اللغوية؟
أنا أعرف أن الخلود هو البقاء غير المنقطع والدوام و(أبداً) يؤكد هذا المعنى، هذا الذي أفهمه من اللغة.
سؤال: ليتنا نأتي على كل الآيات نقوم بعمل دراسة في القرآن الكريم على من يذهب والعياذ بالله أعاذنا منها إلى النار ونبحث مدة البقاء فيها، هنالك من يجلس في النار وهنالك من (خالدين فيها أبداً) (خالداً فيها) (وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) البقرة) وهناك البعض يقول يقضي ما عليه من السيئات ثم يخرج منها.
إذا كان مسلماً يقضي من السيئات ما يقضي ثم يخرج بعدها (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران) (وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ (40) الأعراف) معاصي مختلفة، هذا الباب الدخول فيه والكلام فيه يحتاج لحذر شديد وربنا تعالى ذكر أن من يقتل نفساً بغير نفس خالداً فيها لكن كثير من الناس قال هذه تغليظ عقوبة القتل.
سؤال: هل هناك دليل في القرآن على هذا؟
هم يقولون بالنسبة للمسلم يستندون للأحاديث ” من قال لا إله إلا”.
* في آيات الميراث في سورة النساء قال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)) في الجنة قال خالدين فيها وفي النار قال خالداً فيها فما دلالة جمع خالدين في الجنة وأفردها في النار؟(د.فاضل السامرائى)
(تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) والآية التي بعدها مباشرة (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) في أكثر من مناسبة قلنا في الجنة لم ترد خالداً بالإفراد في عموم القرآن لم يرد في أصحاب الجنة مرة واحدة خالداً ولهذا دلالة محددة. لما ذكر النار يذكر خالدين ويذكر خالداً لأن الوحدة هي عذاب لو أدخلته الجنة وليس معه أحد يتكلم معه فهذا عذاب، ولذلك في النار ذكر أمرين ذكر عذاب النار وعذاب الوحدة فقال (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا) أما الجنة لم يذكر خالداً لأن دائماً فيها اجتماع فيأنس من نعيم الاجتماع وما في الجنة من نعيم فقال خالدين. ثم هناك أمر آخر لما قال يدخله جنات بالجمع معناه أكثر من واحد يدخل (مَنْ) تحتمل المفرد والجمع، عموماً أكثر الكلام أنه يبدأ بالمفرد ثم يأتي فيما بعد ما يبين هذا الشيء (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) البقرة) هذا هو الأكثر يبدأ بالمفرد المذكر أياً كان ثم يجمع. مع الجنة قال خالدين لأن فيها نعيمان نعيم الجنة ونعيم الصحبة وأما في النار ففيها عذاب النار وعذاب الوحدة وقد تأتي خالدين في النار ولم ترد في الجنة خالداً فيها أبداً وخالداً وخالدين تأتي مع النار.
عذاب أهل النار بالاشتراك كأن يكون إهانة يقولون لبعضهم أنت كنت كذا وأنت كنت كذا يختصمون وهذا عذاب آخر.