هدبة بن خشرم العذري، من شعراء بادية
الحجاز، وهو شاعر فصيح مقدم، وكان راوية الحطيئة، وأكثر شعره ما قاله في
أواخر حياته حين سجن وقبيل قتله، وكان هدبة قد قتل زيادة بن زيد العذري في خلاف نشب بينهما فقتل به قودا، وشعر هدبة في رويته وبديهته سواء عند الأمن والخوف، لقدرته وسكون جأشه وقوة غريزته، عاش حتى زمن معاوية بن أبي سفيان وتوفي نحو سنة 50ه/670م.
أَتُنكِرُ رَسمَ الدارِ أَم أَنتَ عارِفُ أَلا لا بَلِ العِرفانُ فالدَمعُ ذارِفُ
رَشاشاً كَما انهَلَّت شَعيبٌ أَسافَها عَنيفٌ بِخَرزِ السَيرِ أَو مُتَعانِفُ
بِمُنخَرقِ النَقعَينِ غَيَّرَ رَسمَها مَرابِعُ مَرَّت بَعدَنا وَمَصايفُ
كَلِفتُ بِها لا حُبَّ مَن كانَ قَبلَها وَكلُّ مُحِبٍّ لا مَحالَةَ آلِفُ
إِذ الناسُ ناسٌ والبِلادُ بِغِرَّةٍ وإِذ أُمُّ عَمّارٍ صَديقٌ مُساعِفُ
وإِذ نَحنُ أَمّا مَن مَشى بِمَوَدَّةٍ فَنَرضى وأَمّا مَن وشى فنُخالِفُ
إِذا نَزاواتُ الحُبِّ أَحدثنَ بَينَنا عِتابا تَراضَينا وَعادَ العَواطِفُ
وَكُلُّ حَديثِ النَفسِ ما لَم أُلاقِها رَجيعٌ وَمِمَّا حَدَّثَتكَ طَرائِفُ
وإِنّي لأُخلي لِلفَتاةِ فِراشَها وأُكثِرُ هَجرَ البَيتِ والقَلبُ آلِفُ
حِذارَ الرَدى أَو خَشيَةً أَن تَجُرَّني إِلى موبِقٍ أُرمَى بِهِ أَو أُقاذِفُ
وَإِنّي بِما بَينَ الضُلوعِ مِن امرىءٍ إِذا ما تَنازَعنا الحَديثَ لعارِفُ
ذَكَرتُ هَواها ذِكرَةً فَكأَنَّما أَصابَ بِها إِنسانَ عَينيَّ طارِفُ
وَلَم تَرَ عَيني مِثلَ سِربٍ رأَيتُهُ خَرَجنَ عَلينا مِن زُقاقِ ابنِ واقِفِ
خَرَجنَ بأَعناقِ الظباءِ وأَعيُن ال جآذِرِ وارتَجَّت بِهنَّ الرَوادِفُ
طَلَعنَ عَلينا بَينَ بِكرٍ غَريرَةٍ وَبَينَ عوانٍ كالغَمامَةِ ناصِفِ
خَرَجنَ عَلينا لا غُشينَ بِهوبَةٍ وَلا وَشوشيّاتُ الحِجالِ الزَعانِفُ
تَضَمَّخنَ بِالجاديِّ حَتّى كأَنّما الأُنوفُ إِذا استَعرَضتَهنَّ رَواعِفُ
كَشَفنَ شُنوفاً عَن شُنوفٍ وَأَعرَضَت خُدودٌ وَمالَت بِالفُروعِ السَوالِفُ
يُدافِعنَ أفخاذاً لَهُنَّ كأَنَّها مِنَ البُدنِ أَفخاذُ الهِجانِ العَلائِفِ
عَلَيهنَّ مِن صُنعِ المَدينَةِ حِليَةٌ جُمانٌ كأَعناقِ الدَبا وَرَفارِفُ
إِذا خُرِقَت أَقدامُهنَّ بِمِشية تَناهَينَ وانباعَت لَهُنَّ النَواصِفُ
يَنُؤنَ بأَكفالٍ ثِقالٍ وَأَسوقٍ خِذالٍ وَأَعضادٍ كَسَتها المَطارِفُ
وَيَكسِرنَ أَوساطَ الأَحاديثِ بِالمُنى كَما كَسَر البَرديَّ في الماءِ غارِفُ
وأدنَيتِني حَتّى إِذا ما جَعَلتِني لَدى الخَصرِ أَو أَدنى استَقَلَّك راجِفُ
فإِن شِئتِ واللَهِ انصَرفتُ وإِنَّني مِن أَن لا تَريني بَعدَ هَذا لَخائِفُ
رأَت ساعِدي غولٍ وَتَحتَ ثيابِهِ جَناجِنُ يَدمى حَدُّها وَقَراقِفُ
وَقَد شَئِزَت أُمُ الصَبيَّينِ أَن رأَت أَسيراً بِساقيهِ نُدوبٌ نَواسِفُ
فإِن تُنكِري صَوتَ الحَديدِ وَمِشيَةً فإِني بِما يأَتي بِهِ اللَهُ عارِفُ
وإِن كُنتِ مِن خَوفٍ رَجَعتِ فإِنَّني مِنَ اللَهِ والسُلطانِ والإِثمِ راجِفُ
وَقَد زَعَمَت أُمُّ الصَبيينِ أَنَّني أَقَرَّ فؤادي وازدَهَتني المَخاوِفُ
وَقَد عَلِمَت أُمُّ الصَبيَّين أَنَّني صَبورٌ عَلى ما جَرَّفتني الجَوارِفُ
وإِنّي لَعَطّافٌ إِذا قيلَ مَن فَتىً وَلَم يَكُ إِلا صالِحُ القَومِ عاطِفُ
وَأُوشِكُ لَفَّ القَومِ بِالقَومِ لِلَّتي يَخافُ المُرَجّى والحَرونُ المُخالِفُ
وإِنّي لأُرجي المَرءَ أَعرِفُ غِشَّهُ وأُعرِضُ عَن أَشياءَ فيها مَقاذِفُ
فَلا تَعجَبي أُمَّ الصَبييَّنِ قَد تُرى بِنا غِبطَةٌ والدَهرُ فيهِ عَجارِفُ
عَسى آمِناً في حَربِنا أَن تُصيبَهُ عواقِبُ أَيامٍ وَيأَمَنَ خائِفُ
فيُبكينَ من أَمسى بِنا اليَومَ شامِتاً وَيُعقِبنَنا إِنَّ الأُمورَ صَرائِفُ
وَإِن يَكُ أَمرٌ غَيرَ ذاكَ فإِنَّني لَراضٍ بِقَدرِ اللَهِ لِلحَقِّ عارِفُ
وإِنّي إِذا أَغضى الفَتى عَن ذِمارِهِ لَذو شَفَقٍ عَلى الذِمارِ مُشارِفُ
وَينفُخُ أَقوامٌ عَليَّ سُحورَهُم وَعيداً كَما تَهوي الرِياحُ العَواصِفُ
وأُطرِقَ إِطراقَ الشُجاعِ وإِنَّني شِهابٌ لَدى الهَيجا وَنابٌ مُقَاصِفُ
وَداويَّةٍ سَيرُ القَطا مِن فَلاتِها إِلى مائِها خِمسٌ لَها مُتَقاذِفُ
بُطونٌ مِنَ المَوماةِ بَعَّدَ بَينَها ظُهورٌ بَعيدٌ تَيهُها وأَطايفُ
يَحارُ بِها الهادي وَيَغتالُ رَكبَها تُنائِفُ في أَطرافِهِنَّ تَنائِفُ
هَواجِرُ لَو يُشوى بِها النَيُّ أَنضَجَت مُتونَ المَها مِن طَبخِهِنَّ شَواسِفُ
تَرى وَرَقَ الفِتيانِ فيها كأَنَّها دَراهِمُ مِنها جائزاتٌ وَزائِفُ
يَظَلُّ بِها عَيرُ الفَلاةِ كأَنَّهُ مِنَ الحَرِّ مَرثومُ الخَياشِمِ راعِفُ
إِذا ما أَتاها القَومُ هَوَّلَ سَيرَهُم تَجاوبُ جِنّانٍ بِها وَعَوارِفُ
وَيَومٍ مِنَ الجَوزاءِ يَلجأُ وَحشُهُ إِلى الظِلِّ حَتّى اللَيلَ هُنَّ حَواقِفُ
يَظَلُّ بِها الهادي يُقَلِّبُ طَرفَهُ مِنَ الهَولِ يَدعو لَهفَهُ وَهوَ واقِفُ
قَطَعتُ بِأَطلاحٍ تَخَوَّنَها السُّرى فَدَقَّ الهَوادي والعيونُ ذَوارِفُ
مَلَكتُ بِها الإِدلاجَ حَتّى تَخدَّدَت عَرائِكُها وَلانَ مِنها السَوالِفُ
وَحتّى التَقَت أَحقابُها وَغُروضُها إِذا لَم يُقَدَّم لِلغُروضِ السَنائِفُ
نَفى السَيرُ عَنها كُلَّ ذاتِ ذَمامَةٍ فَلَم يَبقَ إِلا المُشرِفاتُ العَلائِفُ
مِنَ العَيسِ أَو جَلسٍ وَراءَ سَديسِهِ لَهُ بازِلٌ مِثلُ الجُمانَةِ رادِفُ
مَعي صاحِبٌ لا يَشتَكي الصاحِبُ العِدى صَحابَتُهُم وَلا الخَليطُ المؤالِفُ
سَراةٌ إِذا آبوا لُيوثٌ إِذا دُعوا هُداةٌ إِذا أَعيى الظَنونُ المُصادِفُ
إِذا قيلَ لِلمُعيى بِهِ وَزَميلِهِ تَروَّح فَلَم يَسطِع وَراحَ المُسالِفُ
رأَوا شِركَةً فيهِنَّ حقّاً وَكَلَّفوا أُولاتِ البَقايا ما أَكَلَّ الضَعائِفُ
أَولاتِ المِراحِ الخَانِفاتِ عَلى الوَجى إِذا قارَبَ الشَدَّ القِصارُ الكَواتِفُ
فَبَلَّغنَ حاجاتٍ وَقَضَّينَ حاجَةً وَفي الحَيِّ حاجاتٌ لَنا وَتكالِفُ
وَنِعمَ الفَتى وَلا يُودّعُ هالِكاً وَلا كَذِباً أَبو سُلَيمانَ عاطِفُ
لِجارَتِهِ الدُنيا وَلِلجانبِ العِدى إِذا الشُولُ راحَت وَهيَ حُدبٌ شَواسِفُ
وَبادَرَها قَصرَ العَشيَّةِ قَرمُها ذَرى البَيتِ يَغشاهُ مِنَ القُرِّ آزِفُ
يُنَفِّضُ عَن أَضيافِهِ ما يَرى بِهِم رَحيمان ساعٍ بِالطَعامِ وَلاحِفُ
كأَن لَم يَجِد بؤساً وَلا جُوعَ لَيلَةٍ وَفي الخَير والمَعروفِ لِلضُرِّ كاشِفُ
يَبيتُ عَن الجيرانِ مُعزِبَ جَهلِهِ مُريحَ حَواشي الحِلمِ للخَيرِ واصِفُ
إِذا القَومُ هَشّوا لِلطِّعانِ وَأَشرَعوا صُدورَ القَنا مِنها مُزَجُّ وَخاطِفُ
مَضى قُدُماً يُنمي الحَياةَ عَناؤهُ وَيَدعوا الوَفاةَ الخُلدَ ثَبتٌ مواقِفُ
هوَ الطَاعِنُ النَجلاءَ مُنفِذُ نَصلِها كَمبدَئِها مِنها مُرِشٌّ وَواكِفُ
وَما كانَ مِمّا نالَ فيها كَلالَةً وَلا خارِجياً أَنفَذَتهُ التَكالِفُ
=========
أَقِلّي عَليَّ اللَومَ يا أُمَّ بَوزَعا وَلا تَجزَعي مِمّا أَصابَ فأَوجَعا
فَلا تَعذُليني لا أَرى الدَهرَ مُعتِباً إِذا ما مَضى يَومٌ وَلا اللَومَ مُرجِعا
وَلَكِن اَرى أَنَّ الفَتى عُرضَةُ الرَدى وَلاقي المَنايا مُصعِداً وَمُفَرِّعا
وأَنَّ التُقى خَيرُ المَتاعِ وإِنَّما نَصيبُ الفَتى مِن مالِهِ ما تَمتَّعا
فأوصيكِ إِن فارقتِني اُمُّ عامِرٍ وَبَعضُ الوَصايا في أَماكِنَ تَنفَعا
وَلا تَنكَحي إِن فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا أَغَمَّ القَفا والوَجه لَيسَ بأَنزَعا
مِنَ القَومِ ذا لَونَينِ وَسَّعَ بَطنَهُ وَلَكِن أَذَّياً حِلمُهُ ما تَوَسَّعا
كَليلاً سِوى ما كانَ من حَدِّ ضِرسِهِ أُكَيبِدَ مِبطانَ العَشيّاتِ أَروَعا
ضَروباً بِلَحَييهِ عَلى عَظمِ زَورِهِ إِذا القَومُ هَشّوا لِلفَعالِ تَقَنَّعا
وَلا قُرزُلاً وَسطَ الرِجالِ جُنادِفاً إِذا ما مَشى أَو قالَ قَولاً تَبَلتَعا
وَكوني حَبيباً أَو لأَروَعَ ماجِدٍ إِذا ظَنَّ أَوباشُ الرِجالِ تَبرَّعا
وَصولٍ وَذي أَكرومَةٍ وَحَميَّة وَصبراً إِذا ما الدَهرُ عَضَّ فأَوجَعا
وَأُخرى إِذا ما زارَ بَيتَكِ زائِرٌ زيالَكِ يَوماً كانَ كالدَهرِ أَجمَعا
سأَذكُرُ مِن نَفسي خَلائِقَ جَمَّةً وَمَجداً قَديماً طالَما قَد تَرفَّعا
فَلَم أَرَ مِثلي كاوياً لِدَوائِهِ وَلا قاطِعاً عِرقاً سَنوناً وأَخدَعا
وَما كُنتُ مِمَّن أَرَّثَ الشَرَّ بَينَهُم وَلا حينَ جَدَّ الشَرُّ مِمَّن تَخَشَّعا
وَكُنتُ أَرى ذا الضِغنِ مِمَّن يَكيدُني إِذا ما رآني فاتِرَ الطَرفِ أَخشَعا
=======
أَلا يا لَقَومي لِلنَّوائِبِ والدَّهرِ ولِلمَرءِ يُردي نَفسَهُ وَهوَ لا يَدري
أَلا لَيتَ شِعري إِلى أُمِّ مَعمَرٍ عَلى ما لَقينا مِن تَناءٍ وَمِن هَجرِ
تَباريحُ يَلقاها الفؤَادُ صَبابَةً إِلَيها وَذِكراها عَلى حينِ لا ذِكرِ
فَيا قَلبُ لَم يأَلَف كإِلفِكَ آلِفُ وَيا حُبَّها لَم يُغرِ شَيءٌ كَما تُغري
وَما عِندَها لِلمُستَهامِ فؤادُهُ بِها إِن أَلَمَّت مِن جَزاءٍ وَمِن شُكرِ
رأَيتُ أَخا الدُنيا وإِن كانَ خافِساً أَخا سَفَرٍ يُسرى بِهِ وَهوَ لا يَدري
وَلِلأَرضِ كَم مِن صالِحٍ قَد تَلمَّأَت عَليهِ فَوارَتهُ بِلَمَّاعَةٍ قَفرِ
فَلا ذا جَلالٍ هِبنَهُ لِجَلالِهِ وَلا ذا ضَياعٍ هُنَّ يُترَكنَ لِلفَقرِ
فَلَمَّا رأَيتُ أَنَّما هيَ ضَربَةٌ مِنَ السَيفِ أَو إِغضاءُ عَينٍ عَلى وِترِ
عَمَدتُ لِأَمرٍ لا يُعيرُ والدي خزايتَهُ وَلا يُسَبُّ بِهِ قَبري
رُمينا فَرامَينا فَصادَفَ سَهمُنا مَنيَّةَ نَفسٍ في كِتابٍ وَفي قَدرِ
وأَنتَ أَميرُ المؤمِنينَ فَما لَنا وَراءَكَ مِن مَعديً وَلا عَنكَ مِن قَصرِ
فإِن تَكُ في أَموالِنا لا نَضِق بِها ذِراعاً وإِن صَبرٌ فَنَصبِرُ لِلصَّبرِ
وإِن يَكُ قَتلٌ لا أَبالَكَ نَصطَبِر عَلى القَتلِ إِنّا في الحُروبِ أُلو صَبرِ
وَكَم نَكبَةٍ لَو أنَّ أَدنى مُرورِها عَلى الدَهرِ ذَلَّت عِندَها نوَبُ الدَهرِ
------
أَحوَسُ في الحَيِّ وبِالرُمحِ خَطِل ما أَحسَنَ المَوتَ إِذا المَوتُ نَزَل
قَد عَلِمَت أَنّي إِلى الهَيجا عَجِل إِنّي امرؤٌ لا أَقرَبُ الضيمَ بِغل
----------------
أَلا عَلِّلاني قَبلَ نَوحِ النَوائِحِ وَقبلَ اطِّلاعِ النَفسِ بَينَ الجَوانِحِ
وَقَبلَ غَدٍ يا لَهفَ نَفسي عَلى غَدٍ إِذا راحَ أَصحابي وَلَستُ بِرائِحِ
إِذا راحَ أَصحابي بِفَيضِ دُموعِهِم وغُودِرتُ في لَحدٍ عَليَّ صَفائِحي
يَقولونَ هَل أَصلَحتُمُ لأَخيكُمُ وَما الرَمسُ في الأَرضِ القِواءِ بِصالِحِ
يَقولونَ لا تَبعُد وَهُم يَدفِنونَني وَليسَ مَكانُ البُعدِ إِلا ضَرائِحي
----------------
لَنَجدَعَنَّ بِأَيدينا أَنوفَكُمُ وَيَذهَبُ القَتلُ فيما بَينَنا هَدَرا
------
مَشَيتُ البَراحَ لِلرِجالِ شَبيبَتي إِلى أَن عَلَتني كَبرَةٌ بِمَشيبِ
فَلا تَفغَروا أَفواهكُم إِنَّني شَجّاً إِلى الحَلقِ والأضراسِ غَيرُ حَبيبِ
لَعَمريَ ما شَتمي لَكُم إِن شَتَمتُكُم بِسِرٍّ وَلا مَشيي لَكُم بِدَبيبِ
وَلا وُدُّكُم عِندي بِعِلقِ مَضَنَّةٍ وَلا شَرُّكُم عِندي بِجِدِّ مَهيبِ
فَمِلآنَ عاجَلتُم رياضَةَ مُصعَبٍ مُدِلٍّ عَسيرِ الصُلبِ غَيرِ رَكوب
وَقاسَيتُم غَرباً يَمُدُّ عِنانَهُ كَغَربِ الفُراتِ جاشَ يَومَ جَنوبِ
-----
إِنّي مِن قُضاعَةَ مَن يَكِدها أَكِدهُ وَهيَ منّي في أَمانِ
وَلَستُ بِشاعِرِ السَفسافِ فيهِم وَلَكِن مِدرَهُ الحَربِ العَوانِ
سأَهجو مَن هَجاهُم مِن سِواهِم وأَعرِضُ مِنهُم عَمَّن هَجاني
==
فإِنَّ الدَهرَ مؤتَنِفٌ جَديدٌ وَشَرُّ الخَيلِ أَقصَرُها عِنانا
وَشَرُّ الناسِ كُلُّ فَتىً إِذا ما مَرَتهُ الحَربُ بَعدَ العَصبِ لانا
============
وَرُبَّ كَلامٍ قَد جَرى مِن مُمازِحٍ فَساقَ إِلَيهِ سَهمَ حَتفٍ فَعَجَّلا
فَدَع عَنكَ قُربَ المَزحِ لا تَقرُبَنَّهُ كَفى بِامرىءٍ وَعظاً إِذا ما تَكَهَّلا
=
عوجي عَلينا واربَعي يا طارِفا ما دونَ أَن يُرى البَعيرُ واقِفا
ما اهتَجتُ حَتّى هَتَّكوا الخوالِفا غَدَوا وَرَدُّوا جِلَّةً مَقاذِفا
أَلا تَرَينَ الأَعيُنَ الذَوارِفا حِذارَ دارٍ مِنكِ أَن تُساعِفا
====
وَكُنّا أخيي أُلفَةٍ وَتَقرُّبٍ صَفيَّينِ لَم نَحفِل مَقالاً لِقائلِ
فَغَيَّرنا صَرفٌ مِنَ الدَهرِ عاثِرٌ وَساعٍ سَعى ما بَينَنا بِالغَوائِلِ
====
وَوادٍ كَجَوفِ العَيرِ قَفرٍ قَطَعتُهُ تَرى السَقطَ في أَعلامِهِ كالكَراسِفِ
====
إِنّي إِذا استَخفى الجَبانُ بِالخَدَر وَكانَ بِالكَفِّ شِهابٌ كالشَرَر
صَدقُ القَناةِ غَيرُ شَعشاعِ العُذَر حَمَّالُ ما حُمِّلتُ مِن خَيرٍ وَشرَّ
=====
أَلا نغَقَ الغُرابُ عَليكَ ظُهراً أَلا في فيكَ مِن ذاكَ التُرابُ
يُخَبِّرُنا الغُرابُ بأَن ستَنأَى حَبائِبُنا فَقَدتُكَ يا غُرابُ
-=====
وَما أَتَصَدّى لِلخَليلِ وَما أَرى مُريداً غِنى ذي الثَروَةِ المُتَقَطِّبِ
وَما أَتبَعُ الأَلوى المُدَلّي بودِّهِ عَليَّ وَما أَنأى مِنَ المُتَقَرِّبِ
وَلَستُ بِمفراحٍ إِذا الدَهرُ سَرَّني وَلا جازِعٍ مِن صرفِهِ المُتَقَلِّبِ
وَلا أَتمَنّى الشَرَّ والشَرُّ تارِكي وَلَكِن مَتّى أُحمَل عَلى الشَرِ أَركَبِ
وَحَرَّبَني مَولايَ حَتّى غَشيتُهُ مَتّى ما يُحَرِّبكَ ابنُ عَمِّكَ تَحرَبِ
وَما يَعرِفُ الأَقوامُ لِلدَهرِ حَقَّهُ وَما الدَهرُ مِمّا يَكرَهونَ بِمُعتِبِ
وَلِلدَّهرِ مِن أَهلِ الفَتى وتِلادِهِ نَصيبٌ كَحَزِّ الجازِرِ المُتَشَعِّبِ
===============
إِنّي عَداني أَن أَزورَكِ مُحكَمٌ مَتّى ما أُحَرِّك فيهِ ساقيَ يَصخَبِ
حَديدٌ وَمَرصوصٌ بِشَيدٍ وَجَندَلٍ لَهُ شُرُفاتٌ مَرقَبٌ فَوقَ مَرقَبِ
يُخَبِّرُني تُرَّاعُهُ بَينَ حَلقَةٍ أَزومٍ إِذا عَضَّت وَكَبلٍ مُضَبَّبِ
=============
تَعَسَّفَ مِن غُضيانَ حَتّى هَوى لَنا بيَثرِبَ لَيلاً بَعدَ طولِ تَجنُّبِ
=================
تَذَكَّرتَ شَجواً مِن شَجاعَةَ مُنصِبا تَليداً ومُنتاباً مِنَ الشَوقِ مُحلبا
تَذَكرتَ حيّاً كانَ في مَيعَةِ الصِبا وَوَجداً بِها بَعدَ المَشيبِ مُعَقِّبا
إِذا كانَ يَنساها تَرَدَّدَ حبُّها فَيالَكَ قَد عَنّى الفؤادَ وَعَدَّبا
ضَنىً مَن هَواها مُستَكِنٌّ كأَنَّهُ خَليعُ قِداحٍ لَم يَجِد مُتَنَشَّبا
فَأَصبَحَ باقي الودِّ بَيني وَبينَها رَجاءً عَلى يأَسٍ وَظَنّاً مُغَيَّبا
وَيَومَ عَرَفتُ الدارَ مِنها بِبَيشَةٍ فَخِلتُ طُلولَ الدارِ في الأَرضِ مِذنَبا
تَبَيَّنتُ مِن عَهدِ العِراصِ وأَهلِها مرادَ جَواري بِالصَّفيحِ وَمَلعَبا
وأَجنَفَ مأَطور القَرى كانَ جُنَّةً مِنَ السَيلِ عالتَهُ الوَليدَةُ أَحدَبا
بِعَينيك زالَ الحَيُّ مِنها لنيَّةٍ قَذوفٍ تَشوقُ الآلِفَ المُتَطَرَّبا
فَزَمُّوا بِلَيلٍ كُلَّ وَجناءَ حُرَّةٍ ذَقونٍ إِذا ما سائقُ الرَكبِ أَهذبا
وأَعيَسَ نَضّاخِ المَقَذِّ تَخالُهُ إِذا ما تَدانى بِالظَعينَةِ أَنكَبا
ظَعائنَ مُتباعِ الهَوى قَذَفِ النَوى فَرودٍ إِذا خافَ الجَميعُ تَنكَّبا
فَقَد طالَ ما عُلِّقتَ لَيلى مُغَمَّراً وَليداً إِلى أَن صارَ رأَسُكَ أَشيبا
فَلا أَنا أُرضي اليَومَ مَن كانَ ساخِطاً تَجَنُّبَ لَيلى إِن أَرادَ تَجَنُّبا
رأَيتُكِ مِن لَيلى كَذي الداءِ لَم يَجِد طَبيباً يُداوي ما بِهِ فَتَطَبَّبا
فَلَمّا اشتَفى مِمّا بِهِ عَلَّ طِبَّهُ عَلى نَفسِهِ مِمّا بِهِ كانَ جَرَّبا
فَدَع عَنكَ أَمراً قَد تَوَلّى لِشأَنِهِ وَقَضِّ لُباناتِ الهَوى إِذ تَقَضَّبا
بِشَهمٍ جَديَليّ كأَنَّ صَريفَهُ إِذا اصطُكَّ ناباهُ تَغَرُّدُ أَخطَبا
بَرى أُسَّهُ عِندَ السِفارِ فَرَدَّهُ إِلى خالِصٍ مِن ناصِعِ اللَونِ أَصهبا
بِهِ أَجتَدي الهَمَّ البَعيدَ وأَجتَزي إِذا وَقَدَ اليَومُ المَليعَ المُذَبذَبا
أَلا أَيُّهَذا المُحتَدينا بِشَتمِهِ كَفى بيَ عَن أَعراضِ قَوميَ مُرهَبا
وَجازَيتَ مِنّي غَيرَ ذي مثنويةٍ عَلى الدَفعَةِ الأَولى مُبِرّاً مُجَرَّباً
لِزازَ حِضارٍ يَسبِقُ الخَيلَ عَفوهُ وَساطٍ إِذا ضَمَّ المَحاضيرَ مُعقبا
سَجولٌ أَمامَ الخَيلِ ثاني عَطفِهِ إِذا صَدرُهُ بَعدَ التَناظُرِ صَوَّبا
تَعالَوا إِذا ضَمَّ المَنازِلُ مِن مِنىً وَمَكّةُ مِن كُلِّ القَبائِلِ مَنكِبا
نواضِعُكُم أَبناءَنا عَن بَنيكُمُ عَلى خَيرِنا في الناسِ فَرعاً وَمَنصِباً
وخَيرٍ لِجادٍ مِن مَوالٍ وَغيرِهِم إِذا بادَرَ القَومُ الكَنيفَ المُنَصَّبا
وَأَشرَعَ في المِقرى وَفي دَعوَةِ النَدى إِذا رائِدٌ لِلقَومِ رادَ فأَجدَبا
وأَقوَلنا لِلضَّيفِ يَنزِلُ طارِقاً إِذا كُرِهَ الأَضيافُ أَهلاً وَمَرحَبا
وأَصبرَ في يَومِ الطِعانِ إِذا غَدَت رِعالاً يُبارينَ الوَشيجَ المُذَرَّبا
هُنالِكَ يُعطي الحَقَّ مَن كانَ أَهلَهُ وَيَغلُبُ أَهلُ الصِدقِ مَن كانَ أَكذَبا
وإِن تسأَموا مِن رِحلَةٍ أَو تُعَجِّلوا إِنى الحَجِ أُخبِركُم حَديثاً مُطَنِّبا
أَنا المَرءُ لا يَخشاكُمُ إِن غَضِبتُمُ وَلا يَتَوَقّى سُخطَكُم إِن تَغَضَّبا
أَنا ابنُ الَّذي فاداكُمُ قَد عَلِمتُمُ بِبَطنِ مُعانٍ والقيادَ المُجَنَّبا
وَجَدّي الَّذي كُنتُم تَظلَّونَ سُجَّداً لَهُ رَغبَةً في مُلكِهِ وَتَحَوُّبا
وَنَحنُ رَدَدنا قَيسَ عَيلانَ عَنكُمُ وَمَن سارَ مِن أَقطارِهِ وَتأَلَّبا
بِشَهباءَ إِذ شُبَّت لِحَربٍ شُبوبُها وَغَسّانَ إِذ زافوا جَميعاً وَتَغلِبا
بِنقعاءَ أَظلَلنا لَكُم مِن وَرائِهِم بِمُنخَرِقِ النَقعاءِ يَوماً عَصَبصَبا
فَأُبنا جِدالاً سالِمينَ وَغُودِروا قَتيلاً وَمَشدودَ اليَدَينِ مُكَلَّبا
أَلَم تَعلَموا أَنّا نُذَبِّبُ عَنكُمُ إِذا المَرءُ عَن مَولاهُ في الرَّوعِ ذَبَّبا
وَإِنّا نُزَكِّيكُم وَنَحمِلُ كَلَّكُم وَنَجبُرُ مِنكُم ذا العيالِ المُعَصَّبا
وَإِنّا بإِذنِ اللَهِ دَوَّخَ ضَربُنا لَكُم مَشرِقاً في كُلِ أَرضٍ وَمَغرِبا
عَلَينا إِذا جَدَّت مَعَدٌ قَديمَها ليَومِ النِجادِ مَيعَةً وَتَغَلُّبا
وَإِنّا أُناسٌ لا نَرى الحِلمَ ذِلَّةً وَلا العَجزَ حينَ الجَدُّ حِلماً مَؤَرَّبا
وَنَحنُ إِذا عَدَّت مَعَدٌ قَديمَها يُعَدُّ لَنا عَدّاً عَلى الناسِ تُرتَبا
سَبَقنا إِذا عَدَّت مَعَدٌ قَديمَها ليَومِ حِفاظٍ مَيعَةً وَتَقَلُّبا
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى الحِلمَ ذِلَّةً وَلا نُبسِلُ المَجدَ المُنى والتَجَلُّبا
وإِنّا نَرى مِن أُعدِمَ الحِلمَ مُعِدماً وإِن كانَ مَدثوراً مِنَ المالِ مُترِبا
وَذو الوَفرِ مُستَغنٍ وَيَنفَعُ وَفرُهُ وَلَيسَ يَبيتُ الحِلمُ عَنّا مُعَزَّبا
وَلا نَخذُلُ المَولى وَلا نَرفَعُ العَصا عَلَيهِ وَلا نُزجي إِلى الجارِ عَقرَبا
فَهَذي مَساعينا فَجيئوا بِمثلَها وَهَذا أَبونا فابتَغوا مِثلَهُ أَبا
وَكانَ فَلا تُودوا عَنِ الحَقِّ بِالمُنى أَفَكَّ وأَولى بِالعَلاءِ وَأَوهَبا
لِمَثنى المِئينَ والأَساري لأَهلِها وَحَملِ الضياعِ لا يَرى ذاكَ مُتعِبا
وَخَيراً لأَدنى أَصلِهِ مِن أَبيكُمُ ولِلمُجتَدى الأَقصى إِذا ما تَثَوَّبا
===========
فَقلتُ لَهُ لا تَبكِ عَينَكَ إِنَّهُ بِكَفيَّ ما لاقيتُ إِذ حانَ موجبي
=========
عَسى اللَهُ يُغني عَن بِلادِ ابنِ قادِرٍ بِمُنهَمِرٍ جَونِ الرَبابِ سَكوبِ
هِجَفٍّ تَحَفُّ الريحُ فَوقَ سِبالِهِ لَهُ مِن لِوَيّاتِ العُكومِ نَصيبُ
وَجَدتُ بِها مالَم تَجِد أُمُّ واحِدٍ وَلا وَجدَ حُبّي بابنِ أُمِّ كِلابِ
رَأَتهُ طَويلَ السَاعِدَينِ شَمَردَلاً كَما تَشتَهي مِن قوَّةٍ وَشَبابِ
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..