السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتمنى أن أجدَ حلًّا لمشكلتي هنا، فهذه أول مرة أُرسل مشكلتي لشبكة الألوكة.
لقد تزوَّجت في سنٍّ صغيرة، وكان عمر زوجي ضعف عمري، ولدينا ولدان، وكنا سعداء والحمد لله، رغم علمي بكل شيء عن محبوبته الأولى التي كان كثير الذِّكْرِ لها، ثم انتهى الكلام عنها؛ لأني كنت أغار جدًّا عليه!
بين الحين والآخر أجد مكالمات ورسائلَ على هاتفه خاصة ببعض النساء، فانفجرتْ غَيرتي كالبركان، وما عدتُ أثق فيه وفي تصرُّفاته.
كذلك كان يُكَلِّم قريبة له في الهاتف ساعاتٍ كثيرة، وكان يغار على إحدى قريباته بشكل لافت للجميع، وهو دائمًا يُنكر هذه الاتصالات واللقاءات والرسائل، فأصبحتُ أشك في كلِّ تصرُّفاته، حتى إني أتصل به أكثر مِن مرة، مكرِّرة أسئلتي: مَن تكلِّم؟ مَن التقيتَ؟ لماذا تتأخَّر؟
أحس الآن أني أكرهه، وأكره بيتي، ولم يساعدني أحدٌ مِن أهلي على هذه الأمور، بل هم ضِدِّي، أتمنى أنْ تُساعدوني؛ لأني أتمنى أن أعيشَ حياةً سعيدة، ليس فيها همٌّ.
وجزاكم الله خيرًا على هذه الشبكة الراقية الرائعة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً أرحِّب بكِ - أختي الفاضلة - في قسم الاستشارات.
أختي الحبيبة، الغيرةُ صِفَةٌ محمودة ومطلوبة، وهي من طبيعة الإنسان، فالذي لا يَغَار فهو مختلٌّ في شعورِه، بل إن الله - تعالى - يَغَار؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يَغَار، وإن المؤمن يَغَار، وغيرةُ الله أن تُنتَهك محارمه))؛ متفق عليه.
والغَيرة أختي نوعان: غَيرة يحبُّها الله - تعالى - وغَيرة يبغضها، أما التي يحبها الله - تعالى - فهي التي تكون في محلِّها، والتي يكرهها هي التي تُبنَى على الوساوس؛ لقول رسولنا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((إنَّ من الغَيرة ما يحبها الله وما يبغضها؛ فالغَيرةُ التي يحبها الله الغيرة في الرِّيبة، والغَيرة التي يُبغِضها الله الغَيرة في غير رِيبة))؛ حسَّنه الألباني.
والغَيرة تَنبُع مِنَ الحبِّ، وغَيرتكِ على زوجكِ تنبع مِن حُبِّكِ الشديد له، وخوفكِ من أن يشارككِ أحدٌ فيه، ولكن الغَيرة - حبيبتي - إن زادتْ عن حدِّها تنقلب شكًّا، كما أنتِ تفضَّلتِ وقلتِ، وهذا الشكُّ قد يهدم بيوتًا عامرةً.
اعلمي - أختي - أنه اختاركِ أنتِ دون غيركِ مِنَ النساء، وهذا يجب أن يعني لكِ الكثير؛ فإن كانتْ حبيبتُه السابقة، أو قريباته، أو أية واحدة ممن غرتِ منهن، استحوذتْ عليه؛ لكان الآن معها، وليس معكِ أنتِ، فانتبهي إلى بيتكِ الذي هو حصنكِ ومملكتكِ وأنتِ الملكة عليه، بيتكِ الذي يجب أن يكونَ ملاذًا آمنًا لزوجكِ، مريحًا له مِن متاعِب الدنيا ومشاغلها، بيتكِ الذي هو البيئة السليمة والصحيحة والصالحة لوَلَديكِ، أنتِ الراعية عليهم جميعًا، وأنتِ المسؤولة عن تأمينِ راحتهم، والتي هي راحتكِ أنتِ واستقراركِ.
أختي احرصي على زوجكِ، فلا تُثقِلي عليه بالأسئلة، والاتهامات التي قد تدفعه إلى التبرُّم منكِ، وتزيد النفور بينكما؛، فإنكاره لاتهاماتكِ السابقة، إنما يدلُّ على حبِّه لكِ، وحرصِه على الاستمرار معكِ؛ فلا تضايقيه، ولا تُكثِري عليه مِن الأسئلة والتحقيق؛ مثل: مع مَن تكلمتَ؟ ولماذا أغلقتَ الخطَّ؟ ومَن كانت معكَ؟ وهل كلَّمتْكَ فلانة قريبتُكَ؟ فأسئلتكِ الكثيرةُ وملاحقتكِ المتواصلة لزوجكِ قد تؤذيه، وتؤذيكِ، وتؤذي وَلَديكِ.
أختي، علاجكِ وحلُّ مشكلتكِ بين يديكِ، فعلاجُكِ من هذه الغَيرة هو ترْك التفكير فيها، والاستعاذة بالله - تعالى - منها، ومضادتها بالأعمال المخالفة، فإذا شعرتِ بالغَيرة حاربيها بأن تقومي إلى زوجكِ وتتزيَّني له، فإذا قَدِم مِن عمله استقبلتِه بابتسامةٍ وترحيبٍ، وبمنزلٍ يتألَّق نظافة وهدوءًا، وطعام شهيٍّ يحبه زوجكِ، وولدينِ نظيفين مرتبين، واهمسي له بكلمات الحبِّ، وأشبعي رغباته، وبهذا الأسلوب تكسبين قلب زوجكِ، وتطردين الغَيرة من نفسكِ؛ لأنكِ ستكونين سيدة قلبه، وستكونين الملكة التي احتلتْ أعظم مكان في نفسه، وبهذا الأسلوب يحصل لكِ الخروج من الغَيرة وتعالجينها بفطرتكِ وأنوثتكِ التي وهبكِ إيَّاها الله - تعالى.
وهناك نقطةٌ - أختي - وهي إشغالُ نفسكِ بما ينفع، كأن تشغليها بالمطالَعة، أو بحياكة الصوف، أو بالدراسة، فمتى انشغلتِ لن يكونَ هناك وقت للشك والبحث والتقصِّي؛ وستعودين بالفائدة على نفسكِ وعائلتكِ.
وأخيرًا عليكِ - أختي - بالدعاء، والتقرُّب إلى الله - تعالى - واللجوء إليه؛ فهو بيده أن يصلحَ من شأنكِ في دينكِ ودنياكِ، ويبعد عنكِ الشكَّ والغَيرة، ويشفيكِ منها.
أ. سحر عبدالقادر اللبان
أتمنى أن أجدَ حلًّا لمشكلتي هنا، فهذه أول مرة أُرسل مشكلتي لشبكة الألوكة.
لقد تزوَّجت في سنٍّ صغيرة، وكان عمر زوجي ضعف عمري، ولدينا ولدان، وكنا سعداء والحمد لله، رغم علمي بكل شيء عن محبوبته الأولى التي كان كثير الذِّكْرِ لها، ثم انتهى الكلام عنها؛ لأني كنت أغار جدًّا عليه!
بين الحين والآخر أجد مكالمات ورسائلَ على هاتفه خاصة ببعض النساء، فانفجرتْ غَيرتي كالبركان، وما عدتُ أثق فيه وفي تصرُّفاته.
كذلك كان يُكَلِّم قريبة له في الهاتف ساعاتٍ كثيرة، وكان يغار على إحدى قريباته بشكل لافت للجميع، وهو دائمًا يُنكر هذه الاتصالات واللقاءات والرسائل، فأصبحتُ أشك في كلِّ تصرُّفاته، حتى إني أتصل به أكثر مِن مرة، مكرِّرة أسئلتي: مَن تكلِّم؟ مَن التقيتَ؟ لماذا تتأخَّر؟
أحس الآن أني أكرهه، وأكره بيتي، ولم يساعدني أحدٌ مِن أهلي على هذه الأمور، بل هم ضِدِّي، أتمنى أنْ تُساعدوني؛ لأني أتمنى أن أعيشَ حياةً سعيدة، ليس فيها همٌّ.
وجزاكم الله خيرًا على هذه الشبكة الراقية الرائعة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً أرحِّب بكِ - أختي الفاضلة - في قسم الاستشارات.
أختي الحبيبة، الغيرةُ صِفَةٌ محمودة ومطلوبة، وهي من طبيعة الإنسان، فالذي لا يَغَار فهو مختلٌّ في شعورِه، بل إن الله - تعالى - يَغَار؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يَغَار، وإن المؤمن يَغَار، وغيرةُ الله أن تُنتَهك محارمه))؛ متفق عليه.
والغَيرة أختي نوعان: غَيرة يحبُّها الله - تعالى - وغَيرة يبغضها، أما التي يحبها الله - تعالى - فهي التي تكون في محلِّها، والتي يكرهها هي التي تُبنَى على الوساوس؛ لقول رسولنا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((إنَّ من الغَيرة ما يحبها الله وما يبغضها؛ فالغَيرةُ التي يحبها الله الغيرة في الرِّيبة، والغَيرة التي يُبغِضها الله الغَيرة في غير رِيبة))؛ حسَّنه الألباني.
والغَيرة تَنبُع مِنَ الحبِّ، وغَيرتكِ على زوجكِ تنبع مِن حُبِّكِ الشديد له، وخوفكِ من أن يشارككِ أحدٌ فيه، ولكن الغَيرة - حبيبتي - إن زادتْ عن حدِّها تنقلب شكًّا، كما أنتِ تفضَّلتِ وقلتِ، وهذا الشكُّ قد يهدم بيوتًا عامرةً.
اعلمي - أختي - أنه اختاركِ أنتِ دون غيركِ مِنَ النساء، وهذا يجب أن يعني لكِ الكثير؛ فإن كانتْ حبيبتُه السابقة، أو قريباته، أو أية واحدة ممن غرتِ منهن، استحوذتْ عليه؛ لكان الآن معها، وليس معكِ أنتِ، فانتبهي إلى بيتكِ الذي هو حصنكِ ومملكتكِ وأنتِ الملكة عليه، بيتكِ الذي يجب أن يكونَ ملاذًا آمنًا لزوجكِ، مريحًا له مِن متاعِب الدنيا ومشاغلها، بيتكِ الذي هو البيئة السليمة والصحيحة والصالحة لوَلَديكِ، أنتِ الراعية عليهم جميعًا، وأنتِ المسؤولة عن تأمينِ راحتهم، والتي هي راحتكِ أنتِ واستقراركِ.
أختي احرصي على زوجكِ، فلا تُثقِلي عليه بالأسئلة، والاتهامات التي قد تدفعه إلى التبرُّم منكِ، وتزيد النفور بينكما؛، فإنكاره لاتهاماتكِ السابقة، إنما يدلُّ على حبِّه لكِ، وحرصِه على الاستمرار معكِ؛ فلا تضايقيه، ولا تُكثِري عليه مِن الأسئلة والتحقيق؛ مثل: مع مَن تكلمتَ؟ ولماذا أغلقتَ الخطَّ؟ ومَن كانت معكَ؟ وهل كلَّمتْكَ فلانة قريبتُكَ؟ فأسئلتكِ الكثيرةُ وملاحقتكِ المتواصلة لزوجكِ قد تؤذيه، وتؤذيكِ، وتؤذي وَلَديكِ.
أختي، علاجكِ وحلُّ مشكلتكِ بين يديكِ، فعلاجُكِ من هذه الغَيرة هو ترْك التفكير فيها، والاستعاذة بالله - تعالى - منها، ومضادتها بالأعمال المخالفة، فإذا شعرتِ بالغَيرة حاربيها بأن تقومي إلى زوجكِ وتتزيَّني له، فإذا قَدِم مِن عمله استقبلتِه بابتسامةٍ وترحيبٍ، وبمنزلٍ يتألَّق نظافة وهدوءًا، وطعام شهيٍّ يحبه زوجكِ، وولدينِ نظيفين مرتبين، واهمسي له بكلمات الحبِّ، وأشبعي رغباته، وبهذا الأسلوب تكسبين قلب زوجكِ، وتطردين الغَيرة من نفسكِ؛ لأنكِ ستكونين سيدة قلبه، وستكونين الملكة التي احتلتْ أعظم مكان في نفسه، وبهذا الأسلوب يحصل لكِ الخروج من الغَيرة وتعالجينها بفطرتكِ وأنوثتكِ التي وهبكِ إيَّاها الله - تعالى.
وهناك نقطةٌ - أختي - وهي إشغالُ نفسكِ بما ينفع، كأن تشغليها بالمطالَعة، أو بحياكة الصوف، أو بالدراسة، فمتى انشغلتِ لن يكونَ هناك وقت للشك والبحث والتقصِّي؛ وستعودين بالفائدة على نفسكِ وعائلتكِ.
وأخيرًا عليكِ - أختي - بالدعاء، والتقرُّب إلى الله - تعالى - واللجوء إليه؛ فهو بيده أن يصلحَ من شأنكِ في دينكِ ودنياكِ، ويبعد عنكِ الشكَّ والغَيرة، ويشفيكِ منها.
أ. سحر عبدالقادر اللبان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..