بسم الله الرحمن الرحيم
( التفسير
التحليلي ـ المستوى الثالث ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء الرابع من المحاضرات الدراسية )
******************
س1 : لماذا اشتملت البسملة على ( الله ـ
الرحمن ـ الرحيم ) ؟
الجواب : لقد أجاب بعض العلماء على هذا بقوله
: ( أن المخاطبين في القرآن
ثلاثة أصناف كما
قال الله ( فمنهـم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهـم سابق بالخيرات بإذن الله ) ، فـقـال :
أنا الله للسابقيـن ، الرحمن للمقتصدين ، الرحيم للظالميــن .
وقـال غيره : ( وإنما خصت البسملة بهذه الأسماء ليعلم المسلم أن
المستحق لأن يستعان به في جميع الأمور هو المعبود الحقـيـقـي الله الذي لا إله غيره والذي هـو مـولي النعم كلــها عاجلهــا
وآجلهــا جليلهــا وحقيرهـا ،
س2 : هل أسماء سور القرآن الكريم أسماء توقيفية أم
اجتهادية ؟
الجواب : اختلف أهل
العلم حول هذه المسألة على أقوال :
القول الأول وهو القول
المختار : يرى أصحابه أن أسماء سور
القرآن الكريم أسماء
توقيفية للأدلة التالية :
1. أن أسماء سور القرآن الكريم ثبتت عن النبي r عن جبريل u عن رب العزة سبحانه وتعالى .
2. إن سيدنا عثمان بن عفان t
قد أثبت أسماء سور القرآن الكريم عند جمعه للقرآن وكان بحضور كبار
الصحابة y ولم يخالفه في ذلك أحد منهم y.
3. لم ينقل عن الصحابة y أنهم تداولوا فيما بينهم ليضعوا أسماء لسور
القرآن الكريم .
4. إن من ينظر في أسماء سور القرآن الكريم يجدها لا تقوم على قاعدة
توحي باجتهاد الصحابة y فمثلا : سورة يونس uسميت باسمه ومع هذا لم
يرد فيها إلا ذكر قومه ..
القول الثاني : يرى
أصحابه أن أسماء سور القرآن الكريم أسماء اجتهادية من فعل الصحابة y.
القول الثالث : يرى
أصحابه أن أسماء سور القرآن الكريم بعضها توقيفي عن النبي r
وبعضها اجتهادي من فعل الصحابة y جمعا بين القولين السابقين ، وجمعا بين
الأدلة التي وردت عنهما .
س3 : هل سورة الفاتحة مكية أم مدنية ؟ وما الدليل ؟
الجواب : قيل : هي مكية أخرج أصحاب السنن عن علي t
قال : ( نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش ) .
وقيل : مدنية أخرج أصحاب السنن من طريق مجاهد
عن أبي هريرة t قال
: ( رن إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب ،
وأنزلت بالمدينة ) .
القول الثالث : يرى أصحابه أن سورة الفاتحة
نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة ، يدل على هذا ما أخرجه أصحاب السنن
عن مجاهد قال : ( نزلت فاتحة الكتاب مرتين ، مرة بمكة ومرة بالمدينة ، جمعا بين هذه الروايات ) .
عن مجاهد قال : ( نزلت فاتحة الكتاب مرتين ، مرة بمكة ومرة بالمدينة ، جمعا بين هذه الروايات ) .
س4 : ما معنى أن نقول هذه السورة مكية أو مدنية ؟
الجواب : للعلماء في الفرق بين المكي والمدني ثلاثة آراء اصطلاحية
تتمثل فيما يلي :
1.
اعتبار زمن النزول ، وعليه فالمكي ما نزل قبل الهجرة وإن كان بغير
مكة ، والمدني : ما نزل بعد الهجرة وإن كان بغير المدينة ، وهذا القول هو المختار
عند العلماء .
2.
اعتبار مكان النزول : وعليه فالمكي ما نزل بمكة وما
جاورها كمنى وعرفات والحديبية ، والمدني ما نزل بالمدينة وما
جاورها كأحد وقباء ( وعلى هذا الاعتبار تحفظ ) .
3.
اعتبار المخاطب : وعليه فالمكي هو كل ما كان خطابا بـ ( يا أيها الناس
) فهو لأهل مكة ، والمدني هو كل ما كان خطابا بـ ( يا أيها الذين آمنوا ) فهو لأهل
المدينة ( وعلى هذا الاعتبار تحفظ )
س5 : هل عرفت هذه السورة بهذا الاسم عند الصحابة y أم
لا ؟ وما الدليل ؟
الجواب : نعم لقد اشتهرت هذه السورة بهذا الاسم وعرفت به في أيام النبوة
عند الصحابة y .
أخرج أصحاب السنن عن أبي هريرة t عن رسول الله r قال : ( هي أم القرآن ، وهي فاتحة
الكتاب ، وهي السبع المثاني )
س6 : اذكري من الأحاديث ما يدل على فضل سورة الفاتحة .
الجواب : الحديث الأول : أخرج أصحاب السنن عبد الله بن جابر t أن رسول الله r
قال له : ( ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن ، قلت : بلى يا رسول الله ؟ قال r : اقرأ ( الحمد لله رب العالمين « ... حتى تختمها ) .
الحديث الثاني : أخرج أحمد وغيره عن أبي بن
كعب t أن
النبي r
قال له : ( أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل
ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها ؟ ثم أخبره r
أنها الفاتحة )
.
س7 : ما هي أسماء سورة الفاتحة ؟
الجواب : لقد اشتهرت سورة الفاتحة بأسماء كثيرة نذكر منها
على سبيل المثال ما يلي :
سورة الفاتحة : وسميت
بهذا لكونه
افتتح بها المصحف ، وهي أول ما يتلوه التالي من الكتاب العزيز
.
سورة
أم الكتاب : وسميت بهذا لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة
.
سورة
السبع المثاني : وسميت بهذا لأنها تثني في الصلاة فتقرأ في كل ركعة
.
سورة
الكافية : وسميت بهذا لأنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها
.
سورة
الكنز : وسميت بهذا لقول الرسول r : ( إن الله أعطاني فيما من به علي فاتحة
الكتاب ، وقال r : هي من كنوز العرش )
س8: ما عدد آيات سورة
الفاتحة ؟ ولماذا اختلف العلماء في عد بعض آيات سور القرآن الكريم ؟
الجواب : قال جمهور العلماء : آيات سورة الفاتحة سبع آيات
وقيل : آيات سورة الفاتحة ثماني آيات .
وقيل : آيات سورة الفاتحة ست آيات .
س9: لماذا اختلف
العلماء في عد بعض آيات سور القرآن ؟
الجواب : قال بعض العلماء : لقد كان النبي r يقرأ
على أصحابه y ما
ينزل عليه من ربه ، وكان rيقف عند رأس كل آية عند قراءة السورة لأول مرة ، فإذا قرأr السورة مرة ثانية كان r يصل
الآيات بعضها ببعض لتمام المعنى ، فيظن من يسمع السورة لأول مرة أن الآيتين آية
واحدة وليس الأمر كذلك .
س10: هل اختلاف العلماء
حول عد بعض آيات السور يدل على زيادة أو نقصان في القرآن الكريم ؟
الجواب : اختلاف
العلماء في عد آيات بعض سور القرآن الكريم لا يدل بحال من الأحوال على زيادة أو نقصان في آيات الذكر
الحكيم ، لأن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن من التحريف والتبديل فقال
جل شأنه : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
( التفسير
التحليلي ـ المستوى الثالث ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء الخامس من المحاضرات الدراسية )
******************
س1: ما معنى قوله تعالى
) الحمد لله ( ؟
الجواب : الحمد ، هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري ، والحمد أعم من الشكر ، قال
علي بن أبي طالب t : ( الحمد لله كلمة رضيها الله سبحانه لنفسه ) ، وقال ابن عباس t : ( الحمد لله كلمة الشكر ) ، قال ابن جرير : ( الحمد لله : ثناء أثنى به
سبحانه على نفسه ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه به
، فكأنه قال : قولوا الحمد لله ) ،
س2: اذكري من الأحاديث
ما يدل على فضل الحمد ؟
الجواب : لقد ورد في فضل الحمد أحاديث كثيرة نذكر على سبيل المثال ما
يلي :
الحديث الأول : أخرج مسلم وغيره عن أبي مالك
الأشعري t قال :
قال رسول الله r : ( الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله
والحمد لله تملآن أو تملآ بين السماء والأرض ) .
الحديث الثاني : أخرج مسلم وغيره عن أنس بن
مالك t قال :
قال رسول الله r : ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو
يشرب الشربة فيحمده عليها ) .
الحديث الثالث : أخرج الترمذي وغيره عن جابر
بن عبد الله t قال :
قال رسول الله r : ( أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله ) .
س3: ما تأويل الرب في
قوله تعالى ) رب العالمين ( ؟
الجواب : قال في الصحاح : الرب اسم من أسماء الله
تعالى ، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة .
قال الزمخشري : الرب المالك ، ومنه قول صفوان
لأبي سفيان لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن .
قال القرطبي : الرب معناه : السيد ، ومنه
قوله ) اذكرني
عند ربك (
، وفي الحديث عنه r أنه قال : ( ... أن تلد الأمة ربها ) ،
وقيل : الرب معناه : المصلح والمدبر والجابر
والقائم .
وقيل : الرب معناه : هو المعبود الحقيقي لا
إله غيره .
س4: ما المراد
بالعالمين في قوله تعالى ) رب العالمين ( ؟
الجواب : العالمين جمع عالم ، وهو كل موجود سوى الله
تعالى وهذا القول هو الصحيح لأنه شامل لكل مخلوق وموجود .
قال ابن عباس t
: العالمون : الجن والإنس .
قال قتادة : وقيل : بأن أهل كل زمان عالم .
وقال الفراء : العالمين : عبارة عمن يعقل وهم
أربعة أمم : الإنس ، والجن ، والملائكة ، والشياطين .
وقيل : العالمين : كل ما خلقه الله تعالى في
الدنيا والآخرة .
س5: ما المراد بقوله
تعالى ) رب العالمين ( إجمالا ؟
الجواب : قال ابن عباس t : )
رب العالمين (
( هو إله الخلق كله ، السموات كلهن ومن فيهن ، والأرضون كلهن ومن
فيهن ، ومن بينهن مما يعلم ومما لا يعلم ) .
س6: لماذا وصف الله
نفسه بـ ) الرحمن الرحيم ( بعد قوله ) رب العلمين ( ؟
الجواب : لقد وصف الله تعالى نفسه بالرحمن الرحيم بعد رب
العالمين ، لأنه لما كان في اتصافه برب
العالمين ترهيب ، قرنه بالرحمن الرحيم ، لما تضمنه من الترغيب ، ليجمع ربنا في
صفاته بين
الرهبة منه والرغبة إليه ، فيكون ذلك أعون على طاعته سبحانه ، كما قال تعالى )
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم «
وأن عذابي هو العذاب الأليم ( ، وقال : )
غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ( .
س7: ما تأويل قوله
تعالى ) مالك يوم الدين ( ؟
الجواب : مالك يوم الدين أي هو يوم الجزاء من الرب سبحانه لعباده .
وقيل
: يوم الدين هو يوم الحساب بين يدي الله تعالى .
وقيل : يوم الدين هو يوم يدين الله العباد
بأعمالهم .
س8 : بم قرئ قوله تعالى
) مالك يوم الدين ( ؟ وأيهما أبلغ ؟
الجواب : قرئ ) ملك (
بدون ألف ، وقرئ )
مالك ( بالألف ، وقرئ )
ملك (
بسكون اللام ، وقرئ )
ملك (
بصيغة الفعل .
وقد اختلف العلماء في أيهما أبلغ : فقال
البعض : إن ) ملك (
أعم وأبلغ من )
مالك ( ، إذ كل ملك مالك وليس كل
مالك ملكا ، ولأن أمر الملك نافذ على المالك في ملكه فلا يتصرف إلا عن تدبيره
وقيل : إن )
مالك (
أبلغ من )
ملك (
لأنه يكون مالكا للناس وغيرهم ، فالمالك أبلغ تصرفا وأعظم .
وقيل : إن قوله )
مالك ( أبلغ في مدح الخالق من )
ملك ( ، و)
ملك (
أبلغ في مدح المخلوقين من )
مالك (
، لأن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك ، وإذا كان الله تعالى
مالكا كان ملكا .
والحق أن لكل واحد من الوصفين نوع أخصية لا
يوجد في الآخر ، فالمالك يقدر على ما لا يقدر عليه الملك من التصرفات بما هو مالك له بالبيع والهبة والعتق ونحوها ،
والملك يقدر على ما لا يقدر عليه المالك من التصرفات العائدة إلى تدبير الملك
وحياطته ورعاية
مصالح الرعية ، فالمالك أقوى من الملك في بعض الأمور والملك أقوى من المالك في بعض
الأمور .
س9 : ما الفرق بين )
ملك ـ و ـ مالك ( بالنسبة لله تعالى ؟
الجواب : الفرق بين ) ملك ـ و ـ مالك ( بالنسبة لله تعالى : أن الملك صفة لذاته سبحانه ، والمالك صفة لفعله جل جلاله .
س10: ما معنى قوله
تعالى ) إياك نعبد وإياك نستعين (
؟
الجواب : المعنى : نخصك بالعبادة ونخصك بالاستعانة ،
فلا نعبد غيرك ، ولا نستعين بأحد سواك .
وقال ابن عباس t : إياك نعبد ، أي : نعبدك ونوحدك ونخاف منك ولا نخاف غيرك ، وإياك
نستعين : أي نستعين بك على طاعتك وعلى أمورنا كلها .
وقيل : العبادة : أقصى غايات الخضوع والتذلل
لله تعالى .
وقيل : العبادة : هي عبارة عما يجمع كمال
المحبة والخضوع والخوف .
وقيل : المعنى : أن الله يأمركم أن تخلصوا له
العبادة ، وأن تستعينوا به في جميع أموركم .
س11: لماذا قدمت الآية
العبادة على الاستعانة ؟
الجواب : قدمت الآية العبادة على الاستعانة لكون الأولى وسيلة إلى الثانية ، وتقديم الوسائل سبب لتحصيل
المطالب ، وإطلاق الاستعانة لقصد التعميم .
س12: لماذا تقدم الضمير المنفصل ( إياك ) على الفعل ( نعبد ،
و ـ نستعين ) ؟
الجواب : الضمير المنفصل هو ( إيا ) وما يلحقه من الكاف والهاء والياء هي حروف لبيان الخطاب والغيبة
والتكلم ، ولا محل لها من الإعراب ، وتقديم الضمير على الفعل : إما لقصد الاختصاص وإما لقصد الاهتمام ، وإما لقصد الاختصاص والاهتمام معا
، وهذا هو الصواب عند العلماء .
وعدل عن الغيبة إلى الخطاب هنا : لقصد
الالتفات ، لأن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى آخر كان أحسن لنشاط السامع ، وأكثر
إيقاظا له كما تقرر في علم المعاني .
ولقد جيء بالنون في الفعلين : لقصد الإخبار
من الداعي عن نفسه وعن جنسه من العباد .
وقيل : إن المقام لما كان عظيما : لم يستقل
به الواحد استقصارا لنفسه واستصغارا لها ، جيء بالنون هنا لقصد التواضع لا لقصد
تعظيم النفس .
س13: ما المراد
بالهداية في قوله ) اهدنا الصراط المستقيم (
؟
الجواب : الهداية يراد بها الإرشاد ، وقيل : يراد بها
التوفيق .
وقيل : يراد بها الإلهام ، وقيل : يراد بها
الدلالة .
س14: بم قرئ قوله تعالى
) الصراط المستقيم (
؟
الجواب : قرأ الجمهور قوله ) الصراط (
بالصاد ، وقرأ البعض : ) الصراط (
بالسين ، وقرأ آخرون ) الصراط (
بالزاي .
س15: ما المراد (
بالصراط ) في قوله تعالى ) اهدنا الصراط المستقيم (
؟
الجواب : قال ابن جرير : أجمعت الأمة من أهل التأويل
على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه .
وقيل : )
الصراط المستقيم (
معناه : ألهمنا دينك الحق .
وقيل
: ) الصراط
المستقيم (
يراد به دين الإسلام ، وهو أوسع مما بين السماء والأرض .
وعن ابن مسعود t
قال : )
الصراط المستقيم (
هو كتاب الله
وقيل : )
الصراط المستقيم (
هو رسول الله r
وصاحباه y
من بعده .
وقيل : )
الصراط المستقيم ( هو طريق الحج .
وقيل : )
الصراط المستقيم (
يراد به جميع ما تقدم ، حيث إن من اتبع الإسلام أو القرآن أو النبي r
وصاحباه y
فقد اتبع الحق ،
قال ابن جرير : ( والذي هو أولى بتأويل هذه
الآية عندي
( وفقنا للثبات على ما ارتضيته ووفقت له من
أنعمت عليه من عبادك من قول وعمل وذلك هو الصراط المستقيم ، لأن من وفق إليه ممن أنعمت عليه من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين فقد وفق للإسلام وتصديق الرسل والتمسك بالكتاب والعمل بما أمره
الله به والانزجار عما زجره عنه واتباع منهاج
النبي r ومنهاج
الخلفاء الأربعة وكل عبد صالح وكل ذلك من الصراط المستقيم ) .
س16: من الذين أنعم
الله عليهم في قوله ) صراط الذين أنعمت عليهم (
؟ ولماذا أطلق الإنعام هنا ؟
الجواب : الذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في سورة
النساء في
قوله تعالى ) ومن يطع
الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا « ذلك
الفضل من الله وكفى بالله عليما ( ، وأطلق الإنعام في هذه الآية : ليشمل كل إنعام .
س17: ما المراد بقوله )
غير المغضوب عليهم ولا الضالين ( ؟
الجواب : الغضب في اللغة معناه الشدة ، وقيل : هو إرادة الانتقام من العصاة وإنزال العقوبة بهم وأن
يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده .
والضلال : هو الذهاب عن سنن القصد وطريق الحق
وأما بالنسبة إلى تأويل )
المغضوب عليهم (
فهم اليهود ، وبالنسبة لقوله )
ولا الضالين (
فهم النصارى
س18: ما المراد بقول
آمين ؟
الجواب : قال بعض العلماء : معنى آمين : اللهم استجب
لنا .
وعن ابن عباس t قال : ( قلت يا رسول الله ما معنى آمين ؟ قال : رب افعل ) .
وقال مجاهد : آمين : هو اسم من أسماء الله
تعالى .
وقيل : معنى آمين : أي لا تخيب رجاءنا .
وقيل : معنى آمين : أي كذلك فليكن .
س19: ما السنة الصحيحة
في التأمين ؟
الجواب : السنة الصحيحة الثابتة قد دلت على قول آمين
ومد الصوت بها ، بل ورفع الصوت بها كذلك ، يدل على هذا ما روي عن وائل بن حجر y
قال : ( سمعت رسول الله r
قرأ )
غير المغضوب عليهم ولا الضالين (
فقال : آمين مد بها صوته ) ، وفي رواية أخرى ( رفع بها صوته ) .
س20: اذكري من الأحاديث
ما يدل على فضل قول ( آمين ) .
الجواب : أخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة t
أن رسول الله r
قال : ( إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين
الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
الحديث الثاني : أخرج مسلم وغيره عن أبي موسى
الأشعري t قال قال رسول الله r : إذا قرأ ( يعني الإمام ) ) غير المغضوب عليهم ولا الضالين (
فقولوا آمين يحبكم الله ) .
الحديث الثالث : أخرج أحمد وغيره عن أم
المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي r
قال : ( ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين )
.
الحديث الرابع : أخرج ابن عدي وغيره عن أبي
هريرة t قال قال
رسول الله r : ( إن اليهود قوم حسد ، حسدوكم على ثلاثة ، إفشاء السلام ،
وإقامة الصف ، وآمين ) .
الحديث الخامس : أخرج ابن ماجه وغيره عن ابن
عباس t قال (
ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين ، فأكثروا من قول آمين ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
( التفسير
التحليلي ـ المستوى الثالث ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء السادس من المحاضرات الدراسية )
****************
س1 : على
كم نوع تقع فواتح سور القرآن الكريم ؟ وما الذي روعي في هذه الفواتح ؟
الجواب : تقع فواتح سور القرآن الكريم على عشرة أنواع :
النوع الأول : الاستفتاح بالثناء على الله تعالى .
النوع الثاني : الاستفتاح
بحروف التهجي .
النوع الثالث : الاستفتاح
بالنداء .
النوع الرابع : الاستفتاح
بالجملة الخبرية .
النوع الخامس : الاستفتاح
بالقسم .
النوع السادس : الاستفتاح بالشرط .
النوع السابع : الاستفتاح بالأمر .
النوع الثامن : الاستفتاح بالاستفهام .
النوع التاسع :
الاستفتاح بالدعاء .
النوع العاشر :
الاستفتاح بالتعليل .
س2 : ما
الذي روعي في فواتح سور القرآن الكريم ؟
الجواب :
لقد روعي في فواتح سور القرآن الكريم أمران :
الأمر الأول : حسن الابتداء .
الأمر
الثاني : براعة الاستهلال .
س3 : ما المراد بالأحرف المقطعة التي وردت في أوائل بعض سور القرآن
الكريم ؟
الجواب : اختلف العلماء حول هذه المسألة على أقوال هي :
القول الأول : ذهب أصحابه إلى أن الأحرف المقطعة في القرآن الكريم هي من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه ، لذا نؤمن
بها كما جاءت .
القول الثاني : ذهب أصحابه إلى أن الأحرف المقطعة في القرآن الكريم
يجب أن نتكلم فيها ونلتمس الفوائد التي تحتها .
س4 : هل ورد في فواتح بعض سور القرآن الكريم شيء عن النبي r أو
عن الصحابة y يصلح
للتمسك به أم لا ؟
الجواب : لم يرد في فواتح بعض سور القرآن الكريم شيء عن النبي r ولا
عن صحابته y يصلح للتمسك به ، غاية ما هنالك أن النبي r عد
بعض هذه الفواتح حروفا كما ثبت ذلك عنه r .
س5 : ما التأويل الصحيح لفواتح بعض سور القرآن الكريم ؟
الجواب : قال بعض العلماء : ( والذي أراه لنفسي ولكل من أحب السلامة
واقتدى بسلف هذه الأمة ألا يتكلم بشيء في فواتح سور القرآن ، مع الاعتراف بأن في إنزالها حكمة لله تعالى لا
تبلغها عقولنا ولا تهتدي إليها أفهامنا ) .
س6 : على كم نوع ورد ذكر الناس في القرآن الكريم ؟ وما الدليل على
ما تقولين ؟
الجواب : لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أصناف الناس وأنواعهم في كثير من سور القرآن وآياته ، وإذا أردنا أن نأخذ
مثالا على هذا فإن خير دليل على ما نقول ما ورد في أول سورة البقرة ثاني سور
القرآن الكريم ، وهذه الأنواع تتمثل فيما يلي :
النوع الأول : المؤمنون : وهؤلاء جاء ذكرهم في خمس آيات في أول
سورة البقرة وهي قوله تعالى } الم « ذلك الكتاب لا
ريب فيه هدى للمتقين «
الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون «
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من بلك وبالآخرة هم يوقنون « أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون { .
النوع الثاني : الكفار : وهؤلاء جاء ذكرهم بعد ذكر المؤمنين في
آيتين في نفس السورة في قوله تعالى } إن
الذين كفروا سواء عليهم
ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون « ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى
أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم { .
النوع الثالث : المنافقون : وهؤلاء ورد ذكرهم بعد ذكر المؤمنين
والكافرين في نفس السورة في ثلاث عشرة آية وهي قوله تعالى } ومن
الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين « يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا
أنفسهم وما يشعرون «... { الخ
.
س7 : ما المراد بالتقوى ؟ وما الآثار التي تترتب على تقوى الله ؟
الجواب : للتقوى تعريفات
كثيرة عند العلماء والمفكرين نذكر منها على سبيل المثال ما يلي :
1. عرفها الإمام علي بن أبي
طالب t
بقوله ( التقوى هي : الخوف من الجليل ، والرضا بالقليل ، والعمل بالتنزيل ،
والاستعداد ليوم الرحيل ) .
2. عرفها ابن مسعود t
بقوله : ( التقوى هي : ألا يراك الله حيث نهاك ، ولا يفقدك حيث أمرك ) .
3. عرفها آخر بقوله : ( التقوى
هي : أن تجعل بينك وبين غضب الله تعالى وسخطه وعذابه وقاية ) .
وأما بالنسب إلى الآثار التي تترتب على تقوى تعالى فنذكر منها على
سبيل المثال ما يلي :
1- أن من حقق تقوى الله تعالى
وتخلق بها ظاهرا وباطنا رزقه الله العلم النافع الذي يخلصه من ظلمات الجهل
والتقليد .
2- أن من حقق تقوى الله تعالى وتخلق بها ظاهرا
وباطنا جعل الله له في قلبه نورا يفرق به بين الحق والباطل وبين الهدى
والضلال .
3- أن من حقق تقوى الله تعالى وتخلق بها ظاهرا
وباطنا رزقه الله من حيث لا يحتسب وكفر عنه سيئاته وأعظم له الأجر .
4- أن من حقق تقوى الله تعالى
وتخلق بها ظاهرا وباطنا كتبت
له السلامة حينما يمر على الصراط المضروب على متن جهنم .
5- أن من حقق تقوى الله تعالى
وتخلق بها ظاهرا وباطنا كان من الوارثين لجنة عرضها السماوات والأرض فيها ما لا
عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
س8 : هل سورة القمر مكية أم مدنية ؟ وما الدليل ؟
6-
الجواب : هذه السورة عرفت في الصدر الأول بسورة القمر ، ويقال عنها :
سورة اقتربت ، يدل على هذا ما أخرجه أصحاب السنن ( أن النبي r كان يقرأ بسورة قاف ، وسورة اقتربت الساعة في الأضحى والفطر
) ، وآياتها خمس وخمسون آية .
وهذه
السورة من السور المكية في قول الجمهور ، ومما يدل
على أنها مكية ما أخرجه أصحاب السنن عن أبن عباس t أنه قال
( نزلت سورة القمر بمكة ) ، وأخرج
كذلك أصحاب السنن عن عبد الله بن الزبير t مثله .
وقال مقاتل : سورة القمر سورة مكية
إلا ثلاث آيات منها وهي قوله تعالى ) أم يقولون نحن
جميع منتصر ( إلى قوله ) والساعة أدهى وأمر ( قال القرطبي : وهذا لا
يصح .
فضل هذه السورة : أخرج أصحاب السنن
عن ابن عباس t
قال : ( سورة اقتربت تدعى في التوراة
: المبيضة ، تبيض وجه صاحبها يوم تبيض الوجوه ) قال البيهقي : هذا حديث منكر .
أخرج أصحاب السنن عن عبد الله بن أبي
فروة رفعه ( من قرا اقتربت الساعة في كل ليلتين بعثه الله يوم القيامة ووجهه
كالقمر ليلة البدر ) ،
قوله تعالى ) اقتربت الساعة وانشق
القمر ( أي قربت ولا شك أنها
قد صارت باعتبار نسبة ما بقي بعد قيام النبوة المحمدية إلى ما مضى من الدنيا .
ويمكن أن يقال : إنها لما كانت متحققة الوقوع لا محالة كانت
قريبة ، حيث إن كل آت قريب ، والبعيد ما ليس بآت ، ) وانشق القمر ( أي وقد انشق القمر .
والمراد : الانشقاق الواقع
في أيام النبوة معجزة لرسول الله r وإلى هذا ذهب الجمهور من السلف والخلف . وقيل :
المعنى سينشق القمر .
وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر لأن انشقاقه من
علامات نبوة محمد r ، ونبوته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة .
قال ابن كيسان : في الكلام
تقديم وتأخير ، أي انشق القمر واقتربت الساعة ، وحكى القرطبي عن الحسن أنه
الانشقاق الكائن يوم القيامة .
وقيل : معنى ) وانشق القمر ( وضح الأمر وظهر ، والعرب تضرب بالقمر المثل فيما
وضح .
وقيل : انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه وطلوعه في
أثنائها كما يسمى الصبح فلقا لانفلاق الظلمة عنه .
قال ابن كثير : كان الانشقاق في زمان رسول الله r كما ثبت ذلك في
الأحاديث المتواترة ، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمن النبي r ، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات .
قال الزجاج زعم قوم
: تأويل الآية أن القمر ينشق يوم القيامة والأمر بين في اللفظ وإجماع أهل العلم .
س9 : هل وقع انشقاق
القمر في عهد النبي r أم لا ؟
الجواب : إذا نظرنا إلى كتاب الله نجد أنه أخبرنا أن القمر قد انشق
ولم يخبرنا بأنه سينشق .
وإذا نظرنا إلى سنة رسول الله r نرى أنه قد ثبت في الصحيح وغيره من
طرق متواترة أن القمر قد انشق في أيام النبوة .
وإذا نظرنا إلى أقوال أهل العلم نرى
أنهم قد اتفقوا على هذا ، فلا يلتفت إلى شذوذ من شذ واستبعاد من استبعد .
س10 : ما معنى قوله
تعالى ) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ( ؟
الجواب
: قال المفسرون : لما انشق القمر قال
المشركون : سحرنا محمد فقال الله ) وإن يروا آية ( يعني انشقاق القمر يعرضوا عن التصديق
والإيمان بها ، ويقولوا سحر قوى شديد يعلو كل سحر ، وفي هذه الآية أعظم دليل على أن الانشقاق قد كان
في عهد النبي r .
ثم ذكر سبحانه
تكذيبهم فقال : ) وكذبوا
واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ( أي وكذبوا
رسول الله r وما
عاينوا من قدرة الله ، واتبعوا
أهواءهم وما زينه لهم الشيطان الرجيم ، وجملة ( وكل أمر مستقر) مستأنفة لتقرير
بطلان ما قالوه من التكذيب وإتباع الأهواء والمعنى : أن كل أمر من الأمور منته إلى غاية ، فالخير
يستقر بأهل الخير، والشر يستقر بأهل الشر .
قال الفراء :
يستقر قرار تكذيبهم وقرار قول المصدقين حتى يعرفوا حقيقته بالثواب والعقاب .
قال الكلبي :
المعنى لكل أمر حقيقة ما كان منه في الدنيا فسيظهر ، وما كان منه في الآخرة فسيعرف
.
قوله تعالى ) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ( أي ولقد جاء كفار مكة أو الكفار على
العموم من الأنباء وهي أخبار الأمم المكذبة المقصوصة في القرآن ما فيه ازدجار .
) حكمة
بالغة فما تغن النذر ( المعنى
أن القرآن حكمة الغاية ليس فيها نقص ولا خلل ، لذلك أخبر أنهم لا ينتفعون به ولا
ينجرون بما فيه .
ثم أمره الله
سبحانه نبيه r بالإعراض
عنهم فقال : ) فتول عنهم يوم
يدع الداع إلى شيء نكر ( أي أعرض عنهم
حيث لم يؤثر فيهم الإنذار ، وهذه الآية
منسوخة بآية السيف ، والداع هو إسرافيل u ، والشيء
النكر الأمر الفظيع الذي ينكرونه لعدم تقدم العهد لهم بمثله .
) خشعا
أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (
الخشوع في البصر الخضوع والذلة ،وأضاف الخشوع إلى الأبصار
الخشوع في البصر الخضوع والذلة ،وأضاف الخشوع إلى الأبصار
لأن العز والذل يتبين فيها عند
خروجهم من القبور ، فكأنهم لكثرتهم
واختلاط بعضهم ببعض جراد منتشر أي منبث في الأقطار مختلط بعضه ببعض .
) مهطعين
إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر ( الإهطاع
الإسراع أي حال كونهم مسرعين إلى الداعي وهو إسرافيل u ، وقال الضحاك : مهطعين أي مقبلين ، وقال قتادة : مهطعين أي
عامدين ، وقال عكرمة : مهطعين أي فاتحين آذانهم إلي الصوت .
و ( العسر )
في قوله ) يقول الكافرون
هذا يوم عسر ( هو
الأمر الصعب الشديد ، وفي إسناد هذا القول إلى الكفار : دليل على أن هذا اليوم ليس بشديد على المؤمنين ، ( اللهم اجعلنا ممن
تظلهم تحت ظل عرشك يوم الفيامة اللهم آمين آمين ) .
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..