الاثنين، 10 ديسمبر 2012

أتتركون الوزير وتتسلطون على طفل؟!

أطلب من "العربية" التفكير في حقوق الطفل بمنطلق المهنية والأمانة الحقوقية، والاعتذار الصريح للطفل الذي عرضت مقطعه، وإبراز إيجابياته وأنشطته داخل المدرسة عبر لقاء معه تنشره كرد اعتبارٍ تربوي
الطفولة في تاريخ الحياة البشرية يبدو أنها لا تزال الحلقة الأضعف، فالأطفال حقوقهم غير مكتملة منذ القدم، يتأثرون بمعتصر الحياة ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم أو التكيف مع تلك الحياة، وحتى الآن نجد حقوق الطفولة تُقاس بمقدار تقدم الدول (إنسانياً) وعلمياً وصحياً.. ورغم تسارع الحياة نحو معطيات التقدم الفضائي والمعلوماتي.. ولكن يظل التقدم النفسيّ والتربويّ نحو الطفولة محدوداً، والبون شاسعاً، وبدلاً من ترسيخ دور الإعلام الفضائي في تعزيز مفاهيم وثقافة حقوق الطفل نجد أنها أثّرت سلباً ولم تزل!
قناة "العربية" كانت الأسبوع الماضي شريكة في عنف الأطفال (Child abuse)، وساهمت من وجهة نظري في خطأ مهنيّ و(حقوقي) بالغ، بل فادح، تربوي ونفسي، فعلى موقعها نجد الخبر: "شهدت إحدى المدارس في السعودية هروب أحد الطلاب في وقت الدوام الرسمي، ولكن فرحته لم تتم، حيث علق في بوابة المدرسة الرئيسية، والمشهد قد عرضته شاشة قناة "العربية"، وتم تناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية".
وأسفاً عند مشاهدة المقطع الذي نشرته قناة العربية كذلك لمشاهديها.. تقرؤه المذيعة (ضاحكةً) على وضع (الطفل) ووصفته.. : "حاول الطفل الهرب من المدرسة مما أوقعه في شر أعماله... "، والسوأل هنا أطرحه عليها ولمعد الخبر: أين شر الأعمال نحو براءة طفل أخطأ، كي ننفس عن النّاس ونضحكهم عليه، وأبعاد لا تعرف سوى الترويح عن المشاهدين؟ أم إن شر الأعمال عنف معنويّ وحسيّ نحو طفل بريء لا يعرف حقوقه وليس لديه أصلاً قانون (حقوقيّ) يحميه؟! أين أمانة النقل وحقوق الآخرين؟ ومن سمح للقناة بعرض المقطع دون إذن من الطفل وذويه؟! مع صورة مع التحية لمسؤولي التربية والتعليم و(أمانة) من نشر المقطع وسربه من تربوييّ المدرسة؟!
تخيلوا معي، كيف سيكون حال الطفل نفسياً وذويه جراء ذلك الخبر والمقطع بين أقرانه ومدرسته ومعارفه؟ وما حجم الإيذاء النفسي والاعتداء العاطفي الذي لحق بهذا البريء؟
ومن مفارقات القناة فعلاً، وفي نفس يوم نشر الخبر، إهمال نقاش وزير التربية والتعليم ومسؤولي الوزارة ومحاور لقائهم مع مجلس الشورى.. لم تركز القناة على ما تم تداوله، لم تقف على أغلب الاستفسارات التي تهم الشأن التربويّ ومستقبل أجياله، ليتها قدمت لنا لقاءات مع مسؤولي التربية وسألتهم على الأقل عن أسباب هروب ذلك الطفل ومعالجة تلك الظاهرة التي تخطت الـ60% في العامين المنصرمين، وفقاً لآخر إحصائية للتعليم عام 2010 نقلاً عن خبرها، بدلاً من أن تتسلط على طفل بريء!
ومن مفارقات ما قرأت أيضاً، أن المركز الوطني للدفاع عن الطفل في مدينة هانتسفيل في ولاية ألاباما الأميركية (CICS) يمتلك معايير تركز على استراتيجيات محددة للوقاية والحد من الاعتداء على الأطفال، ومن ضمنها (التدريب الصحفي)، وهو برنامج يستخدمه الإعلام لمنع استمرار الاعتداء على الأطفال!
وللإمانة فقنواتنا الفضائية ما زالت قاصرة في مخاطبتها للطفل وحقوقه على الأقل، وما زالت تستهدفه في إعلاناتها بمواد تخاطب عقله وتفكيره لتستقر في لاوعيه دون تمحيص لنقله إلى واقع زائف مخادع، والهدف (المال) قبل الطفولة ومستقبلها.. وهناك في منعطف آخر من تستهدفه بغرس قيم مغايرة ومتناقضة مع غرس القيم الرفيعة التي يأملها المنزل والمدرسة من خلال برامج تنطوي على الإثارة والعنف والخداع والألفاظ البذيئة...
قناة "العربية" كغيرها من القنوات المميزة والمثيرة، لها ما لها وعليها ما عليها، ولست هنا لتقييمها ولكن لتقويمها من خطأ وقعت فيه. ومن هذا المنبر أطلب من "العربية" ومن مسؤوليها التفكير في حقوق الطفل، لأننا ننتظر منها الكثير نحو أطفالنا بمنطلق المهنية والأمانة الحقوقية. وأطالبها أن (تعتذر) صراحة للطفل الذي عرضت مقطعه في نفس القناة، وأن تبرز إيجابيات ذلك الطفل وأنشطته داخل المدرسة ومع زملائه عبر لقاءٍ معه تنشره كرد اعتبارٍ تربويٍّ تحترم فيه إنسانية طفل وحقوقه، حتى يظل الحفاظ على حقوق المشاهدين والارتفاع بوعيهم لا الهبوط بهم إلى أسفل!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..