الاثنين، 10 ديسمبر 2012

بين تنظيم القاعدة و"مافيا التفحيط"

26 محرم 1434-2012-12-1012:32 AM
تتملكك الحيرة والدهشة عندما تشاهد مقاطع التفحيط المؤلمة التي تتطاير فيها الأشلاء والجثث، وآخرها حادثة تفحيط "غروب البعارين"، التي تُوفِّي فيها شاب في ريعان شبابه - غفر الله له!
 
وفي حين استطاعت السعودية، ومن خلال أجهزتها الأمنية، التفوق في الحد من هجمات تنظيم القاعدة، والتمكُّن من فك شفرة العديد من تحركاته السرية والمعقدة، حتى أصبح ذلك مَوطن إعجاب وتقدير لدى الكثير من الحكومات والمنظمات الدولية، إلا أنها، وفي مقابل ذلك، لم تستطع السيطرة على مجموعة من الشباب والمراهقين، ممن يمارسون التفحيط صباح مساء!
 
فإذا كان تنظيم القاعدة يعمل في الخفاء، وفي سرية تامة، فهؤلاء الشباب تعلو تحركاتهم وأصواتهم أمام الجميع، وفي أزمنة محددة، ومواقع معلومة، لا تخفي على الجهات الأمنية!!
 
والواقع يقول إن التفحيط لم يَعُدْ ظاهرة عرضية، بل أصبح مُؤطَّراً ومنتشراً بشكل لافت للجميع، ويتفاقم ضرره سنة بعد أخرى.
 
والضرر هنا لا يقاس فقط بعدد الحوادث والإصابات والإعاقات والوفيات، على فداحة ذلك الأمر، ولكن يُقاس أيضاً بما يدور في ساحات التفحيط، التي أصبحت بيئة خصبة لترويج الممنوعات والمخدرات والخمور، واصطياد الشباب للوقوع في براثن العلاقات المحرَّمة، بما في ذلك الشذوذ الجنسي، وكأننا أمام "مافيا" من نوع جديد.. "مافيا" التفحيط!!
 
ولعل الكثير منَّا تابع عدداً من الأحداث الأخيرة المتعلقة بتجمعات التفحيط، ومنها استخدام الأسلحة الرشاشة، والتطاول على أحد رجال الأمن، وملاحقة مركبته، والاصطدام بها، في منظر يُشعرك بوجود سطوة وانفلات أمني كبير لدى تلك الفئة من الشباب.
 
ولعل هذا التنامي في التطاول على رجال الأمن والاستهتار بهم يُعَدُّ واحداً من أخطر إفرازات التفحيط.
 
والسؤال الحرج هنا: ما الذي سيحدث بعد زوال هيبة رجل الأمن في المجتمع، وتحديداً لدى فئة الشباب؟!
 
أكاد أجزم بأن الجهات الأمنية لا ينقصها الكوادر ولا الموارد للسيطرة على تلك الظاهرة الخطيرة، وكل ما في الأمر أنها بحاجة إلى إرادة قوية، ووضع ذلك في صلب الأجندة السياسية لدى قياديي الجهات الأمنية، وخصوصاً إدارتَيْ المرور والدوريات.
 
كما أن الحل يستدعي ضرورة إيجاد مُتنفَّس لهواة التفحيط، من خلال إنشاء أندية مخصصة لذلك، تمارَس فيها هذه الهواية بطريقة مقننة، تتفق وشروط الأمن والسلامة، وهو ما ينبغي أن تستثمر فيه الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
 
أخيراً، هذا التناقض بين إحكام السيطرة على تنظيم القاعدة ثم عدم القدرة على مواجهة "مافيا" التفحيط يبعث على التعجب والقلق.. فهل لديكم من مبررات؟!


د. عبدالرحمن يحيى القحطاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..