واشنطن, يوليو (آي بي إس) -
"الإسلام هو الحل". كان هذا شعار جماعة الإخوان المسلمين عبر عقود طويلة كانت فيها تشكل
المعارضة في مصر ضد ما يسمونه بالحكام المستبدين العلمانيين.والآن وقد دعم الجيش المصري مطلب عزل القائد الإخواني محمد مرسي فى 3 يوليو، فقد نموذج الإخوان المسلمين للإسلام السياسي في المنطقة أفضل فرصه لتحقيق ذلك الشعار.
والواقع أن الصعود والسقوط المفاجئ لرئاسة مرسي جاء كقصاص عادل في الوقت المناسب لما يراه العالم كإكتساح إسلامي في جميع أنحاء العالم الإسلامي بدأ مع الثورة الايرانية عام 1979.
الإسلام السياسي كان له باعا طويلا في الحياة السياسية في العصر الحديث مع تأسيس حسن البنا لجماعة الإخوان المسلمين عام 1928 كجماعة معارضة للنظام الملكي الذي كانت تسيطر عليه المصالح الغربية إلى حد كبير.
وعلى مدى عقود، قام الملوك والحكومات التي تديرها الجيوش العربية المختلفة في دول الإقليم العربي، سواء الإشتراكية أو الرأسمالية- بقمع الإخوان المسلمين ومختلف فروعهم.
ثم جاء ما يسمى بالربيع العربي في عام 2011.
وبالرغم من أن الحركات الإسلامية لم تكن هي قائدة الثورات ضد الأنظمة المستبدة، إلا أنها كانت في وضع جيد يمكنها من الإستفادة من الموقف بسبب تنظيمها المتفوق وتاريخها الطويل في تقديم الخدمات الاجتماعية للفقراء، إضافة لسجلهم من قمع الدولة.
ومع ذلك، فعندما تسلمت جماعة الإخوان السلطة، اساءت التصرف. وكان ذلك أكثر وضوحا في مصر، حيث تراجعت جماعة الإخوان عن وعودها الأولية بعدم السعي لنيل الأغلبية البرلمانية أو الرئاسة -وهي الوعود التي قطعتها لتجنب ردود فعل القوى العلمانية.
كما أن مرسي -وهو البديل عن مسؤول الإخوان الأكثر قوة، خيرت الشاطر، الذي استبعد من خوض الانتخابات- اساء تفسير فوزه بنسبة ضئيلة على غريمه في جولة الإعادة للإنتخابات قبل عام، واعتبر ذلك الفوز بمثابة حق في توطيد السلطة وتغيير مسار أهم تحول ديمقراطي في العالم العربي .
ونظرا لضخامة المشاكل التي تواجهها مصر بعد إنهاء حكم حسني مبارك، ما كان لحكومة أن تنجح إلا إذا وصلت فعلاً إلى ما هو أبعد من قاعدتها السياسية. وبدون دعم شعبي واسع، كان الإخوان راغبون في تنفيذ إصلاحات اقتصادية حاسمة وغير قادرين على إبرام اتفاق هام مع صندوق النقد الدولي.
كذلك فقد أصاب الدستور الذي مررته جماعة الإخوان المسلمين في الربيع الماضي كل الذين يبحثون عن تحسينات رئيسية لما عاشته مصر في عصر مبارك، بخيبة أمل كبيرة.
كما استخدم مرسي أسلوب الأصم في كثير من لقاءاته السياسية، بل وذهب أبعد من ذلك، على سبيل المثال، بتعيين عضو في الجماعة الإسلامية التي كانت قد قتلت الأجانب في الأقصر، كمحافظ للأقصر.
لقد أخطأت جماعة الإخوان في تفسير تقوى وتدين المصريين العاديين على أنه ولاء لحكومة دينية يحكمها حزب واحد، وهذا هو الخطأ الشائع بين الإسلاميين. فكثير من شعوب الشرق الأوسط قد ترغب في أن يكون لهم رئيسا مسلما تقيا، لكن المسألة تتجاوز ذلك. فهم يريدون قادة أكفاء ستمعون إلى الآخرين ويقيمون علاقات بناءة مع العالم الخارجي.
يأتي عزل مرسي كتحذير للأحزاب الإسلامية بأنه لا يمكنها الاعتماد على الهوية الدينية وحدها للحكم بنجاح، وبأنها تحتاج إلى العمل بشكل بناء مع الآخرين.
ويبدو أن هذا الدرس قد تم استيعابه من قبل حزب النور، وهي الفئة الإسلامية الأكثر تشدداً التي دعمت عزل مرسي ودفعت لتحقيق التوافق لرئاسة الوزراء بدلاً من اختيار محمد البرادعي، الحائز على جائزة نوبل وبطل القوى العلمانية.
إن مصير تجربة الإخوان في مصر له تداعيات مهمة في جميع أنحاء المنطقة. وذلك بالنسبة لتونس، التي لا تزال تكافح لوضع دستورها، وأيضا بالنسبة لسوريا، التي تضم العديد من الجماعات الإسلامية والتي يعتمد نظامها الحاكم على دعم الأقليات الدينية المرعوبة من الحكم الإسلامي.
كما أن سقوط مرسي هو درس أيضاً لإيران، الثيوقراطية الوحيدة في العالم، وتركيا، التي يمتلك حزب العدالة والتنمية الحاكم فيها جذوراً اسلامية قوية. ففي البداية رحب كلاهما بإنتصار الإخوان ولكن بدلا من تأكيد صحة وجهة نظر العالم الإسلامي، فقد أكدت الأحداث في مصر على سلبياتها.
وفي تركيا، ما زال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يعاني من الإحتجاجات في إسطنبول وغيرها من المدن الكبرى ضد إستبداد حكومته وجهوده لتشريع الأخلاق الإسلامية.
ويتناقض سلوك أردوغان في السنوات الأخيرة مع تسامح حزب العدالة والتنمية تجاه وجهات النظر المعارضة عندما جاء الى السلطة قبل عقد من الزمن. فعلى نحو متزايد، أصبح أردوغان يشبه المستبدين التركيين السابقين مع قشرة إسلامية.
وفي الوقت نفسه، في إيران ماتت ثورة عام 1979 الإسلامية منذ سنوات. فإيران هي الآن واحدة من الدول الأقل تديناً في الشرق الأوسط، وهو المكان الذي لوحظ أن الإهتمام بالمناسبات الإسلامية مثل شهر رمضان لا يقارن بالإهتمام بالإحتفالات الفارسية القديمة مثل عيد النوروز.
وعند حثه الإيرانيين على التصويت في الإنتخابات الرئاسية الشهر الماضي، قام المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي باللجوء إلى المناشدة الوطنية للناخبين كإيرانيين، لا على أساس هويتهم الدينية كمسلمين شيعة -وهي علامة توضح أنه يعترف بعدم شعبية النظام.
وهكذا، اختار الإيرانيون المرشح الأقل تشدداً، حسن روحاني. وكان أحد أسباب فوزه المثير للدهشة هو أنه رجل دين، ورجال الدين لا يحظون بشعبية مواطني الجمهورية الاسلامية.
وفي خطاب ألقاه بعد وقت قصير من انتخابه، أشار روحاني إلى أنه يدرك أن الإيديولوجية الدينية ليست بديلا عن الكفاءة والمساءلة. ووعد بالإستماع إلى "غالبية الايرانيين" الذين صوتوا لصالحه، وأضاف:
"في منطقتنا... كانت هناك بعض الدول التي أخطأت في حساب مواقفها، وقد شهدتهم ما حدث لهم ... فالعالم يمر بمزاج إنتقالي والنظام الجديد لم ينشأ بعد. فإذا اخطأنا في حساب الحالة الوطنية عندنا، سيكون الموقف قاتلاً بالنسبة لنا".(آي بي إس / 2013)
بقلم باربرا سلافين وكالة إنتر بريس سيرفس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..