والحمقى والمغفلون والتافهون ليسوا أبناء هذا العصر فقد اشتهر أسلافهم في تاريخنا العربي منذ القدم ما جعل "الفقيه والمحدث والمؤرخ "ابن الجوزي يصنف كتابه الذائع الصيت "أخبار الحمقى والمغفلين". أما كيف يشتهر التافهون فلأسباب كثيرة ومنها:

الأول: أن هؤلاء التافهين لا يستحون ولا يخجلون أبداً وكلما قل منسوب الحياء عندهم زادت شهرتهم. ولا مانع عند هؤلاء من استغلال ظروف شيخ كبير أو انتهاك خصوصية غافل، أو المتاجرة ببراءة طفل يستقبل حياته بنقاء وعفوية.

الثاني: فضول الناس وولعهم بمتابعة الحمقى والتافهين لأسباب سيكولوجية وثقافية. وتزداد ظاهرة متابعة الحمقى والتافهين في المجتمعات بقدر شيوع ثقافة الفضول "اللقافة" خاصة إذا اقترنت مع الفراغ وعدم تقدير قيمة الوقت.

الثالث: عولمة ثقافة التفاهة وظهور الروابط التنظيمية والجوائز والبرامج المخصصة للحمقى والتافهين من كل أنحاء العالم سواء من باب السخرية أو من أبواب تنظيم المهن التافهة الرائجة.

الرابع: جماهيرية ومجانية الوسائط الإلكترونية التي تتيح التوثيق والبث "لكل من ملك" الوصول لهذه الوسائط بصرف النظر عن مستواه الفكري والأخلاقي.

الخامس: تبني بعض وسائل الإعلام ومنظمي المناشط والاحتفالات لبعض هؤلاء التافهين وتصديرهم "نماذج" أمام الشباب على المنصات والمنتديات.

السادس: الخوف من سلطة التافهين وارتفاع أصواتهم وقدرتهم على تحريك منصاتهم ورفاق التفاهة ضد خصومهم بكل ألوان البذاءة. وهذا الخوف ربما يفسر تردد بعض الشرفاء وصمت بعض العقلاء عن الجهر برأيهم.

السابع: ضعف أو غياب الأنظمة والقوانين التي تحمي الذوق العام من التسطيح والتفاهم وتراخي مؤسسات الضبط الاجتماعي عن القيام بأدوارها الحضارية في صيانة المروءات وتعزيز مرتكزات القيم الإنسانية المثلى.

  • قال ومضى:

لا أعنيك بهذا الكلام "فأنت" قد تعديت مستوى التفاهة بمراحل.