لكلِّ مؤسسة أو شركة كبيرة، مجلس إدارة
يتشاور أعضاؤه فيما بينهم لاختيار الأسلوب الأمثل لنجاح
مؤسستهم وتفوُّقها،
وإن حدث أن تفرَّد شخص ما برأيه، فهذا التفرد بالرأي قد يُعرِّض المؤسسةَ
للفشل والخسارة؛ ذلك أن الإنسان ضعيف بنفسه، قويٌّ بغيره، وقد توجَّه الأمر
الإلهي للنبي - عليه الصلاة والسلام - بضرورة الشورى؛ ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، ذلك أن الشورى هي أداة لجعل القرارات أكثر قُربًا من الصواب.
وهذا الأمر ينطبِق على الأسرة التي أعلَن الله في قرآنه أنها نِتاجُ تَشارُك الرجل والمرأة، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
﴾ [الحجرات: 13]، وعندما يُدرِك الزوجين المهمة المشترَكة المُلقَاة على
عاتقيهما، يتَّجِهان مُتعاوِنين من أجل تحقيق الهدف الاجتماعي من وجود
الأسرة، وهو بناء الإنسان الصالح والناجح في المجتمع.
إن التربية ليست مسؤولية مُلقاةٌ على كاهل الأب فقط،
أو على عاتق الأم فقط، بل هي وظيفة مشترَكة فيما بينهما، ولا يستطيع أي من
الطرفين أن يستغني عن الآخر، ولا أن يَحُل مكانه؛ فلكل من الزوجين مهمة
خاصة به تتناسَب مع دَوره الأبوي المُناط به.
وقد لفت النبي - عليه الصلاة والسلام -
الأنظار إلى هذا الأمر عندما بيَّن حقَّ الولد على أبيه في التربية، فقال -
عليه الصلاة والسلام - لعبدالله بن عمرو الذي انعزل للعبادة: ((وإن لولدك
عليك حقًّا))[1]،
إن هذا الإعلان النبوي يُعلي من شأن التربية، ويرفعها إلى مَقام الوجوب،
ويعلن أيضًا أن مسؤولية التربية ليست على عاتق الأب أو مهمة خاصة بالأم؛ بل
هي نِتاج التعاون الفعَّال بينهما، ونجاح التربية مرهون بالتعاون الناجح
فيما بينهما.
إن كثيرًا من الآباء تركوا مهمة التربية
للأم؛ ظنًّا منهم أن مهمتهم تقتصِر على جلْب المال والرزق، متناسِين أن
الطفل بحاجة إلى حنان أمه وشفقة أبيه، ومُتناسين في نفس الوقت أن الولد
بحاجة إلى وقت يَقضيه مع والده، وفي المقابل قد تترك الأم مسؤولية تربية
طفلها لأبيه؛ بحجة انشغالها في تدبير أمور المنزل، متناسية حاجة طفلها إلى
حنانها، أو قد تترك أموره لبعض الخَدَم الغريبين ثقافيًّا وحضاريًّا؛ مما
يوقِع الطفل في حَيرة بين ما يراه من سلوك "مُربِّيته" وسلوك والدَيه.
إن الأب والأم لهما موقف أمام الله تعالى عن مدى إحسانهما في تربية أطفالهم، فليُعِدَّ كل أب وأم أولادًا صالحِين لذلك اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..