في الأيام الخالية، قبل الاحتلال.. يحدث أحياناً أن تنقل وسائل الإعلام خبراً عن مقتل أخ فلسطيني. فإذا كان من (حماس).. عن شعوري الداخلي أحدثكم.. أتألم مرتين.
وإذا كان من غيرها أتألم كما أتألم لغيره.
قد تقول (أَنَّى هَذَا)؟ لا بأس؛ لك ذلك، لكن صدقني الأمر كما قال اللطيف الخبير: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:165). وكنت أقرأ ما يكتبه (الإخوان المسلمون)، وتصلنا أشرطة صوتية ومرئية لبعض زعمائهم، فكنت أقول: لو رجع هؤلاء إلى العراق لتغيرت أحواله نحو الأفضل كثيراً.
مرةً ثانية أقول: لَلأسف، كان ذلك زمناً، ومضى..!
لقد دار القدر دورته، حتى إذا أخذ أولئك الذين حسبوا (أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) استحقاقهم من الزمن، ولم يبق لهم من عذر.. جاء أوان (لَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت:2،3)!
وإذا كان المثال يوضح المقصود، فإن المثال في مثل حالتنا يقزّم المقصود أكثر مما يوضحه؛ فأمام كل مثال ينتصب ألف مثال ومثال! لكن لا بد مما ليس منه بد.
كان غريباً عليّ أول مرة موقف (حماس) من إيران وهي تذبح سنة العراق بالجملة. لكن حين جمعت بينه وبين موقفهم مما تفعله إيران بالفلسطينيين أنفسهم في العراق، أدركت لماذا قال العرب قديماً: "شر البلية ما يضحك"! وانفتحت جملة تساؤلات.
كنت من قبل أرى علاقة الشيخ حسن البنا بإيران مجرد خطأٍ مبناه الجهل. لا، لقد تغيرت الرؤية الآن. وبدأتُ أغوص في المشهد أكثر. حتى صدمنا بكارثة سوريا بعد ثماني سنين! وتوالت الكوارث ولم تك قليلة من قبل، ولا فاترة. كان الضغط يدفعني إلى الغوص أكثر وأكثر... حتى وصلت إلى عام (1501) فظهر لي وجه إسماعيل الصفوي يبتسم ابتسامته الصفراء مرحباً بوفود البرتغاليين، ومن بعدهم الإنجليز. زممت شفتيّ وقرأت في الخريطة خطة خطيرة... لن أستمر أكثر؛ فالأمر صادم وأكبر مما تحتمله العقول وشرحه يطول. لكن لا بأس أن أضيف فأقول: يوم رأيت أطفال (غزة) يقفون صفاً وفي أيديهم صورة (السفاح) الفارسي وهم يرددون على الحدود مع (إسرائيل) "نحبك يا حاج قاسم" شعرت بمعدتي تُعتصر بشدة، فأعرضت سريعاً قبل أن يدفعني مشهد النذالة إلى التقيؤ! الأمر ليس في حاجة إلى تنقيب ليعرف من يريد أن يعرف أن فلسطين عند قاسم سليماني ليست أكثر من برذعة يضعها على ظهرِ رَكوبٍ يمتطيها إلى الضفة الأخرى.
كتبه
د. طه حامد الدليمي
وإذا كان من غيرها أتألم كما أتألم لغيره.
لَلأسف، كان ذلك زمناً، ومضى..!
قد تقول (أَنَّى هَذَا)؟ لا بأس؛ لك ذلك، لكن صدقني الأمر كما قال اللطيف الخبير: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:165). وكنت أقرأ ما يكتبه (الإخوان المسلمون)، وتصلنا أشرطة صوتية ومرئية لبعض زعمائهم، فكنت أقول: لو رجع هؤلاء إلى العراق لتغيرت أحواله نحو الأفضل كثيراً.
مرةً ثانية أقول: لَلأسف، كان ذلك زمناً، ومضى..!
لقد دار القدر دورته، حتى إذا أخذ أولئك الذين حسبوا (أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) استحقاقهم من الزمن، ولم يبق لهم من عذر.. جاء أوان (لَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت:2،3)!
وإذا كان المثال يوضح المقصود، فإن المثال في مثل حالتنا يقزّم المقصود أكثر مما يوضحه؛ فأمام كل مثال ينتصب ألف مثال ومثال! لكن لا بد مما ليس منه بد.
كان غريباً عليّ أول مرة موقف (حماس) من إيران وهي تذبح سنة العراق بالجملة. لكن حين جمعت بينه وبين موقفهم مما تفعله إيران بالفلسطينيين أنفسهم في العراق، أدركت لماذا قال العرب قديماً: "شر البلية ما يضحك"! وانفتحت جملة تساؤلات.
كنت من قبل أرى علاقة الشيخ حسن البنا بإيران مجرد خطأٍ مبناه الجهل. لا، لقد تغيرت الرؤية الآن. وبدأتُ أغوص في المشهد أكثر. حتى صدمنا بكارثة سوريا بعد ثماني سنين! وتوالت الكوارث ولم تك قليلة من قبل، ولا فاترة. كان الضغط يدفعني إلى الغوص أكثر وأكثر... حتى وصلت إلى عام (1501) فظهر لي وجه إسماعيل الصفوي يبتسم ابتسامته الصفراء مرحباً بوفود البرتغاليين، ومن بعدهم الإنجليز. زممت شفتيّ وقرأت في الخريطة خطة خطيرة... لن أستمر أكثر؛ فالأمر صادم وأكبر مما تحتمله العقول وشرحه يطول. لكن لا بأس أن أضيف فأقول: يوم رأيت أطفال (غزة) يقفون صفاً وفي أيديهم صورة (السفاح) الفارسي وهم يرددون على الحدود مع (إسرائيل) "نحبك يا حاج قاسم" شعرت بمعدتي تُعتصر بشدة، فأعرضت سريعاً قبل أن يدفعني مشهد النذالة إلى التقيؤ! الأمر ليس في حاجة إلى تنقيب ليعرف من يريد أن يعرف أن فلسطين عند قاسم سليماني ليست أكثر من برذعة يضعها على ظهرِ رَكوبٍ يمتطيها إلى الضفة الأخرى.
اللوبي الإيراني
في الأيام الخالية كنت أسميه (اللوبي الشعوبي) ليضم الشيعي مع الفارسي! وحين تبين لي بعد ذلك أن جِبِلاً كثيراً من المنسوبين للسنة، وأولهم الأحزاب الإسلامية، أخذ يتصدر موكب (الطائفة الناعية) وجدت اسم (اللوبي الإيراني) أكثر دلالة على المقصود.
لم أكن في حاجة إلى بذل جهد لأدرك سر العداوة المحمومة التي خص بها هؤلاء الرئيس دونالد ترامب؛ فكل ما طرحوه من أسباب يشترك فيها مع بقية الرؤساء من قبل ومن بعد. ووجدت الشيء الوحيد الذي يميزه هو تصميمه على إخراج إيران من المنطقة.
اللوبي الإيراني.. هذا هو السر!
الشيء نفسه يفسر موقف هؤلاء جميعاً ومعهم إيران وشيعتها، من السعودية، الدولة التي تقود التصدي لإيران ومشروعها في المنطقة كلها في هذا العهد.
في الأيام الخالية كنت أسميه (اللوبي الشعوبي) ليضم الشيعي مع الفارسي! وحين تبين لي بعد ذلك أن جِبِلاً كثيراً من المنسوبين للسنة، وأولهم الأحزاب الإسلامية، أخذ يتصدر موكب (الطائفة الناعية) وجدت اسم (اللوبي الإيراني) أكثر دلالة على المقصود.
لم أكن في حاجة إلى بذل جهد لأدرك سر العداوة المحمومة التي خص بها هؤلاء الرئيس دونالد ترامب؛ فكل ما طرحوه من أسباب يشترك فيها مع بقية الرؤساء من قبل ومن بعد. ووجدت الشيء الوحيد الذي يميزه هو تصميمه على إخراج إيران من المنطقة.
اللوبي الإيراني.. هذا هو السر!
الشيء نفسه يفسر موقف هؤلاء جميعاً ومعهم إيران وشيعتها، من السعودية، الدولة التي تقود التصدي لإيران ومشروعها في المنطقة كلها في هذا العهد.
*رأس السعودية بكامل جسده هو المقصود ، وليس النظام فحسب*
سيشغلونكم عن الهدف بسرد قائمة أخطاء لا تنتهي للسعودية.
قولوا لهم: دعوا السعودية بخطئها وصوابها؛ فلكل دولة أخطاؤها. ولكن: أرونا دولة غير السعودية تتصدى لإيران؟ أليست إيران اليوم تحتل خمس دول (الأحواز والعراق وسوريا ولبنان واليمن)؟ أليست هذه كارثة واقعة توجب على دول المنطقة التصدي لها؛ إن لم يكن من أجل الدول المحتلة فمن أجل نفسها أن يأتيها الدور كما أتى أخواتها؟ فكان الأولى بمن يتبني شعار الجهاد ويدعو إلى تطبيق شرع الإسلام أن يترك كل شيء ويتفرغ لهذا الخطر الكاسح. لكن الواقع أنه تخلى عن كل شيء، وتفرغ لمشاغلة من تصدى للخطر. ولم يكتف بهذا حتى زاد فاصطف مع العدو!
واضح أن القصد ليس كون السعودية أخطأت أم أصابت، بل رأس السعودية هو المقصود، أن تزول هذه الدولة هو الهدف. وإذا زالت دخلت في الفوضى (الخناقة) كما دخلت كل الدول التي أسقطت أنظمتها بالحجة نفسها فكان مصير شعوبها التشتت والقتل والضياع والخنق. وكان ذلك كله في مصلحة إيران، وما الشيعة ومن شايعها إلا برذعة يضعها (الحاج قاسم) على ظهرِ رَكوب يمتطيها للوصول إلى الهدف المأمول.
ليس قصدكم الشعب إنما النظام؟ أها!
وتالله ما أفسدها من حجة! أم لم تروا أو تسمعوا أن كل الدول التي زالت أنظمتها دُمرت بعدها شعوبها. يعني لا يمكن في الواقع الفصل بين الحاكم والمحكوم، بين الشعب والنظام.
قولوا لهم: دعوا السعودية بخطئها وصوابها؛ فلكل دولة أخطاؤها. ولكن: أرونا دولة غير السعودية تتصدى لإيران؟ أليست إيران اليوم تحتل خمس دول (الأحواز والعراق وسوريا ولبنان واليمن)؟ أليست هذه كارثة واقعة توجب على دول المنطقة التصدي لها؛ إن لم يكن من أجل الدول المحتلة فمن أجل نفسها أن يأتيها الدور كما أتى أخواتها؟ فكان الأولى بمن يتبني شعار الجهاد ويدعو إلى تطبيق شرع الإسلام أن يترك كل شيء ويتفرغ لهذا الخطر الكاسح. لكن الواقع أنه تخلى عن كل شيء، وتفرغ لمشاغلة من تصدى للخطر. ولم يكتف بهذا حتى زاد فاصطف مع العدو!
واضح أن القصد ليس كون السعودية أخطأت أم أصابت، بل رأس السعودية هو المقصود، أن تزول هذه الدولة هو الهدف. وإذا زالت دخلت في الفوضى (الخناقة) كما دخلت كل الدول التي أسقطت أنظمتها بالحجة نفسها فكان مصير شعوبها التشتت والقتل والضياع والخنق. وكان ذلك كله في مصلحة إيران، وما الشيعة ومن شايعها إلا برذعة يضعها (الحاج قاسم) على ظهرِ رَكوب يمتطيها للوصول إلى الهدف المأمول.
ليس قصدكم الشعب إنما النظام؟ أها!
وتالله ما أفسدها من حجة! أم لم تروا أو تسمعوا أن كل الدول التي زالت أنظمتها دُمرت بعدها شعوبها. يعني لا يمكن في الواقع الفصل بين الحاكم والمحكوم، بين الشعب والنظام.
خاشقجي ؟ أم المملكة ؟
الشيء نفسه يقال في قضية جمال خاشقجي رحمه الله. ولو كان الحرص هو القصد لهان الخطب، ولكن ما سمعته في العشرين يوماً الماضية من هذر ومذر لا يمكن تفسيره إلا بأن المقصود هو رأس السعودية. بل لا أعدو الحقيقة إن قلت: إن الذين يتباكون على جمال ما كانوا يتمنون خلاص الفرع بقدر ما كانوا يطلبون قطع الرأس. لقد قتل من سنة العراق والشام واليمن الملايين قبل جمال وبعده ومثله ودونه وخير منه، فلم يذرف أولئك (البكاؤون) دمعة، بل كانوا عوناً لإيران وشيعتها على تلك الملايين! فما عدا مما بدا؟
الشيء نفسه يقال في قضية جمال خاشقجي رحمه الله. ولو كان الحرص هو القصد لهان الخطب، ولكن ما سمعته في العشرين يوماً الماضية من هذر ومذر لا يمكن تفسيره إلا بأن المقصود هو رأس السعودية. بل لا أعدو الحقيقة إن قلت: إن الذين يتباكون على جمال ما كانوا يتمنون خلاص الفرع بقدر ما كانوا يطلبون قطع الرأس. لقد قتل من سنة العراق والشام واليمن الملايين قبل جمال وبعده ومثله ودونه وخير منه، فلم يذرف أولئك (البكاؤون) دمعة، بل كانوا عوناً لإيران وشيعتها على تلك الملايين! فما عدا مما بدا؟
*السعودية هي الخيمه*
كنت أختلف مع الرئيس صدام رحمه الله في اتجاهه الفكري، ولكن كنت أعلم أن للخلاف سقفاً يقف عنده النبلاء والعقلاء وإلا تكسرت قحوفهم عند حده الكونكريتي. حين يكون المطلوب رأس البلد وليس رأس النظام وحسب، لا يكون الاصطفاف مع رأس النظام، مهما كان، واجباً وطنياً وحسب، بل واجباً مقدساً بكل المقاييس العليا وعلى رأسها الدين.
يومها كنت أخالف المعارضين وأقول: العراق خيمة وصدام حسين الحارس. والعدو إنما يبغي الخيمة، فإن زال الحارس زالت الخيمة وحلت بالجميع الكارثة. وهكذا كان. وصرنا في خبر كان. وأقول لكم معلومة قد تفيد. إن جهاز أمن الدولة على عهد صدام حسين، وبوشايات من الشيعة، قام باغتيال أخي الشيخ نوري رحمه الله. لكن لم يقف ذلك حائلاً في يوم من الأيام بيني وبين الموقف النبيل الذي ينبغي أن يقفه النبلاء.
واليوم أقول، وبالمنطق نفسه: المملكة العربية السعودية – بصرف النظر عن كل ما يمكن أن يقال: لها أو عليها – هي اليوم الخيمة التي تصد عنا ريح فارس الصفراء، وعلينا حمايتها بكل ما نستطيع؛ ذلك واجب مقدس بكل المقايس: ربانية كانت أم قومية أم وطنية. وفي الأزمات المصيرية ينسى النبلاء والعقلاء خلافاتهم ويتوحدون أمام المصير.
نحن في معركة مصيرية لا محل فيها للحياد. فمن وقف مع إيران فقد وضع نفسه في صف العدو. ومن كان ضد السعودية فهو مع إيران. وأنتم بالخيار.
يومها كنت أخالف المعارضين وأقول: العراق خيمة وصدام حسين الحارس. والعدو إنما يبغي الخيمة، فإن زال الحارس زالت الخيمة وحلت بالجميع الكارثة. وهكذا كان. وصرنا في خبر كان. وأقول لكم معلومة قد تفيد. إن جهاز أمن الدولة على عهد صدام حسين، وبوشايات من الشيعة، قام باغتيال أخي الشيخ نوري رحمه الله. لكن لم يقف ذلك حائلاً في يوم من الأيام بيني وبين الموقف النبيل الذي ينبغي أن يقفه النبلاء.
واليوم أقول، وبالمنطق نفسه: المملكة العربية السعودية – بصرف النظر عن كل ما يمكن أن يقال: لها أو عليها – هي اليوم الخيمة التي تصد عنا ريح فارس الصفراء، وعلينا حمايتها بكل ما نستطيع؛ ذلك واجب مقدس بكل المقايس: ربانية كانت أم قومية أم وطنية. وفي الأزمات المصيرية ينسى النبلاء والعقلاء خلافاتهم ويتوحدون أمام المصير.
نحن في معركة مصيرية لا محل فيها للحياد. فمن وقف مع إيران فقد وضع نفسه في صف العدو. ومن كان ضد السعودية فهو مع إيران. وأنتم بالخيار.
كتبه
د. طه حامد الدليمي
2018/10/20
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..