سئل فضيلة الشيخ وفقه الله تعالى: ما وجه الجمع بين قوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وكذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج غير تمام» وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - : «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»، وحديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا»، ما وجه الجمع ؟ وما الحكم إذا قرأ المصلي في الركعة الأولى ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص: 1] وفي الثانية: العاديات ؟ أو في الأولى بسورة البقرة كلها، وفي الثانية بسورة آل عمران ؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين وبعد: فإن من المهم لطالب العلم خاصة أن يعرف الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض، ليتمرن على الجمع بين الأدلة، ويتبين له عدم المعارضة؛ لأن شريعة الله لا تتعارض، فإنها من وحي الله عز وجل... وكلام الله تبارك وتعالى، وما صح عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا يتعارض، وما ذكره السائل من الأحاديث الأربعة التي قد يظهر منها التعارض فيما بينها فإن الجمع بينها – ولله الحمد – ممكن متيسر وذلك أن نحمل الحديثين الأخيرين «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»، إن صح فإن بعض أهل العلم ضعفه، وقال: لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مرسل، فإن هذا العموم وهو قوله: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» يخصص بحديث الفاتحة: «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن». فتكون قراءة الإمام في ما عدا سورة الفاتحة له قراءة. وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : «إذا قرأ فأنصتوا» يحمل على ما عدا الفاتحة فيقال: إذا قرأ في غير الفاتحة وأنت قد قرأتها فأنصت له ولا تقرأ معه؛ لأن قراءة الإمام قراءة لك هذا هو الجمع بين الحديثين. والأخذ بالحديثين الأولين وهو «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن». وحديث: «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج». الأخذ بهما أحوط؛ لأن القاري يكون قد أدى صلاته بيقين دون شك إذا قرأ الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ ففي السنة من حديث عبادة بن الصامت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه الصبح فلما انصرف قال: لعلكم تقرءون خلف إمامكم ؟ قالوا: نعم، قال: «لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها». وأما قول السائل: حكم قراءة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص: 1] في الركعة الأولى وفي الثانية سورة العاديات ؟ فهذا لا ينبغي، والذي ينبغي أن تقرأ القرآن في الركعتين مرتباً، فإذا قرأت سورة فالأولى أن تقرأ بما بعدها لا بما قبلها، فإذا قرأ الإنسان ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ﴾[الكافرون: 1] في الركعة الأولى، فليقرأ في الركعة الثانية ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ﴾[النصر: 1] أو ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص: 1] ولا يقرأ ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾[الماعون: 1] أو ما كان قبلها وهكذا. وأما قوله: هل يقرأ في الركعة الأولى بسورة البقرة كلها، والثانية بسورة آل عمران ؟ فجوابه: أنه لا يجوز لك أن تفعل هذا إذا كنت إماماً، أن تقرأ بسورة البقرة كاملة وآل عمران كاملة، بل ولا بسورة البقرة وحدها، اللهم إلا أن تكون الجماعة عدداً محصوراً ويوافقوا على ذلك فلا حرج، ووجه هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر معاذاً - رضي الله عنه - ووعظه موعظة عظيمة حينما أطال بأصحابه وقال: «أتريد يا معاذ أن تكون فتاناً». وليس للإمام أن يقرأ بأصحابه أكثر مما جاءت به السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإن صلاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتم الصلاة، وأحسنها، وأوفقها، وأرفقها بالخلق. والله الموفق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(13/122- 124)
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..