الحمد لله وبعد،،
مع
دخولنا في الإجازة الصيفية فإن كثيراً من الشباب –ولله الحمد- تجده قد عزم
على القراءة والاطلاع، وبعضهم وضع لنفسه جدولاً وعيّن كتباً لقراءتها،
وبعضهم يستشير أهل التخصصات في مقروءات يقترحونها.
والحقيقة أن
من أهم المعطيات في باب العلم، وفعالية القراءة والاطلاع؛ هو أنه وبكل اختصار: (الكتب البديعة كثيرة، والعمر قصير، والصوارف تتزايد)،
ومن تأمل هذه المعادلة أدرك أنه لا يمكن الفرار من التفكير في استثمار
الوقت المخصص للقراءة إلى أقصى ما يمكن تحقيقه من الأرباح المعرفية.
ومن وسائل استثمار (وقت القراءة) ما يسمى بـ(قراءة الجرد)
وهي المطالعة السريعة للكتاب بحيث يلتقط القارئ من خلالها: هيكل الكتاب،
وأسئلته الرئيسية، ومظان المسائل فيه، والتصورات العامة في الكتاب.
ويحدد
من خلال هذا الجرد: ما مدى احتياجه للكتاب؟ ثم أين يقع بالضبط موضع الحاجة
منه؟ حتى لا يتورط بصرف قراءة دقيقة تحليلية لكتاب قد يكتشف بعد الانتهاء
منه أنه كتاب هش ضيّع وقته، أو لا يتلاقى مع احتياجاته، أو يكتشف أن المفيد
من الكتاب هو الفصل الفلاني فقط، الخ فمثل هذه الأمور لا يستطيع أن يحددها
من يبتدئ الكتاب بقراءة دقيقة قبل قراءة الجرد، حيث تمثل قراءة الجرد
(قراءة استكشافية مسبقة)، وهذه القراءة السريعة ليست (تصفح عشوائي) بل هي
(تصفح منظم)، والتمييز بين التصفح العشوائي والمنظم هو أحد التمييزات الهامة في فن القراءة كما سيأتي التنبيه عليه.
والمراد أن الانخراط في القراءة التفصيلية للكتاب، قبل عملية التصفح المنظم، نوع من الغرر المعرفي، وهو يشبه ركوب المجاهل قبل تصفح الخريطة.
وقراءة الجرد كانت أحد أهم الأنماط الشائعة للقراءة
لدى سلفنا، بجانب أنماط أخرى للقراءة طبعاً، كقراءة الضبط والتصحيح
والتأمل والاستظهار والحفظ الخ، وأخبارهم في قراءة الجرد منتشرة مبثوثة في
كتب التراجم، ولكن بعض أهل العلم جمع نماذج من ذلك، ومن أهم من خصص فصولاً
لذلك العالمان:
1-جمال الدين القاسمي (ت1332هـ) في كتابه: قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، تحقيق مصطفى شيخ، مؤسسة الرسالة، 1425هـ، الطبعة الأولى.
2-عبد الحي الكتاني (ت1382ه) في كتابه: فهرس الفهارس والأثبات، ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، عناية إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، 1402هـ، الطبعة الثانية.
فأما القاسمي فقد عقد فصلاً في كتابه قواعد التحديث في ثنايا الباب التاسع قال فيه (ذِكر أرباب الهمة الجليلة في قراءتهم كتب الحديث في أيام قليلة) ثم ساق عدداً من الأخبار.
وأما الكتاني فقد نقل كلام ابن حميد -صاحب السحب الوابلة- عن شيخه السنوسي وقراءته لكتب الحديث في أيام قليلة، ثم علّق الكتاني مستطرداً بقوله (وعلى ذِكر سرعة القراءة، والصبر على السماع..) ثم ساح قلم الكتاني في ذكر أخبار أهل العلم في قراءة الجرد السريعة.
وسأنقل
هاهنا هذين الفصلين للقاسمي والكتاني، مع شيء من الترتيب والاختصار، ليطلع
القارئ على نماذج من قراءة الجرد عند سلفنا، فمن هذه الأخبار:
1-جاء في ترجمة الفيروزآبادي صاحب "القاموس" أنه قرأ بدمشق، على ناصر الدين بن جهبل، صحيح مسلم، في ثلاثة أيام، ثم أنشد:
قرأت بحمد الله جامع مسلم ** بجوف دمشق الشام جوف الاسلامِ
على ناصر الدين الإمام ابن جهبل ** بحضرة حفاظٍ مشاهير أعلامِ
وتم بتوفيـــــــــــق الإلـــــــــــــه وفضلــــــــــــه ** قـــــــــراءة ضبــــــــط، في ثلاثــــــــــــة أيامِ
[القاسمي، قواعد التحديث، ص452؛ الكتاني، فهرس الفهارس، ص1046].
2-(وقال
الحافظ السخاوي: وقع لشيخنا الحافظ "ابن حجر" أجلّ مما وقع لشيخه المجد
اللغوي، فإنه قرأ صحيح البخاري في أربعين ساعة رملية، وقرأ صحيح مسلم في
أربعة مجالس سوى مجلس الختم في يومين وشيء، وقرأ سنن ابن ماجه في أربعة
مجالس، وقرأ كتاب النسائي الكبير في عشرة مجالس كل مجلس منها نحو أربع
ساعات، وقرأ صحيح البخاري في عشرة مجالس كل مجلس منها أربع ساعات. ثم قال
السخاوي: وأسرع شيء وقع له -أي لابن حجر- أنه قرأ في رحلته الشامية معجم
الطبراني الصغير
في مجلس واحد بين صلاتي الظهر والعصر. قال: وهذا الكتاب في مجلد يشتمل على
نحو ألف حديث وخمسمائة حديث)[القاسمي، قواعد التحديث، ص 454].
3-(وقرأ
الحافظ أبو الفضل العراقي "صحيح مسلم" على محمد بن إسماعيل الخباز، بدمشق،
في ستة مجالس متوالية، قرأ في آخر مجلس منها أكثر من ثلث الكتاب، وذلك
بحضور الحافظ زين الدين بن رجب، وهو يعارض بنسخته) [القاسمي، قواعد التحديث، ص 453].
4-(وفي
تاريخ الذهبي في ترجمة "إسماعيل الحيري الضرير" ما نصه:وقد سمع عليه
الخطيب البغدادي بمكة صحيح البخاري، بسماعه من الكشميهني، في ثلاثة مجالس؛
اثنان منها في ليلتين ،كان يبتدئ بالقراءة وقت المغرب ويختم عند صلاة
الفجر، والثالث من ضحوة النهار إلى طلوع الفجر. قال الذهبي: "وهذا شيء لا
أعلم أحدًا في زماننا يستطيعه") [القاسمي، قواعد التحديث، ص 453].
5-قال الشيخ جمال الدين القاسمي
معلّقاً على الأخبار السابقة ومتحدثاً عن نفسه: (والعبد الضعيف، جامع هذا
الكتاب، قد من الله عليه بفضله فأسمع صحيح مسلم رواية ودراية في مجالس من
أربعين يوماً، آخرها في 28 من شهر صفر الخير سنة 1316هـ، وأسمع أيضا سنن
ابن ماجه كذلك في مجالس من إحدى وعشرين يوماً، آخرها في 22 من شهر ربيع
الأول سنة 1316هـ، وأسمع –أيضاً- الموطأ كذلك في مجالس من تسعة عشر يوماً،
آخرها في 15 من شهر ربيع الآخر سنة 1316هـ، وطالعت بنفسي
لنفسي "تقريب التهذيب" للحافظ ابن حجر، مع تصحيح سهو القلم فيه، وضبطه،
وتحشيته من نسخة مصححة جداً؛ في مجالس من عشرة أيام، آخرها في 18 من شهر ذي
الحجة سنة 1315هـ. أقول: وهذه الكتب قرأتها بإثر بعضها، فأجهدت نفسي
وبصرى، حتى رمِدْتُ بأثر ذلك، شفاني الله بفضله، وأشفقت من العود إلى مثل
ذلك، وتبين أن الخيرة في الاعتدال، نعم لا ينكر أن بعض النفوس لا تتأثر
بمثل ذلك لقوة حواسها، وللإنسان بصيرة على نفسه، وهو أدرى بها) [القاسمي، قواعد التحديث، ص 454].
6-(وجاء
في ترجمة أبي الحسن العلوي التوقادي من معجم الحافظ مرتضى الزبيدي: قرأ
عليّ الصحيح في اثني عشر مجلساً، في رمضان سنة 1188هـ، في منزلي، ثم سمع
الصحيح ثاني مرة مشاركاً مع الجماعة، مناوبةً في القراءة، في أربعة مجالس،
وكان مدة القراءة من طلوع الشمس إلى بعد كل عصر، وصحيح مسلم في ستة مجالس
مناوبةً بمنزلي) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1045]
7-(وجاء
في ترجمة البرهان البقاعي الحنبلي من "شذرات الذهب في أخبار من ذهب" لابن
العماد: أنه قرأ على البدر الغزي البخاري كاملاً في ستة أيام، أولها يوم
السبت 11 رمضان عام 930هـ، وصحيح مسلم كاملاً في رمضان عام 931هـ، في خمسة
أيام متفرقة في عشرين يوماً) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1045]
8-(وذكر
القسطلاني عن نفسه: أنه قرأ البخاري على رحلة الآفاق أبي العباس بن طريف
الحنفي؛ في خمسة مجالس، وبعض مجلس، قال: متوالية، مع ما أعيد لمفوّتين،
أظنه نحو العُشْر، وذلك عام 882هـ) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1046]
9-(وفي "كنز الرواية" لأبي مهدي الثعالبي لدى ترجمة الخطيب أنه: قرأ صحيح البخاري بمكة في خمسة أيام على كريمة المروزية) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1046].
10-(وقال
الحافظ تقي الدين ابن فهد في ذيله: بلغ ابن حجر الغاية القصوى في الكتابة
والكشف والقراءة، فمن ذلك أنه قرأ البخاري في عشرة مجالس من بعد صلاة الظهر
إلى العصر، ومسلماً في خمسة مجالس في نحو يومين وشطر يوم، والنسائي الكبير
في عشرة مجالس كل مجلس منها قريب من أربع ساعات، وأغرب ما وقع له في
الإسراع أنه قرأ في رحلته الشامية المعجم الصغير للطبراني في مجلس واحد
فيما بين صلاتي الظهر والعصر، وفي مدة إقامته بدمشق، وكانت شهرين وثلث شهر،
قرأ
فيها قريباً من مائة مجلد، مع ما يعلقه ويقضيه من أشغاله) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1048].
11-(وفي " الغنية " للقاضي عياض حين ترجم لابن النخاس قال: حدثني برسالة ابن أبي زيد، بقراءتي عليه، في مجلس واحد، في داره بقرطبة) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1048].
12-(وفي
فهرس مولانا فضل الرحمن الهندي، الذي جمعه له صاحبه الشيخ أحمد أبو الخير
المكي أنه: قرأ الصحيح على شيخه الشيخ محمد إسحاق الدهلوي، بالهند، في بضعة
عشر يوماً) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1049].
13-ثم لما ساق الكتاني (ت1382هـ) الأخبار السابقة علق عليها متحدثاً عن نفسه فقال:
(وجامع
هذه الشذرة، محمد عبد الحي الكتاني؛ قرأ صحيح البخاري، تدريساً، بعنزة
القرويين، قراءة تحقيق وتدقيق في نحو خمسين مجلساً، لم يدع شاذة ولا فاذة
تتعلق بأبوابه ومحل الشاهد منها إلا أتى عليها، مع غير ذلك من الطائف
المستجادة، ولعله أغرب وأعجب من كل ما سبق، والله خالق القوى والقدر) [الكتاني، فهرس الفهارس، ص1049].
ولعلك
تلاحظ التشابه الطريف بين القاسمي والكتاني، فكلاهما لما أنهى أخبار قراءة
الجرد التي وقعت لأهل العلم فيما سبق، ختم ذلك بذكر ما وقع له نفسه.
وهناك
أخبار أخرى غير ما ذكره القاسمي والكتاني، وهي أخبار كثيرة تمر في كتب
التراجم والطبقات، يعرفها من يتعامل مع هذه الكتب أدنى تعامل، ولكني أضربت
عن سردها لأنه ليس المقصود الاستيعاب، وإنما المقصود ذكر نماذج توضح حضور
ومنزلة نمط (قراءة الجرد) عند أهل العلم.
وقد كنت مرةً أستمع لمحاضرة ممتعة للداعية الأمريكي حمزة يوسف بعنوان (How to read a book?) أي: كيف تقرأ كتاباً؟ وشد انتباهي تنويهه بكتاب بذات العنوان،
للمفكر الأمريكي (Mortimer Adler - 2001)، وذكر
حمزة يوسف أن محاضرته مستمدة من هذا الكتاب، وذكر أنه درس على المؤلف، وأن
المؤلف صديق لوالده، استمر في تثمين الكتاب، ولما بحثت عن الكتاب اكتشفت
أنه مترجم للعربية أيضاً، ترجمه طلال الحمصي، ونشرته الدار العربية للعلوم،
بنفس العنوان (كيف تقرأ كتاباً؟)، وفي هذا الكتاب
نبّه المؤلف على أهمية القراءة الاستكشافية السريعة المسبقة للكتاب.
كما
ميّز المؤلف بين التصفح العشوائي والتصفح المنظم، وذكر أن التصفح المنظم
يستهدف الإجابة عن: ما هو الشيء الذي يبحثه الكتاب؟ ما هي بنية الكتاب؟ ما
هي أجزاؤه؟
وقد نبه على أهمية هذه القراءة الاستعراضية الأولية بقوله:
(معظم
الأشخاص، بل وحتى عدد كبير من القراء الجيدين؛ لا يعرفون أهمية القراءة
التصفحية، إنهم يبدؤون الكتاب من الصفحة الأولى، ويتقدمون بجد وثبات حتى
آخر الكتاب، وبدون قراءة الفهرس، إنهم في هذه الحالة يواجهون إنجاز هدف
المعرفة السطحية للكتاب، بنفس الوقت الذي يحاولون به فهمه، وهذا يضاعف
صعوبة الكتاب)[أدلر، كيف تقرأ كتاباً؟، ترجمة الحمصي، ص33].
وقد ذكر إرشادات وآليات لهذا النوع من القراءة التصفحية في الفصل الرابع (ص47).
ومن أهم الإشكالات التي تطرأ في أذهان بعض القراء هو قولهم: أننا من خلال القراءة السريعة نخشى أن لا نفهم؟!
وهذا
غير دقيق بتاتاً، فكثير من الناس يتصور أن البطء في القراءة يثمر دوماً
الفهم، وهذا صحيح جزئياً، ولكنه ليس كل شيء، بل هناك مستوى من الفهم لا
يمكن إلا بالقراءة السريعة! وهي "التصورات العامة للكتاب"، ولو قلت
لشخص إنك بالقراءة البطيئة سيفوت عليك فهم أشياء مهمة في الكتاب لربما
يستغرب، ولكن هذا أثبتته التجربة، ونبه عليه عدد من المعنيين بالمعرفة، ومن
ذلك ما قاله عالم الرياضيات والفيزياء الفرنسي المعروف باسكال (Blaise Pascal-1662) في رسالة صغيرة له ضمنها بعض تأملاته يقول فيها:
Pascal, Pensées, 69 (When we read too fast or too slowly, we understand nothing)
وترجمتها: (حين نقرأ بسرعة شديدة، أو ببطء شديد؛ فإننا لا نفهم شيئاً)
الحقيقة أن كون القراءة بسرعة "شديدة" تنتج عدم الفهم، هذا معروف وشائع، لكن كون القراءة ببطء "شديد"
تنتج أيضاً عدم الفهم؛ فهذا تصور يغيب عن الكثير من المعنيين بالقراءة
والاطلاع! بل لربما تصور بعضهم العكس، وهو أن القراءة ببطء شديد تثمر مزيد
الفهم، برغم أنها تضيع الفهم!
لقد أثبتت التجربة أن التصورات العامة للكتاب ليست موجودة في "المفردات" بل في "الروابط" بين المفردات، وهذه الروابط لا تتضح للذهن إلا إذا تم وصلها بسرعة، فأما مع الانفصال الزمني بينها فإن الذهن يشرد.
على
أية حال .. المقصود من هذه المقالة الموجزة عرض نمط للقراءة وظّفه علماء
السلف بكثافة، ونبه عليه لاحقاً علماء ومفكرون غربيون، والهدف منه المساهمة
في بناء المعرفة والعلم في المجتمع المسلم، وتخيل معي لو أن طالب علم قرر
جرد مطولات الاسلام في فترة وجيزة، مثل: الكتب الستة، وتفسير الطبري،
وتفسير القرطبي، والتمهيد لابن عبد البر، وفتح الباري لابن حجر، والمغني
لابن قدامة، ونهاية المطلب للجويني، ومجموع فتاوى ابن تيمية، وتاريخ
الاسلام
للذهبي، فماذا سيحصل من: التصورات الشرعية الكلية، ومظان المسائل، وهياكل
الفنون، ومواطن الاتفاق والاختلاف؟!
بل هل يسمح العمر بقراءة مثل هذه المطولات إلا بنمط قراءة الجرد التي طبقها السلف؟
العمر
قصير، ومطولات الإسلام كبيرة، وفيها أمتع ما في الدنيا، وأخشى أن تكون
أوقات شباب الإسلام الذين عليهم الرهان تلتهمها مواقع التواصل الاجتماعي،
والعلم والثقافة سواعد الدعوات.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
ابوعمر
مفتتح شعبان 1433هـ
منشور في مجلة (رؤى فكرية)
http://www.roaa.ws/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..