الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

💢الجريمة بين البذرة والثمار: (فلسفة قانونية في إرادة الجاني ).

        أن معيار الجريمة يُقاس بساعة انبثاق الإرادة، لا بزمان ارتداد أثرها إن الشرارة التي تومض في لحظة الإقدام هي التي تصنع المعنى القانوني، أما النيران المشتعلة بعدها فما هي إلا صورة لاحقة، فرع لا ينفصل عن أصله. فالفعل الجنائي يولد في اللحظة التي خطت فيها قدم الجاني إلى ميدان الانتهاك، قبل أن تتساقط تبعاته وتظهر نتائجه للعيان.

فالنتيجة وإن بدت على مسرح الوقائع ليست إلا صفحة متأخرة في كتاب سبق تدوينه، وصدى متأخر لصوت دوّى من قبل. ومن أراد أن يجعل من الأثر أصلاً، فقد قلب الموازين، وأغفل أن الثمرة بلا بذرة لا تُوجد، وأن الغصن بلا جذر لا ينهض. أتُعقل حياة بلا مبدأ أو ظل بلا جسد كلا، إن البداية هي الحكم، والأصل هو المعيار، والجرم يُكتب في دفتر التاريخ ساعة انطلقت اليد إلى الفعل، لا ساعة أثمرت النتيجة.

فالمعيار إذن في لحظة اكتمال النشاط الإجرامي، حين يضع الجاني آخر نقطة في سطر فعله. هناك يُعقد الوصف، وهناك يُثبت التاريخ الجنائي. أما ما يتبع من أثر، فمهما تأخر أو تعدد، فإنه لا يغيّر جوهر الحقيقة ولا ينقلها من ضيق الفعل إلى سعة الخيال. فالفعل هو السارية، والنتيجة راية تتبعها، والجذر متقدم على ثمره، فالفعل هو الأصل، والنتيجة أثر لاحق، والعبرة بما بدأ لا بما انتهى.
💢كتبه / مازن المليح .
يوم الأربعاء 
بتاريخ 1447/04/02هـ
 الموافق 2025/09/24م .

مواضيع مشابهة-أو-ذات صلة :

💢الجريمة المستحيلة والشروع في الجريمة ! الخطورة واحدة والنتيجة مختلفة!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..