الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

التفسير التحليلي ـ المستوى الثالث ـ قسم : الدراسات الإسلامية ) ج 1

بسم الله الرحمن الرحيم
( التفسير التحليلي ـ المستوى الثالث ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء الأول من المحاضرات الدراسية )
*****************
س1 : ما الذي رتبه الله تعالى على إنزال القرآن الكريم ؟
 الجواب : إن أحق ما يشتغل به الباحثون ، وأفضل ما يتسابق فيه المتسـابقون مدارسة كتاب الله
تعالى ، ومداومــة البحث فيـه ، وإظهار إعجازه ، وتجليـة محاسنــه ، ونفي الشكوك والريب عنه ، لأنه النور الذي يهدي البشـــرية إلى الله ، ويربط قلوبــهم بشرعه وهــداه ، قال سبحــانه : ) إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعمـلـون الصالحات أن لهم أجراً كبيرا { .
كما أن القرآن الكريم هو الهادي إلى الصراط المستقيم ، من تمسك به نجــا ، ومـن أعرض عنه هوى ، قال سبحــانه : } قد جاءكــم من الله نـور وكتــاب مبين « يهــدي به الله من اتبع رضوانــه سبل السلام ويخرجهــم مـن الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم  {.
فالقرآن الكريــم هو السعــادة الشاملـة ، والنعمـة الكاملـة ، أودع الله فيـه كل ما يحتاج الناس إليه في دنياهـم ، ويسعدهـم في أخراهـم ، قال جـل شأنــــه : } ما فرطنا في الكتاب من شيء  {.
ولقد رتب العليم الخبير على نزول القرآن الكريم أمورا كثيرة تذكر منها على سبيل المثال ما يلي :
الأول : الأمر بقراءة القرآن الكريم ، قــال تعالى : } فاقـرءوا ما تيسر من القرآن { .
الثاني : الاستماع والإنصات إلي القرآن الكريم عند تلاوته ، قــال جل شأنــه : } وإذا قريء القرآن فاستمعــوا له وأنصتــوا  {.
الثالث : تدبر آيات القرآن الكريم عند تلاوته أو الاستماع إليه ، قال سبحانه : } كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته { .
الرابع : اتباع أوامر القرآن الكريم واجتناب نواهيه والحذر من مخالفته ، قال تعالى :}  وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون { .
س2 : لماذا اعتبر علم التفسير من أفضل العلوم ؟
الجواب : علم التفســير هو أشــرف العلــوم على الإطلاق ،
وأولاها بالتفضيل على الاستحقاق ، وأرفعها قدرا بالاتفاق ، لذا قال العلماء : أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن الكريم ، ذلك لأن شرف الصناعة إما بشرف موضوعها ، وإما بشرف غرضهــا ، وإما بشدة الحاجة إليها .
س3 : لماذا حازت صناعة التفسير الشرف من جهة الموضوع ؟
الجواب : لقد حازت صناعة التفسير الشرف من جهــة الموضوع : لأن موضوع التفسير يتعلق بكلام الله تعالى الذي هــو ينبوع كل حكمة ، ومعدن كل فضيلة .
س4 : لماذا حازت صناعة التفسير الشرف من جهة الغرض ؟
الجواب : لقد حازت صناعة التفسير الشرف من جهــة الغـرض لأن الغرض من التفسير الاعتصام بالعـروة الوثقى ، والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى .
  س5 : لماذا حازت صناعة التفسير الشرف من جهة شدة الحاجة إليه ؟
الجواب : لقد حازت صناعة التفسير الشرف من جهــة شـدة الحاجـة إليـه : لأن كل كمال ديني أو دنيوي مفـتـقـر إلى العــلوم
الشرعيــة والمعارف الدينية ، وهـذه كلها متوقـفــة على العلم بكتاب الله تعالى .
س6 : ما هي أحسن الطرق لتفسير القرآن الكريم ؟
الجواب : قال أهل العلم : أحسن طرق تفسير القرآن الكريم أربعة طرق تتمثل فيما يلي :
الطريقة الأولى : أن يفسر القرآن الكريم بالقرآن نفسه .
الطريقة الثانية : أن يفسر القرآن الكريم بأقوال النبي r .
الطريقة الثالثة : أن يفسر القرآن الكريم بأقوال الصحابة y .
الطريقة الرابعة : أن يفسر القرآن الكريم بأقوال التابعين للصحابة y الذين تلقوا غالب ما لديهم عن رسول الله r .
س7 : متى نشأ علم تفسير القرآن الكريم ؟ وكيف تطور ؟
الجواب : لقد نشأ علم التفسير مبكرا ومصاحبا لنزول القرآن الكريم حيث كان رسول الله r يجلس لصحابته y يفسر لهم ما يحتاجون إليه ، ويبين لهم ما يشكل عليهم فهمه ويصعب عليهم إدراكه .
وبعد أن انتقل الرسول  rإلى الرفيق الأعلى تلقى الصحابة y
عن بعضهم ما فاتهم من حديث رسول الله r ، ثم تلقى بعد ذلك التابعون عن الصحابة y ما سمعوه من رسول الله r مما يتعلق بالتفسير وغيره .
وأما عن كيفية تطور هذا العلم فقد قال بعض العلماء :
لقد بدأ التفسير أولًا بالنقل عن طريق التلقي والرواية عن رسول الله r ، ثم كان بعد ذلك عن طريق صحابته وتابعيهمy  ، ثم جاء تدوين التفسير على أنه باب من أبواب الحديث ، وبعد ذلك دُوِّنَ التفسير على استقلال وانفراد ، وبعد فترة من الزمن كان التأليف في التفسير بالمأثور ، ثم في التفسير بالرأي ، وعلى إثر ذلك توالت حركة التفسير في أنواعه المختلفة وأقسامه المتعددة .
وبجانب علم التفسير كان التأليف في موضوعات تتصل بالقرآن الكريم ولا يستغني المفسر عنها بحال من الأحوال : فألَّف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هجرية في الناسخ والمنسوخ وفي علم القراءات .
وألَّف عليُّ بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هجرية في أسباب النزول .
وألَّف ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هجرية في مُشْكَل القرآن .
بسم الله الرحمن الرحيم
( التفسير التحليلي ـ المستوى الثالث ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء الثاني من المحاضرات الدراسية )
*****************
س1 : كيف فهم النبي r وصحابته y القرآن الكريم ؟
الجواب : لقد كان طبيعياً أن يفهم النبي r القرآن الكريم جملة وتفصيلاً ذلك لأن الله تعالى تكفل لنبيه r بالحفظ والبيان ، قال جل شأنه : ) لا تحرك به لسانك لتعجل به ِ« إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ « فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتبع قُرْآنَهُ « ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ( .
ولقد كان طبيعياً أن يفهم الصحابة y من النبي r القرآن جملة فقط أي بالنسبة لظاهره وأحكامه ، أما فهمه تفصيلاً ومعرفة دقائق باطنه بحيث لا تغيب عنهم شاردة ولا واردة فهذا غير ميسور لهم بل لا بد لهم من البحث والنظر والرجوع إلى النبي r فيما يشكل عليهم فهمه ، ذلك لأن القرآن الكريم فيه المجمل ، والمطلق والمقيد ، والمحكم المتشابه ، والعام والخاص ، وغير ذلك .
س2 : هل فسر النبي r القرآن الكريم كله أم لا ؟ وما هو القول المختار في هذه المسألة ؟
الجواب : لقد اختلف العلماء حول هذه المسألة على قولين :
القول الأول : ذهب أصحابه إلى أن النبي r فسر لأصحابه y كل معاني القرآن الكريم كما بيَّن لهم ألفاظه ، وعلى رأس هؤلاء الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه ، ولهم على ما ذهبوا إليه أدلة .
القول الثاني : ذهب أصحابه إلى أن النبي r لم يفسر لأصحابه y من معاني القرآن الكريم إلا القليل ، وعلى رأس هؤلاء الإمام السيوطي ومن وافقه ، ولهم على ما ذهبوا إليه أدلة ،
أدلة القول الأول :
قوله تعالى ) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( .
روى عن أبى عبد الرحمن السلمى أنه قال : ( حدَّثنا الذين كانوا يُقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهم y أنهم كانوا إذا تعلَّموا من النبي r عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلَّمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً ) .
قالوا إن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن ولا يستشرحوه ،فكيف بكتاب الله الذى فيه عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ؟
روي عن عمر بن الخطاب  tأنه قال : ( من آخر ما نزل آية الربا وإن رسول الله  rقُبض قبل أن يُفسِّرها ) ، فهذا يدل بالفحوى على أنه r كان يُفسِّر لهم كل ما نزل إليه من ربه سبحانه .
أدلة القول الثاني :
روي عن أم المؤمنين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما كان رسول الله  rيُفسِّر شيئاً من القرآن إلا آياً بعدد ، علَّمه إياهنَ جبريل u ) .
قالوا : إن بيان النبي r لكل معاني القرآن متعذر، ولا يمكن ذلك إلا في آي قلائل ، والعلم بالمراد يُستنبط بأمارات ودلائل ، ولم يأمر الله نبيه بالتنصيص على المراد في جميع آياته لأجل أن يتفكر عباده في كتابه .
قالوا : لو كان رسول الله r بيَّن لأصحابه y كل معانى القرآن لما كان لتخصيصه ابن عباس  tبالدعاء بقوله ( اللَّهم فقهه في الدين وعلِّمه التأويل ) فائدة ، لأنه يلزم من بيان رسول الله r لأصحابه y كل معانى القرآن استواؤهم في معرفة تأويله ، فكيف يخصص ابن عباس y بهذا الدعاء ؟
س3 : ما القول المختار في بيان النبي r للقرآن الكريم ؟
الجواب : قال بعض العلماء : ينبغي أن نتوسط بين القولين فنقول : إن رسول  rقد فسر لأصحابه y الكثير من معانى القرآن الكريم كما تشهد بذلك كتب السنة ، ولم يفسر لهم كل معانى القرآن الكريم .
ذلك لأن من القرآن الكريم ما استأثر الله تعالى بعلمه ، ومن القرآن ما يعلمه العلماء ، ومن القرآن ما تعلمه العرب من كلامها ، ومن  القرآن ما لا يعُذر أحد في جهالته .
قال ابن عباس t : ( التفسير على أربعة أوجه  : تفسير تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعرفه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ) .
س4 : على أي وجه كان بيان رسول الله r للقرآن الكريم ؟
الجواب : لقد كان بيان رسول الله r للقرآن الكريم على عدة أوجه تتمثل فيما يلي :
الوجه الأول : بيان المجمل في القرآن ، وتوضيح المشكل ، وتخصيص العام ، وتقييد المطلق .
فمن الأول ( أي بيان المجمل ) : بيانه r لمواقيت الصلوات الخمس وعدد ركعاتها وكيفيتها ، وكذلك بيانه r لمقادير الزكاة وأوقاتها وأنواعها ، وكذلك بيانه r لمناسك الحج ، وغير ذلك .
ومن الثاني ( أي توضيح المشكل ) : تفسيره r للخيط الأبيض والخيط الأسود في قوله تعالى ) وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حتى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ( بأنه بياض النهار وسواد الليل .
ومن الثالث ( أي تخصيص العام ) : تخصيصه r الظلم في قوله تعالى ) الذينَ آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بظلم ( بالشرك ، فإن بعض الصحابة y فهم أَن الظلم مراد منه العموم حتى قال : ( وأينا لم يظلم نفسه ) ؟ فقال النبي r : ( ليس بذلك ، إنما هو الشرك ) .
ومن الرابع : ( أي تقييد المطلق ) تقييده r اليد في قوله
تعالى : ) والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا ( باليمين .
الوجه الثاني : بيان معنى لفظ أو ما يتعلق به في القرآن ، كبيانه r ) المغضوب عليهم ( باليهود ، و) الضالين ( بالنصارى وكذلك بيانه r الأزواج في قوله تعالى ) وَلَهُمْ فِيها أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وهم فيها خالدون ( بأن الأزواج في الجنة مُطهَّرة من الحيض والنفاس والبزاق .
الوجه الثالث : بيان أحكام زائدة على ما جاء في القرآن الكريم كتحريمه r نكاح المرأة على عمتها وخالتها ، وكذلك بيانه r لصدقة الفطر .
وكذلك بيانه r لرجم الزاني المحصن ، وكذلك بيانه r لميراث الجدة ، وكذلك بيانه r الحكم بشاهد ويمين ، وغير ذلك كثير يوجد في كتب الفروع .
الوجه الرابع : بيان النسخ : كأن يُبيِّن رسول الله r أن آية كذا نُسِخَت بكذا ، أو أن حكم كذا نُسِخ بكذا ، فقوله r ( لا وصية لوارث ) بيان منه r أن آية الوصية للوالدين والأقربين ( في سورة البقرة ) منسوخ حكمها وإن بقيت تلاوتها ،
الوجه الخامس : بيان التأكيد ، وذلك بأن تأتى السُّنَّة النبوية
موافقة لما جاء به القرآن الكريم ، ويكون القصد من ذلك تأكيد الحكم وتقويته مثل قوله r : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) فهذا موافق لقوله تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا لاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ( .
وكذلك قوله r : ( اتقوا الله في النساء فإنهن عوان في أيديكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) فهذا موافق لقوله تعالى : ) وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ( .
س5 : ما المراد بالتفسير والتأويل ؟ وما الفرق بينهما ؟
الجواب : التفسير في اللغة : هو الإيضاح والبيان ، وأما في الاصطلاح : فقيل : ( هو علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك ) .
وقيل : ( هو علم يُفهم به كتاب الله تعالى المُنَزَّل على نبيه محمدا r وبيان معانيه ، واستخراج أحكامه وحكمه ) .
وقبل : ( هو علم يُبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية ) .
وقبل : ( هو علم نزول الآيات وشئونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ، وناسخها ومنسوخها ، وحلالها وحرامها ، ووعدها ووعيدها ، وأمرها ونهيها ) .
وقبل : ( هو علم يبحث فيه عن مراد الله تعالى بقدر الطاقة البَشرية ) .
وأما التأويل : فهو في اللغة مأخوذ من الأول وهو الرجوع ، قال في القاموس : ( آل إليه أولاً ومآلا أي رجع وعنه ارتد ، وعلى هذا فالتأويل مأخوذ من الأول بمعنى الرجوع ، فكأن المؤوِّل أرجع الكلام إلى ما يحتمله من المعاني .
 وقيل : ( التأويل مأخوذ من الإيالة وهى السياسة ، فكأن المؤوِّل يسوس الكلام ويضعه في موضعه .
وأما التأويل في الاصطلاح :
فقيل : ( هو تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أو خالفه .
وقيل : ( هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به ) .
وأما الفرق بين التفسير والتأويل فيتمثل فيما يلي :
  1 – قال أبو عبيدة وغيره ( التفسير والتأويل بمعنى واحد ، فهما مترادفان ، وهذا هو الشائع عند المتقدمين من علماء التفسير )
2 – وقال الراغب الأصفهاني : ( التفسير أعم من التأويل ، وأكثر ما يُستعمل التفسير في الألفاظ ، وأكثر ما يُستعمل التأويل في المعاني ) .
4 – وقال أبو طالب الثعلبي : ( التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازاً ، كتفسير ) الصراط ( بالطريق ، والتأويل تفسير باطن
اللفظ لأنه إخبار عن حقيقة المراد ) .
5 – وقال البغوي وغيره : ( التأويل هو صرف الآية إلى معنى محتمل يواف ما قبلها وما بعدها غير مخالف للكتاب والسُّنَّة من طريق الاستنباط .
     والتفسير هو الكلام في أسباب نزول الآية وشأنها وقصتها ) .
6 - وقال بعض العلماء : ( التفسير غالبا ما يتعلق بالرواية ، والتأويل غالبا ما يتعلق بالدراية ) .
7 – وقيل : ( التفسير هو بيان المعاني التي تُستفاد من وضع
العبارة ، والتأويل هو بيان المعاني التي تُستفاد بطريق الإشارة ) .
 س6 : ما الذي تميل إليه النفس في الفرق بين التفسير والتأويل ؟
الجواب : الذي تميل إليه النفس في الفرق بين التفسير والتأويل  ( أن التفسير ما كان راجعاً إلى الرواية ، والتأويل ما كان راجعاً إلى الدراية ) .
س7 : كم مدرسة للتفسير كانت منارة للعلم في الصدر الأول ؟ ومن كان معلما بهذه المدارس ؟
الجواب : لقد فتح الله تعالى على المسلمين كثيرا في حياة رسول الله r عهد الخلفاء الراشدين y من بعده ، ولم يستقروا جميعاً في بلد واحد بل نأى الكثير منهم عن المدينة موزَّعين على جميع البلاد التي دخلها الإسلام .
ولقد حمل هؤلاء معهم إلى هذه البلاد ما وعوه وما حفظوه عن رسول الله r ، فجلس إليهم كثير من التابعين يأخذون عنهم ، وينقلونه لمن بعدهم ، فقامت في هذه الأمصار المختلفة مدارس علمية أساتذتها الصحابة وتلاميذها التابعون .
لقد اشتهرت مدارس للتفسير لمشاهير المفسِّرين من الصحابة
 y ، فقامت مدرسة للتفسير بمكة ، وأخرى بالمدينة ، وثالثة بالعراق ، وهذه المدارس الثلاث هي .
أولا : مدرسة التفسير بمكة : وقامت هذه المدرسة على يد الصحابي الجليل عبد الله بن عباس t .
ثانيا : مدرسة التفسير بالمدينة : وقامت هذه المدرسة على يد الصحابي الجليل أبي بن كعب t .
ثالثا : مدرسة التفسير بالعراق : وقامت هذه المدرسة على يد الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود t .
س8 : ما العلوم التي ينبغي أن تتوفر فيمن يقوم بتفسير القرآن الكريم ؟ 
الجواب : العلوم التي ينبغي أن تتوفر فيمن يقوم بتفسير القرآن الكريم تتمثل فيما يلي :
1-  علم اللغة : لأن به يمكن شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع .
2-  علم النحو : لأن المعنى يختلف ويتغير باختلاف الإعراب فلابد من اعتباره .
3-  علم الصرف : لأن بواسطته تعرف الأبنية والصيغ حتى لا يقع الخطأ .
4-  علم الاشتقاق : لأن الاسم إن كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين فإنه يختلف باختلافهما .
5-  علم المعاني : لأن به يعرف خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها للمعنى .
6-  علم البيان : لأن به يعرف خواص التراكيب .
7-  علم البديع : لأن به يعرف وجوه تحسين الكلام عند تعرض المفسر للقرآن .
8-  علم القراءات : لأن به  يمكن ترجيح بعض الوجوه المحتملة على بعض .
9-  علم أصول الدين : لأن به يستطيع المفسر أن يستدل على ما يجب وما يجوز وما يستحيل في حق الله تعالى .
10-      علم أصول الفقه : لأن به يعرف المفسر كيف يستنبط الأحكام من الآيات .
11-      علم أسباب النزول : لأن به يستعين المفسر على فهم المراد من الآية .
12-      علم القصص : لأن به يستطيع المفسر توضيح ما أجمل في القرآن الكريم .
13-      علم الناسخ والمنسوخ : لأن به يعرف المفسر المحكم من غيره .
14-      علم الأحاديث : لأن المفسر يستعين بهذا العلم على تفسير آيات الذكر الحكيم . 
15-                       علم الموهبة : وهذا العلم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم . 
س9 : على كم نوع يقع تفسير القرآن ؟ وما المراد بكل نوع منها ؟

الجواب : يقع تفسير القرآن الكريم على أربعة أنواع هي :
النوع الأول : التفسير الإجمالي : وهو تفسير يقوم على الإجمال والإيجاز حيث يقوم المفسر بتفسير القرآن دون توسع
النوع الثاني : التفسير التحليلي : وهو تفسير يقوم على تحليل الآيات تحليلا تفصيليا مصحوبا بالعلوم الشرعية واللغوية ،
وهذا النوع من أنواع التفسير مركب من جزأين :
   الأول : التفسير بالمأثور          الثاني : التفسير بالرأي
فأما التفسير بالمأثور : فهو تفسير القرآن بالقرآن ، أو تفسير القرآن بأقوال الرسول  r، أو تفسير القرآن بأقوال الصحابة y ،
أو تفسير القرآن بأقوال التابعي للصحابة y .
وأما التفسير بالرأي : فهو تفسير آيات القرآن بعد معرفة المفسر للعلوم والآداب التي ينبغي أن تتوفر فيمن يقوم بالتفسير .
النوع الثالث : التفسير المقارن : وهو تفسير يقوم فيه الباحث بإجراء مقارنات بين عدة مفسرين على اختلاف مناهجهم ومشاربهم
النوع الرابع : التفسير الموضوعي : هو جمع الآيات المتفرقة في سور القرآن الكريم والتي تتعلق بموضوع واحد لفظا أو حكما وتفسيرها حسب المقاصد القرآنية .
وقيل : هو علم يبحث في قضايا القران المتحدة معنى أو غاية عن طريق جمع آياتها والنظر فيها على هيئة مخصوصة .
س10 : ما الفرق بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي ؟
الجواب : التفسير بالمأثور : هو تفسير القرآن بالقرآن ، أو تفسير القرآن بأقوال الرسول  r، أو تفسير القرآن بأقوال الصحابة y ، أو تفسير القرآن بأقوال التابعي للصحابة y .
وأما التفسير بالرأي : فهو تفسير آيات القرآن الكريم بعد معرفة المفسر للعلوم والآداب التي ينبغي أن تتوفر فيمن يقوم بالتفسير .
س11 : ما الفرق بين التفسير الإجمالي والتفسير المقارن ؟
الجواب : التفسير الإجمالي : وهو تفسير يقوم على الإجمال والإيجاز حيث يقوم المفسر بتفسير القرآن دون توسع .
وأما التفسير المقارن : فهو تفسير يقوم فيه الباحث بإجراء مقارنات بين عدة مفسرين على اختلاف مناهجهم ومشاربهم .
س12 : ما الفرق بين التفسير الموضوعي والتفاسير الأخرى ؟
الجواب : الفرق بين التفسير الموضوعي والتفاسير الأخرى أن الأنواع الثلاثة السابقة ( التفسير الإجمالي ـ التفسير التحليلي ـ التفسير المقارن ) تعتمد على تفسير القرآن الكريم كاملا وفق ترتيب السور والآيات في المصحف الشريف ، بينما يهتم التفسير الموضوعي بمتابعة موضوع من الموضوعات القرآنية وعدم الخروج منه إلى موضوع آخر حتى ينتهي الباحث منه .

بسم الله الرحمن الرحيم
( التفسير التحليلي ـ المستوى الثالث ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء الثالث من المحاضرات الدراسية )
******************
س1: ما المراد بالاستعاذة ؟ وما صيغها ؟
الجواب : الاستعاذة معناها : طلب الالتجاء والاعتصام والتحصن والامتناع بالله من الشيطان الرجيم .
وأما صيغ الاستعاذة فكثيرة نذكر منها ما يلي :
1.           أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
2.           أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم .
3.           أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .
4.           أعوذ بالله اللطيف الخبير من الشيطان الرجيم .
س2: أي الصيغ الاستعاذة أفضل ؟ ولماذا ؟ وما حكم الاستعاذة ؟
الجواب : أفضل صيغ الاستعاذة هي : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ، ولماذا ؟ لأنها الصيغة التي وردت في القرآن في سورة
النحل في قوله تعالى ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( .
وأما حكم الاستعاذة فقال بعض العلماء : الاستعاذة عند قراءة القرآن مستحبة ، وقال آخرون : الاستعاذة في أول القراءة واجبة .
س3 : ما أحوال الاستعاذة عند قراءة القرآن الكريم ؟
الجواب : للاستعاذة عند قراءة القرآن الكريم أربعة أحوال تتمثل فيما يلي :
  1. حالتان يجهر بها فيهما : أولا : في مقام التعليم ، ثانيا : في المحافل والمناسبات .
  2. حالتان يسر بها فيهما : أولا : أثناء الصلاة الجهرية جماعة ، ثانيا : أثناء الصلاة الفردية .
س4 : ما أوجه الاستعاذة مع البسملة ؟
الجواب : للاستعاذة مع البسملة عند أول كل سورة أربعة أوجه تتمثل فيما يلي :
   1.   قطع الجميع : أي أن القارئ يقف على الاستعاذة ، ثم يقف على البسملة ، ثم يبدأ بالآية التي يريد قراءتها .
   2.   وصل الجميع : أي أن القارئ يصل الاستعاذة بالبسملة بالآية التي يريد قراءتها .
   3.   قطع الأول ووصل الثاني بالثالث : أي أن القارئ يقف على الاستعاذة ، ثم يصل البسملة بالآية التي يريد قراءتها .
   4.   وصل الأول بالثاني وقطع الثالث : أي أن القارئ يصل الاستعاذة بالبسملة ثم يقف ، ثم يبدأ بالآية التي يريد قراءتها
تفسير البسملة  )بسم الله الرحمن الرحيم (
البسملة في كل شيء بدايــة مباركــة ، واستهلال نوراني طيب ، واستفتـاح قرآنـي مطمئـن ، لأنها تعتبــر ـ ولا ريب ـ عنوانـا للإيمان ومفتــاحــا للفلاح ، وسبيلا للعون ، وبابا لليمن ، ورداء للعز ، وإيذانا بالخير .
س5 : لماذا احتلت البسملة هذه المكانة ؟
الجواب : إن البسملة تسميـة شرعها الله تعالى لعباده ، وندبهم إليها في كل أمورهم ، ولقد احتلت البسملة هذه المكانة في قلوب المسلمين : لأنها إعلان عن الشعار الذي يحكم حياة الناطق بها ، وهذا الشعار هو الإيمان بالله الواحد الخالق المهيمن المتصرف في كونه بما يشاء ، فكل حركــة في حياة المسلم إنما تنطلق من هــذه الحقيقة ، حقيقة العبوديـة الكاملــة والخضـوع لأمره ، والعمل على طاعتــه ، والحرص على ما يرضيه ، والتبرؤ من كل حول وقوة .
س6 : ما الذي يخسره المسلم والمسلمة عند ترك البسملة ؟
الجواب : إذا ترك المسلم والمسلمة البسملة في كل أمر كان ذلك طريقاً إلى النقص المؤدي إلى الفساد ، يـفـهــم هذا المعنى من قول النبي r : ( كل أمر ذي بــال لا يـبــدأ فيه ببـســم الله فهــو أبتـر ، وفي رواية : فهــو أقطع ، وفي ثالثــة : فهو أجذم ) ،
س7 : اذكري ـ في ضوء ما درست ـ بعض الأمثلة مما أمر الشرع بالتسمية عند فعلها .
الجواب : إذا كان القرآن الكريم والسنة النبوية قد ندبا إلى التسمية عند أمـور بذاتها ، وهـي بذلك دليل واضح إلى جعـل الاستفتاح بالتسمية منهاجا تقوم عليه الحياة في جميع أنشطتها لا يشـــذ منهــا شيء ، وهــذه الأمثــلة تتمثل فيما يلي :
أ‌-               التـسميــة عـنـد الأكــل :
يدل على ذلك ما أخرجه مسلم وغيره عن عمر بن أبي سلمة t
قال : ( كنت في حجر رسول الله r وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال لي النبي r : يا غلام ، سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك ) ،
ولقد جعل رسول الله r مخرجا لمن نسـي تلك التسميـة ، فأخرج أبو داود وغيره عن أم المؤمنين عائشــة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r قال : ( إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى ، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل : بسم الله أوله وآخره ) .
ب‌-        التـسميــة عـنـد الجمـاع :
يدل على ذلك ما أخرجه الترمذي وصححـه عن ابن عباس t قال : قــال رسول الله r : ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله ، اللهم جنبنـا الشيطان وجنـب الشيطــان ما رزقتـنـا ، فـإن قـضى الله بينهمــا ولدا لم يضــره الشيطان ) .
ج- التسمية عند دخول الخلاء :
يدل على ذلك ما أخرجه ابـن ماجـة وغيره عن علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ قال : قــال رســول الله r : ( ستـر مـا بـيــن الجــن وعــورات بـنــي آدم إذا دخــل الكـنـيـف أن يـقـول بسم الله ) .
د- التسمية عند الوضوء :
يدل على ذلك ما أخرجه النسائي عن أنــس بن مالك t قــال : طلــب بـعـض أصحاب النبــي r وضـوءا ... إلى أن قــال : فـقــال النبي r توضـئــوا بسـم الله ) .
هـ- التسمية عند الركوب :
يدل على ذلك ما أخرجه الترمـذي وصححـــه عن عـلــي بـن أبــي ربـيــعـة  tقـال : ( شهـدت عليا بن طالب ـ كرم الله وجهه ـ أتى بدابـة ليركبهــا ، فلما وضع رجله في الركاب قال : بســم الله ثلاثــا ... إلى أن قــال : رأيت رسول الله r صنـع كما صنعت ) .
و- التسمية من أجل زوال الألم :
يدل على ذلك ما أخرجه ابـن ماجة عن عثمان بن أبي العاص الثـقـفي t قــال : قدمت على النبي r وبي وجع قد كاد يبطلني ، فقال لي النبي r ( اجعل يدك اليمنى عليه وقــل : بسـم الله ، أعوذ بعــزة الله وقدرتـه من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات ، قال : فقلت ذلك فشفاني الله ) .
س8 : ما حكم الجهر بالبسملة في الصلاة ؟
الجواب : لقد اختلف أهل العلم حول هذه المسألة على أقوال تتمثل فيما يلي :
القول الأول : ذهب أصحابه إلى أنه لا يجهر بالبسملة في الصلاة وإنما يسر بها في الصلاة الجهرية ذلك لأن رسول الله r كان يبدأ صلاته بعد التكبير بـ ) الحمد لله رب العالمين ( .
القول الثاني : ذهب أصحابه إلى أنه يجهر بالبسملة في الصلاة ذلك لأنه ثبت عن النبي r وبعض صحابته y أنهم كانوا يجهرون بالبسملة في الصلاة .
القول الثالث : ذهب أصحابه إلى القول بجواز الجهر بالبسملة في الصلاة تارة والإسرار بها تارة أخرى ، وقد فعل النبي r ذلك لتعليم أمته ، كما فعل r في الوضوء ، حينما غسل r أعضائه مرة واحدة ، وغسل r أعضائه مرتين ، وغسل أعضائه r ثلاثا .
وبهذا يجمع بين الأدلة لأن الجمع بين ما يوهم ظاهره تعارضا أولى في الاعتبار عند أهل العلم من العمل بأحدهما وإهمال الآخر .
س9 : هل البسملة آية مستقلة من سورة الفاتحة ومن جميع سور القرآن أم لا ؟ وأي الأقوال أولى ؟
الجواب : اختلف العلماء حول هذه المسألة على ثلاثة أقوال تتمثل فيما يلي :
القول الأول وهو القول المحتار : يرى أصحابه أن البسملة آية مستقلة من سورة الفاتحة ومن غيرها من سور القرآن الكريم ما عدا سورة ( التوبة ) .
القول الثاني : يرى أصحابه أن البسملة آية مستقلة من سورة الفاتحة فقط ، ودليهم على صحة ما ذهبوا إليه أن النبي  rقد عد البسملة آية من آياتها .
القول الثالث : يرى أصحابه أن البسملة ليست آية من سورة الفاتحة ولا من غيرها من سور القرآن الكريم وإنما أنزلت للفصل بين السور  .
س10 : ما المعنى الإجمالي للبسملة ؟
الجواب : بالنسبة إلى معنى البسملة إجمالا :
قال قـتـادة : ( لقد مدح الله تعالى نفسه في البسملة ) .
وقال محمد بن يزيد : ( أنــه تـفـضل بعد تـفضل ، وإنعام بعد إنعام ، وتـقـوية لمطامع الراغبين ، ووعد لا يخيب أمله ) .
وقال علي بن أبي طـالب ـ كرم الله وجهه ـ ( البسملة شفاء من كل داء ، وعـون على كل دواء ، وعـون لكـل من آمن به ، ورحمة لكل من تاب وآمن وعمل صالحا ) .













_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..