الأربعاء، 17 أبريل 2013

"محمد المسعود, والحَميَّة الرافضية"

الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيّه وخليله وكليمه, اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وذريته وأمته, أما بعد:
    فقد كتب الدكتور الفاضل والأديب الرشيق محمد المسعود مقالًا, نشره في مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم في الرسالة رقم (2524) بعنوان: "بين حفل التسنن وجلد النساء أين حرية الاعتقاد والتعدد". ولي وقفات حيال ذلك.
    أولًا: أنّ هذا المقال قد سبقه عدّة مقالات في بابه, حتى أضحت سِمَةً لهذا الكاتب, ولو كان مقالًا واحدًا ما سطرْتُ حرفًا, ولكن أن يُعنِق في باطله إعناق المطيّ للنسك فهذا ما لا يُطاق ولا يستحمل.
    ثانيًا: أقول للدكتور: لن أطعن خاصرتك بالكلام عن اللُّحمة السعودية, التي اتخذت الكتاب والسنة بفهم تلاميذ نبي الأمة صلى الله عليه وسلم, _وهم صحابته المرضيون, خيرُ من درج على الثرى وأُدرج بعد الأنبياء_ والكلام بتعداد بنود نظام الحكم الملكي للدولة, الذي جعل من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة مرجعًا وحيدًا, بدون اعتبار غيره مهما علا شأن أهله. إذْ هذا أمرٌ واضحٌ وضوح غزالة العرب -وهي الشمس- في رائعة نهارهم. ويتبعُ ذلك: الضربُ صفحًا عن ذكر تصريحات ملوك الدولة خلفًا عن سلف.
    ولن أفعل كذلك برميك من تكأة التخندق حول  الدولة, في موضوع الخيانة العظمى لبعض قومك, منذ الثورة الخمينة الضالة, والمظاهرات العنيفة في القطيف, والاعتداء على غيرهم, سواء منشآت حكومية أو أفراد, والمناداة بالتدخل الأجنبي والانفصال, وحزب الله الحجاز...وغير ذلك مما تتذكره الأمة ولا ولن تنساه لمن طعنوها في أحلك المواقف وأشدّ الظروف.
 وبالطبع فلا أعمّم هذا على الجميع, بل قد لا يكون ذلك عن ملإٍ من أكثرهم, "ولا تزر وازرة وزر أخرى" ولكن نقول كما قال خالد بن الوليد ومن بعده أبو بكر الصديق لمُجاعة بن مرارة الحنفي _وقد اصطادته سريّةٌ خالدية أثناء توجّه عباد الله المهاجرين والأنصار ومن تبعهم لحرب الكفرة المرتدين_ قالا له وقد زعم أنه لم يرض قول مسيلمة الكذاب ولا فعله: فهلّا تبرّأت من ذلك, وأشهَرْتَهُ, وأعلنْته, وانحزْتَ للمسلمين, كما فعل ثمامة بن أثال؟!
     ولن أستطيل معك في تتبّع كتاباتك ومقالاتك وغمزاتك ولمزاتك وهمزاتك للمؤمنين..فقط سأقف قليلًا مع مقالك المذكور.
    ثالثًا: قبلَ الولوجِ ثَمَّ دائرتان, وعلى قدر ضوء توضيحك لدخولك في أيٍّ منهما يستقيم باقي النقاش, في سلسلةٍ أرجو أن تكون مفيدة، إن أحببت الحِجَاجَ المثمر والحوار البناء والنقاش المثمر, وهاتان الدائرتان هما دائرتا التشيّع:
    فالأُولى: تشيّعٌ لا يُخرج من الملة, وهو تشيّع المفضّلة الذين لهم تقديم لبعض الأصحاب على بعض أو رميهم بأمورٍ، بغير تكفير لسوادهم الأعظم أو كبارهم وسادتهم، مع الشهادتين وإقامتهم الصلاة وبقية أركان الإسلام والإيمان، والبراءة من المكفّرات التي وقع فيها كثير من الشيعة, كالكفرِ الأكبر: تكذيبًا أو جحودًا أو عنادًا.
   وكالشرك الأكبر: سواء في الربوبية, كالاعتقاد في ملكيّة أئمتهم لبعض صفات الربوبية؛ كعلم الغيب وتدبير الأمور.
    أو الألوهية؛ كالاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله, ودعاء الموتى, وعبادة القبور, وتقديم النذور والقرابين لها، والذبح لغير الله.
     أو النبوة: كالزعم بكتم النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الشريعة _وحاشاه_.
     أو تكذيب الله تعالى: كالزعم بعدم حفظه للقرآن العظيم, وأن مابين دفّتي المصحف ما هو إلا ثلث القرآن, وأن ثلثيه محجوبان مع الغائب.
    كذلك تكذيب الله تعالى الذي برأ الصديقة بنت الصديق في سورة النور, برميها بعين ما برّأها منه، وكتكفير غالب صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم الذين أثنى ربُّ العزّة عليهم في عدة آيات من كتابه عمومًا وخصوصًا، وغير ذلك مما هو مخرج من ملّة محمد صلى الله عليه وسلم. ففي صحيح الإمام البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاتنا, واستقبل قبلتنا, وأكل ذبيحتنا, فذلك المسلم الذي له له ذمة الله وذمة رسوله, فلا تخفروا الله في ذمّته"
    فمن أظهر الإسلام ولم ينقضه فهو المسلم, حتى وإن فسق بالمخالفة, فلا يكفر إلا بالكفر البواح, أو الشرك الصراح, إذْ مَنْ دخل في الإسلام بيقين لا يُخرَجُ منه إلّا بيقين, والله يتولى سرائر عباده, وحقائق دياناتهم. 
    الدائرة الثانية: هي ما كانت خارجة عن الدائرة الأولى.
    والظن بالدكتور محمد أنه ليس من أهل الدائرة الثانية _أعاذني الله وإياه والمؤمنين من مضلّات الفتن_ وإني لأرجو الله عز وجل أن يأخذ بيده لما يحب ويرضى، فالدكتور محمد عنده من الفهم, والفطنة, وحسن الحوار, وطيب الكلام, وصدق اللهجة, والشجاعة، ما يفتح له أبواب حريّة البحث عن الهدى, والتثبت من الحق. ومن رام الهدى, وانطرح بين يدي مولاه, وتعلّق بكفايته, وتوكل عليه حقّ التوكل, واستفرغ أسباب الهدى, وقَطَعَ علائق التقليد؛ فلا يكاد التوفيق أن  يخطئ فؤاده, بل هو لعمر الحقّ حريّ بمدد الله ولطفه وهدايته, قال الهادي سبحانه:"فإما يأتينّكم مني هدًى فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى"" قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفّلَ الله لمن قرأ القرآن وعمل به أن لا يضل في الدنيا, ولا يشقى في الآخرة.
    مُحَصّلة المقدّمة: أنّي أُحيل الدكتور الفاضل والأديب الرقيق, على كتابين آملًا من سعادته قراءتهما بهدوء, ورويّة, وعمق, وتطلّب للحق, مع مناقشة مؤلّفيها في ما لا يرتضيه فِطرةً أو شرعًا أو عقلًا ومنطقًا، وإنّي على استعدادٍ _مُستعينًا مستهديًا بمولاي سبحانه_ على السير مع الدكتور محمد في النقاش فيهما حتى النهاية. والكتابان هما:
    الأول: منهاج السنة النبوية, لشيخ الإسلام ابن تيمية.
   الثاني: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية, للشيخ الدكتور ناصر القفاري.
    والآن الى مقصود هذا المقال:
    لقد مرّر الدكتور وكرّر عدّة قضايا عقديّة, مغلّفةٍ بثوب الوطنية! مناديًا السلطان من بُوق رفعِ المظالم, بعمومياتٍ قد تتغيّر حقائقها عن عرضها مفصّلة!
    فقد بدأت مقالاته تميل ميلًا شديدًا, ولها شنشنة بنَفَسٍ مشحون بقالاتٍ ليست لمن يُقال لهم: "معتدلو القوم"!
    وإني لأعجب وأذهل وأسألُ: كيف للشيعي _أيّا كانت شيعيته_ إن كان ممن يُؤمن باليوم الآخر, والبعث والنشور, أن يلقى نبيَّ الله صلوات الله عليه وسلامه وبركاته يوم القيامة, وقد لَمَزَهُ في شَرَفِهِ, وغَمَزَهُ في عِرضِه, واتّهم أهله بِقالَةِ الكفرة الفجرة, واتّهم أصهاره وأصحابه وجُلساءه وأحب الناس لديه بالكفر والردّة ومساقط الخزايا؟! ولْيتصوّر اتهامه بذلك من أقرب الناس له, فهل سيسامح ويعفوا؟! يا لَهول الباقعة! ويا لَسواد الوجه غدًا!
     بل كيف يلقى ربَّ العزَّة جلَّ جلاله بذلك؟! وكيف يلقاه وقد كذَّبه في كثير من أخباره, وعصاه في جليلٍ مِنْ أوامره, وتقحَّم معاصيه غير مبال؟! اللهم غفرًا.
    إن الشيعيّ إن كان راضيًا عن قالاتِ قومه وأفعال أصحابه فهو مثلهم ومنهم, وإن لم يكُ راضيًا فهلَّا أنكر وتبرَّأ وأعذر إلى ربه وأمّته؟! ولْنعتبر ذلك بمواقف القوم من نهيق السافل البغيض "ياسر الحبيب" في أم المؤمنين الصدّيقة بنت الصدّيق. عامَلَهُ الله بعدله.
      وإني لأنادي صادقًا كل شيعيّ حرّ أبيّ, صادقٍ مع نفسه, مخلصًا وجهه لربّه, أن يقف مع مذهبه وقفةَ صدق واتباع وعرض على الوحي المنزّل المحفوظ, لا محض تقليدٍ واصطفاف مع أقوام لا يغنون عنه عند الله من شيء, إنما هي نفسه التي بين جنبيه فمُعتَقٌ ومُوبَقٌ, فالحياة يا صاحبي لا تأتي إلا مرّة, والفرصة يتيمة من الأخوات, وما ثَمَّ غدًا إلا شقيّ وسعيد!
    وأقول لكل من دعا لضلالهم, أو رَضِيَهُ, وهم غير قليل: لا تُوضِعْ في الباطل فتبوء بالخسار, فدعْ عنك إن رُمت الفلاح ارتحال قلائص الفتن, وإثارة عجاجٍ لا ثَبَاتَ له, ولا يستخفنَّك الجهلُ بأقدار سادةِ الأخيار, فما خَلَقَ اللهُ بعد الأنبياء خيرًا منهم وإن رَغِمَتْ أنوفُ الرافضة, وحمِيتْ أنوفُ الشعوبية, فلا كان ولا يكون مثلهم, ولِله هُمْ مِنْ سابقين مقرّبين, وأخيار أبرار مُسدّدِين, فقد قاموا بدين ربّنا قيامًا لم ولن يقوم به أحد كقيامهم, وردَّ اللهُ بسيوفهم الناسَ لدين الله أفواجًا بعد ما خرجوا منه أفواجًا, وأوصلوا للأمّة هَدي نبيّهم كاملًا غير منقوص, فنقلوا كتاب الله وهدي رسوله وسنته غضًا طريًّا صافيًا من الأكدار. صَبَّ الله على قبورهم شآبيب الرضوان, وأعلى منازلهم في الكرامة والرضوان, وجزاهم عن الأمة خير ما جزى المصلحين المجاهدين الناصحين, وألحقنا بهم غير خزايا ولا ندامى ولا مبدّلين, إله الحقّ آمين. فيالَسعادة من اهتدى بهديهم, واستن بطريقتهم, وعرَف قدرهم, وأشهر فضلهم, فهم أعلم الناس بدين نبيّ الله صلى الله عليه وسلم, وأفصحهم, وأنصحهم, وأسدِّهم رأيًا, وأذكاهم عقلًا, وأثبتهم جنانًا, وأشدّهم بأسًا, وأصدقهم لهجة, وأنقاهم سريرة,  وأورعهم, وأزهدهم, وأتقاهم, وأنقاهم, وأهداهم. ولقد خاب من أولادِ آدم من التوى عن طريقتهم, وتنكّب سبيلهم, فهم نجومُ الدُّجى, وبدور السُّهى, ومشاعلُ العلم, ومفاتيح الفتوح.
    أما الوقفات مع المقال المذكور فهي كالتالي:
    الوقفة الأولى: مع العنوان؛ وهو حريّة الاعتقاد, فحريّة الاعتقاد مكفولة في الشريعة لأناس مخصوصين, بشروط مخصوصة, كأن يفتح المسلمون بلدًا نصرانيًا, فيتكفّلوا لمن لم يرضَ الدخول في الإسلام من النصارى بالبقاء على دينه, مع دفع الجزية, ولزوم الشروط العامّة الأخرى, ومن تلك الأخرى: عدمُ التعدي على معتقد المسلمين, كاستهزاءٍ, أو فتنِ مسلمٍ بدعوته لدين باطل, أو مذهب ضال. وليس معنى ذلك حريّة الردّة عن دين الإسلام! ومن فهم من قول الله تعالى: "لا إكراه في الدين" حريّة الكفر بعد الإسلام فهو لم يشمّ للعلم رائحة, بل هو أضلّ من الأنعام.
    هذا, والاعتداء على ديانة المسلمين أشدّ في الشريعة من الاعتداء على أمنهم (كالخيانة العظمى) قال سبحانه: "والفتنة أشد من القتل" فمن فتنَ مؤمنًا عن دينه فارتدّ, فعقوبته  أشدّ ممن سَفَكَ دمَه! وهذا مقرّر في الأصول, ومن الشهرة بمكان. ولمزيد من الإيضاح ينظر هذا المقال: "نقض الزعم بأن شريعة الإسلام مشتملة على وحشية، كالقتل والرجم وقطع اليد والجلد والاسترقاق":
    فرعٌ عن ذلك: من دَعَى مسلمًا صحيحَ المعتقد لمذهبِ ضلالٍ وبدعة وإحداث, فهذا يُعزّر التعزيرَ اللائق به, وكلّما اشتدّ ضلال تلك البدعة؛ اضطردتْ معها العقوبةُ التعزيريّة في الدنيا, مع سخط الله تعالى على داعية البدع والضلال.
     ونصوصُ الوحي المنزّل قرآنًا وسنةً متوترة متواطئة على هذا الأصل الحافظ الحاسم لمادّة الفتن في المعتقد, ونصوص السلف الصالح ووصاياهم وأفعالهم متضافرة شاهدة على ذلك, ومقامنا هنا مقام اختصار لا بسط. ومحصّلة ذلك ومُلخّصُ ما هنالك: سدُّ ذريعة دِعاية البدع أيًّا كانت, وردّ عاديتهم مهما جالت.     
    وعلى ذلك فيسقُطُ نداءُ الكاتب بإيجاب نظر القضاء في دعوةِ الشيعة لاعتقاد مذهب أهل السنة والجماعة.
    ومن هنا يتبين خطأ الكاتب في احتجاجه على حكم المحكمة الشرعية بتعزيز الشيعية التي دعت إلى بدعتها عبر رسالةٍ في الهاتف! فلا يشفعُ للمرأة الدفاع بأنها قد أخطأت العنوان, إذ (الجريمة, وهي الجناية على الدين) ثابتةٌ هنا, أمّا الدعوى بالخطأ فقد يكونُ لها أثرٌ في تخفيف العقوبة وليس إلغاءها, والكاتب فَهِمَ من الحكم _أو حاول أن يُفهمنا_ أن التعزير في هذه القضية إنّما هو لأجل التهمة بسوء النيّة, ثمّ فرّع على ذلك عدم جواز العقوبات على النوايا..إلى غير ذلك الغثاء الذي ليس بشيء, إنما هو (ديماغوجية) لا تُغنيه!
     ونوضّح ذلك الواضح بالقول: أن القاضي قد حكم بالبيّنات والبراهين الظاهرة, أما النوايا فأمرها لعلّام الغيوب. لذلك فمن كانت جنايته على الدين كالاستهزاء بالإسلام, أو مسبّة الرسول صلى الله عليه وسلم, أو إثارة الشبه بين المؤمنين, ونحو ذلك, فهذا يُعاقب عقوبةً ظاهرة تليق به, أما عقوبة الآخرة فليست لأحد من العالمين, فمن صحّت توبته لربّه, فالتوبةُ تهدم ما قبلها, بالغًا الذنبُ ما بلغ!
     كذلك فقد حاول الكاتب أن يثيرَ القَتَامَ على القضية باستعداء السلطة, وأن هذه مواطنة..إلخ, فالجواب: أن شريعة الله عدلٌ وقسطاس مستقيم, والناس تحتها كأسنان المشط, فمن تعدّى وظلم عوقب, أيا كان اسمه ورسمه. ولا مزايدة هنا بالزعم بأن هناك أناسٌ فوق السلطة الشرعية _التي تسمّى النظام أو الدستور أو القانون_ فلا أحدَ فوق شرع الله تعالى مِنْ أعلى مرتبةٍ في السلطة فما دونها, وإن حدث تقصير فالعلاج بإصلاحه, لا بهدم النظام الجامع لنسيج الأمة, والخيط الناظم لصلاحها ولَمِّ شملها, أعني شريعةَ رب العالمين.
    وبالجملة؛ فتكييفُ القضية كالتالي: امرأةٌ, دعت إلى عقيدة بدعية ضالة تخالف معتقد الأمة وسلفها الصالح, أي مبتدعة دعت إلى بدعتها. فهذا هو العنوان الشرعي الحقيقي, لا زيف الليبرالية الشوهاء! لذا فلا عجب من حرص الشيعة بِغُلاتِهم وغيرهم على الدعوة للتغريب والعلمنة وتوابعها, لأن في ذلك هدمٌ لذلك السدّ الشرعي, الحافظ على الأمة دينها ومعتقدها الحق, بإذن الله تعالى.
    هذا من جانب؛ ومن جهة أخرى: فتلك الدعوة للبدعة, هي مطيّة جليدة قد تفضي إلى الخروج من الملّة, لأن أَهْوَنَ ما في التشيع هو تشيّعُ البسطاء, الذين بقوا على أصل فطرتهم, وشهدوا الشهادتين, وصلوا وزكّوا وصاموا وحجوا, مع إعلانهم التبعيّة لمذهب التشيّع بطقوسه الغريبة المحدثة_سواء كان رافضيًّا أو غيره_ لأن شبهة اتصال المذهب بأهل البيت قد اجتالتهم فصدّقوها _كما يردّده الكاتب في مقالاته ومنها هذا المقال, وهي دجلٌ محض فأهل البيت على معتقد سلفهم الصالح, وعلى العمل بكتاب ربهم تعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم, ولا يقبلون ببدعة قد داخَلَها مكرُ يهودٍ ومجوس! _ ولكن هذا التشيّع ابتداءً قد يفضي للدخول في أنفاقِ النفاق, والارتكاس لمراقد الفتن, والانغماس في حمأة ضروب الوثنية! وذلك بتلقّي أصول العقيدة مِنْ مَنْ خالفوا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم, وكذّبوه, وكفروا به وبالقرآن, كغيرِ قليلٍ من رؤساءِ الرافضة والباطنية الذين بدّلُوا دين المرسلين لِدَيانَةٍ وثنيّة ليس فيها من الإسلام إلا الرسوم, فحقيقتُهم: أنهم زُمرة طواغيت, وأئمةُ كفر, ورؤوس ضلالة, وأعداء رُسُلِ الله!
     لذلك؛ فأوّلُ وأَوْلى ضرورةٍ في الإسلام: هي حفظُهُ, قبل حفظ الأربع الأخرى. فكان لزامًا على من بَسَطَ الله يده من أئمة المسلمين, أن يجعل هذا الأمر منه على ذكر دائم, وحياطة عالية, وحزم وحسم, فدركاتُ الفتن, وحياض الضلالات لا منتهى لها, وما بُعث المرسلون إلا لإقامة دين رب العالمين في الأرض, وما استُخلفَ آدم إلا لأجل ذلك, بل ما خلق الإنس والجن إلا لتحقيق العبودية لله وحده لا شريك له, أما بقيّة الضرورات كالنفس والعقل والعرض والمال فهي وسائل لإقامة الدين, وآلات لبنائه, فهنَّ السُّبل وهو الغاية.
      أما لمزُ الكاتب للأخ المهتدي من محافظة صفوى بوصفه: "كأنّه خرج من أوثان الجاهلية وعبادة الأصنام" فالجواب: وما يدريك _والبلاء موكل بالمنطق_ فلعلّه كان عابدًا للأوثان, ولقد رأيتُ وسمعتُ وشاهدتُ مراراً في مأرِزَيِ الإيمان _مكة والمدينة حرسهما الله_ من ضروب الوثنية من الشيعة ما لا يخطر على بال موحِّد, كالاستغاثة بالموتى والغائبين, ودعائهم من دون الله رب العالمين, والمروقِ من ملّة محمّدٍ وإبراهيم, ما تغلي منه مراجلُ القلوب حميّة لله وغيضًا, وتتصبَّبُ على أولئك الدموعُ أَسَفًا, وتتفتّتُ الأكباد على الحال إشفاقاً, من رؤيةِ اجتيالِ الشياطين لهم بإركاسهم في مستنقع الشرك والوثنية!
    أفلا يُحمد من خرج من الشرك, ودخل الإسلام؟! وحتى إن كان ذلك الرجل لم يرتكبّ مكفِّرًا إبّان تشيّعه؛ أفليس تركه للباطل والضلال _مهما كانت نسبة ذلك_ مما يُحمدُ عليه؟!
    وقبل طَيِّ الكتاب آمل من الكاتب الكريم عدم استعمال خائنة القَلَم! وذلك عبر التلويح غير المباشر بالمناداة بمشروع التقسيم! كقوله غير المشكور: "والثابت اليوم أن المشروع العالمي للتقسيم يقوم في اللبنة الأولى له على سوء ظن الأقليات تجاه محيطها الأكبر..إلخ" بحروفه.
     ولكن نحسن الظن بالدكتور أنَّ قَصْدَهُ إنما كان التنبيه لبعض سفاهات قومه, كالنمر وأشباهه, لا التلويحَ بشناعتهم, ولكن أقول له: إن هذا المسلك ليس بسبيلٍ قاصدٍ, فكن صريحًا, ودعْ مناطق الرّماد! والله من وراء قصده ونيّته وسريرته.
    أخي الدكتور النبيل محمد, رعاك الله: تأمل ما ذُكر بعين الإنصاف وطلب الحق والهدى, وأحسن في عباد الظنون مهما عضّ إهابك نائلهم, سائلًا الله تعالى أن يأخذ بيدي ويدك والمسلمين لمرضاته, وأن يهدينا الصراط المستقيم إرشادًا وتوفيقًا وتثبيتًا وموافاة, آمين. وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.
إبراهيم الدميجي
5/ 6/ 1434



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..