أحب أن أقول : إنني مع جهاد اليهود في فلسطين ، وأعوذ بالله أن أكون ضده ، وأسأل الله الجنة والفردوس الأعلى وأن
يُكتب شهيداً من مات في ساحات الوغى مع اليهود الغاصبين ، وكنت أعذر حماس قديماً في أخطائها حتى باتت مكررة وحتى بدأت تصرح بالثناء على الإيرانيين الذين أعلم علم اليقين أنهم أبعد الناس رغبة في حياة أهل السنة وأحبهم لهلاكهم ، فلم أتوقف للحظة في إنكار ما صارت إليه من الولاء لإيران حتى قُتِل قبل أيام يحي السنوار الذي نعته آسفة باكية متوعدة حركةُ حماس ،وفَرِحَ لمقتله اليهود الصهاينة ومن طاوعهم ؛وأنا ولا أمثل إلا نفسي ولله الحمد ، أترحم عليه إن علم الله أنه مسلم ، وفعل ما فعل جهلاً أو سوء رأي أوخطأ في التقدير ، أما إن علم الله منه غير ذلك بأن كان صفوياً في فكره ومعتقده ، فإن الله تعالى يقول (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) ، ولن آسف على موته ، وقد مات بسبب تصرفه الطفولي مائة ألف نفس وهدمت آلاف الدور والبني التحتية والفوقية التي كانت تخدم مجتمعاً يعيش على أرض غزة ، ولن أعُده قائداً خسر معركة ، لأن الخسارة كانت واضحة منذ البداية لو كان التفكير بالربح والخسارة يشغل باله كثيراً ، وأقرب وصف له هو قائد صنع الخسائر ، ولا يخفى على الجميع أن مثل هذه المعركة كانت تبدأ بها حركة حماس منذ عام١٤٢٨ للهجرة أي ٢٠٠٨ميلادية وكانت تنتهي بهدم البيوت والمنازل وتشتغل بعدها المفاوضات المصرية حتى يكف الصهاينة عن القصف ، وتكرر هذا عدة مرات لم تكن حماس وما تفعله غير خادمة للصهاينة سواء أَقَصَدَتْ خدمتهم أم لم تقصد إلا أن النتيجة كانت في صالح الصهاينة ، ولعل أبرز نتيجة كانت واضحة كعين الشمس حين ثار المسلمون في القدس بعد عزم السلطات الصهيونية إجلاء عائلات عربية من منازلها في حي الشيخ جراح ، ولما اشتدّت التظاهرات وتأمل الجميع أن تشمل جميع مدن الضفة وتكون لها نتائج إيجابية في إضعاف سطوة الاحتلال ، وجدنا حماس تتبرع بقصف الكيان الصهيوني بقذائف لم يسقط عليه منها إلا القليل ، وبالتالي رد اليهود الصهاينة بقصف قطاع غزة بقذائف سقط جميعها عليه وأسقطت المباني وقتلت الأبرياء ، واستمر القصف وانشغل الناس به عن ما كان يجري في الشيخ جراح ؛ وهذه النتيجة لا يمكن لمن يشاهد الأحداث أن ينساها ، وأعلم يقينا أن السنوار لم ينسها ، لكنه كان أعمى البصيرة حين كررها وهاهي النتيجة كما نرى لا كما نتمنى .فَتَقَدَّمُ الصهاينة على كل الجبهات لا تخطئه العين ، وإن كانت كثير من العيون إما حماسة للفلسطينيين وإما حماسة لمن وراء حماس تخطئ هذا التقدم بل وتخطئ أكبر منه ، وتسعى إلى التغرير بالفلسطينيين وإيهامهم بالنصر حتى يقضى عليهم .
نعم لقد قُتِل من اليهود ما يربو على الألفي مقاتل وجُرِح مثلهم لكنهم قضوا على مائة ألف ، ووسائل الإعلام تقول أربعين ألفاً وجرحوا أكثر مما قتلوا ، وهدموا مساكن مليونين ومدارسهم ، وألجأوا هذا العدد إلى الخيام يتضورون جوعاً ويلتمسون الإذن من اليهود لطائرات الإغاثة لتأتي من مصر ومن السعودية ، وأسروا في هذه المقتلة أضعاف من تأسرهم حماس ، وليس هناك شئ فعلته حماس إلا فعل الصهاينة أضعافه المضاعفه .
ثم أين النصر ؟
لا نصر ، فكل ما حصل على اليهود من قتل وجرح يُعَد ضئيلاً بالنسبة لما نالوه ، نعم حدثت في جيشهم تراجعات ورفض واستقالات لكنها أشياء تعد طبيعية في جيش يشكل النساء والشباب الذي يَعِدُ نفسه بالحياة الجميلة جزءاً كبيراً منه ، ومع هذا فهم يعتمدون على الطيارين بشكل أكبر ،الذين يقصفون الأرض قبل أن تبدأ حربهم البرية ، فيدخل جنود البر وهم على ثقة بانتهاء المعركة ، وقد يكون احترازهم قاصراً ويقعون في كمين لكنها مرات قليلة ، وقد تتحطم دباباتهم العتيدة ويقي الله الناس شرها لكنها أيضا مرات قليلة ، المهم أنهم في النهاية منتصرون وإن خسروا خسائر يخسرها أهل الحرب ، ولا زال اليهود يتعاملون مع الفلسطينين من أهل غزة جميعاً وليس حماس وحدها معاملة الأقلية المتمردة وليس معاملة القوة المكافئة أو حتى القوة المقابلة وإن لم تكن مكافئة .
لذلك لا ينقضي أسفنا على أهل غزة حتى الساعة التي أكتب فيها هذا المقال فمعاناتهم تزداد يوما بعد يوم وخطر الهلاك التام لا يزال فوق رؤوسهم ، وهو خطر لا أشك لحظة أنه أُمْنِيَةُ اليهود ، ولا يمنعهم أن يُدْرِكُوه بأنفسهم من الفلسطينيين في غزة إلا موانع دولية وإلا فهم قادرون عليه ، وهذا من دفع الله الناس بعضهم ببعض ﴿وَلَولا دَفعُ اللَّهِالنّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُوَلكِنَّ اللَّهَ ذو فَضلٍ عَلَى العالَمينَ﴾[البقرة: ٢٥١]
ونجد اليهود يجوبون لبنان وسوريا ويتهددون العراق وإيران ، ولا رادع لهم ، إلا كلام فارغ من إيران وأنصارها لا طائل منه لأن جميع العقلاء قد أدركوا اليوم أكثر من ذي قبل أن بين إيران والصهاينة تخادماً واضحاً ، وأن النقمة الحالية من الصهاينة إنما هي لتأديب إيران وعملائها عن أخطاء وتجاوزات لم يشأ اليهود السكوت عنها لأمر ما ، وإلا فأن بينهما من المصالح التي يسعيان لقضائها من بعضهما الشيء الكثير الذي لم ينته بعد ، ولعل أهم هذه الأمور القضاءُ التام على أهل السنة ، فهو مشروع يشترك فيه الطرفان من زمن بعيد ،وإيران تعمل عليه بشكل قوي واليهود يرصدون عملهم ، والمراد بأهل السنة المسلمون الذين لا يمكنهم القبول باليهود تحت أي مفهوم ، سواء أكانوا سلفيين أم أشاعرة أم صوفية ، وإن كان الصوفية والأشاعرة متراجعين جداً في نقدهم للتشيع الإيراني ، ومتقدمون جداً في نقدهم للسلفيين .
وهل يسعى الصهاينة لإزالة حماس ؟
في
ظني أنهم لا يسعون لذلك ، كما لا يسعون لفك ارتباط حماس بأيران ، إلا في
حال واحدة وهي لو أزالوا الفلسطينيين من قطاع غزة ، وبما أن الحال حتى الآن
غير ذلك فسوف تبقى حماس في غزة ويبقى حزب الشيطان في لبنان ، كلً يلعب
دوره القديم .
د. محمد السعيدي
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..