لا
أرغب في أن أوصي أحدكم أن يتراجع
عن النقد الواقعي
للدولة , والسير
فيه حتى آخره
ومنتهاه , بل يتبنى
واقعية أعمق وأشمل
, واقعية تدخل في حسابها -
النواحي الإيجابية - من كياننا الوطني
بكل مكوناته , وتاريخنا الحاضر
المعاصر , بكل منجزاته , كما تُدخل في واقعيتها -
النواحي السلبية - التي لم تتجرد منها دولة
. ولا تخلى عنها كيان سياسي عبر التاريخ , ولا خلت منها علاقة
شديدة التعقيد بين حاكم ومحكوم
, وبين رئيس ومرؤوس
, وبين طالب ومطلوب .
لا أوصيكم .. بعدم النقد
! بل الإصرار
عليه بقيد شيء واحد وهو
- النزاهة - وأمانة المسؤولية
في إيجاد التوازن
في معالجة الخطأ
, دون تزييف الواقع , والإخبار بما نحن فيه دون السقوط
في غلو النقد
والمبالغة فيه , أو ازدراء
الذات , أو التحريض على كراهية حاضرنا
السياسي والمجتمع الذي يمثله حدا ينتهي بنا إلى الشعور
باليأس من المستقبل .
النقد للواقع , أحيانا يتلبسه
السطحية , رغم أمانة حامله وصدق نواياه
, لأن الكثير
منها ينتج من العرف المحبب
للجمهور , العرف الذي يخلق التصفيق بحماسة
ضارية , وترحيب
كبير , أن يتبع الكاتب
ما يُغري الجمهور أكثر , كما هو ردة فعل نفسية وفكرية
, على خطاب غلو - عصمة الدولة
- وعصمة كيانها
بالمطلق , الخروج
عن قالب أن الدولة صواب مطلق .. وأن الوزارة
تسقط على صاحبها
قداسة ترفعه عن مقام الخطأ
.. وعن مقام الأنا
, ومنافعها الضيقة
! .
لا أوصيكم بترك النقد
.. بل
أوصيكم بتبني المسؤولية
واختيارها , والرهان
على أمانة الكلمة
وتبنيها , أكثر من الرهان
على الإنتشار السريع
, والنشوة العارمة
بتعالي التأييد العاجل
, على حسا ب
خلق بيئة حاضرة -
لكراهية الذات - وميلاد جيل لا يؤمن بساسته , ولا يستطيع
الرهان على وطنه ,
أو التمسك به , أو قبوله
. !
اليوم فيما يُبصره
كل بصير , وفيما تقع عليه كل
عين , من الكًتاب والمفكرين
, يُبصر هناك حسا فرديا
, يتكون متناميا وعميقا ’
ومتزايدا في التخلي
عن المسؤولية الفردية
في البناء والتطوير
والعطاء المشترك .
أوصيكم الترقب ..! أن تبصروا
هذه البيئة السامة
التي تنساب عبر وسائل متعددة
, وعبر طرق مختلفة , وعبر فكر يراد له أن يكون هو الصواب , وهو
الحق , ذاك الفكر الذي يجعل الدولة
كيان فاسد , لا وجود ناقص
!! إن الكمال
مضاد للبشرية وعقلها
في أكثر الأمور ..
المملكة اليوم تحتاج إلينا جميعا لتتكامل
.. وتتطور .. وتبقى في سيرة ما سبق لها أن
نجحت فيه , وما سبق لها أن تميزت به
, وما سبق لها أن شرفتنا وتشرفنا
بها , في مرات
كثيرة , وعبر تاريخ طويل ...
بلا حصر وبلا عد
..
هذا زمن جعلنا جميعا نخلق عصرنا و واقعنا , بقدر ما نحن نتاجه
. ! .. نحن الشجرة
, ونحن الثمر أيضا
! نحن الحاضر
بما ما فيه , خيره وشره
, ونحن المستقبل
بما فيه من الرجاء
والأمل و صعوبة التحدي .
الناقد و الكاتب
اليوم بات لاعبا
شديد الخطورة أكثر
من أي وقت مضى
, أكثر
من كل مراحل التاريخ
, لكونه وحده
, الخالق ( لمزاج ) الفترة
, التي يعيش فيها جيل بأكمله
, ويكون نفسية الشعب
, والجمهور والعامة فيما يقبله وفيما يثوره .. !
المقالة , والكاتب , والدولة , بكل مكوناتها
الكبيرة , وإمكاناتها الهائلة
, تقف
أمام - صيرورة -
تتعجل تغيير ألأخطاء
, قديمها , وتلك التي على وشك أن تتكون
.. ! المقدمات حبلى بميلاد مشاريع
وطنية غير مكتملة
النمو , ولا مكتملة
النضج , ولا مكتملة
الخلق ..! .
التكنولوجيا جعلت الإنسان
أضعف من حمل الصبر , وأعجز منه
, كل شيء بات سريعا أكثر مما يجب , سقط كل شيء , سقط المكان
, بقوة أجنحة الطيران
العملاقة , وسقط الممنوع بالفضاء
المفتوح , على كل ما لا ترغب فيه خصوصية الدول , وخصوصية ثقافتها
, ونسيج العادات , والتقاليد منها
. بات كل شيء متشابه
, وكل شيء مستنسخ , وكل شيء يشبه كل شيء , في كل مكان من الأرض .
هذا
يجعلنا , أمام ,
أمرين هامين , ضرورة تغيير ما يثير غضب الناس
, ويضغط على أعصابهم , ومعاشهم . وأرغفة خبز أطفالهم . أرزاقهم ومعاشهم
..! . وهنا لا فرصة للمجاملة
فيه أو عليه ,
لكونه يكون بارود أنفجار لا يمنعه براميل
الخشب الباردة التي تأطره وتحمله
, والثاني : النقد
الرشيد والذي يتحلى بالتركيز على تكميل النقص , وإستكمال خطوات النجاح , والحفاظ
على المكتسبات الحقيقية والواقعية
..
وعدم
نبذ الذات , والتعالي
عليها بكل الخير , والصورة الإيجابية
الكبيرة التي كانت وما زالت ترتسم على الحاضر والواقع
كل يوم , وكل صبح بجمال جديد , وأمل
جديد , تعالوا نقتل الديدان دون أن نقتلع الشجرة , و نعقم المحصول
لا أن نحرق البيدر .
د. محمد بن سعود المسعود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..