حازم سيد :
لعل ما حدث في مصر المحروسة في أواخر شهر حزيران يوليو خير دليل على قدرة الإعلام الفضائي في
تغيير قناعات وتفكيك منظومات التفكير ودفع الجماهير إلى الساحات والميادين , مطالبين بالتغيير .
طوفان بشري لا تستطيع قوة أن تقف في وجهه اشتغلت وسائل إعلام عاما كاملا لتحشده في مشهد لم تعرفه البشرية في تاريخها الطويل .
أجزم أن الرئيس محمد مرسي قد ندم أشد الندم لأنه لم يعط الإعلام ما يستحق من اهتمام، ولأنه استخف بتأثير مقدمي برامج ( التوك شو ) في الفضائيات المصرية والذين كانوا المعول الذي هدم حكمه القصير .
لقد أتقن خصومه السياسيون اللعبة الإعلامية أيما إتقان ، وضخوا ملايين الدولارات في وسائل إعلام استطاعت جذب المصريين إلى برامجها مستخدمة أفضل مقدمي البرامج وأكثرهم تأثيرا في الوجدان المصري ، وهم أدوا أخطر الأدوار في تأليب الرأي العام ضد الرئيس محمد مرسي ونظامه ، فقد كانت قناة السي بي سي ( وهي قناة ممولة من ملياردير الإعلام المصري محمد الأمين ) رأس الحربة في الفريق الإعلامي الذي أخذ على عاتقه مهمة تقويض حكم الإخوان المسلمين في مصر ,وطردهم من المشهد السياسي ، لا بل جعلهم جماعة مارقة آبقة لتعود الى أقبية العمل المعتمة .
لقد استقطبت هذه المحطة أكثر الإعلاميين المصريين عداء للاخوان وولاء لنظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ، وهي تدفع لهم بسخاء حيث ذكرت مصادر من داخل المحطة أن مقدمة البرامج الشهيرة لميس الحديدي تتقاضى 9 مليون و 500 الف جنيه مصري راتبا سنويا مع 5 % من قيمة الإعلانات في برنامجها ( هنا القاهرة ) ، ويتقاضى نفس المبلغ الإعلامي عماد أديب مقدم برنامج ( بهدوء ) ويتقاضى خيري رمضان 9 مليون و 750 الف جنيه مع 5 % من الاعلانات في برنامجه ، أما باسم يوسف وهو مقدم البرنامج الهزلي ( البرنامج ) والذي تحول إلى ظاهرة إعلامية بسبب نقده اللاذع للرئيس مرسي يتقاضى مبلغا خياليا وصل الى 16 مليون و500 الف جنيه سنويا مع 20 % من قيمة الاعلانات في البرنامج ، وربما هذا ما يفسر حماسهم الشديد واندفاعهم في تضخيم مثالب وأخطاء الرئيس مرسي ( وهي كثيرة على أي حال ) ,والتركيز على الجانب المعتم فقط في تجربة سياسية وليدة . ولم تكن السي بي سي وحدها في ميدان حرب إعلامية شمّرت ساقها منذ اشهر، فقد كانت (النهار) لاعبا أساسيا وأدت دورا لا يقل أهمية وخطورة عن الدور الذي قامت به سي بي سي ,حيث أدى مقدم البرامج الشهير محمود سعد ما عليه بعد أن أعلن ندمه الشديد لأنه أعطى صوته للرئيس محمد مرسي ، وكذلك كانت قناة (الحياة ) في صدارة القنوات التي رمت من السهام الإعلامية ما أصابت مقتلا في الرئيس المنتخب ونظامه ، ولكن توفيق عكاشة صاحب قناة (الفراعين) كان وحده ظاهرة لفتت الأنظار بهجومه الشديد والقاسي على الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ( هذا الرجل مدافع شرس عن بشار الاسد ويرى ان الشيخة موزة كانت وراء انطلاق الثورة السورية لأنها تغار على زوجها من ممثلة سورية ) . لقد صب عكاشة ( وهو اقرب للمهرج من الاعلامي الرصين والمسؤول ) جام حقد مفتعل على الرئيس مرسي معتبرا نفسه الناطق باسم الشعب المصري ولم يتردد عن إخراج لسانه على الهواء مباشرة بعد عزل مرسي من باب النكاية والتشفي ، كذلك فعلت ( الإعلامية ) هالة سرحان على قناة دريم ,حيث تلفظت بكلمات عن الرئيس مرسي مخجلة متناسية كل أخلاقيات صاحبة الجلالة ( الصحافة ) , كذلك أثبت عمرو أديب قدرة فائقة على ( الردح ) الإعلامي, حيث اتخذ من قناة ( دريم ) منبرا للتقليل من شأن رئيس دفع ثمن أخطاء لم يرتكب أغلبها ,وربما ساعد خصومه من حيث لا يدري بقلة حزمه وعدم إدراكه لأهمية اللحظة التاريخية التي تمر بها أرض الكنانة, فالطريق إلى العزل مفروش بالنوايا الحسنة . ولا ننسى قناة ( القاهرة والناس ) والتي استقطبت إعلاميا ناجحا ومشاكسا وهو إبراهيم عيسى وقنوات (اون تي في ) و (المحور) و (صدى البلد ) ، وقنوات أخرى ظهرت بعد ثورة 25 يناير مستفيدة من حالة الفوضى الإعلامية التي سادت في مصر خلال تولي مرسي لمقاليد السلطة ، وقد حاولت عديد القنوات الدفاع عن الرئيس وعن نظامه ، ولكنها فشلت فشلا كبيرا وخاصة قنوات (مصر 25) التابعة لجماعة الإخوان المسلمين و (الحافظ ) و (الرحمة ) و (الخليجية ) و (أمجاد ) و (الناس ) ,وقنوات دينية أخرى كانت تشكو قلة التمويل ، لذلك لم تستطع استقطاب كفاءات إعلامية مهمة ,وقامات لها باع في الحرب الاعلامية المضادة , وربما دموع مدير قناة ( الناس ) خالد العبدالله عندما أعلن الجيش نهاية حكم الرئيس محمد مرسي تعبر عن حال هذه القنوات الهزيلة التي أغلقت ,وزج ببعض القائمين عليها بالسجن بتهمة التحريض على القتل والفتنة .
إنه الإعلام صانع الملوك وهادم الممالك من لا يعطيه ما يستحق من اهتمام ، ومن لا يحذره ويعرف من أين تُؤكل كتفه ، باء بالخسران فعندها تختفى الطيبة فالنصر للاقوى .
............
المثقف الجديد
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
لعل ما حدث في مصر المحروسة في أواخر شهر حزيران يوليو خير دليل على قدرة الإعلام الفضائي في
تغيير قناعات وتفكيك منظومات التفكير ودفع الجماهير إلى الساحات والميادين , مطالبين بالتغيير .
طوفان بشري لا تستطيع قوة أن تقف في وجهه اشتغلت وسائل إعلام عاما كاملا لتحشده في مشهد لم تعرفه البشرية في تاريخها الطويل .
أجزم أن الرئيس محمد مرسي قد ندم أشد الندم لأنه لم يعط الإعلام ما يستحق من اهتمام، ولأنه استخف بتأثير مقدمي برامج ( التوك شو ) في الفضائيات المصرية والذين كانوا المعول الذي هدم حكمه القصير .
لقد أتقن خصومه السياسيون اللعبة الإعلامية أيما إتقان ، وضخوا ملايين الدولارات في وسائل إعلام استطاعت جذب المصريين إلى برامجها مستخدمة أفضل مقدمي البرامج وأكثرهم تأثيرا في الوجدان المصري ، وهم أدوا أخطر الأدوار في تأليب الرأي العام ضد الرئيس محمد مرسي ونظامه ، فقد كانت قناة السي بي سي ( وهي قناة ممولة من ملياردير الإعلام المصري محمد الأمين ) رأس الحربة في الفريق الإعلامي الذي أخذ على عاتقه مهمة تقويض حكم الإخوان المسلمين في مصر ,وطردهم من المشهد السياسي ، لا بل جعلهم جماعة مارقة آبقة لتعود الى أقبية العمل المعتمة .
لقد استقطبت هذه المحطة أكثر الإعلاميين المصريين عداء للاخوان وولاء لنظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ، وهي تدفع لهم بسخاء حيث ذكرت مصادر من داخل المحطة أن مقدمة البرامج الشهيرة لميس الحديدي تتقاضى 9 مليون و 500 الف جنيه مصري راتبا سنويا مع 5 % من قيمة الإعلانات في برنامجها ( هنا القاهرة ) ، ويتقاضى نفس المبلغ الإعلامي عماد أديب مقدم برنامج ( بهدوء ) ويتقاضى خيري رمضان 9 مليون و 750 الف جنيه مع 5 % من الاعلانات في برنامجه ، أما باسم يوسف وهو مقدم البرنامج الهزلي ( البرنامج ) والذي تحول إلى ظاهرة إعلامية بسبب نقده اللاذع للرئيس مرسي يتقاضى مبلغا خياليا وصل الى 16 مليون و500 الف جنيه سنويا مع 20 % من قيمة الاعلانات في البرنامج ، وربما هذا ما يفسر حماسهم الشديد واندفاعهم في تضخيم مثالب وأخطاء الرئيس مرسي ( وهي كثيرة على أي حال ) ,والتركيز على الجانب المعتم فقط في تجربة سياسية وليدة . ولم تكن السي بي سي وحدها في ميدان حرب إعلامية شمّرت ساقها منذ اشهر، فقد كانت (النهار) لاعبا أساسيا وأدت دورا لا يقل أهمية وخطورة عن الدور الذي قامت به سي بي سي ,حيث أدى مقدم البرامج الشهير محمود سعد ما عليه بعد أن أعلن ندمه الشديد لأنه أعطى صوته للرئيس محمد مرسي ، وكذلك كانت قناة (الحياة ) في صدارة القنوات التي رمت من السهام الإعلامية ما أصابت مقتلا في الرئيس المنتخب ونظامه ، ولكن توفيق عكاشة صاحب قناة (الفراعين) كان وحده ظاهرة لفتت الأنظار بهجومه الشديد والقاسي على الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ( هذا الرجل مدافع شرس عن بشار الاسد ويرى ان الشيخة موزة كانت وراء انطلاق الثورة السورية لأنها تغار على زوجها من ممثلة سورية ) . لقد صب عكاشة ( وهو اقرب للمهرج من الاعلامي الرصين والمسؤول ) جام حقد مفتعل على الرئيس مرسي معتبرا نفسه الناطق باسم الشعب المصري ولم يتردد عن إخراج لسانه على الهواء مباشرة بعد عزل مرسي من باب النكاية والتشفي ، كذلك فعلت ( الإعلامية ) هالة سرحان على قناة دريم ,حيث تلفظت بكلمات عن الرئيس مرسي مخجلة متناسية كل أخلاقيات صاحبة الجلالة ( الصحافة ) , كذلك أثبت عمرو أديب قدرة فائقة على ( الردح ) الإعلامي, حيث اتخذ من قناة ( دريم ) منبرا للتقليل من شأن رئيس دفع ثمن أخطاء لم يرتكب أغلبها ,وربما ساعد خصومه من حيث لا يدري بقلة حزمه وعدم إدراكه لأهمية اللحظة التاريخية التي تمر بها أرض الكنانة, فالطريق إلى العزل مفروش بالنوايا الحسنة . ولا ننسى قناة ( القاهرة والناس ) والتي استقطبت إعلاميا ناجحا ومشاكسا وهو إبراهيم عيسى وقنوات (اون تي في ) و (المحور) و (صدى البلد ) ، وقنوات أخرى ظهرت بعد ثورة 25 يناير مستفيدة من حالة الفوضى الإعلامية التي سادت في مصر خلال تولي مرسي لمقاليد السلطة ، وقد حاولت عديد القنوات الدفاع عن الرئيس وعن نظامه ، ولكنها فشلت فشلا كبيرا وخاصة قنوات (مصر 25) التابعة لجماعة الإخوان المسلمين و (الحافظ ) و (الرحمة ) و (الخليجية ) و (أمجاد ) و (الناس ) ,وقنوات دينية أخرى كانت تشكو قلة التمويل ، لذلك لم تستطع استقطاب كفاءات إعلامية مهمة ,وقامات لها باع في الحرب الاعلامية المضادة , وربما دموع مدير قناة ( الناس ) خالد العبدالله عندما أعلن الجيش نهاية حكم الرئيس محمد مرسي تعبر عن حال هذه القنوات الهزيلة التي أغلقت ,وزج ببعض القائمين عليها بالسجن بتهمة التحريض على القتل والفتنة .
إنه الإعلام صانع الملوك وهادم الممالك من لا يعطيه ما يستحق من اهتمام ، ومن لا يحذره ويعرف من أين تُؤكل كتفه ، باء بالخسران فعندها تختفى الطيبة فالنصر للاقوى .
............
المثقف الجديد
09-10-1434 06:46
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..