إن اصطلاح المذهب الجعفري لم يكن موجودا في العقيدة الشيعية الإثني عشرية ولا في ثقافة التشيع الإثني عشري، وإنما استعمله في القرن العشرين بعض منظري التشيع الإثني عشري في فترة الإنفتاح بين السنة والشيعة كمؤسستين دينيتين والتي تكللت بمشروع التقريب بين المذاهب الإسلامية الذي طرحته المرجعية الشيعية آنذاك على علماء الأزهر فتحمس له الأزهر واندفع بزخم سياسي من مصر إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتأسست في القاهرة دار التقريب التي كان أمينها العام الشيخ محمد تقي القمي.
في تلك الفترة كانت المرجعية الشيعية تهدف أمرين :-
١- إنتزاع اعتراف من المؤسسة الدينية الأولى في العالم الإسلامي وهي الأزهر، بشرعية التشيع الإثني عشري واعتباره مذهبا إسلاميا .
٢- إيجاد اختراق في المجتمع السني للعمل بهدوء على ترويج التشيع.
ومن أجل إسباغ صفة المذهب على التشيع الإثني عشري طرح الشيعة مصطلح المذهب الجعفري ليتم الإيحاء بأن التشيع الإثني عشري ليس فيه اختلاف في أصول العقيدة مع أهل السنة ، وإنما هو مذهب فقهي ينتسب الى الإمام جعفر الصادق ، وعلى إثر ذلك راج على الألسن اصطلاح المذهب الجعفري ، وانطلى الأمر حتى على قسم كبير من أهل السنة الذين اعتقدوا أن التشيع ليس سوى مذهب فقهي يتبع جعفر الصادق ويعمل بفتاويه .
والحقيقة هي أن اصطلاح المذهب الجعفري اصطلاح مزيف بحسب العقيدة الشيعية نفسها . ولتسليط الضوء على ذلك أبدأ بمقدمة مختصرة . فعندنا أهل السنة والجماعة حين نقول المذاهب الأربعة، فإننا نعني بكل مذهب من هذه المذاهب المدرسة الفقهية التي تنتمي الى صاحب المذهب وتعبّر عن اجتهاداته الفقهية التي توصل اليها من خلال عملية استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية. فالمذهب الحنفي مثلا هو المدرسة الفقهية التي تنتمي الى الإمام أبي حنيفة وتعبّر عن اجتهاداته الفقهية ومبانيه في استنباط الأحكام الشرعية.
والمذاهب الأربعة عند أهل السنة والجماعة ليست منظومة عقائدية وتعاليمية ، وإنما هي مجرد اتجاهات فقهية . وأهل السنة وإنض اختلفوا في الفروع بحسب هذه المذاهب الفقهية ، لكنهم يتفقون في مصادر التلقي والأسس التي تقوم عليها المنظومة السنية ويختلفون في بعض المفردات التي تتصل بالعقيدة وأبرزه الخلاف المشهور بين السلفية والأشاعرة.
إذا اتضح ذلك ، نأتي الى مقولة المذهب الجعفري . ففي العقيدة الشيعية لا يرجع الشيعة الى جعفر الصادق حصرا ، وإنما يرجعون حسب معتقدهم الى اثني عشر شخصا كل واحد منهم في معتقدهم هو إمام معصوم مصدر للتشريع قوله وفعله وتقريره كقول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره ، ولا يعتبرون ما يصدر عن أئمتهم اجتهادا فقهيا يمارسه الإمام عبر استنباط الحكم من الدليل وقد يخطيء فيه وقد يصيب ، وإنما هو عندهم مشرّع لا يخطيء وليس علمه مكتسبا من البحث والدراسة وإنما هو علم لدنيّ يأتيه مثل الوحي.
فالتشيع ليس مجرد مذهب فقهي وإنما هو منظومة عقائدية وتعاليمية وفقهية تقوم على أسس ومصادر للتلقي متباينة تماما مع أهل السنة ، والمرجع في هذه المنظومة ليس إماما واحدا كي يكون التشيع منتسبا اليه ، وإنما هم إثنا عشر إماما يزعم المعتقد الشيعي عصمتهم .
وهكذا يتضح أن مقولة المذهب الجعفري لا تتسق مع العقيدة الشيعية نفسها ، وإنما تم ترويجها من أجل تسويق التشيع في الوسط السني . وهم اليوم لا يعرفون أنفسهم بالجعفرية ، ولا يقولون عن التشيع إنه المذهب الجعفري ، وإنما صاروا يطلقون على التشيع إصطلاح مذهب أهل البيت ويقولون عن أنفسهم أنهم أتباع أهل البيت . وهذه المقولة أيضا زائفة واستهلاكية.
ولأخذ فكرة كاملة عن حقيقة التشيع وتباينه تماما مع مدرسة أهل السنة ، وتصادمه مع قطعيات الإسلام ، أحيلكم الى (مشروع بيان مقترح على المرجعيات السنية ببطلان التشيع المذهبي) الذي كتبته ووجهته للعالم الإسلامي وانتشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
حسين عبد القادر المؤيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..