أشعل
الاستثمار الاقتصادي القطري في الضّواحي الفرنسية الفقيرة ـ التي تشهد
تناميا للتيار الأصولي الإسلامي أثار هلع
الأوساط الأمنية ـ "حرب نفوذ"
خفية بين الدوحة الوهابية حديثا والرّياض، المستثمر الدّيني التقليدي في
الحياة المسلمة بفرنسا.
ولا
يزال قرار قطر مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي بتمويل صندوق استثمار لدعم
مشاريع اقتصادية في الضّواحي لفرنسيين من أصول عربية غالبيتها مغاربية،
يثير القلق والجدل ويطرح لدى البعض تساؤلات عن نوايا الدوحة من وراء هذه
المبادرة.
بعدها
بأقلّ من أسبوعين، زار وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
السعودي، الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، باريس في زيارة رسمية استمرت
أياما عدة.
والتقى
الوزير بمحمد موساوي، رئيس "المجلس الفرنسي للدين الإسلامي"، وهي هيئة
تمثيلية أنشئت سنة 2003 لتكون همزة وصل بين الدولة والجاليات الإسلامية
بشأن المسائل المتعلقة بممارسة الدين، كبناء المساجد وتأهيل الأئمة وتعيين
رجال الدين في المدارس والمستشفيات والسجون والذبح الشرعي والأقسام المخصصة
لأضرحة المسلمين في المقابر.
وأثنى
الوزير على ما يقوم به المجلس وثمّن موساوي "جهود المملكة في عمارة بيوت
الله وإنشاء المراكز والهيئات الإسلامية وتقديم المنح الإغاثية والإنسانية
مع التزامها بأنظمة وقوانين وسيادة فرنسا وقيم الاحترام والتسامح وتشجيع
الحوار بين الديانات".
وزار
الوزير مسجد باريس الكبير والتقى بأئمة المسجد. كما زار "مركز خادم
الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الإسلامي والثقافي" في
مدينة مونت لاجولي، في ضواحي باريس المهمّشة.
وقدّم
مليون يورو لتوسعة المركز على نفقة الحكومة السعودية ورفع طاقة المسجد
الاستيعابية من المصلين إلى أربعة آلاف مصل وعدد الطلاب إلى ألف وخمسمائة
طالب"، كما ذكرت حينها وسائل الإعلام السعودية.
وتعتبر
السعودية أكبر المموّلين للإسلام، ثاني ديانة في فرنسا التي تعدّ حوالي
ستة ملايين مسلم على الرغم من عدم توفّر إحصاءات دقيقة لأنه يُمنع إحصاء
الأشخاص على أساس انتمائهم الديني، انسجامًا مع علمانية الجمهورية
الفرنسية.
وتضم فرنسا حوالي ألفي مكان عبادة للمسلمين ونحو 15 مسجدا كبيرا وتمنع قوانين البلاد أي تدخل للدولة في بناء أماكن العبادة.
قلق كبير حيال الحملة القطرية في الضواحي
وكشف الكاتب والصحفي الفرنسي "نيكولا بو" ـ المشارك في تأليف الكتابين
الأكثر شهرة في تونس، "صديقي بن علي" و "حاكمة قرطاج"، الذي أحدثا ضجة
كبيرة بسبب فضحه لفساد زوجة الرئيس التونسي السابق ليلى الطرابلسي وعائلتها
ـ عن "قلق سعودي كبير حيال الحملة القطرية في الضواحي" الفرنسية.
وتحدّث
"بو" في تقرير مطوّل في مجلة "ماريان" عن "حرب نفوذ بين قطر والأخ ـ العدو
السعودي"، مضيفا أن زيارة آل الشيخ الأخيرة لباريس كانت تهدف إلى "تعبئة
الأئمة الأكثر وفاء للمملكة السعودية".
وذكر
الكاتب أن قطر "تمول في فرنسا مؤسسات إسلامية، وبناء مساجد وعددا من
الجمعيات المحلية الأصولية القريبة من الإخوان المسلمين، بمباركة وزير
الداخلية الفرنسي، كلود غيان.
وتساءل
الكاتب "كيف يستطيع غيان أن يدين 'الحضارات' المفروض أنها أقل
والمستلهمة من إسلام رجعي، وفي نفس الوقت يشجع أصدقاءه القطريين المقربين
من الإخوان المسلمين؟ لماذا يترك هذا الصليبي المعادي للأصوليين قطر توزع
المال في الضواحي الفرنسية وتمول المساجد الأكثر تعصبا؟".
وكان
كلود غيان، المقرب من الرئيس نيكولا ساركوزي، قد شدد أخيرا في خطاب له
أمام مجلس الجامعات الفرنسية على الفارق بين الحضارات وسمو الحضارة
الغربية، مبرزا أن بعض التصرفات والتقاليد غير مرحب بها في فرنسا، ودعا الى
حماية الحضارة الغربية.
|
|
|
| |
|
|
ال الشيخ في مساجد فرنسا لكسب الولاء |
|
|
|
|
وساند
ساركوزي هذه الأطروحة التي أثارت احتجاج المسلمين في فرنسا وجزءا من الرأي
العام الفرنسي وكذلك ضجة سياسية وأخلاقية، لاسيما مع اقتراب الانتخابات
الرئاسية في هذا البلد.
وكشف
"نيكولا بو" عن عدّة تمويلات قطرية لمؤسسات إسلامية، من بينها "تمويل
بـ200 ألف يورو من أجل تجديد مدرج معهد خاص بتكوين الأئمة في مدينة ليل،
وتمويل بمبلغ مماثل في سنة 2009 من مؤسسة غامضة من الدوحة لبناء مسجد في
مدينة ميلوز وتمويل مركز ثقافي في مدينة رانس".
وكلّها،
كما قال "هبات مقدمة لجمعيات محلية، تنتمي الكثير منها لتيار 'اتحاد
المنظمات الإسلامية في فرنسا' (أهم اتحاد إسلامي في فرنسا، تأسس خلال
1983) ويعتبر مقربا من الإخوان المسلمين".
وقالت
صحيفة "لوموند" الفرنسية في كانون الثاني/ يناير الماضي أن قطر تسعى من
خلال تمويلها مشاريع لفرنسيين من أصول عربية وإسلامية "لإيصال أفكارها
وترسيخ نفوذها داخل فرنسا من خلال أبناء هذه الجالية".
وأشارت
الصحيفة إلى ما قاله رجل أعمال فرنسى على دراية كبيرة بمنطقة الخليج
العربى، والذي أكد أن "قطر استثمرت في الضواحي الباريسية لأنها أخذت الضوء
الأخضر من قصر الرئاسة الفرنسىة (الأليزيه)"، معللا ذلك بالعلاقات التي "لا
مثيل لها" بين أمير قطر والرئيس ساركوزي.
لكن
من شأن الإستثمار القطري في الضواحي أن يفتح من جديد ملف الضواحي الفرنسية
التي تعرف مدّا سلفيا كبيرا بين صفوف شباب الجيل الثاني والثالث من مسلمي
فرنسا، كما يردّد الإعلام المحلي.
وكان
"برنارد قودار"، الملقّب بـ"مهندس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي" والذي
عمل خبيرًا في مكتب الأديان بوزارة الداخلية الفرنسية، قد أشار في أحاديث
صحفية سابقة إلى وجود "مد سلفي مثير للقلق في الضواحي الفرنسية".
وهذا في رأيه "أحد نقائص بعض الجمعيات والمنظمات العاملة في الضواحي، والتي لم تستطع الحد من انتشار السلفية".
ولم ينكر "قودار" دور دول خليجية "ذكر من بينها السعودية وقطر والكويت" في الحياة المسلمة بفرنسا.
وقال "بعض الشباب متأثر بالأطروحات السلفية، وهؤلاء الشباب لهم علاقات ببعض الشيوخ في مكة وجدة".
لكنه امتنع عن القول بأن ذلك يحدث بتغطية من الدولة السعودية.
وعلى الرغم من عدم توفر إحصاءات دقيقة، إلا أن تقارير المخابرات والأبحاث
المتعلقة بالسجون الفرنسية في السنوات الأخيرة تشير إلى أن المسلمين يشكلون
أكبر نسبة من نزلاء السجون، معظمهم من سكان الضواحي الفقيرة والمهمشة.
اعتناق السلفية
ومما
يثير قلق الفرنسيين، "اعتناق قطر السلفية، عبر مواقف تفاجئ بها المتابعون
للإمارة الصغيرة حجماً والعظيمة طموحاً"، كما يقول الكاتب مصطفى الأنصاري.
من
بين هذه "المواقف"، ذكرالكاتب "افتتاح النظام مسجدا جديدا في الدوحة
تكريما لمحمد بن عبد الوهاب، المؤسس السعودي للمذهب الأصولي".
ومن
بين "المواقف"، حظر المشروبات الكحولية في الجزيرة الإصطناعية "اللؤلؤة"،
أو "الريفيرا" العربية كما يصفها المروجون لها، في نهاية العام الماضي، أي
منذ أن بدأت قطر ترعى الإسلام السياسي وتوسع نفوذها في العالم العربي،
بالوكالة عن واشنطن.
والله يا إخوة ، قطر بات ينظر إليها على أنها دولة تتبنى السلفية ..حتى في فرنسا.. عبدالعزيز قاسم 1303
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..