الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

كلمة منصفة في سيد قطب

 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ... أما بعد :
 سيد قطب رحمه الله رجل بدأ حياته في اضطراب فكري كما يقول صلاح الخالدي وهو من محبيه فقال عن
سيد في كتابه (( سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد )) : [ نشأ - سيد - على تقاليد الإسلام في طفولته في القرية , ولما سافر إلى القاهرة أقبل على الأدب والنقد والدراسة والثقافة والمعرفة , وصار يتلقى من الثقافة الغربية المادية , وهذا جعله يمر بمرحلة من الشك والارتياب في الحقائق الدينية إلى أقصى حد !] انتهى

 ويقول الخالدي : [ إن رحلة ضياعه استمرت حوالي خمسة عشر عامًا ما بين 1925-1940م ] . انتهى

 ولم يكن اتجاه سيد قطب لدراسة القرآن من منطلق تدين أو استقامة , ولكنه اتجه لدراسة القرآن لدواعي أدبية كما قال الخالدي : [ وفي هذه المرحلة - أي ما بين 1940-1945م - أقبل على القرآن يدرسه لدواع أدبية ] . انتهى

 الشاهد من ذلك أن سيداً رحمه الله وغفر له , لم يكن مؤهلاً عند اتجاهه لدراسة القرآن , وفاقد الشيء لا يعطيه , بل إن كل ما أُخذ عليه من أقوال واعتقادات منحرفة , كانت بسبب جهله بحقيقة علم الشريعة , وعدم تلقيه أصول هذا العلم الجليل من أهله. وكل من كان على هذه الحالة , لا بد له من أن يعتقد ثم يستدل , وهذا منشأ ضلال كل جماعة أو فرد في الغالب , لأن الاعتقاد إما أن يكون مبنيًا عن علم صحيح أو علم فاسد.

 المقصود أن سيدًا بدأ في التوجه الديني على غير هدى , في وقت كانت الحالة فيها مزرية في أكثر الدول الإسلامية , وكان المسلمون في قمة التمزق والذل الاستعماري , فانعكس ذلك على فكر سيد قطب , فكانت بداية الانحراف أن اعتقد بأن البشرية قد ارتدت وعادت كهيئتها يوم نزول القرآن أول مرة !!

 يقول سيد قطب في الظلال :( لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية؛ وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزل هذا القرآن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "..." فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد , وإلى جور الأديان , ونكصت عن لا اله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : لا اله إلا الله) . انتهى

 وقد شهد على سيد قطب بتكفير المجتمعات المسلمة , زملاء له في جماعة الإخوان المسلمين كالقرضاوي وفريد عبد الخالق وعلي جريشة . وقد أكد القرضاوي في كتابه أولويات الحركة الإسلامية , وفي مقابلة تلفزيونية عن ما كتبه قطب في كتابه "معالم في الطريق"، والذي اعتبر فيه أن المجتمع بالأساس غير مسلم ومهمة المصلحين هي رد الناس أولا إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة وأن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا... انتهى كلام القرضاوي

 ويقول علي جريشة في كتابه (( الإخوان المسلمون في ميزان الحق )) :(إن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات , وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد قطب وكتاباته , وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية) .انتهى

 وانظر أيها المبارك لفهم سيد قطب لقضية الربا كما في تفسيره لآخر سورة البقرة , فقد فَهِم فَهْم الخوارج الذين يكفرون بالكبائر فيقول سيد قطب : (وكان هذا في العمليات الربوية الفردية ؛ فأما في المجتمع الذي يقوم كله على الأساس الربوي فأهله كلهم ملعونون ! معرضون لحرب الله ، مطرودون من رحمته بلا جدال!!) .انتهى

 وقد جزم سيد قطب بكفر كل من يتعاطى الربا وأخذ هذا الحكم من ظواهر الآيات كقوله تعالى:{ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ }. يقول سيد :( وهذا التعقيب هنا قاطع في اعتبار من يصرون على التعامل الربوي - بعد تحريمه - من الكفار الآثمين ، الذين لا يحبهم الله ، وما من شك أن الذين يحلون ما حرم الله ينطبق عليهم وصف الكفر والإثم ، ولو قالوا بألسنتهم ألف مرة : لا إله إلا الله!! . محمد رسول الله!! . . فالإسلام ليس كلمة باللسان؛ إنما هو نظام حياة ومنهج عمل؛ وإنكار جزء منه كإنكار الكل . . وليس في حرمة الربا شبهة؛ وليس في اعتباره حلالاً وإقامة الحياة على أساسه إلا الكفر والإثم . . والعياذ بالله) .انتهى

 وعقيدة أهل السنة والجماعة أن المسلم لا يكفر بالذنوب الكبيرة إلا إن استحلها , وأما من يموت وهو مصر على الكبائر , فهو تحت المشيئة الإلهية , فإن شاء عذبه وإن شاء غفر له , ومن يدخل النار من الموحدين أهل الكبائر فمصيرهم إلى الجنة قطعًا لقوله تعالى:{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } .

 ولك أيها المنصف أن تستغرب لو علمت أن سيدًا قد مدح صنيع الخوارج تجاه عثمان -رضي الله عنه-!! , وقال: إن موقفهم أقرب إلى روح الإسلام من موقف عثمان -رضي الله عنه- !

 يقول سيد في كتابه العدالة الاجتماعية :(وأخيراً ثارت الثائرة على عثمان واختلط فيها الحق بالباطل، والخير بالشر، ولكن لابد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام ، ويستشعر الأمور بروح الإسلام أن يقرر أن تلك الثورة في عمومها كانت أقرب إلى روح الإسلام واتجاهه من موقف عثمان أو بالأدق من موقف مروان! ). انتهى

وأهل السنة متفقون على أن الخروج على الحاكم الفاجر كبيرة من كبائر الذنوب , فكيف بالخروج على ذي النورين الذي تستحي منه الملائكة , والذي قيل فيه وحيًا ( ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ) ؟!!

 المقصود أن سيدًا دخل عليه فكر الخوارج بلا أدنى ريب , لأن فكر الخوارج أصله من طغيان الطاعة , وقد حذر القرآن والسنة من هذا الطغيان لعواقبه الوخيمة فقال تعالى:{ فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا }.وقال عليه الصلاة والسلام :( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق " وفي رواية " وما شاد الدينَ أحدٌ إلا غلبه " .

 فتوجه سيد قطب الأدبي وصياغة الأفكار الخارجية في قالب حماسي كله غيرة على الإسلام , يسحر العقول وإن من البيان لسحرًا , والرجل قد يكون صاحب نية حسنة ابتداءً , ولكن النية الصالحة لا تصحح العمل .

 وقد مات سيد قطب ولكن هل ماتت أفكاره ؟!!

يقول أيمن الظواهري كما في صحيفة الشرق الأوسط، عدد 8407- في 19/9/1422هـ : (( إن سيد قطب هو الذي وضع دستور "الجهاديين !!" في كتابه الديناميت!! : (معالم في الطريق)، وإن سيد هو مصدر الإحياء الأصولي!!، وإن كتابه العدالة الاجتماعية في الإسلام، يعد أهم إنتاج عقلي وفكري للتيارات الأصولية!، وإن فكره كان شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوماً بعد يوم)). انتهى

وأخيرًا يجب أن يعلم المنصف أن أهل العلم لا يشتغلون بالرد على كتاب أو على فلان من الناس إلا بحسب خطورة الأفكار , وإلا فالمخالفون لعقيدة أهل السنة كثير, ولكن لما كان فكر سيد قطب هو قاعدة انطلاق كل الحركات التكفيرية في العصر الحديث , وجدت الردود العلمية المبينة لهذا الفكر المنحرف , لاسيما وأن هناك من فتن بهذا الفكر وحاول تمريره على أنه تجديد للدين !!

 وقد علق الشيخ الألباني على خاتمة كتاب (( العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم للشيخ ربيع المدخلي)) موافقا ما فيه من نقد وتحذير بقوله رحمه الله :(كل ما رددته على سيد قطب حق وصواب , ومنه يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه .فجزاك الله خير الجزاء أيها الأخ ( الربيع ) على قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام) . انتهى

 وأهل العلم أيدوا هذه الردود كما في :

- كتاب (براءة علماء الأمة)
والذي فيه أقوال أهل العلم في فكر سيد قطب والواجب تجاهه 

- وانظر   :


 والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

جمع / أبي طارق النهدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..