السبت، 28 مارس 2020

كارثة العصر على أطفالنا و شبابنا "

اخترعت اليابان و البلاد الغربية الأجهزة الذكية ، و ألعاب الفيديو الإلكترونية ، ثم أخذت تُطّور هذه الأجهزة  بتسارع رهيب.
وضع علماء النفس و الاجتماع و الأطباء القواعد الصارمة على
استعمالها من قبل الأطفال . 

لكن و للأسف ، استوردناها و لم نضع أية ضوابط على استعمالها من قبل أطفالنا ، فبدأنا كارثة القرن الواحد و العشرين بحق شبابنا و أطفالنا. 
أدى هذا الخطأ الى تغييرات كثيرة في شخصيتهم و جعلهم انطوائيين و في  عزلة اجتماعية ... 

شغلنا أوقاتهم بها بدون فائدة و ضيعنا أوقاتهم بتوافه ضارة بهم .

 جعلت منهم أطفالا قساة غلاظ القلوب .

يستمتعون بألعاب القتل و إراقة الدماء .

قيدت هذه الأجهزة تطور المواهب.. 

فقد خسر هؤلاء الاطفال مهارات التواصل و الابداع و بناء الصداقات .

و أصبحوا عاجزين عن مناقشة موضوع مهم .

و لا يتمكنون من إلقاء محاضرة أو تقديم موضوع مفيد لزملاء الدراسة ، أو بدء محادثة شيقة أو مفيدة مع أصدقائهم و أقاربهم. 

امتنعوا عن مرافقة الأهل في الزيارات العائلية ، و كذلك عن مجالسة ضيوفهم و أقاربهم عندما يزورونهم في البيت ، ذلك بسبب انفصالهم عن الواقع الاجتماعي ، و الشرود و الضياع في الواقع الافتراضي. 

اذا  .. نجح هؤلاء الشباب في إنهاء دراستهم و التخرج من الكليات!! .. تجدهم قد فقدوا طموحهم في البحث عن عمل ، أو حتى في التفكير بالزواج. 

توقف مستخدموها عن القراءة و الاستمتاع بها و الاستفادة منها. 

بينت الدراسات العالمية الحديثة أن عدد الصفحات التي يقرؤها أبناؤنا بل شعوبنا سنوياً ، أقلَّ بمئات المرات من أقرانهم في باقي دول العالم. 

و أن عدد براءات الاختراع السنوية في اسرائيل وحدها خاصة ، أو في أي دولة من  دول العالم الأخرى ، أكثر مئات الأضعاف من براءات الاختراع في الدول العربية مجتمعة. 

و أصبح عدد العلماء في بلادنا العربية مجتمعة ، أقل كثيراً من أي دولة من هذه الدول. 

قضى أطفالنا أوقاتهم في غرفهم المغلقة المعتمة ، يلعبون الألعاب المدمرة للصحة العقلية ، و النفسية ، و الطموح ، و الحياة الطبيعية. 

لا يخلو أي مؤتمر طبي عالمي مؤخرا من عدة محاضرات مهمة تتحدث عن الأضرار البالغة التي سببتها هذه الأجهزة على أدمغة الشباب و الأطفال الذين يقضون أوقاتاً طويلة عليها. 

لقد صنفت هذه الأجهزة علمياً مؤخرا ، كواحد من أسباب الإدمان ، المدمر للعقل 
و الطموح و الحياة الاجتماعية الطبيعية ،  مثلها مثل المخدرات و المسكرات ، و غيرها من مواد الإدمان. 

   لقد سبب استعمالها ساعات متواصلة ، أعراضاً و نوباتٍ تشبه إلى حد كبير نوبات الصرع ، و كذلك تعددت حالات السقوط على الأرض بدون وعي ، مما أدى إلى تأذّي هؤلاء الشباب و الأطفال جسدياً ، و عصبياً ، و ذهنياً ، و نفسياً ، عندما يستغرقون وقتاً طويلا في استعمالها .

و قد وصل عدة أطفال لعيادتي بحالات إسعافية مختلفة ، هذه السنة ، لهذا السبب ، 
 ناهيك عن الأعداد الكبيرة في أقسام الطوارئ في المستشفيات ، و قد حولت هذه الحالات لاختصاصية الصحة النفسية لإجراء جلسات العلاج السلوكي بالتقنيات الحديثة ، و قد تحسنوا بفضل الله من هذا الإدمان الصعب بعد  عدد متفاوت من جلسات العلاج السلوكي .

أصبح الأهل في هذا الزمن لا يملكون وقتاً للحديث مع أبنائهم ، و لم يعُدِ الأبناءُ مولعين بالحديث مع أهاليهم.
قُطعت صلة الرحم لضيق الوقت و لم يتبقَ لدينا زمن للمطالعة و الدراسة و العبادات. 

ضعفت سيطرة  المبادئ و الأخلاق ، و أضحت التطلعاتُ واهيةً ، و أحلامُ المستقبل تافهةً.

اشتد الولع باللعب بها،  و بشراء كل جهاز جديد. 

عندما يشتري الأب له ، أو لابنه الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره جهازا ذكياً ، او واحداً من ألعاب الفيديو فهذه مصيبة كأداءْ . 

 عندما نعطي فتاةً في المرحلة الابتدائية هاتفا محمولا عليه جميع برامج التواصل الاجتماعي نكون قد أودينا بها للتهلكة...

 وأجرمنا في حقها أدبياً و علمياً و خُلُقياً.  

اذا لم تسمح  لطفلك باقتناء مثل هذا الجهاز فلن تكون قد حرمته إحدى المتع أو ظلمته ،
 بل أنت قد منحته السلوك السوي ، و فرصة عيش الحياة الاجتماعية السليمة المناسبة له ليُطوّرَ نفسه .

 عندما تنشغل الأم عن أطفالها بجهازها الذكي ، تكون قد تصرفت تصرفاً غير مسؤول تجاههم لأنها أهملتهم ، و لم تستمتع باللعب معهم و التحدث إليهم ، لتنمية مهاراتهم ، و لم تمنحهم الحد الأدنى من الحنان و الحب و الاهتمام ، كما يفترض بها أن تفعل... 
و فوتت فرصة ثمينة لتوجيههم و تعليمهم كيف يصبحوا أشباباً ناجحين مميزين .

 أضحى الآباء و الأمهات في هذا العصر غيرَ مهتمين بأطفالهم ، يحرمونهم متعة عيش و ممارسة طفولتهم و الاستمتاع السليم بها .

 يخسرون أوقاتا ثمينة ، كان من الممكن أن يستفيدوا منها ليوجهوا و يعلموا أبناءهم قيماً و أخلاقاً و علماً و دروساً في الحياة ، تجعل منهم شباباً و فتياتٍ ناجحين في المستقبل. 

ترى الأبوين مشغولان بجهازيهما لا يردون على أسئلة أطفالهم ، و لا يولونهم الاهتمام اللازم مما يحبطهم ، و يفقدهم الاحترام لأبويهم و محبتهم .

أصبحت العائلة في حالة مأساوية من التشتت و الضياع بالرغم من النعم العظيمة التي تملكها. 

لم نستثمر الأجهزة الاستثمار الصحيح  ، بل جعلناها نقمةً وجحيماً علينا و على أولادنا. 

أصبح أقصى طموح الشباب امتلاك جهاز حديث ، وعددٍ من الأصدقاء الافتراضيين ، لم يقابلوا معظمهم شخصياً ، و لا يعرفون عنهم شيئاً. 

 و تركوا من هم أحق بالصحبة كالوالدين والأخوة و الأقارب والجيران وأصدقاء الدراسة  
و معلميهم. 
يجب أن نصحو  من غيبوبتنا التي طالت سنيناً ، وتفاقمت عواقبها لتصل الى أبنائنا و بناتنا. 

ليس الحل في التخلص التام منها ، و لكن بتنظيم استعمالها ..

حسب تعليمات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال :

 يسمح للطفل عندما يكمل السنة الثانية من عمره بمشاهدة التلفزيون ساعة واحدة يومياً ، و عندما يكملون الخامسة مدة ساعتين ، مشاهدة غير متصلة، بل مقسمة الى عدة فترات .

و لا تسمح هذه التعليمات لهم باستعمال الأجهزة الذكية إلا عندما يكملون الثانية عشرة ، .. و المدة ساعة واحدة يوميا ، شرط أن لا تعيقهم عن أداء واجباتهم الدراسية ، و نصف ساعة يوميا فقط على ألعاب الفيديو المناسبة. 

و يفضل ان يكون ذلك مقصوراً على عطلة نهاية الأسبوع. 

    ارجعوا لحياتكم و أبنائكم  وأسركم 
 ولا تحرموا أنفسكم هذه الفرصة الثمينة .

حددوا أوقاتا معينة  لها ، واستثمروا أوقات فراغكم و حياتكم فيما ينفعكم و ينفعهم .

 أرشِدوا أبناءكم ، و زوروا أصدقاءكم و أحبابكم وارحامكم .
والعبوا مع أطفالكم و تحدثوا معهم و ناقشوهم  و وسعوا مداركهم و ربوهم التربية الصالحة و امنحوهم النشأة الصحيحة. 
 كي لا تندموا و تذهب حياتكم و حياتهم سُدىً .

    د. علي كوجك

اختصاصي الأطفال و الرضع و الخدج.
مركز العطاء الطبي الدولي بالشارقة 

هدا 👆 على صفحة عيادتي على فيسبوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..