كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
647- سئل فضيلة الشيخ: عن تعريف السهو، والفرق بينه وبين النسيان، والحكمة من مشروعية سجود السهو؟
فأجاب فضيلة بقوله:
السهو هو "الغفلة والذهول"
والفرق بينه وبين النسيان: أن الناسي إذا ذكرته تذكر
والساهي إذا ذكرته لا يتذكر هذا الفرق فيما إذا كان السهو سهواّ عن الشيء
وأما السهو في الشيء فهو بمعنى النسيان، كذا قال العلماء.
كما فرق العلما بين السهو في الشيء والسهو عن الشيء، فالسهو
في الشيئ ليس بمذموم، بخلاف السهو عن الشيء فإنه مذموم، ولذا قال الله – عز
وجل – ذاماً الساهين عن الصلاة فقال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [سورة الماعون ، الآيتان: 4
، 5] وذلك لأن السهو في الشيء ترك له من غير قصد، والسهو عن الشيء ترك
له مع القصد.
وأما الحكمة من مشروعية سجود السهو:
فإن من محاسن الشريعة النبوية مشروعية سجود السهو حيث إن كل
إنسان لا يمكنه التحرز منه، فلابد من وقوعه منه في هذه العبادة العظيمة،
ولما كانت هذه العبادة مطلوبة على وجه مخصوص، وكان الإنسان معرضاً للزيادة
والنقص، والشك فيها وبذلك يكون الإنسان قد أتى بها على غير الوجه المشروع
فينقص ثوابها، لذلك شرع سجود السهو فيها من أجل أن يتلافى النقص في ثوابها،
أو بطلانها، ولذلك أجمع العلماء على مشروعيته.
648- سئل فضيلة الشيخ: عن أسباب سجود السهو.
فأجاب فضيلته بقوله : سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة:
1- الزيادة.
2- والنقص.
3- والشك.
فالزيادة: مثل أن يزيد الإنسان ركوعاً أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً.
والنقص: مثل أن ينقص الإنسان ركناً، أو ينقص واجباً من واجبات الصلاة.
والشك: أن يتردد، كم صلى ثلاثاً، أم أربعاً مثلاً.
أما الزيدة فإن الإنسان إذا زاد الصلاة ركوعاً أو سجوداً أو
قياماً أو قعوداً متعمداً بطلت صلاته، لأنه إذا زاد فقد أتى بالصلاة على
غير الوجه الذي أمره به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو
رد)(1).
أما إذا زاد ذلك ناسياً فإن صلاته لا تبطل ، ولكنه يسجد للسهو
بعد السلام، ودليل ذلك حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – حين سلم النبي صلى
الله عليه وسلم من الركعتين في إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر
فلما ذكروه أتى صلى الله عليه وسلم، بما بقى من صلاته، ثم سلم ثم سجد
سجدتين بعدما سلم(2). وحديث ابن مسعود – رضي الله عنه – (أن النبي
صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر خمساً فلما انصرف قيل له أزيد في الصلاة
؟ قال: وما ذاك؟ قالوا : صليت خمساً . فثنى رجليه واستقبل القبلة
، وسجد سجدتين)[ متفق عليه ، رواه البخاري في الصلاة باب ما جاء في
القبلة ( 404) مختصراً و( 401) مطولاً ، وفي السهو ( 1227 )
وفي مواضع أخرى ، ورواه مسلم في الموضع السابق ح91 (572).].
أما النقص : فأن نقص الإنسان ركناً من أركان الصلاة فلا يخلو :
إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده .
إما أن لا يذكره إلا حين يصل إلى موضعه من الركعة الثانية ،
وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن التي ترك ركناً منها فيأتي بدلها
بركعة ، وفي هاتين الحالين يسجد بعد السلام ، مثال ذلك : رجل قام حين سجد
السجدة الأولى من الركعة الأولى ولم يجلس ولم يسجد السجدة الثانية ولما
شرع في القراءة ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين ، فحينئذ يرجع ويجلس
بين السجدتين ، ثم يسجد ، ثم يقوم فيأتي بما بقى من صلاته ، ويسجد السهو
بعد السلام .
ومثل لمن لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية
: أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى ولم يسجد السجدة الثانية
ولم يجلس بين السجدتين ، ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين في الركعة
الثانية . ففي هذه الحال تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى ، ويزيد
ركعة في صلاته ، ويسلم ثم يسجد للسهو .
أما نقص الواجب : فإذا نقص واجباً وانتقل من موضعه إلى
الموضع الذي يليه مثل : أن ينسى قول (سبحان ربي الأعلى) ولم يذكر إلا
بعد أن رفع من السجود ، فهذا قد ترك واجباً من الواجبات الصلاة سهواً
فميضي في صلاته ، ويسجد للسهو قبل السلام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم
لما ترك التشهد الأول مضى في صلاته ولم يرجع وسجد للسهو قبل السلام(3).
أما الشك فإن الشك وهو : التردد بين الزيادة والنقص ، مثل : أن يتردد هل صلى ثلاثاً أو اربعاً فلا يخلو من حلين :
إما أن يترجح عنده أحد الطرفين الزيادة ، أو النقص ، فيبني
على ما ترجح عنده ويتم عليه ويسجد للسهو بعد السلام ، وإما أن لا يترجح
عنده أحد الأمرين فيبنى على اليقين وهو الأقل ويتم عليه ، ويسجد للسهو قبل
السلام مثل ذلك : رجل يصلى الظهر ثم شك هل هو في الركعة الثالثة أو
الرابعة ، وترجح عنده أنها الثالثة فيأتي بركعة ، ثم يسلم ، ثم يسجد للسهو
.
ومثال ما استوى فيه الأمران : رجل يصلي الظهر فشك هل هذه
الركعة الثالثة ، أو الرابعة ، ولم يترجح عنده أنها الثالثة ، أو الرابعة
فيبني على اليقين وهو الأقل ، ويجعلها الثالثة ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو
قبل أن يسلم .
وبهذا تبين أن سجود السهو يكون قبل السلام : في ما إذا ترك
واجباً من الواجبات ، أو إذا شك في عدد الركعات ولم يترجح عنده أحد الطرفين
.
وأنه يكون بعد السلام : في ما إذا زاد في صلاته ، أو شك وترجح عنده أحد الطرفين.
649- سئل فضيلة الشيخ : أفتونا أثابكم الله في الحكم الشرعي في المسألة التالية وما تفرع منها :
قام الإمام للرابعة في صلاة المغرب ، وسبح المأمومون مراراً ،
ولكنه استمر وأتى بالرابعة كاملة وسجد للسهو وسلم ، ولما سأله المأمومون
أجابهم بأنه على علم بأنه أتى بالرابعة وكان نواها بدلاً من الثالثة (
السرية ) لشكه في قراءة الفاتحة فيها وبالنسبة للمأمومين فمنهم من تابع
الإمام حتى السلام ومنهم من انفرد عنه بعد قيامه للرابعة وعند تسليم الإمام
سلموا معه ، وهؤلاء المنفردون منهم من سجد مع الإمام للسهو ومنهم من لم
يسجد معه ، ثم إن أحد المأمومين أرشد المصلين إلى أن من تابع الإمام عند
قيامه للرابعة مع علمه بأنها رابعة فقد بطلت صلاته وعليه الإعادة وفعلاً
أعادوا صلاتهم ، أفتونا مأجورين أثابكم الله وجزاكم خيراً ، والسلام عليكم
.
فأجاب بقوله : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أما من
جهة الإمام فإن كان شكه وهماً كالوسواس فلا ينبغي أن يلتفت إليه ، لأنه لا
أثر له بل يكمل صلاته ملغياً هذا الوهم.
وإن كان شكه كثيراً فلا ينبغي أن يلتفت إليه ايضاً ، أما إن
كان شكه حقيقة أو تيقن أنه لم يقرأ الفاتحة فإن ركعته تلغىو ويأتي بدلها
بركعة .
وأما من جهة المأمومين فتجب عليهم متابعته في هذه الحال لأن
هذه الركعة التي أتى بها ليست زائدة في حقه بل هي تكميل صلاته ، بخلاف ما
إذا زاد ركعة ناسياً فإنهم لا يتابعونه ، لأن الركعة التي أتى بها زائدة ،
وإنما قلنا بوجوب متابعتهم له في الصورة الأولى مع عدم الخلل في صلاتهم ،
قياساً على وجوب متابعتهم له في سجود السهو فيما لو ترك واجباً من واجبات
الصلاة لم يشاركوه في تركه ، كما لونسي أن يقول (سبحان ربي العظيم) في
الركوع فسجد لذلك فإن المأمومين يلزمهم متابعته وإن لم ينسوا قولها ، مع أن
هذا السجود زيادة في صلاتهم لو لا متابعة الإمام لبطلت صلاتهم به ، والله
يحفظكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كتبه محمد الصالح العثيمين
في/1401هـ .
650- سئل فضيلة الشيخ : يقول السائل : إذا زاد الإمام
ركعة واعتديت بها وأنا مسبوق هل صلاتي صحيحة ؟ وما الحكم إذا لم أعتد بها
وزادت ركعة ؟
فأجاب بقوله : القول الصحيح أن صلاتك صحيحة ، لأنك صليتها تامة ، وزيادة الإمام لنفسه ، وهو معذور فيها لنسيانه .
أما انت فلو قمت وأتيت بركعة بعده لكنت قد زدت ركعة بلا عذر وهذا يبطل الصلاة. حرر في 25/7/1407هـ .
651- سئل فضيلة الشيخ : إذا صلى الإمام خمساً سهواً فما حكم صلاته وصلاة من خلفه؟ وهل يعتد المسبوق بتلك الركعة الزائدة ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا صلى الإمام خمساً سهواً فإن صلاته صحيحة ، وصلاة من اتبعه في ذلك ساهياً أو جاهلاً صحيحة ايضاً .
وأما من علم بالزيادة فإنه إذا قام الإمام إلى الزائدة وجب
عليه أن يجلس ويسلم ، لأنه في هذه الحالة يعتقد أن صلاة إمامه باطلة إلا
إذا كان يخشى أن إمامه قام إلى الزائدة ، لأنه أخل بقراءة الفاتحة (
مثلاً ) في إحدى الركعات فحينئذ ينتظر ولا يسلم .
وأما بالنسبة للمسبوق الذي دخل مع الإمام في الثانية فما
بعدها فإن هذه الركعة الزائدة تحسب له ، فإذا دخل مع الإمام في الثانية
مثلاً سلم مع الإمام الذي زاد ركعة ، وإن دخل في الثالثة أتى بركعة بعد
سلام الإمام من الزائدة ، وذلك لأننا لو قلنا بأن المسبوق لا يعتد بالزائدة
للزم من ذلك أن يزيد ركعة عمداً ، وهذا موجب لبطلان الصلاة ، أما الإمام
فهو معذور بالزيادة ، لأنه كان ناسياً فلا تبطل صلاته.
652- سئل فضيلة الشيخ : لو صلى الإمام خمساً ودخل معه شخص في الثانية فهل يسلم مع الإمام أو يأتي بركعة ؟
فأجاب فضيلته بقوله : اختلف العلماء في هذه المسألة ، فرأى
بعض العلماء أنه إذا سلم الإمام الذي صلى خمساً فإنه يجب على المسبوق أن
يأتي بركعة فيكون قد صلى خمساً كما صلى إمامه خمساً ، والدليل قول النبى
صلى الله عليه وسلم (ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا) (4).
قالوا فهذا الرجل فاته ركعة فيجب أن يأتي بها .
ولكن القول الراجح : أنه لا يجوز له أن يأتي بركعة خامسة بل
يسلم مع الإمام في هذه الحال ، لأن الإمام أتى بالخامسة معذوراً ،وأما هذا
فلا عذر له بعد أن علم أنه صلى أربعاً فلا يحل له أن يزيد في الصلاة .
وأما الجواب عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : (ما فاتكم
فأتموا) فإن قوله: (فأتموا) يدل على أن هذا الذي فاته نقصت به
صلاته وهو إذا صلى مع الإمام أربعاً لم تنقص صلاته هذا هو الجواب عن هذا
الحديث والله اعلم .
653- وسئل فضيلة الشيخ : عن كثرة التصفيق في الصلاة للتنبيه ؟
فأجاب فضيلته قائلاً : إذا كثر التصفيق للتنبيه حتى صار
كأنه لعب ، فهذا لا يجوز في الصلاة ، أما إذا كان لحاجة فإنه لا بأس
والتصفيق للنساء ، والتسبيح للرجال إذا دعت الحاجة .
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
من محبكم محمد الصالح العثيمين إلى المحب الأخ المكرم . . . حفظه الله تعالى .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أرجو الله تعالى أن تكونوا ومن تحبون بخير ، كما أننا بذلك
ولله الحمد ، رزقنا الله وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته . نشكركم على
تقديمكم هذه الأسئلة المفيدة ونرجو الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم
النافع والعمل الصالح .
سؤالكم الأول عن المسبوق الذي سلم إمامه عن نقص فقضى ركعة ثم ذكر إمامه فماذا يصنع ؟
فالجواب : أنه مخير بين أن يستمر في قضاء ما فاته منفرداً ،
وبين متابعة الإمام ، وإذا تابع الإمام فهل تحتسب له ركعته التي قضاها
ويسلم مع الإمام ، أو لا تحتسب ، لأنها وقعت في غير محلها ، لأن محل قضاء
المأموم بعد تمام إمامه وهذا قد قضاها قبل تمام الإمام فتكون في غير محلها
فتلغى ، ذكر بعض المحشين في ذلك احتمالين ، ولم يتبين لى أيهما
أرجح(5).
654- سئل فضيلة الشيخ – رعاه الله تعالى -: عن رجل يصلي
التراويح فقام إلى ثالثة فذكر أو ذكر فماذا يفعل ؟ وما صحة قول من قال
إنه إذا رجع بطلت صلاته قياساً على من قام من التشهد الأول في صلاة الفريضة
؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا قام من يصلي التراويح إلى ثالثة
فذكر أو ذكر وجب عليه الرجوع ، وسجود السهو ، ويكون سجود السهو بعد السلام ،
لأنه عن زيادة ، فأن لم يرجع بطلت صـلاته إن كان عالماً لأن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : (صـلاة الليل مثنى مثنى) (6).
فإذا زاد المصلي على ذلك فقد أتى بما ليس عليه أمر النبي صلى
الله عليه وسلم ، ونص الإمام أحمد على أنه إذا قام المصلي في الليل إلى
الثالثة فكما لو قام إلى ثالثة في الفجر، أي كما لو قام من يصلي الفجر إلى
ثالثة ، ومن المعلوم أن من قام إلى ثالثة في صلاة الفجر وجب عليه الرجوع
لئلا يزيد على المفروض ، وقد بين الفقهاء – رحمهم الله – هذا في باب صلاة
التطوع .
وأما قياس هذا على من قام عن التشهد الأول ، وقال إنه لا يرجع
إذا استتم قائماً فلا وجه لقياسه ، لأن القيام عن التشهد ترك لواجب جاءت
السنة بجبره بسجود السهو ، وهو ترك لا يزيد الرجوع إليه إلا خللاً في
الصلاة ، لا حاجة إليه لأنه يجبر بسجود السهو ، أما من قام إلى زيادة فهو
استمرار في زائد غير مشروع . قال ذلك كاتبه محمد الصالح العثيمين في
17/9/1409هـ .
655- سئل فضيلة الشيخ : إذا سجد الإمام للتلاوة فظن المأموم أن الإمام ركع فركع فما الحكم ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا سجد الإمام للتلاوة فظن المأموم أنه ركع ثم ركع بناء على أن الإمام قد ركع ، فلا يخلو من حالين :
إحداهما : أن يعلم بأن الإمام ساجد وهو راكع ، ففي هذه الحالة يجب عليه أن يسجد اتباعاً لإمامه .
الحال الثانية : أن لا يشعر أن الإمام ساجد إلا بعد أن يقوم
من السجدة ، وحينئذ نقول للمأموم الذي ركع ارفع الآن وتابع الإمام واركع
مع إمامك واستمر ، وسجود التلاوة سقط عنك حينئذ ، لأن سجود التلاوة ليس
ركناً في الصلاة حتى يحتاج أن تأتي به بعد إمامك ، وإنما يجب عليك متابعة
للإمام . والمتابعة هنا قد فاتت فهي سنة قد فات محلها وتستمر في صلاتك
.
656- سئل فضيلة الشيخ : مسالة يكثر فيها الجهل والجدل ،
نعرضها بين يديك لنعلم حكمها مقروناً بالدليل والتعليل : هل على المسبوق
إذا أخطأ إمامه وسجد للسهو بعد السلام، أو قبله أن يسجد للسهو بعد أن يكمل
صلاته ؟ وهل يتصور أن يسجد للسهو مرتين؟
فأجاب فضيله بقوله : إذا سها الإمام وسجد للسهو قبل السلام
فإن على المسبوق أن يتابعه لأنه مرتبط بإمامه حتى يسلم ، فإذا قضى ما فاته
لزمه السجود أيضاً ، لأن سجوده مع إمامه في غير محله ، فإن سجود السهو لا
يكون في إثناء الصلاة وإنما كان سجوده مع إمامه تبعاً لإمامه فقط .
ولكن إذا كان سهو الإمام قبل أن يدخل معه المسبوق فإنه لا
يعيد السجود مرة ثانية ، لأنه لم يلحقه حكم سهو إمامه فإنه كان قبل أن يدخل
معه .
أما إذا كان سجود الإمام بعد السلام فإن المسبوق لا يسجد معه ،
لأن متابعة الإمام في هذه الحال متعذرة إلا بالسلام معه ، وهذا غير ممكن ،
لأن المسبوق لا يسلم إلا بعد انتهاء الصلاة.
ولكن إذا كان سهو الإمام قبل أن يدخل معه فإنه لاسجود عليه ،
لأنه لم يلحقه حكم سهو إمامه ، وإن كان سهو بعد أن دخل معه سجد إذا سلم .
هذا ما تقضيه الأدلة بعضها سمعية ، مثل وجوب سجود المأموم
تبعاً لإمامه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما جعل الإمام ليؤتم
به) (7).
وبعضها بالنظر الصحيح كما في تعليل الأحكام المذكورة ، وانظر
الشرح الكبير على المقنع ، والمجموع شرح المهذب . حرر في 8/3/1417هـ .
657- وسئل فضيلة الشيخ : إذا سهى الإمام ، وجاء مأموم مسبوق
بركعة أو أكثر وكان سجود السهو بعد السلام ولم يشارك المسبوق إمامه في
السهو الذي حصل ، فهل يلزم المأموم أن يسجد مع الإمام قبل أن يتم ما عليه
ولو أتم ما عليه فهل يسجد بعد ذلك ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا كان سجود الإمام بعد السلام ، فإن
المأموم المسبوق لا يتابعه لتعذر المتابعة حينئذ ، لأنه لا يمكن أن يتابعه
إلا إذا سلم ، ولاسلام متعذر بالنسبة للمسبوق فيقوم المسبوق ويقضي مافاته ،
ثم إن كان مدركاً للسهو الذي أوجب السجود على الإمام ، سجد المأموم بعد
إتمامه ما فاته ، وإن كان لم يدرك هذا السهو فلا سجود عليه .
658- وسئل فضيلة الشيخ – حفظه الله -: إذا صليت مع إمام ثم
قام يصلي الركعة الخامسة ، وأنا متأكد من أنها الخامسة ، فنبهته ولكنه مضى
في صلاته فهل أتابعه أو أنفرد؟
وإذا نبهه اثنان أيتابعه المأمومون أم ينفردون ؟ وما حكم صلاته في المسألة الثانية ؟
فأجاب فضيلته بقوله : في هذا السؤال مسألتان :
إحداهما : إذا قام الإمام إلى زائدة كخامسة في رباعية وتأكد
المأموم زيادتها ونبهه فلم يرجع ، ففي هذه الصورة يلزم المأموم الذي تيقن
زيادة إمامه أن يفارقه ويسلم منفرداً .
وأما المسألة الثانية : فهي إذا نبهه اثنان هل يتابعه
المامومون أم ينفردون ، فأن هذه المسألة إما أن يكون المأمومون غير الذين
نبهوه جازمين بصوابه أم لا .
فإن كانوا جازمين بصوابه تبعوه ، وإلا رجعوا إلى ما قاله
المنبهان ويفارقونه ، وينبغي أن يلاحظ أن لا بد من كون المنبهين ثفتين إذ
لا عبرة بقول غير الثفة .
وأما حكم صلاة الإمام الذي نبه اثنان فإن كان جازماً بصواب
نفسه فصلاته صحيحة، وإن كان غير جازم بطلت صلاته ، لأنه يجب عليه الرجوع
إلى قولهما وقد تركه ، إلا أن يكون جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة وعليه
سجود السهو .
659- وسئل فضيلته : إذا سهى المسبوق مع إمامه ثم سجد الإمام للسهو فماذا يصنع المسبوق وقد قام ليقضي ما فاته ؟
فأجاب الشيخ بقوله : إن كان قد استتم قائماً فإنه يمضي في
صلاته ويسجد للسهو ، وإن لم يستتم وجب عليه الرجوع ويسجد للسهو إن كان قد
خرج عن هيئة الجلوس بأن فارقت إليتاه عقبيه .
660- وسئل فضيلته : إذا سلم الإمام عن نقص ركعة ثم قام
المسبوق ليقضي ما فاته ثم نبه الإمام فقام ليإتي بالركعة فهل يدخل معه هذا
المسبوق أو لا ؟
فأجاب الشيخ بقوله : نعم ، يرجع حتى ولو كان قد استتم
قائماً ويصلي معه ، ثم بعد سلام الإمام يقضي ما فاته ، وإنما قلنا إنه يرجع
لأنه تبين أن الإمام لم يفرغ صلاته .
661- وسئل فضيلة الشيخ : إذا شك المصلي وكان كثير الكشوك
أنه ما قرأ السورة هل يقرأها ثانية ؟ وكذلك يشك هل قرأ التحيات فما الحكم
.
فأجاب فضيلته بقوله : لا يقرأها أبداً ، إذا قرأها مرة يكفي
، لو شك في القراءة يعرض عن هذا ويدعه ، لأنه من الوسواس ، ولأنه إن فتح
على نفسه باب الوسواس تعب وجاءه الشيطان يشككه في الصلاة ، يشككه حتى في
الله – عز وجل – ربما تصل به الحال إلى الشك في الله ، وربما يشككه في
زوجته ، هل طلق أو ما طلق ، أو ما أشبه ذلك ، فكون الإنسان يدع هذا هو
الواجب عليه ، فيجب عليه أن يعرض عنه – يعني لو شك لا يلتفت لهذا الشك –.
662- سئل فضيلة الشيخ : متى يشرع سجود السهو ؟
فأجاب فضيلته بقوله : يشرع سجود السهو في ثلاثة حالات بسبب
زيادة ، أو نقص ، أو شك في الجملة لا في كل صورة ، لأن بعض الزيادة
والنقصان لا يشرع لها السجود ، وكذلك بعض الكشوك لا يشرع لها السجود .
663- سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله -: هل يشرع سجود السهو عند تعمد الإنسان ترك ركن ، أو واجب ، أوسنة في صلاة النفل أو الفرض ؟
فأجاب فضيلته بقوله : لا يشرع في العمد ، وذلك لأن العمد إن
كان تعمد ترك واجب، أو ركن فالصلاة باطلة لا ينفع فيها سجود السهو ، وإن
كان تعمد ترك سنة فالصلاة صحيحة ، وليس هناك ضرورة لجبرها بسجود السهو .
664- سئل فضيلته – رعاه الله -: هل يشرع سجو السهو لمن زاد في الصلاة سهواً ؟
فأجاب الشيخ بقوله : يشرع سجود السهو لمن زاد في صلاته
سهواً وهذا السجود المشروع ، إما واجب ، أو مستحب سواء في النفل أو في
الفرض ، بشرط أن تكون الصلاة ذات ركوع وسجود احترازاً من صلاة الجنازة ،
فإن صلاة الجنازة لا يشرع فيها سجود السهو ، لأن أصلها ليست ذات ركوع وسجود
فكيف تجبر بالسجود ، لكن كل صلاة فيها سجود وركوع فإنها تجبر بسجود السهو
الفريضة والنافلة .
665- وسئل فضيلة الشيخ – جزاه الله خيراً -: إذا زاد
الإنسان في صلاته قياماً ، أو قعوداً ، أو ركوعاً ، أو سجوداً عمداً فما
الحكم ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا زاد الإنسان في صلاته ركوعاً ، أو
سجوداً ، أو قياماً ، أو قعوداً عمداً بطلت ولا ينفع فيها سجود سهو وإنما
تبطل لأنه أتى بها على غير الوجه المشروع. وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) (8) أي مردود .
666- وسئل فضيلة الشيخ : إذا زاد الإنسان في صلاته قياماً ، أو قعوداً ، أو ركوعاً ، أو سجوداً سهواً فما الحكم ؟
فأجاب فضيلته بقوله :إذا زاد الإنسان في صلاته قياماً ،
أوقعوداً ، أو ركوعاً ، أوسجوداً ،سهواً فإنه يسجد له ، لأن النبي صلى الله
عليه وسلم أمر من زاد في صلاته أن يسجد سجدتين ، هذا دليل من القول .
ودليل من الفعل لما صلى خمساً كما في حديث عبدالله بن مسعود(9) ، وقيل له صليت خمساً ثنى رجليه فسجد سجدتين .
667- وسئل فضيلة الشيخ : إذا كان الإمام في صلاة سرية مثل
العصر أو الظهر قرأ الفاتحة جهراً ونبهه بعض المصلين . . فهل يسجد سجود
السهو في هذه الحال ؟ وهل هذا العمل نفص أو زيادة في الصلاة ؟
فأجاب فضيلته بقوله : سجود السهو في هذه الحال ليس بواجب ،
لأن غايته أنه أخل بالسنة وهي الإسرار في الصلاة السرية ، على أنه من السنة
أن يسمع الإمام القراءة أحياناً ، جاء ذلك مصرحاً به في حديث أبى قتادة –
رضي الله عنه – الثابت في الصحيحين(10) أن النبي صلى الله عليه وسلم
(كان يسمعهم الآية أحياناً في قراءة السر) ولا يجب عليه سجود السهو في
هذه الحال ، ولكن إن سجد فلا حرج .
وموضع السجود في هذه الحال بعد السلام ، لأن الجهر زيادة ، وإن سجد قبل السلام فلا حرج .
668- وسئل فضيلته : عن رجل صلى الظهر خمساً ولم يعلم إلا في التشهد ، فما الحكم ؟
فأجاب الشيخ بقوله : إذا زاد الإنسان في صلاته ركعة ولم
يعلم حتى فرغ من الركعة فإنه يسجد للسهو وجوباً ، وهذا السجود يكون بعد
السلام من الصلاة ، ودليل ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى خمساً
وأخبروه بعد السلام ثنى رجليه وسجد سجدتين(11) وقال: (إذا شك أحدكم
فليتحر الصواب ثم ليبن عليه) (12) ولم يقل متى علم قبل السلام فليسجد
قبل السلام ، فلما سجد بعد السلام ، ولم ينبه أن محل السجود في هذه الزيادة
قبل السلام ، علم أن السجود للزيادة بعد السلام ، ويشهد لذلك حديث ذي
اليدين(13) فإن النبي صلى الله عليه وسلم سلم من ركعتين ثم ذكروه وأتم
الصلاة وسلم ثم سجد سجدتين وسلم .
ويؤيده أيضاً المعنى وهو : أن الزيادة في الصلاة زيادة
وسجود السهو زيادة أيضاً فاذا كان من الحكمة أن يؤخر سجود اسهو إلى ما بعد
السلام مخافة أن يجتمع في الصلاة زيادتان .
669- وسئل فضيلة الشيخ – أعلى الله درجته المهديين -: عن
رجل قام إلى ركعة ثالثة في صلاة الفجر وذكر أثناءها ، فهل حكمها حكم من قام
عن التشهد الأول أنه إذا قام وشرع في القراءة حرم عليه الرجوع ؟ وهل
عليه سجود سهو ؟ وهل هو قبل السلام أو بعده ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا ذكر في أثناء الركعة الزائدة في
أي موضع منها فإنه يجلس فوراً ، وليس صحيحاً ما يتوهمه كثير من طلبة العلم
أن حكم هذه الركعة الزائدة حكم من قام عن التشهد الأول فلا يرجع إذا استتم
قائماً ، بل يجب عليه الرجوع متى علم ولو استمر المصلي في الزيادة مع علمه
بذلك فإنه يكون زاد في صلاته شيئاً عمداً ، وهذا يبطل الصلاة ، وعليه سجود
السهو إذا رجع وموضعه بعد السلام .
670- وسئل فضيلته : عن رجل مسافر قام إلى ثالثة في الصلاة
التي نوى قصرها فهل يلزمه الرجوع في الحال أو له أن يكمل ؟ وماذا عليه
؟
فأجاب فضيلته بقوله : في هذه الحال نقول له يلزمك الرجوع ،
لأنك دخلت على أنك تريد أن تصلي ركعتين فلتصل ركعتين ولا تزيد عليهما ،
وعليه أن يسجد للسهو بعد السلام، وإن استمر فأتم الصلاة فلا حرج عليه .
671- سئل فضيلة الشيخ – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير
الجزاء -: عن رجل يصلي الليل ، وصلاة الليل مثنى ، مثنى ، فقام إلى ثالثة
ناسياً فماذا يفعل ؟
فأجاب فضيلته بقوله : يرجع فإن لم يرجع بطلت صلاته ، لأنه
تعمد الزيادة ، ولهذا نص الإمام أحمد على أنه إذا قام في صلاة الليل إلى
ثالثة فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر يعني إن لم يرجع بطلت صلاته ،
لكن يستثنى من هذا الوتر فإن الوتر يجوز أن يزيد الإنسان فيه على ركعتين
فلو أوتر بثلاث جاز .
وعلى هذا فإن الإنسان إذا دخل في الوتر بنية أن يصلي ركعتين
ثم يسلم ثم يأتي بالثالثة ، لكنه نسي فقام إلى ثالثة بدون سلام ، فنقول له
أتم الثالثة فإن الوتر يجوز فيه الزيادة على ركعتين .
672- سئل فضيلة الشيخ : إذا أتى المصلي بقول قد شرعه الشارع
لكن في غير موضعه المشروع سهواً ، مثل أن يقرأ القرآن في السجود ، فهل يجب
عليه سجود سهو ؟ وهل هو قبل السلام أو بعده ؟
فأجاب بقوله : أولاً : القراءة في السجود غير مشروعة ، بل
منهى عنها ، وكذلك في الركوع لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا
وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ، أما الركوع فعظموا فيه الرب
،وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن ان يستجاب لكم) (14) وصلاته
صحيحة على القول الراجح .
ثانياً : إذا أتى الإنسان بالقول المشروع في غير موضعه مع
الإتيان بالقول المشروع في الموضع ، كان يقرأ في السجود مع قول (سبحان
ربي الأعلى) ، فإنه لا يجب عليه سجود السهو بل يشرع له ، ولكن لو أتى
بالقول المشروع في غير موضعه مع عدم الإتيان بالقول المشروع في موضعه ، كأن
يقرأ في السجود مع عدم قول (سبحان ربي الأعلى) فإنه يجب عليه سجود
السهو ، لأنه ترك واجباً ، ويكون قبل السلام .
673- وسئل فضيلة الشيخ : عن رجل دخل في الوتر ونوى أن يصلي
ركعتين ثم يسلم ويأتي بالثالثة مفردة ، ولكنه سهى وقام إلى الثالثة فما
العمل ؟
فأجاب فضيلته بقوله : نقول له : أتم الثالثة ، لأن الوتر يجوز فيه الزيادة على ركعتين .
674- سئل فضيلة الشيخ – جزاه الله خيراً -: عن إمام سلم من
ثلاث ركعات في صلاة الظهر يظن أنها تمت فنبهه المأمومون مباشرة فماذا يفعل
في تلك الحال؟
فأجاب فضيلته بقوله : بم أنه علم قريباً فإنه يبنى على ما
سبق ، فيأتي بركعة بنية أنها تكملة الصلاة لا أنها مستقلة ، ثم يسجد سجدتين
بعد السلام .
ودليل هذه المسألة : حديث أبي هريرة (أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم صلى الظهر ، أو العصر فسلم من ركعتين ، ثم قام فتقدم إلى
خشبة في مقدمة المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ، وكان الناس فيهم خيار
الصحابة كأبي بكر ، وعمر ، لكن لهيبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هابا
أن يكلماه مع أنهما أخص الناس به ، وكان في القوم رجل يداعبه النبي صلى
الله عليه وسلم يسميه ذا اليدين لطول يديه ، فقال يارسول الله : "أنسيت
، أم قصرت الصلاة ؟" فقال : "لم أنس ولم تقصر" ، قال : بلى قد
نسيت ، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس وقال : "أحق ما
يقول ذو اليدين" ؟ قالوا نعم ، فتقدم فصلى ما ترك ، ثم سلم ، ثم سجد
سجدتين ثم سلم) (15).
675- سئل فضيلة الشيخ- رعاه الله تعالى -: عن مصل سلم من
صلاته يظن أنها قد تمت، ففعل ما ينافي الصلاة فأكل وشرب ثم تذكر أنه قد بقى
عليه من صلاته فما الحكم ؟
فأجاب فضيلته بقوله : يبنى على ماسبق ، لأن فعله ما ينافي
الصلاة كان بناء على أنها تمت صلاته ، فيكون صادراً عن نسيان ، أو عن جهل
بحقيقة الحال ، والنسيان ، والجهل عذر يسقط بهما فعل المنهى وهو الأكل
مثلاً ، أو الشرب ، أو ما أشبه ذلك ، ولهذا بنى النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه على صلاتهم مع فعلهم ما ينافي الصلاة وهو الكلام ، ولكن لو كان
الفعل المنافي للصلاة هو الحدث فلا يبني على صلاته ، لأنه إذا أحدث تعذر
بناء بعض الصلاة على بعض لانقطاعهم بالحدث . وخلاصة جواب السائل : بما
أنه كان الفاصل الأكل والشرب فإنه يبني على ما سبق ويسجد للسهو بعد السلام
.
676- وسئل فضيلة الشيخ – أعلى الله درجته في المهديين -:
إذا كانت قراءة الفاتحة ركناً من أركان الصلاة ، لا تصح الصلاة إلا به ،
فما الحكم في إمام أو مأموم نسي قراءة الفاتحة ؟
فأجاب فضيلته بقوله : هذا سؤال وجيه ، فالفاتحة ركن لا تصح
الصلاة إلا بها في كل ركعة ، فإذا نسيها الإمام في الركعة الأولى ، ولم
يتذكر إلا حين قام للركعة الثانية ، صارت الثانية هي الأولى في حقه ، وعلى
هذا فلا بد أن يأتي بركعة أخرى عوضاً عن الركعة التي ترك فيها الفاتحة .
أما المأموم فإنه لا يتابعه في هذه الركعة ، لكن يجلس للتشهد ، وينتظر حتى يسلم مع إمامه .
أما بالنسبة للمأموم إذا تركها ، فمن قال : إن المأموم ليست عليه قراءة الفاتحة ، فالأمر واضح أنه ليس عليه شيء .
ومن قال : إنها ركن في حقه ، فهو كالإمام فإذا تركها يأتي
بعد سلام إمامه بركعة ، إلا إذا جاء والإمام راكع ، أو جاء والإمام قائم ،
ولكن ركع قبل أن يتمها ، ففي هذه الحال تسقط عنه – أي عن المأموم – في
الركعة الأولى .
677- وسئل فضيلة الشيخ حفظه الله : إذا ترك الإنسان تكبيرة الإحرام سهواً فما الحكم ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا ترك المصلي تكبيرة الإحرام سهواً
أو عمداً ، لم تنعقد صلاته ، لأن الصلاة لا تنعقد إلا بتكبيرة الإحرام ،
فلو فرضنا أن شخصاً وقف في الصف ثم شرع في الاستفتاح ، وقرأ الفاتحة واستمر
فإننا نقول إن صلاته لم تنعقد أصلاً ولو صلى كل الركعات .
678- سئل فضيلة الشيخ : عن رجل يصلي فقام في الركعة الأولي
بعد أن سجد السجود الأول إلى الركعة الثانية ، فلما شرع في قراءة الفاتحة
ذكر أنه لم يسجد إلا سجدة واحدة ، فما الحكم ؟
فاجاب الشيخ بقوله : بما أن المصلي ذكر قبل أن يصل إلى موضع
السجود من الركعة الثانية فإنه يرجع وجوباً ويجلس بين السجدتين ويسجد ، ثم
يتم صلاته ، ويسجد للسهو بعد السلام .
أما لو لم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود في الركعة التالية فإن الركعة الأولي تلغو وتقوم التي تليها مقامها .
679- وسئل فضيلة الشيخ : عن مصل لما جلس بين السجدتين في
الركعة الثانية ذكر أنه لم يسجد في الركعة الأولي إلا سجدة واحدة ، فهل
نقول له ارجع إلى الركعة الأولى ؟
فأجاب فضيلته بقوله : لا نقول له ارجع إلى الركعة الأولي ،
لأننا لو قنا له : ارجع فسيرجع إلى نفس الموضع الذي هو فيه من الركعة
الثانية ، وعلى هذا تكون الركعة الثانية التي هو فيها هي الأولي ، وعليه في
ذلك سجود سهو ، ويكون بعد السلام .
680- سئل فضيلة الشيخ : عن رجل صلى ، ولما فرغ من صلاته ذكر
أنه لم يسجد في الركعة الأخيرة إلا سجدة واحدة فهل يعيد الركعة ، أم ماذا
يفعل ؟
فأجاب فضيلته بقوله : لا يلزمه أن يأتي بركعة كاملة على
القول الصحيح ، وإنما يأتي بما ترك وبما بعده ، لأن ما قبل المتروك واقع في
محله وصحيح فلا يلزم الإتيان به مرة اخري .
اما ما بعد المتروك فقلنا : بوجوب الإتيان به من إجل الترتيب .
وعلى هذا فنقول في هذه الحال : ارجع واجلس بين السجدتين ، واسجد السجدة الثانية، ثم اقرأ التشهد ، ثم سلم ، ثم اسجد للسهو وسلم .
681- وسئل فضيلته : عن مصل نوى أن ينهض عن التشهد الأول ولكنه ذكر قبل أن ينهض فما الحكم ؟
فأجاب الشيخ بقوله : في هذه الحال التي ذكر السائل والتي
نوى فيها النهوض عن التشهد الأول وذكر قبل أن ينه، يعني قبل أن تفارق
ركبتاه الأرض أن هذا محل التشهد الأول، فعليه أن يستقر ويتشهد وليس عليه
شيء ، لأنه لم يزد في صلاته ، وغاية ما هنالك أنه نوى أن يقوم ثم ذكر
فاستقر جالساً ، ولم يؤثر في صلاته شيئاً لا بزيادة ولا نقص .
682- وسئل فضيلته : عن مصل قام عن التشهد الأول وقبل أن
يشرع في القراءة ذكر هل يرجع ؟ ومتى يسجد للسهو قبل السلام أو بعده في
تلك الحال ؟
فأجاب الشيخ بقوله : في هذه الحال لا يرجع ، لأنه انفصل عن
التشهد تماماً حيث وصل إلى الركن الذي يليه ، فيكره له الرجوع وإن رجع لم
تبطل صلاته ، لأنه لم يفعل حراماً ولكن عليه أن يسجد للسهو ، ويكون قبل
السلام .
وقال بعض العلماء يجب عليه المضي ولا يرجع وعليه سجود السهو لجبر ما نقص من الواجب ، ويكون قبل السلام .
683- سئل فضيلة الشيخ – جزاه الله خيراً -: عن مصل قام عن
التشهد الأول ، ولما شرع في قراءة الفاتحة ذكر أنه ترك التشهد الأول فهل
يرجع ؟ ومتى يسجد للسهو قبل السلام أو بعده في تلك الحال ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا ذكر المصلي الذي نسي التشهد الأول
بعد الشروع في قراءة الركعة الأخري ، فيحرم الرجوع إلى التشهد ، ولكن عليه
أن يسجد للسهو ، ويكون قبل السلام .
684- سئل فضيلة الشيخ : عن مصل نهض عن التشهد الأول وذكر
قبل أن يستتم قائماً فهل يرجع إلى التشهد أو يستتم قائماً ومتى يسجد للسهو
قبل السلام أو بعده في تلك الحال؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا نهض المصلي عن التشهد الاول وذكر
قبل أن يستتم قائماً فيجب عليه الرجوع ، ويسجد للسهو ، وموضعه قبل السلام
.
685- وسئل فضيلته : عن رجل نسي أن يقول في الركوع (سبحان
ربي العظيم) فما الحكم ؟ ومتى يسجد للسهو ؟ قبل السلام ، أو بعده في
تلك الحال ؟
فأجاب الشيخ بقوله : إذا نهض المصلي من الركوع ولم يقل :
(سبحان ربي العظيم) فإن ذكر قبل أن يستتم قائماً فإنه يلزمه الرجوع ،
وإن استتم قائماً حرم الرجوع ، وعليه أن يسجد للسهو لأنه ترك واجباً ،
ويكون قبل لأنه عن نقص .
686- سئل فضيلة الشيخ : عن رجل صلى وشك هل صلى ثلاثاً أم
أربعاً في صلاة العصر وترجح عنده أنها أربع ، فماذا يفعل ؟ ومتى يسجد
للسهو في تلك الحال قبل السلام أو بعده؟
فأجاب فضيلته بقلوله : نقول له اجعلها أربعاً ، لانه ترجح
عندك ذلك ، ومثله لو ترجح عنده إنها ثلاث يجعلها ثلاثاً ، ويأتي بالباقي ،
ويسجد في كلتا الحالين للسهو ، وموضعه بعد السلام ، ودليل ذلك حديث ابن
مسعود – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن شك فتردد هل
صلى ثلاثاً أم أربعاً ؟ قال : (فليتحر الصواب ثم ليتم عليه – يبني
على التحري – ثم ليسلم ، ثم ليسجد سجدتين بعد أن يسلم) (16)
687- وسئل فضيلته : عن رجل صلى الفجر ، وشك هل صلى ركعة أم ركعتين ، ولم يترجح لديه شيء ، فماذا يفعل ؟ ومتى يسجد للسهو ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا شك الإنسان في عدد الركعات ولم
يترجح عنده شيء ، أخذ بالأقل ، وبناء على هذا نقول لهذا الرجل : خذ
بالأقل الذي هو ركعة واحدة ، ثم أتم الصلاة ، واسجد للسهو قبل السلام .
688- وسئل فضيلة الشيخ : رجل صلى وشك هل صلى ثلاثاً أم
اربعة ، لكنه في أثناء هذه الركعة تيقن أنها الرابعة وليس فيها زيادة فهل
يلزمه أن يسجد أو لا يلزمه ؟
فأجاب فضيلته بقوله : نعم يلزمه سجود السهو ، لأن الرسول
صلى الله عليه وسلم قال (فلم يدر كم صلى) (17) هذا لأجل أن يبني على
ما عنده وظاهره أنه لو درى فيما بعد فإنه يسجد لقوله : (فإن كان صلى
خمساً شفعن صلاته وإن كان صلى إتماماً كانتا ترغيماً للشيطان) ولأنه إدي
الركعة وهو شاك هل هي زائدة ، أو غير زائدة ؟
فيكون أدى جزءً من صلاته متردداً في كونه منها ، فيلزمه السجود ، وموضعه قبل السلام .
وقال بعض العلماء : إذا تبين له أنه مصيب فيما فعله ، فإنه
لا سجود عليه ، لأن شكه زال ، وسجود السهو إنما كان لجبر الصلاة من الشك
الذي حصل فيها وقد زال .
689- وسئل فضيلة الشيخ – رعاه الله -: عن المصلي إذا شك في
ترك الركن ، كأن قام إلى الركعة الثانية وشك هل سجد مرتين أم مرة واحدة في
الركعة الأولى ولم يترجح لديه شيء ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا شك الإنسان في ترك الركن ولم
يترجح لديه شيء ، فالأصل عدم فعله ، ولهذا نقول للسائل : ارجع واجلس بين
السجدتين ، ثم اسجد ، وأتم صلاتك ، ثم اسجد للسهو بعد السلام .
690- سئل فضيلته : عن المصلي إذا شك في الركن ، كأن قام إلى
ثانية وشك هل سجد مرتين أم مرة واحدة وترجح عنده أنها اثنتان فما الحكم
؟
فأجاب الشيخ بقوله : الحكم في هذه المسألة : بما أنه ترجح
عنده أنه سجد سجدتين يكون فاعلاً لهما حكماً ولا يرجع ، ولكن عليه سجود
سهو بعد السلام .
691- وسئل فضيلة الشيخ : عن المصلي إذا شك في الواجب كأن شك هل تشهد التشهد الأو أم لا ولم يترجح عنده شيء ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذ شك المصلي في ترك الواجب فهو كتركه
وعليه سجود السهو ، لأنه شك في فعله وعدمه ، والأصل عدم الفعل فيجب عليه
سجود السهو ، ويكون قبل السلام ، لأنه عن نقص .
692- وسئل فضيلة الشيخ : عن مصل شك هل قال : (سبحان ربي العظيم) في الركوع أم لا ، وترجح عنده أنه قاله فما الحكم ؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا شك المصلي في ترك الواجب وترجح لديه فعله ، فلا سجود عليه .
وعلى هذا فنقول لهذا المصلي بما أنه ترجح لديك فعل الواجب الذي هو قول : (سبحان ربي العظيم) في الركوع فلا سجود عليك .
693- سئل فضيلة الشيخ : عن مصل شك وهو يتشهد التشهد الأخير في صلاة الظهر هل صلى خمساً أم اربعاً ؟ هل عليه سجود سهو أم لا ؟
فأجاب الشيخ بقوله : نقول لهذا المصلي لا سجود عليك ، لأن
الأصل عدم الزيادة ، فهذا الشك في سبب وجوب سجود السهو ، وهو الزيادة ،
والأصل عدمها .
694- وسئل فضيلة الشيخ – حفظه الله : إذا شك المصلي في
الزيادة حين فعلها ، كأن شك وهو في الرابعة هل هذه خامسة أم رابعة ؟ فهل
عليه سجود سهو أم لا ؟
فأجاب بقوله : الشك في الزيادة حين فعلها يوجب سجود السهو ،
لأنه أدى جزءً من صلاته متردداً في كونه منها ، وعليه فنقول لهذا المصلي
: عليك سجود سهو ، ويكون بعد السلام إن كان عنده ترجيح ، وإلا فقبل
السلام .
695- سئل فضيلة الشيخ – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً
-: إذا سجد الإمام سجود السهو ، فهل يجب على المأموم أن يتابعه في ذلك
مع أنه لم يسه في صلاته ؟
فأجاب فضيلته بقوله : يجب على المأموم إذا سجد الإمام للسهو
أن يسجد معه سواءً سها أم لم يسه ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (إنما
جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفو عليه) (18) ، وسواء كان سجود السهو
قبل السلام ، أو بعده ، وهذا ظاهر فيما إذا كان سهو الإمام قد أدركه
المأموم ، يعني أن المأموم لم يفته شيء من الصلاة فهنا يجب أن يسجد مع
الإمام ولو بعد السلام ، ولكن إذا كان المأموم مسبوقاً وسجد مع الأمام ولو
بعد السلام فإنه لا يلزم المأموم متابعته ، لأن المتابعة حينئذ متعذرة
لوجود الحائل دونها وهو السلام ، وحينئذ لا يتابعه إذا سجد بعد السلام وهو
مسبوق .
ولكن هل يلزمه إذا أتم صلاه أن يسجد بعد السلام كما سجد الإمام ؟ فيه تفصيل :
1- إذا كان سهو الإمام فيما إدركه المسبوق من الصلاة ، وجب عليه أن يسجد بعد السلام .
2- وإن كان سهو الإمام فيما مضى من الصلاة قبل أن يدخل معه فلا يجب عليه أن يسجد.
فمثلاً على الحال الأولى: أن يكون سهو الإمام زيادة بأن ركع
مرتين في الركعة الثانية، وأنت أدركته في ذلك، فهنا يلزمك أن تسجد إذا
أتممت صلاتك؛ لأنك أدركت الإمام في السهو فارتبطت صلاتك بصلاته، صار ما حصل
من نقص حاصلاً لك.
والمثال على الحال الثانية: أن تكون زيادة الركوع في الركعة
الأولى، وأنت لم تدخل معه في الركعة الثانية، فإنه لا يلزمك الأولى، لأن
الأصل في وجوب السجود هنا متابعة الإمام، المتابعة هنا متعذرة، لأنه بعد
السلام، وأنت لم تدرك الإمام في الركعة التي سها فيها، فارتبطت به في صلاة
ليس فيها سهو فلم يلزمك أن تسجد.
والخلاصة: أنه إن كان سجود الإمام قبل السلام لزم المأموم
متابعته فيه بكل حال، وإن كان بعده، فإن كان لم يفته شيء لزمته متابعته،
وإن فاته شيء من الصلاة لم يتابعه لتعذر المتابعة – كما سبق – ولكن إن كان
قد أدرك سهو الإمام وجب أن يسجد بعد السلام، وإن كان سهو الإمام قبل أن
يدخل معه لم يلزمه السجود.
696- وسئل فضيلة الشيخ: إذا قام الإمام من التشهد الأول
ناسياً فهل يلزم المأموم متابعة الإمام في ذلك مع أن المأموم يعلم أنه ترك
التشهد الأول؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يلزم المأموم متابعة الإمام إذا قام عن التشهد الأول ناسياً وإن كان المأموم ذاكراً.
697- سئل فضيلة الشيخ: غفر الله له وجزاه عن الإسلام
والمسلمين خير الجزاء -: عن رجل صلى مع إمامه صلاة العصر كاملة من أولها،
ولكنه سها في إحدى السجدات ولم يقل: (سبحان ربي الأعلى) فهل يسجد
للسهو أو لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: نقول لهذا الرجل لا سجود عليك؛ لأنه في
هذه الحال التي ذكر سيكون السجود قبل السلام، ومعلوم أنه سيحصل بسجوده
الذي قبل السلام مخالفة للإمام، والقاعدة أن الواجب يسقط عن المأموم من أجل
متابعة الإمام، وسجود السهو واجب، إذاً: فيسقط عن المأموم من أجل متابعة
الإمام.
698- وسئل فضيلته: عن رجل مسبوق نسي أن يقول: (سبحان
ربي العظيم) في الركوع، وقد أدرك الإمام في الركعة الثانية فهل يجب عليه
سجود السهود أم لا؟
فأجاب الشيخ بقوله: نعم، يجب عليه سجود السهو؛ لأنه ترك
واجباً، فإذا أتى بالركعة التي فاتته وجب عليه أن يسجد سجود السهو عن ترك
الواجب، لأنه الآن إذا سجد لا يحصل منه مخالفة للإمام؛ لأنه انفرد في قضاء
ما فاته من الصلاة.
وعليه فنقول: إذا سها المأموم في صلاته وكان مسبوقاً وجب عليه أن يسجد للسهو إذا كان سهوه مما يوجب السجود.
699- سئل فضيلة الشيخ: إذا ترك المصلي دعاء الاستفتاح فهل يجب عليه سجود السهو؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يجب عليه سجود السهو؛ لأنه تعمد
تركه، ولا تبطل صلاته؛ لأنه سنة، ولكن إذا تركه ناسياً وهو من عادته أن
يفعله، فإنه يسن له سجود السهو؛ لأنه قول مشروع نسيه فيجبره بسجود السهو.
700- وسئل فضيلته: إذا فعل الإنسان ما يبطل الصلاة كأن يتكلم فيها فما الحكم؟
فأجاب الشيخ بقوله: إذا فعل الإنسان ما يبطل الصلاة، فإن
كان متعمداً بطلت صلاته، وإن فعل ذلك جاهلاً، أو ناسياً لم تبطل صلاته،
وبناء عليه: إذا تكلم عالماً عامداً في صلاته بطلت، وإن كان جاهلاً أو
ناسياً لم تبطل.
701- وسئل فضيلة الشيخ: إذا كان الكلام في مصلحة الصلاة،
مثل نسي الإمام قراءة الفاتحة، فنقول له اقرأ الفاتحة، وإذا نسي الركوع
وسجد وقيل له سبحان الله فلم يفهم خطأه، فنقول له لم تركع... فهل ذلك
يبطل الصلاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم الكلام يبطل الصلاة، وأعني بالكلام
كلام الآدميين والدليل على ذلك قصة معاوية بن الحاكم – رضي الله عنه – حين
جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه فعطس رجل من القوم فقال:
الحمد لله – قاله العاطس – فقال معاوية يرحكم الله، فرماه الناس بأبصارهم،
فقال: واثكل أمياه – قاله معاوية – فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه،
فسكت، فلما قضى صلاته دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، قال معاوية: فبأبي
هو وأمي، ما رأيت معلماً أحسن تعليماً منه – صلوات الله وتسليمه عليه –
والله ما كهرني، ولا نهرني وإنما قال: (إن هذه الصلا ة لا يصلح فيها
شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)، الشاهد
قوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام
الناس) وهذا عام، فشيء نكرة في سياق النفي يفيد العموم سواء لمصلحة
الصلاة لغير مصلحة الصلاة، وعلى هذا فلا يجوز لنا أن ننبه الإمام بشيء من
الكلام، فإذا سجد قلنا سبحان الله في غير موضع السجود وقام وقلنا سبحان
الله؛ لأنه ليس موضع القيام فلا نقول له اجلس لأنك إن قلت اجلس فإنك تكون
قد كلمت الآدمي فتبطل صلاتك.
فإذا تكلم أحد الناس جاهلاً فلا عليه إعادة، ولهذا لم يأمر
النبي صلى الله عليه وسلم معاوية بالإعادة مع أنه تكلم مرتين، مرة قال
للعاطس (يرحمك الله) ومرة قال: (واثكل أمياه) ولم يأمره
بالإعادة، لكن لو أن الإمام في صلاة جهرية نسي أن يجهر فقلنا له سبحان الله
فلم يفهم، فكيف ننبهه؟
الجواب: نقرأ جهراً يرفع أحد المصلين صوته بقراءة الفاتحة فينتبه الإمام.
702 وسئل فضيلة الشيخ: عن رجل نسي التشهد الأول فعلم أنه يجب عليه سجود سهو قبل السلام ولكنه نسي وسلم فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: إن ذكر في زمن قريب سجد، وإن طال الفصل
سقط، مثل أن لا يذكر إلا بعد مدة طويلة، فلو خرج من المسجد فإنه لا يرجع
إلى المسجد ويسقط عنه.
703- وسئل فضيلته: عن من سها مراراً، كأن ترك قول (سبحان
ربي العظيم) في الركوع، وترك التشهد الأول، وترك قول (سبحان ربي
الأعلى) في السجود فكم مرة يسجد للسهو؟
فأجاب الشيخ بقوله: إذا سها الإنسان مراراً، فنقول له يكفيك
سجدتان؛ لأن الواجب من جنس واحد فدخل بعضه في بعض، كما لو أحدث ببول،
وغائط، وريح، وأكل لحم إبل، فإن يكفيه وضوء واحد، ولا يلزمه أن يتوضأ لكل
سبب وضوء.
704- سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله -: ما المشروع في تنبيه الإمام إذا سها في صلاته؟
فأجاب الشيخ بقوله: المشروع في تنبيه الإمام أن يسبح من
وراءه بالنسبة للرجل، والتصفيق بالنسبة للنساء، لقوله صلى الله عليه
وسلم: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال، ولتصفق النساء).
705- وسئل فضيلته: إذا نبه الإمام من قبل المأمومين بدون تسبيح فهل يعطى ذلك حكم التسبيح مثل أن يتنحنحوا؟
فأجاب الشيخ بقوله: نعم إذا نبه الإمام من قبل المأمومين بغير تسبيح فكما لو نبهوه بتسبيح.
706- وسئل فضيلته: عن إمام سبح به رجل واحد فقط فهل يلزمه الرجوع؟
فأجاب الشيخ بقوله: لا يلزمه الرجوع، ودليل ذلك أن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يرجع إلى قول ذي اليدين، لكن إن غلب على ظنه صدقه
أخذ بقوله، فإن سبح به رجلان ثقتان وجب عليه الرجوع، إلا أن يجزم بصواب
نفسه، فإن لم يرجع وهو لم يجزم بصواب نفسه بطلت صلاته؛ لأنه ترك الواجب
عمداً، وإن جزم بصواب نفسه لم يرجع وبنى على ما جزم به.
707- وسئل فضيلة الشيخ – حفظه الله -: عن إمام سبح به رجل
على أنه زاد في صلاته، وسبح به رجل آخر بما يدل على أنه لم يزد في
صلاته.. فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكم في ذلك أنهما يتساقطان، فلو قال
أحدهما لما قام الإمام: "سبحان الله" إذاً تعارض عنده قولان للجلوس
قال الثاني: "سبحان الله" إذاً تعارض عنده قولان فيتساقطان، كل قول
يسقط الآخر، ويرجع إلى ما عنده ويبني عليه.
708- سئل فضيلة الشيخ: عن رجل صلى بأمه وأخته وأخطأ فنبهتاه بالتصفيق فهل يرجع أو لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: يرجع لأن هذا خبر ديني، فاستوى فيه
الذكور والإناث، ولأنه خبر عن عمل تشاركان فيه العامل، فلا يمكن أن تكذبا
عليه؛ لأنه لو أخطأ أخطأتا معه، فلهذا نقول: أن المرأتين كالرجلين ولأن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نابكم في صلاتكم فليسبح الرجال،
ولتصفق النساء).
فوائد مختصرة في أحكام سجود السهو
1- من ترك ركناً ناسياً لا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: إن ذكره قبل أن يصل إلى محله وجب عليه الرجوع.
الحال الثانية: إن ذكره بعدما وصل إلى محله، فإنه لا يرجع؛
لأنه لو رجع لم يستفد شيئاً وتكون الركعة الثانية بدلاً عن التي قبلها.
الحال الثالثة: إن ذكره بعد السلام فإن كان في الركعة الأخيرة أتى بها وبما بعده فقط، وإن كان فيما قبلها أتى بركعة كاملة.
وفي كل الحالات يجب عليه سجود السهو، ومحله بعد السلام.
2- لا يشرع سجود السهود في العمد؛ لأنه إن كان تعمد ترك واجب،
أو ركن فالصلاة باطلة، لا ينفع فيها سجود السهو، أما إن كان تعمد ترك سنة
فالصلاة صحيحة.
3- من ترك واجباً ناسياً كالتشهد الأول فلا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: إذا ذكر بعد أن تهيأ للقيام، ولم ينفصل عن المكان الذي هو فيه، فإنه يستقر فيه، وليس عليه سجود سهو.
الحال الثانية: إذا انفصل عن المكان، ولم يصل إلى المكان الذي قام إليه فيجب عليه الرجوع، وعليه السجود.
الحال الثالثة: إذا وصل إلى المكان الذي قام إليه، فإنه لا يرجع، وعليه سجود السهو.
4- إذا شك المصلي ولم يترجح لديه شيء، أخذ بالأقل.
5- إذا شك المصلي وترجح لديه شيء، بنى على الراجح عنده.
6- الشك في الزيادة حال فعل الزيادة يوجب سجود سهو.
7- الشك في الزيادة بعد الانتهاء منها لا يوجب سجود سهو.
8- سجود السهو واجب لكل شيء يبطل الصلاة عمده مما كان من جنس الصلاة.
9- إذا ترك المصلي سنة كان يفعلها فسجوده للسهو سنة وليس بواجب.
10- من سها مراراً كفته سجدتان.
11- إذا اجتمع سجودان أحدهما قبل السلام والثاني بعده سجد قبل السلام.
709- سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى -: إذا نسي الإمام سجدة وقام إلى الركعة التالية فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: مثل هذه الحال إذا وقعت للمصلي فقام من
سجدة واحدة إلى الركعة التي تليها، فإنه يجب عليه أن يرجع ليأتي بالسجود
ثم يستمر في صلاته، ويكمل الصلاة ويسلم منها ثم يسجد بعد السلام سجدتين
للسهو، ويسلم إلا إذا لم يذكر أنه نسي السجدة حتى وصل إلى المحل الذي قام
منه، فإنه حينئذ يلغي الركعة التي نسي السجود فيها ويجعل الركعة التي أتى
بها بدل الركعة التي نسي منها السجود.
مثال ذلك: رجل قام من السجدة الأولى في الركعة الثالثة إلى
الركعة الرابعة ولما شرع في القراءة واستمر ذكر أنه لم يسجد السجدة الثانية
ولم يجلس بين السجدتين فنقول له: ارجع واجلس بين السجدتين، ثم اسجد
السجدة الثانية، وبهذا تتم الركعة الثالثة، ثم تقوم إلى الركعة الرابعة
وتكمل الصلاة وتسلم، ثم تسجد سجدتين للسهو وتسلم؛ وذلك لأن السهو هنا حصل
فيه زيادة في الصلاة وهو القيام، وسجود السهو إذا كان سببه الزيادة فإنه
يكون بعد السلام، أما إذا لم يذكر حتى قام من السجدة الأولى في الركعة
الرابعة فإنه يلغي الركعة الثالثة، وتكون هذه الرابعة هي الثالثة فيأتي
بالرابعة ويسلم، ويسجد بعد السلام سجدتين للسهو، ويسلم.
710- وسئل فضيلة الشيخ: عن إمام صلى المغرب، وعندما أكمل
ركعتين لم يجلس للتشهد، ووقف ليأتي بالركعة الثالثة فقال بعض الجماعة:
سبحان الله، فجلس فوراً وأتى بالجلوس ثم وقف واستتم واقفاً للركعة الثالثة،
وأكمل الصلاة، فقال له بعض الجماعة، كيف رجعت من الفرض للسنة؟ فأجاب لم
أبدأ بالقراءة، ولذلك رجعت للجلوس، أفيدونا عن حكم ذلك بارك الله فيكم
وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟
فأجاب فضيلته بقوله: عمله هذا خلاف ما أمر به النبي صلى
الله عليه وسلم؛ ولأن الإنسان إذا قام عن التشهد الأول واستتم قائماً فإنه
لا يرجع، وعليه أن يسجد للسهو قبل السلام سجدتين، هكذا فعل النبي صلى الله
عليه وسلم "حين صلى بأصحابه الظهر فقام من الركعتين ولم يجلس فلما قضى
الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس وسجد سجدتين ثم سلم"(19).
وقد روي من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن استوى قائماً فلا يجلس)(20).
فالقاعدة: إذاً: أن من قام عن التشهد الأول حتى استتم قائماً، فإنه لا يجلس، ولكن يجب عليه سجود السهو سجدتين قبل السلام.
وأما قول الجماعة له: كيف رجعت من الفرض إلى السنة؟
فهذا فيه نظر؛ لأن جعلهم التشهد الأول من السنة ليس بصحيح؛
لأن التشهد الأول واجب لحديث ابن مسعود – رضي الله عنه قال: (كنا نقول
قبل أن يفرض علينا التشهد) (21) فإن قوله: "قبل أن يفرض علينا
التشهد" يعم التشهد الأول والثاني، لكن لما جبر النبي صلى الله عليه وسلم
التشهد الأول بسجود السهو علم إنه ليس بركن، وأنه واجب يجبر إذا تركه
المصلي بسجود السهو.
711- سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى -: إذا نسي المصلي السجدة الثانية ثم تذكر بعد السلام فما العمل؟
فأجاب فضيلته قائلاً: إن كانت السجدة الثانية من آخر ركعة
فإنه يأتي بها وبالتشهد الأخير بعدها ويسلم ثم يسجد للسهو سجدتين ويسلم.
وإن كانت من ركعة قبل الأخيرة فإن تلك الركعة التي نسي فيها
السجدة تلغو وتكون التي تليها بدلها، ويحتاج إلى أن يأتي بركعة ثم يسلم ثم
يسجد للسهو ويسلم.
712- وسئل فضيلة الشيخ: عن رجل صلى مع الإمام صلاة القيام،
وعندما سلم الإمام قام وصلى الثانية، إلا أنه نسي الركوع ولم يتذكر إلا بعد
السجود... فهل عليه سجود سهو؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا تذكر المصلي أنه نسي الركوع، وهو
ساجد فإن الواجب عليه أن يقوم من سجوده، ثم يكمل قراءته إذا كانت لم تكمل،
ثم يركع ويكمل صلاته، ويسلم، ثم يسجد سجدتين ويسلم.
713- سئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى -: من صلى العشاء
ثلاثاً ثم تكلم أو مشى قليلاً فهل يعيد الصلاة أو يبني على ما مضى ويسجد
للسهو؟
فأجاب فضيلته قائلاً: الواجب عليه أن لا يعيد الصلاة من
أولها، بل الواجب أن يكمل الصلاة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الذي رواه عمران بن حصين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى
العصر فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يقال له الخرباق
وكان في يديه طول، فقال: يا رسول الله – فذكر له صنيعه – وخرج غضبان يجر
رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعتين
ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم)(22).
فإذا حصل هذا فالواجب على المرء أن يكمل صلاته ثم يسلم، ثم
يسجد سجدتين للسهو ثم يسلم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
(صلوا كما رأيتموني أصلي)(23). لكن إذا طال الفصل أو انتقض وضوءه،
وجب عليه استئناف الصلاة من جديد؛ لأنه يتعذر عليه بناء بعضها على بعض
حينئذ.
714- وسئل فضيلته: عن امرأة صلت مع الإمام في المسجد الحرام
صلاة الفجر، وقد فاتها ركعة، وعندما سلم الإمام سلمت معه جهل، وبعد السلام
تكلمت وسألت عن حكم هذا، فقيل لها: صلي ركعة واحدة واسجدي سجود السهو
ففعلت، فما الحكم أثابكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكم عملها صحيح، فإذا سلم الإنسان مع
الإمام، وهو يظن أنه قد أتم صلاته ثم ذكر فإنه يأتي بالباقي، ويأتي بسجود
السهو بعد السلام، وتتم بذلك صلاته.
715- سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى -: إذا أتم المسافر الصلاة ناسياً فما الحكم؟
فأجاب فضيلته قائلاً: إذا أتم المسافر الصلاة ناسياً، فإن
صلاته صحيحة، ولكن يسجد للسهو؛ لأنه زاد زيادة غير مشروعة ناسياً، فإن
المشروع في حق المسافر أن يقتصر على ركعتين، إما وجوباً على مذهب أبي حنيفة
وأهل الظاهر، وإما استحباباً على مذهب أكثر أهل العلم. والله أعلم.
716- وسئل فضيلة الشيخ: قرأت في بعض الكتب بأن الصلاة إذا
انتهت وشك المصلي في عدد ركعاتها بأنها باطلة، وفي بعض الكتب بأنه إذا شك
المصلي يسجد سجدتين بعد انتهاء الصلاة، فما هو الصحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن الصلاة لا تبطل، لأن هذا
الشك يأتي على الإنسان كثيراً بغير اختياره، وقد بين النبي صلى الله عليه
وسلم حكم من شك في صلاته، وأن الشك على قسمين:
القسم الأول: أن يشك الإنسان في عدد الركعات مع كونه يرجح
أحد الطرفين، ففي هذا القسم يبني الإنسان على ما ترجح عنده، فيتم الصلاة
عليه، ويسلم، ويسجد للسهو بعد السلام.
القسم الثاني: أن يشك الإنسان في عدد الركعات، ولم يترجح
عنده أحد الطرفين، ففي هذا القسم يبني على الأقل، لأنه متيقن، والزائد
مشكوك فيه، فيتم على الأقل ويسجد للسهو سجدتين قبل السلام، ولا تبطل صلاته
بذلك. هذا حكم الشك في عدد الركعات.
وكذلك لو شك هل سجد السجدة الثانية أم لم يسجد؟ وهل ركع أم
لم يركع؟ فإنه إذا كان لديه ترجيح لأحد الطرفين عمل بالراجح وأتم صلاته
عليه وسجد للسهو بعد السلام، وإن لم يكن لديه ترجيح لأحد الطرفين فإنه يعمل
بالأحوط وأنه لم يأت بهذا الركوع، أوهذا السجود الذي شك فيه، فليأت به
وبما بعده ويتم صلاته عليه ويسجد للسهو قبل السلام.
إلا إنه إذا وصل إلى مكان الركن المشكوك فيه تركه، فإن الركعة الثانية تكون بمقام الركعة التي ترك منها ذلك الركن.
717- وسئل فضيلة الشيخ: إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم صلي أربعاً صلى أو ثلاثاً، فهل يقطع الصلاة ويصلي من جديد؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم
صلى ثلاثاً أو أربعاً، فإنه لا يحل له أن يخرج من صلاته بهذا الشك إذا كانت
فرضاً؛ لأن قطع الفرض لا يجوز، وعليه أن يفعل ما جاءت به السنة، والسنة
جاءت أنه إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً فلا
يخلو من حالين:
إحداهما: أن يشك شكاً متساوياً، بمعنى أنه لايترجح عنده
الثلاث أو الأربع، وفي هذه الحال يبني على الأقل. فيبني على أنها ثلاث،
ويأتي بالرابعة، ويسجد للسهو قبل أن يسلم.
الحال الثانية: أن يشك شكاً بين طرفيه رجحان على الآخر
بمعنى أن يشك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، ولكنه يترجح عنده أنه صلى أربعاً،
ففي هذه الحال يبني على الأربع، ويسلم ويسجد للسهو بعد السلام.
هكذا جاءت السنة بالتفريق بين الحالين في الشك.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني على ما استيقن في
الحال الأولى، وأن يتحر الصواب في الحال الثانية، يدل على أنه لا يخرج من
الصلاة بهذا الشك، فإن كان فرضاً فالخروج منه حرام؛ لأن قطع الفريضة محرم،
وإن كانت نفلاً فلا يخرج منها من أجل هذا الشك، ولكن يفعل ما أمره به النبي
صلى الله عليه وسلم، وإن شاء فليقطعها فإن قطع النافلة جائز، إلا أن
العلماء قالوا: يكره قطع النافلة بدون غرض صحيح، هذا إذا لم تكن النافلة
حجاً أو عمرة، فإن كانت النافلة حجاً أو عمرة، فإنه لا يجوز قطعهما إلا مع
الحصر لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. وهذه الآية
نزلت قبل فرض الحج، نزلت في الحديبية، والحج فرض في السنة التاسعة. والله
أعلم.
718- سئل فضيلة الشيخ – أعلى الله مكانه ومكانته -: إذا شك المصلي كم صلى من الركعات فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا شك المصلي كم صلى من الركعات فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يغلب على ظنه عدد معين سواء كان الأقل أو
الأكثر، فإذا غلب على ظنه عدد معين أخذ بهذا الظن وبنى عليه، فإذا أتم
صلاته وسلم، سجد سجدتين للسهو ثم سلم، وحينئذ يكون محل السجود بعد السلام،
كما يدل على ذلك حديث ابن مسعود – رضي الله عنه -.
الحال الثانية: أن يشك في عدد الركعات، ولا يغلب على ظنه
رجحان عدد معين، ففي هذه الحال يبني على اليقين وهو الأقل، فإذا شك هل صلى
ثلاثاً أم أربعاً، ولم يترجح عنده أنها أربع ولا أنها ثلاث، جعلها ثلاثاً
وأتى بالرابعة ثم سجد للسهو قبل أن يسلم، وحينئذ يفرق في الشك بينما إذا
كان يغلب على ظنه أحد الطرفين، وما إذا لم يكن يغلب على ظنه، ففيما إذا كان
يغلب على ظنه أحد الطرفين يأخذ بما غلب على ظنه ويسجد للسهو بعد السلام.
وفيما إذا لم يغلب على ظنه شيء، يأخذ بالأقل ويسجد للسهو قبل السلام.
وأرجو من إخوتي الأئمة أن يعتنوا بهذا الباب أعني: باب سجود
السهو؛ لأنه يشكل على كثير من الناس، والإمام يقتدي به فإذا أتقنوا أحكام
سجود السهو، حصل في ذلك خير كثير.
وهاهنا مسألة أحب أن أنبه لها وهي: أن بعض الأئمة يعلمون أن
محل سجود السهو بعد السلام فيما وقع منهم من السهو، لكنهم لا يفعلون ذلك
يقولون: إننا نخاف من التشويش على الناس، وهذا حق أنه يشوش على الناس،
لكنهم إذا أخبروا بالحكم الشرعي وبين لهم الفرق بين ما كان قبل السلام وما
بعده زال عنهم هذا اللبس وألفوا ذلك، ونحن قد جربنا هذا بأنفسنا ووجدنا
أننا إذا سجدنا بعد السلام في سهو يكون محله السجود فيه بعده لم يحصل إشكال
على المأمومين؛ لأنهم علموا أن ذلك هو الحكم الشرعي، وكوننا ندع السنة
خوفاً من التشويش معناه: أن كل سنة تشوش على الناس وهم يجهلونها ندعها،
وهذا لا ينبغي بل الذي ينبغي إحياء الأمر المشروع بين الناس، وإذا كان
ميتاً لا يعلم عنه كان الحرص عليه وعلى إحيائه أولى وأوجب حتى لا تمت هذه
الشريعة بين المسلمين، وفي هذه الحال إذا سجد الإمام بعد السلام فيما كان
محل السجود فيه بعد السلام فإنه إذا سلم ينبه الجماعة ويقول: إنما سجدت
بعد السلام؛ لأن هذا السهو محل سجوده بعد السلام، ويبين لهم ما يعرفه من
هذه الأحكام حتى يكونوا على بصيرة من الأمر.
719- سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى -: عمن انتقل من
سورة إلى سورة قبلها خطأ وهو في الصلاة... فهل يجب عليه سجود
السهو؟
فأجاب فضيلته قائلاً: لا يجب عليه سجود السهو، إذا عكس
الترتيب في القرآن يعني بأن بدأ من آخر القرآن ثم رجع إلى أوله، لكن الأفضل
أن يرتب القرآن كما رتبه الصحابة – رضي الله عنهم – على هذا الوجه المعروف
في المصحف.
واعلم أن ترتيب القرآن بالآيات أمر توقيفي، بمعنى أنه متلقى
من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز فيه العكس. أما ترتيبه بالسور
فإن للعلماء في ذلك قولين والصحيح أن بعضه توقيف كالترتيب بين سبح
والغاشية، وبعضه باجتهاد من الصحابة – رضي الله عنهم -.
رسالة: فوائد عن سجود السهو
1- إذا سلم المصلي قبل إتمام الصلاة ناسياً، فإن ذكر بعد مضي
زمن طويل استأنف الصلاة من جديد، وإن ذكر بعد زمن قليل كخمس دقائق فإنه
يكمل صلاته ويسلم منها، ويسجد بعد السلام للسهو سجدتين ويسلم.
2- إذا زاد المصلي في صلاته قياماً، أو قعوداً، أو ركوعاً،
أو سجوداً، فإن ذكر بعد الفراغ من الزيادة فليس عليه إلا السجود للسهو، وإن
ذكر في أثناء الزيادة وجب عليه الرجوع عن الزيادة، يسجد للسهو بعد السلام
ويسلم.
3- إذا ترك ركناً من أركان الصلاة غير تكبيرة الإحرام
ناسياً فإن وصل إلى مكانه من الركعة التي تليها لغت الركعة التي تركه منها
وقامت التي تليها مقامها، وإن لم يصل إلى مكانه من الركعة التي تليها وجب
عليه الرجوع إلى محل الركن المتروك وأتى به وبما بعده، وفي كلتا الحالتين
يجب عليه سجود السهو ومحله بعد السلام.
4- إذا شك في عدد الركعات هل صلى ركعتين أو ثلاثاً فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بالراجح ويتم عليه صلاته ثم يسلم.
الحال الثانية: أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ثم يتم عليه.
فيسجد للسهو بعد السلام في الحال الأولى.
ويسجد للسهو قبل السلام في الحال الثانية.
5- إذا ترك التشهد الأول ناسياً – وحكم بقية الواجبات حكم التشهد الأول -:
1- إن لم يذكر إلا بعد أن استتم قائماً فإنه يستمر في صلاته ولا يرجع للتشهد، ويسجد للسهو قبل السلام.
2- إن ذكر بعد نهوضه وقبل أن يستتم قائماً فإنه يرجع ويجلس ويتشهد ويكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.
3- إن ذكر قبل أن ينهض فخذيه عن ساقيه فإنه يستقر جالساً ويتشهد ثم يكمل صلاته ولا يسجد للسهو؛ لأنه لم يحصل منه زيادة ولا نقص.
6- إذا سلم المصلي قبل تمام الصلاة متعمداً بطلت صلاته.
7- إذا زاد المصلي في صلاته قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً متعمداً بطلت صلاته.
8- إذا ترك ركناً من أركان الصلاة: فإن كان تكبيرة
الإحرام فلا صلاة له سواء تركها عمداً أو سهواً؛ لأن صلاته لم تنعقد، وإن
كان الركن المتروك غير تكبيرة الإحرام فتركه عمداً بطلت صلاته.
9- إذا ترك واجباً من واجبات الصلاة متعمداً بطلت صلاته.
10- إذا كان سجود السهو بعد السلام فلابد من التسليم مرة ثانية بعده.
حرر في 11/6/1410هـ.
720- وسئل فضيلته: سجود السهو هل هو سجدة أو سجدتان؟ وهل
يسجد المصلي للسهو في الفرض والنفل أو يسجد للسهو في الفرض فقط؟ وهل يقرأ
التحيات بعد السجدتين أم يسلم مباشرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: سجود السهو سجدتان، لا سجدة واحدة، ويكون في الفرض وفي النفل إذا وجد سببه.
وسؤاله: هل فيه تشهد آخر أم لا؟
نقول: إن كان سجود السهو قبل السلام فإنه لا تشهد فيه.
وإن كان سجود السهو بعد السلام فإن القول الراجح أنه لا تشهد فيه وإنما فيه التسليم.
وبهذه المناسبة: من أجل جهل كثير من الناس بأحكام سجود السهو أحب أن أنبه بعض الشيء على أحكام سجود السهو.
فنقول:
سجود السهو له ثلاث أسباب:
الأول: زيادة في الصلاة.
الثاني: نقص في الصلاة.
الثالث: شك فيها، والشك في الصلاة: هل زاد في صلاته أم نقص منها.
السبب الأول: أن يزيد في صلاته ركوعاً فيركع في الركعة
الواحدة ركوعين، أو سجوداً فيسجد ثلاث مرات، أو قياماً فيقوم للركعة
الخامسة مثلاً في الرباعية ثم يذكر فيرجع؛ فإن كان سجود السهو من أجل هذا،
فإنه يكون بعد السلام، ولا يكون قبله، بمعنى أنك تتشهد وتسلم ثم تسجد
سجدتين وتسلم، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم (حين صلى خمساً فذكروه
بعد السلام فسجد صلى الله عليه وسلم بعد السلام) (24).
ولا يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام، هنا
ضرورة أنه لم يعلم إلا بعد السلام؛ لأننا نقول: لو كان الحكم يختلف عما
فعل لقال لهم عليه الصلاة والسلام: إذا علمتم بالزيادة قبل أن تسلموا
فاسجدوا لها قبل السلام، فلما أقر الأمر على ما كان عليه علم أن سجود
السهود للزيادة يكون بعد السلام.
ويدل على ذلك أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم من
ركعتين من صلاة الظهر أو العصر ثم ذكروه أتم صلاته، ثم سلم، ثم سجد سجدتين
ثم سلم(25).
وذلك لأن السلام في أثناء الصلاة زيادة، فسجد النبي صلى الله
عليه وسلم لها بعد السلام، وكما أن هذا مقتضى الأثر، فإنه مقتضى النظر
أيضاً، فإنه إذا زاد في الصلاة وقلنا: يسجد للسهو قبل أن يسلم صار في
الصلاة زيادتان، وإذا قلنا: إنه يسجد بعد السلام، صار فيها زيادة واحدة
وقعت سهواً.
السبب الثاني: النقص، وهذا سجوده قبل السلام، مثل أن يقوم
عن التشهد الأول ناسياً، أو أن ينسى أن يقول: "سبحان ربي الأعلى" في
السجود، أو أن ينسى أن يقول: "سبحان ربي العظيم" في الركوع، فهذا
يسجد قبل أن يسلم؛ لأن الصلاة نقصت بسبب هذا الترك، فكان مقتضى الحكمة أن
يسجد للسهو قبل أن يسلم ليجبر النقص قبل أن يفارق الصلاة، وقد دل على ذلك
حديث عبد الله بن بحينة (أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر
فقام من الركعتين فلم يجلس للتشهد الأول، فلما قضى الصلاة وانتظر الناس
تسليمه كبر صلى الله عليه وسلم وهو جالس فسجد سجدتين ثم سلم)(26).
السبب الثالث: الشك في الصلاة، في الزيادة أو النقص.
مثال: شك هل صلى أربعاً أو ثلاثاً، فهذا له حالان:
الحال الأولى: أن يغلب على ظنه أحد الأمرين: إما الزيادة
أو النقص، فيبني على غالب ظنه ويسجد للسهو بعد السلام، كما في حديث ابن
مسعود – رضي الله عنهما -: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب،
فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين)(27)
أما إذا شك في الزيادة أو النقص دون أن يترجح عنده أحد
الطرفين؛ فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ثم يتم عليه، ثم يسجد سجدتين قبل
أن يسلم، هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى الأئمة خاصة وعلى سائر الناس عامة أن يعرفوا أحكام سجود
السهو، حتى إذا وقع لهم مثل هذه الأمور يكونون على بصيرة من أمرهم، فيسجدون
للسهو قبل السلام إن كان موضعه قبل السلام، أو بعده إذا كان موضعه بعد
السلام.
721- وسئل فضيلة الشيخ – جزاه الله خيراً -: إن كان هناك
داع لسجود السهو ولم يتذكر إلا بعد أن سلم وربما تفرق بعض المصلين ثم تذكر
بعد ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: يسجد إذا ذكر، إلا أن بعض أهل العلم
يقولون: إذا طال الفصل سقط عنه السجود حينئذ لكونه لا ينبني على الصلاة
لطول الفصل بينه وبينها.
وقال بعض أهل العلم: إنه متى ذكر سجد للسهو. والله أعلم بالصواب، والراجح أنه إذا طال الفصل فإنه لا يسجد.
أما من تفرق دون أن يسجد للسهو فصلاته صحيحة.
722- وسئل فضيلة الشيخ: إذا نسي المصلي أن يقرأ الفاتحة
وبدأ يقرأ سورة من القرآن بعد دعاء الاستفتاح مباشرة، ثم تذكر خلال القراءة
فرجع وقرأ الفاتحة ثم قرأ السورة التي كان يقرؤها، بمعنى أنه استدرك على
نفسه هذا السهو، فهل يسجد للسهو؟
فأجاب بقوله: لا يجب عليه سجود السهو؛ ذلك لأنه لم يغير
شيئاً من الصلاة، غير أنه أتى بذكر مشروع في غير موضعه، وهو قراءة السور
قبل قراءة الفاتحة، ومثل هذا ذكر أهل العلم أنه يستحب له سجود السهو ولا
يجب عليه السجود.
723- سئل فضيلة الشيخ: هل يسجد الإنسان للسهو إذا أخطأ في القراءة؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يسجد الإنسان للسهو إذا أخطأ في
القراءة؛ لأن هذا الخطأ لا يترتب عليه تغيير هيئة الصلاة، ولكن إذا أخطأ
المصلي فإن على من سمعه أن يرد عليه.
724- وسئل فضيلته:من هم بقيام ثم لم يقم،أوهم بزيادة سجود ولم يفعل، هل عليه شيء؟
فأجاب الشيخ بقوله:إذاهم ولم يفعل، فليس عليه شيء إطلاقاً؛لأنه لم يحصل منه فعل.
725- وسئل فضيلة الشيخ: إذا شك المصلي خلال قراءته للسورة
أنه لم يأت بالفاتحة، ولم يترجح عنده أنه أتى بها أو لم يأت، فهل يأتي
بالفاتحة دفعاً لهذا الشك، أو يستمر في السورة ويسجد للسهو لدفع الشك؟
فأجاب بقوله: يجب عليه أن يأتي بالفاتحة ما دام عنده شك، ولكن بشرط:
ألا يكون كثير الشكوك، فإن كان كثير الشكوك، أو كان الشك عنده
مجرد وهم لا أصل له، فإنه لا يعتبر بهذا الشك؛ لأن بعض الناس كلما صلى شك
في الزيادة، أو النقص، أو في النية، أو في التكبير وما أشبه ذلك، فإذا كان
هذا شأنه في جميع صلواته فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك؛ لأنه من الوسواس،
والوسواس ربما يفسد على الإنسان عبادته إذا استمر معه.
726- وسئل فضيلة الشيخ – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً -: ما أسباب سجود السهو، وكيفيته، ومحله؟
فأجاب فضيلته بقوله: سجود السهو سببه واحد من أمور ثلاثة: إما الزيادة، وإما النقص، وإما الشك.
والمراد بالزيادة: الزيادة الفعلية؛ فمن ركع مرتين في ركعة
واحدة ناسياً وجب عليه سجود السهو، ويكون محله بعد السلام؛ لأنه كان عن
زيادة، ومن صلى خمساً في رباعية ناسياً لم تبطل صلاته، لكن عليه سجود السهو
بعد السلام.
وأما النقص فمثاله: من قام عن التشهد الأول ناسياً لم تبطل صلاته لكن عليه سجود السهو ويكون قبل السلام.
ومن ترك قول: "سبحان ربي الأعلى" في السجود، أو "سبحان ربي العظيم" في الركوع، وجب عليه سجود السهو، ويكون قبل السلام.
وأما الشك: فهو التردد؛ بأن يتردد الإنسان، هل صلى ثلاثاً
أم أربعاً، فالحكم في ذلك أن يقال: إن كان الإنسان كثير الشكوك لا يكاد
يصلي صلاة إلا شك فيها، فلا عبرة في شكه ولا يلتفت له.
وإن كان معتدلاً ليس فيه وسواس وليس فيه شكوك، نظرنا: فإن
غلب على ظنه ترجيح شيء، فليأخذ بما غلب على ظنه وليتم عليه، ثم يسجد سجدتين
بعد السلام.
وإن قال: ليس عندي ترجيح قلنا: ابن على اليقين وهو الأقل وتتم عليه، ثم اسجد قبل السلام.
مثال ذلك: رجل شك؛ هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، نسأله ما الذي
يغلب على ظنك؟ قال: يغلب أنها ثلاث. نقول: ائت بالرابعة واسجد بعد
السلام.
إنسان آخر شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً. قلنا له: ما الذي
يغلب على ظنك؟ قال: ليس عندي غلبة ظن والشك عندي متساوٍ. نقول:
اجعلها ثلاثاً؛ لأنها الأقل، ثم ائت بالرابعة واسجد سجدتين قبل السلام.
727- وسئل فضيلته – حفظه الله ورعاه – عن مأموم يدخل مع الإمام وينسى كم صلى فهل يقتدي بمن إلى جنبه؟
فأجاب الشيخ بقوله: هذا يقع كثيراً، فقد يدخل اثنان مع
الإمام، ثم ينسى أحدهما كم صلى، أو كم أدرك مع إمامه، فيقتدي بالشخص الذي
إلى جنبه.
فنقول: لا بأس أن يقتدي بالشخص الذي إلى جنبه، إذا لم يكن
عنده ظن يخالفه، أو يقين يخالفه؛ لأن هذا رجوع إلى ما يغلب على ظنه،
والرجوع إلى ما يغلب على ظنه في باب العبادات لا بأس به على القول
الراجح.
728- وسئل فضيلته: إذا كان السجود بعد السلام هل يلزم له سلام أيضاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، إذا كان السجود بعد السلام، فإنه يجب له السلام فيسجد سجدتين ثم يسلم.
وهل يجب له التشهد؟
الجواب: في هذا خلاف بين العلماء، والراجح أنه لا يجب له تشهد.
729- وسئل فضيلة الشيخ: إذا شك المصلي في ترك ركن من أركان الصلاة فماذا يعمل؟
فأجاب بقوله: إذا شك في تركه، فهو لا يخلو من ثلاث حالات:
1- 1- إما أن يكون هذا الشك وهماً لا حقيقة له، فهذا لا يؤثر عليه، يستمر في صلاته ولا يلتفت إلى هذا الشك.
2- 2- أن يكون هذا الشك كثيراً، معه، كما يوجد في كثير من
الموسوسين – نسأل الله لنا ولهم العافية – فلا يلتفت إليه أيضاً، بل يستمر
في صلاته حتى لو خرج من صلاته وهو يرى أنه مقصر فيها فليفعل ولا يلتفت إلى
هذا الشك.
3- 3- أن يكون شكه بعد الفراغ من الصلاة، فلا يلتفت إليه ولا يهتم به أيضاً، ما لم يتيقن أنه ترك.
أما إذا كان الشك في أثناء الصلاة، وكان شكاً حقيقياً، ليس
وهماً ولا وسواساً فلو أنه سجد، وفي أثناء سجوده شك هل ركع أو لم يركع،
فنقول له: قم فاركع؛ لأن الأصل عدم الركوع، إلا إذا غلب على ظنه أنه ركع،
فإن الصحيح إذا غلب على ظنه أنه راكع، أنه يعتد بهذا الظن الغالب، ولكن
يسجد للسهو بعد السلام.
وسجود السهو باب مهم، ينبغي للإنسان أن يعرفه، ولا سيما
الأئمة، لأن الجهل به أمر لا ينبغي من مثلهم، بل الواجب على المؤمن أن يعرف
حدود ما أنزل الله على رسوله.
730- وسئل فضيلة الشيخ: متى يكون سجود السهو بعد السلام؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان سببه الزيادة، أو الشك مع
الرجحان؛ يعني شككت هل صليت ثلاثاً أم أربعاً وترجح عندك أنها ثلاث فإنك
تأتي بالرابعة وتسجد للسهو بعد السلام.
731- وسئل فضيلة الشيخ: هل يجوز للمأموم إذا سهى ثم سلم الإمام أن يسجد سجود السهو؟ أم يسلم مع الإمام؟
فأجاب فضيلته بقوله: ظاهر السؤال أن هذا المأموم قد أدرك
الصلاة مع الإمام من أولها. وإذا كان كذلك فليس عليه سجود سهو، فإن
الإمام يتحمله عنه، لكن لو فرض أن المأموم سهى سهواً تبطل معه إحدى
الركعات، فهنا لابد أن يقوم إذا سلم الإمام ويأتي بالركعة التي بطلت من أجل
السهو. ثم يتشهد ويسلم ويسجد بعد السلام.
732- وسئل فضيلة الشيخ – حفظه الله ورعاه -: إذا ترك المصلي
التشهد الأول فرفع، ولكن تراجع قبل أن يتم القيام، فهل يشرع له سجود السهو
أم لا؟
فأجاب بقوله: إذا نسي التشهد الأول ونهض لكن لم يستتم قائماً، فإنه يجب عليه أن يرجع إذا ذكر؛ لأنه لم يصل إلى الركن الذي يليه.
ولكن هل يجب عليه سجود السهو أم لا؟
الجواب: من العلماء من قال: إنه لا يجب عليه سجود السهو؛
لأنه لم يصل إلى الركن الذي يليه، ولحديث ورد في ذلك وفيه شيء من
الضعف(28).
ومنهم من قال: ينظر إن كان إلى القيام أقرب وجب عليه سجود
السهو، وإن كان إلى الجلوس أقرب لم يجب عليه سجود السهو، فإن سجد فإننا لا
ننكر عليه، وإن لم يسجد فإننا لا نأمره بذلك.
733- وسئل فضيلة الشيخ: صليت في أحد المساجد وحدث أن نسي
الإمام التشهد الأول واستقام واقفاً، وأخذ من خلفه يسبحون فعاد الإمام فجلس
للتشهد، ثم قام فأكمل الصلاة بشكل صحيح، وبعد أن انتهينا من الصلاة قال
رجل: أيها الناس إن صلاتكم باطلة؛ فنأمل من فضيلتكم التكرم ببيان الحكم
في هذه المسألة؟
فأجاب فضيلته بقوله: يقولون: إن الجهل المركب شر من الجهل
البسيط، والجهل المركب هو: أن الإنسان لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري،
وهذه هي المصيبة؛ يفتيك شخص بأمر ليس له عنده به علم، لا من كتاب الله، ولا
من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في قوله عالم معتبر أخذ عنه
متأكداً منه، فيفتي بغير علم فيضل هو ويضل غيره، فهذا الذي أفتاهم ببطلان
الصلاة، ووجوب الإعادة ليس عنده في ذلك دليل.
ومثل هذه الصورة: إذا قام الإمام عن التشهد الأول حتى استتم
قائماً، فإنه يحرم عليه أن يرجع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام عن
التشهد الأول ذات يوم فسبحوا به فمضى ولم يرجع، فلما قضى الصلاة وانتظر
الناس تسليمه سجد سجدتين ثم سلم(29). فهذا هو الواجب إذا قام الإمام عن
التشهد الأول حتى استتم قائماً. فإن رجوعه محرم ولا يجوز أن يرجع، كما
في هذا الإمام الذي سبحوا به فرجع، فإن كان عالماً بأن رجوعه محرم فإن
صلاته باطلة، فإن كان لا يدري أن رجوعه محرم، وظن أن الواجب أن يرجع ويجلس
للتشهد الأول، وأن الإنسان إذا نبه للتشهد الأول بعد أن قام وجب عليه أن
يرجع فرجع هو وظن أن هذا هو الواجب – فإن صلاته لا تبطل وصلاته صحيحة،
وعليه أن يسجد للسهو بعد السلام من أجل الزيادة التي زادها وهي القيام، هذا
هو حكم هذه المسألة.
734- وسئل فضيلة الشيخ: إذا سهى المصلي في التشهد الأخير فهل يعيد التشهد من أوله؟ أو من حيث أخطأ؟ وكذلك في بقية الصلاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: يعيد من حيث الخطأ، ثم يأتي بما أخطأ
فيه وبما بعده؛ لأن الترتيب لابد منه، وعلى هذا فلو أن الإنسان وقف يصلي
ونسي أن يقرأ الفاتحة، ثم ركع وذكر أنه نسي أن يقرأ الفاتحة، فليقم ويقرأ
الفاتحة وسورة معها إن كانت السورة مشروعة معها في تلك الوقفة ثم يركع، فمن
ترك ركناً فعليه أن يأتي به وبما بعده إلا إذا وصل إليه في الركعة التالية
فإن الركعة التالية تقوم مقام الأولى، ويأتي بعد ذلك بركعة بعدها؛ أي بدل
الأولى ويسجد للسهو بعد السلام.
735- وسئل فضيلته: رجل صلى خلف الإمام فترك الرفع من
السجود؛ لأنه لم يسمع صوت الإمام، ولم يأت بهذا الركن، وبعدما انتهت الصلاة
جاء ليسأل الإمام، فهل يأتي بركعة أو يجلس ويسلم مع الإمام؟
فأجاب الشيخ بقوله: نقول يأتي بركعة؛ لأنه ترك ركناً من
أركان الصلاة، ومن ترك ركناً من أركان الصلاة حتى سلم، فإنه يجب عليه أن
يأتي بركعة تامة، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم.
736- سئل فضيلة الشيخ: إذا سها المأموم ولزمه السجود فسلم الإمام فهل يسلم معه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا سها المأموم لزمه سجود السهو، فإن
كان لم يفته شيء من الصلاة، سلم مع الإمام وسقط عنه سجود السهو؛ لأن الواجب
يسقط عن المأموم مراعاة للمتابعة، كما سقط عنه التشهد الأول إذا نسيه
الإمام مراعاة للمتابعة.
وإن كان قد فاته شيء من الصلاة لم يسقط عنه سجود السهو؛ لأنه إذا سجد لم يحصل منه مخالفة لإمامه حيث إن الإمام قد انتهى من صلاته.
737- وسئل فضيلته: إذا سها المصلي عن ركن فما العمل؟
فأجاب فضيلة الشيخ: إذا سها المصلي عن ركن أتى به وبما
بعده، إلا أن يصل إلى محله من الركعة التي تليها فتلغو الأولى وتقوم التي
تليها مقامها، وفي كلتا الحالين يجب عليه سجود السهو.
738- وسئل فضيلة الشيخ: إذا كان في المصلي نعاس ولا يدري هل سلم أو لا فما العمل؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان فيه نعاس ولا يدري هل سلم أو لا فليسلم ويسجد للسهو.
739- وسئل فضيلة الشيخ: إذا سها المصلي عن قراءة الفاتحة فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا سها عن قراءة الفاتحة فكسهوه عن
بقية الأركان؛ إن كان قد ركع رجع فقرأها إلا أن يصل إلى القيام في الركعة
التي تليها فإنها تلغو الأولى وتقوم التي تليها مقامها وعليه سجود السهو،
وإن ذكر أنه تركها قبل أن يركع قرأها واستمر في صلاته ولا سجود عليه.
740- وسئل فضيلة الشيخ: إذا شك المصلي هل سجد السجدة الثانية فما العمل؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا شك هل سجد السجدة الثانية فليرجع ويأت بها ويسجد للسهو.
741- وسئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى وأعلى درجته -:
إذا سجد الإمام للسهو بعد السلام فيما محله قبل السلام فكيف يصنع المسبوق
في هذه الحال؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل
العلم: فالمشهور من مذهب الحنابلة: أنهم يتابعون الإمام في السجود بعد
السلام لكن لا يسلمون؛ لأن صلاتهم لم تتم ثم إذا انتهى وسلم من سجود السهو
قاموا لقضاء ما فاتهم.
ومن أهل العلم من يقول: إنهم لا يتابعون الإمام في السجود
بعد السلام؛ لأن المتابعة متعذرة، إذ أن متابعة الإمام لابد أن تكون
بالسلام معه التسليم الأول الذي قبل السجود، وهذا متعذر بالنسبة لمن فاته
شيء من الصلاة، وعلى هذا فيقومون بدون أن يتابعوه، ثم إذا قاموا وأكملوا
صلاتهم فإن كان سهو الإمام في الجزء الذي أدركوه معه سجدوا للسهو بعد
السلام، وإن كان في الجزء السابق فإنهم لم يدركوا الإمام فيه فلا يلزمهم
السجود حينئذ، وهذا القول هو الراجح عندي، لأن متابعة الإمام والسجود بعد
السلام أمر متعذر في هذه الحال.
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..