الاثنين، 24 فبراير 2014

" قريش" من "خليل عبد الكرم" إلى الدكتور"الدخيل"

 قرأت رد الدكتور سعيد صيني على مقالة الدكتور خالد الدخيل حول العلمانية .. وقد نقل لنا الدكتور"سعيد"بعض ما جاء في مقالة الدكتور"خالد" مثل قوله :
(فإذا كانت العلمانية هي التي أخرجت الغرب من عصور الظلام إلى عصر النور، و...هي رمز للكفر والإلحاد، فهذا يعني أن هذا الكفر، وذلك الإلحاد، وليس الإيمان، هما اللذان شكّلا معاً بوابة الخروج من ظلام الجهل المعرفي والتخلف والقمع الديني كأساس للقمع السياسي إلى رحابة العلم والوعي والحرية."){ رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية،الرسالة رقم"1379"}.
عندما قرأت ذلك الرد .. تذكرت كتاب الدكتور "الدخيل"أعني( الوهابية بين الشرك وتصدع القبيلة) .. وفيه فصل بعنوان : " اليمامة في مواجهة مكة" فعدت إليه.
من الواضح جدا أن الدكتور"الدخيل"حين يحلل سياسيا .. يستبعد البعد السماوي تماما .. أو يخرجه من حسابه .. فالعوامل التي يتحدث عنها مادية بحتة!!
وهذا معظم ما جاء تحت العنوان المذكور،حيث كتب الدكتور خالد الدخيل :
(اليمامة في مواجهة مكة :
خلف مسيلمة بن حبيب الحنفي هوذة في قيادة بني حنيفة،وهو مشهور في المصادر الإسلامية بمسيلمة الكذاب ( لادعائه النبوة كذبا). وقد ذهب مسيلمة أبعد من هوذه،كما يبدو،في اتجاه تأسيس الدولة،وذلك بإطلاقه حركة معارضة للمدينة وتزعمه لها خوفا على استقلال اليمامة من انتشار الإسلام. ووفقا لما ذكره واط،كان الهدف من وراء هذه الحركة الدينية "إقامة أساس ديني وثقافي لإمارة مركزها اليمامة تكون مستقلة عن الفرس،والبيزنطيين،وعن المدينة المنورة". في هذه المرحلة من عملية تشكل الدولة في اليمامة،أخذ البُعد القبلي لنظام الحكم لدى بني حنيفة بالبروز بوصفه النمط الرئيس في تلك العملية. وسيزداد هذا البُعد اتضاحا لدى المقارنة بالتجربة الدينية والسياسية في مكة المكرمة في عهد النبي محمد (ص).
يتضح أساس المقارنة هنا بالإشارة إلى الأمور التي كانت تشترك فيها المنطقتان. كان ينظر إلى قبيلة بني حنيفة في اليمامة من وجوه كثيرة على أنها المقابل الموازي لقريش في مكة. وسبب ذلك أن كلتا المنطقتين شهدت عملية استيطان جماعي قبلي،وعاشت حياة مستقرة في بيئة بدوية محيطة،وكلتيهما تمتعت بالهيمنة السياسية في منطقتها،ونتيجة لذلك كانت كل منهما القوة الرئيسة في عملية تشكيل الدولة في المنطقة التي كانت تهيمن عليها.بهذا المعنى ،يرى بعضهم أن تطور نمط حياة مستقرة وتبلور تركيبة سياسية يعكسان ذلك النمط في كل من مكة واليمامة،وكانا في الواقع جزءا"من نمط مستمر لقيام المراكز الحضرية وانهيارها،وتأرجحها مع تقلبات التجارة والسياسة والدولة". ولكن بني حنيفة وقريشا عاشتا تجربتين سياسيتين مختلفتين،وإن تشابهتا في بعض الوجوه المهمة فعلا،وكانت لهما أهداف مختلفة،وأفضت كل منهما إلى نتائج مختلفة على نحو صارخ. فقد أصبحت قريش قوة سياسية منيعة قادت العرب والمسلمين إلى إقامة خلافة إسلامية عالمية. ومن ناحية أخرى،تبنت قبيلة بني حنيفة موقفا معاكسا لمجرى التاريخ،وأزيحت في النهاية وأصبحت قوة سياسية منبوذة في منطقة نائية معزولة في نجد.
لسنا بصدد إجراء تحليل شامل مفصل في هذه الدراسة للمقارنة بين قريش وبني حنيفة،وللسياق التاريخي لأوجه الشبه والاختلاف بينهما. ولكننا نفترض هنا أنه كان للفرق الواضح في مصير كل من القبيلتين صلة بالفرق الجوهري بينهما،خاصة في ما يتعلق بالتركيبة الاجتماعية للمجتمع المستقر لكل منهما. تقع مكة في ودٍ قاحل أجرد،لكنها أضحت في وقت قريب من القرن الخامس بعد الميلاد عند مفترق طرق التجارة الحيوية المتجهة شرقا عبر المناطق الغربية من الجزيرة. لذلك كان استيطان قبيلة قريش ذلك الوادي،والحياة المستقرة التي عاشتها فيه،معتمدة بشكل يكاد أن يكون حصريا على التجارة. على الجانب الآخر،كانت اليمامة آنذاك منطقة زراعية غنية تقع على أطراف الطرق التجارية نفسها. ولذلك،اعتمد استيطان بني حنيفة لتلك المنطقة،كما ذكرنا،على الزراعة في الأغلب وليس على التجارة. ويظهر أن هذا الفرق في الأساس الاجتماعي والاقتصادي لاستيطان القبيلتين يقع في صلب المسار الاجتماعي والسياسي المتمايز بشدة لكل منهما. وهذا ما يتجلى في الفروق السياسية و الأيديولوجية بين الإسلام الذي ظهر في بيئة مكة،والحركة الدينية التي قادها مسيلمة في اليمامة. وعند المقارنة بين الاثنتين على هذا المستوى،ينبغي التركيز بقوة على الأيديولوجية القبلية والحصرية للحركة الدينية في اليمامة) {ص 365 – 367 ( الوهابية بين الشرك وتصدع القبيلة) / خالد الدخيل / الشبكة العربية للأبحاث والنشر}.
لقد تعمدت النقل الطويل .. لكي لا يظن أحد أنني أخرجت نصا من سياقه .. إلخ
وهنا لابد أن نتذكر كتابا أثار ضجة عند صدوره،وهو كتاب "قريش من القبيلة إلى الدولة"لمؤلفه خليل عبد الكريم، لم يقع الكتاب تحت يدي،ولكنني قرأت نقدا له كتبه الدكتور أحمد صبحي منصور :
فبعد مقدمة كتب الدكتور .. ( ندخل (..) في قراءة سريعة لكتاب "قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية"للأستاذ خليل عبد الكريم،إذ أن الواضح أن المؤلف يحرص أشد الحرص ألا يأتي باستشهادات قرآنية بقدر حرصه على الاستشهاد بالروايات الإخبارية واجتهادات الباحثين لكي يؤكد أن هناك هدفا محددا حرصت عليه قريش منذ وجودها،وهذا الهدف هو إقامة دولة مركزية،وأنه قد عمل لهذا الهدف قصي بن كلاب المتوفى سنة 480م. ثم جاء أحفاده من بعده إلى أن تم تحقيق الحلم بعد قرنين على يد حفيد "قصي بن كلاب"وهو"محمد بن عبد الله" عليه السلام.
وفي هذا السياق فإن المؤلف لا يناقش القضية الهامة في الموضوع،وهي موقع الإسلام من هذه الخطة،أهو اختراع قرشي لتأكيد المشروع السياسي،أم هو استغلال سياسي سماوي استطاع به النبي أن يقيم لقومه من قريش دولة. تلك القضية الهامة"والتي نتوقع أن تكون مدار بحث المؤلف طبقا لمقتضيات البحث العلمي وضروراته" لم تحظ بوقفة متأنية من المؤلف،إلا أنه ترك بين السطور ما يوحي بأن الإسلام صناعة قرشية،ظهر ذلك في حديثه عن المؤثرات الاجتماعية في القصائد والرسوم الدينية وصلتها بما كان سائدا في الجزيرة العربية (..) وقد أفاض المؤلف في تأكيد نظريته على أن قيام دولة قريش تحت لواء الإسلام في عهد النبي سبقتها جهود مضنية بدأها "قصي بن كلاب"ثم أحفاده إلى أن استطاع "محمد بن عبد الله"بالإسلام تحقيق الأمل المنتظر،مستخدما كل الظروف الاجتماعية والدينية والاقتصادية في الجزيرة العربية){ مجلة الهلال القاهرية عدد فبراير 1995م}.
إذا كنا لا نجد الدكتور"الخيل"يتحدث عن قرش بنفس الطريقة التي تحدث بها "عبد الكريم"إلا أننا نجد نفس التركيز على العوامل المادية البحتة .. وتجنب الحديث عن الدور الذي لعبه وحي السماء في التمكين لقبيلة قريش!!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..