مبدأ
"دفتر الشيكات النفطي" المفتوح الذي يقوم على مدى الرضاء السياسي عن
الغير، بمعنى الدعم السياسي القائم على المِنح والمساعدات والهبات الذي
شهدته المنطقة بعد فورة أسعار النفط حتى العقد السابق، قد انتهى إلى غير
رجعة ولا إمكانية لعودته بأيّ شكل من الأشكال.
في السنوات الأخيرة حاولت
واشنطن وباريس تليين مواقف دول الخليج وإقناعها بتقديم مساعدات أو دعم
استثمارات من قبيل الدعم السياسي، فجاءت الإجابة واضحة قاطعة، وبالذات في
ما يتّصل بدعم الاقتصاد اللبناني المنهار: "عصر الدعم كمبدأ انتهى وحلّ
محلّه مبدأ الاستثمار المنتج المبنيّ على قواعد من المصالح والمنافع
الاقتصادية".
تأتي بقيّة الشروح الخليجية لتقول: "في الحالة اللبنانية
لن نكرّر خطأ تقديم دعم اقتصادي لنظام سياسي معادٍ لمصالحنا ويسيطر عليه
حزب يعادينا ويدرّب ويسلّح ويساعد من يطلقون الصواريخ على أرضنا ومواطنينا
من اليمن".
يقول دبلوماسي سعودي مخضرم خدم لسنوات طويلة في مجالات
الإشراف على المساعدات في المنطقة: "منطق المال السياسي انتهى من كلّ
العواصم الخليجية، والمال الوحيد المتاح الآن هو ما يقع في مجال المساعدات
الإنسانية مثل مرحلة الدعم الصحّي في زمن وباء كورونا أو في حالة الكوارث
الطبيعية من زلازل وسيول وجفاف...".
يقول دبلوماسي سعودي مخضرم خدم لسنوات طويلة في مجالات الإشراف على المساعدات في المنطقة: منطق المال السياسي انتهى من كلّ العواصم الخليجية
170 ملياراً من المساعدات الخليجيّة
على سبيل
المثال وليس الحصر فإنّ دول مجلس التعاون الخليجي قدّمت مساعدات (إنسانية)،
بمعنى أنّها ليست في مجالات التجارة أو الاقتصاد أو الاستثمار أو القروض
أو المِنح، بما يساوي 170 مليار دولار.
وكانت السعودية الداعم الأكبر بمبلغ 72 مليار دولار توزّعت على النحو التالي:
حصل
اليمن على 21 مليار دولار، مصر 14 مليار دولار، سوريا 7 مليارات، باكستان 7
مليارات، فلسطين 5 مليارات، لبنان 2 مليار وستمئة وثمانية وخمسين ألف
دولار. وُزّعت كلّ هذه المساعدات على ما يزيد على 350 مشروعاً في هذه
الدول.
تعلّمت دول الخليج العربي الدرس. فهي تقوم بتمويل مشروعات
إنسانية توجد احتياجات شعبية إليها، وتقوم بالمتابعة والمراقبة لعمليات
التنفيذ بدءاً من دراسة الجدوى فبدء التنفيذ ثمّ المشتريات والتأكّد من
الجودة وتسليم المشروع.
هذا الكلام يؤكّده لي مصدر خليجي بالقول: "انتهى
عصر "castle is hands"، أي إعطاء مال سائل للدول المستفيدة، لكنّ لدينا
حالتين فقط للتمويل:
الأولى: المشروعات الإنسانية.
الثانية: مشروعات البزنس".
منطق البزنس والأرباح والخسائر
منطق
مشروعات البزنس يقوم على نفس القواعد الدولية المتعارف عليها في كلّ أنواع
الاستثمار في العالم، وهي الشفافية والحوكمة والتقويم العادل لقيمة
الشركات، ضمانات الاستثمار في سهولة ويسر، ودخول الأسواق في ظلّ قوانين
واضحة مستقرّة، وسهولة النظام النقدي أثناء دورة الاستثمار والقدرة على
تحويل الأرباح إلى صاحب المشروع.
كلّ دول الخليج الآن لديها صناديق
سيادية تتعدّى قيمتها 2 تريليون دولار، تديرها إدارات وطنية شابّة تدرّبت
ودرست في الخارج قواعد وقيم وأسس وإجراءات المجتمع الرأسمالي الحرّ،
وتدعمها كبرى شركات الاستثمارات المالية التي تقدّم المشورة وتساعد في
عمليات التقويم والتدقيق المالي والقانوني للاستثمارات.
يؤكّد مصدر
اقتصادي خليجي: "لم تعد هناك حالة "الخواطر" في عمليات البزنس الخليجية، بل
أصبح المقياس الأساس هو: استثمار فاشل أم ناجح؟ مشروع مربح أم خاسر؟ أرقام
وبيانات صحيحة أم متلاعب بها؟ هذه هي المعايير التي تتبعها عواصم الخليج
الآن في البزنس من صنعاء إلى كراتشي، ومن أمستردام إلى واشنطن ومن دلهي إلى
بكين".
ويختم
المصدر الاقتصادي الخليجي كلامه بالقول: "لا تسييس في الأرباح أو الخسائر.
أعطني مشروعاً شفّافاً فيه معدّل ربح حقيقي في ظلّ قواعد السوق العالمية،
وسوف تجد بلا شكّ التمويل جاهزاً". وغير ذلك يشبه انتظار سطوع الشمس
الحارقة في المحيط المتجمّد الشمالي!
بالطبع في حالات مثل اليمن الحوثي
أو لبنان – الحزب، أو كلّ من يهدّد الأمن القومي الخليجي، فإنّ تهديد
المصالح العليا أو الإضرار بالأمن القومي يجعل أيّ قرار بتقديم دعم خليجي
ذا معايير سياسية بالأساس.
|
عماد الدين أديب - الأحد 06 آب 2023 |
لمتابعة الكاتب على تويتر: Adeeb_Emad
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..