الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فإن يوم عاشوراء-اليوم العاشر من محرم - من الأيام التي يرغب في صيامها لأنه يوم نجى الله فيه نبيه
موسى عليه السلام و قومه "بني إسرائيل" من فرعون، فصامه موسى-عليه السلام -شكرا لله، فصامه نبينا-صلى الله عليه وسلم-اقتداء بموسى وأمر بصومه،وقال:" صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ".
ثم إن النبي-صلى الله عليه وسلم-رغب في صوم التاسع مع العاشر لتحصيل المخالفة لليهود الذين كانوا يصومونه،هذه خاصية يوم عاشوراء وهذا فضله في شريعة الإسلام،لكن المسلمين المتأخرين لم يكتفوا بذلك فأدخلوا فيه عبر تاريخهم كثيرا من الزيادات،التي هي بدع ومخالفات،وذلك لعدة أسباب منها انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة المكذوبة على النبي-صلى الله عليه وسلم-،ومنها انتشار بدع الذي نصبوا العداء لآل بيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،ومنها انتشار عادات راجعة إلى بقايا ديانات جاهلية،ويكتنف كل ذلك فشو الجهل وتضييع الأمة لواجب الفقه في الدين،وفي هذا البحث المختصر محاولة جمع لأهم البدع والأخطاء الواقعة في يوم عاشوراء والمرتبطة به.
القسم الأول: بدع مبغضي أمهات المؤمنين
أولا: اعتبار عاشوراء يوم حزن.
أول البدع وأظهرها الذين يجعلون يوم عاشوراء يوم شؤم وحزن وبكاء ونحيب،ولبس سواد ودوران في البلاد وجرح الرؤوس والأبدان؛لأنه يوم قتل فيه الحسين بن علي في كربلاء،ومما لا شك فيه أن اتخاذ أيام المصائب مآتم ليس من دين الإسلام،بل هو إلى أعمال أهل الجاهلية أقرب،وهذا من شر البدع المتعلقة بهذا اليوم وقد وقد استدلوا بأحاديث لا أصل لها كحديث{البكاء يوم عاشوراء نور تام يوم القيامة}وحديث{ما من عبد يبكي يوم عاشوراء إلا كان مع أولى العزم من الرسل يوم القيامة}
ثانيا: اعتبار عاشوراء عيدا دينيا.
ومن البدع المنتشرة أيضا اعتبار يوم عاشوراء عيدا دينيا،تعطل فيه الأعمال وتترك الوظائف ويظهر فيه الفرح والسرور،ولا عيد للمسلمين إلا عيدان الفطر والأضحى وقد حصر النبي-صلى الله عليه وسلم- أعيادنا في ذلك،فلم تجز الزيادة عليهما،ثم إن المشروع فيه يقينا هو الصيام؛وهذا يخالف معنى العيد لأن العيد يحرم صومه.
وينبغي أن يعلم أن إظهار الفرح في هذا اليوم من ميراث النواصب الذين يفرحون في هذا اليوم لأنه يوم قتل فيها الحسين بن علي -رضي الله عنه -،فيخصونه بالأفراح وأنواع من المآكل والملابس وبالحناء وغيرها من مظاهر السرور.وبالنسبة لأهل السنة هو يوم كسائر الأيام من جهة الحزن والفرح إلا أنهم يصومونه اقتداء بنبيهم - صلى الله عليه وسلم -،
ثالثا: الاكتحال ووضع الحناء
ومن البدع أيضا الاكتحال والخضاب،وهذا من فروع اتخاذه يوم فرح وسرور،وقد نص العلماء على بدعية ذلك فقال ابن الحاج المالكي:"ومن البدع التي أحدثها النساء فيه استعمال الحناء على كل حال، فمن لم يفعلها منهن فكأنها ما قامت بحق عاشوراء"،وقال الحاكم النيسابوري:"فإن الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه أثر وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين -رضي الله عنه -والخبر الوارد في الاكتحال:{من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا }خبر مكذوب كما صرح به غير واحد من الأئمة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء ولا الكحل فيه والخضاب وأمثال ذلك،ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم ويرجع إليهم في معرفة ما أمر الله به ونهى عنه ولا فعل ذلك رسول الله ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم ".
رابعا: التوسعة على العيال في عاشوراء
ومن الأخطاء التي وقع فيها بعض الفقهاء المتأخرين قولهم باستحباب التوسعة على العيال في عاشوراء في المأكل والملبس ونحو ذلك،وقد اعتمدوا أحاديث لا تصح كحديث:" من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته".
ومن هؤلاء الفقهاء ابن الحاج المالكي لكنه اشترط:" أن لا يصير ذلك سنة يستن بها لابد من فعلها، فإن وصل إلى هذا الحد فيكره أن يفعله".
أما الفقهاء المتقدمون والأئمة المتبوعون فليس فيهم من نص على ذلك،قال ابن تيمية:"لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ".
وأصل هذه البدعة أيضا من النواصب لكن المتأخرين اغتروا بما ورد من أحاديث مختلقة ولم يتنبهوا إلى أصلها،وقال العجلوني:"باب فضائل عاشوراء ورد استحباب صيامه وسائر الأحاديث في فضله وفضل الصلاة فيه والإنفاق والخضاب والإدهان والإكتحال وطبخ الحبوب وغير ذلك مجموعه موضوع مفترى".
خامسا: تخصيص مأكولات معينة
ومن البدع الظاهرة أيضا ادخار لحم عيد الأضحى ليؤكل في عاشوراء واعتقاد فضيلة ذلك أو لزومه، وتخصيص ليلتها بأنواع من المآكل (كالكسكس بالدجاج أو الرشتة ونحو ذلك)،قال ابن الحاج:" أما ما يفعلونه اليوم من أن عاشوراء يختص بذبح الدجاج وغيرها،ومن لم يفعل ذلك فكأنه ما قام بحق ذلك اليوم،وكذلك طبخهم فيه الحبوب وغير ذلك، لم يكن السلف رضوان الله عليهم يتعرضون في هذه المواسم ولا يعرفون تعظيمها إلا بكثرة العبادة والصدقة والخير واغتنام فضيلتها لا بالمأكول ".
وممن نص على تخصيص الأطعمة فيها ابن تيمية إذ قال:" فصار أقوام يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث أطعمة غير معتادة".
القسم الثاني: بدع شركية وخرافية
أولا: الذبيحة في عاشوراء
ومن البدع تخصيص عاشوراء بالذبائح من الغنم أو الدجاج، وعادة الذبح هذه يخشى أن تكون من عادات النواصب الذين جعلوا عاشوراء عيدا،وقد تكون من ميراث دعوة أحد مدعي النبوة في المغرب الأقصى اسمه صالح بن طريف البربري، الذي أسس دولة بقيت قرونا في برغواطة (منطقة تقع قرب الدار البيضاء حاليا).
وقلد شعائر الإسلام مع تحريف وتبديل فيها:ومن ذلك: نقله لشهر الصيام من رمضان إلى شهر رجب، وجعله عيد الأضحى يوم الحادي عشر من محرم أي بعد عاشوراء.
ثانيا: الوزيعة
ومن المظاهر الشائعة في كثير من المناطق ما يسمى بالوزيعة حيث يشترك أهل القبيلة والقرية كل حسب استطاعته لشراء الأغنام وأبقار فتذبح في هذا اليوم وتوزع على كل الأفراد أغنيائهم وفقرائهم (وضيوفهم)،وهذا من البدع الظاهرة اجتمع فيه قصد التوسعة وتخصيص الذبيحة واعتقاد فضيلة المأكول مع اعتقادات خرافية كاعتقادهم أن أرواح الآباء والأجداد تحضر وتشاهد عملهم وأنها ترضى عنهم بذلك، وإن اقترن ذلك بالذبح عن قبر ولي من الأولياء أو مقام من مقاماتهم صار من الشرك الصريح.
ثالثا: تحريم الخياطة والكتابة ليلتها
ومن الخرافات والعقائد الباطلة التي تقترن بعاشوراء تحريم بعض الناس الكتابة والخياطة ليلتها،وزعمهم أن من فعل ذلك ستصبح يده ترتعش،وهذا قد يكون من بقايا ديانة برغواطة المذكورة سابقا.
رابعا: المنع من البكاء والتشاجر
كثير من الناس ينهى عن البكاء في ليلة عاشوراء وعن التشاجر والتخاصم (بحق كان التخاصم أو بباطل)،ويقولون هذه العواشير،بمعنى أيام مفضلة وهذا داخل في الابتداع لأنه لا دليل عليه،وكثير من الناس يفعل ذلك خوفا من الجن والعفاريت وتقربا إليهم،وهذا داخل في معنى الشرك بالله تعالى .
خامسا: استعمال البخور
ومن البدع التي يظهر أنها من عبادة الجن استعمال البخور ليلتها، قال ابن الحاج المالكي:
« ومما أحدثوه من البدع البخور،فمن لم يشتره منهن في ذلك اليوم ويتبخر به، فكأنه ارتكب أمرا عظيما … ويزعمن أنه إذا بخر به المسجون خرج من سجنه،وأنه يبرئ من العين والنظرة ن والمصاب والموعوك،وهذا أمر خطر لأنه مما يحتاج إلى توقيف من صاحب الشريعة ».
سادسا: قص الشعر
ومن البدع المنتشرة أيضا في بعض المناطق قص الشعر تعبدا وتبركا بهذا اليوم،وكل اعتقاد صحب هذا العمل فهو من الخرافات التي لا أصل لها.
القسم الثالث: بدع أخرى مختلفة
أولا: تقنين الصيام بغير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد ورد الحديث على صيام عاشوراء،كما ورد الحث على قرنه بيوم قبله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ » أي التاسع مع العاشر،كما ورد الحث على الصيام في شهر محرم،قَالَ صلى الله عليه وسلم :«أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ »،ما يفعله البعض من تخصيص العشر الأوائل بالصيام فهو من البدع،وكذلك القول بأنه يصام التاسع والعاشر والحادي عشر على سبيل الاحتياط وأنه أفضل من صوم التاسع والعاشر فقط، فهو قول مرجوح،والاحتياط في اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما حديث:« صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوما وبعده يوما».
لكن معناه صحيح فمن فاته صيام اليوم التاسع جاز له صيام اليوم الحادي عشر تحصيلا للمخالفة.
ثانيا: إخراج الزكاة في عاشوراء
من البدع المنكرة في عاشوراء (أو محرم) تخصيص إخراج الزكاة فيه، قال ابن الحاج في المدخل:« ثم إنهم يضمون إلى ذلك بدعة أو محرما،وذلك أنه يجب على بعضهم الزكاة مثلا في صفر أو ربيع أو غيرها من شهور السنة،فيؤخرون إعطاء ما وجب عليهم إلى عاشوراء،وفيه من التغرير بمال الصدقة ما فيه، فقد يموت أثناء السنة أو يفلس فيبقى ذلك في ذمته،وأقبح ما فيه أن صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه شهد بأنه ظالم بقوله عليه الصلاة والسلام:» مطل الغني ظلم«،وفيه بدعة أخرى،وهو أن الشارع صلوات الله عليه وسلامه حد للزكاة حولا كاملا وهو اثنا عشر شهرا،وفي فعلهم المذكور زيادة على الحول بحسب ما جاءهم يوم عاشوراء فقد يكون كثيرا وقد يكون قليلا ».
ثالثا: هل هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - في محرم
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الخطباء في شهر المحرم،تخصيصهم الحديث عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ظنا منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر في محرم، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما هاجر في ربيع الأول، ومنشأ الخطأ خلطهم بين ابتداء التأريخ من العام الذي هاجر فيه صلى الله عليه وسلم وبين الشهر التي تبتدئ به السنة القمرية الهجرية.
رابعا: زيارة القبور
قال ابن الحاج:«ومما أحدثوه من البدع زيارة القبور، ونفس زيارة القبور في هذا اليوم المعلوم بدعة مطلقا للرجال والنساء »،ولعل سبب هذا اعتبارهم لهذا اليوم عيدا،وهم يخصون الأعياد بزيارة القبور، فيكون هذا من قبيل الابتداع المركب من خطأين.
خامسا: الذبيحة عن المولود في عاشوراء
ومن الناس من يذبح عن المولود الذي ولد قبل عاشوراء في عاشوراء،وهذا تخصيص مبتدع لم يرد به الشرع،لأن العقيقة عن المولود لا تختص بيوم عاشوراء،بل هي مشروعة تشريعا مطلقا وتستحب في السابع والرابع عشر أو الحادي والعشرين.
سادسا: تخصيص ليلتها بالقيام
ومن البدع تخصيص ليلتها بالقيام لأنه تخصيص بلا مخصص، قَالَ ابن أبي زمين المالكي:«لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةِ الْجَمْعِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةَ عَاشُورَاءَ وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْهُ ».
سابعا: بدع أخرى لا أصل لها
قد عد بعض الفقهاء المتأخرين خصائص عاشوراء فأبلغها اثنتا عشرة خصلة وكلها لا أصل له عدا الصيام، ومنها ما سبق قال:
«وهي الصلاة والصوم وصلة الرحم والصدقة والاغتسال والاكتحال وزيارة عالم وعيادة مريض ومسح رأس اليتيم والتوسعة على العيال وتقليم الأظفار وقراءة سورة الإخلاص ألف مرة ».
مآتم الشيعة (الرافضة والباطنية) :
أما بالنسبة لمآتم الشيعة فإنه لا نزاع في فضل الحسين ـ رضـي الله عنه ـ ومناقبه؛ فهو من علماء الصحابة، ومن سادات المسلمين في الدنيا والآخـــرة الذين عرفوا بالعبادة والشجاعة والسخاء ...، وابن بنت أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، والتي هي أفـضـل بناته، وما وقـــع من قتله فأمر منكر شنيع محزن لكل مسلم، وقد انتقم الله ـ عز وجل ـ مـن قـتـلـتـه فأهانهم في الدنيا وجعلهم عبرة، فأصابتهم العاهات والفتن، وقلَّ من نجا منهم.
والذي ينبغي عنــد ذكـر مصيبة الحسين وأمثالها هو الصبر والرضى بقضاء الله وقدره، وأنـه ـ تعالى ـ يختار لعبده ما هو خير، ثم احتساب أجرها عند الله ـ تعالى ـ.
ولكن لا يحسن أبداً ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي يُلحَظُ التصنع والتكلف في أكثره، وقد كان أبوه عليٌّ أفضل منه وقُتل، ولم يتخذوا مـوته مأتماً، وقتل عثمان وعمـر ومات أبو بـكـر ـ رضي الله عنهم ـ، وكلهم أفضل منه .. ومات سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ولم يقع في يوم موته ما هو حاصـــل فـي مقتل الحسين. وليس اتخاذ المآتم من دين المسلمين أصلاً، بل هو أشبه بفعل أهل الجاهلية(الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية: 25/307 ـ 314، واقتضاء الصراط المستقيـم: 2/129-131 ) .
قال ابن رجــب عن يوم عاشوراء: "وأما اتخــاذه مأتماً كما تفعله الرافضــة؛ لأجــل قتل الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ فيه .. فـهــو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً، فكيف بمن دونهم؟"( لطائف المعارف: 113) .والملاحظ أن مآتم الرافضة في عاشوراء لم تـرتـبــط بأصل إسلامي من قريب أو بعيد؛ إذ لا علاقة لها بنجاة موسى ، ولا بصيام النبي صلى الله عـلـيــه وسلم، بل الواقع أنهم حولوا المناسبة إلى اتجاه آخر، وهذا من جنس تبديل دين الله ـ عز وجل ـ.
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
يوم عاشوراء يكفر ذنوب عام كامل.. وأهل البدع يجعلونه مآتم!!
مآتم الرافضة في يوم عاشوراء
أما بعد:
فإن يوم عاشوراء-اليوم العاشر من محرم - من الأيام التي يرغب في صيامها لأنه يوم نجى الله فيه نبيه
موسى عليه السلام و قومه "بني إسرائيل" من فرعون، فصامه موسى-عليه السلام -شكرا لله، فصامه نبينا-صلى الله عليه وسلم-اقتداء بموسى وأمر بصومه،وقال:" صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ".
ثم إن النبي-صلى الله عليه وسلم-رغب في صوم التاسع مع العاشر لتحصيل المخالفة لليهود الذين كانوا يصومونه،هذه خاصية يوم عاشوراء وهذا فضله في شريعة الإسلام،لكن المسلمين المتأخرين لم يكتفوا بذلك فأدخلوا فيه عبر تاريخهم كثيرا من الزيادات،التي هي بدع ومخالفات،وذلك لعدة أسباب منها انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة المكذوبة على النبي-صلى الله عليه وسلم-،ومنها انتشار بدع الذي نصبوا العداء لآل بيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،ومنها انتشار عادات راجعة إلى بقايا ديانات جاهلية،ويكتنف كل ذلك فشو الجهل وتضييع الأمة لواجب الفقه في الدين،وفي هذا البحث المختصر محاولة جمع لأهم البدع والأخطاء الواقعة في يوم عاشوراء والمرتبطة به.
القسم الأول: بدع مبغضي أمهات المؤمنين
أولا: اعتبار عاشوراء يوم حزن.
أول البدع وأظهرها الذين يجعلون يوم عاشوراء يوم شؤم وحزن وبكاء ونحيب،ولبس سواد ودوران في البلاد وجرح الرؤوس والأبدان؛لأنه يوم قتل فيه الحسين بن علي في كربلاء،ومما لا شك فيه أن اتخاذ أيام المصائب مآتم ليس من دين الإسلام،بل هو إلى أعمال أهل الجاهلية أقرب،وهذا من شر البدع المتعلقة بهذا اليوم وقد وقد استدلوا بأحاديث لا أصل لها كحديث{البكاء يوم عاشوراء نور تام يوم القيامة}وحديث{ما من عبد يبكي يوم عاشوراء إلا كان مع أولى العزم من الرسل يوم القيامة}
ثانيا: اعتبار عاشوراء عيدا دينيا.
ومن البدع المنتشرة أيضا اعتبار يوم عاشوراء عيدا دينيا،تعطل فيه الأعمال وتترك الوظائف ويظهر فيه الفرح والسرور،ولا عيد للمسلمين إلا عيدان الفطر والأضحى وقد حصر النبي-صلى الله عليه وسلم- أعيادنا في ذلك،فلم تجز الزيادة عليهما،ثم إن المشروع فيه يقينا هو الصيام؛وهذا يخالف معنى العيد لأن العيد يحرم صومه.
وينبغي أن يعلم أن إظهار الفرح في هذا اليوم من ميراث النواصب الذين يفرحون في هذا اليوم لأنه يوم قتل فيها الحسين بن علي -رضي الله عنه -،فيخصونه بالأفراح وأنواع من المآكل والملابس وبالحناء وغيرها من مظاهر السرور.وبالنسبة لأهل السنة هو يوم كسائر الأيام من جهة الحزن والفرح إلا أنهم يصومونه اقتداء بنبيهم - صلى الله عليه وسلم -،
ثالثا: الاكتحال ووضع الحناء
ومن البدع أيضا الاكتحال والخضاب،وهذا من فروع اتخاذه يوم فرح وسرور،وقد نص العلماء على بدعية ذلك فقال ابن الحاج المالكي:"ومن البدع التي أحدثها النساء فيه استعمال الحناء على كل حال، فمن لم يفعلها منهن فكأنها ما قامت بحق عاشوراء"،وقال الحاكم النيسابوري:"فإن الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه أثر وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين -رضي الله عنه -والخبر الوارد في الاكتحال:{من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا }خبر مكذوب كما صرح به غير واحد من الأئمة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء ولا الكحل فيه والخضاب وأمثال ذلك،ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم ويرجع إليهم في معرفة ما أمر الله به ونهى عنه ولا فعل ذلك رسول الله ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم ".
رابعا: التوسعة على العيال في عاشوراء
ومن الأخطاء التي وقع فيها بعض الفقهاء المتأخرين قولهم باستحباب التوسعة على العيال في عاشوراء في المأكل والملبس ونحو ذلك،وقد اعتمدوا أحاديث لا تصح كحديث:" من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته".
ومن هؤلاء الفقهاء ابن الحاج المالكي لكنه اشترط:" أن لا يصير ذلك سنة يستن بها لابد من فعلها، فإن وصل إلى هذا الحد فيكره أن يفعله".
أما الفقهاء المتقدمون والأئمة المتبوعون فليس فيهم من نص على ذلك،قال ابن تيمية:"لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ".
وأصل هذه البدعة أيضا من النواصب لكن المتأخرين اغتروا بما ورد من أحاديث مختلقة ولم يتنبهوا إلى أصلها،وقال العجلوني:"باب فضائل عاشوراء ورد استحباب صيامه وسائر الأحاديث في فضله وفضل الصلاة فيه والإنفاق والخضاب والإدهان والإكتحال وطبخ الحبوب وغير ذلك مجموعه موضوع مفترى".
خامسا: تخصيص مأكولات معينة
ومن البدع الظاهرة أيضا ادخار لحم عيد الأضحى ليؤكل في عاشوراء واعتقاد فضيلة ذلك أو لزومه، وتخصيص ليلتها بأنواع من المآكل (كالكسكس بالدجاج أو الرشتة ونحو ذلك)،قال ابن الحاج:" أما ما يفعلونه اليوم من أن عاشوراء يختص بذبح الدجاج وغيرها،ومن لم يفعل ذلك فكأنه ما قام بحق ذلك اليوم،وكذلك طبخهم فيه الحبوب وغير ذلك، لم يكن السلف رضوان الله عليهم يتعرضون في هذه المواسم ولا يعرفون تعظيمها إلا بكثرة العبادة والصدقة والخير واغتنام فضيلتها لا بالمأكول ".
وممن نص على تخصيص الأطعمة فيها ابن تيمية إذ قال:" فصار أقوام يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث أطعمة غير معتادة".
القسم الثاني: بدع شركية وخرافية
أولا: الذبيحة في عاشوراء
ومن البدع تخصيص عاشوراء بالذبائح من الغنم أو الدجاج، وعادة الذبح هذه يخشى أن تكون من عادات النواصب الذين جعلوا عاشوراء عيدا،وقد تكون من ميراث دعوة أحد مدعي النبوة في المغرب الأقصى اسمه صالح بن طريف البربري، الذي أسس دولة بقيت قرونا في برغواطة (منطقة تقع قرب الدار البيضاء حاليا).
وقلد شعائر الإسلام مع تحريف وتبديل فيها:ومن ذلك: نقله لشهر الصيام من رمضان إلى شهر رجب، وجعله عيد الأضحى يوم الحادي عشر من محرم أي بعد عاشوراء.
ثانيا: الوزيعة
ومن المظاهر الشائعة في كثير من المناطق ما يسمى بالوزيعة حيث يشترك أهل القبيلة والقرية كل حسب استطاعته لشراء الأغنام وأبقار فتذبح في هذا اليوم وتوزع على كل الأفراد أغنيائهم وفقرائهم (وضيوفهم)،وهذا من البدع الظاهرة اجتمع فيه قصد التوسعة وتخصيص الذبيحة واعتقاد فضيلة المأكول مع اعتقادات خرافية كاعتقادهم أن أرواح الآباء والأجداد تحضر وتشاهد عملهم وأنها ترضى عنهم بذلك، وإن اقترن ذلك بالذبح عن قبر ولي من الأولياء أو مقام من مقاماتهم صار من الشرك الصريح.
ثالثا: تحريم الخياطة والكتابة ليلتها
ومن الخرافات والعقائد الباطلة التي تقترن بعاشوراء تحريم بعض الناس الكتابة والخياطة ليلتها،وزعمهم أن من فعل ذلك ستصبح يده ترتعش،وهذا قد يكون من بقايا ديانة برغواطة المذكورة سابقا.
رابعا: المنع من البكاء والتشاجر
كثير من الناس ينهى عن البكاء في ليلة عاشوراء وعن التشاجر والتخاصم (بحق كان التخاصم أو بباطل)،ويقولون هذه العواشير،بمعنى أيام مفضلة وهذا داخل في الابتداع لأنه لا دليل عليه،وكثير من الناس يفعل ذلك خوفا من الجن والعفاريت وتقربا إليهم،وهذا داخل في معنى الشرك بالله تعالى .
خامسا: استعمال البخور
ومن البدع التي يظهر أنها من عبادة الجن استعمال البخور ليلتها، قال ابن الحاج المالكي:
« ومما أحدثوه من البدع البخور،فمن لم يشتره منهن في ذلك اليوم ويتبخر به، فكأنه ارتكب أمرا عظيما … ويزعمن أنه إذا بخر به المسجون خرج من سجنه،وأنه يبرئ من العين والنظرة ن والمصاب والموعوك،وهذا أمر خطر لأنه مما يحتاج إلى توقيف من صاحب الشريعة ».
سادسا: قص الشعر
ومن البدع المنتشرة أيضا في بعض المناطق قص الشعر تعبدا وتبركا بهذا اليوم،وكل اعتقاد صحب هذا العمل فهو من الخرافات التي لا أصل لها.
القسم الثالث: بدع أخرى مختلفة
أولا: تقنين الصيام بغير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد ورد الحديث على صيام عاشوراء،كما ورد الحث على قرنه بيوم قبله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ » أي التاسع مع العاشر،كما ورد الحث على الصيام في شهر محرم،قَالَ صلى الله عليه وسلم :«أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ »،ما يفعله البعض من تخصيص العشر الأوائل بالصيام فهو من البدع،وكذلك القول بأنه يصام التاسع والعاشر والحادي عشر على سبيل الاحتياط وأنه أفضل من صوم التاسع والعاشر فقط، فهو قول مرجوح،والاحتياط في اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما حديث:« صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوما وبعده يوما».
لكن معناه صحيح فمن فاته صيام اليوم التاسع جاز له صيام اليوم الحادي عشر تحصيلا للمخالفة.
ثانيا: إخراج الزكاة في عاشوراء
من البدع المنكرة في عاشوراء (أو محرم) تخصيص إخراج الزكاة فيه، قال ابن الحاج في المدخل:« ثم إنهم يضمون إلى ذلك بدعة أو محرما،وذلك أنه يجب على بعضهم الزكاة مثلا في صفر أو ربيع أو غيرها من شهور السنة،فيؤخرون إعطاء ما وجب عليهم إلى عاشوراء،وفيه من التغرير بمال الصدقة ما فيه، فقد يموت أثناء السنة أو يفلس فيبقى ذلك في ذمته،وأقبح ما فيه أن صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه شهد بأنه ظالم بقوله عليه الصلاة والسلام:» مطل الغني ظلم«،وفيه بدعة أخرى،وهو أن الشارع صلوات الله عليه وسلامه حد للزكاة حولا كاملا وهو اثنا عشر شهرا،وفي فعلهم المذكور زيادة على الحول بحسب ما جاءهم يوم عاشوراء فقد يكون كثيرا وقد يكون قليلا ».
ثالثا: هل هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - في محرم
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الخطباء في شهر المحرم،تخصيصهم الحديث عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ظنا منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر في محرم، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما هاجر في ربيع الأول، ومنشأ الخطأ خلطهم بين ابتداء التأريخ من العام الذي هاجر فيه صلى الله عليه وسلم وبين الشهر التي تبتدئ به السنة القمرية الهجرية.
رابعا: زيارة القبور
قال ابن الحاج:«ومما أحدثوه من البدع زيارة القبور، ونفس زيارة القبور في هذا اليوم المعلوم بدعة مطلقا للرجال والنساء »،ولعل سبب هذا اعتبارهم لهذا اليوم عيدا،وهم يخصون الأعياد بزيارة القبور، فيكون هذا من قبيل الابتداع المركب من خطأين.
خامسا: الذبيحة عن المولود في عاشوراء
ومن الناس من يذبح عن المولود الذي ولد قبل عاشوراء في عاشوراء،وهذا تخصيص مبتدع لم يرد به الشرع،لأن العقيقة عن المولود لا تختص بيوم عاشوراء،بل هي مشروعة تشريعا مطلقا وتستحب في السابع والرابع عشر أو الحادي والعشرين.
سادسا: تخصيص ليلتها بالقيام
ومن البدع تخصيص ليلتها بالقيام لأنه تخصيص بلا مخصص، قَالَ ابن أبي زمين المالكي:«لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةِ الْجَمْعِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةَ عَاشُورَاءَ وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْهُ ».
سابعا: بدع أخرى لا أصل لها
قد عد بعض الفقهاء المتأخرين خصائص عاشوراء فأبلغها اثنتا عشرة خصلة وكلها لا أصل له عدا الصيام، ومنها ما سبق قال:
«وهي الصلاة والصوم وصلة الرحم والصدقة والاغتسال والاكتحال وزيارة عالم وعيادة مريض ومسح رأس اليتيم والتوسعة على العيال وتقليم الأظفار وقراءة سورة الإخلاص ألف مرة ».
مآتم الشيعة (الرافضة والباطنية) :
أما بالنسبة لمآتم الشيعة فإنه لا نزاع في فضل الحسين ـ رضـي الله عنه ـ ومناقبه؛ فهو من علماء الصحابة، ومن سادات المسلمين في الدنيا والآخـــرة الذين عرفوا بالعبادة والشجاعة والسخاء ...، وابن بنت أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، والتي هي أفـضـل بناته، وما وقـــع من قتله فأمر منكر شنيع محزن لكل مسلم، وقد انتقم الله ـ عز وجل ـ مـن قـتـلـتـه فأهانهم في الدنيا وجعلهم عبرة، فأصابتهم العاهات والفتن، وقلَّ من نجا منهم.
والذي ينبغي عنــد ذكـر مصيبة الحسين وأمثالها هو الصبر والرضى بقضاء الله وقدره، وأنـه ـ تعالى ـ يختار لعبده ما هو خير، ثم احتساب أجرها عند الله ـ تعالى ـ.
ولكن لا يحسن أبداً ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي يُلحَظُ التصنع والتكلف في أكثره، وقد كان أبوه عليٌّ أفضل منه وقُتل، ولم يتخذوا مـوته مأتماً، وقتل عثمان وعمـر ومات أبو بـكـر ـ رضي الله عنهم ـ، وكلهم أفضل منه .. ومات سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ولم يقع في يوم موته ما هو حاصـــل فـي مقتل الحسين. وليس اتخاذ المآتم من دين المسلمين أصلاً، بل هو أشبه بفعل أهل الجاهلية(الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية: 25/307 ـ 314، واقتضاء الصراط المستقيـم: 2/129-131 ) .
قال ابن رجــب عن يوم عاشوراء: "وأما اتخــاذه مأتماً كما تفعله الرافضــة؛ لأجــل قتل الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ فيه .. فـهــو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً، فكيف بمن دونهم؟"( لطائف المعارف: 113) .والملاحظ أن مآتم الرافضة في عاشوراء لم تـرتـبــط بأصل إسلامي من قريب أو بعيد؛ إذ لا علاقة لها بنجاة موسى ، ولا بصيام النبي صلى الله عـلـيــه وسلم، بل الواقع أنهم حولوا المناسبة إلى اتجاه آخر، وهذا من جنس تبديل دين الله ـ عز وجل ـ.
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
يوم عاشوراء يكفر ذنوب عام كامل.. وأهل البدع يجعلونه مآتم!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..