تعني
الفكرة الشاملة لمفهوم الدين، أن الدين حالة ضرورية للروح في ملازمة العقل
ضمن
تطورهما الجدلي، ويعني هذا أن وجوده ليس بالصدفة، وإنما هو عمل ضروري
من أعمال العقل.
وهذه الفكرة الشاملة هي فكرة هيجلية أي
ان العقل قادر على أن يقود الإنسان إليه دون مساعدة من الوحي، وأن أشياء
كثيرة في الديانات لا تؤخذ بمعانيها الحرفية فقط لكن تؤخذ - وهو رأي هيجل -
بمعناها الداخلي ومضمونها الفكري.
أي أن هناك مساحه
فاصلة بين الإنسان وبين الخالق، وما أسماه هيجل بالعقل الكلي الذي هو الله،
وبين العقل الجزئي الذي هو الإنسان، ويعمل الدين بما يحتويه من توعيد
ووعيد وإصلاح وبينة وإدراك ونقل تجارب الأوليين على ردم تلك الهوة والعبور
تجاه الخالق.
إن هذه الأفكار تتطور من دين لأخر وهي
تختلف في مفهومي الكلية والجزئية من دين لآخر كما هو الحال في الديانة
الصينية والهندوسية، فالهندوسية على سبيل المثال ترى لكي يتحد الإنسان مع
الله عليه أن يفرغ نفسه من كل مضمون وهم يرون أن الله تجريدٌ خالص والإتحاد
به يتطلب من بني البشر وهو الأساس لديهم في مفهوم العبادة امتلاك المشابهة
لذلك التجريد الخالص.
إن فكرة المطلق والجوهر تأخذ
بعداً أكثر وجدانية إذ ينتقلون في مفهوم الله أو (براهما) إلى مفهوم الوحدة
المجردة أو الجوهر الواحد، ويرون أن الله واحد لا شكل له، وان دون ذلك
مجرد أعراض ونسب وتسميات.
إن هذا الإختلاف في المفاهيم
بين ديانة وأخرى مثل ما بين الوجود الخالص والجوهر أو المطلق واللامطلق
وبين الوعي الجزئي والوعي التام هو بسبب التطورات التي رافقت تعديل الكثير
من المفاهيم ضمن الفلسفات القديمة ونشوء الحضارات الصينية والهندية
واليونانية.
والتأثير المتبادل ما بين الدين والفلسفة،
والفلسفة والدين، حيث الإضافة والحذف والإبتكار والتقليد. ولا شك - وقبل
الديانات الثلاث الأخيرة - أن العمق الأوسع لمفهوم الله قد جلبته الديانة
الزرادشتية لأن الأخلاق قد شكلت مرتكزا في هذه الديانة فأصبح الله مرادفا
للخير والمحبة والسلام.
وهذا يعني أن الزرادشتية قد
أدارت ظهرها لمفهوم الجوهر، وأحيت مفهوم التضاد فوجود الخير يعني وجود
النقيض له وهو الشر وغيرها من التضادات التي هيأت للصراع الفلسفي والذي هو
في حقيقته لدى العامة بأنه صراع الروح صراع باطنها للإستغاثة بالمنقذ
الحقيقي والتوجه بصفاء تجاه أسرار الكون، كما أن هناك ديانات احتفظت بخصائص
ديانات أخرى، وهناك ديانات طورت من خصائص ديانات كما هو الحال بين
الديانتين المصرية والسورية بعد أن أخذت الفلسفة البدائية مأخذها من بعض
الديانات وفعلت الأساطير الأولية فعلها في رسم مشاهد الشر والإنتقام
والغاية والوسيلة.
إن هيجل في تعريفه العام للدين وللخلق:
إن الدين عبارة عن تجل للمطلق في إطار الفكر التصوري، والخلق حدث بالفعل في يوم مجهول من أيام الماضي.
بقلم: قيس مجيد المولى
First Published: 2016-10-05
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..