منذ أن اتفق مجلس الغرف التجارية ووزارة التجارة بفروعها كافة، أن يرتبط اشتراك أصحاب المؤسسات التجارية بضرورة الانضمام إلى الغرف التجارية، انتفخت جيوب الغرف، وأصبحت خزانتها ممتلئة ومجلس إدارتها يحقق عوائد
عالية؛ لأن المال يأتيهم وهم جالسون في مكاتبهم، من دون أي جهد أو عناء، والبركة أن وزارة التجارة تلزم التجار والمؤسسات أن يشتركوا في هذه الغرف، سواءً استفادوا أم لم يستفيدوا، وأصبح لزاماً على كل من لديه مؤسسة أو نشاط تجاري أن يسجل في الغرفة التجارية ويدفع الرسوم، وهذا بناء على طلب وزارة التجارة.
أن تدفع رسوم الاشتراك للسجل الرئيس والفروع كذلك، وفي كل الأحوال الغرف التجارية تستحصل رسوم التصاديق في كل مرة تذهب إليها، وفي الأخير لا نجد من الغرف التجارية سوى زيادة لجان، ولا يلمس أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أي شيء إطلاقاً، سوى إيميلات وفاكسات ورسائل نصية على الجوالات.
أما أصحاب الشركات الكبرى والفئة النخبوية هي المستفيد الأول من كل البهرجة والحفلات والمؤتمرات التي تقام، مكانهم في الصف الأول، ويتقدمون الصفوف إذا ذهبوا لمقابلة أحد المسؤولين الكبار، أما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ليس عليها سوى إلزامهم بدفع الاشتراك وقراءة المجلات التي تصدرها الغرف، وفي كل فعالية أو نشاط مطلوب منك كصاحب مؤسسة، أن تسهم أو تشترك، ومع هذه التجربة التي ورطت فيها وزارة التجارة المؤسسات الصغيرة، زادت عدد اللجان وما أكثر بعضها، وصلت إلى 70 والبعض الآخر إلى 90 لجنة، ومعظم هذه اللجان لا أحد يجتمع فيها ولا يتخذ قرارات تهم التجار، ولا أحد يتابع أعمالها.
على أرض الواقع هذه اللجان ليست سوى عبء على موازنة الغرف، ونفقات ليس لها داعي، فماذا حققت هذه اللجان؟ هل حلت مشكلة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟ كلها محاضرات وندوات. هل حلت مشكلة تعثرها وخروجها من السوق؟ هل حلت مشكلة نقص الأراض الصناعية؟ ما هي المشكلات التجارية والصناعية التي حلتها الغرف ولجانها المتعددة؟
وزارة التجارة -للأسف الشديد- تقف ضعيفة أمام توسع الغرف التجارية بشكل تجاري واستثماري، مع أن الهدف كان من تأسيسها قبل 70 عاماً هو وضع مظلة للتجار، ورفع سقف النشاط التجاري وليس منافسة التجار والصناع، وأن يكون الاشتراك فيه اختياري وليس إلزامي أو إجباري أو ربطه بجهاز حكومي.
اليوم، الغرف التجارية هي التي تنظم الفعاليات والمعارض والمؤتمرات والأنشطة التجارية، كمنافس لمؤسسات موجودة، والبعض منها أسست شركات استثمارية لتحقيق عوائد عالية ومرتفعة، ووزعت المناصب والكعكة للأحباب والأصحاب، وضاعت بين هؤلاء المؤسسات الصغيرة ومؤسسات الأفراد.
أسأل وزارة التجارة، هل من حق الغرف التجارية أن تؤثث بعض المؤسسات الحكومية وتدفع مرتبات بعض الموظفين، وتنشئ جمعيات خيرية وغيرها من الأعمال الأخرى، وأعضاء مجلس إدارتها كل واحد منهم عضو مجلس إدارة أو عضو في أكثر من غرفة وأكثر من نشاط خيري واجتماعي، مستفيداً من موقعه، ويمتد طول بقائه من 10 إلى 20 عاماً في موقعه، إما في لجان أو منصب مجلس إدارة؟
للأسف الشديد، الغرف التجارية التي كان الهدف الأسمى من تأسيسها هو معالجة مشكلات التجار والصناع وتكون صوت لهم لإيصالها إلى الجهات الحكومية، أصبحت صوت كبار التجار.
أود أن أسأل، هل حلت هذه الغرف مشكلة الفصل التعسفي للموظفين السعوديين في القطاع الخاص؟ مشكلة تدني المرتبات؟ والوظائف الوهمية التي كانت تسجل في التأمينات الاجتماعية؟ تعثر أصحاب المؤسسات الصغيرة وإغراقهم في التمويل من البنوك؟
وزارة التجارة أعطت لأعضاء مجلس الإدارة في الغرف السعودية «بريستيجاً» اجتماعياً، منها: السفر إلى الخارج مع المسؤولين، وأيضاً استقبال الضيوف من الخارج وغيرها من المميزات، لهذا أصبح منصب عضو مجلس إدارة في إحدى الغرف التجارية مطلب مهم لرجال الأعمال؛ لأنها بالنسبة له نافذة يطل منها ومكانة اجتماعية، فيسعى للحصول عليه بقوة مستخدماً كل أنواع الواسطات والعلاقات، ويساعد في هذا أن وزارة التجارة حولت الغرف إلى فندق «سبع نجوم» يدفع فاتورتها صغار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي لا تستفيد إطلاقاً من الاشتراك أو الانضمام لعضويتها.
ماذا سيستفيد صاحب صالون حلاقة أو خياطة ثياب أو محل سباكة أو نجارة أو ميكانيكا وغيرها من المحال التجارية الصغيرة، والتي تلزمها البلديات باستخراج سجل تجاري لها؟
لنفترض أن البلديات تفرض على أصحاب المؤسسات استخراج السجل التجاري، فلماذا وزارة التجارة تريد أن تملأ جيوب الغرف التجارية وتستحصل على الاشتراك، وهي تنام على مقاعدها، من دون أن تغري المؤسسات للاشتراك؟ لماذا إلزامياً على أصحاب المؤسسات أن تنضم إلى الغرف التجارية وبعدد السجلات التجارية يجب أن تشترك؟ حتى لو كانت الأنشطة بسيطة وصغيرة.
وفق إحصاءات سابقة معظم السجلات التجارية في السعودية هي لمنشآت فردية.
أشفق على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، معظم الجهات التي أوكل لها مهمة رعايتها والعناية بها، كانت تحولها إلى كعكة لتستقطع منها حصتها، وتدريجياً تآكلت هذه المؤسسات والمحال في ظل الجشع الذي تمت ممارسته عليها، ولا أعرف كيف ستهتم وزارة التجارة بعدما أسند إليها مهمة إنشاء هيئة عامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
أخشى أن تتضاعف حصص من يريدون اقتسامها، ويرتفع دفع الرسوم والاشتراك، وتنضم إليهم في الاشتراك الإلزامي فضلاً عن الغرف التجارية مؤسسات حكومية أخرى، وتتحول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى «حقل تجارب» وتصبح كما يقول المثل: «يتعلمون الحلاقة على رؤوس اليتامى».
أتمنى قبل اختيار أعضاء هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، أن تعيد الجهات المختصة النظر في إسناد المؤسسات الصغيرة والاهتمام بها إلى وزارة أخرى غير وزارة التجارة، مثلاً: وزارة الاقتصاد والتخطيط، وأن تتفرغ وزارة التجارة إلى معالجة الخلل الإداري الذي تواجهه الشركات والمؤسسات، وتعديل الأنظمة، وإعادة اللائحة التأسيسية والتنظيمية لدور الغرف التجارية ومهماتها، وحتى اختيار أعضاء مجلس إدارتها.
ومع التطور الاقتصادي والتنوع التجاري نحن بحاجة إلى إنشاء غرف تجارية متخصصة، وتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية، ويجب أن يكون الاشتراك اختيارياً، وللمؤسسات والشركات الكبيرة التي لديها تعاملات أوسع خارجياً إلزامياً. على يقين أن وزارة التجارة إذا أرادت مصلحة أبنائها من المؤسسات الصغيرة ستسعى إلى حمايتها من كل من يستغلها. وإلا فستبقى الهيئة الجديدة مسمى خال من أهدافه الرئيسة.
الاثنين 02 نوفمبر 2015 01:17 مساءً
عالية؛ لأن المال يأتيهم وهم جالسون في مكاتبهم، من دون أي جهد أو عناء، والبركة أن وزارة التجارة تلزم التجار والمؤسسات أن يشتركوا في هذه الغرف، سواءً استفادوا أم لم يستفيدوا، وأصبح لزاماً على كل من لديه مؤسسة أو نشاط تجاري أن يسجل في الغرفة التجارية ويدفع الرسوم، وهذا بناء على طلب وزارة التجارة.
أن تدفع رسوم الاشتراك للسجل الرئيس والفروع كذلك، وفي كل الأحوال الغرف التجارية تستحصل رسوم التصاديق في كل مرة تذهب إليها، وفي الأخير لا نجد من الغرف التجارية سوى زيادة لجان، ولا يلمس أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أي شيء إطلاقاً، سوى إيميلات وفاكسات ورسائل نصية على الجوالات.
أما أصحاب الشركات الكبرى والفئة النخبوية هي المستفيد الأول من كل البهرجة والحفلات والمؤتمرات التي تقام، مكانهم في الصف الأول، ويتقدمون الصفوف إذا ذهبوا لمقابلة أحد المسؤولين الكبار، أما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ليس عليها سوى إلزامهم بدفع الاشتراك وقراءة المجلات التي تصدرها الغرف، وفي كل فعالية أو نشاط مطلوب منك كصاحب مؤسسة، أن تسهم أو تشترك، ومع هذه التجربة التي ورطت فيها وزارة التجارة المؤسسات الصغيرة، زادت عدد اللجان وما أكثر بعضها، وصلت إلى 70 والبعض الآخر إلى 90 لجنة، ومعظم هذه اللجان لا أحد يجتمع فيها ولا يتخذ قرارات تهم التجار، ولا أحد يتابع أعمالها.
على أرض الواقع هذه اللجان ليست سوى عبء على موازنة الغرف، ونفقات ليس لها داعي، فماذا حققت هذه اللجان؟ هل حلت مشكلة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟ كلها محاضرات وندوات. هل حلت مشكلة تعثرها وخروجها من السوق؟ هل حلت مشكلة نقص الأراض الصناعية؟ ما هي المشكلات التجارية والصناعية التي حلتها الغرف ولجانها المتعددة؟
وزارة التجارة -للأسف الشديد- تقف ضعيفة أمام توسع الغرف التجارية بشكل تجاري واستثماري، مع أن الهدف كان من تأسيسها قبل 70 عاماً هو وضع مظلة للتجار، ورفع سقف النشاط التجاري وليس منافسة التجار والصناع، وأن يكون الاشتراك فيه اختياري وليس إلزامي أو إجباري أو ربطه بجهاز حكومي.
اليوم، الغرف التجارية هي التي تنظم الفعاليات والمعارض والمؤتمرات والأنشطة التجارية، كمنافس لمؤسسات موجودة، والبعض منها أسست شركات استثمارية لتحقيق عوائد عالية ومرتفعة، ووزعت المناصب والكعكة للأحباب والأصحاب، وضاعت بين هؤلاء المؤسسات الصغيرة ومؤسسات الأفراد.
أسأل وزارة التجارة، هل من حق الغرف التجارية أن تؤثث بعض المؤسسات الحكومية وتدفع مرتبات بعض الموظفين، وتنشئ جمعيات خيرية وغيرها من الأعمال الأخرى، وأعضاء مجلس إدارتها كل واحد منهم عضو مجلس إدارة أو عضو في أكثر من غرفة وأكثر من نشاط خيري واجتماعي، مستفيداً من موقعه، ويمتد طول بقائه من 10 إلى 20 عاماً في موقعه، إما في لجان أو منصب مجلس إدارة؟
للأسف الشديد، الغرف التجارية التي كان الهدف الأسمى من تأسيسها هو معالجة مشكلات التجار والصناع وتكون صوت لهم لإيصالها إلى الجهات الحكومية، أصبحت صوت كبار التجار.
أود أن أسأل، هل حلت هذه الغرف مشكلة الفصل التعسفي للموظفين السعوديين في القطاع الخاص؟ مشكلة تدني المرتبات؟ والوظائف الوهمية التي كانت تسجل في التأمينات الاجتماعية؟ تعثر أصحاب المؤسسات الصغيرة وإغراقهم في التمويل من البنوك؟
وزارة التجارة أعطت لأعضاء مجلس الإدارة في الغرف السعودية «بريستيجاً» اجتماعياً، منها: السفر إلى الخارج مع المسؤولين، وأيضاً استقبال الضيوف من الخارج وغيرها من المميزات، لهذا أصبح منصب عضو مجلس إدارة في إحدى الغرف التجارية مطلب مهم لرجال الأعمال؛ لأنها بالنسبة له نافذة يطل منها ومكانة اجتماعية، فيسعى للحصول عليه بقوة مستخدماً كل أنواع الواسطات والعلاقات، ويساعد في هذا أن وزارة التجارة حولت الغرف إلى فندق «سبع نجوم» يدفع فاتورتها صغار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي لا تستفيد إطلاقاً من الاشتراك أو الانضمام لعضويتها.
ماذا سيستفيد صاحب صالون حلاقة أو خياطة ثياب أو محل سباكة أو نجارة أو ميكانيكا وغيرها من المحال التجارية الصغيرة، والتي تلزمها البلديات باستخراج سجل تجاري لها؟
لنفترض أن البلديات تفرض على أصحاب المؤسسات استخراج السجل التجاري، فلماذا وزارة التجارة تريد أن تملأ جيوب الغرف التجارية وتستحصل على الاشتراك، وهي تنام على مقاعدها، من دون أن تغري المؤسسات للاشتراك؟ لماذا إلزامياً على أصحاب المؤسسات أن تنضم إلى الغرف التجارية وبعدد السجلات التجارية يجب أن تشترك؟ حتى لو كانت الأنشطة بسيطة وصغيرة.
وفق إحصاءات سابقة معظم السجلات التجارية في السعودية هي لمنشآت فردية.
أشفق على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، معظم الجهات التي أوكل لها مهمة رعايتها والعناية بها، كانت تحولها إلى كعكة لتستقطع منها حصتها، وتدريجياً تآكلت هذه المؤسسات والمحال في ظل الجشع الذي تمت ممارسته عليها، ولا أعرف كيف ستهتم وزارة التجارة بعدما أسند إليها مهمة إنشاء هيئة عامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
أخشى أن تتضاعف حصص من يريدون اقتسامها، ويرتفع دفع الرسوم والاشتراك، وتنضم إليهم في الاشتراك الإلزامي فضلاً عن الغرف التجارية مؤسسات حكومية أخرى، وتتحول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى «حقل تجارب» وتصبح كما يقول المثل: «يتعلمون الحلاقة على رؤوس اليتامى».
أتمنى قبل اختيار أعضاء هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، أن تعيد الجهات المختصة النظر في إسناد المؤسسات الصغيرة والاهتمام بها إلى وزارة أخرى غير وزارة التجارة، مثلاً: وزارة الاقتصاد والتخطيط، وأن تتفرغ وزارة التجارة إلى معالجة الخلل الإداري الذي تواجهه الشركات والمؤسسات، وتعديل الأنظمة، وإعادة اللائحة التأسيسية والتنظيمية لدور الغرف التجارية ومهماتها، وحتى اختيار أعضاء مجلس إدارتها.
ومع التطور الاقتصادي والتنوع التجاري نحن بحاجة إلى إنشاء غرف تجارية متخصصة، وتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية، ويجب أن يكون الاشتراك اختيارياً، وللمؤسسات والشركات الكبيرة التي لديها تعاملات أوسع خارجياً إلزامياً. على يقين أن وزارة التجارة إذا أرادت مصلحة أبنائها من المؤسسات الصغيرة ستسعى إلى حمايتها من كل من يستغلها. وإلا فستبقى الهيئة الجديدة مسمى خال من أهدافه الرئيسة.
الاثنين 02 نوفمبر 2015 01:17 مساءً
جمال بنون
--------------------------------
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة : السلطان أمين مجلس الغرف السعودية لـ «عكاظ»: لا علاقة لي بالعجز ومكافأتي بالمليون والنصف ليست سببا900 ألف سجل تجاري هل نحتاجها اقتصادياً؟!الغرف التجارية موضوع خاص |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..