الجمعه، 13 سبتمبر
2013 هل يجوز الحج على نفقة الدولة؟ هذا السؤال فجرّه الدكتور احمد الريسوني ، وهو فقيه معروف ،
من خلال مرافعة فقهية ، بدأها بتحرير مصطلح اموال الدولة حيث اعتبر ما يسمى اليوم بالمال العام ، تعود ملكيته الحقيقية لعموم افراد المجتمع ، وان التصرف فيه يدخل في صلاحيات ولاة الامر ، باعتبارهم نوابا عن الامة ، واشترط في تصرف هؤلاء النواب - وكذلك نوابهم - في اي جزء من المال بشرطين: ان يكون بالانفع والاصلح للمجتمع والناس طبقا لقاعدة تصرف الامام على الرعية منوط بالمصلحة ، وان ينفق كل مال في ما أخذ لاجله وفي ما رصده له ، فمال الزكاة للزكاة.. ومال الفقراء للفقراء.. وهكذا ، وعليه ميّز بين عدة اشكال في مسألة الحج على نفقة الدولة ، منها: من ترسله الدولة ، او اي جهة تابعة لها بعمل او مهمة في موسم الحج فيؤدون الحج بجانب تأديتهم لمهمتهم ، وهؤلاء يجوز لهم ان يحجوا على نفقة الدولة ، وعنها الاشخاص الذين يذهبون للحج على نفقة صناديق ومؤسسات حكومية ، فمن كان مستحقا بموجب مصارف هذه المؤسسة وقوانينها ، ولم يكن قد سبق له الحج وتم اختياره بطريقة عادلة فله ان يحج على نفقة تلك الجهة.. اما الشكل الثالث فيتضمن ارسال اشخاص لمجرد الحج وما يدخل في رحلته من تعبد او تبضع او منافع خاصة ، وذلك علي سبيل التكريم والمكافأة ، فحج هؤلاء لا يجوز ، وهو من اكل المال بالباطل ، فالاموال التي اخذوها ، والنفقات التي انفقت عليهم تبقى دينا في ذمتهم ، ويضاف الى هؤلاء شكل رابع وهو ما تحدث عنه النواب المصريون (والكلام هنا للريسوني) حيث يكون وراء الارسال الى الحج غرض سياسي يرمي الى الاستقطاب والتأثير على مواقف المبتعثين ، وهذه الحالة ادهى وأمر ، فهي جناية دنيوية واخروية ، والحكم فيها اوضح من ان يحتاج الى كلام ، ومثل ذلك ، اذا تم الامر لمجرد المحاباة واعتبار القرابة والصداقة ، او المصلحة الشخصية.
المسألة ذاتها اثيرت في مصر ايضا ، فقد اصدر شيخ الازهر قبل سنوات فتوى قال فيها ان الحج على نفقة الدولة غير مقبول شرعا ، والمناسبة ان بعض نواب المعارضة بمجلس الشعب المصري آنذاك قدموا طلب احاطة لكل من رئيس الوزراء ووزيري التضامن والتنمية حول ما اعتبروه رشوة سياسية مقدمة من وزير التضامن لثلاثة من نواب المجلس استضافتهم الوزارة للحج على نفقتها بكلفة مئة الف جنيه ، الفتوى - بالطبع - اثارت استياء الحكومة والمسؤولين ، لكنها وجدت اصداء طيبة لدى علماء الازهر والمعارضة ، وهو ما عبر عنه احد اعضاء مجمع البحوث الاسلامية اسمه د. عبدالمعطي بيومي بقوله المال الذي تنفقه الدولة على البعثات الرسمية هو مال الشعب ، وهي مؤتمنة عليه ولا تملكه ، وهذا الانفاق غير مبرر الا اذا كان المبعوث للحج على حساب الدولة يؤدي مهمة الرعاية الصحية للحجيج ، اما ان يصل الامر الى استغلال البعض للمواقع والنفوذ ويكرر الحج كل عام على نفقة الدولة فهذا غير جائز .
لست فقيها - بالطبع - لأدلي بدلوي في هذا الموضوع ، ولكنني اعرف ان بعض علمائنا لهم رأي آخر القرضاوي مثلا ، وان بعضهم اعتبر الحج تصور! نوعا من الهدايا والعطايا التي تنعم بها الدولة على من تشاء ، وبذلك اجازوها.. مما يستدعي سماع وجهة نظر فقهائنا وعلمائنا الذين نثق بهم ، ونحن بانتظار ذلك.. والله المستعان.
............
الدستور الأردنية
حسين الرواشدة
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
2013 هل يجوز الحج على نفقة الدولة؟ هذا السؤال فجرّه الدكتور احمد الريسوني ، وهو فقيه معروف ،
من خلال مرافعة فقهية ، بدأها بتحرير مصطلح اموال الدولة حيث اعتبر ما يسمى اليوم بالمال العام ، تعود ملكيته الحقيقية لعموم افراد المجتمع ، وان التصرف فيه يدخل في صلاحيات ولاة الامر ، باعتبارهم نوابا عن الامة ، واشترط في تصرف هؤلاء النواب - وكذلك نوابهم - في اي جزء من المال بشرطين: ان يكون بالانفع والاصلح للمجتمع والناس طبقا لقاعدة تصرف الامام على الرعية منوط بالمصلحة ، وان ينفق كل مال في ما أخذ لاجله وفي ما رصده له ، فمال الزكاة للزكاة.. ومال الفقراء للفقراء.. وهكذا ، وعليه ميّز بين عدة اشكال في مسألة الحج على نفقة الدولة ، منها: من ترسله الدولة ، او اي جهة تابعة لها بعمل او مهمة في موسم الحج فيؤدون الحج بجانب تأديتهم لمهمتهم ، وهؤلاء يجوز لهم ان يحجوا على نفقة الدولة ، وعنها الاشخاص الذين يذهبون للحج على نفقة صناديق ومؤسسات حكومية ، فمن كان مستحقا بموجب مصارف هذه المؤسسة وقوانينها ، ولم يكن قد سبق له الحج وتم اختياره بطريقة عادلة فله ان يحج على نفقة تلك الجهة.. اما الشكل الثالث فيتضمن ارسال اشخاص لمجرد الحج وما يدخل في رحلته من تعبد او تبضع او منافع خاصة ، وذلك علي سبيل التكريم والمكافأة ، فحج هؤلاء لا يجوز ، وهو من اكل المال بالباطل ، فالاموال التي اخذوها ، والنفقات التي انفقت عليهم تبقى دينا في ذمتهم ، ويضاف الى هؤلاء شكل رابع وهو ما تحدث عنه النواب المصريون (والكلام هنا للريسوني) حيث يكون وراء الارسال الى الحج غرض سياسي يرمي الى الاستقطاب والتأثير على مواقف المبتعثين ، وهذه الحالة ادهى وأمر ، فهي جناية دنيوية واخروية ، والحكم فيها اوضح من ان يحتاج الى كلام ، ومثل ذلك ، اذا تم الامر لمجرد المحاباة واعتبار القرابة والصداقة ، او المصلحة الشخصية.
المسألة ذاتها اثيرت في مصر ايضا ، فقد اصدر شيخ الازهر قبل سنوات فتوى قال فيها ان الحج على نفقة الدولة غير مقبول شرعا ، والمناسبة ان بعض نواب المعارضة بمجلس الشعب المصري آنذاك قدموا طلب احاطة لكل من رئيس الوزراء ووزيري التضامن والتنمية حول ما اعتبروه رشوة سياسية مقدمة من وزير التضامن لثلاثة من نواب المجلس استضافتهم الوزارة للحج على نفقتها بكلفة مئة الف جنيه ، الفتوى - بالطبع - اثارت استياء الحكومة والمسؤولين ، لكنها وجدت اصداء طيبة لدى علماء الازهر والمعارضة ، وهو ما عبر عنه احد اعضاء مجمع البحوث الاسلامية اسمه د. عبدالمعطي بيومي بقوله المال الذي تنفقه الدولة على البعثات الرسمية هو مال الشعب ، وهي مؤتمنة عليه ولا تملكه ، وهذا الانفاق غير مبرر الا اذا كان المبعوث للحج على حساب الدولة يؤدي مهمة الرعاية الصحية للحجيج ، اما ان يصل الامر الى استغلال البعض للمواقع والنفوذ ويكرر الحج كل عام على نفقة الدولة فهذا غير جائز .
لست فقيها - بالطبع - لأدلي بدلوي في هذا الموضوع ، ولكنني اعرف ان بعض علمائنا لهم رأي آخر القرضاوي مثلا ، وان بعضهم اعتبر الحج تصور! نوعا من الهدايا والعطايا التي تنعم بها الدولة على من تشاء ، وبذلك اجازوها.. مما يستدعي سماع وجهة نظر فقهائنا وعلمائنا الذين نثق بهم ، ونحن بانتظار ذلك.. والله المستعان.
............
الدستور الأردنية
حسين الرواشدة
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..