كان الخوف من ظهور اللحن في القرآن، هو الباعثَ الأوَّل على العناية بالنحو وما إليه، ولا شك أنَّه سينشأ النحو في ظلال لغة القرآن، وسيتأثر به، وقد يتَّبع خطاه، ويَسلُك سبيله، وهذا ما حصل فعلاً، حين نشأ النحو العربي في ظلال القرآن[1].
ولَما كان من طبيعة الإنسان منذ طفولته، أن يسأل عن السبب لكل ما يَراه ويسمعه، وجَدناه يعكس ذلك على كل ما يمرُّ به، وعلى مدى سِني حياته، وتطوُّر إدراكه، وعلى اختلاف العلوم التي يتعلَّمها؛ لذلك نجد أن دارس اللغة العربية قد ذهب إلى إيجاد علَّة لكلِّ ما يراه من أحكام وقواعد، "فللمرفوع سببٌ، وللمنصوب علَّة، وللمجرور غاية، وللمجزوم هدف"[2].
وقد عدَّ الباحثون (مبدأ العلة) العمود الفقري الذي تدور حوله الكثير من أبحاث النحو الرئيسة والفرعية، فما العلة النحوية؟ وكيف نشأتْ؟
أولاً: تعريف العلة لغةً واصطلاحًا:
1 - العلة لغةً:
العلة: تأتي بفتح العين وكسرها.
أما بالفتح، فتأتي بمعنى الشَّربة الثانية، والفعل: علَّ القوم إبلهم يَعلُّونها عَلاًّ وعلَلاً، والإبل تَعُل نفسها علَلاً[3].
وتأتي بمعنى التشاغل: تعلَّل بالأمر، واعتلَّ: تشاغَل، وعلَّله بطعامٍ وحديث ونحوهما: شغَله بهما، وتعلَّلتُ بالمرأة: لَهوتُ بها[4].
أما بالكسر، فإنها تأتي بمعنى المرض: عَل يَعِل واعتلَّ؛ أي: مرِضَ، فهو عليلٌ، وأعلَّه الله، ولا أعلَّك الله؛ أي: لا أصابك بعلَّة[5].
وتأتي بمعنى الحدث يَشغل صاحبَه عن حاجته، كأن تلك العلة صارَت شُغلاً ثابتًا منَعه من شُغله الأول[6].
وتأتي بمعنى السبب: هذا علةٌ لهذا؛ أي: سببٌ[7].
وفي حديث عائشة - رضي الله عنها -: "فكان عبدالرحمن[8] يَضرب بعِلة الراحلة؛ أي: بسببها، يُظهِر أنه يَضرب جَنب البعير برِجله، وإنما يَضرب رجلي"[9].
وقال الكفوي (ت1094هـ) في الكليات: العلة عبارة عن معنى يَحل بالمحل، فيتغيَّر به حال المحل، ومنه سُمِّي المرض علةً، وهي ما يتوقَّف عليه الشيء[10].
2 - العلة في الاصطلاح النحوي:
معنى التعليل عند النحويين:
النظر في مختلف الأحكام النحوية، وما يَرونه من الأسباب الداعية لتلك الأحكام، وهو أمرٌ ضروري في كل قياس؛ لذلك كانت العلة هي الركن الرابع من أركان القياس[11]؛ لأن القياس: "هو حمْل غير المنقول على المنقول، إذا كان في معناه"[12]، وقياس العلة معمول به بالإجماع عند العلماء كافة[13]، فهي عند الرماني (ت 384هـ): "تغيير المعلول عما كان عليه"[14]؛ أي: خروج عن الأصل.
إذًا للعلة ارتباط بالأصل؛ لأن ما جاء على أصله لا يُسأل عن علَّته، ولأن "مَن عدَل عن الأصل، افتقَر إلى إقامة الدليل؛ لعدوله عن الأصل"[15].
وعرَّفها الجرجاني (ت 816هـ) بقوله: "هي ما يتوقَّف عليه وجود الشيء، ويكون خارجًا مؤثِّرًا فيه"[16].
وعرَّفها الدكتور مازن المبارك بـ"الوصف الذي يكون مظنَّة وجه الحِكمة في اتخاذ الحُكم"[17].
وعرَّفها الدكتور علي أبو المكارم بأنها: "السبب الذي تحقَّق في المَقيس عليه، فأوجَب له حكمًا، وتحقَّق في المقيس أيضًا، فأُلْحِق به، فأخَذ حُكمه"[18].
وعرَّفها الدكتور محمد الحلواني:
"يُراد بالعلة النحوية: تفسير الظاهرة اللغوية، والنفوذ إلى ما وراءها، وشرْح الأسباب التي جعلتها على ما هي عليه، وكثيرًا ما يتجاوز الأمر الحقائق اللغوية، ويصل إلى المحاكمة الذهنية الصرفة[19].
وبيَّن الدكتور تمام حسان أن الفرق بين العلة والسبب، فرقٌ في التأثير؛ "فالحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا، ولكنه لا يدور مع السبب"[20].
قبل البَدء ببيان العلة في رفع المبتدأ والخبر، لا بد أن نذكر تعريف الإعراب والبناء لغة واصطلاحًا عند النحاة.
الإعراب لغة:
هو الإبانة والوضوح[21]، وفي شرح الأُشموني: "هو مصدر أعرَب؛ أي: أبان؛ أي: أظهر، أو أجالَ، أو حسَّنَ أو غيَّر، أو أزال عرَبَ الشيءِ، وهو فسادُه، أو تكلَّم بالعربية، أو أعطى العربون، أو وُلِد له ولدٌ عربي اللون، أو تكلَّم بالفُحش، أو لم يَلحن في الكلام، أوصار له خيل عِراب، أو تحبَّب إلى غيره، ومنه العَرُوبُ المتحبِّبة إلى زوجها"[22].
وفي الاصطلاح:
"هو ما جِيء به لبيان مقتضى العامل؛ من حركة أو حرفٍ، أو سكون، أو حذفٍ"[23].
والإعراب عند سيبويه:
"هو ما يُحدثه العامل؛ من نصبٍ وجرٍّ، ورفْع وجزْمٍ، وفتْحٍ وكسرٍ وضمٍّ، وهذه المجاري الثمانية يَجمعهنَّ في اللفظ أربعةُ أضرب … ما يدخله ضربٌ من هذه الأربعة لما يُحدِثُ فيه العامل، وليس شيء منها إلا وهو يَزول عنه"[24].
وحدَّه ابن جني في الخصائص بقوله: "هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ، ألا ترى أنك إذا سمعت: (أكرم سعيدٌ أباه)، و(شكر سعيدًا أبوه)، علِمت - برفْع أحدهما ونصب الآخر - الفاعل من المفعول؟ ولو كان الكلام شرحًا واحدًا، لاستُبْهِم أحدهما من صاحبه"[25].
وحدَّه أبو البركات الأنباري بقوله: "إن الإعراب اختلاف أواخر الكَلِم باختلاف العوامل لفظًا أو تقديرًا"[26].
وحدَّه الفاكهي (ت972 هـ) بقوله: "أثرٌ ظاهر أو مقدَّر، يَجلبه العامل في آخر الكلمة حقيقة أو مجازًا"[27].
أما ابن السراج، فحدَّه بقوله:
"هو ما يَلحق الاسم والفعل بعد تسليم بنائهما، ونَضد حروفهما؛ نحو قولك: (هذا حكم وأحمر)، و(رأيت حكمًا وأحمر)، و(مررت بحكم وأحمر)…، فسمَّوا هذا الصِّنف من التغيير الذي يقع لفروق ومعانٍ تَحدث: إعرابًا"[28].
وذكر الزجاجي (ت 337 هـ) في الإيضاح أن علة دخول الإعراب في الكلام الفرقُ بين المعاني، قال:
"إن الأسماء لَمَّا كانت تَعتورها المعاني، فتكون فاعلة ومفعولة، ومضافة ومضافًا إليها، ولم تكن في صُورها وأبنيتها أدلَّة على هذه المعاني، بل كانت مشتركة - جُعلت حركات الإعراب فيها تُنبئ عن هذه المعاني، فقالوا: (ضربَ زيدٌ عمرًا)، فدلوا برفْع زيد على أن الفعل له، وبنصْب عمرو على أن الفعل واقعٌ به، وقالوا: (ضُرِبَ زيدٌ)، فدلوا بتغيير أول الفعل ورفْع زيد، على أن الفعل ما لم يُسمَّ فاعله، وإن المفعول قد ناب منابه، وقالوا: (هذا غلامُ زيدٍ)، فدلوا بخفْض زيد على إضافة الغلام إليه، وكذلك سائر المعاني، جعلوا هذه الحركات دلائلَ عليها؛ ليتَّسعوا في كلامهم، ويقدِّموا الفاعل إن أرادوا ذلك، أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه، وتكون الحركات دالَّة على المعاني"[29].
ولم يؤيِّد قطربٌ[30]ما ذهب إليه الزجاجيُّ من أن الإعراب دخَل في الكلام للدَّلالة على المعاني، وللفرق بين بعضها وبعض: "لأنَّا نجد في كلامهم أسماء متَّفقة في الإعراب مختلفة المعاني، وأسماء مختلفة الإعراب متَّفقة المعاني …."[31]، وذكر سبب إعراب العرب كلامها: "لأن الاسم في حال الوقف يَلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصْله بالسكون أيضًا، لكان يلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يُبطئون عند الإدراج، فلما وصَلوا وأمكنهم التحريك، جعلوا التحريك معاقبًا للإسكان؛ ليعتدل الكلام، ألا تراهم بنَوا كلامهم على متحرِّك وساكن، ومتحرِّكين وساكن، ولم يَجمعوا بين ساكنين في حشْو الكلمة ولا في حشو بيتٍ، ولا بين أربعة أحرف متحرِّكة؛ لأنهم في اجتماع الساكنين يُبطئون، وفي كثرة الحروف المتحرِّكة يستعجلون، وتَذهب المُهلة في كلامهم، فجعلوا الحركة عَقِب الإسكان"[32].
أما البناء لغة:
"فهو وضْع شيء على صفة يُراد بها الثبوت"[33].
والبناء اصطلاحًا:
"هو ما لم يتغيَّر آخره بدخول العوامل عليه؛ نحو: (هؤلاءِ، وحَذامِ، وقَطامِ)"[34].
وحدَّه ابن جني بقوله: "هو لزوم آخر الكلمة ضربًا واحدًا من السكون أو الحركة، لا لشيءٍ أحدَثَ ذلك من العوامل"[35].
وحدَّه أبو علي (ت 377 هـ) في الإيضاح بقوله: "البناء خلاف الإعراب، وهو ألا يختلف الآخر باختلاف العامل، ولا يخلو البناءُ من أن يكون على سكونٍ أو حركة"[36].
وفي أسرار العربية: "هو لزوم أواخر الكلم بحركة وسكونٍ"[37].
وحدَّه ابن هشام (ت 761 هـ) بقوله: "هو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة لفظًا أو تقديرًا، وذلك كلزوم "هؤلاءِ" للكسرة، و(منذُ) للضمة، و(أينَ) للفتحة"[38].
وقال الأشموني: "قال في التسهيل: البناء هو ما جِيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب، وليس حكاية أو إتْباعًا، أو نقلاً أو تخلُّصًا من سكونين... وقيل: هو لزوم آخر الكلمة حركة أو سكونًا لغير عاملٍ أو اعتلال"[39].
وفرَّق سيبويه بين حركات الإعراب والبناء؛ إذ يقول:
"وهي تجري على ثمانية مجارٍ: (على النصب، والجر، والرفع، والجزم، والفتح، والكسر، والضم، والوقف)، وإنما ذكرتُ لك ثمانية مجارٍ؛ لأُفرِّق بين ما يَدخلُه ضربٌ من هذه الأربعة لِما يُحدِثُ فيه العاملُ - وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه - وبين ما يُبنى عليه الحرف بناء لا يزول عنه"[40].
أما ابن السراج، فقد تابَع سيبويه في التفريق بين حركات الإعراب والبناء، معلِّلاً ذلك بقوله: "فإن كانت الحركات ملازمة، سُمِّي الاسم مبنيًّا، فإن كان مضمومًا نحو (منذُ)، قيل: مضموم، ولم يُقَل: مرفوع؛ ليُفرَّق بينه وبين المُعرب، وإن كان مفتوحًا نحو: (أينَ)، قيل: مفتوح، ولم يُقَل: منصوب، وإن كان مكسورًا نحو (أمسِ) و(حَذامِ)، قيل: مكسور، ولم يُقَل: مجرور"[41]، والعلة علة تفريقٍ.
وذكر الرَّضي في شرح الكافية:
أن التمييز بين ألقاب حركات الإعراب وحركات البناء وسكونها في اصطلاح البصريين - متقدِّميهم ومتأخِّريهم - حصَل؛ تقريبًا للمعنى إلى السامع، وأما الكوفيون، فيطلقون ألقاب أحد النوعين على الآخر مطلقًا، ولا يفرِّقون بينهما[42]، والتفريق بين حركات الإعراب وحركات البناء هو مذهب البصريين[43].
ثم يذكر ابن السراج تعليلاً دقيقًا، مُبينًا فيه أن أصل الإعراب للأسماء، وأصل البناء للأفعال والحروف، وأن البناء الذي حصَل في الأسماء إنما هو لمشابهة الحرف، مُعلِّلاً ذلك بقوله: "واعلَم: أن الإعراب عندهم إنما حقه أن يكون للأسماء دون الأفعال والحروف، وأن السكون والبناء حقُّهما أن يكونا لكلِّ فعلٍ أو حرف، وأن البناء الذي وقع في الأسماء، عارِضٌ فيها لعلة، وأن الإعراب الذي دخل على الأفعال المستقبلة، إنما دخل فيها لعلة، فالعلة التي بُنِيت لها الأسماء: هي وقوعها موقع الحروف ومضارعتها لها"[44]، والعلة علة أصلٍ.
وكما قرَّر ابن السراج، قال المبرد من قبله: إن الإعراب أصل في الأسماء، فرْعٌ في الأفعال[45].
وذكر الزجاجي علة دخول الإعراب في الأسماء أن ذلك وقَع؛ ليفرَّق به بين الفاعل والمفعول، والمالك والمملوك، والمضاف والمضاف إليه[46].
وذكر السيوطي أن الأصل في الإعراب أن يكون للفرق بين المعاني[47].
وعلَّل ابن جني سبب بناء الاسم بشبهه بالحرف؛ إذ قال: "إن سبب البناء … مشابهة الاسم للحرف لا غير"[48].
ثم يذكر ابن السراج علَّة إعراب المعرب من الأفعال؛ إذ يقول: "وأما الفعل المُعرب، فقد بيَّنا أنه الذي يكون في أوله الحروف الزوائد التي تسمَّى حروف المضارعة، وهذا الفعل إنما أُعرب لمضارعته الأسماء وشبهه بها، والإعراب في الأصل للأسماء، وما أشبهها من الأفعال أُعرب، كما أنه إنما أُعرب من أسماء الفاعلين ما جرى على الأفعال المضارعة وأشباهها"[49]، والعلة علة مُشابَهةٍ.
ويذكر تعليلاً آخر، وهو أن الإعراب الذي وقع في الأفعال، إنما وقَع في المضارع منها للأسماء، فأما الرفع خاصة، فإنما هو لوقوعه موقع الأسماء، فالمعنى الذي رفعت به، غير المعنى الذي أعربت به[50].
نَستنتج من هذا أن ابن السراج قرَّر مذهب البصريين في أن البناء أصل في الأفعال، فرْع في الأسماء، والإعراب أصل في الأسماء، فرْع في الأفعال، وذلك بذِكر علة إعراب الفعل المضارع، وهي مشابهة الأسماء وشبهه بها، والإعراب في الأصل للأسماء وما أشبهها من الأفعال[51].
ثم يذكر في موضع آخرَ علة امتناع الفعل المُعتل من دخول الإعراب عليه إلا النصب، فالمعتل الذي آخره ياء، أو واو، أو ألف، فإن الإعراب يَمتنع من الدخول عليه إلا النصب، فإنه يدخل على ما لامه واو أو ياء خاصة دون الألف؛ لأن الألف لا يمكن تحرُّكها[52].
أولاً: رفْع الاسم:
المرفوعات في العربية نوعان: مرفوعٌ أصالةً، ومرفوع تبعًا، أما المرفوعات أصالة، فهما: الفاعل والمبتدأ، وأما المرفوعات تبعًا، فهي خبر المبتدأ، وخبر إن، وهو في الحقيقة خبر المبتدأ، واسم كان، والنعت، وعطف البيان، إذا كان متبوعهما مرفوعًا[53].
1- المبتدأ والخبر:
أ - المبتدأ:
حدَّ سيبويه المبتدأ بقوله: "فالمبتدأ كل اسم ابْتُدئ ليُبنى عليه كلام، والمبتدأ والمبني عليه رفعٌ، فالابتداء لا يكون إلا بمبني عليه، فالمبتدأ الأول والمبني ما بعده عليه، فهو مسند ومسند إليه"[54].
وحدَّه أبو علي الفارسي بقوله: "الابتداء وصْف في الاسم المبتدأ، يَرتفع به، وصفة المبتدأ أن يكون مُعرًّى من العوامل الظاهرة ومسندًا إليه شيءٌ، مثال ذلك: (زيدٌ منطلقٌ)"[55].
وجاء في شرح الجمل لابن عصفور: "هو جعْل الاسم أوَّل الكلام لفظًا أو تقديرًا، معرًّى من العوامل اللفظية؛ لتُخبر عنه"[56].
وجاء في شرح الأشموني: "المبتدأ: هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة، مُخبرًا عنه، أو وصفًا رافعًا لمستغنى به"[57].
وحدَّه الفاكهي بقوله: "الاسم المجرَّد عن عامل لفظي، لفظًا أو حكمًا، مخبرًا عنه، أو وصفًا رافعًا لِما انفصل وأغنى"[58].
أما ابن السراج، فحدَّه بقوله: "المبتدأ هو ما جرَّدته من عوامل الأسماء ومن الأفعال والحروف، وكان القصد فيه أن تَجعله أولاً لثانٍ، مبتدئًا به دون الفعل، ويكون ثانيه خبرَه، ولا يَستغني واحد منهما عن صاحبه"[59].
ب - الخبر:
حدَّه ابن السراج بقوله: "هو الاسم الذي هو خبر المبتدأ: هو الذي يستفيده السامع، ويَصير به المبتدأ كلامًا، وبالخبر يقع التصديق والتكذيب"[60].
أما ابن جني، فحدَّه بقوله: "هو كل ما أسندتَه إلى المبتدأ، وحدَّثت به عنه"[61].
وفي شرح الجمل: "الجزء المستفاد من الجملة، وذلك أنك إذا قلت: (زيدٌ قائمٌ)، فإن المستفاد من هذه الجملة، إنما هو الإخبار عن زيد بالقيام"[62].
وفي شرح ابن عقيل الخبر: "هو الجزء المكمِّل للفائدة، ويَرِدُ عليه الفاعلُ؛ نحو (قامَ زيدٌ)، فإنه يَصدق على زيد أنه الجزء المُتِمُّ للفائدة"[63].
ثم يذكر ابن السراج علَّة رفع المبتدأ والخبر، بأن المبتدأ مرفوع بالابتداء، وأن الخبر مرفوع بهما، فإذا قلت: (عبدالله أخوك)، فعبدالله: مرتفع بأنه أوَّل مبتدأ، فاقدٌ للعوامل، ابتدأتَه لتبني عليه ما يكون حديثًا عنه، (وأخوك): مرتفع بأنه الحديث المبني على الاسم الأول المبتدأ"[64].
وهما مرفوعان أبدًا، فالمبتدأ رُفِع بالابتداء، والخبر رُفِع بهما؛ نحو قولك: "الله ربُّنا، ومحمد نبيُّنا"، والمبتدأ لا يكون كلامًا تامًّا إلا بخبره[65].
وعند رجوع الباحث إلى سيبويه والمبرد، وجَد أن ابن السراج قد خالف سيبويه في هذه المسألة؛ إذ إن الرافع للخبر عند سيبويه المبتدأ وحْده[66].
وقد تابَع ابنُ السراج المبردَ في أن العامل في رفْع الخبر هو الابتداء والمبتدأ؛ إذ قال المبرد: "فأما رفْع المبتدأ، فبالابتداء، ومعنى الابتداء: التنبيه والتَّعْرية عن العوامل غيره، وهو أول الكلام....، والابتداء والمبتدأ يَرفعان الخبر"[67].
ونقَل الأنباري في "الإنصاف" الخلافَ في هذه المسألة بين البصريين والكوفيين، فقد ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر، والخبر يرفع المبتدأ، فهما يترافعان، وذلك نحو: (زيدٌ أخوك)، و(عمر غُلامك).
وذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء، وأما الخبر، فاختلفوا فيه، فذهب قومٌ إلى أنه يُرفع بالابتداء وحْده، وذهب آخرون إلى أنه يَرتفع بالابتداء والمبتدأ معًا، ونقَل ابن الأنباري حُجج كلٍّ من الفريقين[68].
وقد رجَّح ابنُ يعيشَ قول سيبويه في أن رافع الخبر هو الابتداء وحْده، واستدل بقوله:
"والذي أراه أن العامل في الخبر هو الابتداء وحْده، كما كان عاملاً في المبتدأ، إلا أن عمله في المبتدأ بلا واسطة، وعمله في الخبر بواسطة المبتدأ، فالابتداء يعمل في الخبر عند وجود المبتدأ، وإن لم يكن للمبتدأ أثرٌ في العمل، إلا أنه كالشرط في عمله، كما لو وضَعت ماء في قدرٍ، ووضَعتها على النار، فإن النار تُسخن الماء، فالتسخين حصل بالنار عند وجود القِدْر، لا بها، فكذلك ها هنا"[69].
إذًا مذهب سيبويه أن الخبر يرتفع بالمبتدأ[70]، ومذهب المبرِّد وابن السراج أن الخبر يرتفع بالمبتدأ والابتداء[71].
ومذهب الكوفيين أنهما تَرافعا، فالمبتدأ رفَع الخبر، والخبر رفع المبتدأ؛ لأن كلاًّ منهما طالبٌ الآخر، ومحتاج له، وبه صار عمدة[72].
ومذهب سيبويه وجمهور البصريين أن المبتدأ مرفوع بالابتداء؛ لأنه بُنِي عليه، ورافعُ الخبرِ المبتدأُ؛ لأنه مبني عليه وارتفَع به، كما ارتفع هو بالابتداء، وهذا أعدل المذاهب، وهو مذهب سيبويه، وهو الأول، وهذا الخلاف مما لا طائلَ وراءه[73]، واختار السيوطي مذهب الكوفيين[74].
وعلَّل ابن السراج أن المبتدأ لا يَستغني عن الخبر، كما أن الفعل لا يستغني عن الفاعل، فكلٌّ منهما لا يستغني عن صاحبه[75]، والعلة علة استغناءٍ.
وقد تابَع ابنُ السراج سيبويهِ في تعليل ذلك؛ إذ قال سيبويه في باب المسند والمسند إليه: "وهما ما لا يَستغني واحد منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بُدًّا، فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبني عليه، وهو قولك: (عبدالله أخوك، وهذا أخوك)، ومثل ذلك قولك: (يذهب زيدٌ)، فلا بدَّ للفعل من الاسم، كما لم يكن للاسم الأول بُدٌّ من الآخر في الابتداء"[76].
وفي موضع آخرَ يُعلِّل ابن السراج رفْع المبتدأ بمشابهته الفاعل؛ من أجْل أن الفاعل يبدأ بالفعل قبله، والمبتدأ يبدأ فيه الاسم المحدَّث عنه قبل الحديث، وكذلك حُكم كلِّ مُخبر، والفرق بينه وبين الفاعل، أن الفاعل مُبتدأ بالحديث قبْله، ألا ترى أنك إذا قلت: زيدٌ منطلقٌ، فإنما بدأت (بزيد)، وهو الذي حدَّثت عنه بالانطلاق، والحديث عنه بعده، وإذا قلت: ينطلق زيدٌ، فقد بدأ بالحديث وهو انطلاقه، ثم ذكرت زيدًا المحدَّث عنه بالانطلاق بعد أن ذكرتَ الحديث، فالفاعل مضارع للمبتدأ؛ من أجل أنهما جميعًا محدَّث عنهما، وأنهما لا يُستغنى عنهما في الجملة؛ لأن كلاًّ منهما عمدة[77]، والعلة علة مشابهةٍ.
وفي موضع آخرَ يُعلل ابن السراج لعلة تعريف المبتدأ، أن حقَّ المبتدأ أن يكون معرفة، أو ما قارَب المعرفة، فإذا اجتمع اسمان معرفة ونكرة، فحقُّ المعرفة أن تكون هي المبتدأ؛ إذ قال ابن السراج في تعليل ذلك: "وقد يجوز أن تقول: رجل قائم، إذا سألك سائلٌ، فقال: أرجلٌ قائمٌ أم امرأة؟ فتُجيبه فتقول: رجل قائم، وجملة هذا: أنه إنما ينظر إلى ما فيه فائدة، فمتى كانت فائدة بوجهٍ من الوجوه، فهو جائز، وإلاَّ فلا، فإذا اجتمع اسمان معرفة ونكرة، فحق المعرفة أن تكون هي المبتدأ، وأن تكون النكرة الخبر؛ لأنك إذا ابتدَأت فإنما قصدُك تنبيه السامع بذِكر الاسم الذي تُحدِّثه عنه؛ ليتوقَّع الخبر بعده، فالخبر هو الذي يُنكِره، ولا يَعرِفه، ويَستفيده، والاسم لا فائدة له؛ لمعرفته به، وإنما ذكَرته لتُسند إليه الخبر"[78].
من عبارة ابن السراج نَستنتج أنه يجوز الابتداء بالنكرة إذا حصَلت الفائدة، فمتى حصلت الفائدة في الكلام، جازَ الابتداء بالنكرة.
ثم يُعلِّل في موضع آخرَ أنه لا يجوز الابتداء بالنكرة المفردة المحضة؛ لأنه لا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه، فلا معنى للتكلُّم به إلا إذا وُصِف، فإذا قلت: رجلٌ قائمٌ، أو رجلٌ عالم، لم يكن في هذا الكلام فائدة؛ لأنه لا يستنكر أن يكون في الناس رجل قائمٌ أو عالم، فإذا قلت: رجل من بني فلان، أو رجل من إخوانك، أو وصَفته بأي صفةٍ كانت تُقرِّبه من معرفتك، حسُن؛ لِما في ذلك من الفائدة[79].
ويبدو أن ابن السراج تابَع سيبويه والمبرد في مجيء المبتدأ معرفةً، ولا يجوز الابتداء به نكرةً إلا إذا سُوِّغ[80].
وبعد رجوع الباحث إلى المتأخرين ممن يهتمُّ بهذه العلل، وجَد الكثير قد سار في الحديث عن هذه العلة على وَفْق ما ذكره ابن السراج[81].
وفي موضع آخرَ يُعلل ابن السراج أن المعارف أَولى بالابتداء من غيرها، فإذا قلت: (زيد هذا)، فزيد مبتدأ و(هذا) خبره، والأحسن أن تبدأ (بهذا)؛ لأن الأعرف أَوْلى بأن يكون مبتدأً[82]، والعلة علة أَولى.
ونقل الأنباري في "الإنصاف" علة اختلاف مراتب المعارف، فذهب الكوفيون إلى أن الاسم المُبهم - نحو: (هذا وذاك) - أعرفُ من الاسم العلم؛ نحو: (زيد وعمرو)، وذهب البصريون إلى أن الاسم العلم أعرفُ من الاسم المُبهم، واختلفوا في مراتب المعارف[83]. في موضع آخر يُعلل ابن السراج علة ظهور وإسناد الضمير العائد على المبتدأ تعليلاً دقيقًا، أنه إذا جرى خبر المُشتق على مَن هو له، استَتر الضمير فيه، فلا يجوز إبرازه إلا مؤكدًا؛ لأن المبتدأ هو الفاعل في المعنى؛ إذ يقول ابن السراج في تعليل ذلك: "واعلَم أن خبر المبتدأ إذا كان اسمًا من أسماء الفاعلين، وكان المبتدأ هو الفاعل في المعنى، وكان جاريًا عليه إلى جَنبه - أُضمِر فيه ما يرجع إليه، وانستَر؛ نحو قولك: عمرو قائم، وأنت منطلق، فأنت وعمرو الفاعلان في المعنى؛ لأن عمرًا هو الذي قام، وقائم جارٍ على (عمرو)، وموضوع إلى جانبه، لم يَحُلْ بينه وبينه حائلٌ، فمتى كان الخبر بهذه الصفة، لم يحتجْ إلى أن يظهر الضمير إلا مؤكدًا، فإن أردت التأكيد، قلت: زيد قائمٌ هو، وإن لم تُرد التأكيد، فأنت مستغنٍ عن ذلك"[84]، والعلة علة استغناءٍ.
وهذا مذهب سيبويه، فقد جوَّز سيبويه فيه وجهين: أن يكون (هو) تأكيدًا للضمير المستتر في (قائم)، أو أن يكون فاعلاً بـ(قائم)[85]، واختار ابن مالك مذهب البصريين[86].
ويُعلل ابن السراج تعليلاً دقيقًا عدمَ صحة وقوع خبر الجثة زمانًا، وهي أنه إذا كان المبتدأ جثَّةً، لم يَجز أن يكون خبره ظرفًا لزمان، وإنما امتنَع من ذلك؛ لأن الغرض من الخبر إفادة المخاطب، وما لا فائدة فيه لا يجوز استعمال الكلام به؛ فلهذا لم يَجز أن تكون ظروف الزمان خبرًا للجُثث، فإن كان الظرف مكانًا، صحَّ الإخبار به؛ نحو: (زيدٌ أمامك)، أما إذا أفاد؛ نحو: (الليلة الهلال)، فهي على تأويل: الليلة طلوع الهلال، أو حدوث الهلال، فإنه يجوز؛ يقول ابن السراج في تعليل ذلك: "واعلَم أنه لا يجوز أن تقول: زيدٌ يوم الخميس، ولا عمرو في شهر كذا؛ لأن ظروف الزمان لا تتضمَّن الجُثث، وإنما يجوز ذلك في الأحداث؛ نحو: الضرب والحمد، وما أشبه ذلك، وعلة ذلك أنك لو قلت: زيدٌ اليوم، لم تكن فيه فائدة؛ لأنه لا يخلو أحدٌ من أهل عصرك من اليوم؛ إذ كان الزمان لا يتضمن واحدًا دون الآخر...، والأماكن ينتقل عنها، فيجوز أن تكون خبرًا عن الجثث"[87].
بعد رجوع الباحث إلى سيبويه والمبرد، وجَد أن ابن السراج قد تابَعهما في تعليل ذلك[88]، وهذا مذهب جمهور البصريين[89].
وعند رجوع الباحث إلى المتأخرين ممن يهتمُّ بهذه العلل، وجَد الكثير منهم قد سار في الحديث عن هذه العلة على وَفْق ما ذكره ابن السراج[90].
وفي موضعٍ آخرَ يُعلل ابن السراج أن الأصل في الخبر أن يكون اسمًا، ومنع الخبر الواقع بعد "إلا" أن يكون فعلاً ماضيًا، واختار أن يكون مضارعًا؛ لأن الأصل في الخبر أن يكون اسمًا، والمضارع مشابهٌ للاسم في التأويل؛ إذ يقول ابن السراج في تعليل ذلك: "لا يجوز أن تقول: ما زيدٌ إلا قام، فإن قلت: ما زيدٌ إلا يقوم، كان جيدًا؛ وذلك أن الموضع موضعُ خبرٍ، والخبر اسم، فلو كان: ما زيد إلا يقوم، كان جيِّدًا؛ لمضارعة (يفعل) الأسماءَ"[91].
وفي الباب نفسه يذكر ابن السراج أن الأصل في الخبر والمبتدأ أن يتطابَقا، فإن لم يتطابقا، لم يَجز، فلم يَجز أن تقول: (الضارب عمرًا الزيدان)؛ لأن المبتدأ قد نقَص عدده عن الخبر، والضارب عمرًا واحد، وليس في الصلة دليل على أن الألف واللام لجماعةٍ، فإذا ثنَّيت وجَمعت، قامَ الدليل[92].
المصادر والمراجع:
1- النحو العربي، العلة النحوية، نشأتها وتطوُّرها؛ الدكتور مازن المبارك، الطبعة الأولى، 1965م.
2- دراسات في كتاب سيبويه؛ الدكتورة خديجة عبدالرزاق الحديثي، وكالة المطبوعات، الكويت (ب - ت).
3- لسان العرب؛ جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأنصاري، (ت 711هـ)، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر (ب - ت).
4- كتاب العين؛ الخليل بن أحمد الفراهيدي، (ت 170هـ)، الجزء الأول؛ تحقيق: الدكتور عبدالله درويش، دار الرشيد، بغداد 1980م، الجزء الرابع؛ تحقيق الدكتور مهدي المخزومي، والدكتور إبراهيم السامرائي، دار الرشيد للنشر، 1982م.
5- الكليات، معجم في المصطلحات والفروق اللغوية؛ أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي، (ت 1094هـ)؛ تحقيق: الدكتور عدنان درويش ومحمد المصري، دار الكتب الثقافية، دمشق، 1976.
6- الاقتراح في علم أصول النحو؛ جلال الدين عبدالرحمن السيوطي، (ت911هـ)؛ تحقيق أحمد محمد قاسم، مطبعة السعادة، الطبعة الأولى، 1976م.
7- لُمع الأدلة في أصول النحو؛ أبو البركات الأنباري؛ تحقيق سعيد الأفغاني، مطبعة الجامعة السورية، 1957م.
8- الحدود في النحو، ضمن "رسالتان في اللغة"؛ أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، (ت 384هـ)؛ تحقيق وشرح الدكتور مصطفى جواد، ويوسف يعقوب مسكوني، دار الجمهورية، بغداد، 1969م.
9- الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين؛ كمال الدين أبو البركات الأنباري، (ت 577هـ)؛ تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، الطبعة الرابعة، 1961م.
10- التعريفات؛ على بن محمد بن علي الجرجاني، (ت 816هـ)، 1983م.
11- أصول التفكير النحوي؛ الدكتور علي أبو المكارم، منشورات الجامعة الليبية، 1973م.
12- أصول النحو العربي؛ الدكتور محمد خير الحلواني، 1979م.
13- تهذيب اللغة؛ أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري، (ت 370هـ)؛ تحقيق: علي النجار، الدار المصرية للتأليف والترجمة (ب - ت).
14 - شرح الأُشموني على ألفيَّة ابن مالك المسمَّى: (منهج السالك إلى ألفية ابن مالك)؛ أبو الحسن علي نور الدين بن محمد الأُشموني، (ت929هـ)؛ تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، 1939م.
15- الكتاب؛ سيبويه: أبو بشر عمرو بن عثمان، (ت 180هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، الطبعة الأولى، 1316هـ.
16- الخصائص؛ أبو الفتح عثمان بن جني، (ت 392هـ)؛ تحقيق محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1952م.
17- أسرار العربية؛ كمال الدين أبو البركات: عبدالرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري، (ت 577هـ)، طُبِع في مدينة ليدن، 1886هـ.
18 - شرح الحدود النحوية؛ عبدالله بن أحمد بن علي الفاكهي، (ت 972هـ)؛ دراسة وتحقيق الدكتور زكي فهمي الآلوسي، 1988م.
19- شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب؛ عبدالله بن هشام الأنصاري، ومعه كتاب "منتهى الأرب بتحقيق شرح شذور الذهب"؛ تأليف محمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة السعادة، الطبعة الرابعة، 1948م.
20- الأصول، دراسة إبيستمولوجية للفكر اللغوي عند العرب؛ الدكتور تمام حسان، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1988 م.
21- الإيضاح في علل النحو؛ أبو القاسم الزجاجي، (ت 337هـ)؛ تحقيق الدكتور مازن المبارك، دار النفائس، الطبعة الخامسة، 1986م.
22- الإيضاح العضدي؛ أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي، (ت 377هـ)؛ حقَّقه وقدَّم له الدكتور حسن شاذلي فرهود، الطبعة الأولى، 1969م.
23- المقتضب؛ أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، (ت 285هـ)؛ تحقيق محمد عبدالخالق عضيمة، دار التحرير للطباعة والنشر (ب - ت).
24- الجمل في النحو؛ أبو القاسم الزجاجي (337هـ)؛ تحقيق: الدكتور علي توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة، دار الأمل، إربد - الأردن، الطبعة الأولى، 1984م.
25- المطالع السعيدة في شرح الفريدة؛ جلال الدين السيوطي، (ت911هـ) في النحو والصرف والخط؛ تحقيق الدكتور نبهان ياسين حسين، دار الرسالة للطباعة، بغداد، 1977م.
26- اللمع في العربية؛ أبو الفتح عثمان بن جني؛ تحقيق حامد المؤمن، مطبعة العاني، بغداد، الطبعة الأولى، 1982م.
27- أوضح المسالك إلى ألفيَّة ابن مالك؛ جمال الدين بن هشام الأنصاري، (ت761هـ)، ومعه كتاب هداية السالك إلى تحقيق أوضح المسالك؛ تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الخامسة، 1966م.
28- ضياء السالك إلى أوضح المسالك، وهو صفوة الكلام على توضيح ابن هشام؛ تأليف محمد عبدالعزيز النجار، مطبعة السعادة، الطبعة الثانية، 1973م.
29- شرح ابن عقيل على ألفيَّة ابن مالك؛ بهاء الدين عبدالله بن عقيل العقيلي المصري الهمداني، (ت 769هـ)؛ تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان (ب - ت).
30- المفصل في علم العربية؛ لجار الله محمود بن عمر الزمخشري، (ت 538هـ)، ومعه كتاب الفيصل بشرح المفصل، محمد محيي الدين عبد الحميد؛ عني بنشره محمود توفيق، مطبعة حجازي بالقاهرة (ب - ت).
31 - المقتصد في شرح الإيضاح؛ عبدالقاهر الجرجاني، (ت 471هـ)؛ تحقيق الدكتور كاظم بحر المرجان، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، المطبعة الوطنية، عمان - الأردن، 1982م.
32- إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي (ت 337هـ)؛ عبدالله بن السِّيد البطليوسي، (ت 521 هـ)؛ تحقيق الدكتور حمزة عبدالله النشرتي، دار المريخ، الرياض، الطبعة الأولى، 1979م.
33- شرح الكافية للرَّضي الإستراباذي، (ت 686هـ)، المطبعة العامرة، 1275هـ، بالآستانة.
[1] ينظر: النحو العربي، العلة النحوية، (79).
[2] دراسات في كتاب سيبويه (155).
[3] العين (1/ 88)، وينظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 12)، القاموس المحيط (4/ 20).
[4] العين (1/ 88)، وينظر: تهذيب اللغة (1/ 105)، لسان العرب (11/ 468)، القاموس المحيط (4/ 20).
[5] لسان العرب (11/ 471)، وينظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 14)، القاموس المحيط (4/ 21).
[6] لسان العرب (11/ 471)، وينظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 13).
[7] لسان العرب (11/ 472)، مادة (علَل).
[8] عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - ت 53هـ، أسلم في هُدنة الحديبية، وحَسُن إسلامه، وكان اسمه عبدالكعبة، فسمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن، وقيل: كان اسمه عبدالعزى، وشهِد اليمامة مع خالد بن الوليد، فقتَل سبعًا من أكابرهم؛ أُسد الغابة (3/ 466 - 469)، وينظر: صحيح مسلم (2/ 880).
[9] لسان العرب (11/ 471).
[10] الكليات (3/ 220 - 221).
[11] الاقتراح: 96.
[12] المصدر نفسه (94)، وينظر: لُمع الأدلة (93).
[13] لُمع الأدلة (105).
[14] لُمع الأدلة (105).
[15] الإنصاف في مسائل الخلاف، مسألة (40)، وينظر: الأصول؛ تمام حسان (177).
[16] التعريفات (88).
[17] النحو العربي: العلة النحوية (90).
[18] أصول التفكير النحوي (111).
[19] أصول النحو العربي (108).
[20] الأصول؛ د. تمام حسان (182)، وينظر: أسلوب التعليل وطرائقه في القرآن الكريم، أُطروحة دكتوراه قُدِّمت لمجلس كلية الآداب جامعة بغداد؛ للطالب يونس عبد مرزوك، بإشراف الدكتورة هدى محمد صالح الحديثي، 2001، (15).
[21] تهذيب اللغة (2/ 362).
[22] شرح الأُشموني (1/ 29).
[23] المصدر نفسه (1/ 29).
[24] الكتاب (1/ 3).
[25] الخصائص (1/ 35).
[26] أسرار العربية (10)، وينظر: الجُمل (260)، المُقرب (1/ 47).
[27] شرح الحدود النحوية (76)، وينظر: شرح شذور الذهب (34).
[28] الأصول (1/ 44).
[29] الإيضاح في علل النحو (69 - 70).
[30] هو محمد بن المستنير، تلميذ سيبويه، مات سنة (206 هـ)؛ إنباه الرواة (3/ 219)، الوافي بالوفَيَات (5/ 19)، شذرات الذهب (2/ 15 - 16).
[31] الإيضاح في علل النحو (70).
[32] الإيضاح في علل النحو (70 - 71).
[33] شرح الأشموني (1/ 29).
[34] الجمل (260).
[35] الخصائص (1/ 37).
[36] الإيضاح العضدي (1/ 15)، وينظر: المقتصد (1/ 125).
[37] أسرار العربية (10).
[38] شرح شذور الذهب (71).
[39] شرح الأشموني (1/ 29)، وينظر: شرح الحدود النحوية (78).
[40] الكتاب (1/ 3).
[41] الأصول (1/ 45)، وينظر: المقتضب (1/ 4)، العلة النحوية: تاريخ وتطوُّر (18).
[42] ينظر: شرح الكافية (2/ 3)، وينظر: الأشباه والنظائر (1/ 162).
[43] ينظر: الأصول (1/45).
[44] المصدر نفسه (1/ 50)، وينظر: شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 102)، المقتصد (1/ 107).
[45] ينظر: المقتضب (2/ 1).
[46] ينظر: الجمل (260)، وينظر: مسائل خلافية في النحو؛ العكبري (95).
[47] ينظر: المطالع السعيدة (1/ 252).
[48] الخصائص (1/ 179).
[49] الأصول (2/ 146).
[50] ينظر: المصدر نفسه (1/50، 2/ 146 - 147).
[51] ينظر: المصدر نفسه (2/ 146).
[52] ينظر: الأصول (1/ 48).
[53] ينظر: في النحو العربي نقد وتوجيه (71).
[54] الكتاب (1/ 278)، وينظر: اللمع (79).
[55] الإيضاح العضدي (1/ 29)، وينظر: أسرار العربية (29).
[56] شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 340).
[57] شرح الأشموني (1/ 236)، وينظر: شرح عمدة الحافظ (156).
[58] شرح الحدود النحوية (95).
[59] الأصول (1/ 58).
[60] المصدر نفسه (1/ 62)، وينظر: التعريفات (85).
[61] اللمع (80).
[62] شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 340).
[63] شرح ابن عقيل (1/ 201).
[64] ينظر: الأصول (1/ 52).
[65] ينظر: الأصول (1/ 58)، شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 355 - 357).
[66] ينظر الكتاب (1/ 278)، الرماني النحوي في ضوء شرح كتاب سيبويه (290).
[67] المقتضب (2/ 49، 4/126).
[68]ينظر: الإنصاف (1/ 44)، مسألة (5)، أسرار العربية (33 - 34)، المغني في النحو (1/ 151).
[69] الأشباه والنظائر (1/ 243، 252)، نقلاً عن شرح المفصل؛ لابن يعيش.
[70] ينظر: الكتاب (1/ 278).
[71] ينظر: المقتضب (2/ 49، 4/ 126)، الأصول (1/ 58).
[72] ينظر: الإنصاف (1/ 44)، مسألة (5)، أوضح المسالك (1/ 137).
[73] ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 201 - 202)، الهُمع (2/ 8)، والمطالع السعيدة (1/ 256).
[74] ينظر: المطالع السعيدة (1/ 256).
[75] ينظر: الأصول (1/ 58).
[76] الكتاب (1/ 7).
[77] ينظر: الأصول (1/ 58 - 59)، الجمل (36)، شرح الجمل؛ ابن عصفور (132).
[78] الأصول (1/ 59)، ينظر: الكتاب (1/ 165)، الأشباه والنظائر (2/ 51).
[79] ينظر: الأصول (1/ 59).
[80] ينظر: الكتاب (1/ 165)، المقتضب (4/ 127).
[81] ينظر: شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 342 - 343)، شرح ابن عقيل (1/ 216)، أوضح المسالك (1/ 143)، ضياء السالك إلى أوضح المسالك (1/ 212).
[82] ينظر: الأصول (1/ 154).
[83] ينظر: الإنصاف (2/ 77)، مسألة (101).
[84] الأصول (1/ 70).
[85] ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 207).
[86] ينظر: المصدر نفسه (1/ 208).
[87] الأصول (1/ 63)، وينظر: الإيضاح العضدي (1/ 31)، اللمع (84).
[88] ينظر: الكتاب (1/ 69)، المقتضب (3/ 274، 4/132، 172، 329، 351).
[89] ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 214).
[90] ينظر: الجمل (38)، العلة النحوية: تاريخ وتطوُّر (101، 102، 137)، المقتصد (1/ 228 - 229)، إصلاح الخلل (127 - 128)، أسرار العربية (33)، شرح الكافية (1/ 84، 2/109)، ضياء السالك إلى أوضح المسالك (1/ 210 - 211)، شرح الأشموني (1/ 266).
[91] الأصول (1/ 299).
[92] ينظر: الأصول (2/ 280).
ابن الدين بخولة
ولَما كان من طبيعة الإنسان منذ طفولته، أن يسأل عن السبب لكل ما يَراه ويسمعه، وجَدناه يعكس ذلك على كل ما يمرُّ به، وعلى مدى سِني حياته، وتطوُّر إدراكه، وعلى اختلاف العلوم التي يتعلَّمها؛ لذلك نجد أن دارس اللغة العربية قد ذهب إلى إيجاد علَّة لكلِّ ما يراه من أحكام وقواعد، "فللمرفوع سببٌ، وللمنصوب علَّة، وللمجرور غاية، وللمجزوم هدف"[2].
وقد عدَّ الباحثون (مبدأ العلة) العمود الفقري الذي تدور حوله الكثير من أبحاث النحو الرئيسة والفرعية، فما العلة النحوية؟ وكيف نشأتْ؟
أولاً: تعريف العلة لغةً واصطلاحًا:
1 - العلة لغةً:
العلة: تأتي بفتح العين وكسرها.
أما بالفتح، فتأتي بمعنى الشَّربة الثانية، والفعل: علَّ القوم إبلهم يَعلُّونها عَلاًّ وعلَلاً، والإبل تَعُل نفسها علَلاً[3].
وتأتي بمعنى التشاغل: تعلَّل بالأمر، واعتلَّ: تشاغَل، وعلَّله بطعامٍ وحديث ونحوهما: شغَله بهما، وتعلَّلتُ بالمرأة: لَهوتُ بها[4].
أما بالكسر، فإنها تأتي بمعنى المرض: عَل يَعِل واعتلَّ؛ أي: مرِضَ، فهو عليلٌ، وأعلَّه الله، ولا أعلَّك الله؛ أي: لا أصابك بعلَّة[5].
وتأتي بمعنى الحدث يَشغل صاحبَه عن حاجته، كأن تلك العلة صارَت شُغلاً ثابتًا منَعه من شُغله الأول[6].
وتأتي بمعنى السبب: هذا علةٌ لهذا؛ أي: سببٌ[7].
وفي حديث عائشة - رضي الله عنها -: "فكان عبدالرحمن[8] يَضرب بعِلة الراحلة؛ أي: بسببها، يُظهِر أنه يَضرب جَنب البعير برِجله، وإنما يَضرب رجلي"[9].
وقال الكفوي (ت1094هـ) في الكليات: العلة عبارة عن معنى يَحل بالمحل، فيتغيَّر به حال المحل، ومنه سُمِّي المرض علةً، وهي ما يتوقَّف عليه الشيء[10].
2 - العلة في الاصطلاح النحوي:
معنى التعليل عند النحويين:
النظر في مختلف الأحكام النحوية، وما يَرونه من الأسباب الداعية لتلك الأحكام، وهو أمرٌ ضروري في كل قياس؛ لذلك كانت العلة هي الركن الرابع من أركان القياس[11]؛ لأن القياس: "هو حمْل غير المنقول على المنقول، إذا كان في معناه"[12]، وقياس العلة معمول به بالإجماع عند العلماء كافة[13]، فهي عند الرماني (ت 384هـ): "تغيير المعلول عما كان عليه"[14]؛ أي: خروج عن الأصل.
إذًا للعلة ارتباط بالأصل؛ لأن ما جاء على أصله لا يُسأل عن علَّته، ولأن "مَن عدَل عن الأصل، افتقَر إلى إقامة الدليل؛ لعدوله عن الأصل"[15].
وعرَّفها الجرجاني (ت 816هـ) بقوله: "هي ما يتوقَّف عليه وجود الشيء، ويكون خارجًا مؤثِّرًا فيه"[16].
وعرَّفها الدكتور مازن المبارك بـ"الوصف الذي يكون مظنَّة وجه الحِكمة في اتخاذ الحُكم"[17].
وعرَّفها الدكتور علي أبو المكارم بأنها: "السبب الذي تحقَّق في المَقيس عليه، فأوجَب له حكمًا، وتحقَّق في المقيس أيضًا، فأُلْحِق به، فأخَذ حُكمه"[18].
وعرَّفها الدكتور محمد الحلواني:
"يُراد بالعلة النحوية: تفسير الظاهرة اللغوية، والنفوذ إلى ما وراءها، وشرْح الأسباب التي جعلتها على ما هي عليه، وكثيرًا ما يتجاوز الأمر الحقائق اللغوية، ويصل إلى المحاكمة الذهنية الصرفة[19].
وبيَّن الدكتور تمام حسان أن الفرق بين العلة والسبب، فرقٌ في التأثير؛ "فالحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا، ولكنه لا يدور مع السبب"[20].
قبل البَدء ببيان العلة في رفع المبتدأ والخبر، لا بد أن نذكر تعريف الإعراب والبناء لغة واصطلاحًا عند النحاة.
الإعراب لغة:
هو الإبانة والوضوح[21]، وفي شرح الأُشموني: "هو مصدر أعرَب؛ أي: أبان؛ أي: أظهر، أو أجالَ، أو حسَّنَ أو غيَّر، أو أزال عرَبَ الشيءِ، وهو فسادُه، أو تكلَّم بالعربية، أو أعطى العربون، أو وُلِد له ولدٌ عربي اللون، أو تكلَّم بالفُحش، أو لم يَلحن في الكلام، أوصار له خيل عِراب، أو تحبَّب إلى غيره، ومنه العَرُوبُ المتحبِّبة إلى زوجها"[22].
وفي الاصطلاح:
"هو ما جِيء به لبيان مقتضى العامل؛ من حركة أو حرفٍ، أو سكون، أو حذفٍ"[23].
والإعراب عند سيبويه:
"هو ما يُحدثه العامل؛ من نصبٍ وجرٍّ، ورفْع وجزْمٍ، وفتْحٍ وكسرٍ وضمٍّ، وهذه المجاري الثمانية يَجمعهنَّ في اللفظ أربعةُ أضرب … ما يدخله ضربٌ من هذه الأربعة لما يُحدِثُ فيه العامل، وليس شيء منها إلا وهو يَزول عنه"[24].
وحدَّه ابن جني في الخصائص بقوله: "هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ، ألا ترى أنك إذا سمعت: (أكرم سعيدٌ أباه)، و(شكر سعيدًا أبوه)، علِمت - برفْع أحدهما ونصب الآخر - الفاعل من المفعول؟ ولو كان الكلام شرحًا واحدًا، لاستُبْهِم أحدهما من صاحبه"[25].
وحدَّه أبو البركات الأنباري بقوله: "إن الإعراب اختلاف أواخر الكَلِم باختلاف العوامل لفظًا أو تقديرًا"[26].
وحدَّه الفاكهي (ت972 هـ) بقوله: "أثرٌ ظاهر أو مقدَّر، يَجلبه العامل في آخر الكلمة حقيقة أو مجازًا"[27].
أما ابن السراج، فحدَّه بقوله:
"هو ما يَلحق الاسم والفعل بعد تسليم بنائهما، ونَضد حروفهما؛ نحو قولك: (هذا حكم وأحمر)، و(رأيت حكمًا وأحمر)، و(مررت بحكم وأحمر)…، فسمَّوا هذا الصِّنف من التغيير الذي يقع لفروق ومعانٍ تَحدث: إعرابًا"[28].
وذكر الزجاجي (ت 337 هـ) في الإيضاح أن علة دخول الإعراب في الكلام الفرقُ بين المعاني، قال:
"إن الأسماء لَمَّا كانت تَعتورها المعاني، فتكون فاعلة ومفعولة، ومضافة ومضافًا إليها، ولم تكن في صُورها وأبنيتها أدلَّة على هذه المعاني، بل كانت مشتركة - جُعلت حركات الإعراب فيها تُنبئ عن هذه المعاني، فقالوا: (ضربَ زيدٌ عمرًا)، فدلوا برفْع زيد على أن الفعل له، وبنصْب عمرو على أن الفعل واقعٌ به، وقالوا: (ضُرِبَ زيدٌ)، فدلوا بتغيير أول الفعل ورفْع زيد، على أن الفعل ما لم يُسمَّ فاعله، وإن المفعول قد ناب منابه، وقالوا: (هذا غلامُ زيدٍ)، فدلوا بخفْض زيد على إضافة الغلام إليه، وكذلك سائر المعاني، جعلوا هذه الحركات دلائلَ عليها؛ ليتَّسعوا في كلامهم، ويقدِّموا الفاعل إن أرادوا ذلك، أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه، وتكون الحركات دالَّة على المعاني"[29].
ولم يؤيِّد قطربٌ[30]ما ذهب إليه الزجاجيُّ من أن الإعراب دخَل في الكلام للدَّلالة على المعاني، وللفرق بين بعضها وبعض: "لأنَّا نجد في كلامهم أسماء متَّفقة في الإعراب مختلفة المعاني، وأسماء مختلفة الإعراب متَّفقة المعاني …."[31]، وذكر سبب إعراب العرب كلامها: "لأن الاسم في حال الوقف يَلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصْله بالسكون أيضًا، لكان يلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يُبطئون عند الإدراج، فلما وصَلوا وأمكنهم التحريك، جعلوا التحريك معاقبًا للإسكان؛ ليعتدل الكلام، ألا تراهم بنَوا كلامهم على متحرِّك وساكن، ومتحرِّكين وساكن، ولم يَجمعوا بين ساكنين في حشْو الكلمة ولا في حشو بيتٍ، ولا بين أربعة أحرف متحرِّكة؛ لأنهم في اجتماع الساكنين يُبطئون، وفي كثرة الحروف المتحرِّكة يستعجلون، وتَذهب المُهلة في كلامهم، فجعلوا الحركة عَقِب الإسكان"[32].
أما البناء لغة:
"فهو وضْع شيء على صفة يُراد بها الثبوت"[33].
والبناء اصطلاحًا:
"هو ما لم يتغيَّر آخره بدخول العوامل عليه؛ نحو: (هؤلاءِ، وحَذامِ، وقَطامِ)"[34].
وحدَّه ابن جني بقوله: "هو لزوم آخر الكلمة ضربًا واحدًا من السكون أو الحركة، لا لشيءٍ أحدَثَ ذلك من العوامل"[35].
وحدَّه أبو علي (ت 377 هـ) في الإيضاح بقوله: "البناء خلاف الإعراب، وهو ألا يختلف الآخر باختلاف العامل، ولا يخلو البناءُ من أن يكون على سكونٍ أو حركة"[36].
وفي أسرار العربية: "هو لزوم أواخر الكلم بحركة وسكونٍ"[37].
وحدَّه ابن هشام (ت 761 هـ) بقوله: "هو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة لفظًا أو تقديرًا، وذلك كلزوم "هؤلاءِ" للكسرة، و(منذُ) للضمة، و(أينَ) للفتحة"[38].
وقال الأشموني: "قال في التسهيل: البناء هو ما جِيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب، وليس حكاية أو إتْباعًا، أو نقلاً أو تخلُّصًا من سكونين... وقيل: هو لزوم آخر الكلمة حركة أو سكونًا لغير عاملٍ أو اعتلال"[39].
وفرَّق سيبويه بين حركات الإعراب والبناء؛ إذ يقول:
"وهي تجري على ثمانية مجارٍ: (على النصب، والجر، والرفع، والجزم، والفتح، والكسر، والضم، والوقف)، وإنما ذكرتُ لك ثمانية مجارٍ؛ لأُفرِّق بين ما يَدخلُه ضربٌ من هذه الأربعة لِما يُحدِثُ فيه العاملُ - وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه - وبين ما يُبنى عليه الحرف بناء لا يزول عنه"[40].
أما ابن السراج، فقد تابَع سيبويه في التفريق بين حركات الإعراب والبناء، معلِّلاً ذلك بقوله: "فإن كانت الحركات ملازمة، سُمِّي الاسم مبنيًّا، فإن كان مضمومًا نحو (منذُ)، قيل: مضموم، ولم يُقَل: مرفوع؛ ليُفرَّق بينه وبين المُعرب، وإن كان مفتوحًا نحو: (أينَ)، قيل: مفتوح، ولم يُقَل: منصوب، وإن كان مكسورًا نحو (أمسِ) و(حَذامِ)، قيل: مكسور، ولم يُقَل: مجرور"[41]، والعلة علة تفريقٍ.
وذكر الرَّضي في شرح الكافية:
أن التمييز بين ألقاب حركات الإعراب وحركات البناء وسكونها في اصطلاح البصريين - متقدِّميهم ومتأخِّريهم - حصَل؛ تقريبًا للمعنى إلى السامع، وأما الكوفيون، فيطلقون ألقاب أحد النوعين على الآخر مطلقًا، ولا يفرِّقون بينهما[42]، والتفريق بين حركات الإعراب وحركات البناء هو مذهب البصريين[43].
ثم يذكر ابن السراج تعليلاً دقيقًا، مُبينًا فيه أن أصل الإعراب للأسماء، وأصل البناء للأفعال والحروف، وأن البناء الذي حصَل في الأسماء إنما هو لمشابهة الحرف، مُعلِّلاً ذلك بقوله: "واعلَم: أن الإعراب عندهم إنما حقه أن يكون للأسماء دون الأفعال والحروف، وأن السكون والبناء حقُّهما أن يكونا لكلِّ فعلٍ أو حرف، وأن البناء الذي وقع في الأسماء، عارِضٌ فيها لعلة، وأن الإعراب الذي دخل على الأفعال المستقبلة، إنما دخل فيها لعلة، فالعلة التي بُنِيت لها الأسماء: هي وقوعها موقع الحروف ومضارعتها لها"[44]، والعلة علة أصلٍ.
وكما قرَّر ابن السراج، قال المبرد من قبله: إن الإعراب أصل في الأسماء، فرْعٌ في الأفعال[45].
وذكر الزجاجي علة دخول الإعراب في الأسماء أن ذلك وقَع؛ ليفرَّق به بين الفاعل والمفعول، والمالك والمملوك، والمضاف والمضاف إليه[46].
وذكر السيوطي أن الأصل في الإعراب أن يكون للفرق بين المعاني[47].
وعلَّل ابن جني سبب بناء الاسم بشبهه بالحرف؛ إذ قال: "إن سبب البناء … مشابهة الاسم للحرف لا غير"[48].
ثم يذكر ابن السراج علَّة إعراب المعرب من الأفعال؛ إذ يقول: "وأما الفعل المُعرب، فقد بيَّنا أنه الذي يكون في أوله الحروف الزوائد التي تسمَّى حروف المضارعة، وهذا الفعل إنما أُعرب لمضارعته الأسماء وشبهه بها، والإعراب في الأصل للأسماء، وما أشبهها من الأفعال أُعرب، كما أنه إنما أُعرب من أسماء الفاعلين ما جرى على الأفعال المضارعة وأشباهها"[49]، والعلة علة مُشابَهةٍ.
ويذكر تعليلاً آخر، وهو أن الإعراب الذي وقع في الأفعال، إنما وقَع في المضارع منها للأسماء، فأما الرفع خاصة، فإنما هو لوقوعه موقع الأسماء، فالمعنى الذي رفعت به، غير المعنى الذي أعربت به[50].
نَستنتج من هذا أن ابن السراج قرَّر مذهب البصريين في أن البناء أصل في الأفعال، فرْع في الأسماء، والإعراب أصل في الأسماء، فرْع في الأفعال، وذلك بذِكر علة إعراب الفعل المضارع، وهي مشابهة الأسماء وشبهه بها، والإعراب في الأصل للأسماء وما أشبهها من الأفعال[51].
ثم يذكر في موضع آخرَ علة امتناع الفعل المُعتل من دخول الإعراب عليه إلا النصب، فالمعتل الذي آخره ياء، أو واو، أو ألف، فإن الإعراب يَمتنع من الدخول عليه إلا النصب، فإنه يدخل على ما لامه واو أو ياء خاصة دون الألف؛ لأن الألف لا يمكن تحرُّكها[52].
أولاً: رفْع الاسم:
المرفوعات في العربية نوعان: مرفوعٌ أصالةً، ومرفوع تبعًا، أما المرفوعات أصالة، فهما: الفاعل والمبتدأ، وأما المرفوعات تبعًا، فهي خبر المبتدأ، وخبر إن، وهو في الحقيقة خبر المبتدأ، واسم كان، والنعت، وعطف البيان، إذا كان متبوعهما مرفوعًا[53].
1- المبتدأ والخبر:
أ - المبتدأ:
حدَّ سيبويه المبتدأ بقوله: "فالمبتدأ كل اسم ابْتُدئ ليُبنى عليه كلام، والمبتدأ والمبني عليه رفعٌ، فالابتداء لا يكون إلا بمبني عليه، فالمبتدأ الأول والمبني ما بعده عليه، فهو مسند ومسند إليه"[54].
وحدَّه أبو علي الفارسي بقوله: "الابتداء وصْف في الاسم المبتدأ، يَرتفع به، وصفة المبتدأ أن يكون مُعرًّى من العوامل الظاهرة ومسندًا إليه شيءٌ، مثال ذلك: (زيدٌ منطلقٌ)"[55].
وجاء في شرح الجمل لابن عصفور: "هو جعْل الاسم أوَّل الكلام لفظًا أو تقديرًا، معرًّى من العوامل اللفظية؛ لتُخبر عنه"[56].
وجاء في شرح الأشموني: "المبتدأ: هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة، مُخبرًا عنه، أو وصفًا رافعًا لمستغنى به"[57].
وحدَّه الفاكهي بقوله: "الاسم المجرَّد عن عامل لفظي، لفظًا أو حكمًا، مخبرًا عنه، أو وصفًا رافعًا لِما انفصل وأغنى"[58].
أما ابن السراج، فحدَّه بقوله: "المبتدأ هو ما جرَّدته من عوامل الأسماء ومن الأفعال والحروف، وكان القصد فيه أن تَجعله أولاً لثانٍ، مبتدئًا به دون الفعل، ويكون ثانيه خبرَه، ولا يَستغني واحد منهما عن صاحبه"[59].
ب - الخبر:
حدَّه ابن السراج بقوله: "هو الاسم الذي هو خبر المبتدأ: هو الذي يستفيده السامع، ويَصير به المبتدأ كلامًا، وبالخبر يقع التصديق والتكذيب"[60].
أما ابن جني، فحدَّه بقوله: "هو كل ما أسندتَه إلى المبتدأ، وحدَّثت به عنه"[61].
وفي شرح الجمل: "الجزء المستفاد من الجملة، وذلك أنك إذا قلت: (زيدٌ قائمٌ)، فإن المستفاد من هذه الجملة، إنما هو الإخبار عن زيد بالقيام"[62].
وفي شرح ابن عقيل الخبر: "هو الجزء المكمِّل للفائدة، ويَرِدُ عليه الفاعلُ؛ نحو (قامَ زيدٌ)، فإنه يَصدق على زيد أنه الجزء المُتِمُّ للفائدة"[63].
ثم يذكر ابن السراج علَّة رفع المبتدأ والخبر، بأن المبتدأ مرفوع بالابتداء، وأن الخبر مرفوع بهما، فإذا قلت: (عبدالله أخوك)، فعبدالله: مرتفع بأنه أوَّل مبتدأ، فاقدٌ للعوامل، ابتدأتَه لتبني عليه ما يكون حديثًا عنه، (وأخوك): مرتفع بأنه الحديث المبني على الاسم الأول المبتدأ"[64].
وهما مرفوعان أبدًا، فالمبتدأ رُفِع بالابتداء، والخبر رُفِع بهما؛ نحو قولك: "الله ربُّنا، ومحمد نبيُّنا"، والمبتدأ لا يكون كلامًا تامًّا إلا بخبره[65].
وعند رجوع الباحث إلى سيبويه والمبرد، وجَد أن ابن السراج قد خالف سيبويه في هذه المسألة؛ إذ إن الرافع للخبر عند سيبويه المبتدأ وحْده[66].
وقد تابَع ابنُ السراج المبردَ في أن العامل في رفْع الخبر هو الابتداء والمبتدأ؛ إذ قال المبرد: "فأما رفْع المبتدأ، فبالابتداء، ومعنى الابتداء: التنبيه والتَّعْرية عن العوامل غيره، وهو أول الكلام....، والابتداء والمبتدأ يَرفعان الخبر"[67].
ونقَل الأنباري في "الإنصاف" الخلافَ في هذه المسألة بين البصريين والكوفيين، فقد ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر، والخبر يرفع المبتدأ، فهما يترافعان، وذلك نحو: (زيدٌ أخوك)، و(عمر غُلامك).
وذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء، وأما الخبر، فاختلفوا فيه، فذهب قومٌ إلى أنه يُرفع بالابتداء وحْده، وذهب آخرون إلى أنه يَرتفع بالابتداء والمبتدأ معًا، ونقَل ابن الأنباري حُجج كلٍّ من الفريقين[68].
وقد رجَّح ابنُ يعيشَ قول سيبويه في أن رافع الخبر هو الابتداء وحْده، واستدل بقوله:
"والذي أراه أن العامل في الخبر هو الابتداء وحْده، كما كان عاملاً في المبتدأ، إلا أن عمله في المبتدأ بلا واسطة، وعمله في الخبر بواسطة المبتدأ، فالابتداء يعمل في الخبر عند وجود المبتدأ، وإن لم يكن للمبتدأ أثرٌ في العمل، إلا أنه كالشرط في عمله، كما لو وضَعت ماء في قدرٍ، ووضَعتها على النار، فإن النار تُسخن الماء، فالتسخين حصل بالنار عند وجود القِدْر، لا بها، فكذلك ها هنا"[69].
إذًا مذهب سيبويه أن الخبر يرتفع بالمبتدأ[70]، ومذهب المبرِّد وابن السراج أن الخبر يرتفع بالمبتدأ والابتداء[71].
ومذهب الكوفيين أنهما تَرافعا، فالمبتدأ رفَع الخبر، والخبر رفع المبتدأ؛ لأن كلاًّ منهما طالبٌ الآخر، ومحتاج له، وبه صار عمدة[72].
ومذهب سيبويه وجمهور البصريين أن المبتدأ مرفوع بالابتداء؛ لأنه بُنِي عليه، ورافعُ الخبرِ المبتدأُ؛ لأنه مبني عليه وارتفَع به، كما ارتفع هو بالابتداء، وهذا أعدل المذاهب، وهو مذهب سيبويه، وهو الأول، وهذا الخلاف مما لا طائلَ وراءه[73]، واختار السيوطي مذهب الكوفيين[74].
وعلَّل ابن السراج أن المبتدأ لا يَستغني عن الخبر، كما أن الفعل لا يستغني عن الفاعل، فكلٌّ منهما لا يستغني عن صاحبه[75]، والعلة علة استغناءٍ.
وقد تابَع ابنُ السراج سيبويهِ في تعليل ذلك؛ إذ قال سيبويه في باب المسند والمسند إليه: "وهما ما لا يَستغني واحد منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بُدًّا، فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبني عليه، وهو قولك: (عبدالله أخوك، وهذا أخوك)، ومثل ذلك قولك: (يذهب زيدٌ)، فلا بدَّ للفعل من الاسم، كما لم يكن للاسم الأول بُدٌّ من الآخر في الابتداء"[76].
وفي موضع آخرَ يُعلِّل ابن السراج رفْع المبتدأ بمشابهته الفاعل؛ من أجْل أن الفاعل يبدأ بالفعل قبله، والمبتدأ يبدأ فيه الاسم المحدَّث عنه قبل الحديث، وكذلك حُكم كلِّ مُخبر، والفرق بينه وبين الفاعل، أن الفاعل مُبتدأ بالحديث قبْله، ألا ترى أنك إذا قلت: زيدٌ منطلقٌ، فإنما بدأت (بزيد)، وهو الذي حدَّثت عنه بالانطلاق، والحديث عنه بعده، وإذا قلت: ينطلق زيدٌ، فقد بدأ بالحديث وهو انطلاقه، ثم ذكرت زيدًا المحدَّث عنه بالانطلاق بعد أن ذكرتَ الحديث، فالفاعل مضارع للمبتدأ؛ من أجل أنهما جميعًا محدَّث عنهما، وأنهما لا يُستغنى عنهما في الجملة؛ لأن كلاًّ منهما عمدة[77]، والعلة علة مشابهةٍ.
وفي موضع آخرَ يُعلل ابن السراج لعلة تعريف المبتدأ، أن حقَّ المبتدأ أن يكون معرفة، أو ما قارَب المعرفة، فإذا اجتمع اسمان معرفة ونكرة، فحقُّ المعرفة أن تكون هي المبتدأ؛ إذ قال ابن السراج في تعليل ذلك: "وقد يجوز أن تقول: رجل قائم، إذا سألك سائلٌ، فقال: أرجلٌ قائمٌ أم امرأة؟ فتُجيبه فتقول: رجل قائم، وجملة هذا: أنه إنما ينظر إلى ما فيه فائدة، فمتى كانت فائدة بوجهٍ من الوجوه، فهو جائز، وإلاَّ فلا، فإذا اجتمع اسمان معرفة ونكرة، فحق المعرفة أن تكون هي المبتدأ، وأن تكون النكرة الخبر؛ لأنك إذا ابتدَأت فإنما قصدُك تنبيه السامع بذِكر الاسم الذي تُحدِّثه عنه؛ ليتوقَّع الخبر بعده، فالخبر هو الذي يُنكِره، ولا يَعرِفه، ويَستفيده، والاسم لا فائدة له؛ لمعرفته به، وإنما ذكَرته لتُسند إليه الخبر"[78].
من عبارة ابن السراج نَستنتج أنه يجوز الابتداء بالنكرة إذا حصَلت الفائدة، فمتى حصلت الفائدة في الكلام، جازَ الابتداء بالنكرة.
ثم يُعلِّل في موضع آخرَ أنه لا يجوز الابتداء بالنكرة المفردة المحضة؛ لأنه لا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه، فلا معنى للتكلُّم به إلا إذا وُصِف، فإذا قلت: رجلٌ قائمٌ، أو رجلٌ عالم، لم يكن في هذا الكلام فائدة؛ لأنه لا يستنكر أن يكون في الناس رجل قائمٌ أو عالم، فإذا قلت: رجل من بني فلان، أو رجل من إخوانك، أو وصَفته بأي صفةٍ كانت تُقرِّبه من معرفتك، حسُن؛ لِما في ذلك من الفائدة[79].
ويبدو أن ابن السراج تابَع سيبويه والمبرد في مجيء المبتدأ معرفةً، ولا يجوز الابتداء به نكرةً إلا إذا سُوِّغ[80].
وبعد رجوع الباحث إلى المتأخرين ممن يهتمُّ بهذه العلل، وجَد الكثير قد سار في الحديث عن هذه العلة على وَفْق ما ذكره ابن السراج[81].
وفي موضع آخرَ يُعلل ابن السراج أن المعارف أَولى بالابتداء من غيرها، فإذا قلت: (زيد هذا)، فزيد مبتدأ و(هذا) خبره، والأحسن أن تبدأ (بهذا)؛ لأن الأعرف أَوْلى بأن يكون مبتدأً[82]، والعلة علة أَولى.
ونقل الأنباري في "الإنصاف" علة اختلاف مراتب المعارف، فذهب الكوفيون إلى أن الاسم المُبهم - نحو: (هذا وذاك) - أعرفُ من الاسم العلم؛ نحو: (زيد وعمرو)، وذهب البصريون إلى أن الاسم العلم أعرفُ من الاسم المُبهم، واختلفوا في مراتب المعارف[83]. في موضع آخر يُعلل ابن السراج علة ظهور وإسناد الضمير العائد على المبتدأ تعليلاً دقيقًا، أنه إذا جرى خبر المُشتق على مَن هو له، استَتر الضمير فيه، فلا يجوز إبرازه إلا مؤكدًا؛ لأن المبتدأ هو الفاعل في المعنى؛ إذ يقول ابن السراج في تعليل ذلك: "واعلَم أن خبر المبتدأ إذا كان اسمًا من أسماء الفاعلين، وكان المبتدأ هو الفاعل في المعنى، وكان جاريًا عليه إلى جَنبه - أُضمِر فيه ما يرجع إليه، وانستَر؛ نحو قولك: عمرو قائم، وأنت منطلق، فأنت وعمرو الفاعلان في المعنى؛ لأن عمرًا هو الذي قام، وقائم جارٍ على (عمرو)، وموضوع إلى جانبه، لم يَحُلْ بينه وبينه حائلٌ، فمتى كان الخبر بهذه الصفة، لم يحتجْ إلى أن يظهر الضمير إلا مؤكدًا، فإن أردت التأكيد، قلت: زيد قائمٌ هو، وإن لم تُرد التأكيد، فأنت مستغنٍ عن ذلك"[84]، والعلة علة استغناءٍ.
وهذا مذهب سيبويه، فقد جوَّز سيبويه فيه وجهين: أن يكون (هو) تأكيدًا للضمير المستتر في (قائم)، أو أن يكون فاعلاً بـ(قائم)[85]، واختار ابن مالك مذهب البصريين[86].
ويُعلل ابن السراج تعليلاً دقيقًا عدمَ صحة وقوع خبر الجثة زمانًا، وهي أنه إذا كان المبتدأ جثَّةً، لم يَجز أن يكون خبره ظرفًا لزمان، وإنما امتنَع من ذلك؛ لأن الغرض من الخبر إفادة المخاطب، وما لا فائدة فيه لا يجوز استعمال الكلام به؛ فلهذا لم يَجز أن تكون ظروف الزمان خبرًا للجُثث، فإن كان الظرف مكانًا، صحَّ الإخبار به؛ نحو: (زيدٌ أمامك)، أما إذا أفاد؛ نحو: (الليلة الهلال)، فهي على تأويل: الليلة طلوع الهلال، أو حدوث الهلال، فإنه يجوز؛ يقول ابن السراج في تعليل ذلك: "واعلَم أنه لا يجوز أن تقول: زيدٌ يوم الخميس، ولا عمرو في شهر كذا؛ لأن ظروف الزمان لا تتضمَّن الجُثث، وإنما يجوز ذلك في الأحداث؛ نحو: الضرب والحمد، وما أشبه ذلك، وعلة ذلك أنك لو قلت: زيدٌ اليوم، لم تكن فيه فائدة؛ لأنه لا يخلو أحدٌ من أهل عصرك من اليوم؛ إذ كان الزمان لا يتضمن واحدًا دون الآخر...، والأماكن ينتقل عنها، فيجوز أن تكون خبرًا عن الجثث"[87].
بعد رجوع الباحث إلى سيبويه والمبرد، وجَد أن ابن السراج قد تابَعهما في تعليل ذلك[88]، وهذا مذهب جمهور البصريين[89].
وعند رجوع الباحث إلى المتأخرين ممن يهتمُّ بهذه العلل، وجَد الكثير منهم قد سار في الحديث عن هذه العلة على وَفْق ما ذكره ابن السراج[90].
وفي موضعٍ آخرَ يُعلل ابن السراج أن الأصل في الخبر أن يكون اسمًا، ومنع الخبر الواقع بعد "إلا" أن يكون فعلاً ماضيًا، واختار أن يكون مضارعًا؛ لأن الأصل في الخبر أن يكون اسمًا، والمضارع مشابهٌ للاسم في التأويل؛ إذ يقول ابن السراج في تعليل ذلك: "لا يجوز أن تقول: ما زيدٌ إلا قام، فإن قلت: ما زيدٌ إلا يقوم، كان جيدًا؛ وذلك أن الموضع موضعُ خبرٍ، والخبر اسم، فلو كان: ما زيد إلا يقوم، كان جيِّدًا؛ لمضارعة (يفعل) الأسماءَ"[91].
وفي الباب نفسه يذكر ابن السراج أن الأصل في الخبر والمبتدأ أن يتطابَقا، فإن لم يتطابقا، لم يَجز، فلم يَجز أن تقول: (الضارب عمرًا الزيدان)؛ لأن المبتدأ قد نقَص عدده عن الخبر، والضارب عمرًا واحد، وليس في الصلة دليل على أن الألف واللام لجماعةٍ، فإذا ثنَّيت وجَمعت، قامَ الدليل[92].
المصادر والمراجع:
1- النحو العربي، العلة النحوية، نشأتها وتطوُّرها؛ الدكتور مازن المبارك، الطبعة الأولى، 1965م.
2- دراسات في كتاب سيبويه؛ الدكتورة خديجة عبدالرزاق الحديثي، وكالة المطبوعات، الكويت (ب - ت).
3- لسان العرب؛ جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأنصاري، (ت 711هـ)، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر (ب - ت).
4- كتاب العين؛ الخليل بن أحمد الفراهيدي، (ت 170هـ)، الجزء الأول؛ تحقيق: الدكتور عبدالله درويش، دار الرشيد، بغداد 1980م، الجزء الرابع؛ تحقيق الدكتور مهدي المخزومي، والدكتور إبراهيم السامرائي، دار الرشيد للنشر، 1982م.
5- الكليات، معجم في المصطلحات والفروق اللغوية؛ أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي، (ت 1094هـ)؛ تحقيق: الدكتور عدنان درويش ومحمد المصري، دار الكتب الثقافية، دمشق، 1976.
6- الاقتراح في علم أصول النحو؛ جلال الدين عبدالرحمن السيوطي، (ت911هـ)؛ تحقيق أحمد محمد قاسم، مطبعة السعادة، الطبعة الأولى، 1976م.
7- لُمع الأدلة في أصول النحو؛ أبو البركات الأنباري؛ تحقيق سعيد الأفغاني، مطبعة الجامعة السورية، 1957م.
8- الحدود في النحو، ضمن "رسالتان في اللغة"؛ أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، (ت 384هـ)؛ تحقيق وشرح الدكتور مصطفى جواد، ويوسف يعقوب مسكوني، دار الجمهورية، بغداد، 1969م.
9- الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين؛ كمال الدين أبو البركات الأنباري، (ت 577هـ)؛ تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، الطبعة الرابعة، 1961م.
10- التعريفات؛ على بن محمد بن علي الجرجاني، (ت 816هـ)، 1983م.
11- أصول التفكير النحوي؛ الدكتور علي أبو المكارم، منشورات الجامعة الليبية، 1973م.
12- أصول النحو العربي؛ الدكتور محمد خير الحلواني، 1979م.
13- تهذيب اللغة؛ أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري، (ت 370هـ)؛ تحقيق: علي النجار، الدار المصرية للتأليف والترجمة (ب - ت).
14 - شرح الأُشموني على ألفيَّة ابن مالك المسمَّى: (منهج السالك إلى ألفية ابن مالك)؛ أبو الحسن علي نور الدين بن محمد الأُشموني، (ت929هـ)؛ تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، 1939م.
15- الكتاب؛ سيبويه: أبو بشر عمرو بن عثمان، (ت 180هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، الطبعة الأولى، 1316هـ.
16- الخصائص؛ أبو الفتح عثمان بن جني، (ت 392هـ)؛ تحقيق محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1952م.
17- أسرار العربية؛ كمال الدين أبو البركات: عبدالرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري، (ت 577هـ)، طُبِع في مدينة ليدن، 1886هـ.
18 - شرح الحدود النحوية؛ عبدالله بن أحمد بن علي الفاكهي، (ت 972هـ)؛ دراسة وتحقيق الدكتور زكي فهمي الآلوسي، 1988م.
19- شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب؛ عبدالله بن هشام الأنصاري، ومعه كتاب "منتهى الأرب بتحقيق شرح شذور الذهب"؛ تأليف محمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة السعادة، الطبعة الرابعة، 1948م.
20- الأصول، دراسة إبيستمولوجية للفكر اللغوي عند العرب؛ الدكتور تمام حسان، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1988 م.
21- الإيضاح في علل النحو؛ أبو القاسم الزجاجي، (ت 337هـ)؛ تحقيق الدكتور مازن المبارك، دار النفائس، الطبعة الخامسة، 1986م.
22- الإيضاح العضدي؛ أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي، (ت 377هـ)؛ حقَّقه وقدَّم له الدكتور حسن شاذلي فرهود، الطبعة الأولى، 1969م.
23- المقتضب؛ أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، (ت 285هـ)؛ تحقيق محمد عبدالخالق عضيمة، دار التحرير للطباعة والنشر (ب - ت).
24- الجمل في النحو؛ أبو القاسم الزجاجي (337هـ)؛ تحقيق: الدكتور علي توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة، دار الأمل، إربد - الأردن، الطبعة الأولى، 1984م.
25- المطالع السعيدة في شرح الفريدة؛ جلال الدين السيوطي، (ت911هـ) في النحو والصرف والخط؛ تحقيق الدكتور نبهان ياسين حسين، دار الرسالة للطباعة، بغداد، 1977م.
26- اللمع في العربية؛ أبو الفتح عثمان بن جني؛ تحقيق حامد المؤمن، مطبعة العاني، بغداد، الطبعة الأولى، 1982م.
27- أوضح المسالك إلى ألفيَّة ابن مالك؛ جمال الدين بن هشام الأنصاري، (ت761هـ)، ومعه كتاب هداية السالك إلى تحقيق أوضح المسالك؛ تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الخامسة، 1966م.
28- ضياء السالك إلى أوضح المسالك، وهو صفوة الكلام على توضيح ابن هشام؛ تأليف محمد عبدالعزيز النجار، مطبعة السعادة، الطبعة الثانية، 1973م.
29- شرح ابن عقيل على ألفيَّة ابن مالك؛ بهاء الدين عبدالله بن عقيل العقيلي المصري الهمداني، (ت 769هـ)؛ تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان (ب - ت).
30- المفصل في علم العربية؛ لجار الله محمود بن عمر الزمخشري، (ت 538هـ)، ومعه كتاب الفيصل بشرح المفصل، محمد محيي الدين عبد الحميد؛ عني بنشره محمود توفيق، مطبعة حجازي بالقاهرة (ب - ت).
31 - المقتصد في شرح الإيضاح؛ عبدالقاهر الجرجاني، (ت 471هـ)؛ تحقيق الدكتور كاظم بحر المرجان، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، المطبعة الوطنية، عمان - الأردن، 1982م.
32- إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي (ت 337هـ)؛ عبدالله بن السِّيد البطليوسي، (ت 521 هـ)؛ تحقيق الدكتور حمزة عبدالله النشرتي، دار المريخ، الرياض، الطبعة الأولى، 1979م.
33- شرح الكافية للرَّضي الإستراباذي، (ت 686هـ)، المطبعة العامرة، 1275هـ، بالآستانة.
[1] ينظر: النحو العربي، العلة النحوية، (79).
[2] دراسات في كتاب سيبويه (155).
[3] العين (1/ 88)، وينظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 12)، القاموس المحيط (4/ 20).
[4] العين (1/ 88)، وينظر: تهذيب اللغة (1/ 105)، لسان العرب (11/ 468)، القاموس المحيط (4/ 20).
[5] لسان العرب (11/ 471)، وينظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 14)، القاموس المحيط (4/ 21).
[6] لسان العرب (11/ 471)، وينظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 13).
[7] لسان العرب (11/ 472)، مادة (علَل).
[8] عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - ت 53هـ، أسلم في هُدنة الحديبية، وحَسُن إسلامه، وكان اسمه عبدالكعبة، فسمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن، وقيل: كان اسمه عبدالعزى، وشهِد اليمامة مع خالد بن الوليد، فقتَل سبعًا من أكابرهم؛ أُسد الغابة (3/ 466 - 469)، وينظر: صحيح مسلم (2/ 880).
[9] لسان العرب (11/ 471).
[10] الكليات (3/ 220 - 221).
[11] الاقتراح: 96.
[12] المصدر نفسه (94)، وينظر: لُمع الأدلة (93).
[13] لُمع الأدلة (105).
[14] لُمع الأدلة (105).
[15] الإنصاف في مسائل الخلاف، مسألة (40)، وينظر: الأصول؛ تمام حسان (177).
[16] التعريفات (88).
[17] النحو العربي: العلة النحوية (90).
[18] أصول التفكير النحوي (111).
[19] أصول النحو العربي (108).
[20] الأصول؛ د. تمام حسان (182)، وينظر: أسلوب التعليل وطرائقه في القرآن الكريم، أُطروحة دكتوراه قُدِّمت لمجلس كلية الآداب جامعة بغداد؛ للطالب يونس عبد مرزوك، بإشراف الدكتورة هدى محمد صالح الحديثي، 2001، (15).
[21] تهذيب اللغة (2/ 362).
[22] شرح الأُشموني (1/ 29).
[23] المصدر نفسه (1/ 29).
[24] الكتاب (1/ 3).
[25] الخصائص (1/ 35).
[26] أسرار العربية (10)، وينظر: الجُمل (260)، المُقرب (1/ 47).
[27] شرح الحدود النحوية (76)، وينظر: شرح شذور الذهب (34).
[28] الأصول (1/ 44).
[29] الإيضاح في علل النحو (69 - 70).
[30] هو محمد بن المستنير، تلميذ سيبويه، مات سنة (206 هـ)؛ إنباه الرواة (3/ 219)، الوافي بالوفَيَات (5/ 19)، شذرات الذهب (2/ 15 - 16).
[31] الإيضاح في علل النحو (70).
[32] الإيضاح في علل النحو (70 - 71).
[33] شرح الأشموني (1/ 29).
[34] الجمل (260).
[35] الخصائص (1/ 37).
[36] الإيضاح العضدي (1/ 15)، وينظر: المقتصد (1/ 125).
[37] أسرار العربية (10).
[38] شرح شذور الذهب (71).
[39] شرح الأشموني (1/ 29)، وينظر: شرح الحدود النحوية (78).
[40] الكتاب (1/ 3).
[41] الأصول (1/ 45)، وينظر: المقتضب (1/ 4)، العلة النحوية: تاريخ وتطوُّر (18).
[42] ينظر: شرح الكافية (2/ 3)، وينظر: الأشباه والنظائر (1/ 162).
[43] ينظر: الأصول (1/45).
[44] المصدر نفسه (1/ 50)، وينظر: شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 102)، المقتصد (1/ 107).
[45] ينظر: المقتضب (2/ 1).
[46] ينظر: الجمل (260)، وينظر: مسائل خلافية في النحو؛ العكبري (95).
[47] ينظر: المطالع السعيدة (1/ 252).
[48] الخصائص (1/ 179).
[49] الأصول (2/ 146).
[50] ينظر: المصدر نفسه (1/50، 2/ 146 - 147).
[51] ينظر: المصدر نفسه (2/ 146).
[52] ينظر: الأصول (1/ 48).
[53] ينظر: في النحو العربي نقد وتوجيه (71).
[54] الكتاب (1/ 278)، وينظر: اللمع (79).
[55] الإيضاح العضدي (1/ 29)، وينظر: أسرار العربية (29).
[56] شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 340).
[57] شرح الأشموني (1/ 236)، وينظر: شرح عمدة الحافظ (156).
[58] شرح الحدود النحوية (95).
[59] الأصول (1/ 58).
[60] المصدر نفسه (1/ 62)، وينظر: التعريفات (85).
[61] اللمع (80).
[62] شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 340).
[63] شرح ابن عقيل (1/ 201).
[64] ينظر: الأصول (1/ 52).
[65] ينظر: الأصول (1/ 58)، شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 355 - 357).
[66] ينظر الكتاب (1/ 278)، الرماني النحوي في ضوء شرح كتاب سيبويه (290).
[67] المقتضب (2/ 49، 4/126).
[68]ينظر: الإنصاف (1/ 44)، مسألة (5)، أسرار العربية (33 - 34)، المغني في النحو (1/ 151).
[69] الأشباه والنظائر (1/ 243، 252)، نقلاً عن شرح المفصل؛ لابن يعيش.
[70] ينظر: الكتاب (1/ 278).
[71] ينظر: المقتضب (2/ 49، 4/ 126)، الأصول (1/ 58).
[72] ينظر: الإنصاف (1/ 44)، مسألة (5)، أوضح المسالك (1/ 137).
[73] ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 201 - 202)، الهُمع (2/ 8)، والمطالع السعيدة (1/ 256).
[74] ينظر: المطالع السعيدة (1/ 256).
[75] ينظر: الأصول (1/ 58).
[76] الكتاب (1/ 7).
[77] ينظر: الأصول (1/ 58 - 59)، الجمل (36)، شرح الجمل؛ ابن عصفور (132).
[78] الأصول (1/ 59)، ينظر: الكتاب (1/ 165)، الأشباه والنظائر (2/ 51).
[79] ينظر: الأصول (1/ 59).
[80] ينظر: الكتاب (1/ 165)، المقتضب (4/ 127).
[81] ينظر: شرح الجمل؛ ابن عصفور (1/ 342 - 343)، شرح ابن عقيل (1/ 216)، أوضح المسالك (1/ 143)، ضياء السالك إلى أوضح المسالك (1/ 212).
[82] ينظر: الأصول (1/ 154).
[83] ينظر: الإنصاف (2/ 77)، مسألة (101).
[84] الأصول (1/ 70).
[85] ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 207).
[86] ينظر: المصدر نفسه (1/ 208).
[87] الأصول (1/ 63)، وينظر: الإيضاح العضدي (1/ 31)، اللمع (84).
[88] ينظر: الكتاب (1/ 69)، المقتضب (3/ 274، 4/132، 172، 329، 351).
[89] ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 214).
[90] ينظر: الجمل (38)، العلة النحوية: تاريخ وتطوُّر (101، 102، 137)، المقتصد (1/ 228 - 229)، إصلاح الخلل (127 - 128)، أسرار العربية (33)، شرح الكافية (1/ 84، 2/109)، ضياء السالك إلى أوضح المسالك (1/ 210 - 211)، شرح الأشموني (1/ 266).
[91] الأصول (1/ 299).
[92] ينظر: الأصول (2/ 280).
ابن الدين بخولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..