وُلِد المخترع الأمريكي توماس ألفا أديسون
في عام 1847م في ولاية أوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية ، ليكون الابن
السابع لنانسي وصموييل أديسون . لم يحظ أديسون في بداية حياته بفرص
تعليمية جيِّدة ، بل كانتالمدة التي قضاها في المدارس الرسمية لا تزيد عن
شهور قليلة ، لأنه كان تلميذًا مختلفًا ، ولم يكن محبوبًا من قِبَل
المدرسين الذين لم يستطيعوا التفاهم معه ، واعتبره بعضهم متخلفًا عقليًّا ،
أو يعاني من صعوبات في التعلُّم. لكنَّ ذلك لم يقنع والدته التي كانت
مؤمنة بقدرة ابنها على التعلُّم ، فتعلَّم القراءة والكتابة والحساب على يد
أمِّه نانسي ، ولم يتوقف عند ذلك ، بل كان نهمًا في التعلُّم ، وكان يقرأ
كلَّ ما يقع في يده من كتب وأوارق ، وهذا ماصنع له مستقبله ، حيث كان
أديسون من أكثر الأشخاص الذين يتعلمون بسرعة ويتعلَّمون بأنفسهم . عمل
أديسون في بداية عمره في مكتب البارق ( التليغراف ) بوظيفة مؤقتة غير
رسمية، والبارق هو جهاز يقوم بإرسال الكلام عن طريق نغمات معينة تعني
حروفاً مرتبطة بها ، لتُفهم كذلك في الطرف الآخر.
ولما بلغ الثالثة عشرة من العمر ، عمل في إحدى محطات القطار كبائع للحلوى
والجرائد ، ولكن لخبرته في مجال البارق ، أُعيد لمكتب البارق كموظف رسمي .
وبعد أن نما سوق التليغراف في أمريكا ، أُتِيح لأديسون أن يسافر من مكان
لمكان ، ويتعلَّم بشغف كلَّ ما يمكن أن يتعلَّمه .
وبعد أن تلقى العديد من الخبرات في مجاله ، قرر أن يستقر في مدينة بوسطن عام 1868 م ، وفي عُمْر الحادية والعشرين ترك مهنة مسؤول البارق ، وقرَّرَ أنْ يتفرغ للاختراع ، ونفَّذ أول اختراع له ، وحصل على براءة لاختراعه ، وقد كان ذلك الاختراع هو جهاز للتصويت الكهربائي ، بحيث يكون هذا الجهاز هو الطريقة الأسرع لاتخاذ القرار في المجالس الرسمية كمجلس النواب والكونجرس ، ومجالس البلديات والشركات .
هذا الجهاز الذي أبدعه أديسون ، وصرف له جهده وطاقته ، كان قد فشل فشلاً ذريعًا في السوق ، رغم أن هذا الجهاز كان يؤدي مهامه بشكل صحيح ، إلا أنه كان ذا تكلفة عالية . هذا الحدث أثَّر في أديسون كثيرا ، وجعله يفكر دائمًا في جعل اختراعه قابلاً للشراء من قِبَل الناس ، فركَّز جهده على الاختراعات التي يمكن للناس شراؤها واستخدامها ، فأصبح يعمل بعينين : عين على المعمل ، وعين على السوق . ثم بدأ في الفترة التي تليها بتركيز جهوده على تطوير أجهزة البارق ، وزيادة سرعتها وإنتاجيتها ، وأثناء تلك الفترة تزوّج وانتقل إلى نيويورك ، ومن ثم قام بإعداد أول اختراع ناجح له في السوق ، وهو اختراع مختص بايصال أسعار الأسهم التجارية ، والذي أسماه " طابع الأسهم العالمي " ، واستطاع أن يربح منه 40 ألف دولار ( وهو مبلغ يساوي الكثير في ذلك الوقت ). واستفاد من ذلك المبلغ في إنشاء معمله الصغير في نيوجرسي في عام 1871 م ،وخلال السنوات الخمس اللاحقة واصل العمل على تطوير البارق ( التليغراف ) ، وفي عام 1876 م باع أديسون جميع اختراعاته ومعمله ، وانتقل هو وعائلته وموظفيه لمنطقة قريبة من نيوروك اسمها منلوبارك ، وهناك شيَّد أديسون معملاً كاملاً لتنفيذ الاختراعات ، ويحتوي ذلك المعمل على كل ما يحتاج إليه لتنفيذ أيِّ اختراع تقريبًا ، وذلك أمر لم يُسبَق في العالم . وبعد أن استطاع أديسون أن ينشئ ذلك المعمل الرائع، قام بإنجاز أول اختراع غيَّر العالم به ، ويدعى "الفونو غراف " ، وهو أول جهاز يقوم بتسجيل الأصوات وإعادة تشغيلها ، وكان ذلك الجهاز تحفة تقنية أطلقت شهرة أديسون في الآفاق داخل وخارج أمريكا ، وطٌلِب منه أن يحضر للبيت الأبيض ،ويقابل الرئيس الأمريكي ؛ليعرض اختراعه ، وكان ذلك في عام 1887م .
وبعد ذلك بدأ أديسون باقتحام عالم جديد ، وهو تطوير المصباح الكهربائي . فكرة المصباح الكهربائي لم تكن جديدة في ذلك الوقت ، بل كان هناك العديد من المخترعين الذين أنجزوا مصابيح كهربائية في أمريكا وبريطانيا ، لكن ما نجح أديسون في إنجازه هو المصباح الكهربائي الأكثر فعالية واقتصادية، والأكثر أمانًا ؛ ليكون صالحًا في كل المباني ، وذلك إنجاز كبير. ولم يخترع أديسون المصباح فحسب ، بل اخترع أيضًا كلَّ ما يحتاج إليه المصباح من اختراعات أخرى تجعله أكثر فعالية وأسهل في الاستعمال . فاخترع المولد الكهربائي المناسب لهذا المصباح ، واخترع نظامًا مبتكرًا لتوصيل الكهرباء من المولد إلى المصابيح وغير ذلك . وأنجز أديسون ذلك الاختراع الرائع بعد مكوث طويل في المعمل ، وعمل شاق ، كي يصل للمصباح بصورته التي كان يريدها . فقد كانت جميع المصابيح التي صنعها أديسون وقام بتجربتها تحترق بمجرد إشعالها ، أو بعد ثوان من ذلك ، ولم يكن أديسون يريد ذلك ، بل كان يريد مصباحًا يعمل للأبد .
وبعد سنة ونصف من التجارب نجح أديسون في صناعة مصباح مفرَّغ من الهواء أضاء لمدة ثلاث عشرة ساعة بشكل متواصل ،ومن دون أن يحترق, وهنا شعر أديسون بفرحة الانتصار وبدأ بصناعة مصابيحه الفعَّالة . ولكنه لم يعلن عن ذلك إلا بعد أن أضاء معمله بالكامل ، فعرف الناس أن لدى أديسون اختراعًا ينير الليل بأقل كلفة وأكثر أمانًا وبهاءً من أي اختراع آخر . وبعد ذلك صرف أديسون سنواتٍ في صناعة الكهرباء ، وتوليد الطاقة ، وبنى أول محطة تجارية لتوليد التيار المستمرDC Current تمد جزيرة مانهاتن بالكهرباء في مساحة قطرها ميل .
وبعد انتشار منتجات أديسون الكهربائية ، بدأ يجني الأموال ، وبدأ الناس بالإقبال على شراء المنتجات المتعلقة بالكهرباء ، فأسس أديسون شركة أسماها " شركة أديسون العامة للكهرباء "Edison's General Electric Company" ، وكانت تلك بدايات الشركة المعروفة اليوم بشركة "General Electric" ، التي تعدُّ إحدى أقوى الشركات في العالم في مجال الكهرباء اليوم . وتلك الشركة لم تكن بأموال أديسون وحده ، حيث أن أديسون كان يريد توصيل الكهرباء لكل مكان في العالم ، فتشارك مع تجار عديدين ، شاركوه ملكية الشركة ، وكان يمتلك حصَّةً منها ، وتحمل اسمه . وكان ذلك العهد هو من أكثر عهود حياة أديسون إشراقًا ، لولا وفاة زوجته الأولى .
وبعد أن تزوَّج أديسون مرة أخرى ، وانتقل إلى نيوجرسي ، قرر أن يبني معملاً كبيرًا ؛ ليكون هو معمل أبحاثه ، وهو معمل مكون من خمسة مبانٍ ، على بعد ميل من بيته ؛ ليكون في ذلك وقت أكبر معمل لإنتاج الاختراعات الاقتصادية . وهذا المعمل يحتوي على مكتبة ومختبرات ومعامل ومصنع، مكَّن أديسون من أن يكون قادرًا على صناعة أي شيء يخطر في باله ، وأن يعمل على أكثر من 20 مشروعًا في نفس الوقت . وكل ذلك صنعه أديسون بمجهوده الشخصي ، ولم يكن لديه ثروة إلا عقله . وكان كلّ اختراع جديد يُنشِئ له مصنعًا بجانب المعامل ، فتحوَّلت المنطقة إلى منطقة مصانع تخصّ اختراعات أديسون .
و لظروف السوق وتحولاته ، اتحدت شركة أديسون مع شركة أخرى منافسة ، ليتحول اسم الشركة الحديثة إلى الشركة العامة للكهرباء General Electric ، باسمها المعروف اليوم . ثم عاد أديسون إلى العمل على الفونوغراف ، أو مسجل الصوت الكهربائي ، واخترع أنواعًا مختلفة منه تصلح للاستخدام التجاري ، واستطاع الناس تسجيل الأصوات والموسيقي عليه ، واُستخدم كذلك للأغراض العلمية والسياسية .
وكما اخترع أديسون المصباح وكل ما يتعلق به ، اهتم أديسون أيضا باختراع كل ما يتعلق بالفونوغراف ، فاخترع الأشرطة التي يمكن أن يُسجَّل فيها الصوت ، واخترع آلات لتصنيع تلك الأشرطة . ولاقتناع أديسون بقوة الفونوغراف ظلَّ أديسون يعمل عليه حتى وفاته .
وفكَّر أديسون باختراع فونوغراف خاص بتسجيل الصور المتحركة ، فاخترع أول كاميرا فيديو في التاريخ ، وأسماها : " بلاك مارِيّا " ، وقام بصنع جميع الأجهزة المتعلقة بكاميرا الفيديو ، وذلك بصناعة جميع الإكسسوارات المتعلقة بتلك الكاميرا لكي تعمل بطريقة صحيحة ، وتعرض صورها . وبعد عامين قام بعرض أول فيلم قام هو بتصويره ؛ ليبدأ حينها عصر الصور المتحركة ( الفيديو ) .
حينها بدأت كثير من الشركات في منافسة أديسون ، مما اضطر أديسون لترك العمل على الفونوغراف وكاميرا الفيديو، حيث مُنِيَ بخسارة فادحة جَرَّاء شدة المنافسة . حشد أديسون أمواله ،واعتزل في معمله لمدة عشر سنوات يطوِّر أجهزة للتنقيب عن المعادن واستخراجها ، لكنه لم يصل لشيء مفيد, وخسر بالتالي كلَّ أمواله . ودخل أديسون القرن العشرين مفلسًا لا يملك أيَّ شيء تقريبًا، إذ إنَّه باع حصته في شركة (General Electric ) من أجل تطوير أجهزة التنقيب عن المعادن ، ولكنَّه رغم تلك الخسارة الفادحة لم يقف ، وعاد يواصل عمله في تطوير الفونوغراف . وكان أديسون مغرمًا بالسيارات ،و كانت السيارات في ذلك الوقت تعمل بالبنزين أو البخار ، والبعض القليل منها يعمل بالكهرباء دون فعالية تُذكر ، وخطرت له ذلك الوقت أن يبتكر أول سيارة تعمل بالكهرباء ، وتكون فاعليتها عالية . فقد كانت بطاريات السيارات الحمضية الموجودة في ذلك الوقت ليست فعَّالة، مما جعل أديسون يقوم باختراع نوع خاص من البطاريات وهي البطاريات القلويَّة ، وتُستعمل الآن في العديد من المهام ، رغم أنَّها اُخترعت ابتداءً لتشغيل السيارات.
وكان اختراع السيارات التي تعمل بالبطاريات القلويَّة قد استهلك مدة طويلة من حياة أديسون ، ولكن بمجرد أن أنهى أديسون اختراعه ، كان العالم قد امتلأ بالسيارات التي تعمل بالبنزين ، ولم يتقبل أحد فكرة شراء سيارة أديسون الكهربائية . لكن أديسون لم يتوقف عند ذلك ، بل بدأ باختراع العديد من الأجهزة التي تعمل على بطارياته القلويَّة ، وقام ببيعها ، واستطاع من خلال ذلك أن يسددَ كل الأموال التي خسرها من قبل .
ثم قام أديسون بإعادة بناء شركته من جديد لتكون باسم " شركة توماس ألفا أديسون " ، وألحق بها المصانع التي تصنع اختراعاته.
وكان أديسون يبلغ من العمر حينذاك 64 عامًا . ومنذ ذلك التاريخ بدأ نشاط أديسون يقل ، وبدأ أديسون يتخلى عن أعماله اليومية ، ويفوّضها لعماله الذين يقدرون بالآلاف ، وتفرغ مهندسوه بتحسين اختراعاته . وفي عام 1915 م ، دُعِي أديسون ليكون كبير المستشارين العسكريين العلميين ، وكان ذلك المجلس متخصصًا باستثمار الطاقات العلمية لخدمة القوات العسكرية الأمريكية ، وكان ذلك بداية ارتباط المجالات العسكرية بالتطور العلمي والتقني . ولم يُعرف على وجه التحديد ما الذي اخترعه أديسون للقوات العسكرية الأمريكية سوى ما عُرف عنه أنه طوَّر جهازًا لتعقّب الغواصات الحربية ، أما بقية الاختراعات فلم يُعرف عنها شيء ، وبقيت قيد السرية . وظلَّ أديسون شخصية شهيرة في أمريكا والعالم ، وكُرِّمَ من مجلس الشيوخ الأمريكي بأعلى وسام ، وأُقيم معرض وطني لمخترعاته .
أما مشروعه الذي مات ولم يكتمل فقد كان نتيجة تعاون بينه وبين صديقه الحميم ( هنري فورد ) ، مطور محركات البنزين ، و ( هارلي فايرستون ) صاحب شركة (Firestone ) الشهيرة للإطارات. وكانت بغرض حل مشكلة إيجاد البديل للمطاط المستخدم في صناعة الإطارات ، حيث كان ذلك النوع من المطاط يستورد من خارج أمريكا ، ويبحثون عن بديل له ، وحينما لم يجد فورد وفايرستون طريقة لذلك ، قرروا الاستعانة بأديسون ، الذي مكث وقتًا طويلاً في المعمل لكي يجرب مئات المواد لعل أحدها تصلح مادة لصنع الإطارات . وترك أديسون من تجاربه نتائج مهمة ، اُستُكمِلَت بعد وفاته .
وفي أغسطس من عام 1931 م مات أديسون بعد معاناته مع المرض ، وترك للعالم أكثر من 1093 اختراعًا غير العالم ، ولازالت بعض اختراعاته تُستعمل حتى اليوم ، ليكون بذلك من أعظم المخترعين ولتشهد اختراعاته بكل ما قدمه للبشرية .
- مقتبس من كتاب ( كن مستعدا : خطوتك الأولى للبدء في عالم الاختراع )
-----------------------
إضافة :
نيكولا تيسلا هو المخترع الحقيقي للمصباح وهو في الاصل من اوكرانيا ، أديسون قام بالتطوير
وبعد أن تلقى العديد من الخبرات في مجاله ، قرر أن يستقر في مدينة بوسطن عام 1868 م ، وفي عُمْر الحادية والعشرين ترك مهنة مسؤول البارق ، وقرَّرَ أنْ يتفرغ للاختراع ، ونفَّذ أول اختراع له ، وحصل على براءة لاختراعه ، وقد كان ذلك الاختراع هو جهاز للتصويت الكهربائي ، بحيث يكون هذا الجهاز هو الطريقة الأسرع لاتخاذ القرار في المجالس الرسمية كمجلس النواب والكونجرس ، ومجالس البلديات والشركات .
هذا الجهاز الذي أبدعه أديسون ، وصرف له جهده وطاقته ، كان قد فشل فشلاً ذريعًا في السوق ، رغم أن هذا الجهاز كان يؤدي مهامه بشكل صحيح ، إلا أنه كان ذا تكلفة عالية . هذا الحدث أثَّر في أديسون كثيرا ، وجعله يفكر دائمًا في جعل اختراعه قابلاً للشراء من قِبَل الناس ، فركَّز جهده على الاختراعات التي يمكن للناس شراؤها واستخدامها ، فأصبح يعمل بعينين : عين على المعمل ، وعين على السوق . ثم بدأ في الفترة التي تليها بتركيز جهوده على تطوير أجهزة البارق ، وزيادة سرعتها وإنتاجيتها ، وأثناء تلك الفترة تزوّج وانتقل إلى نيويورك ، ومن ثم قام بإعداد أول اختراع ناجح له في السوق ، وهو اختراع مختص بايصال أسعار الأسهم التجارية ، والذي أسماه " طابع الأسهم العالمي " ، واستطاع أن يربح منه 40 ألف دولار ( وهو مبلغ يساوي الكثير في ذلك الوقت ). واستفاد من ذلك المبلغ في إنشاء معمله الصغير في نيوجرسي في عام 1871 م ،وخلال السنوات الخمس اللاحقة واصل العمل على تطوير البارق ( التليغراف ) ، وفي عام 1876 م باع أديسون جميع اختراعاته ومعمله ، وانتقل هو وعائلته وموظفيه لمنطقة قريبة من نيوروك اسمها منلوبارك ، وهناك شيَّد أديسون معملاً كاملاً لتنفيذ الاختراعات ، ويحتوي ذلك المعمل على كل ما يحتاج إليه لتنفيذ أيِّ اختراع تقريبًا ، وذلك أمر لم يُسبَق في العالم . وبعد أن استطاع أديسون أن ينشئ ذلك المعمل الرائع، قام بإنجاز أول اختراع غيَّر العالم به ، ويدعى "الفونو غراف " ، وهو أول جهاز يقوم بتسجيل الأصوات وإعادة تشغيلها ، وكان ذلك الجهاز تحفة تقنية أطلقت شهرة أديسون في الآفاق داخل وخارج أمريكا ، وطٌلِب منه أن يحضر للبيت الأبيض ،ويقابل الرئيس الأمريكي ؛ليعرض اختراعه ، وكان ذلك في عام 1887م .
وبعد ذلك بدأ أديسون باقتحام عالم جديد ، وهو تطوير المصباح الكهربائي . فكرة المصباح الكهربائي لم تكن جديدة في ذلك الوقت ، بل كان هناك العديد من المخترعين الذين أنجزوا مصابيح كهربائية في أمريكا وبريطانيا ، لكن ما نجح أديسون في إنجازه هو المصباح الكهربائي الأكثر فعالية واقتصادية، والأكثر أمانًا ؛ ليكون صالحًا في كل المباني ، وذلك إنجاز كبير. ولم يخترع أديسون المصباح فحسب ، بل اخترع أيضًا كلَّ ما يحتاج إليه المصباح من اختراعات أخرى تجعله أكثر فعالية وأسهل في الاستعمال . فاخترع المولد الكهربائي المناسب لهذا المصباح ، واخترع نظامًا مبتكرًا لتوصيل الكهرباء من المولد إلى المصابيح وغير ذلك . وأنجز أديسون ذلك الاختراع الرائع بعد مكوث طويل في المعمل ، وعمل شاق ، كي يصل للمصباح بصورته التي كان يريدها . فقد كانت جميع المصابيح التي صنعها أديسون وقام بتجربتها تحترق بمجرد إشعالها ، أو بعد ثوان من ذلك ، ولم يكن أديسون يريد ذلك ، بل كان يريد مصباحًا يعمل للأبد .
وبعد سنة ونصف من التجارب نجح أديسون في صناعة مصباح مفرَّغ من الهواء أضاء لمدة ثلاث عشرة ساعة بشكل متواصل ،ومن دون أن يحترق, وهنا شعر أديسون بفرحة الانتصار وبدأ بصناعة مصابيحه الفعَّالة . ولكنه لم يعلن عن ذلك إلا بعد أن أضاء معمله بالكامل ، فعرف الناس أن لدى أديسون اختراعًا ينير الليل بأقل كلفة وأكثر أمانًا وبهاءً من أي اختراع آخر . وبعد ذلك صرف أديسون سنواتٍ في صناعة الكهرباء ، وتوليد الطاقة ، وبنى أول محطة تجارية لتوليد التيار المستمرDC Current تمد جزيرة مانهاتن بالكهرباء في مساحة قطرها ميل .
وبعد انتشار منتجات أديسون الكهربائية ، بدأ يجني الأموال ، وبدأ الناس بالإقبال على شراء المنتجات المتعلقة بالكهرباء ، فأسس أديسون شركة أسماها " شركة أديسون العامة للكهرباء "Edison's General Electric Company" ، وكانت تلك بدايات الشركة المعروفة اليوم بشركة "General Electric" ، التي تعدُّ إحدى أقوى الشركات في العالم في مجال الكهرباء اليوم . وتلك الشركة لم تكن بأموال أديسون وحده ، حيث أن أديسون كان يريد توصيل الكهرباء لكل مكان في العالم ، فتشارك مع تجار عديدين ، شاركوه ملكية الشركة ، وكان يمتلك حصَّةً منها ، وتحمل اسمه . وكان ذلك العهد هو من أكثر عهود حياة أديسون إشراقًا ، لولا وفاة زوجته الأولى .
وبعد أن تزوَّج أديسون مرة أخرى ، وانتقل إلى نيوجرسي ، قرر أن يبني معملاً كبيرًا ؛ ليكون هو معمل أبحاثه ، وهو معمل مكون من خمسة مبانٍ ، على بعد ميل من بيته ؛ ليكون في ذلك وقت أكبر معمل لإنتاج الاختراعات الاقتصادية . وهذا المعمل يحتوي على مكتبة ومختبرات ومعامل ومصنع، مكَّن أديسون من أن يكون قادرًا على صناعة أي شيء يخطر في باله ، وأن يعمل على أكثر من 20 مشروعًا في نفس الوقت . وكل ذلك صنعه أديسون بمجهوده الشخصي ، ولم يكن لديه ثروة إلا عقله . وكان كلّ اختراع جديد يُنشِئ له مصنعًا بجانب المعامل ، فتحوَّلت المنطقة إلى منطقة مصانع تخصّ اختراعات أديسون .
و لظروف السوق وتحولاته ، اتحدت شركة أديسون مع شركة أخرى منافسة ، ليتحول اسم الشركة الحديثة إلى الشركة العامة للكهرباء General Electric ، باسمها المعروف اليوم . ثم عاد أديسون إلى العمل على الفونوغراف ، أو مسجل الصوت الكهربائي ، واخترع أنواعًا مختلفة منه تصلح للاستخدام التجاري ، واستطاع الناس تسجيل الأصوات والموسيقي عليه ، واُستخدم كذلك للأغراض العلمية والسياسية .
وكما اخترع أديسون المصباح وكل ما يتعلق به ، اهتم أديسون أيضا باختراع كل ما يتعلق بالفونوغراف ، فاخترع الأشرطة التي يمكن أن يُسجَّل فيها الصوت ، واخترع آلات لتصنيع تلك الأشرطة . ولاقتناع أديسون بقوة الفونوغراف ظلَّ أديسون يعمل عليه حتى وفاته .
وفكَّر أديسون باختراع فونوغراف خاص بتسجيل الصور المتحركة ، فاخترع أول كاميرا فيديو في التاريخ ، وأسماها : " بلاك مارِيّا " ، وقام بصنع جميع الأجهزة المتعلقة بكاميرا الفيديو ، وذلك بصناعة جميع الإكسسوارات المتعلقة بتلك الكاميرا لكي تعمل بطريقة صحيحة ، وتعرض صورها . وبعد عامين قام بعرض أول فيلم قام هو بتصويره ؛ ليبدأ حينها عصر الصور المتحركة ( الفيديو ) .
حينها بدأت كثير من الشركات في منافسة أديسون ، مما اضطر أديسون لترك العمل على الفونوغراف وكاميرا الفيديو، حيث مُنِيَ بخسارة فادحة جَرَّاء شدة المنافسة . حشد أديسون أمواله ،واعتزل في معمله لمدة عشر سنوات يطوِّر أجهزة للتنقيب عن المعادن واستخراجها ، لكنه لم يصل لشيء مفيد, وخسر بالتالي كلَّ أمواله . ودخل أديسون القرن العشرين مفلسًا لا يملك أيَّ شيء تقريبًا، إذ إنَّه باع حصته في شركة (General Electric ) من أجل تطوير أجهزة التنقيب عن المعادن ، ولكنَّه رغم تلك الخسارة الفادحة لم يقف ، وعاد يواصل عمله في تطوير الفونوغراف . وكان أديسون مغرمًا بالسيارات ،و كانت السيارات في ذلك الوقت تعمل بالبنزين أو البخار ، والبعض القليل منها يعمل بالكهرباء دون فعالية تُذكر ، وخطرت له ذلك الوقت أن يبتكر أول سيارة تعمل بالكهرباء ، وتكون فاعليتها عالية . فقد كانت بطاريات السيارات الحمضية الموجودة في ذلك الوقت ليست فعَّالة، مما جعل أديسون يقوم باختراع نوع خاص من البطاريات وهي البطاريات القلويَّة ، وتُستعمل الآن في العديد من المهام ، رغم أنَّها اُخترعت ابتداءً لتشغيل السيارات.
وكان اختراع السيارات التي تعمل بالبطاريات القلويَّة قد استهلك مدة طويلة من حياة أديسون ، ولكن بمجرد أن أنهى أديسون اختراعه ، كان العالم قد امتلأ بالسيارات التي تعمل بالبنزين ، ولم يتقبل أحد فكرة شراء سيارة أديسون الكهربائية . لكن أديسون لم يتوقف عند ذلك ، بل بدأ باختراع العديد من الأجهزة التي تعمل على بطارياته القلويَّة ، وقام ببيعها ، واستطاع من خلال ذلك أن يسددَ كل الأموال التي خسرها من قبل .
ثم قام أديسون بإعادة بناء شركته من جديد لتكون باسم " شركة توماس ألفا أديسون " ، وألحق بها المصانع التي تصنع اختراعاته.
وكان أديسون يبلغ من العمر حينذاك 64 عامًا . ومنذ ذلك التاريخ بدأ نشاط أديسون يقل ، وبدأ أديسون يتخلى عن أعماله اليومية ، ويفوّضها لعماله الذين يقدرون بالآلاف ، وتفرغ مهندسوه بتحسين اختراعاته . وفي عام 1915 م ، دُعِي أديسون ليكون كبير المستشارين العسكريين العلميين ، وكان ذلك المجلس متخصصًا باستثمار الطاقات العلمية لخدمة القوات العسكرية الأمريكية ، وكان ذلك بداية ارتباط المجالات العسكرية بالتطور العلمي والتقني . ولم يُعرف على وجه التحديد ما الذي اخترعه أديسون للقوات العسكرية الأمريكية سوى ما عُرف عنه أنه طوَّر جهازًا لتعقّب الغواصات الحربية ، أما بقية الاختراعات فلم يُعرف عنها شيء ، وبقيت قيد السرية . وظلَّ أديسون شخصية شهيرة في أمريكا والعالم ، وكُرِّمَ من مجلس الشيوخ الأمريكي بأعلى وسام ، وأُقيم معرض وطني لمخترعاته .
أما مشروعه الذي مات ولم يكتمل فقد كان نتيجة تعاون بينه وبين صديقه الحميم ( هنري فورد ) ، مطور محركات البنزين ، و ( هارلي فايرستون ) صاحب شركة (Firestone ) الشهيرة للإطارات. وكانت بغرض حل مشكلة إيجاد البديل للمطاط المستخدم في صناعة الإطارات ، حيث كان ذلك النوع من المطاط يستورد من خارج أمريكا ، ويبحثون عن بديل له ، وحينما لم يجد فورد وفايرستون طريقة لذلك ، قرروا الاستعانة بأديسون ، الذي مكث وقتًا طويلاً في المعمل لكي يجرب مئات المواد لعل أحدها تصلح مادة لصنع الإطارات . وترك أديسون من تجاربه نتائج مهمة ، اُستُكمِلَت بعد وفاته .
وفي أغسطس من عام 1931 م مات أديسون بعد معاناته مع المرض ، وترك للعالم أكثر من 1093 اختراعًا غير العالم ، ولازالت بعض اختراعاته تُستعمل حتى اليوم ، ليكون بذلك من أعظم المخترعين ولتشهد اختراعاته بكل ما قدمه للبشرية .
- مقتبس من كتاب ( كن مستعدا : خطوتك الأولى للبدء في عالم الاختراع )
-----------------------
إضافة :
نيكولا تيسلا هو المخترع الحقيقي للمصباح وهو في الاصل من اوكرانيا ، أديسون قام بالتطوير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..