الأحد، 13 سبتمبر 2015

فنيات المقابلة في اﻹرشاد النفسي.

 من أجمل ما قرأت من الكتب التي تحدثت عن المقابلة في الإرشاد والعلاج النفسي كتاب للدكتور /ماهر محمود عمر ونشرته دار المعرفة الجامعية وعنوانه( المقابلة في الإرشاد والعلاج النفسي ) ويقع الكتاب في 556صفحه من الحجم الكبير.
تعد المقابلة في الإرشاد النفسي من أفضل طرق جمع المعلومات عن المسترشدين، بل هي وسيلة علاجية نمائية ووقائية- أيضا -، ففي كل مقابلة يجريها المرشد مع المسترشد تتكامل عناصر خدمة الفرد الثلاثة ( الدراسة ، التشخيص ، العلاج ) فالمرشد يجمع المعلومات من المسترشد من أجل أن يفهم مشكلته ويقوم بعملية التشخيص وتحديدا لمشكلة ما ومن ثم يفكر في ورسم خطة العلاج للحالة ، ويعد فهم المرشد للمشكلة أمرا ضرويا لنجاح المقابلة وإلا كان العلاج باهتا غير مؤثر والتشخيص للمشكلة يعتمد أساسا على كمية المعلومات التي يجمعها المرشد عن الحالة ودقتها وصحتهاوعلاقتها الوثيقة بالمشكلة، فمن خلال جمع المعلومات يدرك المرشد الأسباب التي أدت للمشكلة ، لذا ينبغي أن يكون المرشد مدربا تدريبا كافيا ولديه حسا إكلينيكيا يمكنه من معرفة نقاط الضعف في شخصية المسترشد ونقاط القوة ،ويدرك الأسباب القوية التي أحدثت المشكلة هل هي أسباب ذاتية أم بيئية وأيها أرجح؟ وهذه النقطة بالذات لايتقنها إلا المرشد الحاذق الذي يملك حسا ( إكلينيكا) يمكنه من دقة التشخيص ويهدف المرشد في علاج الحالة إلى تقوية نقاط القوة لدى المسترشد وتدعيمها وعدم التركيز على نقاط الضعف وبمعنى آخر يجب على المرشد أن ينمي مالدى المسترشد من عناصر القوة ويوجهها التوجيه السليم مثلا: تلميذ مشاغب كثير الحركة ممكن أن أستغل نشاطه هذا في تنسيق حديقة المدرسة وأمنحه على ذلك مكأفاة لتدعيم وتقوية سلوكه المرغوب المطلوب تكراره مستقبلا ، فالمرشد المتمكن هو من يدرس شخصيات تلاميذه دراسة متكاملة ويعرف نقاط القوة لتدعيمها وتقويتها ويدرك نقاط الضعف ويعالجها ومن هنا يكمن بناء شخصية الفرد ومن الأساليب الجميلة التي يمكن للمرشد ممارستها وتطبيقها مع بعض المسترشدين العلاج بالضد مثلا تلميذ يكذب لابد من تنمية صفة الصدق لديه وإشعاره بأن الكذب خطأ وحرام ويمكن أستخدم معه أسلوب القصة و تلميذ يسرق أنمي فيه صفة الأمانه مثلا :أزرع الثقة في نفسه عن طريق جعله أمينا على مكتبة المدرسة ليشعر بالمسئولية والثقة، هذا طبعا بعد دراسة حالته ومعرفة أسباب السرقة لديه .
قلت إن المقابلة الإرشادية أسلوب جيد لجمع المعلومات عن المسترشد لفهم مشكلته وتشخيصها ومن ثم التفكير في طرق العلاج وكل مرحلة من المراحل السابقة تعتمد على الأخرى فلا تشخيص بدون معلومات كاملة ودقيقه وموثقه عن المسترشد ولا علاج بدون تشخيص دقيق وهكذا والمقابلة في الإرشاد النفسي تجمع بين ثلاثة أمور هي أن المرشد يجمع المعلومة من المسترشد وفي الوقت نفسه يشخص حالته ويعالجها باستخدام أساليب العلاج النفسي المعروفة.
وسائل نجاح المقابلة الإرشادية:
• التخطيط للمقابلة ( متى ؟ وأين ؟وكيف؟) ففي بداية المقابلة أعقد مع المسترشد موعدا وأتفق معه على مكان محد د لاجراء المقابلة فيه بشرط ألا يتغير المكان مهما كانت الأسباب أما الأسئلة التي سوف يوجهها المرشد للمسترشد فلا يوجد أسئلة محدده لهذا الغرض إنما الأسئلة يفرضها الموقف وأفضل أنواع المقابلات ، هي التي يسعى لها الطالب بنفسه طلبا للمشورة ، لاأن تفرض عليه فرضا ويؤتى به قسرا لمكتب المرشد لإجراء مقابلة معه فإن إجراء كهذا لافائدة منه البته.
• مدة المقابلة لاتتجاوز الساعة إلا ربع 45دقيقه ولا يجوز أن تطول أكثر من ذلك تحاشيا للملل والخروج عن موضوع المقابلة (الهدف) ولا أن تكون مدتها قصيره فلا تفي بالغرض.
• مكان المقابلة لابد أن يكون غرفة خاصة مصممه لهذا الغرض ، يشعر فيها المسترشد بالراحة النفسية والدفء العاطفي كأن تعلق على جدرانها بعض المناظر الطبيعية الجميلة التي تشيع البهجة والحبور لدى الطالب ولايجوز الإكثار من المناظر الطبيعية لأنها تشتت الذهن ، ولا باس من وجود تليفون مكتبي للرد على المكالمات الضرورية وياحبذا أن تكون غرفة المقابلة الإرشادية منفصلة عن غرف الدراسة لزيادة الخصوصية ولئلا يحرج الطالب بين زملائه بأنه يراجع المرشد لأن لديه مشكلة .
• المسافة بين المرشد والمسترشد يجب أن تكون قرابة متر ويجلس كل من المرشد والمسترشد على كرسيين متقابلين ولا يقابل المرشد الطالب وهو على مكتبه أو بينهما فاصل ولاينشغل عنه بمكالمة تلفونية أو غيرها .
• يجب أن يكون في زاوية من زوايا الغرفة ساعة حائطيه، ولا ينظر المرشد إلى ساعته اليدوية إطلاقا لئلا يظن الطالب أن المرشد مشغول عنه غير مهتم بحالته .
• يجب أن يحس المسترشد أن المرشد يفهمه ويسعى لمصلحته ، لذا يجب على المرشد ألا تفارق الابتسامة وجهه ، و يجب أن يعامل المسترشد بلطف وعدم محاسبته عما وقع فيه من أخطاء ،أو إدانته فإن هذا الخطأ الذي ظهر في سلوك المسترشد ليس له ذنب فيه ولكن ظروفا ما دفعته إلى ذلك وبمعني آخر يجب أن يركز المرشد على السلوك لاعلى شخصية المسترشد مثلا من الأخطاء التي يتبعها بعض المرشدين إذا جاءه المسترشد في مكتبه أخذ يحاسبه ليش ثيابك وسخه؟ ليش أنت ضعيف في دروسك؟ ليش أنت مشاغب ؟إن هذه الأمور تولد لدى المسترشد المقاومة والصمت فيؤدي ذلك إلى فشل المقابلة وفساد العلاقة المهنية اللازمة لنجاح المقابلة الإرشادية، فيبدأ المسترشد يدافع عن نفسه ، ويحس من خلال ذلك أن المرشد لايستطيع مساعدته في التغلب على مشكلته إنما هدفه إدانة سلوكه المشكل وهذا ليس من الإرشاد في شيء فالمرشد ليس محققا هدفه الوصول للسبب ومن ثم العقاب إن المسترشد لن يستمر مع هذا المرشد ولن يأتي للمواعيد التي يطلبه فيها المرشد.
• يجب أن يكسب المرشد ثقة المسترشد من أول مقابلة يجريها معه ، والثقة معناها إحساس المسترشد أن شخص المرشد الذي قابله لديه القدرة على مساعدته وبالتالي ينشرح صدر المسترشد ويظهر كل ما يبطنه للمرشد لأنه وثق بأن المعلومات التي سيعطيها له في قرار مكين ولن يفشيها المرشد لأحد وهذه بداية تكوين العلاقة المهنية وهي في نظري أول مفتاح لحل المشكلة فإذا لم يستطع المرشد عدم تكوين هذه العلاقة فهو مخفق بلاشك مع هذا المسترشد وعليه أن يحول المسترشد إلى مرشد آخر أكثر منه قدره ومهارة وخبرة فلا يضيع الوقت بدون فائدة فليس من مصلحة المرشد ولا المسترشد أن يحتفظ بالمسترشد أكثر من الوقت اللازم لأن هذا سيفاقم المشكلة أكثر وأكثر فيصير المرشد كمن أراد طبه فأعماه .
• المقابلة الأولى لكسب الثقة والتعارف بين المرشد والمسترشد ، أما المقابلات التالية فمن خلالها يبدأ المرشد في تفهم مشكلة المرشد عن طريق طرح الأسئلة ، ويجب على المرشد عدم طرح أسئلة محرجه للمسترشد لأنه سيحجم عن الإجابة عنها وسيحرج ، كماأن على المرشد ألايقاطع المسترشد في كلامه بل يتركه يتحدث على سجيته ، لا أن يكون المرشد متحدثا أكثر من المسترشد ، كما أن على المرشد أن يطرح أسئلة مفتوحة تجعل المسترشد يسترسل في الكلام وينطلق ويتجنب قدر الإمكان السؤال الذي تكون إجابته محددة ب( نعم ) أو (لا) (الأسئلة المقفلة)لأنها لاتجعل الطالب يسترسل في كلامه ولا تدفعه للتفكير ، ويجب على المرشد في بداية الجلسات الإرشادية ألا يدخل في الموضوع مباشرة بل في البدايه عليه أن يعرف بنفسه(هذا في الجلسة الأولى) و أن يسال الطالب مثلا بمثل هذا السؤال ( كيف الجو اليوم ؟: كيف أخبارك ؟من تشجع من الأندية الرياضية؟ وهكذا ثم يدخل في صلب الموضوع بتدرج ، كما يجب على المرشد ألا يخرج عن الموضوع الأصلي الذي جاء من أجله الطالب لطلب المساعدة ، ولا يقلب موضوع الجلسة إلى هرج ومرج وضحك وأسئلة شخصية لاعلاقة لها بالمشكلة الأساسية .
- ليس هناك عدد محدد للجلسات الإرشادية ، وذلك خاضع لنوع المشكلة وعمقها ، ولكن يمكن التباعد بين كل جلسة وأخرى يعني كل أسبوع جلسة مثلا، وعلى المرشد أن يهتم بتلخيص وترديد كلام المسترشد ولكن ليس بنفس ألفاظه وعباراته ، حتى يحس المسترشد أن المرشد يفهمه ومتابع لكلامه ،مثال ،
- المسترشد: أنا لاأطيق المكوث في البيت .
- المرشد - يبدو أنك متضايق من بقائك في منزلكم .
- المسترشد- نعم والدي سبب لي مشاكل لاأرتاح أبدا في منزلنا . - المرشد – أنت تحس بمضايقات كثيرة داخل منزلكم. تجعلك متوترا دائما.
- المسترشد- نعم إن والدي يتدخل في شئوني الخاصة ويعاملني كطفل مع أن عمري16سنة.
وفي نهاية كل جلسة يتم تلخيص ماورد فيها من أفكار والاتفاق بين المرشد والمسترشد على موعد المقابلة القادمة .
سؤال ؟عندما يبكي المسترشد هل يترك المرشد المسترشد وشأنه ويخرج من الغرفة ويتركه ؟ أم يبقى معه يواسيه ويشاركه مشاعره وليس معنى ذلك أن يبكي معه بل يتعاطف معه ويطمنه ، ولاينبغي للمرشد ترك المسترشد وحده لأن ذلك سيشعر المسترشد بعدم أهميته .
أخطاء يمارسها المرشد مع المسترشد أثناء المقابلة
1- مقاطعة المسترشد في كلامه والحديث عنه ، وعدم تركه يعبر عمافي نفسه ، يجب أن يتحدث المسترشد أكثر من المرشد فالمرشد دوره في المقابلة الإنصات والاستماع وفتح نوافذ عديدة تتيح المجال للمسترشد لكي يتحدث عن وضعه النفسي والأسري ويفهم ذاته ويدرك مشكلته.
2- الانشغال عن المسترشد في محادثات جانبيه أو النظر في ساعته فيحس من خلالها المسترشد بأن المرشد غير مهتم بحالته وهذا يقلل من شأن المرشد في نظر المسترشد.
3- مقابلة الطالب بمرأى من الغير ، حينها لايستطيع المسترشد أن يخبر المرشد عن خصوصياته لذا فإنه من الأخطاء الشائعة اشتراك المرشد الطلابي ووكيل المدرسة في غرفة واحدة.
4- بعض المرشدين يكون دورهم في المقابلة دور المحقق الذي يحقق في حادثه هدفه أخذ الاعتراف من المسئول ليقرر العقاب .
5- قد يتصرف المرشد أمام المسترشد بتصرفات تفقد المرشد هيبته ووقاره أمام المسترشد، كأن يمزح مع المسترشد مزحا غير لائق .
6- إحراج المسترشد بأسئلة خصوصية قد تقود إلى التزام المسترشد بالصمت والمقاومة مما يؤدي إلى فشل المقابلة الإرشادية .
7- ظهور المرشد بلباس غير لائق أمام المسترشد مما يفقد المرشد هيبته في نظر المسترشد ، لذا يجب أن يكون هندام المرشد نظيفا مرتبا مقبولا بدون مبالغة ..
8- عدم التخطيط للمقابلة الإرشادية ، ومقابلة المسترشد في أي وقت وطرح أسئلة عشوائية عليه لاتؤدي إلى نتيجة أو الحديث مع المسترشد في أمور جانبية خارجة عن موضوع المقابلة.
المقابلة في الإرشاد النفسي ليس الهدف منها كسب مصلحة من المسترشد أو تحقيق هدف غير مساعدة المسترشد في التغلب على مايواجهه من مصاعب تقف حائلا دون تحقيق أهدافه في الحياة ليعيش عيشة راضية مطمئنة ، لذا فهي تتسم بسمات خاصة تقوم على كسب ثقة المسترشد حتى تستمر ويتحقق الهدف منها.
عيوب المقابلة:
1- قد لايلم المرشد النفسي بمشكلة المسترشد بما فيه الكفاية كأن يخفي المسترشد على المرشد معلومات مهمة ، يستفيد منها المرشد فى التشخيص وقد يكذب المسترشد على المرشد فيبني المرشد تشخيصه للحالة على خطأ.
2- بعض المسترشدين يتسم بالخجل الشديد هذا الخجل الذي يمنعه من التعبير عما في نفسه ، مما يضطر المرشد إلى استخدام وسيلة أخرى للحصول على المعلومات عن الحالة كاللجوء إلى الطلب من المسترشد أن يكتب عن حالته على شكل مذكرات أو سيرة ذاتيه أو قصائد شعرية كان قد نظمها المسترشد يستشف منها المرشد بعض المعلومات التي لاتكون واضحة لدى المرشد.
3- بعض النساء الآتي يقابلن المرشد النفسي يصعب عليهن مصارحة المرشد بأمور خاصة لاتستطيع التصريح بها لغير جنسها ، لذا ستكون المعلومات التي يحصل عليها المرشد غير كاملة ، ومن المستحسن لهذه النوعية من النساء أن تراجع مرشده نفسية من نفس جنسها حتى تستطيع أن تأخذ وتعطي معها وتأخذ راحتها بشكل أفضل ، والله ولي التوفيق .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..