سيدة باكستانية تطرِّز المصحف كاملاً دون أن تتحدث العربية

أعوامٌ من الخشوع والإتقان: سيدة باكستانية تطرِّز المصحف كاملاً دون أن تتحدث العربية

.

.*أناملُ النُّورِ.. نَسيمُ أَختر*

.

خلال تجوالي في معرض الوحي بمكة، استوقفني هذا المجلد النفيس من القرآن الكريم، وهو جزءٌ من عملٍ فريدٍ يمتد على أحد عشر مجلدًا، نسجته بيديها سيدةٌ باكستانيةٌ من ولاية البنجاب تُدعى نسيم أَختر، رحمها الله وأكرم مثواها.

.

لقد حملت هذه المرأة المؤمنة في قلبها حلُمًا عظيمًا، إذ عزمت على أن تُطرِّز آيات الذِّكر الحكيم بخيوطها، رغم أنها لا تتحدث العربية مطلقًا! *ومنذ أن وضعت يدها على أول غرزةٍ في أغسطس عام 1987م، لم تتوقف حتى أتمَّت هذا المشروع الإيماني الفريد كاملًا في يناير 2018م، بعد اثنين وثلاثين عامًا* من العمل الدؤوب والتفاني.

.

بدأت رحلتها بكتابة المصحف بالقلم أولًا، واستغرقت هذه المرحلة خمسة عشر عامًا، ثم انتقلت إلى التطريز اليدوي لمدة سبعة عشر عامًا، مستخدمةً قماشًا خاصًّا من نوع "آيرش Kt". وقد بلغ طول القماش 300 متر، أما الخيط المستخدم فامتد ليصل إلى 25 ألف متر، موزَّعًا على عشرة مجلدات، يضم كلٌّ منها ثلاثة أجزاء.

.

ولأنها خشيت الوقوع في أي خطأ، استعانت بالقارئ إحسان الله الباكستاني لمراجعة الآيات، فجاء هذا العملُ القرآنيُّ تحفةً في الدقة والإتقان، حيث احتوت كل صفحة على خمسة عشر سطرًا، عدا الجزء الأخير الذي بلغت صفحاته ثمانية وعشرين صفحة.

.

ما أعظمَ يقين هذه المرأة المسلمة! *لقد كانت تُدرك قدسيَّة هذا العمل، فلم تكن تمسُّه إلا بطهارةٍ وخشوع، تؤديه بين الظهر والعصر، أو في الثلث الأخير من الليل، بعيدًا عن أعين الناس*، دون أن تطلب عونًا من أحد، محتسبةً الأجر والمثوبة عند الله.

.

وفي الصورة، تظهر نسيم أختر - رحمها الله - وهي تزور معرض المدينة المنورة، حيث أهدت هذا المصحف العظيم، ليبقى أثرها خالداً في سجلّ المحبين لكتاب الله.

.

*يا لصبر هذه المرأة! ويا لقوة إيمانها وعظيم همّتها! رحمها الله، وجعل ما قدَّمته في ميزان حسناتها يوم تلقاه.*

.

وبجانب صورة المصحف، تظهر الأدوات التي نسجت بها آياته، وكأنها شاهدةٌ على صبرها وإخلاصها!

.

سبحان الله، ما أعظم هذا العمل!

. 

*

عبدالعزيز قاسم*