الأحد، 5 مارس 2017

عبدالعزيز الفغم .. نموذج فذ في الإخلاص

         تأريخٌ صغير للعائلة: كان الشيخ عبدالله بن هايف الفغم، شخصية محبوبة ومحترمة بين أبناء قبيلته ولكل من عرفه.
وقد كان صديقا مقربا للأمير عبدالله منذ شبابهما.. ولقد ذاع صيت الشيخ عبدالله وقدّره من عرفه من الأمراء والوجهاء. قدر اللهُ أن يموت شابا في السابعة والأربعين من عمره.. وحزن عليه المغفور له وصديقه آنذاك الأمير الشاب عبدالله بن عبدالعزيز. أكبر أولاد الشيخ عبدالله بن هايف الفغم هو الشيخ "بداح". ولما رآه الأمير عبدالله بن عبدالعزيز واستدعاءً لمحبة أبيه في قلبه طلب منه أن يبقى ضابطا مرابطا في معيّته. هذا البقاءُ طال عُمراً مدته أكثر من ثلاثين سنة، لم يتعدَّ فيها الشيخُ بداح الملك عبدالله حتى صار كبير مرافقيه، وأحب الشيخُ بداح عبدالله بن عبدالعزيز وتولع به، فكان بقاؤه معه بلا إجازات اختيارا منه لداعي المحبة والقرب. عبدالعزيز بن بداح الفغم شابٌ بارع الذكاء، قوي الهمة، شفاف المبادئ، تخرج بتفوق في الكلية العسكرية، وحيث إن "الكتيبة الخاصة" لا يلتحق بها إلا الضباط الجدد المتميزون، فكان مقدرا لعبدالعزيز أن يكون ضابطا بالكتيبة، وأظهر تفوقا في المهارات المختلفة حتى تدرب مكثفا بحراسة الشخصيات المهمة، مما أهلّه أن يحقق حلمه الكبير فبقي برفقة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عشر سنوات. قربي للأسرة: قربي اللصيق بهذه العائلة المتميزة ذكاء وخلقا ومواطنة هي لصداقتي مع أحد أبناء الشيخ بداح الفغم، وهو الصديق الحبيب الدكتور نواف الفغم العضو النشط في مجلس الشورى، وله اهتمامات اجتماعية تطوعية واسعة جدا، ربما لا يرضى الدكتور نواف أن أكشف عنها. لكن سأعطيكم موقفاً صغيراً يبين أن التواضع والبساطة عند المتميزين ممارسة عادية، ولا يخجلون من قلة المظهر. عند العائلة شاحنة صغيرة عفى عليها الزمن، عَنَّ لنواف أن يأخذها لمهمة صغيرة وأدركه الوقت لمناسبة نحضرها في فندق من كبار فنادق العاصمة، فلم يتردد بأن يمر علي "بذلك الشيء على عجلات"، وأذكر أني طيلة الوقت قابضا على الباب حتى لا ينخلع من هيكل السيارة، وعندما تقدم عامل الفندق لاستلام السيارة قال له نواف: "اعتنِ بسيارتي الفخمة"، وكان الفلبيني حاضر الفكاهة فقال له: أعطني "المفتاح الكونترول" .. وازهلها" (بالإنجليزية، وترجمتها بلهجة الدكتور نواف). هذه البساطة وميله الشديد "للفزعة" لأي شخص يطلب منه خدمة، وحبه الحارق لوطنه سمة أبناء رباهم عليها الشيخ بداح الفغم؛ هم من طلال حتى سعود كل متفوق بمضمار. قصة صغيرة على الجانب: كان بدر بن بداح الفغم هو من قام على تخطيط ملعب جدة "الجوهرة المشعة" بخطوطها الزرقاء. ولما ترك أرامكو التحق بمجموعة "المهيدب" التي بنت الملعب مشرفا على التنفيذ. يعني أنه المخطط والمنفذ. الحبكة ليست هنا إنما في أنه لم يخبر أحداً، ولم يعرف أخوه نواف إلا عفوياً ليلة يوم افتتاح الملك عبدالله رحمه الله للملعب! عودةٌ لعبدالعزيز: عبدالعزيز الفغم يملك شيئا جذابا بشخصيته، ربما تقاسيم وجهه الصارمة ونحت وجهـِهِ السَّمْتي، وربما تلك اللمعة المخلصة التي أدركها الناس في عينيه وهو يحرس أهم شخصية في البلاد، وربما مهارات احترافية أعجب بها الناس.. كل ما عرفه الناس حقا وانتقل من قلبه لقلوبهم هو حبه ووفاؤه للملك عبدالله، ولما رحل العاهل الكبير، لم ينسه الناس وسط المصاب العظيم، بل استدركوه لازما ملحقا للمشهد العام للملك عبدالله طيب الله تربته. وأعتقد أن عبدالعزيز الفغم أول حارس شخصي لشخصية مهمة جدا يلقى هذه الشعبية في تاريخ الحراسة الشخصية بالعالم. وانتقاله ليكون مع الملك سلمان أكبر شهادة لتلك الأمانة الكبرى التي يتحمل مسؤوليتها. وهنا تحول عبدالعزيز نموذجا في الإخلاص .. وبقي حارسا تابعا وظلا لشخصية البلاد الأولى. وهنا اجتمعت صفات تجعله في مقدمة مهنته الصعبة والبالغة الحساسية. وندعو لحبيبنا عبدالعزيز بإذن الله ألا يكسر قلوبنا.. أبدا.


الاحد, 5 مارِس 2017 | 7 جُمادى الثانِية 1438
صحيفة الاقتصادية

الاحد, 5 مارِس 2017 | 7 جُمادى الثانِية 1438
صحيفة الاقتصادية
    عبدالعزيز الفغم .. نموذج فذ في الإخلاص
  نجيب الزامل



--------------------------------- 
إضافات :









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..