إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،
وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله
عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{102})(آل عمران)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{1})(النساء)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا{70}يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا{71})(الأحزاب).
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
فإن استقامة الحياة الدنيا وسعادتها لا تحصل إلا إذا كان الإنسان آمنًا على نفسه، مرتاح القلب، هادئ النفس؛ لا يخاف من وقوع مكروه يهدد أمنه، أو ينتقص دينه، أو ينتهك حرماته، أو يستلب خيراته، أو يفرض عليه ما يتعارض مع دينه وثقافته من أفكار ومذاهب وأخلاق.
وبناءً على ذلك فإن على المسلم أن يكون دائمًا يقظ القلب، دائم البحث والنظر، سريع الحركة، عالي الهمة، موظفًا كل قدراته، باذ نفسه وطاقته، مسخرًا قلمه وفكره في سبيل الحفاظ على مقاصد دينه، وتعزيز كيانه، والحفاظ على أمنه من غائلة الأحداث، ومكر الأعداء.
ولا شك في أن من أولى ما صُرِفت إليه الجهود، وعُنيت به العقول، واشتغل به أولو العلم والقلم، هو موضوع الأمن الفكري؛ لعظم أهميته، وحسن عاقبته عند توفره، وشدة خطر فقدانه أو الإخلال به.
إن أهمية الأمن الفكري تنبع من ارتباطه بدين الأمة، وأساس ذكرها وعلوها، وسبب مجدها وعزها، ومن غايته المتمثلة في سلامة العقيدة، واستقامة السلوك، وإثبات الولاء للأمة، وتصحيح الانتماء لها.
كما ترجع أهمية الأمن الفكري إلى ارتباطه بأنواع الأمن الأخرى، وأنه الأساس لها، والركن الأهم في نظم بنائها.
وانطلاقًا من هذا المبدأ أحببت الكتابة في موضوع يسهم في الحفاظ على الأمن الفكري، ويساعد في تجلية حقيقته. وقد جعلته بعنوان «الأمن الفكري: مفهومه، ضرورته، مجالاته »، وسرت في كتابته على النحو التالي:
الرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنَّة المصطفى -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وكتب التفسير، وشروح الحديث، والمصادر والمراجع العلمية الأخرى من أجل تحديد مفهوم الأمن الفكري، ومعرفة أهميته، وتحديد مجالاته.
عزو الآيات إلى سورها، والأحاديث إلى مخرِّجيها.
وطريقتي في تخريج الأحاديث، أني أعزو الحديث إلى مصدر واحد من المصادر التي وُجِد بها، وأذكر كلام أهل العلم فيه من حيث الصحة، والضعف، ما لم يكن في أحد الصحيحين.
العناية ببيان الآثار المترتبة على الالتزام بضوابط الأمن الفكري وآثار الانحراف عنها.
وقد سرت في بحث هذا الموضوع وفق خطة؛ قوامها: مقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة.
فالمقدمة: ذكرت فيها اسم البحث ومنهجه وخطته، وألمحت فيها إلى أهمية الموضوع.
والمبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري:
وقسمت الكلام فيه على مطلبين:
المطلب الأول: في التعريف بمصطلح الأمن.
والمطلب الثاني: في بيان مصطلح الفكر، والأمن الفكري.
المبحث الثاني: ضرورة الأمن الفكري.
المبحث الثالث: مجالات الأمن الفكري:
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: وجوب تحقق الأمن الفكري عند التأمل وتردد النظر، وفيه فرعان:
الفرع الأول: وجوب صيانة العقل من الانحراف حال نظره وتأمله.
الفرع الثاني: فوائد حجز العقل عن الخوض فيما لا يدرك أو ما لا فائدة فيه.
المطلب الثاني: حماية منتجات العقل ومبدَعاته من الانحراف، وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: حماية الفكر من الغلو، وفيه خمس مسائل:
المسألة الأولى: مفهوم الغلو في اللغة والاصطلاح.
المسألة الثانية: حكم الغلو في الدين.
المسألة الثالثة: ما يقع فيه الغلو.
المسألة الرابعة: أسباب الغلو.
المسألة الخامسة: الآثار السيئة للغلو.
الفرع الثاني: حماية الفكر من الإرجاء، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: تعريف الإرجاء لغةً، واصطلاحًا.
المسألة الثانية: الآثار السيئة لفكر الإرجاء.
الفرع الثالث: حماية الفكر من تتبع الرخص الفقهية بالتشهي، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: المراد بتتبع الرخص الفقهية.
المسألة الثانية: حكم تتبع الرخص.
المسألة الثالثة: الآثار المترتبة على الأخذ بالرخص.
وإني لأرجو أن ينفع الله بما كتبت، واسأله تعالى ألا يحرمني أجره، وأن يتجاوز عمَّا كان فيه من خطأ ونسيان. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الأمن الفكري: مفهومه، ضرورته، مجالاته
الكلام عن الأمن الفكري: مفهومه، ضرورته، مجالاته يقتضي منَّا أن نقسم الكلام على ذلك في ثلاثة مباحث على النحو التالي:
المبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري.
المبحث الثاني: ضرورة الأمن الفكري.
المبحث الثالث: مجالات الأمن الفكري.
المبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري
الأمن الفكري مركب من كلمتين هما: الأمن، والفكر، وقبل التعريف بمفهوم الأمن الفكري، يجب بيان جزئي المركب، وعلى هذا سأعرف بمصطلح الأمن، والفكر في مطلبين:
المطلب الأول: تعريف الأمن في اللغة والاصطلاح.
المطلب الثاني: في بيان مصطلح الفكر، والأمن الفكري.
المطلب الأول: تعريف الأمن في اللغة والاصطلاح
أ – الأمن في اللغة: سكون القلب واطمئنانه.
قال ابن فارس: «الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان:
أحدهما: الأمانة التي هي ضدّ الخيانة، ومعناها سُكون القلب.
والآخر: التصديق.
والمعنيان -كما قلنا- متدانيان.
قال الخليل: الأَمَنَةُ مِن الأمْن. والأمان إعطاء الأَمَنَة. والأمانة ضدُّ الخيانة.
يقال أمِنْتُ الرّجُلَ أَمْنًا وأَمَنَةً وأَمانًا، وآمنني يُؤْمنني إيمانًا. والعرب تقول: رجل أُمَّانٌ، إذا كان أمينًا(1).
وعلى هذا، فالأمن في اللغة: هو سكون القلب واطمئنانه بعدم وجود مكروه وتوقعه.
قال الراغب: «أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف.
والأمن والأمانة والأمان في الأصل مصادر. ويجعل الأمان تارة اسمًا للحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن، وتارة اسمًا لما يُؤْمَنُ عليه الإنسان »(2).
ب – الأمن في الاصطلاح:
تعددت التعريفات الاصطلاحية للأمن باختلاف المنظور الذي ينظر إليه الباحثون عند تعريفهم للأمن(3)، ومن تلك التعريفات:
تعريف الجرجاني، حيث عرَّفه بأنه: «عدم توقع مكروه في الزمانالآتي »(4).
ويمكن تعريف الأمن بالنظر إلى مقاصد الشرع بأنه: الحال التي يكون فيها الإنسان مطمئنًا في نفسه، مستقرًا في وطنه، سالمًا من كل ما ينتقص دينه، أو عقله، أو عرضه، أو ماله.
فقولي: الحال؛ ليشمل الأمن ظاهرًا وباطنًا، فهو أعمَّ من التعبيربالشعور أو الإحساس.
وقولي: مطمئنًا في نفسه؛ لأنه يعبر عن سكون القلب وراحته، فهو مشعر بالوثوق من توفر الأمن في الزمن الحاضر، وعدم توقع المكروه في الزمن المستقبل.
وهو كذلك يشير إلى الأمن النفسي، وإلى مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، وهو حفظ النفس.
وقولي: مستقرًا في وطنه؛ ليشمل جميع أنواع الأمن الداخلي، والسلامة من الاعتداء الخارجي.
وقولي: سالمًا من كل ما ينتقص دينه أو عقله، أو عرضه، أو ماله، إشارة إلى مقاصد الشريعة الإسلامية الأخرى.
فالتعريف بهذه التقييدات قد أبان عن أن الأمن لا يتحقق ما لم يكن هناك حفظ للضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها.
والمطلب الثاني: في بيان مصطلح الفكر، والأمن الفكري
أ – تعريف الفكر في اللغة والاصطلاح
1 – الفكر في اللغة:
تردد القلب، وتأمله.
قال ابن فارس: «الفاء والكاف والراء تردد القلب في الشيء. يقال:تفكَّر إذا ردد قلبه معتبرًا. ورجل فِكِّير: كثير الفكر »(5).
وقال العلامة الراغب -رحمه الله-: «الفكرة قوةٌ مُطرِقة للعلم إلى المعلوم، والتفكر جولان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان دون الحيوان… قال بعض الأدباء: الفكر مقلوب عن الفرك، لكن يستعمل الفكر في المعاني؛ وهو فرك الأمور وبحثها طلبًا للوصول إلى حقيقتها »(6).
2 – الفكر في الاصطلاح:
قال الفيومي: «ويقال: الْفِكْرُ تَرْتِيبُ أُمُورٍ فِي الذِّهْنِ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَطْلُوبٍ؛ يَكُونُ عِلْمًا، أَوْ ظَنًّا »(7).
يقول جميل صليبا: «وجملة القول: إن الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أو يطلق على المعقولات نفسها.
فإذا أطلق على فعل النفس دل على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، وإذا اطلق على المعقولات دل على المفهوم الذي تفكر فيه النفس »(8).
وعرّفه الزنيدي بقوله: «الفكر في المصطلح الفكري –والفلسفي خاصة- هو: الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات؛ أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها؛ أي الموضوعات التي أنتجها العقل البشري »(9).
وبناءً على هذا، فمفهوم الفكر يشمل النظر العقلي، وما ينتج عن ذلك النظر والتأمل من علوم ومعارف.
ب – المراد بالأمن الفكري:
نظرًا لحداثة مصطلح الأمن الفكري فقد اختلفت عبارات الباحثين ووجهات نظرهم في تحديده(10)، وضبط مفهومه.
وسأورد شيئًا من تلك التعريفات:
« -1 الأمن الفكري هو أن يعيش الناس في بلدانهم وأوطانهم وبين مجتمعاتهم آمنين مطمئنين على مكونات أصالتهم، وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية »(11).
« -2 أن يعيش المسلمون في بلادهم آمنين على مكونات أصالتهم وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية المنبثقة من الكتاب والسنَّة »(12).
« -3 إنه سلامة فكر الإنسان وعقله وفهمه من الانحراف والخروج عن الوسطية، والاعتدال، في فهمه للأمور الدينية، والسياسية،وتصوره للكون بما يؤول به إلى الغلو والتنطع، أو إلى الإلحاد والعلمنة الشاملة »(13).
-4 الاطمئنان إلى سلامة الفكر من الانحراف الذي يشكل تهديدًا للأمن الوطني أو أحد مقوماته الفكرية، والعقدية، والثقافية، والأخلاقية، والأمنية(14).
وإذا أخذنا في الحسبان مفهوم الفكر من حيث شموله لنظر العقل، ومعقولاته، فإنه يمكننا أن نعرِّف الأمن الفكري بأنه:
الحال التي يكون فيها العقل سالمًا من الميل عن الاستقامة عند تأمله، وأن تكون ثمرة ذلك التأمل متفقة مع منهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح، وأن يكون المجتمع المسلم آمنًا على مكونات أصالته، وثقافته المنبثقة من الكتاب والسنَّة.
فبهذا التعريف يكون الأمن الفكري شام للفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، والموضوعات التي أنتجها العقل البشري، وكذلك شام لفكر الفرد ومكونات فكر المجتمع، وأن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بالالتزام بمنهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح.
المبحث الثاني: ضرورة الأمن الفكري ضرورة الأمن الفكري:
لا شك في أن الأمن الفكري حاجة ضرورية لا تستقيم الحياة بدون توفره. وذلك لعدة أسباب(15)؛ منها:
أولاً أن الأمن الفكري أحد مكونات الأمن بصفة عامة، بل هو أهمها وأسماها وأساس وجودها واستمرارها، والأمن هو النعمة التي لا يمكن أن تستقيم الحياة بغيرها. ولذلك امتنَّ الله بهذه النعمة على كفار قريش. قال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ{3}الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ{4})(قريش)، وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ{67})(العنكبوت).
وجعل الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- مَنْ توفر له الأمن كمن حيّزت له الدنيا كلَّها، فقد أخرج الترمذي -وحسَّنه الألباني- عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِىّي عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِى جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا»(16).
إن النظر إلى أن الأمن الفكري هو أسمى أنواع الأمن وأساسها يفيدنا في:
-1 أن نوجه الأنظار إلى العناية بالفكر بتوفير كل أسباب حمايته واستقامته والمحافظة عليه. وكذلك العمل على رصد ودراسة كل ما من شأنه التأثير على سلامة الفكر واستقامته.
-2 أن نعمل على معالجة أسباب اختلال الأمن في المجتمع بشكل متكامل ومترابط من غير فصل بين أنواع الأمن، ولا تفريق بين تلك الأسباب.
إن النظرة الشاملة تجعل المعالجة شاملة ومتكاملة، وهو ما يوفر على الجهات المختصة بأمن المجتمع الجهود، ويحمي الأمة من تبعات الفصل في المعالجة بين أسباب اختلال الأمن، ويوصل إلى النتائج المثمرة، والغايات المحمودة في أسرع وقت.
-3 أن تكون المعالجات الأمنية من واقع الأمة، مستقاة من مصادر فكرها وعقيدتها، وبناءً على مقتضيات حاجتها بعيدًا عن التقصير والشطط.
ثانيًا: أن الأمن الفكري يتعلق بالمحافظة على الدين، الذي هو إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحمايتها والمحافظة عليها.
إن الإسلام هو دين الأمة: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)(آل عمران:19)، والإسلام هو مصدر عزها وقوتها، وهو أساس تمكينها في الأرض (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{55})(النور).
والإسلام هو مصدر ثقافة الأمة، ومستند علومها ومعارفها، وهو أساس علوها وتميزها، لذلك كان في الأمن الفكري الحماية لهذه الأسس والمرتكزات، والإخلال به إخلال بها، وهو ما يجعل الأمة عرضة للزوال، والتأثر بأديان الأمم الأخرى وثقافاتها وأفكارها، وبذلك تفقد سر تميزها، وأساس وجودها وعظمتها.
ثالثًا: أن الأمن الفكري يتعلق بالعقل، والعقل هو آلة الفكر، وأداة التأمل والتفكر، الذي هو أساس استخراج المعارف، وطريق بناء الحضارات، وتحقيق الاستخلاف في الأرض، ولذلك كانت المحافظة على العقل، وحمايته من المفسدات، مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية، وسلامة العقل لا تتحقق إلا بالمحافظة عليه من المؤثرات الحسية والمعنوية.
رابعًا: أن الأمن الفكري غايته استقامة المعتقد، وسلامته من الانحراف، والبعد عن المنهج الحق، ووسطية الإسلام، ولذلك فإن الإخلال به يعرض الإنسان لأن يكون عمله هباءً منثورًا لا ثقل له في ميزان الإسلام، قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا{23})(الفرقان)، وقال: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{1}وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2}عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ{3}تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً{4})(الغاشية)، وذلك هو الخسران المبين؛ (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ{15})(الزمر).
خامسًا: أن الإخلال بالأمن الفكري يؤدي إلى تفرق الأمة وتشرذمها شيعًا وأحزابًا، وتتنافر قلوب أبنائها، ويجعل بأسهم بينهم، فتذهب ريح الأمة، ويتشتت شملها، وتختلف كلمتها.
ولقد نهى الله عن الاختلاف في محكم التنزيل، فقال: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{153})(الأنعام: 153)، وقال: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{105})(آل عمران).
ولا شك في أن من أعظم أسباب اختلاف القلوب وتفرق الصفوف هو الخلاف العقدي، فبه تُستحل الدماء، ويلعن بعض الأمة بعضها الآخر.
ولذلك كان من صفات الخوارج أنهم «قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»(17).
وما تعيشه الأمة اليوم بسبب انحراف فكر بعض أبنائها من تكفير، وتفجير، وشدة اختلاف، يشي بخطورة الاختلاف بدافع عقدي.
المبحث الثالث: مجالات الأمن الفكري
الفكر عملية ذهنية مسرحها العقل، ومؤداها التأمل والنظر، وثمرتها استنباط واستخراج العلوم والمعارف؛ ولكي تتحقق السلامة لهذا النظر من الزلل، ولثمرته الاستقامة والبعد عن الخلل، فلابد من التزام منهج الإسلام في التفكير، وما ينتج عن ذلك التفكير من علوم ومعارف.
وبناءً على ذلك فإن الأمن الفكري يجب أن يكون متحققًا في حالتين:
-1 عند التأمل وتردد النظر.
-2 وفي الموضوعات التي أنتجها العقل بناء على ذلك النظر.
وسأتكلم عن ذلك في مطلبين:
المطلب الأول: وجوب تحقق الأمن الفكري عند التأمل وتردد النظر، وفيه فرعان:
الفرع الأول: وجوب صيانة العقل من الانحراف حال نظره وتأمله
الفرع الثاني: فوائد حجز العقل عن الخوض فيما لا يدرك أو ما لا فائدة فيه
الفرع الأول: وجوب صيانة العقل من الانحراف حال نظره وتأمله
إن العقل لا يستطيع أن يخوض في كل مجال، ولا أن يدرك حقائق جميع الأشياء(18). ولذلك جعلت نصوص الوحي حدودًا معينةً للعقل يجب عليه ألا يتعداها؛ لأن في تعديها خطرًا على العقل، أو إشغا له بما لا فائدة فيه.
قال الشاطبي (رحمه الله): «إنَّ اللهَ جعل للعقول في إدراكها حدًا تنتهي إليه لا تتعداه، ولم يجعل لها سبي إلى الإدراك في كل مطلوب، ولو كانت كذلك لاستوت مع الباري تعالى في إدراك جميع ما كان وما يكون وما لا يكون إذ لو كان كيف كان يكون»(19).
وقال ابن العربي: «إن الزعم بأن العقل قادر قدرة مطلقة علي إدراك أو تحصيل جميع المعلومات دعوة حمقاء لا تقوم علي سوق، إذًا إنه ليس لنا أن ندعي أن له مکانًا في الإدراك يتيح له أن يحيط بکل شيء بمفرده واستقلاله، بل إن العقل متواضع ومحدود في مجال إدراکه»(20).
ولذلك يجب صيانة الفكر حال التأمل من:
أولًا: النظر والتأمل فيما لا يدركه العقل
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً{85})(الإسراء)، فقد أبان الله سبحانه في هذه الآية أن الروح مما استأثر الله بعلمه، والاشتغال بما استأثر الله بعلمه ضرب في البيداء؛ ولا قُدرة للعقل في التعرف عليه؛ لأنه فوق مرتبة العقل.
وقد جعل الله النظر في متشابهات القرآن سبيل أهل الزيغ والفساد، فقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ{7})(آل عمران), وذلك؛ لأن بعض المتشابه لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته(21)، و «هو موضع خضوع العقول لباريها استسلامًا واعترافًا بقصورها»(22)، فالاشتغال به يقود إلى الضلال، والخروج عن مقتضى العبودية والاستسلام لله رب العالمين.
ولذلك ضرب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صبيغا لما أكثر السؤال عن المتشابهات؛ فقد أخرج الدارمي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ صَبِيغٌ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الله صَبِيغٌ. فَأَخَذَ عُمَرُ عُرْجُونًا مِنْ تِلْكَ الْعَرَاجِينِ فَضَرَبَهُ، وَقَالَ: أَنَا عَبْدُ الله عُمَرُ. فَجَعَلَ لَهُ ضَرْبًا حَتَّى دَمِي رَأْسُهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ قَدْ ذَهَبَ الَّذِى كُنْتُ أَجِدُ فِى رَأْسِى»(23).
وقد جاء عن النبي -صلَّى الله عليه سلَّم- أحاديث ترسم للعقل حدوده، وتعقله عن الخوض في غير مجاله، فقد روى الطبراني عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «تفكروا في آلاء الله، ولا تتفكروا في الله»(24)، وأخرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بالله»(25)، وروى الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِى الْقَدَرِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ الرُّمَّانُ فَقَالَ: «أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ
إِلَيْكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الأَمْرِ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تَتَنَازَعُوا فِيهِ»(26).
لقد أخبرنا الله عن نفسه، فقال سبحانه: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{11})(الشورى)، فالتفكر في ذاته تعالى إشغال للعقل بما ليس في وسعه أن يدركه، وزجّ به في متاهات لا توصل إلى الحق، بل إلى الريبة والشك والاضطراب، ولذلك جاء النهي صريحًا عن التفكر في ذات الله؛ لأنه لا يصل فكر الإنسان -مهما أعمله- إلى إدراك كنه ذات الله سبحانه وكيفيته؛ «لأن التفكير والتقدير يكون في الأمثال المضروبة والمقاييس وذلك يكون في الأمور المتشابهة وهي المخلوقات. وأما الخالق -جلَّ جلاله سبحانه وتعالى- فليس له شبيه ولا نظير، فالتفكر الذي مبناه على القياس ممتنع في حقه وإنما هو معلوم بالفطرة فيذكره العبد.وبالذكر وبما أخبر به عن نفسه: يحصل للعبد من العلم به أمور عظيمة؛ لا تنال بمجرد التفكير والتقدير»(27).
والكلام في القدر قول بلا علم؛ فإن «القدر سرٌّ من أسرار الله تعالى لم يطلع عليه ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرس ،ًال ولا يجوز الخوض فيه والبحث عنه بطريق العقل»(28)، فالتعمق والنظر فيه ضلالة.
قال ابن بطال: «ولمخالفة هذا ضلَّ أهل البدع حين حكموا عقولهم وَرَدُّوا إليها ما جهلوه من معاني القدر وشبهه. وهذا خطأ منهم؛ لأن عقول العباد لها نهاية، وعلم الله لا نهاية له. قال الله عزّ وجلّ: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ)(البقرة: 255)، فما أخفاه عنهم فهو سِرُّ الله الذي استأثر به، فلا يحل تعاطيه، ولا يُكلَّف طلبه، فإن المصلحة للعباد في إخفائه منهم، والحكمة في طَيَّه عنهم إلى يوم تُبلى السرائر، والله هو الحكيم العليم، قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)(المؤمنون:71)»(29)ا. ه
إن قضايا الغيب «مهامه ومتاهات لا أفسد للعقل من الخوض فيها مجردًا من نور الوحي»(30)، ولذلك فإن «غاية حظ العقل منها –سوى الفهم والتسليم– إثبات إمكانها، ونفي امتناعها»(31).
ثانيًا: النظر والتأمل فيما لا فائدة من النظر فيه ومما يجب أن يُصان عنه العقل النظرُ والتأملُ فيما لا يعود على المكلف بفائدة في دينه ودنياه. قال تعالى:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{189})(البقرة).
ففي هذه الآية أجاب الله السائلين بغير ما يتطلبه سؤالهم، وذلك “لأن الصحابة – رضي الله عنهم – لما تاقت نفوسهم إلى تعلم هيئة القمر منه -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقالوا له: يا نبي الله ما بال الهلال يبدو دقيقًا ثم لم يزل يكبر حتى يستدير بدرًا؟ نزل القرآن بالجواب بما فيه فائدة للبشر وترك ما لا فائدة فيه، وذلك في قوله تعالى:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)(البقرة: 189).
وهذا الباب الذي أرشد القرآن العظيم إلى سده، لما فتحه الكفرة كانت نتيجة فتحه الكفر، والإلحاد، وتكذيب الله ورسوله من غير فائدة دنيوية.الذي أرشد الله إليه في كتابه هو النظر في غرائب صنعه، وعجائبه في السماوات والأرض ليستدل بذلك على كمال قدرته تعالى، واستحقاقه للعبادة وحده. وهذا المقصد الأساسي لم يحصل للناظرين في الهيئة من الكفار»(32)ا.ه.
وأخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىيءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»(33).
إن التعمق في بحث المسائل التي لم تقع، والإكثار من الأسئلة على سبيل التعنت لا فائدة من ورائه، بل هو إشغال للنفس بما قد يؤدي بها إلى التهلكة، والتحلل من تكاليف الدين، والوقوع فيما حرّمه الله ونهى عنه، ولذلك كان من سيرة السلف كراهته والتحذير منه.
قال ابن حجر عند شرح هذا الحديث: «واستدل به على النهي عن كثرة المسائل والتعمق في ذلك، قال البغوي في «شرح السنة » المسائل على وجهين:
أحدهما: ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين فهو جائز بل مأمور به؛ لقوله تعالى:(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ)الآية، وعلى ذلك تتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما.
ثانيهما: ما كان على وجه التعنت والتكلف، وهو المراد في هذا الحديث. والله أعلم.
ويؤيده ورود الزجر في الحديث عن ذلك، وذم السلف؛ فعند أحمد من حديث معاوية «أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نهى عن الأغلوطات» قال الأوزاعي: هي شداد المسائل.
وقال الأوزاعي أيضًا: «إن الله إذا أراد أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط، فلقد رأيتهم أقل الناس علمًا .
وقال ابن وهب سمعت مالكا يقول: «المراء في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل ».
وقال ابن العربي: «كان النهي عن السؤال في العهد النبوي خشية أن ينزل ما يشق عليهم، فأما بعد فقد أمن ذلك لكن أكثر النقل عن السلف بكراهة الكلام في المسائل التي لم تقع » قال: «وإنه لمكروه إن لم يكن حرامًا إلا للعلماء فإنهم فرَّعوا ومهدَّوا فنفع الله من بعدهم بذلك، ولا سيما مع ذهاب العلماء ودروس العلم »(34)ا.ه.
ثالثًا: النظر والتأمل من الجاهل إن فرض الجاهل السؤال عمَّا لا يعلم حتى يكون امتثاله واستسلامه لله على نور وهدى وبصيرة. قال تعالى:(وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي? إِلَيْهِمْ فَ?سْأَلُواْ أَهْلَ ?لذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ)(النحل: 43).
قال القرطبي: «فرض العامي؛ الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى:(فَ?سْأَلُواْ أَهْلَ ?لذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ)(35).
وروى أبو داود عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا فِى سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُ مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَال:َ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىيِ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ».أَوْ «يَعْصِبَ ». شَكَّ مُوسَى «عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ »(36).
قال الإمام الخطابي: «في هذا الحديث من العلم أنه عابهم بالفتوى بغير علم، وألحق بهم الوعيد بأن دعا عليهم، وجعلهم في الإثم قتلة له »(37).
إننا حينما نمعن النظر في تلك الأدلة نجد أنها ترسم للعقل مجالا، وتحد له حدودًا. وذلك «لصيانته وحفظه من التطاول إلى ما لا يبلغه، وما ليس في وسعه إدراكه »(38)، ومنعًا له من الاشتغال بما لا يفيد.
رابعا: النظر في كتب الضلالة، ومصادر الأفكار المنحرفة إن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ العقل، ولا شك في أن مما يجب أن يُصان منه العقل النظرَ والتأملَ في «المصادر أو المناهج التي تُغذي العقل البشري بالأفكار والعقائد الفاسدة. وهي تشمل العقائد والمعلومات والمعارف كلَّها؛ سواء أكانت دينية أم اجتماعية أم سياسية أم عسكرية أم اقتصادية، فإن العقل إذا غُذِّي بعقائد وأفكار ومعلومات فاسدة يسوء تصوره، ويفسد ويضل، ويصبح أخطر من العقل الخالي من المعلومات »(39).
أخرج الدارمي عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- أَتَى رَسُولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بِنُسْخَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله !ّهَذِهِ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ. فَسَكَتَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، أَمَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-؟ فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فَقَالَ: أَعُوذُ بِا مِنْ غَضَبِ وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ، رَضِينَا بِا رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَقَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ بَدَا لَكُمْ مُوسَى فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِى لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا وَأَدْرَكَ نُبُوَّتِي لاَتَّبَعَنِي»(40).
الفرع الثاني: فوائد حجز العقل عن الخوض فيما لا يدرك أو ما لا فائدة فيه:
إن في منع الفكر من الاشتغال بما ليس في وسعه إدراكه، وحفظه من الخوض في غير مجاله، وإبعاده عن الاشتغال بما ليس فيه فائدة، إن في ذلك فوائد جمَّة، وآثارًا حسنةً ترجع على صاحب الفكر والمجتمع الذي يعيش فيه. ومن تلك الفوائد:
أولًا: حماية المكلف من الوقوع في معصية القول على الله بغير علم، ومن قول ما لا يعلم.
قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{33})(الأعراف:33).
لقد حرَّم الله في هذه الآية القول على الله بغير علم، بل جعل ذلك أعظم إثمًا ومعصية من الشرك.
قال ابن القيم –رحمه الله -: «وَقَدْ حَرَّمَ سُبْحَانَهُ الْقَوْلَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ، وَجَعَلَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ، بَلْ جَعَلَهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا مِنْهَا، فَقَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{33}) فرَتَبََّ الْمُحَرَّمَاتِ أَرْبَعَ مَرَاتِبَ، وَبَدَأَ بِأَسْهَلِهَا وَهُوَ الْفَوَاحِشُ، ثُمَّ ثَنَّى بِمَا هُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ وَهُوَ ا ثْإلِْمُ وَالظُّلْمُ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ تَحْرِيمًا مِنْهُمَا وَهُوَ الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ رَبَّعَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ بِ عِلْمٍ، وَهَذَا يَعُمُّ الْقَوْلَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِ عِلْمٍ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَفِي دِينِهِ وَشَرْعِهِ. وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ{116}مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{117}) فَتَقَدَّمَ إلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ بِالْوَعِيدِ عَلَى الْكَذِبِ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِهِ، وَقَوْلِهِمْ لِمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ: هَذَا حَرَامٌ، وَلِمَا لَمْ يَحِلَّهُ: هَذَا حَلَالٌ، وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ إ بِمَا عَلِمَ أَنَّ سُبْحَانَهُ أَحَلَّهُ وَحَرَّمَهُ »(41).
وقال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا{36})(الإسراء).
قال الشنقيطي – رحمه الله -: «نهى جلّ وعلا في هذه الآية الكريمة عن اتباع الإنسان ما ليس له به علم. ويشمل ذلك قوله: رأيت ولم ير، وسمعت ولم يسمع، وعلمت ولم يعلم. ويدخل فيه كل قول بلا علم، وأن يعمل الإنسان بما لا يعلم »(42).
ثانياَ: حماية المكلف من الحيرة والشك والاضطراب إن إطلاق سراح العقل ليخوض في كل شيء قد يُفضي به إلى الشك والحيرة والاضطراب! وعند ذلك فلا يستغرب أن يُنْتِج لنا فكرًا مضطربًا ومشوشًا فيَضِل به، ويُضل.
إن «الشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول»(43)، ولذلك فإن الخوض فيما تحار فيه العقول قد يُفضي بالإنسان إلى الشك فيما يجب أن يجزم فيه بالاعتقاد.
ومن ذلك «البحث عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها؛ ومنها ما لا يكون له شاهد في عالم الحس؛ كالسؤال عن وقت الساعة، وعن الروح، وعن مدة هذه الأمة، إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف. والكثير منه لم يثبت فيه شيء فيجب الإيمان به من غير بحث، و… ما يوقع كثرة البحث عنه في الشك والحيرة» (44).
ثالثًا: حماية المكلف من اعتناق المذاهب المنحرفة والأفكار المضلة لقد كانت نتيجة إدخال العقل في مجال غير مجاله، والنظر في مصادر معرفية لا تستند إلى المرجعية الإسلامية، كانت نتيجة ذلك اعتناق مذاهب وأفكار منحرفة بعيدة عن هدي الوحي، ووسطية الإسلام.
فالتكفير والإرجاء، والتشيّع، والاعتزال، والتأويل، والإعراض عن الشرع، والعقلانية، والديمقراطية، والعلمانية، والليبرالية، كل ذلك إنما كان عندما استقى الفكرُ معارفه من مصادر غير مأمونة، وحينما لم يُلتزم بالحدود الشرعية للعقل، وجُعل مصدرًا تتلقى منه العقائد وعلم الغيب، وحكمًا على شرع الله(45).
رابعًا: حماية المجتمع من الأفكار المضلَّة، وثمرات الفكر المنحرف لكي يكون الفكر مستقيمًا، فلابد من أن يلتزم المُنْتِج لذلك الفكر بمنهج الإسلام وحدوده(46) حينما يتأمل وينظر في المحسوسات والمعقولات، وحينما يستخرج من ذلك النظر العلوم والمعارف.
فإذا لم يلتزم المفكر بذلك، فلعلَّه ينتج فكرًا منحرفًا، يوقع الشك والريبة في قلوب الناس، ويحملهم على البعد عن الصراط المستقيم، والمنهج الحق، والخلق القويم.
خامسًا: العمل على استنباط مناهج التفكير المستقيم إن الإيمان بوجوب صيانة العقل حال نظره وتأمله تبعث في نفوس أهل العلم والاستنباط الهمَّة لوضع القواعد السليمة، والمناهج المستقيمة للتفكير، مستقاة من الكتاب والسنَّة ومصادر الشريعة الإسلامية الأخرى، ونشر تلك القواعد وتضمينها في مناهج التربية التعليم في بلاد المسلمين.
إن تلك القواعد الشرعية تساعد -بإذن الله- في حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري، إذ على ضوئها نضمن أن يكون فعل النفس الإنسانية وحركتها حين تأملها ونظرها، ومنتجات الفكر البشري وموضوعاته، منضبطة بالضوابط الشرعية، ملتزمًا بالحدود الآمنة للفكر.
وعلى ضوئها أيضًا نستطيع أن نحكم على استقامة الأفكار وانحرافها، ونعرف مدى فائدة تلك الأفكار وضررها.
المطلب الثاني: حماية منتجات العقل ومبدَعاته من الانحراف ذكرت آنفًا أن من فوائد التزام الإنسان بالحدود التي رسمها الشرع لحركة العقل ونظره وتأمله، سلامة مبدَعات العقل الإنساني ومنتجاته من الانحراف.
وذكرت أيضًا أنه بإمكاننا على ضوء الضوابط الشرعية للتفكير نستطيع أن نحاكم منتوجات العقل البشري وموضوعاته، ونحكم عليها بالسلامة أو الانحراف.
ولا شك في أن هناك أمورًا عديدة يجب أن يخلو منها ما ينتجه العقل الإنساني من علوم ومعارف، ليكون فكرًا آمنًا سالمًا من الانحراف، ولكني سأقتصر على التنبيه على ثلاثة أمور منها في فروع ثلاثة، وذلك على النحو التالي:
الفرع الأول: حماية الفكر من الغلو، وفيه خمس مسائل:
الغلو تعدٍ لحدود الشرع، وخروج عن مقتضيات الفطرة السليمة والعقل، واتباع لنزغ الشيطان(47) وخطواته، وما كان كذلك فلا بد أن تكون ثماره مرة، وعاقبته وخيمة، ونتيجته سيئة.
ولذلك جاءت نصوص الوحي من الكتاب وصحيح السنَّة، وانعقد إجماع أهل العلم والقدوة في الأمة من السلف الصالح والخلف المتبع لنهج من سلف، جاءت تلك النصوص والإجماع بتحريم الغلو والتحذير منه، والتنبيه إلى عواقبه ليكون الناس على بيَّنة منه فيجتنبوه.
والبحث فيه يطول من حيث استقصاء أسبابه، والإتيان على نشأته ومسيرته، وذكر ثمراته ونتائجه، ولكن حسبي من ذلك أن أختصر الكلام وأعتصره في النقاط التالية حتى أسلِّط بعض الضوء على هذا الفكر الخبيث، والداء الوبيل، والشر المستطير. وذلك على النحو التالي:
المسألة الأولى: مفهوم الغلو في اللغة والاصطلاح.
المسألة الثانية: حكم الغلو في الدين.
المسألة الثالثة: ما يقع فيه الغلو.
المسألة الرابعة: أسباب الغلو.
المسألة الخامسة: الآثار السيئة للغلو.
المسألة الأولى: مفهوم الغلو في اللغة والاصطلاح
الغلو في اللغة:
الغلو في لسان العرب: مجاوزة الحد.
قال ابن فارس: «الغين، واللام، والحرف المعتل أصل صحيح في الأمر يدل على ارتفاع ومجاوزة قدرٍ.
يقال: غَلاَ السِّعر يغلو غَلاءً، وزاد ارتفاعُه. وغَلاَ الرَّجل في الأمر غُلُوَّا؛ إذا جاوز حدَّه. وغَلاَ بسَهْمِه غلْوًا، إذا رمى به أقصى غايته »(48).
الغلو شرعًا هو: الإفراط ومجاوزة الحد الشرعي في أمر من أمور الدين(49).
المسألة الثانية: حكم الغلو في الدين:
لقد نهى الله سبحانه وتعالى في آيات متعددة عن الغلو، فقال تعالى:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا{171})(النساء) وقال: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ{77})(المائدة).
كما حذَّر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الغلو في أحاديث كثيرة؛ منها ما رواه النسائي عن أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لي رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: هَاتِ الْقُطْ لي. فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ؛ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِى يَدِهِ قَالَ بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ.
وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِى الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِى الدِّينِ »(50)، وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لاَ تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ الله عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِى الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ (رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)»(51). وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-:«هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ». قَالَهَا ثَلاَثًا(52).
المسألة الثالثة: ما يقع فيه الغلو(53)
يقع الغلو في:
-1 الاعتقاد.
-2 الأعمال.
-3 الأشخاص.
المسألة الرابعة: أسباب الغلو:(54)
أسباب الغلو متعددة الأنواع والمتعلقات، ولكني سأقتصر على ذكر بعض تلك الأسباب على سبيل الاختصار؛ إذ لا تسمح طبيعة البحث بالتوسع والاستقصاء.
فمن أسباب الغلو:
أولًا: الجهل
الجهل هو «اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه»(55)، وقد يكون بسيطًا؛ «وهو عدم العلم عمَّا من شأنه أن يكون عالمًا»(56). وقد يكون مركبًا؛ «وهو عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع»(57).
وأيًا كان نوع الجهل فهو شر وبلية؛ لأنه يحول بين المرء وبين الاستسلام لله والانقياد له وإقامة دينه على الوجه الذي أراده سبحانه وتعالى.
فالإنسان الجاهل قد يترك ما أوجبه الله، أو يأتي ما حرَّم الله، أو يفعل المشروع، أو يترك المنهي عنه على غير الوجه الشرعي. ولذلك كان الجهل أصل الشر كلَّه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والجهل والظلم: هما أصل كل شر، كما قال سبحانه: (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً{72})»(58).
ولا يدفع غائلة الجهل وشروره إلا العلم بكتاب الله وسنَّة رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولذلك قال أهل العلم بوجوب تعلم ما يتوقف عليه دين الإنسان(59)؛ استدلا بقوله سبحانه وتعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ{19})(محمد)، فأمر الله بالعلم قبل العمل(60)، وبما رواه أبو يعلى الموصلي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-:«طلب العلم فريضة على كل مسلم »(61)، فيجب على الإنسان أن يتعلم قبل أن يعمل حتى يكون عام على بصيرة.
قال مالك بن أنس -رحمه الله-: «إن أقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم، فخرجوا على أمة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك»(62).
ونتيجة لجهل الغلاة بدين الله عزّ وجلّ، ومقاصد شريعته اتبعوا المتشابه من نصوص الكتاب والسنَّة وتركوا المحكم منها، وأخذوا ببعض الأدلة وتركوا ما سواها، ولم ينظروا إلى مآلات أفعالهم كما هو مقتضى الأدلة الشرعية، وأعظم من ذلك أن أصبح بعض هؤلاء الجهال رؤساء يقولون في دين الله بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا، وصدق فيهم قول الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما أخرج البخاري عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بن العاص قال: سَمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: «إنَّ اللهَ لا يَقبِضُ العِلمَ انتزِاعًا يَنتزِعُهُ من العِبادِ، ولكنْ يَقبِضُ العِلمَ بقَبض العُلماءِ، حتى إِذا لم يُبقِ عالمًا اتخذَ الناسُ رُؤُوسًا جُهَّا فسُئلوا فأفْتَوا بغير علمِ فضلُّوا وأضَلُّوا»(63).
ثانيًا: اتباع الهوى الهوى: «هو ميل النفس وانحرافها نحو المذموم شرعا»(64).
واتباع الهوى لا يأتي بخير، لأنه يصد عن الحق (65)، و «إن الذي يسترسل في اتباع هواه لا يبصر قبح ما يفعله، ولا يسمع نهي من ينصحه، وإنما يقع ذلك لمن يحب أحوال نفسه، ولم يتفقد عليها»(66).
ولذلك كان اتباع الهوى أصل كل بلاء، وبه فسد الدين؛ لأن فساد الدين يقع بالاعتقاد بالباطل، أو العمل بخلاف الحق «فالأول البدع، والثاني اتباع الهوى، وهذان هما أصل كل شر وفتنة وبلاء، وبهما كذبت الرسل،وعصى الرب، ودخلت النار، وحلت العقوبات»(67).
إن من آفات الهوى أنه يجعل الإنسان تبعا لهواه؛ فآراؤه العلمية، وفتاواه الفقهية،ومواقفه العملية،تبع لهواه، فدخل تحت قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{23})(الجاثية).
قال عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام: «ما ابتدع رجل بدعة إلا أتى غدا بما ينكره اليوم»(68)، وقال عبد الله بن عون البصري: «إذا غلب الهوى على القلب، استحسن الرجل ما كان يستقبحه»(69).
ولأن أصحاب الأهواء يتبعون داعية الهوى، فإن «المفترقة من أهل الضلال تجعل لها دينًا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم، ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادًا لا اعتمادًا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم، وتارة يعرضون عنه، ويقولون : نفوّض معناه إلى ،ّهالل وهذا فعل عامتهم»(71).
وأصحاب الأهواء يتخذون أهل الحق أعداء لهم، ولذلك فإن من عادتهم مفارقة جماعة المسلمين، واعتزال مجالسهم.
قال سعيد بن عنبسة: «ما ابتدع رجل بدعة إلا غلّ صدره على المسلمين، واختلجت منه الأمانة»(71)، وذلك لأن «جميع المعاصي يجتمع فيها هذان الوصفان؛ وهما العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ فإن التحابّ والتآلف إنما هو بالإيمان، والعمل الصالح كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا{96})(مريم) أي: يلقي بينهم المحبة، فيحب بعضهم بعضًا؛ فيتراحمون، ويتعاطفون، بما جعل الله لبعضهم في قلوب بعض من المحبة»(72).
ثالثًا: تحسين الظن بالعقل وتقديمه على الشرع العقل قاصر الإدراك في علمه، ولذلك أنزل الله الكتب، وبعث الرسل(73): (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا{165})(النساء)، فمن استغنى بعقله واستند عليه مبتوتًا عن نور الوحي، فقد ضل سبيلا(74).
وقد جعل الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذين يقدمون الرأي على الشرع أشد ضررًا على الدين من غيرهم، روى الحاكم عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال ويحللون الحرام» وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه»(75).
وقد أدرك عبقري الأمة وخليفتها الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطر المعارضين لشرع الله بآرائهم، المقدمين عليه أهواءهم، فقال: «إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلُّوا وأضلُّوا»(76).
فكل من قدم رأيه على النص، أو قال في دين الله تخرصًا فقد حسن الظن بعقله، وقال به في دين الله بغير علم(77)، قال ابن القيم: «فالرأي الباطل أنواع:
أحدها: الرأي المخالف للنص، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فساده وبطلانه، ولا تحل الفتيا به ولا القضاء، وإن وقع فيه من وقع بنوع تأويل وتقليد.
النوع الثاني: هو الكلام في الدين بالخرص والظن، مع التفريط والتقصير في معرفة النصوص وفهمها واستنباط الأحكام منها، فإن من جهلها وقاس برأيه فيما سُئل عنه بغير علم، بل لمجرد قدر جامع بين الشيئين ألحق أحدهما بالآخر، أو لمجرد قدر فارق يراه بينهما يفرِّق بينهما في الحكم، من غير نظر إلى النصوص والآثار؛ فقد وقع في الرأي المذموم الباطل»(78).
وأصحاب الغلو قائلون في دين الله بالخرص، وآراؤهم مخالفة للنص، فلا غرو إذًا أن نراهم وهم يكفرون المسلمين ويخرجونهم من الملة بغير دليل، ويجعلون ديار الإسلام بلاد كفر، ويستبيحون الدماء المعصومة، ويهتكون الأعراض المصونة، ويهلكون الأموال المحترمة؛ لأنهم استغنوا بعقولهم عن نور الوحي وقدموها عليه، واستأنسوا بقدرتهم من دون حبل من الله يعتمدون عليه.
رابعًا: التقليد والتعصب
التقليد هو: «قبول القول من غير دليل»(79).
أما التعصب، فهو: تقديم ذلك القول على غيره من الأقوال، واتخاذه حجة ملزمة لا تجوز مخالفتها(80).
والتقليد جائز للعامي الذي لا يعرف طرق الأحكام الشرعية فيما لا يعلم إلا بالنظر والاستدلال من تلك الأحكام(81).
وأما التقليد المحرّم، فثلاثة أنواع:
أحدها: الإعراض عمَّا أنزل الله، وعدم الالتفات إليه؛ اكتفاء بتقليد الآباء.
الثاني: تقليد من لا يعلم المقلد أنه أهل لأن يؤخذ بقوله.
الثالث: التقليد بعد قيام الحجة، وظهور الدليل على خلاف قول المقلَّد»(82).
ولا ريب في أن التعصب لأقوال الرجال وأخذها مأخذ التسليم؛ دون نظر إلى الدليل الذي بنيت عليه، خلاف مقصود الشرع(83)، فإن الله سبحانه قال: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{32})(آل عمران)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{59})(النساء)، وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما أخرجه أبو داود عن العرباض بن سارية رضي الله عنه: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله،َّ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»(84).
ولقد عاب الله على أهل الكتاب أنهم: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{31})(التوبة).
روى الترمذي عن عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ.فَقَالَ: «يَاعَدِىُّ! اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ. وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ{31})قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَاحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ»(85)، والمقلِّد يتبع من يقلّده في التحليل، والتحريم (86).
ولم يكن أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم- يلتزم تقليد شخص واحد لا يخرج عن أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة. قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: «لا يقلّدن رجل دينه رجلاً إن آمن آمن، وإن كفر، كفر»(87).
لقد جر التعصب في التقليد على الأمة الإسلامية بلاءً عظيمًا، وجعلها شيعًا وأحزابًا، كل حزب بما لديهم فرحون، وبإمامهم مغتبطون(88)؛ فافترقت الكلمة، وتشتت الصف، وذهبت القوة، وطمع الأعداء، وأصبح المحققون من العلماء، الحاملون لراية السنَّة، المتبعون للدليل محل سخرية واستهزاء المقلدين، وغرضًا لهم.
لقد تفرَّق المسلمون، وغدوا شيعًا وأحزابًا؛ بسبب التعصب المقيت؛ ففي القديم ظهر الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والشيعة، وبعض تلك الفرق ما زال إلى الآن، يتقربون إلى الله بلعن الصحابة -رضوان الله عليهم- وتكفير المسلمين، واستحلال دمائهم.
وفي عصرنا الحاضر عُرف الناس بما ينتسبون إليه من أحزاب وجماعات، وغدت كل جماعة تلعن أختها، وكل حزب يتبرأ من الآخر، بل غدت بعض الأحزاب والجماعات عونًا لأعداء الإسلام، وبوقًا لهم في ديار المسلمين، ووسيلة لنفاذ العدو إلى أرضهم.
خامسًا: مجالسة أهل الغلو وقراءة كتبهم
للجليس أثرٌ على جليسه؛ قال -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما رواه أَبو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ » رواه أبو داود،(89) وقال النووي: «إسناده صحيح»(90).
ولذلك جاء الإسلام مرغبًا في مصاحبة الأخيار،ومحذرًا من مصاحبة الأشرار. قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً{28})(الكهف)، وقال تعالى: (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا{29})(النجم)، وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{68})(الأنعام)، وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ. وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ. فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ الله مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ لِمَنْ جَعَلَ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ»(91). وقَالَ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لاَ تُصَاحِب إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ»(92).
إن أهل الغلو يدّعون الفهم الصحيح للدين، وأنهم يتمثلونه في واقعهم كما أمر الله، ويستدلون على ذلك بالأدلة من الكتاب والسنَّة، بل وإجماع الأمة، وقد يُفتَن المجالسُ لهم بما يقولون؛ فيعتقد صحة منهجهم، ويسلك مسلكهم، ويتبع طريقتهم(93). قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً{27}يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً{28}لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً{29})(الفرقان)، فبيّن تعالى أن الصاحب قد يضلُّ صاحبه عن الدين، ويفتنه عن الهدى، ويصده عن سلوك طريق الحق.
وقد أبان -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن أن الإنسان يتأثر بمجالسه ولا بد، وأن الإنسان المستقيم على الهدى قد ينقلب على عقبه إذا صاحب من ليس كذلك(94)؛ فقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»(95).
إن بعض أهل الغلو وخصوصا أصحاب الغلو الاعتقادي يعتقدون كفر من لم يرَ رأيهم؛ وبالتالي إباحة دمه، وزوال العصمة عن ماله وحرمه، فإذا جالسهم الإنسان ربما أوقعوه في مثل هذا المعتقد الفاسد، وأصبح سيفًا مصلتًا على رقاب الموحدين، وداعية بدعة في ديار المسلمين، ومفرقًا لجماعتهم.
قال أبو قلابة الجرميّ التابعي: «لا تجالسوا أصحاب الأهواء، أو قال:أصحاب الخصومات؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون»(96).
ومما يدل على خطورة مجالسة أهل الغلو، قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-:«مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهْوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ أَوْ لِمَا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ»(97).
والكتب مستودع الأفكار والمذاهب، وما فيها من حق أو باطل تعبيرٌ عمَّا يعتقده مؤلفوها، ويذهبون إليه في مسائل العلم، وأفكار أهل الغلو وشبههم، ومذاهبهم، ومقولاتهم مسطورة فيما يكتبون، مبثوثة فيما يؤلفون، فإذا قرأها من لا بصر له بمقولاتهم، يُخشى عليه أن يقع في قلبه منها، وتؤثر في فهمه.
وقد حذَّر السلف من قراءة كتب أهل الأهواء(98)، وحرَّموا النظر فيما يخشى أن يقع به الإنسان في الضلال، والشك، والشبهة(99).
قال ابن القيّم: «وقد أمر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من كتب عنه شيئًا غير القرآن أن يمحوه، ثم أذن في كتابة سنّته، ولم يأذن في غير ذلك.
وكلّ الكتب المتضمنة لمخالفة السنّة غير مأذون فيها، بل مأذون في محقها وإتلافها، وما على الأمّة أضرّ منها. وقد حرّق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لِما خافوا على الأمّة من الاختلاف، فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف و التفرّق بين الأمّة ؟!»(100).
المسألة الخامسة: الآثار السيئة للغلو
لقد ترتب على الغلو في وقتنا الحاضر مفاسد عظيمة تنبئ بسوء عاقبة الغلو؛ ومن تلك المفاسد(101):
أولًا: الغلو في التكفير، ويظهر ذلك في:
-1 تكفير المجتمعات الإسلامية.
-2 التكفير بالمعصية.
-3 تكفير المعين.
-4 تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق.
5 الحكم على ديار المسلمين بأنها ديار كفر.
-6 التكفير بالموالاة.
وكل هذه المسائل خالف فيها أهل الغلو الدليل من الكتاب والسنَّة، ومنهج أهل السنَّة والجماعة وطريقتهم.
ثانيًا: القتل والتفجير، مما ترتب عليه:
-1 اتخاذ بلاد المسلمين مسرحًا لقتل المسلمين والمعاهدين باسم الجهاد.
-2 استباحة دماء رجال الأمن واتخاذهم غرضًا ظلمًا وعدوانًا.
-3 قتل الأبرياء من المواطنين والمقيمين.
-4 إخفار ذمة المسلمين، ونقض عهودهم.
-5 الإخلال بأمن البلاد والعباد، وإثارة الرعب في قلوب الناس.
-6 تشويه صورة الإسلام وسماحته، والصد عن دين الله.
-7 نشر الكراهية بين غير المسلمين للإسلام وأهله.
-8 الإضرار بالأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية.
-9 إيقاف الأعمال الدعوية والإغاثية التي كان يقوم به الدعاة والمصلحون في كثير من بلاد المسلمين، بل وغير المسلمين.
-10 الخروج على ولاة الأمر.
-11 إثارة الكافرين ضد المسلمين، وجر المعركة معهم إلى بلاد الإسلام.
-12 تدمير المنشآت العامة، وإتلاف أموال المسلمين.
-13 ظهور الرويبضات، وأصحاب الشهوات والشُّبهات، وطعنهم في دين الله، وعلماء الإسلام.
الفرع الثاني: حماية الفكر من الإرجاء، وفيه مسألتان
المسألة الأولى: تعريف الإرجاء لغةً، واصطلاحًا.
المسألة الثانية: الآثار السيئة لفكر الإرجاء.
المسألة الثالثة: الآثار المترتبة على الأخذ بالرخص.
المسألة الأولى: تعريف الإرجاء لغةً، واصطلاحًا
الإرجاء في اللغة: التأخير.
قال في الصحاح: «أرجأت الأمر: أخّرته، وقرئ (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ)(التوبة)، أي: مُؤَخَّرونَ حتى يُنْزِلَ الله فيهم ما يريد.ومنه سُمِّيَتْ المُرْجِئَةُ مثال: المُرْجِعَةِ. يقال: رجلٌ مُرْجئٌ، مثال: مُرْجِعٍ، والنسبة إليه مُرْجِئِيٌّ، مثال: مُرْجِعِيٍّ»(102).
وفي الاصطلاح: يطلق «الإرجاء على معنيين:
أحدهما بمعنى: التأخير؛(قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَارسِل فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ)(لأعراف)؛ أي: أمهله وأخرهُ.
والثاني: إعطاءُ الرجاء.
أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول صحيح؛ لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد.
وأما بالمعنى الثاني فظاهر، فإنهم كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة.
وقيل : الإرجاء : تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النا ر؛ فعلى هذا المرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان .
وقيل : الإرجا ء تأخير علي -رضي الله عنه- عن الدرجة الأولى إلى الرابعة؛ فعلى هذ ا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان»(103).
وقد رجح الإمام ابن جرير الطبري أن الإرجاء في عرف أهل المعرفة بمذاهب المختلفين في الديانات، وهو مذهب القائلين بأن الأعمال ليست من الإيمان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «المرجئة والجهمية ومن اتبعهم من الأشعرية والكرامية قالوا: ليس من الإيمان فعل الأعمال الواجبة، ولا ترك المحظورات البدنية فإن الإيمان لا يقبل الزيادة ولا النقصان، بل هو شيء واحد يستوي فيه جميع المؤمنين من الملائكة والمقتصدين والمقربين والظالمين»(104).
المسألة الثانية: الآثار السيئة لفكر الإرجاء:
لم يكن فكر الإرجاء مجرد أفكار تجريدية لا تتصل بالواقع، بل كان ظاهرة لها آثار خطيرة في واقع المسلمين؛ ومن تلك الآثار:
1- أن فكر الإرجاء بدعة في الدين، وخروج عن إجماع أئمة المسلمين(105)، ولذلك حذَّر منه أئمة الإسلام أشد التحذير.
قال شيخ الإسلام: «فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم -يعني المرجئة – أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة.
وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء.
وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء. وقال شريك القاضي وذكر المرجئة فقال: هم أخبث قوم حسبك بالرافضة خبثًا، ولكن المرجئة يكذبون على الله. وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري(106)»(107).
2- ضياع معالم الدين الحق، والاستهانة بارتكاب المعاصي مع اعتقاد كمال الإيمان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن هنا يظهر خطأ قول جهم بن صفوان» «من اتبعه، حيث ظنوا أن الإيمان مجرد تصديق القلب وعلمه، لم يجعلوا أعمال القلب من الإيمان، وظنوا أنه قد يكون الإنسان مؤمنًا كامل الإيمان بقلبه، وهو مع هذا يسب الله ورسوله، ويعادي الله ورسوله، ويعادي أولياء الله، ويوالي أعداء الله، ويقتل الأنبياء، ويهدم المساجد، ويهين المصاحف، ويكرِّم الكفار غاية الكرامة، ويهين المؤمنين غاية الإهانة. قالوا: وهذه كلّها معاصٍ لا تنافي الإيمان الذي في قلبه، بل يفعل هذا، وهو في الباطن عند الله مؤمن. قالوا: وإنما ثبت له في الدنيا أحكام الكفار؛ لأن هذه الأقوال أمارة على الكفر ليحكم بالظاهر، كما يحكم بالإقرار والشهود، وإن كان الباطن قد يكون بخلاف ما أقرّ به وبخلاف ما شهد به الشهود»(108).
3- الوقوف في وجه كل دعوة إصلاحية تهدف إلى تبصير المسلمين بمعالم الهدى، وسلوك الصراط المستقيم «فقد اصطدمت هذه الفكرة –فكرة الإرجاء – بالعقيدة السلفية بطبيعة الحال، وجرى بين المنهجين جولات ومعارك، أبرزها المعركة التي دارت أيام شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية، ثم الجولة التي دارت بظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما تزال المعركة قائمة على أشدها، وما يزال مذهب المرجئة هو الطاغي على أكثر بقاع العالم الإسلامي.
وهكذا ظلت هذه القضية هي جوهر كل الدعاوى التي أشهرها المؤلفون الإرجائيون على عقيدة أهل السنَّة والجماعة باسم الرد على ما أسموه الوهابية، كما أنها ظلت كذلك بعد استفحال شرك التشريع، وظهور الدعاة الذين أعلنوا أن تحكيم غير شرع الله كفر أكبر ينافي شهادة أن لا إله إلا الله».
4- الجرأة على دين الله سبحانه وتعالى «سخرية واستهزاء، وأصبح هذا ميدانًا للزعماء والمفكرين، وملهاةً للشعراء والصحفيين، وجرت ألفاظ الاستهزاء على ألسنة العوام، فأصبحت في بعض الأحيان والبلدان كالسلام!!»(109).
5- التهيئة لنفاذ الغزو الفكري والعسكري الأجنبي إلى بلاد المسلمين، ونجاحه في تشويه الإسلام؛ عقيدةً وشريعةً، وإبعاده عن واقع الحياة، وإثارة الشُّبهات والشهوات، وإشغال الأمة بها، وتدمير مرتكزات الأمة الأخلاقية والاقتصادية والعلمية، وإضعاف روح الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين(110).
الفرع الثالث: حماية الفكر من تتبع الرخص الفقهية بالتشهي، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: المراد بتتبع الرخص الفقهية.
المسألة الثانية: حكم تتبع الرخص.
المسألة الثالثة: الآثار المترتبة على الأخذ بالرخص.
المسألة الأولى: المراد بتتبع الرخص الفقهية:
تتبع الرخص: «أن يأخذ من كل مذهب ما هو الأهون فيما يقع من المسائل»(111).
وصورة المسألة هي: «من التزم مذهبًا معينًا ثم فعل خلافه من غير تقليد لعالم آخر أفتاه؛ ولا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك، ومن غير عذر شرعي يبيح له ما فعله، هل يجوز فعله ذلك أم لا؟
المسألة الثانية: حكم تتبع الرخص:
نصّ أهل العلم على تحريم تتبع الرخص بالتشهي(112)؛ جاء في «تيسير التحرير » قال الإمام صلاح الدين العلائي: «والذي صرح به الفقهاء في مشهور كتبهم جواز الانتقال في آحاد المسائل، والعمل فيها بخلاف مذهبه، إذا لم يكن على وجه التتَّبع للرخص»(113).
بل قد نُقل الإجماع في ذلك(114)؛ لأن تتبع الرخص «مؤدٍّ إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها؛ لأن حاصل الأمر مع القول بالتخيير أن للمكلف أن يفعل إن شاء، ويترك إن شاء، وهو عين إسقاط التكليف»(115).
ولذلك حذَّر العلماء من الأخذ بنوادر العلماء ورخصهم؛ قال الأوزاعي: «من أخذ بنوادر العلماء، خرج من الإسلام»(116)، وقال سليمان التيمي: «لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كلَّه»(117).
المسألة الثالثة: الآثار االمترتبة على الأخذ بالرخص(118): إن الأخذ بمبدأ تتبع رخص الفقهاء يترتب عليه مفاسد كثيرة؛ منها:
1- أنه مفضٍ إلى التحلل من ربقة التكليف.
2- مخالفة أصول الشريعة ومقاصدها؛ لأن الشريعة إنما جاءت لتخرج الإنسان من داعية هواه، وتتبُّع الرُّخص ردُّ إلى أهواء النفوس.
3- الاستهانة بالدين وشرائعه؛ إذ يصير بذلك سيَّا لا ينضبط.
4- أنه قد يفضي إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماع العلماء.
5- أن بعض العلماء عدَّ من يتتبع رخص المذاهب فاسقًا(119). قال الإمام أحمد: «لو أن رج عمل بكل رخصة: بقول أهل المدينة في السماع؛ يعني الغناء، وبقول أهل الكوفة في النبيذ، وبقول أهل مكة في المتعة، لكان فاسقًا»(120).
-1 يؤدي إلى انخرام قانون السياسة، وشيوع المظالم(121).
-2 يكون سببًا لإثارة الغلاة بحجة القيام بتغيير المنكر؛ فإن «شيوع المنكرات والفساد والظلم في المجتمع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو التقصير فيه»(122) من أسباب ظهور الغلاة في كل زمان.
النتائج والتوصيات
أولًا: النتائج:
لقد تبيّن لي من خلال البحث في موضوع «الأمن الفكري: مفهومه، وضرورته، ومجالاته » النتائج التالية:
1- أن الأمن بالنظر إلى مقاصد الشرع هو: الحال التي يكون فيها الإنسان مطمئنًا في نفسه، مستقرًا في وطنه، سالمًا من كل ما ينتقص دينه، أو عقله، أو عرضه، أو ماله.
2- وأن الأمن لا يتحقق ما لم يكن هناك حفظ للضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها.
3- أن الفكر يشمل النظر العقلي، وما ينتج عن ذلك النظر والتأمل من علوم معارف.
4- أن الأمن الفكري هو: الحال التي يكون فيها العقل سالمًا من الميل عن الاستقامة عند تأمله، وأن تكون ثمرة ذلك التأمل متفقةً مع منهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح، وأن يكون المجتمع المسلم آمنًا على مكونات أصالته، وثقافته المنبثقة من الكتاب والسنَّة.
5- أن الأمن الفكري شاملٌ للفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، والموضوعات التي أنتجها العقل البشري، وكذلك شامل لفكر الفرد ومكونات فكر المجتمع، وأن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بالالتزام بمنهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح.
6- أن الأمن الفكري حاجة ضرورية لا تستقيم الحياة بدون توفره؛ لأنه أحد مكونات الأمن بصفة عامة، بل هو أهمها وأسماها وأساس وجودها واستمرارها.
7- أن الإخلال بالأمن الفكري يؤدي إلى تفرق الأمة وتشرذمها شيعًا وأحزابًا، وتتنافر قلوب أبنائها، ويجعل بأسهم بينهم، فتذهب ريح الأمة، ويتشتت شملها، وتختلف كلمتها.
8- وجوب توجيه الأنظار إلى العناية بالفكر بتوفير كل أسباب حمايته واستقامته والمحافظة عليه. وكذلك العمل على رصد ودراسة كل ما من شأنه التأثير على سلامة الفكر واستقامته.
9- وجوب العمل على معالجة أسباب اختلال الأمن في المجتمع بشكل متكامل ومترابط من غير فصل بين أنواع الأمن، ولا تفريق بين تلك الأسباب.
10- أن النظرة الشاملة لأسباب اختلال الأمن بجميع أنواعه تجعل المعالجة شاملة ومتكاملة، وهو ما يوفر على الجهات المختصة بأمن المجتمع الجهود، ويحمي الأمة من تبعات الفصل في المعالجة بين أسباب اختلال الأمن، ويوصل إلى النتائج المثمرة، والغايات المحمودة في أسرع وقت.
11- وجوب أن تكون المعالجات الأمنية من واقع الأمة، مستقاةً من مصادر فكرها وعقيدتها، وبناءً على مقتضيات حاجتها بعيدًا عن التقصير والشطط.
12- أن ما تعيشه الأمة الإسلامية اليوم من أحداث التكفير والتفجير وشدة اختلاف مرده إلى انحراف فكر بعض أبنائها، وهو ما ينبئ بخطورة الاختلاف بدافع عقدي.
13- أن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بالتزام منهج الإسلام في التفكير، وما ينتج عن ذلك التفكير من علوم ومعارف.
14- أنه يجب صيانة الفكر حال التأمل من:
* النظر والتأمل فيما لا يدركه العقل.
* فيما لا فائدة من النظر فيه.
* النظر والتأمل من الجاهل.
* النظر في كتب الضلالة، ومصادر الأفكار المنحرفة.
15- أن صيانة الفكر حال التأمل يؤدي إلى: حماية المكلف من:
* الوقوع في معصية القول على الله بغير علم، ومن قفو ما لا يعلم.
* والحيرة والشك والاضطراب.
* واعتناق المذاهب المنحرفة والأفكار المضلة.
* المجتمع من الأفكار المضلَّة، وثمرات الفكر المنحرف.
* ويحفز على العمل على استنباط مناهج التفكير المستقيم.
16- أن هناك أمورًا عديدةً يجب أن يخلو منها ما ينتجه العقل الإنساني من علوم ومعارف، ليكون فكرًا آمنًا سالمًا من الانحراف، سواء أكان ذلك في جانب الإفراط أو في جانب التفريط: ومن تلك الأمور: الغلو، الإرجاء، وتتبع الرخص الفقهية بالتشهي.
17- أن شيوع المنكرات والفساد والظلم في المجتمع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو التقصير فيه، من أسباب ظهور الغلاة في كل زمان.
ثانيًا: التوصيات
1- تضمين مناهج التربية والتعليم المنهج الإسلامي في التفكير والاستنباط.
2- العناية بتدريس العقيدة الإسلامية وفق منهج السلف الصالح.
3- نشر العلم الشرعي المستقى من الكتاب والسنَّة بفهم السلف الصالح في المجتمع، مع البعد عن كثرة الاختلاف وأسبابه.
4- تشجيع أهل العلم الشرعي الصحيح، والمنهج الحق على القيام بالدور المنشود منهم.
5- حماية المجتمع من مصادر الفكر المنحرف، سواء أكان ذلك في جانب الإفراط أو التفريط.
6- تنمية جانب الاحتساب في أفراد المجتمع، ودعم التوجهات الخيرية فيه.
7- منع مظاهر الفساد، ومحاربة مصادره في المجتمع.
قائمة المراجع
1- الإحكام في أصول الأحكام. محمد علي بن حزم، تحقيق: أحمد شاكر. بدون طبعة. بيروت: دار الآفاق الجديدة.
2- أدب الطلب ومنتهى الأرب. محمد بن علي الشوكاني. تحقيق: محمد صبحي حلاق. الطبعة الأولى. القاهرة: مكتبة ابن تيمية 1415 ه.
3- الاتجاهات العقلية الحديثة. د.ناصر بن عبد الكريم العقل. الطبعة الأولى. الرياض: دار الفضيلة 1422 ه – 2001 م.
4- الأدلة العقلية والنقلية على أصول الاعتقاد.سعود العريفي. الطبعة الأولى. مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1419 ه.
5- الإرهاب، مفهومه، أشكاله وصوره، أسبابه، حكمه، علاجه، وموقف ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية وعلماء المسلمين منه (دراسة علمية شرعية). عبدالحميد بن محمد بلال، عبدالله بن عبد العزيز البكري. الطبعة الأولى. 1431 ه – 2010 م.
6- الإسلام ينهى عن الغلو في الدين ويدعو للوسطية. د.سليمان بن عبد الرحمن الحقيل. الطبعة الأولى. الرياض: 1416 ه – 1996 م.
7- أضواء البيان. محمد الأمين بن محمد المختار. إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد.الطبعة الأولى. مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1426 ه.
8- الاعتصام. أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي. بدون طبعة. بيروت: دار المعرفة 1402 ه 1982 م.
9- إعلام الموقعين عن رب العالمين. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزيّة. تعليق: طه عبد الرؤوف سعد.مصر: مكتبة الكليات الأزهرية 1400 ه 1980 م.
10- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية. تحقيق:محمد حامد فقي. بدون طبعة بيروت: دار المعرفة بدون تاريخ.
11- اقتضاء الصراط المستقيم. أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. تحقيق: د.ناصر العقل. الطبعة السابعة.المملكة العربية السعودية: توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد 1419 ه – 1999 م.
12- الأمن الفكري. د.عبد الرحمن السديس. ضمن كتاب الأمن الفكري. الطبعة الأولى. الرياض: جامعة نايف العربية. مركز الدراسات والبحوث 1426 ه – 2005 م.
13- الأمن الفكري في مواجهة المؤثرات الفكرية. د.حيدر عبدالرحمن الحيدر. الطبعة الأولى، 1423 ه – 2002 م.
14- الأمن الفكري: ماهيته وضوابطه. د.عبد الرحمن اللويحق. ضمن كتاب الأمن الفكري. الطبعة الأولى.الرياض: جامعة نايف العربية، مركز الدراسات والبحوث 1426 ه- 2005 م.
15- الأمن الفكري وعناية المملكة العربية السعودية به. عبد الله بن عبد المحسن التركي. مكة المكرمة: مطابع رابطة العالم الإسلامي 1423 ه.
16- الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارها في حياة الأمة. علي بن بخيت الزهراني. بدون طبعة. مكة: دار الرسالة بدون تاريخ.
17- أيسر التفاسير. أبو بكر جابر الجزائري. الطبعة الثانية. المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1416 ه – 1996 م.
18- الإيمان. شيخ الإسلام ابن تيمية. الطبعة الثالثة. بيروت: المكتب الإسلامي 1401 ه.
19- بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادا ؟!. عبد المحسن بن حمد العباد.الطبعة الأولى. الرياض: دار المغني 1424 ه – 2003 م.
20- البحر المحيط. محمد بن بهادر الزركشي. تحقيق: د.عبد الستار أبو غدة. الطبعة الثانية.نشر وزارة الشؤون الإسلامية بالكويت. القاهرة: دار الصفوة 1413 ه – 1992 م.
21- البحر المحيط. أبو حيان محمد بن يوسف. الطبعة الثانية. دار الفكر، 1403 ه 1983 م.
22- بصائر في زمن الفتنة. د.خالد بن سعد الخثلان.الطبعة الأولى. الرياض: دار كنوز إشبيليا 1429 ه.
23- التبصير في معالم الدين. أبو جعفر محمد بن جرير الطبري. تحقيق: علي بن عبد العزيز الشبل. الطبعة الثانية. الرياض: مكتبة الرشد 1425 ه – 2004 م.
24- التجديد في الفكر الإسلامي. د.عدنان محمد أمامة. الطبعة الأولى. المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي 1424 ه.
25- التعريفات. علي بن محمد الجرجاني. بدون طبعة. بيروت: مكتبة لبنان 1985 م. التكفير: جذوره- أسبابه – مبرراته. د.نعمان السامرائي. الطبعة الثانية. بيروت: المنارة 1406 ه، – 1986 م
26- تهذيب اللغة. الأزهري محمد بن أحمد.تحقيق: عبد العظيم محمود.مصر: الدار المصرية للتأليف والترجمة.
27- تيسير التحرير على كتاب التحرير. أمير باد شاه. بدون طبعة. دار الفكر بدون تاريخ.
28- جامع الأصول في أحاديث الرسول. المبارك بن محمد بن الأثير.الطبعة الثانية. تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط. بيروت: دار الفكر، 1403 ه 1983 م.
29- جامع بيان العلم وفضله. أبو عمر يوسف بن عبد البر. مصور من الطبعة المنيرية. بيروت: دار الكتب العلمية، 1398 ه 1978 م.
30- الجامع الصحيح مع الفتح. أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. تحقيق: محب الدين الخطيب. الطبعة الثانية. القاهرة: دار الريان للتراث، 1409 ه 1988 م.
31- الجامع الصحيح. أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي. تحقيق: إبراهيم عطوة عوض.الطبعة الأولى. مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1382 ه 1962 م.
32- الجامع الصحيح. أبو الحسين مسلم بن الحجاج. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. الطبعة الأولى. القاهرة: دار الحديث، 1412 ه 1991 م.
33- الجامع لأحكام القرآن. أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي. الطبعة الثالثة. مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
34- حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين. كرم محمد زهدي وآخرون. الطبعة الأولى. الرياض: مكتبة العبيكان 1425 ه – 2004 م.
35- حقيقة الفكر الإسلامي. د.عبد الرحمن الزنيدي. الطبعة الثانية. الرياض: دار المسلم 1422 ه – 2002 م.
36- الخوارج. د.ناصر العقل. الطبعة الأولى. الرياض: دار اشبيليا 1419 ه – 1998 م.
37- دراسات في الأهواء والفرق والبدع وموقف السلف منها. الدكتور: ناصر بن عبد الكريم العقل. الطبعة الأولى. الرياض: مركز الدراسات والإعلام / دار إشبيليا 1418 ، ه 1997 م.
38- دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي. جبير بن سليمان الحربي. بحث تكميلي مقدم إلى قسم المناهج في كلية التربية بجامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوراه، 1428 ه، – 2008 م.
39- رياض الصالحين. أبو زكريا يحيى بن شرف النووي. تحقيق:عبد العزيز رباح، وأحمد الدقاق. الطبعة الرابعة. دمشق: دار المأمون للتراث، 1401 ه 1981 م.
40- زاد المسير في علم التفسير. أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي. تحقيق: زهير الشاويش. الطبعة الأولى الجديدة. بيروت: المكتب الإسلامي، دار ابن حزم، 1423 ه – 2002 م.
41- سلسلة الأحاديث الصحيحة. محمد ناصر الدين الألباني. الطبعة الأولى. الكويت: الدار السلفية، 1399 ه 1979 م.
42- السنن. أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني. إعداد وتعليق: عزت عبيد الدعاس، وعادل السيد.حمص: دار الحديث.
43- السنن. أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. بدون طبعة.
44- السنن. أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي. اعتنى به: محمد بن أحمد دهمان. بدون طبعة. بيروت: دار إحياء السنَّة النبوية.
45- كتاب السنَّة. أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل. تحقيق الدكتور: محمد ابن سعيد القحطاني. الطبعة الرابعة. الرياض: دار عالم الكتب، 1416 ه 1996 م.
46- سير أعلام النبلاء. محمد بن أحمد الذهبي. تحقيق: نذير حمدان. الطبعة السابعة. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1410 ه 1990 م.
47- شرح السنَّة. أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي. تحقيق: زهير الشاويش، وشعيب الأرناؤوط. الطبعة الثانية. بيروت: المكتب الإسلامي، 1403 ه 1983 م.
48- شرح العقيدة الطحاوية. ابن أبي العز الحنفي. تحقيق: مجموعة من العلماء. تخريج: محمد ناصر الدين الألباني. الطبعة الثامنة. بيروت: المكتب الإسلامي 1404 ه – 1984 .
49- شرح الكوكب المنير. محمد بن أحمد الفتوحي. تحقيق: د.محمد الزحيلي، ود.نزيه حماد. الطبعة الأولى. مكة المكرمة: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بكلية الشريعة بجامعة أم القرى 1408 ه – 1987 م.
50- شرح المحلي على متن جمع الجوامع. الجلال المحلي. الطبعة الثانية. مصر: مصطفى البابي الحلبي. بدون تاريخ.
51- الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة. أبو عبد الله عبيد الله بن بطه. تحقيق الدكتور: رضا بن نعسان معطي. الطبعة الأولى. المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم، 1423 ه 2002 م.
52-2 الصحاح. إسماعيل بن حماد الجوهري. تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار. الطبعة الأولى. بيروت: دار العلم للملايين 1399 ه – 1979 م.
53- الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف. الدكتور: يوسف القرضاوي. الطبعة السادسة. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1419 ه 1998 م.
54- صيد الخاطر. أبو الفرج ابن الجوزي. تحقيق: آدم أبو سنينه. بدون طبعة. الأردن: دار الفكر بدون تاريخ.
55- الطرق الحكميّة في السياسة الشرعية. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر. تحقيق: الدكتور محمد جميل غازي. بدون طبعة. جدة: مطبعة المدني.
56- ظاهرة الغلو في الدين. عبود بن علي بد درع. الطبعة الأولى. الرياض: دار الصميعي، 1419 ه 1998 م.
57- عقائد الثلاث والسبعين فرقة. أبو محمد اليمني. تحقيق: محمد بن عبد الله زربان. الطبعة الأولى. المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1414 ه.
58- العقل – دراسة مقاصدية في المحافظة عليه من حيث درء المفاسد والمضار عنه. د.حسن بن سالم الدوسي. بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية. الكويت: جامعة الكويت – مجلس النشر العلمي 1429 ه – 2008 م.
59- العلاقة بين العمليات الإرهابية والغلو والتطرف. د.عفاف بنت حسن مختار الهاشمي.الطبعة الأولى. الرياض: دار العاصمة 1430 ه – 2009 م.
60- عوامل التطرف والغلو والإرهاب وعلاجها في ضوء القرآن والسنَّة. الشيخ خالد بن عبد الرحمن العك. الطبعة الأولى. دمشق: دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع، 1418 ه 1997 م.
61- عون المعبود.أبو الطيب العظيم آبادي. ضبط وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان. الطبعة الثالثة. بيروت: دار الفكر 1399 ه- 1979 م.
62- الغلو في الدين -ظواهر من غلو التطرف وعلو التصوف-. د.الصادق عبد الرحمن الغرياني. الطبعة الأولى. القاهرة: دار السلام 1422 ه – 2001 م.
63- الغلو في الدين وأثره في الأمة. خالد بن حمد الخريف. الطبعة. الأولى. الرياض: مكتبة الرشد 1426 ه – 2005 م.
64- فتح الباري. أحمد بن علي بن حجر. تحقيق: محب الدين الخطيب. الطبعة الثانية. القاهرة: دار الريان للتراث 1409 ه 1988 م.
65- فتنة التفجيرات والاغتيالات. الأسباب – الآثار- العلاج -. أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني. الطبعة الثانية. الرياض: دار الكيان 1426 ه – 2006 م.
66- الفرق بين الفرق. عبد القاهر البغدادي. بدون طبعة. بيروت: دار الكتب العلمية بدون تاريخ.
67- فيض القدير شرح الجامع الصغير. محمد عبد الرؤوف المناوي. الطبعة الثانية. دار الفكر، 1391 ه 1971 م.
68- كتاب الفقيه والمتفقه. أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي. تحقيق: عادل يوسف العزازي. الطبعة الثانية. الدمام: دار ابن الجوزي، 1421 ه.
69- الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار. ابن أبي شيبة. تقديم وضبط: كمال الحوت. الطبعة الأولى. المدينة المنورة: مكتبة الزمان 1409 ه – 1989 م.
70- اللآلئ البهية في شرح العقيدة الطحاوية. صالح بن عبد العزيز آل الشيخ. تحقيق: عادل بن محمد رفاعي. الطبعة الأولى. الرياض: دار العاصمة 1430 ه – 2009 .
71- لسان العرب. أبو الفضل محمد بن مكرَّم بن منظور. بدون طبعة.تحقيق: عبد الله علي الكبير وآخرون، القاهرة: دار المعارف.
72- المجتبى. أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. الطبعة الأولى. مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1383 ه 1964 م.
73- مجموعة الرسائل والمسائل. تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. علق عليها وصححها جماعة من العلماء. الطبعة الأولى. بيروت: دار الكتب العلمية 1403 ه – 1983 م.
74- مجموع الفتاوى. تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم. المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 146 ه 1995 م.
75- مختصر منهاج القاصدين. أحمد بن محمد بن قدامة. تحقيق: زهير الشاويش. الطبعة التاسعة. بيروت: المكتب الإسلامي، 1421 ه 2000 م.
76- مدارج السالكين. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم. تحقيق: بشير محمد عيون. الطبعة الأولى. دمشق: مكتبة دار البيان، 1420 ه 1999 م.
77- المستدرك على الصحيحين. أبو عبد الله الحاكم النيسابوري. بدون طبعة. بيروت: دار المعرفة.
78- المسند.أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي. تحقيق: إرشاد الحق الأثري. الطبعة الأولى. جدة: دار القبلة للثقافة الإسلامية، بيروت: مؤسسة علوم القرآن، 1408 ه 1988 م.
79- معالم السنن. أبو سليمان، حمد بن محمد الخطابي. الطبعة الأولى. بيروت: دار الكتب العلمية 1411 ه – 1991 م.
80- المستصفى من علم الأصول. أبو حامد الغزالي. الطبعة الثانية مصورة عن الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية عام 1324 ه. بيروت: دار الكتب العلمية.
81- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير. أحمد بن محمد الفيومي. بدون طبعة. دار الفكر بدون تاريخ.
82- المعجم الفلسفي. جميل صليبا. بيروت: دار الكتاب اللبناني 1982 م.
83- معجم مفردات ألفاظ القرآن. أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل. تحقيق: نديم مرعشلي. بيروت: دار الفكر.
84- معجم مقاييس اللغة. أبو الحسين أحمد بن فارس. تحقيق: عبد السلام محمد هارون.
الطبعة الثالثة. مصر: مكتبة الخانجي، 1402 ه 1981 م. 85- مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيّم الجوزية. تحقيق: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد. الطبعة الأولى. الخبر: دار ابن عفان 1416 ، ه 1996 م.
86- الموافقات. أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي. تحقيق: الشيخ عبدالله دراز. الطبعة الثانية. مصر: المكتبة التجارية الكبرى، 1395 ه 1975 م.
87- نحو مجتمع آمن فكريًا. د.عبد الحفيظ المالكي. الطبعة الأولى. 1431 ه – 2010 م.
* * *
الحواشي:
============================================
(1) أبو الحسين، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الطبعة الثالثة (مصر: مكتبة الخانجي 1402 ه 1981 م) 1/ 13 ، وانظر: الأزهري، محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق: عبد العظيم محمود، (مصر: الدار المصرية للتأليف والترجمة) 1/ 510 وما بعدها، أبو الفضل محمد بن مكرَّم بن منظور، لسان العرب بدون طبعة، تحقيق:عبد الله علي الكبير وآخرون (القاهرة: دار المعارف) 1/ 140 .
(2) أبو القاسم الحسين بن محمد الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن، بدون طبعة، تحقيق: نديم مرعشلي (بيروت: دار الفكر بدون تاريخ) ص 21.وانظر: تهذيب اللغة 15 / 510 ، لسان العرب 1/ 140 .
(3) انظر: الأمن الفكري في مواجهة المؤثرات الفكرية ص 310 – 313 ، جبير بن سليمان الحربي، دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي، بحث تكميلي مقدم إلى قسم المناهج في كلية التربية بجامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوراه، 1428 ه، – 2008 م( ص 25 – 27 .
(4) علي بن محمد الجرجاني، التعريفات، بدون طبعة (بيروت: مكتبة لبنان 1985 م) 38 .
(5) معجم مقاييس اللغة 4/ 446 وانظر: الصحاح 2/ 783 ، ولسان العرب ص 3451 .
(6) مفردات ألفاظ القرآن ص 398 .
(7) أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بدون طبعة (دار الفكر بدون تاريخ) 2/ 479 .
(8) جميل صليبا، المعجم الفلسفي (بيروت: دار الكتاب اللبناني 1982 م) 2/ 156 .
(9) د.عبد الرحمن الزنيدي، حقيقة الفكر الإسلامي، الطبعة الثانية (الرياض: دار المسلم 1422 ه – 2002 م) 10 .
(10): د.عبد الحفيظ المالكي – نحو مجتمع آمن فكريًا – الطبعة الأولى (1431 ه – 2010 م) 101 – 104 ، دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي 29 – 31 .
(11) عبدلله بن عبد المحسن التركي، الأمن الفكري وعناية المملكة العربية السعودية به (مكةالمكرمة مطابع رابطة العالم الإسلامي 1423 ه) 66 .
(12) عبد الرحمن السديس، الأمن الفكري، ضمن كتاب الأمن الفكري، الطبعة الأولى (الرياض:جامعة نايف العربية، مركز الدراسات والبحوث 1426 ه – 2005 م) 16 .
(13) ابن مسفر الوادعي، الأمن الفكري الإسلامي، مجلة الأمن والحياة الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث ع 187 ، 1418 ه) ص 50 .
(14) مجتمع آمن فكريا 103 .
(15) انظر: د.عبد الرحمن اللويحق، الأمن الفكري: ما هيته وضوابطه، ضمن كتاب الأمن الفكري، الطبعة الأولى (الرياض: جامعة نايف العربية، مركز الدراسات والبحوث 1426 ه – 2005 م) 60 ، 61 ، نحو مجتمع آمن فكريًا 131 – 134 ، دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي 31 – 34 .
(16) أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الصحيح، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، الطبعة الأولى (مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1382 ه 1962 م) كتاب الزهد 4/ 574 ح 2346
(17) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح مع الفتح، تحقيق: محب الدين الخطيب، الطبعة الثانية (القاهرة: دار الريان للتراث 1409 ه 1988 م) كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: «وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله 433/6» ح 3344 .
(18) أبو الفرج بن الجوزي، صيد الخاطر، تحقيق: آدم أبو سنينه، بدون طبعة (الأردن: دار الفكر بدون تاريخ) 42 .
(19) أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الاعتصام، بدون تاريخ الطبع (بيروت – دار المعرفة 1402 ه – 1982 م) ص 318 .
(20) عماد الطالبي، آراء أبي بكر العربي الكلامية 1/ 44 انظر: د.حيدر عبدالرحمن الحيدر، الأمن الفكري في مواجهة المؤثرات الفكرية،الطبعة الأولى، (1423 ه – 2002 م) ص 59 ،
(21) انظر: فتح الباري 8/ 59 .
(22) المصدر السابق 8/ 59 .
(23) أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، السنن، اعتنى به: محمد بن أحمد دهمان، بدون طبعة (بيروت: دار إحياء السنة النبوية) المقدمة باب من هاب الفتيا وكره التنطع والتبدع 1/ 54 .
(24) وانظر: محمد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، الطبعة الثانية (عمَّان:المكتبة الإسلامية – القاهرة: مكتبة التوعية الإسلامية 1404 ه – 1954 م) 4/ 395 ح 1788 وقال بعد تخريجه: «وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه حسن عندي».
(25) أبو الحسين مسلم بن الحجاج، الجامع الصحيح، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الطبعة الأولى (القاهرة: دار الحديث 1412 ه 1991 م) كتاب الإيمان باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها 1/ 119 ح 212 .
(26) الجامع الصحيح -كتاب القدر – باب ما جاء في التشديد في القدر 4/ 443 ح 2133 وحسّنه الألباني.
(27) تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم (المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف 146 ه 1995 م) 4/ 39
(28) أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنَّة، تحقيق: زهير الشاويش، وشعيب الأرناؤط، الطبعة الثانية (بيروت: المكتب الإسلامي 1403 ه 1983 م) 1/ 144
(29).
(30) سعود العريفي، الأدلة العقلية والنقلية على أصول الاعتقاد، الطبعة الأولى (مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1419 ه) 36 .
(31) المصدر السابق 38 وانظر: صيد الخاطر 42 .
(32) أضواء البيان 6/ 385 وانظر: أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، الطبعة الثالثة (مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب) 2/ 341 ، أبو بكر جابر الجزائري، أيسر التفاسير، الطبعة الثانية (المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1416 ه – 1996 م) 1/ 171 .
(33) الصحيح مع الفتح 13 / 264 .
(34) فتح الباري 13 / 277 ، 278 .
(35) الجامع لأحكام القرآن 2/ 212 .
(36) أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، السنن، إعداد وتعليق: عزت عبيد الدعاس، وعادل السيد (حمص: دار الحديث) كتاب الطهارة- باب في المجروح يتيمم 1/ 239 ح 336 وحسّنه الألباني دون قوله «إنما كان يكفيه »، انظر: سنن أبي داود- اعتنى به أبو مشهور بن حسن آل سلمان، الطبعة الأولى (الرياض: مكتبة المعروف) ص 59 .
(37) أبو سليمان، حمد بن محمد الخطابي، معالم السنن، الطبعة الأولى (بيروت: دار الكتب العلمية 1411 ه – 1991 م) 1/ 89 .
(38) الأدلة العقلية والنقلية على أصول الاعتقاد ص 36 .
(39) د.حسن بن سالم الدوسي، العقل – دراسة مقاصدية في المحافظة عليه من حيث درء المفاسد والمضار عنه، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية (الكويت: جامعة الكويت – مجلس النشر العلمي 1429 ه – 2008 م) ص 310 .
(40) سنن الدارمي – المقدمة – باب ما يتقى من تفسير حديث النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقول غيره عند قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- 1/ 115 ، 116 .
(41) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيّم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تعليق: طه عبد الرؤوف سعد، (مصر: مكتبة الكليات الأزهرية 1400 ه 1980 م) 1/ 38 .
(42) محمد الأمين بن محمد المختار، أضواء البيان، إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد، الطبعة الأولى، (مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1426 ه) 3/ 682 .
(43) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: مجموعة من العلماء، تخريج: محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الثامنة (بيروت: المكتب الإسلامي 1404 ه – 1984 م) 399 .
(44) أحمد بن علي بن حجر، فتح الباري، تحقيق: محب الدين الخطيب، الطبعة الثانية (القاهرة:دار الريان للتراث 1409 ه 1988 م) 12 / 281 .
(45) انظر: د.ناصر العقل، دراسات في الأهواء والفرق والبدع، الطبعة الأولى (الرياض: دار أشبيليا 1418 ه – 1997 م) 149 ، 150 ، د.ناصر العقل، الاتجاهات العقلية الحديثة، الطبعة الأولى (الرياض: دار الفضيلة 1422 ه – 2001 م) ص 38 – 40 ، 364 – 366 ، د.عدنان محمد أمامة، التجديد في الفكر الإسلامي، الطبعة الأولى (المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي 1424 ه) 118 ص – 127 .
(46) د.عبد الرحمن الزنيدي، حقيقة الفكر الإسلامي، الطبعة الثانية (الرياض: دار المسلم 1422 ه-2002 م) ص 14 ، 15 ، 20 .
(47) انظر: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم، مدارج السالكين، تحقيق: بشير محمد عيون، الطبعة الأولى (دمشق: مكتبة دار البيان 1420 ه 1999 م) 2/ 492 عبد المحسن بن حمد العباد، بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادًا؟!، الطبعة الأولى (الرياض: دار المغني 1424 ه -2003 م) ص 4،3 .
(48) أبو الحسين، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الطبعة الثالثة (مصر: مكتبة الخانجي 1402 ه 1981 م) 4/ 387 ، وانظر: الأزهري، محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق: عبد العظيم محمود، (مصر: الدار المصرية للتأليف والترجمة) 8/ 190 .
(49) انظر: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، تحقيق زهير الشاويش، الطبعة الأولى الجديدة (بيروت: المكتب الإسلامي، دار ابن حزم 1423 ه – 2002 ) ص 347 ، علي بن عبد العزيز الشبل، الغلو، الطبعة الأولى (الرياض: دار الوطن 1417 ه) ص 22 .
(50) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، المجتبى، الطبعة الأولى (مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1383 ه 1964 م) كتاب مناسك الحج التقاط الحصى 5/ 218 ، وانظر: محمد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، الطبعة الأولى (الكويت:الدار السلفية 1399 ه 1979 م) 3/ 278 ح 1283 .
(51) سنن أبي داود كتاب الأدب باب في الحسد 5/ 209 ح 4904 ، قال محقق (جامع الأصول ):«311/1 في سنده سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء الراوي عن سهل بن أبي أمامة، لم يوثقه غير ابن حبان».
(52) صحيح مسلم كتاب العلم باب هلك المتنطعون 4/ 2055 ح 2670 .
(53) انظر: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم، تحقيق: الدكتور: ناصر العقل، الطبعة السابعة (المملكة العربية السعودية: توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد 1419 ه – 1999 م) 1/ 328 ، د.الصادق عبد الرحمن الغرياني، الغلو في الدين، الطبعة الأولى (القاهرة: دار السلام 1422 ه – 2001 م) 12 ، التجديد في الفكر الإسلامي 68 .
(54) انظر: أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الاعتصام، بدون طبعة (بيروت: دار المعرفة 1402 ه 1982 م) 2/ 172- 180 ، 293 ، عبود بن علي بن درع، ظاهرة الغلو في الدين، الطبعة الأولى (الرياض: دار الصميعي 1419 ه – 1998 م) 73،72 ، خالد بن حمد الخريف الغلو في الدين، الطبعة الأواى (الرياض: مكتبة الرشد 1426 ه – 2005 م) 17 – 32 ، الغلو للشبل 39– 42 ، الإسلام ينهى عن الغلو في الدين 29– 36 ، كرم محمد زهدي وآخرون، حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين، الطبعة الأولى (الرياض: مكتبة العبيكان 1425 ه – 2004 م) 55 – 70 .
(55) التعريفات 84 .
(56) المصدر السابق 84 .
(57) المصدر السابق 84 .
(58) اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 148 .
(59) انظر: أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، كتاب الفقيه والمتفقه، تحقيق: عادل يوسف العزازي، الطبعة الثانية (الدمام: دار ابن الجوزي 1421 ه) 2/، 173 ، 174 ، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيّم الجوزية، مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة، تحقيق: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد، الطبعة الأولى (الخبر: دار ابن عفان 1416 ه 1996 م) 1/ 480 482 ، أحمد بن محمد بن قدامة، مختصر منهاج القاصدين، تحقيق: زهير الشاويش، الطبعة التاسعة (بيروت: المكتب الإسلامي 1421 ه – 2000 م) 22 24 .
(60) انظر: صحيح البخاري مع الفتح كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل 1/ 192 .
(61) أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، المسند، تحقيق: إرشاد الحق الأثري، الطبعة الأولى (جدة: دار القبلة للثقافة الإسلامية، بيروت: مؤسسة علوم القرآن) 3/ 205 ح 2829 ، وهو حديث صحيح كما في (صحيح الجامع) 4/ 10 ح 3808 .
(62) مفتاح دار السعادة 1/ 392 .
(63) صحيح البخاري مع الفتح كتاب العلم باب كيف يقبض العلم؟ 1/ 234 ح 100 .
(64) عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير، الطبعة الثانية مصورة من نسخة طبعت عام 1391 ه- 1972 م 0 دار الفكر) 1/ 222 ، وانظر: التعريفات ص 278 ، أبو حيان محمد بن يوسف، البحرالمحيط، الطبعة الثانية (دار الفكر 1403 ه 1983 م) 3/ 370 .
(65) انظر: ابن أبي شيبة، الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، تقديم وضبط: كمال الحوت، الطبعة الأولى (المدينة المنورة: مكتبة الزمان 1409 ه – 1989 م) 7 / 100 .
(66) أبو الطيب العظيم آبادي، عون المعبود، ضبط وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان الطبعة الثالثة (بيروت: دار الفكر 1399 ه- 1979 م) 13 / 38
(67) أضواء البيان 4/ 772 .
(68) أبو عبد الله عبيد الله بن بطة، الشرح والإبانة على أصول السنَّة والديانة، تحقيق: الدكتور رضا بن نعسان معطي، الطبعة الأولى (المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1423 ه 2002 م)ص 148 برقم 83 .
(69) المصدر السابق برقم 84 .
(70) مجموع الفتاوى 13 / 142 .
(71) الشرح والإبانة ص 98 برقم 98 .
(72) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، تحقيق محمد حامد فقي، بدون طبعة (بيروت: دار المعرفة) 2/ 154 .
(73) انظر: الاعتصام 321 .
(74) ظاهرة الغلو في الدين 150 ، 151 .
(75) أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، بدون طبعة (بيروت: دار المعرفة) كتاب الفتن والملاحم 4/ 430 .
(76) جامع بيان العلم 2/ 135 .
(77) انظر: المصدر السابق 2/ 134 .
(78) إعلام الموقعين 1/ 67 ، 68 .
(79) كتاب الفقيه والمتفقه 2/ 128 ، وانظر: أبو محمد علي بن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق: أحمد شاكر، بدون طبعة (بيروت: دار الآفاق الجديدة) 6 / 69 .
(80) انظر: محمد بن علي الشوكاني، أدب الطلب ومنتهى الأرب، تحقيق: محمد صبحي حلاق، الطبعة الأولى (القاهرة: مكتبة ابن تيمية 1415 ه) ص 26.
(81) انظر: كتاب الفقيه والمتفقه 2/ 132،128 ، 133 .
(82) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزيّة، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تعليق: طه عبد الرؤوف سعد، (مصر: مكتبة الكليات الأزهرية 1400 ه 1980 م) 2/ 187 .
(83) المصدر السابق 2/ 227 ، والإحكام 6/ 79 – 142 .
(84) سنن أبي داود كتاب السنَّة باب في لزوم السنَّة 5/ 13 ح 4607 ، وهو حديث صحيح، كما في صحيح الجامع 2/ 346 ح 2546 .
(85) أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الصحيح، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، الطبعة الأولى (مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1382 ه 1962 م) كتاب التفسير باب من سورة التوبة 5/ 287 – 3095.
(86) انظر: الإحكام 6/ 133 .
(87) كتاب الفقيه والمتفقه 2/ 132 وقال محققه «إسناده صحيح .»
(88) انظر: إعلام الموقعين 2/ 228 – 229 – 304 ، أدب الطلب ص 31 45 – 50 94 .
(89) سنن أبي داوود كتاب الأدب باب من يؤمر أن يجالس 5/ 168 ح 4833 .
(90) أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، رياض الصالحين، تحقيق:عبد العزيز رباح، وأحمد الدقاق، الطبعة الرابعة (دمشق: دار المأمون للتراث 1401 ه 1981 م) ص 178 ح 365 .
(91) سنن ابن ماجه المقدمة باب من كان مفتاحا للخير 1/ 86 ح 237 ، وهو حديث حسن؛ كما قال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه ح 194 .
(92) سنن أبي داوود كتاب الأدب باب من يؤمر أن يجالس 5/ 167 ح 4832 . وهو حديث حسن كما قال الترمذي ح 2395 .
(93) الشرح والإبانة ص 163 برقم 141 .
(94) انظر: محمد عبد الرؤف المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير 5/ 507 .
(95) صحيح البخاري مع الفتح كتاب الذبائح باب المسك 9/ 577 ح 5534 .
(96) أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، كتاب السنَّة، تحقيق: الدكتور محمد بن سعيد القحطاني، الطبعة الرابعة (الرياض: دار عالم الكتب 1416 ه 1996 م) 1/ 137 برقم 99 .
(97) سنن أبي داود كتاب الملاحم باب خروج الدجال 4/ 495 ح 4319 ، وصححه الألباني في (صحيح الجامع 5/ 303 ح 6177 .
(98) انظر: مجموع الفتاوى 28 / 205 ، أبو عبد الله بن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/ 199 .
(99) أبو عبد الله محمد بن مفلح، الآداب الشرعية، مؤسسة قرطبة 1/ 232 .
(100) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، الطرق الحكميّة في السياسة الشرعية، تحقيق: الدكتور محمد جميل غازي، بدون طبعة )جدة: مطبعة المدني، ص 36 .
(101) انظر: د.ناصر العقل، الخوارج، الطبعة الأولى (الرياض: دار اشبيليا 1419 ه – 1998 م) 111 – 114 ، عبد الرحمن اللويحق، الغلو في الدين، الطبعة الثالثة (بيروت: مؤسسة الرسالة 1416 ه – 1996 م) 264 ، خالد بن عبد الرحمن العك، عوامل التطرف والإرهاب وعلاجها، الطبعة الأولى، (دمشق: دار المكتبي 1418 ه – 1997 م) 80 ، د.عفاف بنت حسن مختار الهاشمي، العلاقة بين العمليات الإرهابية والغلو والتطرف، الطبعة الأولى (الرياض: دار العاصمة 14300 ه – 2009 م) 98 – 102 ، د.خالد بن سعد الخشلان، بصائر في زمن الفتنة، الطبعة الأولى (الرياض: دار كنوز إشبيليا 1429 ه – 2008) 27 – 29 ، أبو الحسن السليماني، فتنة التفجيرات والاغتيالات، الطبعة الثانية (الرياض: دار الكيان 1426 ه – 2006 م) 98 – 111 ، د.سليمان بن عبد الرحمن الحقيل، الإسلام ينهى عن الغلو في الدين ويدعو للوسطية / الطبعة الأولى (الرياض: 1416 ه – 1996 م) 24 – 26 ، د.يوسف القرضاوي، الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف،الطبعة السادسة (بيروت: مؤسسة الرسالة 1419 ه – 1998 م) 54 – 56 ، عبد الحميد بن محمد بلال، عبدالله بن عبد العزيز البكري، الإرهاب، الطبعة الأولى ( 1431 ه – 2010 م) 310 – 346 ، د نعمان السامرائي، التكفير الطبعة الثانية (بيروت: المنارة 1406 ه، – 1986 م) 139 – 184 ، الغلو للشبل 118 ، 119 .
(102) إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الأولى (بيروت: دار العلم للملايين 1399 ه – 1979 م) 1/ 52 ، وانظر: أبو الفضل محمد بن مكرَّم بن منظور، لسان العرب بدون طبعة، تحقيق:عبد الله علي الكبير وآخرون (القاهرة: دار المعارف) 1582/3 ، 1583 ( 103 ) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، الملل والنحل، مطبوع بهامش الفصل في الملل والأهواء والنحل، نسخة مصورة من الطبعة الأولى بالمطبعة الأدبية في سوق الخضار القديم بمصر سنة 1317 ه) (دار الفكر: بدون تاريخ) 1/ 186 ، وانظر: عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، بدون طبعة (بيروت: دار الكتب العلمية بدون تاريخ) 151 ، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، التبصير في معالم الدين، تحقيق: علي بن عبد العزيز الشبل، الطبعة الثانية (الرياض: مكتبة الرشد 1425 ه – 2004 م) 188 – 190 ، أبو محمد اليمني، عقائد الثلاث والسبعين فرقة، تحقيق: محمد بن عبد الله زربان، الطبعة الأولى (المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1414 ه) 271/1 – 275 ، 301 303 ، صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، اللآلئ البهية في شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: عادل بن محمد رفاعي، الطبعة الأولى (الرياض: دار العاصمة 1430 ه – .405 – 403/2 )2009 .
(104) شيخ الإسلام ابن تيمية، مجموعة الرسائل والمسائل، علق عليها وصححها جماعة من العلماء، الطبعة الأولى )بيروت: دار الكتب العلمية 1403 ه – 1983 م( 3/ 339 .
(105) انظر: المصدر السابق نفس الجزء والصفحة.
(106) قال الجوهري: «والسابِرِيُّ: ضَرْبٌ من الثياب رقيق »، وقال الثعالبي: ثوب سابري: إذا كان لابسه بين المكتسي والعريان».
(107) مجموع الفتاوى 7/ 394 ، 395 .
(108) شيخ الإسلام ابن تيمية، الإيمان، الطبعة الثالثة (بيروت: المكتب الإسلامي 1401 ه) 178 وانظر: ابو السعادات المبارك بن محمد بن الأثير، جامع الأصول في أحايث الرسول، تحقيق: عبد القادر الأناؤوط ، الطبعة الثانية (بيروت: دار الفكر 1403 ه – 1983 م) 10 / 130 علي بن بخيت الزهراني، الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارها في حياة الأمة، بدون طبعة (مكة: دار الرسالة بدون تاريخ) 116 – 138.
(109) المصدر السابق 47 وانظر: الانحرافات العقدية والعلمية 133 .
(110) انظر: الانحرافات العقدية والعلمية 871 – 929 .
(111) الجلال المحلي، شرح المحلي على متن جمع الجوامع، الطبعة الثانية (مصر: مصطفى البابي الحلبي بدون تاريخ) 2400 ، وانظر: محمد بن بهادر الزركشي، البحر المحيط، تحقيق: د.عبد الستار أبو غدة، الطبعة الثانية، نشر وزارة الشؤون الإسلامية بالكويت (القاهرة: دار الصفوة 1413 ه – 1992 م) 6/ 325 .
(112) انظر:أبو حامد الغزالي، المستصفى من علم الأصول، الطبعة الثانية مصورة عن الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية عام 1324 ه،(بيروت: دار الكتب العلمية) 2/ 391 مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 20 / 220 ، البحر المحيط 6/ 325 ، وإعلام الموقعين 4/ 263 .
(113) أمير باد شاه، تيسير التحرير على كتاب التحرير، بدون طبعة (دار الفكر بدون تاريخ).253/4
(114) انظر: جامع بيان العلم 2 / 92 ، علي بن حزم، مراتب الإجماع، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة، الطبعة الثالثة (بيروت: دار الآفاق الجديدة 1402 ه – 1982 م) 58 ، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، بشرح عبد الله دراز، الطبعة الثالثة (مصر: المكتبة التجارية الكبرى 1395 ه – 1975 م) 4/ 140 .
(115) الموافقات 4/ 134 .
(116) محمد بن أحمد الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقبق: شعيب الأرناؤوط، علي أبو زيد، الطبعة السابعة (بيروت: مؤسسة الرسالة 1410 ه – 1990 م) 7/ 125 .
(117) جامع بيان العلم 2/ 91 .
(118) انظر: الموافقات 4 / 143 ، 145 ، 147 ، 148 .
(119) انظر: البحر المحيط 6/ 325 ، محمد بن أحمد الفتوحي، شرح الكوكب المنير، تحقيق: د.محمد الزحيلي، ود.نزيه حماد، الطبعة الأولى (مكة المكرمة: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بكلية الشريعة بجامعة أم القرى 1408 ه – 1987 م) 4/ 577 .
(120) شهاب الدين أبو العباس الحراني، المسودة في أصول الفقه، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، بدون طبعة (بيروت: دار الكتاب العربي بدون تاريخ) 518 ، 519 ، وانظر: البحر المحيط 6/ 325 .
(121) انظر: الموافقات وتعليق الشيخ دراز 4/ 147 ، 148 .
(122) الخوارج 103 .
* عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{102})(آل عمران)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{1})(النساء)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا{70}يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا{71})(الأحزاب).
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
فإن استقامة الحياة الدنيا وسعادتها لا تحصل إلا إذا كان الإنسان آمنًا على نفسه، مرتاح القلب، هادئ النفس؛ لا يخاف من وقوع مكروه يهدد أمنه، أو ينتقص دينه، أو ينتهك حرماته، أو يستلب خيراته، أو يفرض عليه ما يتعارض مع دينه وثقافته من أفكار ومذاهب وأخلاق.
وبناءً على ذلك فإن على المسلم أن يكون دائمًا يقظ القلب، دائم البحث والنظر، سريع الحركة، عالي الهمة، موظفًا كل قدراته، باذ نفسه وطاقته، مسخرًا قلمه وفكره في سبيل الحفاظ على مقاصد دينه، وتعزيز كيانه، والحفاظ على أمنه من غائلة الأحداث، ومكر الأعداء.
ولا شك في أن من أولى ما صُرِفت إليه الجهود، وعُنيت به العقول، واشتغل به أولو العلم والقلم، هو موضوع الأمن الفكري؛ لعظم أهميته، وحسن عاقبته عند توفره، وشدة خطر فقدانه أو الإخلال به.
إن أهمية الأمن الفكري تنبع من ارتباطه بدين الأمة، وأساس ذكرها وعلوها، وسبب مجدها وعزها، ومن غايته المتمثلة في سلامة العقيدة، واستقامة السلوك، وإثبات الولاء للأمة، وتصحيح الانتماء لها.
كما ترجع أهمية الأمن الفكري إلى ارتباطه بأنواع الأمن الأخرى، وأنه الأساس لها، والركن الأهم في نظم بنائها.
وانطلاقًا من هذا المبدأ أحببت الكتابة في موضوع يسهم في الحفاظ على الأمن الفكري، ويساعد في تجلية حقيقته. وقد جعلته بعنوان «الأمن الفكري: مفهومه، ضرورته، مجالاته »، وسرت في كتابته على النحو التالي:
الرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنَّة المصطفى -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وكتب التفسير، وشروح الحديث، والمصادر والمراجع العلمية الأخرى من أجل تحديد مفهوم الأمن الفكري، ومعرفة أهميته، وتحديد مجالاته.
عزو الآيات إلى سورها، والأحاديث إلى مخرِّجيها.
وطريقتي في تخريج الأحاديث، أني أعزو الحديث إلى مصدر واحد من المصادر التي وُجِد بها، وأذكر كلام أهل العلم فيه من حيث الصحة، والضعف، ما لم يكن في أحد الصحيحين.
العناية ببيان الآثار المترتبة على الالتزام بضوابط الأمن الفكري وآثار الانحراف عنها.
وقد سرت في بحث هذا الموضوع وفق خطة؛ قوامها: مقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة.
فالمقدمة: ذكرت فيها اسم البحث ومنهجه وخطته، وألمحت فيها إلى أهمية الموضوع.
والمبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري:
وقسمت الكلام فيه على مطلبين:
المطلب الأول: في التعريف بمصطلح الأمن.
والمطلب الثاني: في بيان مصطلح الفكر، والأمن الفكري.
المبحث الثاني: ضرورة الأمن الفكري.
المبحث الثالث: مجالات الأمن الفكري:
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: وجوب تحقق الأمن الفكري عند التأمل وتردد النظر، وفيه فرعان:
الفرع الأول: وجوب صيانة العقل من الانحراف حال نظره وتأمله.
الفرع الثاني: فوائد حجز العقل عن الخوض فيما لا يدرك أو ما لا فائدة فيه.
المطلب الثاني: حماية منتجات العقل ومبدَعاته من الانحراف، وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: حماية الفكر من الغلو، وفيه خمس مسائل:
المسألة الأولى: مفهوم الغلو في اللغة والاصطلاح.
المسألة الثانية: حكم الغلو في الدين.
المسألة الثالثة: ما يقع فيه الغلو.
المسألة الرابعة: أسباب الغلو.
المسألة الخامسة: الآثار السيئة للغلو.
الفرع الثاني: حماية الفكر من الإرجاء، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: تعريف الإرجاء لغةً، واصطلاحًا.
المسألة الثانية: الآثار السيئة لفكر الإرجاء.
الفرع الثالث: حماية الفكر من تتبع الرخص الفقهية بالتشهي، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: المراد بتتبع الرخص الفقهية.
المسألة الثانية: حكم تتبع الرخص.
المسألة الثالثة: الآثار المترتبة على الأخذ بالرخص.
وإني لأرجو أن ينفع الله بما كتبت، واسأله تعالى ألا يحرمني أجره، وأن يتجاوز عمَّا كان فيه من خطأ ونسيان. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الأمن الفكري: مفهومه، ضرورته، مجالاته
الكلام عن الأمن الفكري: مفهومه، ضرورته، مجالاته يقتضي منَّا أن نقسم الكلام على ذلك في ثلاثة مباحث على النحو التالي:
المبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري.
المبحث الثاني: ضرورة الأمن الفكري.
المبحث الثالث: مجالات الأمن الفكري.
المبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري
الأمن الفكري مركب من كلمتين هما: الأمن، والفكر، وقبل التعريف بمفهوم الأمن الفكري، يجب بيان جزئي المركب، وعلى هذا سأعرف بمصطلح الأمن، والفكر في مطلبين:
المطلب الأول: تعريف الأمن في اللغة والاصطلاح.
المطلب الثاني: في بيان مصطلح الفكر، والأمن الفكري.
المطلب الأول: تعريف الأمن في اللغة والاصطلاح
أ – الأمن في اللغة: سكون القلب واطمئنانه.
قال ابن فارس: «الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان:
أحدهما: الأمانة التي هي ضدّ الخيانة، ومعناها سُكون القلب.
والآخر: التصديق.
والمعنيان -كما قلنا- متدانيان.
قال الخليل: الأَمَنَةُ مِن الأمْن. والأمان إعطاء الأَمَنَة. والأمانة ضدُّ الخيانة.
يقال أمِنْتُ الرّجُلَ أَمْنًا وأَمَنَةً وأَمانًا، وآمنني يُؤْمنني إيمانًا. والعرب تقول: رجل أُمَّانٌ، إذا كان أمينًا(1).
وعلى هذا، فالأمن في اللغة: هو سكون القلب واطمئنانه بعدم وجود مكروه وتوقعه.
قال الراغب: «أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف.
والأمن والأمانة والأمان في الأصل مصادر. ويجعل الأمان تارة اسمًا للحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن، وتارة اسمًا لما يُؤْمَنُ عليه الإنسان »(2).
ب – الأمن في الاصطلاح:
تعددت التعريفات الاصطلاحية للأمن باختلاف المنظور الذي ينظر إليه الباحثون عند تعريفهم للأمن(3)، ومن تلك التعريفات:
تعريف الجرجاني، حيث عرَّفه بأنه: «عدم توقع مكروه في الزمانالآتي »(4).
ويمكن تعريف الأمن بالنظر إلى مقاصد الشرع بأنه: الحال التي يكون فيها الإنسان مطمئنًا في نفسه، مستقرًا في وطنه، سالمًا من كل ما ينتقص دينه، أو عقله، أو عرضه، أو ماله.
فقولي: الحال؛ ليشمل الأمن ظاهرًا وباطنًا، فهو أعمَّ من التعبيربالشعور أو الإحساس.
وقولي: مطمئنًا في نفسه؛ لأنه يعبر عن سكون القلب وراحته، فهو مشعر بالوثوق من توفر الأمن في الزمن الحاضر، وعدم توقع المكروه في الزمن المستقبل.
وهو كذلك يشير إلى الأمن النفسي، وإلى مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، وهو حفظ النفس.
وقولي: مستقرًا في وطنه؛ ليشمل جميع أنواع الأمن الداخلي، والسلامة من الاعتداء الخارجي.
وقولي: سالمًا من كل ما ينتقص دينه أو عقله، أو عرضه، أو ماله، إشارة إلى مقاصد الشريعة الإسلامية الأخرى.
فالتعريف بهذه التقييدات قد أبان عن أن الأمن لا يتحقق ما لم يكن هناك حفظ للضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها.
والمطلب الثاني: في بيان مصطلح الفكر، والأمن الفكري
أ – تعريف الفكر في اللغة والاصطلاح
1 – الفكر في اللغة:
تردد القلب، وتأمله.
قال ابن فارس: «الفاء والكاف والراء تردد القلب في الشيء. يقال:تفكَّر إذا ردد قلبه معتبرًا. ورجل فِكِّير: كثير الفكر »(5).
وقال العلامة الراغب -رحمه الله-: «الفكرة قوةٌ مُطرِقة للعلم إلى المعلوم، والتفكر جولان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان دون الحيوان… قال بعض الأدباء: الفكر مقلوب عن الفرك، لكن يستعمل الفكر في المعاني؛ وهو فرك الأمور وبحثها طلبًا للوصول إلى حقيقتها »(6).
2 – الفكر في الاصطلاح:
قال الفيومي: «ويقال: الْفِكْرُ تَرْتِيبُ أُمُورٍ فِي الذِّهْنِ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَطْلُوبٍ؛ يَكُونُ عِلْمًا، أَوْ ظَنًّا »(7).
يقول جميل صليبا: «وجملة القول: إن الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أو يطلق على المعقولات نفسها.
فإذا أطلق على فعل النفس دل على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، وإذا اطلق على المعقولات دل على المفهوم الذي تفكر فيه النفس »(8).
وعرّفه الزنيدي بقوله: «الفكر في المصطلح الفكري –والفلسفي خاصة- هو: الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات؛ أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها؛ أي الموضوعات التي أنتجها العقل البشري »(9).
وبناءً على هذا، فمفهوم الفكر يشمل النظر العقلي، وما ينتج عن ذلك النظر والتأمل من علوم ومعارف.
ب – المراد بالأمن الفكري:
نظرًا لحداثة مصطلح الأمن الفكري فقد اختلفت عبارات الباحثين ووجهات نظرهم في تحديده(10)، وضبط مفهومه.
وسأورد شيئًا من تلك التعريفات:
« -1 الأمن الفكري هو أن يعيش الناس في بلدانهم وأوطانهم وبين مجتمعاتهم آمنين مطمئنين على مكونات أصالتهم، وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية »(11).
« -2 أن يعيش المسلمون في بلادهم آمنين على مكونات أصالتهم وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية المنبثقة من الكتاب والسنَّة »(12).
« -3 إنه سلامة فكر الإنسان وعقله وفهمه من الانحراف والخروج عن الوسطية، والاعتدال، في فهمه للأمور الدينية، والسياسية،وتصوره للكون بما يؤول به إلى الغلو والتنطع، أو إلى الإلحاد والعلمنة الشاملة »(13).
-4 الاطمئنان إلى سلامة الفكر من الانحراف الذي يشكل تهديدًا للأمن الوطني أو أحد مقوماته الفكرية، والعقدية، والثقافية، والأخلاقية، والأمنية(14).
وإذا أخذنا في الحسبان مفهوم الفكر من حيث شموله لنظر العقل، ومعقولاته، فإنه يمكننا أن نعرِّف الأمن الفكري بأنه:
الحال التي يكون فيها العقل سالمًا من الميل عن الاستقامة عند تأمله، وأن تكون ثمرة ذلك التأمل متفقة مع منهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح، وأن يكون المجتمع المسلم آمنًا على مكونات أصالته، وثقافته المنبثقة من الكتاب والسنَّة.
فبهذا التعريف يكون الأمن الفكري شام للفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، والموضوعات التي أنتجها العقل البشري، وكذلك شام لفكر الفرد ومكونات فكر المجتمع، وأن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بالالتزام بمنهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح.
المبحث الثاني: ضرورة الأمن الفكري ضرورة الأمن الفكري:
لا شك في أن الأمن الفكري حاجة ضرورية لا تستقيم الحياة بدون توفره. وذلك لعدة أسباب(15)؛ منها:
أولاً أن الأمن الفكري أحد مكونات الأمن بصفة عامة، بل هو أهمها وأسماها وأساس وجودها واستمرارها، والأمن هو النعمة التي لا يمكن أن تستقيم الحياة بغيرها. ولذلك امتنَّ الله بهذه النعمة على كفار قريش. قال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ{3}الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ{4})(قريش)، وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ{67})(العنكبوت).
وجعل الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- مَنْ توفر له الأمن كمن حيّزت له الدنيا كلَّها، فقد أخرج الترمذي -وحسَّنه الألباني- عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِىّي عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِى جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا»(16).
إن النظر إلى أن الأمن الفكري هو أسمى أنواع الأمن وأساسها يفيدنا في:
-1 أن نوجه الأنظار إلى العناية بالفكر بتوفير كل أسباب حمايته واستقامته والمحافظة عليه. وكذلك العمل على رصد ودراسة كل ما من شأنه التأثير على سلامة الفكر واستقامته.
-2 أن نعمل على معالجة أسباب اختلال الأمن في المجتمع بشكل متكامل ومترابط من غير فصل بين أنواع الأمن، ولا تفريق بين تلك الأسباب.
إن النظرة الشاملة تجعل المعالجة شاملة ومتكاملة، وهو ما يوفر على الجهات المختصة بأمن المجتمع الجهود، ويحمي الأمة من تبعات الفصل في المعالجة بين أسباب اختلال الأمن، ويوصل إلى النتائج المثمرة، والغايات المحمودة في أسرع وقت.
-3 أن تكون المعالجات الأمنية من واقع الأمة، مستقاة من مصادر فكرها وعقيدتها، وبناءً على مقتضيات حاجتها بعيدًا عن التقصير والشطط.
ثانيًا: أن الأمن الفكري يتعلق بالمحافظة على الدين، الذي هو إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحمايتها والمحافظة عليها.
إن الإسلام هو دين الأمة: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)(آل عمران:19)، والإسلام هو مصدر عزها وقوتها، وهو أساس تمكينها في الأرض (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{55})(النور).
والإسلام هو مصدر ثقافة الأمة، ومستند علومها ومعارفها، وهو أساس علوها وتميزها، لذلك كان في الأمن الفكري الحماية لهذه الأسس والمرتكزات، والإخلال به إخلال بها، وهو ما يجعل الأمة عرضة للزوال، والتأثر بأديان الأمم الأخرى وثقافاتها وأفكارها، وبذلك تفقد سر تميزها، وأساس وجودها وعظمتها.
ثالثًا: أن الأمن الفكري يتعلق بالعقل، والعقل هو آلة الفكر، وأداة التأمل والتفكر، الذي هو أساس استخراج المعارف، وطريق بناء الحضارات، وتحقيق الاستخلاف في الأرض، ولذلك كانت المحافظة على العقل، وحمايته من المفسدات، مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية، وسلامة العقل لا تتحقق إلا بالمحافظة عليه من المؤثرات الحسية والمعنوية.
رابعًا: أن الأمن الفكري غايته استقامة المعتقد، وسلامته من الانحراف، والبعد عن المنهج الحق، ووسطية الإسلام، ولذلك فإن الإخلال به يعرض الإنسان لأن يكون عمله هباءً منثورًا لا ثقل له في ميزان الإسلام، قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا{23})(الفرقان)، وقال: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{1}وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2}عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ{3}تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً{4})(الغاشية)، وذلك هو الخسران المبين؛ (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ{15})(الزمر).
خامسًا: أن الإخلال بالأمن الفكري يؤدي إلى تفرق الأمة وتشرذمها شيعًا وأحزابًا، وتتنافر قلوب أبنائها، ويجعل بأسهم بينهم، فتذهب ريح الأمة، ويتشتت شملها، وتختلف كلمتها.
ولقد نهى الله عن الاختلاف في محكم التنزيل، فقال: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{153})(الأنعام: 153)، وقال: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{105})(آل عمران).
ولا شك في أن من أعظم أسباب اختلاف القلوب وتفرق الصفوف هو الخلاف العقدي، فبه تُستحل الدماء، ويلعن بعض الأمة بعضها الآخر.
ولذلك كان من صفات الخوارج أنهم «قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»(17).
وما تعيشه الأمة اليوم بسبب انحراف فكر بعض أبنائها من تكفير، وتفجير، وشدة اختلاف، يشي بخطورة الاختلاف بدافع عقدي.
المبحث الثالث: مجالات الأمن الفكري
الفكر عملية ذهنية مسرحها العقل، ومؤداها التأمل والنظر، وثمرتها استنباط واستخراج العلوم والمعارف؛ ولكي تتحقق السلامة لهذا النظر من الزلل، ولثمرته الاستقامة والبعد عن الخلل، فلابد من التزام منهج الإسلام في التفكير، وما ينتج عن ذلك التفكير من علوم ومعارف.
وبناءً على ذلك فإن الأمن الفكري يجب أن يكون متحققًا في حالتين:
-1 عند التأمل وتردد النظر.
-2 وفي الموضوعات التي أنتجها العقل بناء على ذلك النظر.
وسأتكلم عن ذلك في مطلبين:
المطلب الأول: وجوب تحقق الأمن الفكري عند التأمل وتردد النظر، وفيه فرعان:
الفرع الأول: وجوب صيانة العقل من الانحراف حال نظره وتأمله
الفرع الثاني: فوائد حجز العقل عن الخوض فيما لا يدرك أو ما لا فائدة فيه
الفرع الأول: وجوب صيانة العقل من الانحراف حال نظره وتأمله
إن العقل لا يستطيع أن يخوض في كل مجال، ولا أن يدرك حقائق جميع الأشياء(18). ولذلك جعلت نصوص الوحي حدودًا معينةً للعقل يجب عليه ألا يتعداها؛ لأن في تعديها خطرًا على العقل، أو إشغا له بما لا فائدة فيه.
قال الشاطبي (رحمه الله): «إنَّ اللهَ جعل للعقول في إدراكها حدًا تنتهي إليه لا تتعداه، ولم يجعل لها سبي إلى الإدراك في كل مطلوب، ولو كانت كذلك لاستوت مع الباري تعالى في إدراك جميع ما كان وما يكون وما لا يكون إذ لو كان كيف كان يكون»(19).
وقال ابن العربي: «إن الزعم بأن العقل قادر قدرة مطلقة علي إدراك أو تحصيل جميع المعلومات دعوة حمقاء لا تقوم علي سوق، إذًا إنه ليس لنا أن ندعي أن له مکانًا في الإدراك يتيح له أن يحيط بکل شيء بمفرده واستقلاله، بل إن العقل متواضع ومحدود في مجال إدراکه»(20).
ولذلك يجب صيانة الفكر حال التأمل من:
أولًا: النظر والتأمل فيما لا يدركه العقل
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً{85})(الإسراء)، فقد أبان الله سبحانه في هذه الآية أن الروح مما استأثر الله بعلمه، والاشتغال بما استأثر الله بعلمه ضرب في البيداء؛ ولا قُدرة للعقل في التعرف عليه؛ لأنه فوق مرتبة العقل.
وقد جعل الله النظر في متشابهات القرآن سبيل أهل الزيغ والفساد، فقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ{7})(آل عمران), وذلك؛ لأن بعض المتشابه لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته(21)، و «هو موضع خضوع العقول لباريها استسلامًا واعترافًا بقصورها»(22)، فالاشتغال به يقود إلى الضلال، والخروج عن مقتضى العبودية والاستسلام لله رب العالمين.
ولذلك ضرب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صبيغا لما أكثر السؤال عن المتشابهات؛ فقد أخرج الدارمي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ صَبِيغٌ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الله صَبِيغٌ. فَأَخَذَ عُمَرُ عُرْجُونًا مِنْ تِلْكَ الْعَرَاجِينِ فَضَرَبَهُ، وَقَالَ: أَنَا عَبْدُ الله عُمَرُ. فَجَعَلَ لَهُ ضَرْبًا حَتَّى دَمِي رَأْسُهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ قَدْ ذَهَبَ الَّذِى كُنْتُ أَجِدُ فِى رَأْسِى»(23).
وقد جاء عن النبي -صلَّى الله عليه سلَّم- أحاديث ترسم للعقل حدوده، وتعقله عن الخوض في غير مجاله، فقد روى الطبراني عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «تفكروا في آلاء الله، ولا تتفكروا في الله»(24)، وأخرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بالله»(25)، وروى الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِى الْقَدَرِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ الرُّمَّانُ فَقَالَ: «أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ
إِلَيْكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الأَمْرِ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تَتَنَازَعُوا فِيهِ»(26).
لقد أخبرنا الله عن نفسه، فقال سبحانه: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{11})(الشورى)، فالتفكر في ذاته تعالى إشغال للعقل بما ليس في وسعه أن يدركه، وزجّ به في متاهات لا توصل إلى الحق، بل إلى الريبة والشك والاضطراب، ولذلك جاء النهي صريحًا عن التفكر في ذات الله؛ لأنه لا يصل فكر الإنسان -مهما أعمله- إلى إدراك كنه ذات الله سبحانه وكيفيته؛ «لأن التفكير والتقدير يكون في الأمثال المضروبة والمقاييس وذلك يكون في الأمور المتشابهة وهي المخلوقات. وأما الخالق -جلَّ جلاله سبحانه وتعالى- فليس له شبيه ولا نظير، فالتفكر الذي مبناه على القياس ممتنع في حقه وإنما هو معلوم بالفطرة فيذكره العبد.وبالذكر وبما أخبر به عن نفسه: يحصل للعبد من العلم به أمور عظيمة؛ لا تنال بمجرد التفكير والتقدير»(27).
والكلام في القدر قول بلا علم؛ فإن «القدر سرٌّ من أسرار الله تعالى لم يطلع عليه ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرس ،ًال ولا يجوز الخوض فيه والبحث عنه بطريق العقل»(28)، فالتعمق والنظر فيه ضلالة.
قال ابن بطال: «ولمخالفة هذا ضلَّ أهل البدع حين حكموا عقولهم وَرَدُّوا إليها ما جهلوه من معاني القدر وشبهه. وهذا خطأ منهم؛ لأن عقول العباد لها نهاية، وعلم الله لا نهاية له. قال الله عزّ وجلّ: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ)(البقرة: 255)، فما أخفاه عنهم فهو سِرُّ الله الذي استأثر به، فلا يحل تعاطيه، ولا يُكلَّف طلبه، فإن المصلحة للعباد في إخفائه منهم، والحكمة في طَيَّه عنهم إلى يوم تُبلى السرائر، والله هو الحكيم العليم، قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)(المؤمنون:71)»(29)ا. ه
إن قضايا الغيب «مهامه ومتاهات لا أفسد للعقل من الخوض فيها مجردًا من نور الوحي»(30)، ولذلك فإن «غاية حظ العقل منها –سوى الفهم والتسليم– إثبات إمكانها، ونفي امتناعها»(31).
ثانيًا: النظر والتأمل فيما لا فائدة من النظر فيه ومما يجب أن يُصان عنه العقل النظرُ والتأملُ فيما لا يعود على المكلف بفائدة في دينه ودنياه. قال تعالى:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{189})(البقرة).
ففي هذه الآية أجاب الله السائلين بغير ما يتطلبه سؤالهم، وذلك “لأن الصحابة – رضي الله عنهم – لما تاقت نفوسهم إلى تعلم هيئة القمر منه -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقالوا له: يا نبي الله ما بال الهلال يبدو دقيقًا ثم لم يزل يكبر حتى يستدير بدرًا؟ نزل القرآن بالجواب بما فيه فائدة للبشر وترك ما لا فائدة فيه، وذلك في قوله تعالى:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)(البقرة: 189).
وهذا الباب الذي أرشد القرآن العظيم إلى سده، لما فتحه الكفرة كانت نتيجة فتحه الكفر، والإلحاد، وتكذيب الله ورسوله من غير فائدة دنيوية.الذي أرشد الله إليه في كتابه هو النظر في غرائب صنعه، وعجائبه في السماوات والأرض ليستدل بذلك على كمال قدرته تعالى، واستحقاقه للعبادة وحده. وهذا المقصد الأساسي لم يحصل للناظرين في الهيئة من الكفار»(32)ا.ه.
وأخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىيءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»(33).
إن التعمق في بحث المسائل التي لم تقع، والإكثار من الأسئلة على سبيل التعنت لا فائدة من ورائه، بل هو إشغال للنفس بما قد يؤدي بها إلى التهلكة، والتحلل من تكاليف الدين، والوقوع فيما حرّمه الله ونهى عنه، ولذلك كان من سيرة السلف كراهته والتحذير منه.
قال ابن حجر عند شرح هذا الحديث: «واستدل به على النهي عن كثرة المسائل والتعمق في ذلك، قال البغوي في «شرح السنة » المسائل على وجهين:
أحدهما: ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين فهو جائز بل مأمور به؛ لقوله تعالى:(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ)الآية، وعلى ذلك تتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما.
ثانيهما: ما كان على وجه التعنت والتكلف، وهو المراد في هذا الحديث. والله أعلم.
ويؤيده ورود الزجر في الحديث عن ذلك، وذم السلف؛ فعند أحمد من حديث معاوية «أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نهى عن الأغلوطات» قال الأوزاعي: هي شداد المسائل.
وقال الأوزاعي أيضًا: «إن الله إذا أراد أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط، فلقد رأيتهم أقل الناس علمًا .
وقال ابن وهب سمعت مالكا يقول: «المراء في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل ».
وقال ابن العربي: «كان النهي عن السؤال في العهد النبوي خشية أن ينزل ما يشق عليهم، فأما بعد فقد أمن ذلك لكن أكثر النقل عن السلف بكراهة الكلام في المسائل التي لم تقع » قال: «وإنه لمكروه إن لم يكن حرامًا إلا للعلماء فإنهم فرَّعوا ومهدَّوا فنفع الله من بعدهم بذلك، ولا سيما مع ذهاب العلماء ودروس العلم »(34)ا.ه.
ثالثًا: النظر والتأمل من الجاهل إن فرض الجاهل السؤال عمَّا لا يعلم حتى يكون امتثاله واستسلامه لله على نور وهدى وبصيرة. قال تعالى:(وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي? إِلَيْهِمْ فَ?سْأَلُواْ أَهْلَ ?لذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ)(النحل: 43).
قال القرطبي: «فرض العامي؛ الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى:(فَ?سْأَلُواْ أَهْلَ ?لذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ)(35).
وروى أبو داود عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا فِى سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُ مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَال:َ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىيِ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ».أَوْ «يَعْصِبَ ». شَكَّ مُوسَى «عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ »(36).
قال الإمام الخطابي: «في هذا الحديث من العلم أنه عابهم بالفتوى بغير علم، وألحق بهم الوعيد بأن دعا عليهم، وجعلهم في الإثم قتلة له »(37).
إننا حينما نمعن النظر في تلك الأدلة نجد أنها ترسم للعقل مجالا، وتحد له حدودًا. وذلك «لصيانته وحفظه من التطاول إلى ما لا يبلغه، وما ليس في وسعه إدراكه »(38)، ومنعًا له من الاشتغال بما لا يفيد.
رابعا: النظر في كتب الضلالة، ومصادر الأفكار المنحرفة إن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ العقل، ولا شك في أن مما يجب أن يُصان منه العقل النظرَ والتأملَ في «المصادر أو المناهج التي تُغذي العقل البشري بالأفكار والعقائد الفاسدة. وهي تشمل العقائد والمعلومات والمعارف كلَّها؛ سواء أكانت دينية أم اجتماعية أم سياسية أم عسكرية أم اقتصادية، فإن العقل إذا غُذِّي بعقائد وأفكار ومعلومات فاسدة يسوء تصوره، ويفسد ويضل، ويصبح أخطر من العقل الخالي من المعلومات »(39).
أخرج الدارمي عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- أَتَى رَسُولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بِنُسْخَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله !ّهَذِهِ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ. فَسَكَتَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، أَمَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-؟ فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فَقَالَ: أَعُوذُ بِا مِنْ غَضَبِ وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ، رَضِينَا بِا رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَقَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ بَدَا لَكُمْ مُوسَى فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِى لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا وَأَدْرَكَ نُبُوَّتِي لاَتَّبَعَنِي»(40).
الفرع الثاني: فوائد حجز العقل عن الخوض فيما لا يدرك أو ما لا فائدة فيه:
إن في منع الفكر من الاشتغال بما ليس في وسعه إدراكه، وحفظه من الخوض في غير مجاله، وإبعاده عن الاشتغال بما ليس فيه فائدة، إن في ذلك فوائد جمَّة، وآثارًا حسنةً ترجع على صاحب الفكر والمجتمع الذي يعيش فيه. ومن تلك الفوائد:
أولًا: حماية المكلف من الوقوع في معصية القول على الله بغير علم، ومن قول ما لا يعلم.
قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{33})(الأعراف:33).
لقد حرَّم الله في هذه الآية القول على الله بغير علم، بل جعل ذلك أعظم إثمًا ومعصية من الشرك.
قال ابن القيم –رحمه الله -: «وَقَدْ حَرَّمَ سُبْحَانَهُ الْقَوْلَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ، وَجَعَلَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ، بَلْ جَعَلَهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا مِنْهَا، فَقَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{33}) فرَتَبََّ الْمُحَرَّمَاتِ أَرْبَعَ مَرَاتِبَ، وَبَدَأَ بِأَسْهَلِهَا وَهُوَ الْفَوَاحِشُ، ثُمَّ ثَنَّى بِمَا هُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ وَهُوَ ا ثْإلِْمُ وَالظُّلْمُ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ تَحْرِيمًا مِنْهُمَا وَهُوَ الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ رَبَّعَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ بِ عِلْمٍ، وَهَذَا يَعُمُّ الْقَوْلَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِ عِلْمٍ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَفِي دِينِهِ وَشَرْعِهِ. وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ{116}مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{117}) فَتَقَدَّمَ إلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ بِالْوَعِيدِ عَلَى الْكَذِبِ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِهِ، وَقَوْلِهِمْ لِمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ: هَذَا حَرَامٌ، وَلِمَا لَمْ يَحِلَّهُ: هَذَا حَلَالٌ، وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ إ بِمَا عَلِمَ أَنَّ سُبْحَانَهُ أَحَلَّهُ وَحَرَّمَهُ »(41).
وقال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا{36})(الإسراء).
قال الشنقيطي – رحمه الله -: «نهى جلّ وعلا في هذه الآية الكريمة عن اتباع الإنسان ما ليس له به علم. ويشمل ذلك قوله: رأيت ولم ير، وسمعت ولم يسمع، وعلمت ولم يعلم. ويدخل فيه كل قول بلا علم، وأن يعمل الإنسان بما لا يعلم »(42).
ثانياَ: حماية المكلف من الحيرة والشك والاضطراب إن إطلاق سراح العقل ليخوض في كل شيء قد يُفضي به إلى الشك والحيرة والاضطراب! وعند ذلك فلا يستغرب أن يُنْتِج لنا فكرًا مضطربًا ومشوشًا فيَضِل به، ويُضل.
إن «الشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول»(43)، ولذلك فإن الخوض فيما تحار فيه العقول قد يُفضي بالإنسان إلى الشك فيما يجب أن يجزم فيه بالاعتقاد.
ومن ذلك «البحث عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها؛ ومنها ما لا يكون له شاهد في عالم الحس؛ كالسؤال عن وقت الساعة، وعن الروح، وعن مدة هذه الأمة، إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف. والكثير منه لم يثبت فيه شيء فيجب الإيمان به من غير بحث، و… ما يوقع كثرة البحث عنه في الشك والحيرة» (44).
ثالثًا: حماية المكلف من اعتناق المذاهب المنحرفة والأفكار المضلة لقد كانت نتيجة إدخال العقل في مجال غير مجاله، والنظر في مصادر معرفية لا تستند إلى المرجعية الإسلامية، كانت نتيجة ذلك اعتناق مذاهب وأفكار منحرفة بعيدة عن هدي الوحي، ووسطية الإسلام.
فالتكفير والإرجاء، والتشيّع، والاعتزال، والتأويل، والإعراض عن الشرع، والعقلانية، والديمقراطية، والعلمانية، والليبرالية، كل ذلك إنما كان عندما استقى الفكرُ معارفه من مصادر غير مأمونة، وحينما لم يُلتزم بالحدود الشرعية للعقل، وجُعل مصدرًا تتلقى منه العقائد وعلم الغيب، وحكمًا على شرع الله(45).
رابعًا: حماية المجتمع من الأفكار المضلَّة، وثمرات الفكر المنحرف لكي يكون الفكر مستقيمًا، فلابد من أن يلتزم المُنْتِج لذلك الفكر بمنهج الإسلام وحدوده(46) حينما يتأمل وينظر في المحسوسات والمعقولات، وحينما يستخرج من ذلك النظر العلوم والمعارف.
فإذا لم يلتزم المفكر بذلك، فلعلَّه ينتج فكرًا منحرفًا، يوقع الشك والريبة في قلوب الناس، ويحملهم على البعد عن الصراط المستقيم، والمنهج الحق، والخلق القويم.
خامسًا: العمل على استنباط مناهج التفكير المستقيم إن الإيمان بوجوب صيانة العقل حال نظره وتأمله تبعث في نفوس أهل العلم والاستنباط الهمَّة لوضع القواعد السليمة، والمناهج المستقيمة للتفكير، مستقاة من الكتاب والسنَّة ومصادر الشريعة الإسلامية الأخرى، ونشر تلك القواعد وتضمينها في مناهج التربية التعليم في بلاد المسلمين.
إن تلك القواعد الشرعية تساعد -بإذن الله- في حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري، إذ على ضوئها نضمن أن يكون فعل النفس الإنسانية وحركتها حين تأملها ونظرها، ومنتجات الفكر البشري وموضوعاته، منضبطة بالضوابط الشرعية، ملتزمًا بالحدود الآمنة للفكر.
وعلى ضوئها أيضًا نستطيع أن نحكم على استقامة الأفكار وانحرافها، ونعرف مدى فائدة تلك الأفكار وضررها.
المطلب الثاني: حماية منتجات العقل ومبدَعاته من الانحراف ذكرت آنفًا أن من فوائد التزام الإنسان بالحدود التي رسمها الشرع لحركة العقل ونظره وتأمله، سلامة مبدَعات العقل الإنساني ومنتجاته من الانحراف.
وذكرت أيضًا أنه بإمكاننا على ضوء الضوابط الشرعية للتفكير نستطيع أن نحاكم منتوجات العقل البشري وموضوعاته، ونحكم عليها بالسلامة أو الانحراف.
ولا شك في أن هناك أمورًا عديدة يجب أن يخلو منها ما ينتجه العقل الإنساني من علوم ومعارف، ليكون فكرًا آمنًا سالمًا من الانحراف، ولكني سأقتصر على التنبيه على ثلاثة أمور منها في فروع ثلاثة، وذلك على النحو التالي:
الفرع الأول: حماية الفكر من الغلو، وفيه خمس مسائل:
الغلو تعدٍ لحدود الشرع، وخروج عن مقتضيات الفطرة السليمة والعقل، واتباع لنزغ الشيطان(47) وخطواته، وما كان كذلك فلا بد أن تكون ثماره مرة، وعاقبته وخيمة، ونتيجته سيئة.
ولذلك جاءت نصوص الوحي من الكتاب وصحيح السنَّة، وانعقد إجماع أهل العلم والقدوة في الأمة من السلف الصالح والخلف المتبع لنهج من سلف، جاءت تلك النصوص والإجماع بتحريم الغلو والتحذير منه، والتنبيه إلى عواقبه ليكون الناس على بيَّنة منه فيجتنبوه.
والبحث فيه يطول من حيث استقصاء أسبابه، والإتيان على نشأته ومسيرته، وذكر ثمراته ونتائجه، ولكن حسبي من ذلك أن أختصر الكلام وأعتصره في النقاط التالية حتى أسلِّط بعض الضوء على هذا الفكر الخبيث، والداء الوبيل، والشر المستطير. وذلك على النحو التالي:
المسألة الأولى: مفهوم الغلو في اللغة والاصطلاح.
المسألة الثانية: حكم الغلو في الدين.
المسألة الثالثة: ما يقع فيه الغلو.
المسألة الرابعة: أسباب الغلو.
المسألة الخامسة: الآثار السيئة للغلو.
المسألة الأولى: مفهوم الغلو في اللغة والاصطلاح
الغلو في اللغة:
الغلو في لسان العرب: مجاوزة الحد.
قال ابن فارس: «الغين، واللام، والحرف المعتل أصل صحيح في الأمر يدل على ارتفاع ومجاوزة قدرٍ.
يقال: غَلاَ السِّعر يغلو غَلاءً، وزاد ارتفاعُه. وغَلاَ الرَّجل في الأمر غُلُوَّا؛ إذا جاوز حدَّه. وغَلاَ بسَهْمِه غلْوًا، إذا رمى به أقصى غايته »(48).
الغلو شرعًا هو: الإفراط ومجاوزة الحد الشرعي في أمر من أمور الدين(49).
المسألة الثانية: حكم الغلو في الدين:
لقد نهى الله سبحانه وتعالى في آيات متعددة عن الغلو، فقال تعالى:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا{171})(النساء) وقال: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ{77})(المائدة).
كما حذَّر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الغلو في أحاديث كثيرة؛ منها ما رواه النسائي عن أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لي رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: هَاتِ الْقُطْ لي. فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ؛ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِى يَدِهِ قَالَ بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ.
وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِى الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِى الدِّينِ »(50)، وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لاَ تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ الله عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِى الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ (رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)»(51). وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-:«هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ». قَالَهَا ثَلاَثًا(52).
المسألة الثالثة: ما يقع فيه الغلو(53)
يقع الغلو في:
-1 الاعتقاد.
-2 الأعمال.
-3 الأشخاص.
المسألة الرابعة: أسباب الغلو:(54)
أسباب الغلو متعددة الأنواع والمتعلقات، ولكني سأقتصر على ذكر بعض تلك الأسباب على سبيل الاختصار؛ إذ لا تسمح طبيعة البحث بالتوسع والاستقصاء.
فمن أسباب الغلو:
أولًا: الجهل
الجهل هو «اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه»(55)، وقد يكون بسيطًا؛ «وهو عدم العلم عمَّا من شأنه أن يكون عالمًا»(56). وقد يكون مركبًا؛ «وهو عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع»(57).
وأيًا كان نوع الجهل فهو شر وبلية؛ لأنه يحول بين المرء وبين الاستسلام لله والانقياد له وإقامة دينه على الوجه الذي أراده سبحانه وتعالى.
فالإنسان الجاهل قد يترك ما أوجبه الله، أو يأتي ما حرَّم الله، أو يفعل المشروع، أو يترك المنهي عنه على غير الوجه الشرعي. ولذلك كان الجهل أصل الشر كلَّه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والجهل والظلم: هما أصل كل شر، كما قال سبحانه: (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً{72})»(58).
ولا يدفع غائلة الجهل وشروره إلا العلم بكتاب الله وسنَّة رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولذلك قال أهل العلم بوجوب تعلم ما يتوقف عليه دين الإنسان(59)؛ استدلا بقوله سبحانه وتعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ{19})(محمد)، فأمر الله بالعلم قبل العمل(60)، وبما رواه أبو يعلى الموصلي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-:«طلب العلم فريضة على كل مسلم »(61)، فيجب على الإنسان أن يتعلم قبل أن يعمل حتى يكون عام على بصيرة.
قال مالك بن أنس -رحمه الله-: «إن أقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم، فخرجوا على أمة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك»(62).
ونتيجة لجهل الغلاة بدين الله عزّ وجلّ، ومقاصد شريعته اتبعوا المتشابه من نصوص الكتاب والسنَّة وتركوا المحكم منها، وأخذوا ببعض الأدلة وتركوا ما سواها، ولم ينظروا إلى مآلات أفعالهم كما هو مقتضى الأدلة الشرعية، وأعظم من ذلك أن أصبح بعض هؤلاء الجهال رؤساء يقولون في دين الله بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا، وصدق فيهم قول الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما أخرج البخاري عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بن العاص قال: سَمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: «إنَّ اللهَ لا يَقبِضُ العِلمَ انتزِاعًا يَنتزِعُهُ من العِبادِ، ولكنْ يَقبِضُ العِلمَ بقَبض العُلماءِ، حتى إِذا لم يُبقِ عالمًا اتخذَ الناسُ رُؤُوسًا جُهَّا فسُئلوا فأفْتَوا بغير علمِ فضلُّوا وأضَلُّوا»(63).
ثانيًا: اتباع الهوى الهوى: «هو ميل النفس وانحرافها نحو المذموم شرعا»(64).
واتباع الهوى لا يأتي بخير، لأنه يصد عن الحق (65)، و «إن الذي يسترسل في اتباع هواه لا يبصر قبح ما يفعله، ولا يسمع نهي من ينصحه، وإنما يقع ذلك لمن يحب أحوال نفسه، ولم يتفقد عليها»(66).
ولذلك كان اتباع الهوى أصل كل بلاء، وبه فسد الدين؛ لأن فساد الدين يقع بالاعتقاد بالباطل، أو العمل بخلاف الحق «فالأول البدع، والثاني اتباع الهوى، وهذان هما أصل كل شر وفتنة وبلاء، وبهما كذبت الرسل،وعصى الرب، ودخلت النار، وحلت العقوبات»(67).
إن من آفات الهوى أنه يجعل الإنسان تبعا لهواه؛ فآراؤه العلمية، وفتاواه الفقهية،ومواقفه العملية،تبع لهواه، فدخل تحت قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{23})(الجاثية).
قال عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام: «ما ابتدع رجل بدعة إلا أتى غدا بما ينكره اليوم»(68)، وقال عبد الله بن عون البصري: «إذا غلب الهوى على القلب، استحسن الرجل ما كان يستقبحه»(69).
ولأن أصحاب الأهواء يتبعون داعية الهوى، فإن «المفترقة من أهل الضلال تجعل لها دينًا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم، ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادًا لا اعتمادًا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم، وتارة يعرضون عنه، ويقولون : نفوّض معناه إلى ،ّهالل وهذا فعل عامتهم»(71).
وأصحاب الأهواء يتخذون أهل الحق أعداء لهم، ولذلك فإن من عادتهم مفارقة جماعة المسلمين، واعتزال مجالسهم.
قال سعيد بن عنبسة: «ما ابتدع رجل بدعة إلا غلّ صدره على المسلمين، واختلجت منه الأمانة»(71)، وذلك لأن «جميع المعاصي يجتمع فيها هذان الوصفان؛ وهما العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ فإن التحابّ والتآلف إنما هو بالإيمان، والعمل الصالح كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا{96})(مريم) أي: يلقي بينهم المحبة، فيحب بعضهم بعضًا؛ فيتراحمون، ويتعاطفون، بما جعل الله لبعضهم في قلوب بعض من المحبة»(72).
ثالثًا: تحسين الظن بالعقل وتقديمه على الشرع العقل قاصر الإدراك في علمه، ولذلك أنزل الله الكتب، وبعث الرسل(73): (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا{165})(النساء)، فمن استغنى بعقله واستند عليه مبتوتًا عن نور الوحي، فقد ضل سبيلا(74).
وقد جعل الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذين يقدمون الرأي على الشرع أشد ضررًا على الدين من غيرهم، روى الحاكم عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال ويحللون الحرام» وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه»(75).
وقد أدرك عبقري الأمة وخليفتها الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطر المعارضين لشرع الله بآرائهم، المقدمين عليه أهواءهم، فقال: «إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلُّوا وأضلُّوا»(76).
فكل من قدم رأيه على النص، أو قال في دين الله تخرصًا فقد حسن الظن بعقله، وقال به في دين الله بغير علم(77)، قال ابن القيم: «فالرأي الباطل أنواع:
أحدها: الرأي المخالف للنص، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فساده وبطلانه، ولا تحل الفتيا به ولا القضاء، وإن وقع فيه من وقع بنوع تأويل وتقليد.
النوع الثاني: هو الكلام في الدين بالخرص والظن، مع التفريط والتقصير في معرفة النصوص وفهمها واستنباط الأحكام منها، فإن من جهلها وقاس برأيه فيما سُئل عنه بغير علم، بل لمجرد قدر جامع بين الشيئين ألحق أحدهما بالآخر، أو لمجرد قدر فارق يراه بينهما يفرِّق بينهما في الحكم، من غير نظر إلى النصوص والآثار؛ فقد وقع في الرأي المذموم الباطل»(78).
وأصحاب الغلو قائلون في دين الله بالخرص، وآراؤهم مخالفة للنص، فلا غرو إذًا أن نراهم وهم يكفرون المسلمين ويخرجونهم من الملة بغير دليل، ويجعلون ديار الإسلام بلاد كفر، ويستبيحون الدماء المعصومة، ويهتكون الأعراض المصونة، ويهلكون الأموال المحترمة؛ لأنهم استغنوا بعقولهم عن نور الوحي وقدموها عليه، واستأنسوا بقدرتهم من دون حبل من الله يعتمدون عليه.
رابعًا: التقليد والتعصب
التقليد هو: «قبول القول من غير دليل»(79).
أما التعصب، فهو: تقديم ذلك القول على غيره من الأقوال، واتخاذه حجة ملزمة لا تجوز مخالفتها(80).
والتقليد جائز للعامي الذي لا يعرف طرق الأحكام الشرعية فيما لا يعلم إلا بالنظر والاستدلال من تلك الأحكام(81).
وأما التقليد المحرّم، فثلاثة أنواع:
أحدها: الإعراض عمَّا أنزل الله، وعدم الالتفات إليه؛ اكتفاء بتقليد الآباء.
الثاني: تقليد من لا يعلم المقلد أنه أهل لأن يؤخذ بقوله.
الثالث: التقليد بعد قيام الحجة، وظهور الدليل على خلاف قول المقلَّد»(82).
ولا ريب في أن التعصب لأقوال الرجال وأخذها مأخذ التسليم؛ دون نظر إلى الدليل الذي بنيت عليه، خلاف مقصود الشرع(83)، فإن الله سبحانه قال: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{32})(آل عمران)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{59})(النساء)، وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما أخرجه أبو داود عن العرباض بن سارية رضي الله عنه: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله،َّ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»(84).
ولقد عاب الله على أهل الكتاب أنهم: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{31})(التوبة).
روى الترمذي عن عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ.فَقَالَ: «يَاعَدِىُّ! اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ. وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ{31})قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَاحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ»(85)، والمقلِّد يتبع من يقلّده في التحليل، والتحريم (86).
ولم يكن أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم- يلتزم تقليد شخص واحد لا يخرج عن أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة. قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: «لا يقلّدن رجل دينه رجلاً إن آمن آمن، وإن كفر، كفر»(87).
لقد جر التعصب في التقليد على الأمة الإسلامية بلاءً عظيمًا، وجعلها شيعًا وأحزابًا، كل حزب بما لديهم فرحون، وبإمامهم مغتبطون(88)؛ فافترقت الكلمة، وتشتت الصف، وذهبت القوة، وطمع الأعداء، وأصبح المحققون من العلماء، الحاملون لراية السنَّة، المتبعون للدليل محل سخرية واستهزاء المقلدين، وغرضًا لهم.
لقد تفرَّق المسلمون، وغدوا شيعًا وأحزابًا؛ بسبب التعصب المقيت؛ ففي القديم ظهر الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والشيعة، وبعض تلك الفرق ما زال إلى الآن، يتقربون إلى الله بلعن الصحابة -رضوان الله عليهم- وتكفير المسلمين، واستحلال دمائهم.
وفي عصرنا الحاضر عُرف الناس بما ينتسبون إليه من أحزاب وجماعات، وغدت كل جماعة تلعن أختها، وكل حزب يتبرأ من الآخر، بل غدت بعض الأحزاب والجماعات عونًا لأعداء الإسلام، وبوقًا لهم في ديار المسلمين، ووسيلة لنفاذ العدو إلى أرضهم.
خامسًا: مجالسة أهل الغلو وقراءة كتبهم
للجليس أثرٌ على جليسه؛ قال -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما رواه أَبو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ » رواه أبو داود،(89) وقال النووي: «إسناده صحيح»(90).
ولذلك جاء الإسلام مرغبًا في مصاحبة الأخيار،ومحذرًا من مصاحبة الأشرار. قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً{28})(الكهف)، وقال تعالى: (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا{29})(النجم)، وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{68})(الأنعام)، وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ. وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ. فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ الله مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ لِمَنْ جَعَلَ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ»(91). وقَالَ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لاَ تُصَاحِب إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ»(92).
إن أهل الغلو يدّعون الفهم الصحيح للدين، وأنهم يتمثلونه في واقعهم كما أمر الله، ويستدلون على ذلك بالأدلة من الكتاب والسنَّة، بل وإجماع الأمة، وقد يُفتَن المجالسُ لهم بما يقولون؛ فيعتقد صحة منهجهم، ويسلك مسلكهم، ويتبع طريقتهم(93). قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً{27}يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً{28}لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً{29})(الفرقان)، فبيّن تعالى أن الصاحب قد يضلُّ صاحبه عن الدين، ويفتنه عن الهدى، ويصده عن سلوك طريق الحق.
وقد أبان -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن أن الإنسان يتأثر بمجالسه ولا بد، وأن الإنسان المستقيم على الهدى قد ينقلب على عقبه إذا صاحب من ليس كذلك(94)؛ فقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»(95).
إن بعض أهل الغلو وخصوصا أصحاب الغلو الاعتقادي يعتقدون كفر من لم يرَ رأيهم؛ وبالتالي إباحة دمه، وزوال العصمة عن ماله وحرمه، فإذا جالسهم الإنسان ربما أوقعوه في مثل هذا المعتقد الفاسد، وأصبح سيفًا مصلتًا على رقاب الموحدين، وداعية بدعة في ديار المسلمين، ومفرقًا لجماعتهم.
قال أبو قلابة الجرميّ التابعي: «لا تجالسوا أصحاب الأهواء، أو قال:أصحاب الخصومات؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون»(96).
ومما يدل على خطورة مجالسة أهل الغلو، قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-:«مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهْوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ أَوْ لِمَا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ»(97).
والكتب مستودع الأفكار والمذاهب، وما فيها من حق أو باطل تعبيرٌ عمَّا يعتقده مؤلفوها، ويذهبون إليه في مسائل العلم، وأفكار أهل الغلو وشبههم، ومذاهبهم، ومقولاتهم مسطورة فيما يكتبون، مبثوثة فيما يؤلفون، فإذا قرأها من لا بصر له بمقولاتهم، يُخشى عليه أن يقع في قلبه منها، وتؤثر في فهمه.
وقد حذَّر السلف من قراءة كتب أهل الأهواء(98)، وحرَّموا النظر فيما يخشى أن يقع به الإنسان في الضلال، والشك، والشبهة(99).
قال ابن القيّم: «وقد أمر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من كتب عنه شيئًا غير القرآن أن يمحوه، ثم أذن في كتابة سنّته، ولم يأذن في غير ذلك.
وكلّ الكتب المتضمنة لمخالفة السنّة غير مأذون فيها، بل مأذون في محقها وإتلافها، وما على الأمّة أضرّ منها. وقد حرّق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لِما خافوا على الأمّة من الاختلاف، فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف و التفرّق بين الأمّة ؟!»(100).
المسألة الخامسة: الآثار السيئة للغلو
لقد ترتب على الغلو في وقتنا الحاضر مفاسد عظيمة تنبئ بسوء عاقبة الغلو؛ ومن تلك المفاسد(101):
أولًا: الغلو في التكفير، ويظهر ذلك في:
-1 تكفير المجتمعات الإسلامية.
-2 التكفير بالمعصية.
-3 تكفير المعين.
-4 تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق.
5 الحكم على ديار المسلمين بأنها ديار كفر.
-6 التكفير بالموالاة.
وكل هذه المسائل خالف فيها أهل الغلو الدليل من الكتاب والسنَّة، ومنهج أهل السنَّة والجماعة وطريقتهم.
ثانيًا: القتل والتفجير، مما ترتب عليه:
-1 اتخاذ بلاد المسلمين مسرحًا لقتل المسلمين والمعاهدين باسم الجهاد.
-2 استباحة دماء رجال الأمن واتخاذهم غرضًا ظلمًا وعدوانًا.
-3 قتل الأبرياء من المواطنين والمقيمين.
-4 إخفار ذمة المسلمين، ونقض عهودهم.
-5 الإخلال بأمن البلاد والعباد، وإثارة الرعب في قلوب الناس.
-6 تشويه صورة الإسلام وسماحته، والصد عن دين الله.
-7 نشر الكراهية بين غير المسلمين للإسلام وأهله.
-8 الإضرار بالأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية.
-9 إيقاف الأعمال الدعوية والإغاثية التي كان يقوم به الدعاة والمصلحون في كثير من بلاد المسلمين، بل وغير المسلمين.
-10 الخروج على ولاة الأمر.
-11 إثارة الكافرين ضد المسلمين، وجر المعركة معهم إلى بلاد الإسلام.
-12 تدمير المنشآت العامة، وإتلاف أموال المسلمين.
-13 ظهور الرويبضات، وأصحاب الشهوات والشُّبهات، وطعنهم في دين الله، وعلماء الإسلام.
الفرع الثاني: حماية الفكر من الإرجاء، وفيه مسألتان
المسألة الأولى: تعريف الإرجاء لغةً، واصطلاحًا.
المسألة الثانية: الآثار السيئة لفكر الإرجاء.
المسألة الثالثة: الآثار المترتبة على الأخذ بالرخص.
المسألة الأولى: تعريف الإرجاء لغةً، واصطلاحًا
الإرجاء في اللغة: التأخير.
قال في الصحاح: «أرجأت الأمر: أخّرته، وقرئ (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ)(التوبة)، أي: مُؤَخَّرونَ حتى يُنْزِلَ الله فيهم ما يريد.ومنه سُمِّيَتْ المُرْجِئَةُ مثال: المُرْجِعَةِ. يقال: رجلٌ مُرْجئٌ، مثال: مُرْجِعٍ، والنسبة إليه مُرْجِئِيٌّ، مثال: مُرْجِعِيٍّ»(102).
وفي الاصطلاح: يطلق «الإرجاء على معنيين:
أحدهما بمعنى: التأخير؛(قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَارسِل فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ)(لأعراف)؛ أي: أمهله وأخرهُ.
والثاني: إعطاءُ الرجاء.
أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول صحيح؛ لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد.
وأما بالمعنى الثاني فظاهر، فإنهم كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة.
وقيل : الإرجاء : تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النا ر؛ فعلى هذا المرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان .
وقيل : الإرجا ء تأخير علي -رضي الله عنه- عن الدرجة الأولى إلى الرابعة؛ فعلى هذ ا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان»(103).
وقد رجح الإمام ابن جرير الطبري أن الإرجاء في عرف أهل المعرفة بمذاهب المختلفين في الديانات، وهو مذهب القائلين بأن الأعمال ليست من الإيمان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «المرجئة والجهمية ومن اتبعهم من الأشعرية والكرامية قالوا: ليس من الإيمان فعل الأعمال الواجبة، ولا ترك المحظورات البدنية فإن الإيمان لا يقبل الزيادة ولا النقصان، بل هو شيء واحد يستوي فيه جميع المؤمنين من الملائكة والمقتصدين والمقربين والظالمين»(104).
المسألة الثانية: الآثار السيئة لفكر الإرجاء:
لم يكن فكر الإرجاء مجرد أفكار تجريدية لا تتصل بالواقع، بل كان ظاهرة لها آثار خطيرة في واقع المسلمين؛ ومن تلك الآثار:
1- أن فكر الإرجاء بدعة في الدين، وخروج عن إجماع أئمة المسلمين(105)، ولذلك حذَّر منه أئمة الإسلام أشد التحذير.
قال شيخ الإسلام: «فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم -يعني المرجئة – أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة.
وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء.
وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء. وقال شريك القاضي وذكر المرجئة فقال: هم أخبث قوم حسبك بالرافضة خبثًا، ولكن المرجئة يكذبون على الله. وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري(106)»(107).
2- ضياع معالم الدين الحق، والاستهانة بارتكاب المعاصي مع اعتقاد كمال الإيمان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن هنا يظهر خطأ قول جهم بن صفوان» «من اتبعه، حيث ظنوا أن الإيمان مجرد تصديق القلب وعلمه، لم يجعلوا أعمال القلب من الإيمان، وظنوا أنه قد يكون الإنسان مؤمنًا كامل الإيمان بقلبه، وهو مع هذا يسب الله ورسوله، ويعادي الله ورسوله، ويعادي أولياء الله، ويوالي أعداء الله، ويقتل الأنبياء، ويهدم المساجد، ويهين المصاحف، ويكرِّم الكفار غاية الكرامة، ويهين المؤمنين غاية الإهانة. قالوا: وهذه كلّها معاصٍ لا تنافي الإيمان الذي في قلبه، بل يفعل هذا، وهو في الباطن عند الله مؤمن. قالوا: وإنما ثبت له في الدنيا أحكام الكفار؛ لأن هذه الأقوال أمارة على الكفر ليحكم بالظاهر، كما يحكم بالإقرار والشهود، وإن كان الباطن قد يكون بخلاف ما أقرّ به وبخلاف ما شهد به الشهود»(108).
3- الوقوف في وجه كل دعوة إصلاحية تهدف إلى تبصير المسلمين بمعالم الهدى، وسلوك الصراط المستقيم «فقد اصطدمت هذه الفكرة –فكرة الإرجاء – بالعقيدة السلفية بطبيعة الحال، وجرى بين المنهجين جولات ومعارك، أبرزها المعركة التي دارت أيام شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية، ثم الجولة التي دارت بظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما تزال المعركة قائمة على أشدها، وما يزال مذهب المرجئة هو الطاغي على أكثر بقاع العالم الإسلامي.
وهكذا ظلت هذه القضية هي جوهر كل الدعاوى التي أشهرها المؤلفون الإرجائيون على عقيدة أهل السنَّة والجماعة باسم الرد على ما أسموه الوهابية، كما أنها ظلت كذلك بعد استفحال شرك التشريع، وظهور الدعاة الذين أعلنوا أن تحكيم غير شرع الله كفر أكبر ينافي شهادة أن لا إله إلا الله».
4- الجرأة على دين الله سبحانه وتعالى «سخرية واستهزاء، وأصبح هذا ميدانًا للزعماء والمفكرين، وملهاةً للشعراء والصحفيين، وجرت ألفاظ الاستهزاء على ألسنة العوام، فأصبحت في بعض الأحيان والبلدان كالسلام!!»(109).
5- التهيئة لنفاذ الغزو الفكري والعسكري الأجنبي إلى بلاد المسلمين، ونجاحه في تشويه الإسلام؛ عقيدةً وشريعةً، وإبعاده عن واقع الحياة، وإثارة الشُّبهات والشهوات، وإشغال الأمة بها، وتدمير مرتكزات الأمة الأخلاقية والاقتصادية والعلمية، وإضعاف روح الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين(110).
الفرع الثالث: حماية الفكر من تتبع الرخص الفقهية بالتشهي، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: المراد بتتبع الرخص الفقهية.
المسألة الثانية: حكم تتبع الرخص.
المسألة الثالثة: الآثار المترتبة على الأخذ بالرخص.
المسألة الأولى: المراد بتتبع الرخص الفقهية:
تتبع الرخص: «أن يأخذ من كل مذهب ما هو الأهون فيما يقع من المسائل»(111).
وصورة المسألة هي: «من التزم مذهبًا معينًا ثم فعل خلافه من غير تقليد لعالم آخر أفتاه؛ ولا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك، ومن غير عذر شرعي يبيح له ما فعله، هل يجوز فعله ذلك أم لا؟
المسألة الثانية: حكم تتبع الرخص:
نصّ أهل العلم على تحريم تتبع الرخص بالتشهي(112)؛ جاء في «تيسير التحرير » قال الإمام صلاح الدين العلائي: «والذي صرح به الفقهاء في مشهور كتبهم جواز الانتقال في آحاد المسائل، والعمل فيها بخلاف مذهبه، إذا لم يكن على وجه التتَّبع للرخص»(113).
بل قد نُقل الإجماع في ذلك(114)؛ لأن تتبع الرخص «مؤدٍّ إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها؛ لأن حاصل الأمر مع القول بالتخيير أن للمكلف أن يفعل إن شاء، ويترك إن شاء، وهو عين إسقاط التكليف»(115).
ولذلك حذَّر العلماء من الأخذ بنوادر العلماء ورخصهم؛ قال الأوزاعي: «من أخذ بنوادر العلماء، خرج من الإسلام»(116)، وقال سليمان التيمي: «لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كلَّه»(117).
المسألة الثالثة: الآثار االمترتبة على الأخذ بالرخص(118): إن الأخذ بمبدأ تتبع رخص الفقهاء يترتب عليه مفاسد كثيرة؛ منها:
1- أنه مفضٍ إلى التحلل من ربقة التكليف.
2- مخالفة أصول الشريعة ومقاصدها؛ لأن الشريعة إنما جاءت لتخرج الإنسان من داعية هواه، وتتبُّع الرُّخص ردُّ إلى أهواء النفوس.
3- الاستهانة بالدين وشرائعه؛ إذ يصير بذلك سيَّا لا ينضبط.
4- أنه قد يفضي إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماع العلماء.
5- أن بعض العلماء عدَّ من يتتبع رخص المذاهب فاسقًا(119). قال الإمام أحمد: «لو أن رج عمل بكل رخصة: بقول أهل المدينة في السماع؛ يعني الغناء، وبقول أهل الكوفة في النبيذ، وبقول أهل مكة في المتعة، لكان فاسقًا»(120).
-1 يؤدي إلى انخرام قانون السياسة، وشيوع المظالم(121).
-2 يكون سببًا لإثارة الغلاة بحجة القيام بتغيير المنكر؛ فإن «شيوع المنكرات والفساد والظلم في المجتمع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو التقصير فيه»(122) من أسباب ظهور الغلاة في كل زمان.
النتائج والتوصيات
أولًا: النتائج:
لقد تبيّن لي من خلال البحث في موضوع «الأمن الفكري: مفهومه، وضرورته، ومجالاته » النتائج التالية:
1- أن الأمن بالنظر إلى مقاصد الشرع هو: الحال التي يكون فيها الإنسان مطمئنًا في نفسه، مستقرًا في وطنه، سالمًا من كل ما ينتقص دينه، أو عقله، أو عرضه، أو ماله.
2- وأن الأمن لا يتحقق ما لم يكن هناك حفظ للضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها.
3- أن الفكر يشمل النظر العقلي، وما ينتج عن ذلك النظر والتأمل من علوم معارف.
4- أن الأمن الفكري هو: الحال التي يكون فيها العقل سالمًا من الميل عن الاستقامة عند تأمله، وأن تكون ثمرة ذلك التأمل متفقةً مع منهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح، وأن يكون المجتمع المسلم آمنًا على مكونات أصالته، وثقافته المنبثقة من الكتاب والسنَّة.
5- أن الأمن الفكري شاملٌ للفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، والموضوعات التي أنتجها العقل البشري، وكذلك شامل لفكر الفرد ومكونات فكر المجتمع، وأن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بالالتزام بمنهج الإسلام على وفق فهم السلف الصالح.
6- أن الأمن الفكري حاجة ضرورية لا تستقيم الحياة بدون توفره؛ لأنه أحد مكونات الأمن بصفة عامة، بل هو أهمها وأسماها وأساس وجودها واستمرارها.
7- أن الإخلال بالأمن الفكري يؤدي إلى تفرق الأمة وتشرذمها شيعًا وأحزابًا، وتتنافر قلوب أبنائها، ويجعل بأسهم بينهم، فتذهب ريح الأمة، ويتشتت شملها، وتختلف كلمتها.
8- وجوب توجيه الأنظار إلى العناية بالفكر بتوفير كل أسباب حمايته واستقامته والمحافظة عليه. وكذلك العمل على رصد ودراسة كل ما من شأنه التأثير على سلامة الفكر واستقامته.
9- وجوب العمل على معالجة أسباب اختلال الأمن في المجتمع بشكل متكامل ومترابط من غير فصل بين أنواع الأمن، ولا تفريق بين تلك الأسباب.
10- أن النظرة الشاملة لأسباب اختلال الأمن بجميع أنواعه تجعل المعالجة شاملة ومتكاملة، وهو ما يوفر على الجهات المختصة بأمن المجتمع الجهود، ويحمي الأمة من تبعات الفصل في المعالجة بين أسباب اختلال الأمن، ويوصل إلى النتائج المثمرة، والغايات المحمودة في أسرع وقت.
11- وجوب أن تكون المعالجات الأمنية من واقع الأمة، مستقاةً من مصادر فكرها وعقيدتها، وبناءً على مقتضيات حاجتها بعيدًا عن التقصير والشطط.
12- أن ما تعيشه الأمة الإسلامية اليوم من أحداث التكفير والتفجير وشدة اختلاف مرده إلى انحراف فكر بعض أبنائها، وهو ما ينبئ بخطورة الاختلاف بدافع عقدي.
13- أن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بالتزام منهج الإسلام في التفكير، وما ينتج عن ذلك التفكير من علوم ومعارف.
14- أنه يجب صيانة الفكر حال التأمل من:
* النظر والتأمل فيما لا يدركه العقل.
* فيما لا فائدة من النظر فيه.
* النظر والتأمل من الجاهل.
* النظر في كتب الضلالة، ومصادر الأفكار المنحرفة.
15- أن صيانة الفكر حال التأمل يؤدي إلى: حماية المكلف من:
* الوقوع في معصية القول على الله بغير علم، ومن قفو ما لا يعلم.
* والحيرة والشك والاضطراب.
* واعتناق المذاهب المنحرفة والأفكار المضلة.
* المجتمع من الأفكار المضلَّة، وثمرات الفكر المنحرف.
* ويحفز على العمل على استنباط مناهج التفكير المستقيم.
16- أن هناك أمورًا عديدةً يجب أن يخلو منها ما ينتجه العقل الإنساني من علوم ومعارف، ليكون فكرًا آمنًا سالمًا من الانحراف، سواء أكان ذلك في جانب الإفراط أو في جانب التفريط: ومن تلك الأمور: الغلو، الإرجاء، وتتبع الرخص الفقهية بالتشهي.
17- أن شيوع المنكرات والفساد والظلم في المجتمع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو التقصير فيه، من أسباب ظهور الغلاة في كل زمان.
ثانيًا: التوصيات
1- تضمين مناهج التربية والتعليم المنهج الإسلامي في التفكير والاستنباط.
2- العناية بتدريس العقيدة الإسلامية وفق منهج السلف الصالح.
3- نشر العلم الشرعي المستقى من الكتاب والسنَّة بفهم السلف الصالح في المجتمع، مع البعد عن كثرة الاختلاف وأسبابه.
4- تشجيع أهل العلم الشرعي الصحيح، والمنهج الحق على القيام بالدور المنشود منهم.
5- حماية المجتمع من مصادر الفكر المنحرف، سواء أكان ذلك في جانب الإفراط أو التفريط.
6- تنمية جانب الاحتساب في أفراد المجتمع، ودعم التوجهات الخيرية فيه.
7- منع مظاهر الفساد، ومحاربة مصادره في المجتمع.
قائمة المراجع
1- الإحكام في أصول الأحكام. محمد علي بن حزم، تحقيق: أحمد شاكر. بدون طبعة. بيروت: دار الآفاق الجديدة.
2- أدب الطلب ومنتهى الأرب. محمد بن علي الشوكاني. تحقيق: محمد صبحي حلاق. الطبعة الأولى. القاهرة: مكتبة ابن تيمية 1415 ه.
3- الاتجاهات العقلية الحديثة. د.ناصر بن عبد الكريم العقل. الطبعة الأولى. الرياض: دار الفضيلة 1422 ه – 2001 م.
4- الأدلة العقلية والنقلية على أصول الاعتقاد.سعود العريفي. الطبعة الأولى. مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1419 ه.
5- الإرهاب، مفهومه، أشكاله وصوره، أسبابه، حكمه، علاجه، وموقف ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية وعلماء المسلمين منه (دراسة علمية شرعية). عبدالحميد بن محمد بلال، عبدالله بن عبد العزيز البكري. الطبعة الأولى. 1431 ه – 2010 م.
6- الإسلام ينهى عن الغلو في الدين ويدعو للوسطية. د.سليمان بن عبد الرحمن الحقيل. الطبعة الأولى. الرياض: 1416 ه – 1996 م.
7- أضواء البيان. محمد الأمين بن محمد المختار. إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد.الطبعة الأولى. مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1426 ه.
8- الاعتصام. أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي. بدون طبعة. بيروت: دار المعرفة 1402 ه 1982 م.
9- إعلام الموقعين عن رب العالمين. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزيّة. تعليق: طه عبد الرؤوف سعد.مصر: مكتبة الكليات الأزهرية 1400 ه 1980 م.
10- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية. تحقيق:محمد حامد فقي. بدون طبعة بيروت: دار المعرفة بدون تاريخ.
11- اقتضاء الصراط المستقيم. أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. تحقيق: د.ناصر العقل. الطبعة السابعة.المملكة العربية السعودية: توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد 1419 ه – 1999 م.
12- الأمن الفكري. د.عبد الرحمن السديس. ضمن كتاب الأمن الفكري. الطبعة الأولى. الرياض: جامعة نايف العربية. مركز الدراسات والبحوث 1426 ه – 2005 م.
13- الأمن الفكري في مواجهة المؤثرات الفكرية. د.حيدر عبدالرحمن الحيدر. الطبعة الأولى، 1423 ه – 2002 م.
14- الأمن الفكري: ماهيته وضوابطه. د.عبد الرحمن اللويحق. ضمن كتاب الأمن الفكري. الطبعة الأولى.الرياض: جامعة نايف العربية، مركز الدراسات والبحوث 1426 ه- 2005 م.
15- الأمن الفكري وعناية المملكة العربية السعودية به. عبد الله بن عبد المحسن التركي. مكة المكرمة: مطابع رابطة العالم الإسلامي 1423 ه.
16- الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارها في حياة الأمة. علي بن بخيت الزهراني. بدون طبعة. مكة: دار الرسالة بدون تاريخ.
17- أيسر التفاسير. أبو بكر جابر الجزائري. الطبعة الثانية. المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1416 ه – 1996 م.
18- الإيمان. شيخ الإسلام ابن تيمية. الطبعة الثالثة. بيروت: المكتب الإسلامي 1401 ه.
19- بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادا ؟!. عبد المحسن بن حمد العباد.الطبعة الأولى. الرياض: دار المغني 1424 ه – 2003 م.
20- البحر المحيط. محمد بن بهادر الزركشي. تحقيق: د.عبد الستار أبو غدة. الطبعة الثانية.نشر وزارة الشؤون الإسلامية بالكويت. القاهرة: دار الصفوة 1413 ه – 1992 م.
21- البحر المحيط. أبو حيان محمد بن يوسف. الطبعة الثانية. دار الفكر، 1403 ه 1983 م.
22- بصائر في زمن الفتنة. د.خالد بن سعد الخثلان.الطبعة الأولى. الرياض: دار كنوز إشبيليا 1429 ه.
23- التبصير في معالم الدين. أبو جعفر محمد بن جرير الطبري. تحقيق: علي بن عبد العزيز الشبل. الطبعة الثانية. الرياض: مكتبة الرشد 1425 ه – 2004 م.
24- التجديد في الفكر الإسلامي. د.عدنان محمد أمامة. الطبعة الأولى. المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي 1424 ه.
25- التعريفات. علي بن محمد الجرجاني. بدون طبعة. بيروت: مكتبة لبنان 1985 م. التكفير: جذوره- أسبابه – مبرراته. د.نعمان السامرائي. الطبعة الثانية. بيروت: المنارة 1406 ه، – 1986 م
26- تهذيب اللغة. الأزهري محمد بن أحمد.تحقيق: عبد العظيم محمود.مصر: الدار المصرية للتأليف والترجمة.
27- تيسير التحرير على كتاب التحرير. أمير باد شاه. بدون طبعة. دار الفكر بدون تاريخ.
28- جامع الأصول في أحاديث الرسول. المبارك بن محمد بن الأثير.الطبعة الثانية. تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط. بيروت: دار الفكر، 1403 ه 1983 م.
29- جامع بيان العلم وفضله. أبو عمر يوسف بن عبد البر. مصور من الطبعة المنيرية. بيروت: دار الكتب العلمية، 1398 ه 1978 م.
30- الجامع الصحيح مع الفتح. أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. تحقيق: محب الدين الخطيب. الطبعة الثانية. القاهرة: دار الريان للتراث، 1409 ه 1988 م.
31- الجامع الصحيح. أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي. تحقيق: إبراهيم عطوة عوض.الطبعة الأولى. مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1382 ه 1962 م.
32- الجامع الصحيح. أبو الحسين مسلم بن الحجاج. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. الطبعة الأولى. القاهرة: دار الحديث، 1412 ه 1991 م.
33- الجامع لأحكام القرآن. أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي. الطبعة الثالثة. مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
34- حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين. كرم محمد زهدي وآخرون. الطبعة الأولى. الرياض: مكتبة العبيكان 1425 ه – 2004 م.
35- حقيقة الفكر الإسلامي. د.عبد الرحمن الزنيدي. الطبعة الثانية. الرياض: دار المسلم 1422 ه – 2002 م.
36- الخوارج. د.ناصر العقل. الطبعة الأولى. الرياض: دار اشبيليا 1419 ه – 1998 م.
37- دراسات في الأهواء والفرق والبدع وموقف السلف منها. الدكتور: ناصر بن عبد الكريم العقل. الطبعة الأولى. الرياض: مركز الدراسات والإعلام / دار إشبيليا 1418 ، ه 1997 م.
38- دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي. جبير بن سليمان الحربي. بحث تكميلي مقدم إلى قسم المناهج في كلية التربية بجامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوراه، 1428 ه، – 2008 م.
39- رياض الصالحين. أبو زكريا يحيى بن شرف النووي. تحقيق:عبد العزيز رباح، وأحمد الدقاق. الطبعة الرابعة. دمشق: دار المأمون للتراث، 1401 ه 1981 م.
40- زاد المسير في علم التفسير. أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي. تحقيق: زهير الشاويش. الطبعة الأولى الجديدة. بيروت: المكتب الإسلامي، دار ابن حزم، 1423 ه – 2002 م.
41- سلسلة الأحاديث الصحيحة. محمد ناصر الدين الألباني. الطبعة الأولى. الكويت: الدار السلفية، 1399 ه 1979 م.
42- السنن. أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني. إعداد وتعليق: عزت عبيد الدعاس، وعادل السيد.حمص: دار الحديث.
43- السنن. أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. بدون طبعة.
44- السنن. أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي. اعتنى به: محمد بن أحمد دهمان. بدون طبعة. بيروت: دار إحياء السنَّة النبوية.
45- كتاب السنَّة. أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل. تحقيق الدكتور: محمد ابن سعيد القحطاني. الطبعة الرابعة. الرياض: دار عالم الكتب، 1416 ه 1996 م.
46- سير أعلام النبلاء. محمد بن أحمد الذهبي. تحقيق: نذير حمدان. الطبعة السابعة. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1410 ه 1990 م.
47- شرح السنَّة. أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي. تحقيق: زهير الشاويش، وشعيب الأرناؤوط. الطبعة الثانية. بيروت: المكتب الإسلامي، 1403 ه 1983 م.
48- شرح العقيدة الطحاوية. ابن أبي العز الحنفي. تحقيق: مجموعة من العلماء. تخريج: محمد ناصر الدين الألباني. الطبعة الثامنة. بيروت: المكتب الإسلامي 1404 ه – 1984 .
49- شرح الكوكب المنير. محمد بن أحمد الفتوحي. تحقيق: د.محمد الزحيلي، ود.نزيه حماد. الطبعة الأولى. مكة المكرمة: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بكلية الشريعة بجامعة أم القرى 1408 ه – 1987 م.
50- شرح المحلي على متن جمع الجوامع. الجلال المحلي. الطبعة الثانية. مصر: مصطفى البابي الحلبي. بدون تاريخ.
51- الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة. أبو عبد الله عبيد الله بن بطه. تحقيق الدكتور: رضا بن نعسان معطي. الطبعة الأولى. المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم، 1423 ه 2002 م.
52-2 الصحاح. إسماعيل بن حماد الجوهري. تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار. الطبعة الأولى. بيروت: دار العلم للملايين 1399 ه – 1979 م.
53- الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف. الدكتور: يوسف القرضاوي. الطبعة السادسة. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1419 ه 1998 م.
54- صيد الخاطر. أبو الفرج ابن الجوزي. تحقيق: آدم أبو سنينه. بدون طبعة. الأردن: دار الفكر بدون تاريخ.
55- الطرق الحكميّة في السياسة الشرعية. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر. تحقيق: الدكتور محمد جميل غازي. بدون طبعة. جدة: مطبعة المدني.
56- ظاهرة الغلو في الدين. عبود بن علي بد درع. الطبعة الأولى. الرياض: دار الصميعي، 1419 ه 1998 م.
57- عقائد الثلاث والسبعين فرقة. أبو محمد اليمني. تحقيق: محمد بن عبد الله زربان. الطبعة الأولى. المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1414 ه.
58- العقل – دراسة مقاصدية في المحافظة عليه من حيث درء المفاسد والمضار عنه. د.حسن بن سالم الدوسي. بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية. الكويت: جامعة الكويت – مجلس النشر العلمي 1429 ه – 2008 م.
59- العلاقة بين العمليات الإرهابية والغلو والتطرف. د.عفاف بنت حسن مختار الهاشمي.الطبعة الأولى. الرياض: دار العاصمة 1430 ه – 2009 م.
60- عوامل التطرف والغلو والإرهاب وعلاجها في ضوء القرآن والسنَّة. الشيخ خالد بن عبد الرحمن العك. الطبعة الأولى. دمشق: دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع، 1418 ه 1997 م.
61- عون المعبود.أبو الطيب العظيم آبادي. ضبط وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان. الطبعة الثالثة. بيروت: دار الفكر 1399 ه- 1979 م.
62- الغلو في الدين -ظواهر من غلو التطرف وعلو التصوف-. د.الصادق عبد الرحمن الغرياني. الطبعة الأولى. القاهرة: دار السلام 1422 ه – 2001 م.
63- الغلو في الدين وأثره في الأمة. خالد بن حمد الخريف. الطبعة. الأولى. الرياض: مكتبة الرشد 1426 ه – 2005 م.
64- فتح الباري. أحمد بن علي بن حجر. تحقيق: محب الدين الخطيب. الطبعة الثانية. القاهرة: دار الريان للتراث 1409 ه 1988 م.
65- فتنة التفجيرات والاغتيالات. الأسباب – الآثار- العلاج -. أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني. الطبعة الثانية. الرياض: دار الكيان 1426 ه – 2006 م.
66- الفرق بين الفرق. عبد القاهر البغدادي. بدون طبعة. بيروت: دار الكتب العلمية بدون تاريخ.
67- فيض القدير شرح الجامع الصغير. محمد عبد الرؤوف المناوي. الطبعة الثانية. دار الفكر، 1391 ه 1971 م.
68- كتاب الفقيه والمتفقه. أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي. تحقيق: عادل يوسف العزازي. الطبعة الثانية. الدمام: دار ابن الجوزي، 1421 ه.
69- الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار. ابن أبي شيبة. تقديم وضبط: كمال الحوت. الطبعة الأولى. المدينة المنورة: مكتبة الزمان 1409 ه – 1989 م.
70- اللآلئ البهية في شرح العقيدة الطحاوية. صالح بن عبد العزيز آل الشيخ. تحقيق: عادل بن محمد رفاعي. الطبعة الأولى. الرياض: دار العاصمة 1430 ه – 2009 .
71- لسان العرب. أبو الفضل محمد بن مكرَّم بن منظور. بدون طبعة.تحقيق: عبد الله علي الكبير وآخرون، القاهرة: دار المعارف.
72- المجتبى. أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. الطبعة الأولى. مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1383 ه 1964 م.
73- مجموعة الرسائل والمسائل. تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. علق عليها وصححها جماعة من العلماء. الطبعة الأولى. بيروت: دار الكتب العلمية 1403 ه – 1983 م.
74- مجموع الفتاوى. تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم. المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 146 ه 1995 م.
75- مختصر منهاج القاصدين. أحمد بن محمد بن قدامة. تحقيق: زهير الشاويش. الطبعة التاسعة. بيروت: المكتب الإسلامي، 1421 ه 2000 م.
76- مدارج السالكين. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم. تحقيق: بشير محمد عيون. الطبعة الأولى. دمشق: مكتبة دار البيان، 1420 ه 1999 م.
77- المستدرك على الصحيحين. أبو عبد الله الحاكم النيسابوري. بدون طبعة. بيروت: دار المعرفة.
78- المسند.أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي. تحقيق: إرشاد الحق الأثري. الطبعة الأولى. جدة: دار القبلة للثقافة الإسلامية، بيروت: مؤسسة علوم القرآن، 1408 ه 1988 م.
79- معالم السنن. أبو سليمان، حمد بن محمد الخطابي. الطبعة الأولى. بيروت: دار الكتب العلمية 1411 ه – 1991 م.
80- المستصفى من علم الأصول. أبو حامد الغزالي. الطبعة الثانية مصورة عن الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية عام 1324 ه. بيروت: دار الكتب العلمية.
81- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير. أحمد بن محمد الفيومي. بدون طبعة. دار الفكر بدون تاريخ.
82- المعجم الفلسفي. جميل صليبا. بيروت: دار الكتاب اللبناني 1982 م.
83- معجم مفردات ألفاظ القرآن. أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل. تحقيق: نديم مرعشلي. بيروت: دار الفكر.
84- معجم مقاييس اللغة. أبو الحسين أحمد بن فارس. تحقيق: عبد السلام محمد هارون.
الطبعة الثالثة. مصر: مكتبة الخانجي، 1402 ه 1981 م. 85- مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيّم الجوزية. تحقيق: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد. الطبعة الأولى. الخبر: دار ابن عفان 1416 ، ه 1996 م.
86- الموافقات. أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي. تحقيق: الشيخ عبدالله دراز. الطبعة الثانية. مصر: المكتبة التجارية الكبرى، 1395 ه 1975 م.
87- نحو مجتمع آمن فكريًا. د.عبد الحفيظ المالكي. الطبعة الأولى. 1431 ه – 2010 م.
* * *
الحواشي:
============================================
(1) أبو الحسين، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الطبعة الثالثة (مصر: مكتبة الخانجي 1402 ه 1981 م) 1/ 13 ، وانظر: الأزهري، محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق: عبد العظيم محمود، (مصر: الدار المصرية للتأليف والترجمة) 1/ 510 وما بعدها، أبو الفضل محمد بن مكرَّم بن منظور، لسان العرب بدون طبعة، تحقيق:عبد الله علي الكبير وآخرون (القاهرة: دار المعارف) 1/ 140 .
(2) أبو القاسم الحسين بن محمد الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن، بدون طبعة، تحقيق: نديم مرعشلي (بيروت: دار الفكر بدون تاريخ) ص 21.وانظر: تهذيب اللغة 15 / 510 ، لسان العرب 1/ 140 .
(3) انظر: الأمن الفكري في مواجهة المؤثرات الفكرية ص 310 – 313 ، جبير بن سليمان الحربي، دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي، بحث تكميلي مقدم إلى قسم المناهج في كلية التربية بجامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوراه، 1428 ه، – 2008 م( ص 25 – 27 .
(4) علي بن محمد الجرجاني، التعريفات، بدون طبعة (بيروت: مكتبة لبنان 1985 م) 38 .
(5) معجم مقاييس اللغة 4/ 446 وانظر: الصحاح 2/ 783 ، ولسان العرب ص 3451 .
(6) مفردات ألفاظ القرآن ص 398 .
(7) أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بدون طبعة (دار الفكر بدون تاريخ) 2/ 479 .
(8) جميل صليبا، المعجم الفلسفي (بيروت: دار الكتاب اللبناني 1982 م) 2/ 156 .
(9) د.عبد الرحمن الزنيدي، حقيقة الفكر الإسلامي، الطبعة الثانية (الرياض: دار المسلم 1422 ه – 2002 م) 10 .
(10): د.عبد الحفيظ المالكي – نحو مجتمع آمن فكريًا – الطبعة الأولى (1431 ه – 2010 م) 101 – 104 ، دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي 29 – 31 .
(11) عبدلله بن عبد المحسن التركي، الأمن الفكري وعناية المملكة العربية السعودية به (مكةالمكرمة مطابع رابطة العالم الإسلامي 1423 ه) 66 .
(12) عبد الرحمن السديس، الأمن الفكري، ضمن كتاب الأمن الفكري، الطبعة الأولى (الرياض:جامعة نايف العربية، مركز الدراسات والبحوث 1426 ه – 2005 م) 16 .
(13) ابن مسفر الوادعي، الأمن الفكري الإسلامي، مجلة الأمن والحياة الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث ع 187 ، 1418 ه) ص 50 .
(14) مجتمع آمن فكريا 103 .
(15) انظر: د.عبد الرحمن اللويحق، الأمن الفكري: ما هيته وضوابطه، ضمن كتاب الأمن الفكري، الطبعة الأولى (الرياض: جامعة نايف العربية، مركز الدراسات والبحوث 1426 ه – 2005 م) 60 ، 61 ، نحو مجتمع آمن فكريًا 131 – 134 ، دور منهج العلوم الشرعية في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي 31 – 34 .
(16) أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الصحيح، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، الطبعة الأولى (مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1382 ه 1962 م) كتاب الزهد 4/ 574 ح 2346
(17) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح مع الفتح، تحقيق: محب الدين الخطيب، الطبعة الثانية (القاهرة: دار الريان للتراث 1409 ه 1988 م) كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: «وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله 433/6» ح 3344 .
(18) أبو الفرج بن الجوزي، صيد الخاطر، تحقيق: آدم أبو سنينه، بدون طبعة (الأردن: دار الفكر بدون تاريخ) 42 .
(19) أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الاعتصام، بدون تاريخ الطبع (بيروت – دار المعرفة 1402 ه – 1982 م) ص 318 .
(20) عماد الطالبي، آراء أبي بكر العربي الكلامية 1/ 44 انظر: د.حيدر عبدالرحمن الحيدر، الأمن الفكري في مواجهة المؤثرات الفكرية،الطبعة الأولى، (1423 ه – 2002 م) ص 59 ،
(21) انظر: فتح الباري 8/ 59 .
(22) المصدر السابق 8/ 59 .
(23) أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، السنن، اعتنى به: محمد بن أحمد دهمان، بدون طبعة (بيروت: دار إحياء السنة النبوية) المقدمة باب من هاب الفتيا وكره التنطع والتبدع 1/ 54 .
(24) وانظر: محمد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، الطبعة الثانية (عمَّان:المكتبة الإسلامية – القاهرة: مكتبة التوعية الإسلامية 1404 ه – 1954 م) 4/ 395 ح 1788 وقال بعد تخريجه: «وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه حسن عندي».
(25) أبو الحسين مسلم بن الحجاج، الجامع الصحيح، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الطبعة الأولى (القاهرة: دار الحديث 1412 ه 1991 م) كتاب الإيمان باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها 1/ 119 ح 212 .
(26) الجامع الصحيح -كتاب القدر – باب ما جاء في التشديد في القدر 4/ 443 ح 2133 وحسّنه الألباني.
(27) تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم (المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف 146 ه 1995 م) 4/ 39
(28) أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنَّة، تحقيق: زهير الشاويش، وشعيب الأرناؤط، الطبعة الثانية (بيروت: المكتب الإسلامي 1403 ه 1983 م) 1/ 144
(29).
(30) سعود العريفي، الأدلة العقلية والنقلية على أصول الاعتقاد، الطبعة الأولى (مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1419 ه) 36 .
(31) المصدر السابق 38 وانظر: صيد الخاطر 42 .
(32) أضواء البيان 6/ 385 وانظر: أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، الطبعة الثالثة (مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب) 2/ 341 ، أبو بكر جابر الجزائري، أيسر التفاسير، الطبعة الثانية (المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1416 ه – 1996 م) 1/ 171 .
(33) الصحيح مع الفتح 13 / 264 .
(34) فتح الباري 13 / 277 ، 278 .
(35) الجامع لأحكام القرآن 2/ 212 .
(36) أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، السنن، إعداد وتعليق: عزت عبيد الدعاس، وعادل السيد (حمص: دار الحديث) كتاب الطهارة- باب في المجروح يتيمم 1/ 239 ح 336 وحسّنه الألباني دون قوله «إنما كان يكفيه »، انظر: سنن أبي داود- اعتنى به أبو مشهور بن حسن آل سلمان، الطبعة الأولى (الرياض: مكتبة المعروف) ص 59 .
(37) أبو سليمان، حمد بن محمد الخطابي، معالم السنن، الطبعة الأولى (بيروت: دار الكتب العلمية 1411 ه – 1991 م) 1/ 89 .
(38) الأدلة العقلية والنقلية على أصول الاعتقاد ص 36 .
(39) د.حسن بن سالم الدوسي، العقل – دراسة مقاصدية في المحافظة عليه من حيث درء المفاسد والمضار عنه، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية (الكويت: جامعة الكويت – مجلس النشر العلمي 1429 ه – 2008 م) ص 310 .
(40) سنن الدارمي – المقدمة – باب ما يتقى من تفسير حديث النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقول غيره عند قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- 1/ 115 ، 116 .
(41) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيّم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تعليق: طه عبد الرؤوف سعد، (مصر: مكتبة الكليات الأزهرية 1400 ه 1980 م) 1/ 38 .
(42) محمد الأمين بن محمد المختار، أضواء البيان، إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد، الطبعة الأولى، (مكة المكرمة: دار عالم الفوائد 1426 ه) 3/ 682 .
(43) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: مجموعة من العلماء، تخريج: محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الثامنة (بيروت: المكتب الإسلامي 1404 ه – 1984 م) 399 .
(44) أحمد بن علي بن حجر، فتح الباري، تحقيق: محب الدين الخطيب، الطبعة الثانية (القاهرة:دار الريان للتراث 1409 ه 1988 م) 12 / 281 .
(45) انظر: د.ناصر العقل، دراسات في الأهواء والفرق والبدع، الطبعة الأولى (الرياض: دار أشبيليا 1418 ه – 1997 م) 149 ، 150 ، د.ناصر العقل، الاتجاهات العقلية الحديثة، الطبعة الأولى (الرياض: دار الفضيلة 1422 ه – 2001 م) ص 38 – 40 ، 364 – 366 ، د.عدنان محمد أمامة، التجديد في الفكر الإسلامي، الطبعة الأولى (المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي 1424 ه) 118 ص – 127 .
(46) د.عبد الرحمن الزنيدي، حقيقة الفكر الإسلامي، الطبعة الثانية (الرياض: دار المسلم 1422 ه-2002 م) ص 14 ، 15 ، 20 .
(47) انظر: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم، مدارج السالكين، تحقيق: بشير محمد عيون، الطبعة الأولى (دمشق: مكتبة دار البيان 1420 ه 1999 م) 2/ 492 عبد المحسن بن حمد العباد، بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادًا؟!، الطبعة الأولى (الرياض: دار المغني 1424 ه -2003 م) ص 4،3 .
(48) أبو الحسين، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الطبعة الثالثة (مصر: مكتبة الخانجي 1402 ه 1981 م) 4/ 387 ، وانظر: الأزهري، محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق: عبد العظيم محمود، (مصر: الدار المصرية للتأليف والترجمة) 8/ 190 .
(49) انظر: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، تحقيق زهير الشاويش، الطبعة الأولى الجديدة (بيروت: المكتب الإسلامي، دار ابن حزم 1423 ه – 2002 ) ص 347 ، علي بن عبد العزيز الشبل، الغلو، الطبعة الأولى (الرياض: دار الوطن 1417 ه) ص 22 .
(50) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، المجتبى، الطبعة الأولى (مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1383 ه 1964 م) كتاب مناسك الحج التقاط الحصى 5/ 218 ، وانظر: محمد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، الطبعة الأولى (الكويت:الدار السلفية 1399 ه 1979 م) 3/ 278 ح 1283 .
(51) سنن أبي داود كتاب الأدب باب في الحسد 5/ 209 ح 4904 ، قال محقق (جامع الأصول ):«311/1 في سنده سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء الراوي عن سهل بن أبي أمامة، لم يوثقه غير ابن حبان».
(52) صحيح مسلم كتاب العلم باب هلك المتنطعون 4/ 2055 ح 2670 .
(53) انظر: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم، تحقيق: الدكتور: ناصر العقل، الطبعة السابعة (المملكة العربية السعودية: توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد 1419 ه – 1999 م) 1/ 328 ، د.الصادق عبد الرحمن الغرياني، الغلو في الدين، الطبعة الأولى (القاهرة: دار السلام 1422 ه – 2001 م) 12 ، التجديد في الفكر الإسلامي 68 .
(54) انظر: أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الاعتصام، بدون طبعة (بيروت: دار المعرفة 1402 ه 1982 م) 2/ 172- 180 ، 293 ، عبود بن علي بن درع، ظاهرة الغلو في الدين، الطبعة الأولى (الرياض: دار الصميعي 1419 ه – 1998 م) 73،72 ، خالد بن حمد الخريف الغلو في الدين، الطبعة الأواى (الرياض: مكتبة الرشد 1426 ه – 2005 م) 17 – 32 ، الغلو للشبل 39– 42 ، الإسلام ينهى عن الغلو في الدين 29– 36 ، كرم محمد زهدي وآخرون، حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين، الطبعة الأولى (الرياض: مكتبة العبيكان 1425 ه – 2004 م) 55 – 70 .
(55) التعريفات 84 .
(56) المصدر السابق 84 .
(57) المصدر السابق 84 .
(58) اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 148 .
(59) انظر: أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، كتاب الفقيه والمتفقه، تحقيق: عادل يوسف العزازي، الطبعة الثانية (الدمام: دار ابن الجوزي 1421 ه) 2/، 173 ، 174 ، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيّم الجوزية، مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة، تحقيق: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد، الطبعة الأولى (الخبر: دار ابن عفان 1416 ه 1996 م) 1/ 480 482 ، أحمد بن محمد بن قدامة، مختصر منهاج القاصدين، تحقيق: زهير الشاويش، الطبعة التاسعة (بيروت: المكتب الإسلامي 1421 ه – 2000 م) 22 24 .
(60) انظر: صحيح البخاري مع الفتح كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل 1/ 192 .
(61) أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، المسند، تحقيق: إرشاد الحق الأثري، الطبعة الأولى (جدة: دار القبلة للثقافة الإسلامية، بيروت: مؤسسة علوم القرآن) 3/ 205 ح 2829 ، وهو حديث صحيح كما في (صحيح الجامع) 4/ 10 ح 3808 .
(62) مفتاح دار السعادة 1/ 392 .
(63) صحيح البخاري مع الفتح كتاب العلم باب كيف يقبض العلم؟ 1/ 234 ح 100 .
(64) عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير، الطبعة الثانية مصورة من نسخة طبعت عام 1391 ه- 1972 م 0 دار الفكر) 1/ 222 ، وانظر: التعريفات ص 278 ، أبو حيان محمد بن يوسف، البحرالمحيط، الطبعة الثانية (دار الفكر 1403 ه 1983 م) 3/ 370 .
(65) انظر: ابن أبي شيبة، الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، تقديم وضبط: كمال الحوت، الطبعة الأولى (المدينة المنورة: مكتبة الزمان 1409 ه – 1989 م) 7 / 100 .
(66) أبو الطيب العظيم آبادي، عون المعبود، ضبط وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان الطبعة الثالثة (بيروت: دار الفكر 1399 ه- 1979 م) 13 / 38
(67) أضواء البيان 4/ 772 .
(68) أبو عبد الله عبيد الله بن بطة، الشرح والإبانة على أصول السنَّة والديانة، تحقيق: الدكتور رضا بن نعسان معطي، الطبعة الأولى (المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1423 ه 2002 م)ص 148 برقم 83 .
(69) المصدر السابق برقم 84 .
(70) مجموع الفتاوى 13 / 142 .
(71) الشرح والإبانة ص 98 برقم 98 .
(72) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، تحقيق محمد حامد فقي، بدون طبعة (بيروت: دار المعرفة) 2/ 154 .
(73) انظر: الاعتصام 321 .
(74) ظاهرة الغلو في الدين 150 ، 151 .
(75) أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، بدون طبعة (بيروت: دار المعرفة) كتاب الفتن والملاحم 4/ 430 .
(76) جامع بيان العلم 2/ 135 .
(77) انظر: المصدر السابق 2/ 134 .
(78) إعلام الموقعين 1/ 67 ، 68 .
(79) كتاب الفقيه والمتفقه 2/ 128 ، وانظر: أبو محمد علي بن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق: أحمد شاكر، بدون طبعة (بيروت: دار الآفاق الجديدة) 6 / 69 .
(80) انظر: محمد بن علي الشوكاني، أدب الطلب ومنتهى الأرب، تحقيق: محمد صبحي حلاق، الطبعة الأولى (القاهرة: مكتبة ابن تيمية 1415 ه) ص 26.
(81) انظر: كتاب الفقيه والمتفقه 2/ 132،128 ، 133 .
(82) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزيّة، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تعليق: طه عبد الرؤوف سعد، (مصر: مكتبة الكليات الأزهرية 1400 ه 1980 م) 2/ 187 .
(83) المصدر السابق 2/ 227 ، والإحكام 6/ 79 – 142 .
(84) سنن أبي داود كتاب السنَّة باب في لزوم السنَّة 5/ 13 ح 4607 ، وهو حديث صحيح، كما في صحيح الجامع 2/ 346 ح 2546 .
(85) أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الصحيح، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، الطبعة الأولى (مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1382 ه 1962 م) كتاب التفسير باب من سورة التوبة 5/ 287 – 3095.
(86) انظر: الإحكام 6/ 133 .
(87) كتاب الفقيه والمتفقه 2/ 132 وقال محققه «إسناده صحيح .»
(88) انظر: إعلام الموقعين 2/ 228 – 229 – 304 ، أدب الطلب ص 31 45 – 50 94 .
(89) سنن أبي داوود كتاب الأدب باب من يؤمر أن يجالس 5/ 168 ح 4833 .
(90) أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، رياض الصالحين، تحقيق:عبد العزيز رباح، وأحمد الدقاق، الطبعة الرابعة (دمشق: دار المأمون للتراث 1401 ه 1981 م) ص 178 ح 365 .
(91) سنن ابن ماجه المقدمة باب من كان مفتاحا للخير 1/ 86 ح 237 ، وهو حديث حسن؛ كما قال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه ح 194 .
(92) سنن أبي داوود كتاب الأدب باب من يؤمر أن يجالس 5/ 167 ح 4832 . وهو حديث حسن كما قال الترمذي ح 2395 .
(93) الشرح والإبانة ص 163 برقم 141 .
(94) انظر: محمد عبد الرؤف المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير 5/ 507 .
(95) صحيح البخاري مع الفتح كتاب الذبائح باب المسك 9/ 577 ح 5534 .
(96) أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، كتاب السنَّة، تحقيق: الدكتور محمد بن سعيد القحطاني، الطبعة الرابعة (الرياض: دار عالم الكتب 1416 ه 1996 م) 1/ 137 برقم 99 .
(97) سنن أبي داود كتاب الملاحم باب خروج الدجال 4/ 495 ح 4319 ، وصححه الألباني في (صحيح الجامع 5/ 303 ح 6177 .
(98) انظر: مجموع الفتاوى 28 / 205 ، أبو عبد الله بن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/ 199 .
(99) أبو عبد الله محمد بن مفلح، الآداب الشرعية، مؤسسة قرطبة 1/ 232 .
(100) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، الطرق الحكميّة في السياسة الشرعية، تحقيق: الدكتور محمد جميل غازي، بدون طبعة )جدة: مطبعة المدني، ص 36 .
(101) انظر: د.ناصر العقل، الخوارج، الطبعة الأولى (الرياض: دار اشبيليا 1419 ه – 1998 م) 111 – 114 ، عبد الرحمن اللويحق، الغلو في الدين، الطبعة الثالثة (بيروت: مؤسسة الرسالة 1416 ه – 1996 م) 264 ، خالد بن عبد الرحمن العك، عوامل التطرف والإرهاب وعلاجها، الطبعة الأولى، (دمشق: دار المكتبي 1418 ه – 1997 م) 80 ، د.عفاف بنت حسن مختار الهاشمي، العلاقة بين العمليات الإرهابية والغلو والتطرف، الطبعة الأولى (الرياض: دار العاصمة 14300 ه – 2009 م) 98 – 102 ، د.خالد بن سعد الخشلان، بصائر في زمن الفتنة، الطبعة الأولى (الرياض: دار كنوز إشبيليا 1429 ه – 2008) 27 – 29 ، أبو الحسن السليماني، فتنة التفجيرات والاغتيالات، الطبعة الثانية (الرياض: دار الكيان 1426 ه – 2006 م) 98 – 111 ، د.سليمان بن عبد الرحمن الحقيل، الإسلام ينهى عن الغلو في الدين ويدعو للوسطية / الطبعة الأولى (الرياض: 1416 ه – 1996 م) 24 – 26 ، د.يوسف القرضاوي، الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف،الطبعة السادسة (بيروت: مؤسسة الرسالة 1419 ه – 1998 م) 54 – 56 ، عبد الحميد بن محمد بلال، عبدالله بن عبد العزيز البكري، الإرهاب، الطبعة الأولى ( 1431 ه – 2010 م) 310 – 346 ، د نعمان السامرائي، التكفير الطبعة الثانية (بيروت: المنارة 1406 ه، – 1986 م) 139 – 184 ، الغلو للشبل 118 ، 119 .
(102) إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الأولى (بيروت: دار العلم للملايين 1399 ه – 1979 م) 1/ 52 ، وانظر: أبو الفضل محمد بن مكرَّم بن منظور، لسان العرب بدون طبعة، تحقيق:عبد الله علي الكبير وآخرون (القاهرة: دار المعارف) 1582/3 ، 1583 ( 103 ) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، الملل والنحل، مطبوع بهامش الفصل في الملل والأهواء والنحل، نسخة مصورة من الطبعة الأولى بالمطبعة الأدبية في سوق الخضار القديم بمصر سنة 1317 ه) (دار الفكر: بدون تاريخ) 1/ 186 ، وانظر: عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، بدون طبعة (بيروت: دار الكتب العلمية بدون تاريخ) 151 ، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، التبصير في معالم الدين، تحقيق: علي بن عبد العزيز الشبل، الطبعة الثانية (الرياض: مكتبة الرشد 1425 ه – 2004 م) 188 – 190 ، أبو محمد اليمني، عقائد الثلاث والسبعين فرقة، تحقيق: محمد بن عبد الله زربان، الطبعة الأولى (المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم 1414 ه) 271/1 – 275 ، 301 303 ، صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، اللآلئ البهية في شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: عادل بن محمد رفاعي، الطبعة الأولى (الرياض: دار العاصمة 1430 ه – .405 – 403/2 )2009 .
(104) شيخ الإسلام ابن تيمية، مجموعة الرسائل والمسائل، علق عليها وصححها جماعة من العلماء، الطبعة الأولى )بيروت: دار الكتب العلمية 1403 ه – 1983 م( 3/ 339 .
(105) انظر: المصدر السابق نفس الجزء والصفحة.
(106) قال الجوهري: «والسابِرِيُّ: ضَرْبٌ من الثياب رقيق »، وقال الثعالبي: ثوب سابري: إذا كان لابسه بين المكتسي والعريان».
(107) مجموع الفتاوى 7/ 394 ، 395 .
(108) شيخ الإسلام ابن تيمية، الإيمان، الطبعة الثالثة (بيروت: المكتب الإسلامي 1401 ه) 178 وانظر: ابو السعادات المبارك بن محمد بن الأثير، جامع الأصول في أحايث الرسول، تحقيق: عبد القادر الأناؤوط ، الطبعة الثانية (بيروت: دار الفكر 1403 ه – 1983 م) 10 / 130 علي بن بخيت الزهراني، الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارها في حياة الأمة، بدون طبعة (مكة: دار الرسالة بدون تاريخ) 116 – 138.
(109) المصدر السابق 47 وانظر: الانحرافات العقدية والعلمية 133 .
(110) انظر: الانحرافات العقدية والعلمية 871 – 929 .
(111) الجلال المحلي، شرح المحلي على متن جمع الجوامع، الطبعة الثانية (مصر: مصطفى البابي الحلبي بدون تاريخ) 2400 ، وانظر: محمد بن بهادر الزركشي، البحر المحيط، تحقيق: د.عبد الستار أبو غدة، الطبعة الثانية، نشر وزارة الشؤون الإسلامية بالكويت (القاهرة: دار الصفوة 1413 ه – 1992 م) 6/ 325 .
(112) انظر:أبو حامد الغزالي، المستصفى من علم الأصول، الطبعة الثانية مصورة عن الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية عام 1324 ه،(بيروت: دار الكتب العلمية) 2/ 391 مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 20 / 220 ، البحر المحيط 6/ 325 ، وإعلام الموقعين 4/ 263 .
(113) أمير باد شاه، تيسير التحرير على كتاب التحرير، بدون طبعة (دار الفكر بدون تاريخ).253/4
(114) انظر: جامع بيان العلم 2 / 92 ، علي بن حزم، مراتب الإجماع، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة، الطبعة الثالثة (بيروت: دار الآفاق الجديدة 1402 ه – 1982 م) 58 ، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، بشرح عبد الله دراز، الطبعة الثالثة (مصر: المكتبة التجارية الكبرى 1395 ه – 1975 م) 4/ 140 .
(115) الموافقات 4/ 134 .
(116) محمد بن أحمد الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقبق: شعيب الأرناؤوط، علي أبو زيد، الطبعة السابعة (بيروت: مؤسسة الرسالة 1410 ه – 1990 م) 7/ 125 .
(117) جامع بيان العلم 2/ 91 .
(118) انظر: الموافقات 4 / 143 ، 145 ، 147 ، 148 .
(119) انظر: البحر المحيط 6/ 325 ، محمد بن أحمد الفتوحي، شرح الكوكب المنير، تحقيق: د.محمد الزحيلي، ود.نزيه حماد، الطبعة الأولى (مكة المكرمة: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بكلية الشريعة بجامعة أم القرى 1408 ه – 1987 م) 4/ 577 .
(120) شهاب الدين أبو العباس الحراني، المسودة في أصول الفقه، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، بدون طبعة (بيروت: دار الكتاب العربي بدون تاريخ) 518 ، 519 ، وانظر: البحر المحيط 6/ 325 .
(121) انظر: الموافقات وتعليق الشيخ دراز 4/ 147 ، 148 .
(122) الخوارج 103 .
* عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..