بقلم نادين البدير
948 ع ق
الخروج عن النسق من التابوهات لكنه وطنى ولن أسكت..
فى
القطيف الواقعة بالمنطقة الشرقية من السعودية جرت أحداث أدت لقتل أربعة
أشخاص وجرح آخرين ما زالوا تحت العلاج. شغب أو تظاهرات.. المهم صدر بيان
«الداخلية». يقول البيان إن فئة من المأجورين يعملون لصالح أياد خارجية هم
منفذو العنف. لم تعرض بعد الأدلة التى تثبت ذاك التخوين وأتمنى عرضها
فوراً، ولم نعرف تفاصيل دقيقة لما حدث بين الأمن والمحتجين، كل ما عرفناه
إعلامياً أن أحداث خيانة جرت بشوارع القطيف نتج عنها قتلى وجرحى. بعيداً عن
المعلومات البسيطة التى لا تسمن.. فإن ما حدث يجر إلى تساؤلات واتهامات:
١-
ليست المرة الأولى التى نسمع فيها أن أيادى خارجية (إيران) تتلاعب بعقول
فئات من سكان المنطقة الشرقية بسبب انتمائهم الطائفى، تسيطر عليهم وينتمون
لها بأرواحهم لدرجة دفع الخمس كل عام.. هذه مقولة التخوين الدارجة، مجرد
تخيل صحتها كارثة لا أنوى تصديقها، لكن لنناقش الأمور من زاوية أخرى مغايرة لأقلام الصحافة المحلية التى تجند وتشحذ همتها كل أزمة لإثبات التزامها بالصراط وعدم خروجها عن أى نسق.
لنقل
إنها صحيحة، فمن يتحمل مسؤولية هذا الانهيار؟ كيف تركت الحكومة الحبل على
الغارب حتى تمكنت أياد خارجية من تجنيد مواطنى الداخل؟ أين أمضت الحكومة
(بمسؤوليها ومشايخها) سنوات عمرها بما يخص روحانية اسمها (انتماء وطنى)
يتمتع بها كل مواطن عربى أو غربى أو شرقى أو حتى ابن قبيلة بأدغال
البرازيل.
الحقيقة
حزينة، فالوطنية كانت تغريباً بعرف مناهج تعليمنا، والقومية كفر، انتماؤنا
للعقيدة أولاً، لا لأرض ولا لأى رابط.. نفهم إذن أن أى فرد ينتمى روحانياً
لعقيدة شيخها يسكن خارج الحدود سيكون انتماؤه بالضرورة للدولة التى يتبعها
الشيخ، تلك وطنيتنا. إذا كان وطنى أيديولوجياً فأين حدوده التى سأقف أدافع
عنها حتى الموت؟
لم
نتغن فى طوابير الصباح المدرسية بأناشيد الوطن كبقية أطفال العالم، كان
اللحن حراماً، لم نتلق تمارين الموت كرمى عيون الوطن، مثلما تمرنّا ذات يوم
على الجهاد والموت بأوطان لم تكن أوطاننا، ولقضايا تلاحقنا كوابيسها حتى
اليوم.
إن
كان البيان مدمغاً بالأدلة، فأزعم أن تلك التنشئة الوطنية المعيبة قد وزعت
تذكرة التلاعب بعقول فئات منتمية عقائدياً لخارج الحدود، فمَنِ الملام ومن
أين التقصير ؟ دعونا نرسم منحى الخيانة من جديد.
٢-
أراقب أفلاماً قصيرة عبر «يوتيوب» تم تصويرها بالمنطقة المنكوبة.. لا يهم
الفيلم، لا تهم التظاهرة أو العنف، بل تعليقات المشاهدين.. هذا بعض ما
يتراشقه مواطنو دولة واحدة، اخترت القليل المناسب للنشر ضمن آلاف
التعليقات:
أيها
الرافضة لعنكم الله. اقتليهم يا حكومة وافتكى بهم. يا سنة يا محبى الوطن
يا أشرف ناس على الأرض، فلنتحد ضد الخونة الشيعة ناكرى المعروف. لعنكم الله
يا أبناء المجوس. أقول للشيعة فارقونا، إذا مو عاجبتكم السعودية عودوا
لإيران بلدكم الأصلى.
محلياً، تسمى تلك التعليقات دفاعا عن العقيدة، وأنا أسميها تفتتا داخليا وعيباً بالأخلاق والوطنية وكل شىء، وصمة عار بجبين الشعب.
الآراء
اليوتيوبية أجمعت على نبذ (الرافضة)، وطالبت الملك بالتنكيل بهم، بيان
«الداخلية» اتهم عددا من (المأجورين) لكن الشعب اتهم كل الشيعة السعوديين.
ظلم المواطن نفسه أقسى من ممارسات أى حكومة، من أين أتت كل هذه الكراهية،
تارة باسم الطائفة، وتارة باسم القبيلة، وتارة باسم المنطقة، وتارة باسم
الفكر. فالاتهامات لا توجه للشيعة فقط، هناك شتائم متعالية أخرى داخلية
يتراشقها أبناء القبائل والمناطق والتيارات، ولتلك قصص أخرى. نحن قبائل
وأطياف وطوائف انصهرت سياسياً لكن يبدو أنها لم تنصهر اجتماعياً وروحانياً.
الكارثة خطيرة، الانقسام يقرع كل الأجراس، والفرقة تهدد بابتلاعنا.
أول المتضررين النظام الذى يستمد بقاءه من توحدنا، أول المتضررين الشعب الذى يكيل اللعنات لنفسه بكل جهل وعجرفة لا محل لها.
فأين
«الداخلية» وكل الوزارات؟ أين المدارس؟ أين المناهج التعليمية؟ أين
المثقفون والكتاب والصحافة؟ أين منابر المساجد التى تصدح برؤوسنا ليل نهار؟
أين أصغر وأين أكبر مسؤول؟ ماذا تفعلون وتنتظرون؟
أين الليبراليون؟ ألا تشمر السواعد سوى للعراك مع الإسلاميين؟
وأين الإسلاميون، أليس الوطن أولاً وقبل الطائفة؟
متى يتحرك الجميع لإنقاذ الوحدة الوطنية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..